استكمال موطأ مالك بعد نهاية القبلة وبداية كتاب القران
موطأ الإمام مالك/كتاب القرآن
1 - باب الأَمْرِ بِالْوُضُوءِ لِمَنْ مَسَّ الْقُرْآنَ
536 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ : « أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ »(338).
537 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَحْمِلُ أَحَدٌ الْمُصْحَفَ بِعِلاَقَتِهِ، وَلاَ عَلَى وِسَادَةٍ، إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَحُمِلَ فِي خَبِيئَتِهِ، وَلَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ، لأَنْ يَكُونَ فِي يَدَي الَّذِي يَحْمِلُهُ شَيْءٌ يُدَنِّسُ بِهِ الْمُصْحَفَ، وَلَكِنْ إِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ يَحْمِلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ إِكْرَاماً لِلْقُرْآنِ، وَتَعْظِيماً لَهُ(339).
538 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذِهِ الآيَةِ : ( لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) [الواقعة :79] إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي فِي : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِى سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) [عبس : 16,11](340).
2 - باب الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ
539 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ فِي قَوْمٍ وَهُمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَسْتَ عَلَى وُضُوءٍ ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَنْ أَفْتَاكَ بِهَذَا، أَمُسَيْلِمَةُ(341) ؟ !
3 - باب مَا جَاءَ فِي تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ
540 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ فَاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَرَأَهُ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، إِلَى صَلاَةِ الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ، أَوْ كَأَنَّهُ أَدْرَكَهُ(342).
541 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ جَالِسَيْنِ، فَدَعَا مُحَمَّدٌ رَجُلاً فَقَالَ : أَخْبِرْنِى بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ. فَقَالَ الرَّجُلُ : أَخْبَرَنِى أبِي، أَنَّهُ أَتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَقَالَ لَهُ : كَيْفَ تَرَى فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ فِي سَبْعٍ، فَقَالَ زَيْدٌ : حَسَنٌ، وَلأَنْ أَقْرَأَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ(343) أَوْ عَشْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَسَلْنِي لِمَ ذَاكَ ؟ قَالَ : فَإِنِّي أَسْأَلُكَ. قَالَ زَيْدٌ : لِكَيْ أَتَدَبَّرَهُ وَأَقِفَ عَلَيْهِ.
4 - باب مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ
542 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ : سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَرْسِلْهُ، ثُمَّ قَالَ : اقْرَأْ يَا هِشَامُ ». فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَكَذَا أُنْزِلَتْ ». ثُمَّ قَالَ لِي :« اقْرَأْ ». فَقَرَأْتُهَا فَقَالَ : « هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ »(344).
543 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ »(345).
544 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) : أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَحْيَاناً يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيُفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَأَحْيَاناً يَتَمَثَّلُ لِيَ الْمَلَكُ رَجُلاً، فَيُكَلِّمُنِي، فَأَعِي مَا يَقُولُ ». قَالَتْ عَائِشَةُ : وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيُفْصِمُ عَنْهُ، وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقاً(346).
545 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : أُنْزِلَتْ ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ)، فَجَعَلَ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ اسْتَدْنِينِي، وَعِنْدَ النَّبِيِّ (ﷺ) رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ (ﷺ) يُعْرِضُ عَنْهُ، وَيُقْبِلُ عَلَى الآخَرِ وَيَقُولُ : « يَا أَبَا فُلاَنٍ، هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْساً ». فَيَقُولُ : لاَ وَالدِّمَاءِ مَا أَرَى بِمَا تَقُولُ بَأْساً، فَأُنْزِلَتْ ( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى ) (348).
546 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ. فَقَالَ عُمَرُ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ : فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِي قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخاً يَصْرُخُ بِي، قَالَ : فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِي قُرْآنٌ، قَالَ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ : « لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ». ثُمَّ قَرَأَ : ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) [الفتح : 1](348).
547 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ، تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ وَلاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلاَ تَرَى شَيْئاً، وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلاَ تَرَى شَيْئاً، وَتَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلاَ تَرَى شَيْئاً، وَتَتَمَارَى فِي الْفُوقِ »(349).
548 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا.
5 - باب مَا جَاءَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ
549 - حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ لَهُمْ ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ) [الانشقاق : 1] فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) سَجَدَ فِيهَا(350).
550 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ.
551 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَسْجُدُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ.
552 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ بـ ( والنَّجْمِ إِذَا هَوَى ) [النجم : 1] فَسَجَدَ فِيهَا، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى.
553 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَنَزَلَ فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ : عَلَى رِسْلِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلاَّ أَنْ نَشَاءَ. فَلَمْ يَسْجُدْ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا(351).
554 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الإِمَامُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَسْجُدَ.
555 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّ عَزَائِمَ سُجُودِ الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً، لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ.
556 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ يَقْرَأُ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ شَيْئاً بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَلاَ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَالسَّجْدَةُ مِنَ الصَّلاَةِ، فَلاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ سَجْدَةً فِي تَيْنِكَ السَّاعَتَيْنِ.
557 - قَالَ يَحْيَى : : سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَرَأَ سَجْدَةً، وَامْرَأَةٌ حَائِضٌ تَسْمَعُ، هَلْ لَهَا أَنْ تَسْجُد ؟َ قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَسْجُدُ الرَّجُلُ وَلاَ الْمَرْأَةُ، إِلاَّ وَهُمَا طَاهِرَانِ.
558 - قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ قَرَأَتْ سَجْدَةً، وَرَجُلٌ مَعَهَا يَسْمَعُ، أَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا ؟ قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا، إِنَّمَا تَجِبُ السَّجْدَةُ عَلَى الْقَوْمِ يَكُونُونَ مَعَ الرَّجُلِ، فَيَأْتَمُّونَ بِهِ، فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُونَ مَعَهُ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً، مِنْ إِنْسَانٍ يَقْرَؤُهَا لَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ، أَنْ يَسْجُدَ تِلْكَ السَّجْدَةَ.
6 - باب مَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَ ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ )
559 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ »(352).
560 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَسَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :« وَجَبَتْ ». فَسَأَلْتُهُ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : « الْجَنَّةُ ». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ، ثُمَّ فَرِقْتُ أَنْ يَفُوتَنِي الْغَدَاءُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَآثَرْتُ الْغَدَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَوَجَدْتُهُ قَدْ ذَهَبَ(353).
561 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا(354).
7 - باب مَا جَاءَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
562 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ, كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ »(355).
563 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مئَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ »(356).
564 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ، وَخَتَمَ الْمِئَةَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ »(357).
565 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ صَيَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ فِي الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ : إِنَّهَا قَوْلُ الْعَبْدِ : اللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ(358).
566 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أبِي زِيَادٍ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى. قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ زِيَادُ بْنُ أبِي زِيَادٍ : وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ، أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ(359).
567 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا يَوْماً نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَقَالَ : « سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ». قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنِ الْمُتَكَلِّمُ آنِفاً ؟ » فَقَالَ الرَّجُلُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكاً يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهُنَّ أَوَّلاً »(360).
8 - باب مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ
568 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، فَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي، شَفَاعَةً لأُمَّتِي فِي الآخِرَةِ »(361).
569 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ : « اللَّهُمَّ فَالِقَ الإِصْبَاحِ، وَجَاعِلَ اللَّيْلِ سَكَناً، وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حُسْبَاناً، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ، وَأَمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَقُوَّتِي فِي سَبِيلِكَ »(362).
570 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَعَا : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لاَ مُكْرِهَ لَهُ »(363).
571 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي »(364).
572 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ »(365).
573 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ), فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ : « أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ »(366).
574 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أبِي زِيَادٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ »(367).
575 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُوسٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ, كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ »(368).
576 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُوسٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْت، وَإِلَيْكَ حَاكَمْت، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ »(369).
577 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي بَنِي مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الأَنْصَارِ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) مِنْ مَسْجِدِكُمْ هَذَا، فَقُلْتُ لَهُ : نَعَمْ، وَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرِي مَا الثَّلاَثُ الَّتِي دَعَا بِهِنَّ فِيهِ، فَقُلْتُ : نَعَمْ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِي بِهِنَّ، فَقُلْتُ : دَعَا بِأَنْ لاَ يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلاَ يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ، فَأُعْطِيَهُمَا، وَدَعَا بِأَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمُنِعَهَا، قَالَ : صَدَقْتَ, قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَلَنْ يَزَالَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(370).
578 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلاَّ كَانَ بَيْنَ إِحْدَى ثَلاَثٍ، إِمَّا أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَه، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ(371).
9 - باب الْعَمَلِ فِي الدُّعَاءِ
579 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَدْعُو وَأُشِيرُ بِأَصْبُعَيْنِ، أَصْبُعٍ مِنْ كُلِّ يَدٍ، فَنَهَانِي(372).
580 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدُعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَالَ بِيَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، فَرَفَعَهُمَا(373).
581 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) [بالإسراء : 110] فِي الدُّعَاءِ(374).
582 - قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِيهَا.
583 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ : « اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِي النَّاسِ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ »(375).
584 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَه، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلاَلَةٍ، إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئاً »(376).
585 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَه، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ(377).
586 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَقُومُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَيَقُولُ : نَامَتِ الْعُيُونُ، وَغَارَتِ النُّجُومُ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ(378).
10 - باب النَّهْىِ عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ
587 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا، فَإِذَا زَالَتْ فَارَقَهَا، فَإِذَا دَنَتْ لِلْغُرُوبِ قَارَنَهَا، فَإِذَا غَرَبَتْ فَارَقَهَا ». وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنِ الصَّلاَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ(379).
588 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « إِذَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ، حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَأَخِّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى تَغِيبَ »(380).
589 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ، ذَكَرْنَا تَعْجِيلَ الصَّلاَةِ أَوْ ذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلاَةُ الْمُنَافِقِينَ، يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ، وَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَىِ الشَّيْطَانِ، أَوْ عَلَى قَرْنِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعاً، لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً »(381).
590 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَتَحَرَّ أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلاَ عِنْدَ غُرُوبِهَا »(382).
591 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَعَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ(383).
592 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَحَرَّوْا بِصَلاَتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُعُ قَرْنَاهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَغْرُبَانِ مَعَ غُرُوبِهَا، وَكَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى تِلْكَ الصَّلاَةِ(384).
593 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ الْمُنْكَدِرَ فِي الصَّلاَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ.
=====
موطأ الإمام مالك/كتاب الجنائز
1 - باب غُسْلِ الْمَيِّتِ
594 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) غُسِّلَ فِي قَمِيصٍ(385).
595 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حِينَ تُوفِّيتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ : « اغْسِلْنَهَا ثَلاَثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً، أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِى ». قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَالَ : « أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ ». تَعْنِي بِحِقْوِهِ إِزَارَهُ(386).
596 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ : أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ امْرَأةَ أبِي بِكْرٍ الصِّدِّيق ، غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ تَوَفَّى، ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ : إنِّي صَائِمَةٌ، وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ, فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ ؟ فَقَالُوا : لاَ.
597 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَلَيْسَ مَعَهَا نِسَاءٌ يُغَسِّلْنَهَا، وَلاَ مِنْ ذَوِي الْمَحْرَمِ أَحَدٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، وَلاَ زَوْجٌ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، يُمِّمَتْ فَمُسِحَ بِوَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مِنَ الصَّعِيدِ(387).
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِلاَّ نِسَاءٌ، يَمَّمْنَهُ أَيْضاً.
598 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا شَيْءٌ مَوْصُوفٌ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ صِفَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَلَكِنْ يُغَسَّلُ فَيُطَهَّرُ.
2 - باب مَا جَاءَ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ
599 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلاَ عِمَامَةٌ(388).
600 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كُفِّنَ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ.
601 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لِعَائِشَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ : فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ؟ فَقَالَتْ : فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خُذُوا هَذَا الثَّوْبَ، لِثَوْبٍ عَلَيْهِ، قَدْ أَصَابَهُ مِشْقٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ، فَاغْسِلُوهُ، ثُمَّ كَفِّنُونِي فِيهِ مَعَ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ : وَمَا هَذَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْحَيُّ أَحْوَجُ إِلَى الْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا هَذَا لِلْمُهْلَةِ(389).
602 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ : الْمَيِّتُ يُقَمَّصُ، وَيُؤَزَّرُ، وَيُلَفُّ فِي الثَّوْبِ الثَّالِثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، كُفِّنَ فِيهِ(390).
3 - باب الْمَشْىِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ.
603 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَالْخُلَفَاءُ هَلُمَّ جَرًّا, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ(391).
604 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ رِبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْدُمُ النَّاسَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، فِي جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ(392).
605 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ أبِي قَطُّ فِي جَنَازَةٍ إِلاَّ أَمَامَهَا، قَالَ : ثُمَّ يَأْتِي الْبَقِيعَ فَيَجْلِسُ حَتَّى يَمُرُّوا عَلَيْهِ(393).
606 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : الْمَشْيُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ مِنْ خَطَإِ السُّنَّةِ(394).
4 - باب النَّهْي عَنْ أَنْ تُتْبَعَ الْجَنَازَةُ بِنَارٍ
607 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لأَهْلِهَا : أَجْمِرُوا ثِيَأبِي إِذَا مِتُّ، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلاَ تَذُرُّوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطاً، وَلاَ تَتْبَعُونِي بِنَارٍ(395).
608 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَارٍ(396).
قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَكْرَهُ ذَلِكَ.
5 - باب التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ
609 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَعَى النَّجَاشِيَّ لِلنَّاسِ، فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ(397).
610 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مِسْكِينَةً مَرِضَتْ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِمَرَضِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَعُودُ الْمَسَاكِينَ وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي بِهَا ». فَخُرِجَ بِجَنَازَتِهَا لَيْلاً، فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا، فَقَالَ : « أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي، بِهَا ». فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلاً وَنُوقِظَكَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ(398).
611 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَيَفُوتُهُ بَعْضُهُ ؟ فَقَالَ : يَقْضِى مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ.
6 - باب مَا يَقُولُ الْمُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ
612 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَنَا لَعَمْرُ اللَّهِ أُخْبِرُكَ، أَتَّبِعُهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمِدْتُ اللَّهَ، وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ، ثُمَّ أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّهُ عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ, وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا، أَجْرَهُ وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُ(399).
613 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : صَلَّيْتُ وَرَاءَ أبِي هُرَيْرَةَ عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، فَسَمِعْتُهُ يَقُول :ُ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
614 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَازَةِ.
7 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ
615 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي حَرْمَلَةَ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي سُفْيَانَ بْنِ حُوَيْطِبٍ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أبِي سَلَمَةَ تُوفِّيتْ، وَطَارِقٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَأُتِيَ بِجَنَازَتِهَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، فَوُضِعَتْ بِالْبَقِيعِ، قَال :َ وَكَانَ طَارِقٌ يُغَلِّسُ بِالصُّبْحِ. قَالَ ابْنُ أبِي حَرْمَلَةَ : فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لأَهْلِهَا: إِمَّا أَنْ تُصَلُّوا عَلَى جَنَازَتِكُمُ الآن، وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكُوهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ(400).
616 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا.
8 - باب الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ
617 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا أَمَرَتْ أَنْ يُمَرَّ عَلَيْهَا بِسَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ، حِينَ مَاتَ لِتَدْعُوَ لَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : مَا أَسْرَعَ النَّاس، مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ(401).
618 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ : صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ.
9 - باب جَامِعِ الصَّلاَةِ عَلَى الْجَنَائِزِ
619 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ، الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الإِمَامَ، وَالنِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ.
620 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَائِز، يُسَلِّمُ حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ.
621 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ يُصَلِّي الرَّجُلُ عَلَى الْجَنَازَةِ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ.
622 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لَمْ أَرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَا وَأُمِّهِ.
10 - باب مَا جَاءَ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ
623 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) تَوَفَّى يَوْمَ الاِثْنَيْن، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذاً لاَ يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، فَقَالَ نَاسٌ : يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَقَالَ آخَرُونَ : يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَال :َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ، إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تَوَفَّى فِيهِ ». فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ غُسْلِهِ، أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ، فَسَمِعُوا صَوْتاً يَقُولُ : لاَ تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ، فَلَمْ يُنْزَعِ الْقَمِيصُ، وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ (ﷺ) (402).
624 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلاَنِ، أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ، وَالآخَرُ لاَ يَلْحَدُ، فَقَالُوا : أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلُ عَمِلَ عَمَلَهُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَد، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (403).
625 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ تَقُولُ : مَا صَدَّقْتُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ (ﷺ) حَتَّى سَمِعْتُ وَقْعَ الْكَرَازِينِ(404).
626 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) قَالَتْ : رَأَيْتُ ثَلاَثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي، فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَتْ : فَلَمَّا تُوفِّي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا، قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ خَيْرُهَا(405).
627 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، تُوفِّيا بِالْعَقِيقِ، وَحُمِلاَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا(406).
628 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : مَا أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ بِالْبَقِيعِ، لأَنْ أُدْفَنَ بِغَيْرِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدْفَنَ بِهِ، إِنَّمَا هُوَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ، إِمَّا ظَالِمٌ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ أُدْفَنَ مَعَهُ، وَإِمَّا صَالِحٌ فَلاَ أُحِبُّ أَنْ تُنْبَشَ لِي عِظَامُهُ.
11 - باب الْوُقُوفِ لِلْجَنَائِزِ وَالْجُلُوسِ عَلَى الْمَقَابِرِ
629 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يَقُومُ فِي الْجَنَائِزِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ(407).
630 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ فِيمَا نُرَى لِلْمَذَاهِبِ(408).
631 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ : كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنَائِزَ، فَمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤْذَنُوا.
12 - باب النَّهْىِ عَنِ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ.
632 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ - وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ أَبُو أُمِّهِ - أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ ». فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ، فَجَعَلَ جَابِرٌ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلاَ تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوُجُوبُ ؟ قَالَ : « إِذَا مَاتَ ». فَقَالَتِ ابْنَتُهُ : وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيداً, فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ » قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ »(409).
633 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَقُولُ : وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِيَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ : « إِنَّكُمْ لَتَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا »(410).
13 - باب الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ
634 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ »(411).
635 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي النَّضْرِ السَّلَمِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَحْتَسِبُهُمْ، إِلاَّ كَانُوا لَهُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوِ اثْنَانِ ؟ قَالَ : « أَوِ اثْنَانِ »(412).
636 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ أبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصَابُ فِي وَلَدِهِ وَحَامَّتِهِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَتْ لَهُ خَطِيئَةٌ »(413).
14 - باب جَامِعِ الْحِسْبَةِ فِي الْمُصِيبَةِ
637 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لِيُعَزِّ الْمُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمُ، الْمُصِيبَةُ بِي »(414).
638 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، فَقَالَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَعْقِبْنِي خَيْراً مِنْهَا، إِلاَّ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ ». قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَلَمَّا تَوَفَّى أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ قُلْتُ : وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أبِي سَلَمَةَ، فَأَعْقَبَهَا اللَّهُ رَسُولَهُ (ﷺ) فَتَزَوَّجَهَا(415).
639 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَال :َ هَلَكَتِ امْرَأَةٌ لِي، فَأَتَانِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ يُعَزِّينِي بِهَا، فَقَالَ : إِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ فَقِيهٌ، عَالِمٌ عَابِدٌ مُجْتَهِدٌ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ بِهَا مُعْجَباً وَلَهَا مُحِبًّا، فَمَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وَجْداً شَدِيداً، وَلَقِيَ عَلَيْهَا أَسَفاً، حَتَّى خَلاَ فِي بَيْتٍ وَغَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاحْتَجَبَ مِنَ النَّاسِ، فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَإِنَّ امْرَأَةً سَمِعَتْ بِهِ فَجَاءَتْهُ، فَقَالَتْ : إِنَّ لِي إِلَيْهِ حَاجَةً أَسْتَفْتِيهِ فِيهَا، لَيْسَ يُجْزِينِي فِيهَا إِلاَّ مُشَافَهَتُه، فَذَهَبَ النَّاسُ وَلَزِمَتْ بَابَهُ، وَقَالَتْ : مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : إِنَّ هَا هُنَا امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَفْتِيَكَ، وَقَالَتْ : إِنْ أَرَدْتُ إِلاَّ مُشَافَهَتَه، وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ وَهِيَ لاَ تُفَارِقُ الْبَابَ. فَقَالَ : ائْذَنُوا لَهَا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ : إنِّي جِئْتُكَ أَسْتَفْتِيكَ فِي أَمْرٍ، قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَتْ : إنِّي اسْتَعَرْتُ مِنْ جَارَةٍ لِي حَلْياً، فَكُنْتُ أَلْبَسُهُ وَأُعِيرُهُ زَمَاناً، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيَّ فِيهِ، أَفَأُؤَدِّيهِ إِلَيْهِمْ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ وَاللَّهِ. فَقَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ مَكَثَ عِنْدِي زَمَاناً، فَقَال :َ ذَلِكَ أَحَقُّ لِرَدِّكِ إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ حِينَ أَعَارُوكِيهِ زَمَاناً. فَقَالَتْ : أَىْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَفَتَأْسَفُ عَلَى مَا أَعَارَكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْكَ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ. فَأَبْصَرَ مَا كَانَ فِيهِ، وَنَفَعَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهَا(416).
15 - باب مَا جَاءَ فِي الاِخْتِفَاءِ
640 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمُخْتَفِي وَالْمُخْتَفِيَةَ. يَعْنِي نَبَّاشَ الْقُبُورِ(417).
641 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ تَقُولُ: كَسْرُ عَظْمِ الْمُسْلِمِ مَيْتاً، كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَىٌّ. تَعْنِي فِي الإِثْمِ(418).
16 - باب جَامِعِ الْجَنَائِزِ
642 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى »(419).
643 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ ». قَالَتْ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ». فَعَرَفْتُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ(420).
644 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ، عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، يُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ، حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ »(421).
645 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ، إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ، وَفِيهِ يُرَكَّبُ »(422).
646 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَاري، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَال :َ « إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَيْرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ »(423).
647 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَال :َ « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : إِذَا أَحَبَّ عَبْدِي لِقَائِي، أَحْبَبْتُ لِقَاءَه، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِي، كَرِهْتُ لِقَاءَهُ »(424).
648 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لأَهْلِهِ : إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ، ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ، وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ : لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ » قَالَ : « فَغَفَرَ لَهُ »(425).
649 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ ،عَنِ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، كَمَا تُنَاتَجُ الإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ قَالَ : « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ »(426).
650 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ، حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ : يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ »(427).
651 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ : « مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْه ؟ُ قَالَ : « الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ »(428).
652 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَمُرَّ بِجَنَازَتِهِ : « ذَهَبْتَ وَلَمْ تَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ »(429).
653 - وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَلَبِسَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ خَرَجَ، قَالَتْ : فَأَمَرْتُ جَارِيَتِى بَرِيرَةَ تَتْبَعُهُ ، فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ ، فَوَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقِفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَسَبَقَتْهُ بَرِيرَةُ فَأَخْبَرَتْنِي ، فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئاً حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : « إنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ »(430).
654 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ ، فَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ، أَوْ شَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ(431). ====
موطأ الإمام مالك/كتاب الزكاة
1 - باب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
655 - حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ »(432).
656 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَاري، ثُمَّ الْمَازِنِىِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقِيَّ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ »(433).
657 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ فِي الصَّدَقَةِ : إِنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ(434).
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَكُونُ الصَّدَقَةُ إِلاَّ فِي ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ : فِي الْحَرْثِ، وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ.
2 - باب الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
658 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ مَوْلَى الزُّبَيْرِ : أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُكَاتَبٍ لَهُ قَاطَعَهُ بِمَالٍ عَظِيم، هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ، فَقَالَ الْقَاسِمُ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنْ مَالٍ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَعْطَى النَّاسَ أَعْطِيَاتِهِمْ يَسْأَلُ الرَّجُلَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ فَإِنْ قَالَ : نَعَمْ ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِهِ زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ قَالَ : لاَ ، أَسْلَمَ إِلَيْهِ عَطَاءَهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً(435).
659 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ إِذَا جِئْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَقْبِضُ عَطَائِي سَأَلَنِي : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ مَالٍ وَجَبَتْ عَلَيْكَ فِيهِ الزَّكَاةُ ؟ قَالَ : فَإِنْ قُلْتُ : نَعَمْ، أَخَذَ مِنْ عَطَائِي زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ ، وَإِنْ قُلْتُ : لاَ ، دَفَعَ إِلَىَّ عَطَائِي(436).
660 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ تَجِبُ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ(437).
661 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ قَالَ : أَوَّلُ مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَعْطِيَةِ الزَّكَاةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ.
662 - قَالَ مَالِكٌ : : السُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا، أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، كَمَا تَجِبُ فِي مِئَتَىْ دِرْهَمٍ.
663 - قَالَ مَالِكٌ : : لَيْسَ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً، نَاقِصَةً بَيِّنَةَ النُّقْصَانِ زَكَاةٌ ، فَإِنْ زَادَتْ، حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا عِشْرِينَ دِينَاراً وَازِنَةً، فَفِيهَا الزَّكَاةُ ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً الزَّكَاةُ ، وَلَيْسَ فِي مِئَتَىْ دِرْهَمٍ نَاقِصَةً بَيِّنَةَ النُّقْصَانِ زَكَاةٌ ، فَإِنْ زَادَتْ، حَتَّى تَبْلُغَ بِزِيَادَتِهَا مِئَتَىْ دِرْهَمٍ وَافِيةً، فَفِيهَا الزَّكَاةُ ، فَإِنْ كَانَتْ تَجُوزُ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ، رَأَيْتُ فِيهَا الزَّكَاةَ، دَنَانِيرَ كَانَتْ أَوْ دَرَاهِمَ(438).
664 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ سِتُّونَ وَمِئَةُ دِرْهَمٍ وَازِنَةً، وَصَرْفُ الدَّرَاهِمِ بِبَلَدِهِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ : أَنَّهَا لاَ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ.
665 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، فَتَجَرَ فِيهَا فَلَمْ يَأْتِ الْحَوْلُ حَتَّى بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ : أَنَّهُ يُزَكِّيهَا، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ إِلاَّ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ بَعْدَ مَا يَحُولُ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ, ثُمَّ لاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ زُكِّيَتْ.
666 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَتَجَرَ فِيهَا، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَقَدْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ دِينَاراً : أَنَّهُ يُزَكِّيهَا مَكَانَهَا، وَلاَ يَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، لأَنَّ الْحَوْلَ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا ، وَهِيَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ، ثُمَّ لاَ زَكَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ زُكِّيَتْ.
667 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فِي إِجَارَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَاجِهِمْ، وَكِرَاءِ الْمَسَاكِينِ، وَكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ ، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ يَقْبِضُهُ صَاحِبُهُ.
668 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ يَكُونُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ : إِنَّ مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمْ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَم، فَعَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَمَنْ نَقَصَتْ حِصَّتُهُ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ بَلَغَتْ حِصَصُهُمْ جَمِيعاً مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ أَفْضَلَ نَصِيباً مِنْ بَعْضٍ، أُخِذَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، إِذَا كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ ».
قَالَ مَالِكٌ : : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
669 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ ذَهَبٌ، أَوْ وَرِقٌ مُتَفَرِّقَةٌ، بِأَيْدِى أُنَاسٍ شَتَّى، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْصِيَهَا جَمِيعاً، ثُمَّ يُخْرِجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاتِهَا كُلِّهَا.
670 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ أَفَادَ مَالاً ذَهَباً، أَوْ وَرِقاً، إِنَّهُ لاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا.
3 - باب الزَّكَاةِ فِي الْمَعَادِنِ
671 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَطَعَ لِبِلاَلِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ، فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَى الْيَوْمِ إِلاَّ الزَّكَاةُ(439).
672 - قَالَ مَالِكٌ : أَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنَ الْمَعَادِن، مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا شَيْءٌ، حَتَّى يَبْلُغَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قَدْرَ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ، فَإِذَا انْقَطَعَ عِرْقُهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ، فَهُوَ مِثْلُ الأَوَّلِ يُبْتَدَأُ فِيهِ الزَّكَاةُ، كَمَا ابْتُدِئَتْ فِي الأَوَّلِ(440).
673 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْمَعْدِنُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَعْدِنِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَلاَ يُنْتَظَرُ بِهِ الْحَوْلُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّرْعِ إِذَا حُصِدَ الْعُشْرُ، وَلاَ يُنْتَظَرُ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
4 - باب زَكَاةِ الرِّكَازِ
674 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ »(441).
675 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : أَنَّ الرِّكَازَ، إِنَّمَا هُوَ دِفْنٌ يُوجَدُ مِنْ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، مَا لَمْ يُطْلَبْ بِمَالٍ, وَلَمْ يُتَكَلَّفْ فِيهِ نَفَقَةٌ، وَلاَ كَبِيرُ عَمَلٍ، وَلاَ مَئُونَةٍ، فَأَمَّا مَا طُلِبَ بِمَالٍ، وَتُكُلِّفَ فِيهِ كَبِيرُ عَمَلٍ، فَأُصِيبَ مَرَّةً، وَأُخْطِئَ مَرَّةً، فَلَيْسَ بِرِكَازٍ(442).
5 - باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْحُلِيِّ وَالتِّبْرِ وَالْعَنْبَرِ
676 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا، لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلاَ تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
677 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَهُ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لاَ يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ.
678 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ، أَوْ حَلْيٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلُبْسٍ، فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ، فِي كُلِّ عَامٍ يُوزَن، فَيُؤْخَذُ رُبُعُ عُشْرِهِ، إِلاَّ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وَزْنِ عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْناً، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يُمْسِكُهُ لِغَيْرِ اللُّبْسِ، فَأَمَّا التِّبْرُ وَالْحُلِيُّ الْمَكْسُورُ، الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إِصْلاَحَهُ وَلُبْسَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَيْسَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ زَكَاةٌ(443).
679 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَلاَ فِي الْمِسْكِ وَلاَ الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ.
6 - باب زَكَاةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالتِّجَارَةِ لَهُمْ فِيهَا
680 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لاَ تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ.
681 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَلِينِي، وَأَخاً لِي يَتِيمَيْنِ فِي حَجْرِهَا، فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ(444).
682 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَانَتْ تُعْطِي أَمْوَالَ الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حَجْرِهَا، مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا.
683 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ اشْتَرَى لِبَنِي أَخِيهِ - يَتَامَى فِي حَجْرِهِ – مَالاً، فَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدُ بِمَالٍ كَثِيرٍ.
684 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِالتِّجَارَةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَهُمْ، إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ مَأْذُونا، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ ضَمَاناً.
7 - باب زَكَاةِ الْمِيرَاثِ
685 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ، إنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلاَ يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُث، وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا، وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ, فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا(445).
قَالَ : وَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ. قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ، فَذَلِكَ حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَهْلُهُ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ.
686 - قَالَ مَالِكٌ : وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا، أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى وَارِثٍ زَكَاةٌ، فِي مَالٍ وَرِثَهُ، فِي دَيْنٍ، وَلاَ عَرْضٍ، وَلاَ دَارٍ، وَلاَ عَبْدٍ، وَلاَ وَلِيدَةٍ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوِ اقْتَضَى الْحَوْلُ، مِنْ يَوْمَ بَاعَهُ وَقَبَضَهُ.
687 - وَقَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ فِي مَالٍ وَرِثَهُ الزَّكَاةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ.
8 - باب الزَّكَاةِ فِي الدَّيْنِ
688 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ : هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ، حَتَّى تَحْصُلَ أَمْوَالُكُمْ، فَتُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ.
689 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ، قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلاَةِ ظُلْماً، يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ(446) زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ، أَنْ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَاراً(447).
690 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ لَهُ مَالٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، أَعَلَيْهِ زَكَاةٌ ؟ فَقَالَ : لاَ.
691 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الدَّيْنِ : أَنَّ صَاحِبَهُ لاَ يُزَكِّيهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَإِنْ أَقَامَ عِنْدَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ، ثُمَّ قَبَضَهُ صَاحِبُهُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئاً، لاَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَى الَّذِي قُبِضَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكَّي مَعَ مَا قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ ذَلِكَ.
قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ غَيْرُ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَ الَّذِي اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ لاَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَكِنْ لِيَحْفَظْ عَدَدَ مَا اقْتَضَى، فَإِنِ اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مَا تَتِمُّ بِهِ الزَّكَاةُ، مَعَ مَا قَبَضَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ(448).
قَالَ فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَهْلَكَ مَا اقْتَضَى أَوَّلاً، أَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ مَعَ مَا اقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ، فَإِذَ بَلَغَ مَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَاراً عَيْنا، أَوْ مِئَتَىْ دِرْهَمٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ مَا اقْتَضَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّلِيلُ عَلَى أنَّ الدَّيْنِ يَغِيبُ أَعْوَاماً، ثُمَّ يُقْتَضَى فَلاَ يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَنَّ الْعُرُوضَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لِلتِّجَارَةِ أَعْوَاماً، ثُمَّ يَبِيعُهَا فَلَيْسَ، عَلَيْهِ فِي أَثْمَانِهَا إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ، أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوِ الْعُرُوضِ مِنْ مَالٍ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا يُخْرِجُ زَكَاةَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْه، وَلاَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ غَيْرِهِ.
692 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ، لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ سِوَى ذَلِكَ، مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّي مَا بِيَدِهِ مِنْ نَاضٍّ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ وَالنَّقْدِ إِلاَّ وَفَاءُ دَيْنِهِ، فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ مِنَ النَّاضِّ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِهِ، مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ(449).
9 - باب زَكَاةِ الْعُرُوضِ
693 - حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ، وَكَانَ زُرَيْقٌ عَلَى جَوَازِ مِصْرَ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ وَسُلَيْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ : أَنِ انْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَاراً دِينَاراً، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَاراً، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً، وَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَخُذْ مِمَّا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَاراً دِينَاراً، فَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، حَتَّى يَبْلُغَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً، وَاكْتُبْ لَهُمْ بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ كِتَاباً إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ. 694- قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُدَارُ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَاتِ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَدَّقَ مَالَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرْضاً بَزًّا أَوْ رَقِيقاً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أخرَجَ زَكَاتهُ(449/1)، فَإِنَّهُ لاَ يُؤَدِّي مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ زَكَاةً حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ صَدَّقَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْعَرْضَ سِنِينَ، لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَرْضِ زَكَاةٌ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ، فَإِذَا بَاعَهُ فَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ(450).
695 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ حِنْطَةً أَوْ تَمْراً أَوْ غَيْرَهُمَا لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ يَبِيعُهَا أَنَّ عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاةَ حِينَ يَبِيعُهَا إِذَا بَلَغَ ثَمَنُهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْحَصَادِ يَحْصُدُهُ الرَّجُلُ مِنْ أَرْضِهِ، وَلاَ مِثْلَ الْجِدَادِ.
696 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَ رَجُلٍ يُدِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ، وَلاَ يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ شَهْراً مِنَ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ، وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ.
697 - وَقَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ تَجَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنْ لَمْ يَتْجُرْ سَوَاءٌ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِلاَّ صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ عَامٍ، تَجَرُوا فِيهِ أَوْ لَمْ يَتْجُرُوا.
10 - باب مَا جَاءَ فِي الْكَنْزِ
698 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْكَنْزِ مَا هُوَ ؟ فَقَالَ : هُوَ الْمَالُ الَّذِي لاَ تُؤَدَّى مِنْهُ الزَّكَاةُ(451).
699 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعاً أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يَطْلُبُهُ، حَتَّى يُمْكِنَهُ يَقُولُ : أَنَا كَنْزُكَ(452).
11 - باب صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ
700 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ فَوَجَدْتُ فِيهِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابُ الصَّدَقَةِ : فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإِبِلِ، فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ، حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى تِسْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الإِبِلِ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ، إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِئَةٍ شَاةٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِئَتَيْنِ شَاتَانِ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ، ثَلاَثُ شِيَاهٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ مِئَةٍ شَاةٌ، وَلاَ يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ، وَلاَ هَرِمَةٌ، وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، إِلاَّ مَا شَاءَ الْمُصَّدِّقُ، وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَفِي الرِّقَةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاق، رُبُعُ الْعُشْرِ(453).
12 - باب مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ
701 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُوسٍ الْيَمَانِيِّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ الأَنْصَارِيَّ، أَخَذَ مِنْ ثَلاَثِينَ بَقَرَةً تَبِيعاً، وَمِنْ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَأُتِىَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً وَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيهِ شَيْئاً، حَتَّى أَلْقَاهُ فَأَسْأَلَهُ، فَتُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قَبْلَ أَنْ يَقْدُمَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ(455).
702 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ عَلَى رَاعِيَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ، أَوْ عَلَى رِعَاءٍ مُفْتَرِقِينَ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى، أَنَّ ذَلِكَ يُجْمَعُ كُلُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَيُؤَدِّي مِنْهُ صَدَقَتَهُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، يَكُونُ لَهُ الذَّهَبُ أَوِ الْوَرِقُ، مُتَفَرِّقَةً فِي أَيْدِي نَاسٍ شَتَّى، أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا، فَيُخْرِجَ مِنْهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ زَكَاتِهَا.
703 - وَقَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ : أَنَّهَا تُجْمَعُ عَلَيْهِ فِي الصَّدَقَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ صُدِّقَتْ، وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ غَنَمٌ كُلُّهَا، وَفِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ(456).
704 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ كَانَتِ الضَّأْنُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْمَعْزِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَخَذَ الْمُصَدِّقُ تِلْكَ الشَّاةَ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنَ الضَّأْنِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَعْزُ أَكْثَرَ مِنَ الضَّأْنِ، أُخِذَ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَى الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ أَخَذَ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ(457).
705 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الإِبِلُ الْعِرَابُ وَالْبُخْتُ يُجْمَعَانِ عَلَى رَبِّهِمَا فِي الصَّدَقَةِ. وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ إِبِلٌ كُلُّهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْعِرَابُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْبُخْتِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ بَعِيرٌ وَاحِدٌ، فَلْيَأْخُذْ مِنَ الْعِرَابِ صَدَقَتَهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْبُخْتُ أَكْثَرَ، فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَتْ فَلْيَأْخُذْ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ(458).
706 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْجَوَامِيسُ تُجْمَعُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى رَبِّهَا. وَقَالَ : إِنَّمَا هِيَ بَقَرٌ كُلُّهَا، فَإِنْ كَانَتِ الْبَقَرُ هِيَ أَكْثَرَ مِنَ الْجَوَامِيسِ، وَلاَ تَجِبُ عَلَى رَبِّهَا إِلاَّ بَقَرَةٌ وَاحِدَةٌ، فَلْيَأْخُذْ مِنَ الْبَقَرِ صَدَقَتَهُمَا، وَإِنْ كَانَتِ الْجَوَامِيسُ أَكْثَرَ فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا، فَإِنِ اسْتَوَتْ فَلْيَأْخُذْ مِنْ أَيَّتِهِمَا شَاءَ، فَإِذَا وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الصَّدَقَةُ صُدِّقَ الصِّنْفَانِ جَمِيعاً(459).
707 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَفَادَ مَاشِيَةً مِنْ إِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَلاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ فِيهَا، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَبْلَهَا نِصَابُ مَاشِيَةٍ، وَالنِّصَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، إِمَّا خَمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ، وَإِمَّا ثَلاَثُونَ بَقَرَةً، وَإِمَّا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسُ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِل، أَوْ ثَلاَثُونَ بَقَرَةً، أَوْ أَرْبَعُونَ شَاةً، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا إِبِلاً، أَوْ بَقَراً، أَوْ غَنَماً، بِاشْتِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ، فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا، وَإِنْ لَمْ يَحُلْ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَفَادَ مِنَ الْمَاشِيَةِ إِلَى مَاشِيَتِهِ، قَدْ صُدِّقَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرِثَهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُ مَاشِيَتَهُ(460).
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، مَثَلُ الْوَرِقِ يُزَكِّيهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ عَرْضاً، وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي عَرْضِهِ ذَلِكَ إِذَا بَاعَهُ الصَّدَقَةُ، فَيُخْرِجُ الرَّجُلُ الآخَرُ صَدَقَتَهَا، فيَكُونُ الأوَّل قَدْ صَدَّقَها(460/1) هَذَا الْيَوْمَ، وَيَكُونُ الآخَرُ قَدْ صَدَّقَهَا مِنَ الْغَدِ.
708 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَاشْتَرَى إِلَيْهَا غَنَماً كَثِيرَةً تَجِبُ فِي دُونِهَا الصَّدَقَةُ، أَوْ وَرِثَهَا : أَنَّهُ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْغَنَمِ كُلِّهَا الصَّدَقَةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، بِاشْتِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنْ مَاشِيَةٍ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، مِنْ إِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَلَيْسَ يُعَدُّ ذَلِكَ نِصَابَ مَالٍ، حَتَّى يَكُونَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَذَلِكَ النِّصَابُ الَّذِي يُصَدِّقُ مَعَهُ مَا أَفَادَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ، مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ.
709 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ إِبِلٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ غَنَمٌ، تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا بَعِيراً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، صَدَّقَهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا.
قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذَا.
710 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْفَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ، فَلاَ تُوجَدُ عِنْدَهُ : أَنَّهَا إِنْ كَانَتِ ابْنَةَ مَخَاضٍ، فَلَمْ تُوجَدْ أُخِذَ مَكَانَهَا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ، أَوْ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، كَانَ عَلَى رَبِّ الإِبِلِ أَنْ يَبْتَاعَهَا لَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهَا، وَلاَ أُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا.
711 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي الإِبِلِ النَّوَاضِحِ، وَالْبَقَرِ السَّوَانِي، وَبَقَرِ الْحَرْثِ : إنِّي أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ(461).
13 - باب صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ
712 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ : إِذَا كَانَ الرَّاعِي وَاحِداً، وَالْفَحْلُ وَاحِداً، وَالْمُرَاحُ وَاحِداً، وَالدَّلْوُ وَاحِداً، فَالرَّجُلاَنِ خَلِيطَانِ، وَإِنْ عَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ(462).
قَالَ : وَالَّذِي لاَ يَعْرِفُ مَالَهُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ، إِنَّمَا هُوَ شَرِيكٌ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْخَلِيطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً فَصَاعِداً، وَلِلآخَرِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً، كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى الَّذِي لَهُ الأَرْبَعُونَ شَاةً، وَلَمْ تَكُنْ عَلَى الَّذِي لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةٌ.
فَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، جُمِعَا فِي الصَّدَقَةِ، وَوَجَبَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعاً، فَإِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ، أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَلِلآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ، فَهُمَا خَلِيطَانِ، يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ أَمْوَالِهِمَا، عَلَى الأَلْفِ بِحِصَّتِهَا، وَعَلَى الأَرْبَعِينَ بِحِصَّتِهَا(463).
713 - قَالَ مَالِكٌ : الْخَلِيطَانِ فِي الإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ يَجْتَمِعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعاً إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ ». وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَىَّ فِي ذَلِكَ.
714 - قَالَ مَالِكٌ : وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي.
قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ. أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً، قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ, فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلاَّ يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ.
وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ : وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ. أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَدِّقُ فَرَّقَا غَنَمَهُمَا, فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلاَّ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ : لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ(464).
14 - باب مَا جَاءَ فِيمَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ السَّخْلِ فِي الصَّدَقَةِ
715 - حَدَّثَنِي يَحْيَى ،عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِي، عَنْ جَدِّهِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَهُ مُصَدِّقاً، فَكَانَ يَعُدُّ عَلَى النَّاسِ بِالسَّخْلِ، فَقَالُوا : أَتَعُدُّ عَلَيْنَا بِالسَّخْلِ وَلاَ تَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئاً. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ تَعُدُّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي وَلاَ تَأْخُذُهَا، وَلاَ تَأْخُذُ الأَكُولَةَ، وَلاَ الرُّبَّى, وَلاَ الْمَاخِضَ، وَلاَ فَحْلَ الْغَنَمِ، وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ، وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهِ(465).
قَالَ مَالِكٌ : وَالسَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ حِينَ تُنْتَجُ. وَالرُّبَّى الَّتِي قَدْ وَضَعَتْ فَهِيَ تُرَبِّي وَلَدَهَا، وَالْمَاخِضُ هِيَ الْحَامِلُ، وَالأَكُولَةُ هِيَ شَاةُ اللَّحْمِ الَّتِي تُسَمَّنُ لِتُؤْكَلَ.
716 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْغَنَمُ لاَ تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، فَتَوَالَدُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْمُصَدِّقُ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، فَتَبْلُغُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ بِوِلاَدَتِهَا. قَالَ مَالِكٌ : إِذَا بَلَغَتِ الْغَنَمُ بِأَوْلاَدِهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَعَلَيْهِ فِيهَا الصَّدَقَةُ, وَذَلِكَ أَنَّ وِلاَدَةَ الْغَنَمِ مِنْهَا، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا أُفِيدَ مِنْهَا بِاشْتِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ مِيرَاثٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْعَرْضُ لاَ يَبْلُغُ ثَمَنُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ صَاحِبُهُ فَيَبْلُغُ بِرِبْحِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَيُصَدِّقُ رِبْحَهُ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَ رِبْحُهُ فَائِدَةً أَوْ مِيرَاثاً لَمْ تَجِبْ فِيهِ الصَّدَقَةُ، حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهُ أَوْ وَرِثَهُ(466).
قَالَ مَالِكٌ : فَغِذَاءُ الْغَنَمِ مِنْهَا، كَمَا رِبْحُ الْمَالِ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ آخَرَ، أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهِ مَالاً، تَرَكَ مَالَهُ الَّذِي أَفَادَ، فَلَمْ يُزَكِّهِ مَعَ مَالِهِ الأَوَّلِ حِينَ يُزَكِّيهِ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى الْفَائِدَةِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ أَفَادَهَا، وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ غَنَمٌ، أَوْ بَقَرٌ، أَوْ إِبِلٌ، تَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ، ثُمَّ أَفَادَ إِلَيْهَا بَعِيراً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، صَدَّقَهَا مَعَ صِنْفِ مَا أَفَادَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ يُصَدِّقُهُ، إِذَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ الَّذِي أَفَادَ نِصَابُ مَاشِيَةٍ(467).
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
15 - باب الْعَمَلِ فِي صَدَقَةِ عَامَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَتا
717 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِبِلُهُ مِئَةُ بَعِيرٍ، فَلاَ يَأْتِيهِ السَّاعِي حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ أُخْرَى، فَيَأْتِيهِ الْمُصَدِّقُ وَقَدْ هَلَكَتْ إِبِلُهُ إِلاَّ خَمْسَ ذَوْدٍ. قَالَ مَالِكٌ : يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْخَمْسِ ذَوْدٍ، الصَّدَقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَجَبَتَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، شَاتَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ شَاةٌ، لأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَوْمَ يُصَدِّقُ مَالَهُ، فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ نَمَتْ، فَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمُصَدِّقُ زَكَاةَ مَا يَجِدُ يَوْمَ يُصَدِّقُ، وَإِنْ تَظَاهَرَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ صَدَقَاتٌ غَيْرُ وَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَ إِلاَّ مَا وَجَدَ الْمُصَدِّقُ عِنْدَهُ، فَإِنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَاتٌ، فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا، أَوْ صَارَتْ إِلَى مَا لاَ تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، فَإِنَّهُ لاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَلاَ ضَمَانَ فِيمَا هَلَكَ، أَوْ مَضَى مِنَ السِّنِينَ(468).
16 - باب النَّهْي عَنِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي الصَّدَقَةِ
718 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : مُرَّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلاً، ذَاتَ ضَرْعٍ عَظِيمٍ, فَقَالَ عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ ؟ فَقَالُوا : شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ طَائِعُونَ، لاَ تَفْتِنُوا النَّاسَ، لاَ تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ(469).
719 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ أَشْجَعَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ يَأْتِيهِمْ مُصَدِّقاً، فَيَقُولُ لِرَبِّ الْمَالِ : أَخْرِجْ إِلَيَّ صَدَقَةَ مَالِكَ، فَلاَ يَقُودُ إِلَيْهِ شَاةً، فِيهَا وَفَاءٌ مِنْ حَقِّهِ إِلاَّ قَبِلَهَا(470).
720 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، أَنَّهُ لاَ يُضَيَّقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي زَكَاتِهِمْ، وَأَنْ يُقْبَلَ مِنْهُمْ مَا دَفَعُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
17 - باب أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا
721 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ :« لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إِلاَّ لِخَمْسَةٍ : لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِين، فَتُصُدِّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ »(471).
722 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ، أَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الاِجْتِهَادِ مِنَ الْوَالِي، فَأَيُّ الأَصْنَافِ كَانَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ وَالْعَدَد، أُوثِرَ ذَلِكَ الصِّنْفُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْوَالِي، وَعَسَى أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَى الصِّنْفِ الآخَرِ، بَعْدَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَعْوَامٍ، فَيُؤْثَرُ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ حَيْثُمَا كَانَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ، إِلاَّ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الإِمَامُ.
18 - باب مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَالتَّشْدِيدِ فِيهَا
723 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ : لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيْهِ(472).
724 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ : شَرِبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَبَناً فَأَعْجَبَهُ، فَسَأَلَ الَّذِي سَقَاهُ مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَاءٍ - قَدْ سَمَّاهُ - فَإِذَا نَعَمٌ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، وَهُمْ يَسْقُونَ فَحَلَبُوا لِي مِنْ أَلْبَانِهَا، فَجَعَلْتُهُ فِي سِقَائِي فَهُوَ هَذَا، فَأَدْخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَدَهُ فَاسْتَقَاءَهُ(473).
725 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا، أَنَّ كُلَّ مَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْمُسْلِمُونَ أَخْذَهَا, كَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ جِهَادُهُ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ.
726 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَامِلاً لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَيْهِ، يَذْكُرُ أَنَّ رَجُلاً مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : أَنْ دَعْهُ وَلاَ تَأْخُذْ مِنْهُ زَكَاةً مَعَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَأَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ زَكَاةَ مَالِهِ، فَكَتَبَ عَامِلُ عُمَرَ إِلَيْهِ يَذْكُرُ لَهُ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ خُذْهَا مِنْهُ(474).
19 - باب زَكَاةِ مَا يُخْرَصُ مِنْ ثِمَارِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ
727 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ، وَالْعُيُونُ، وَالْبَعْلِ : الْعُشْرُ ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ : نِصْفُ الْعُشْرِ »(475).
728 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ الْجُعْرُورُ، وَلاَ مُصْرَانُ الْفَارَةِ، وَلاَ عَذْقُ ابْنِ حُبَيْقٍ. قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ(476).
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ، الْغَنَمُ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا بِسِخَالِهَا، وَالسَّخْلُ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الأَمْوَالِ ثِمَارٌ لاَ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْهَا، مِنْ ذَلِكَ الْبُرْدِيُّ وَمَا أَشْبَهَهُ، لاَ يُؤْخَذُ مِنْ أَدْنَاهُ كَمَا لاَ يُؤْخَذُ مِنْ خِيَارِهِ(477).
قَالَ : وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ أَوْسَاطِ الْمَالِ.
729 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ يُخْرَصُ مِنَ الثِّمَارِ إِلاَّ النَّخِيلُ وَالأَعْنَابُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرَصُ حِينَ يَبْدُو صَلاَحُهُ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ يُؤْكَلُ رُطَباً وَعِنَباً، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ، وَلِئَلاَّ يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ، فَيُخْرَصُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ يَأْكُلُونَهُ كَيْفَ شَاوُوا، ثُمَّ يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ عَلَيْهِمْ(478).
730 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا مَا لاَ يُؤْكَلُ رَطْباً، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بَعْدَ حَصَادِهِ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ لاَ يُخْرَصُ، وَإِنَّمَا عَلَى أَهْلِهَا فِيهَا إِذَا حَصَدُوهَا وَدَقُّوهَا وَطَيَّبُوهَا وَخَلُصَتْ حَبًّا، فَإِنَّمَا عَلَى أَهْلِهَا فِيهَا الأَمَانَةُ، يُؤَدُّونَ زَكَاتَهَا إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
قالَ ماَلِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.
731 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ النَّخْلَ يُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهَا وَثَمَرُهَا فِي رُؤُوسِهَا إِذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَتُهُ تَمْراً عِنْدَ الْجِدَادِ، فَإِنْ أَصَابَتِ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ بَعْدَ أَنْ تُخْرَصَ عَلَى أَهْلِهَا، وَقَبْلَ أَنْ تُجَذَّ، فَأَحَاطَتِ الْجَائِحَةُ بِالثَّمَرِ كُلِّهِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةٌ، فَإِنْ بَقِيَ مِنَ الثَّمَرِ شَيْءٌ يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَصَاعِداً بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أُخِذَ مِنْهُمْ زَكَاتُهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَصَابَتِ الْجَائِحَةُ زَكَاةٌ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الْكَرْمِ أَيْضاً.
732 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ قِطَعُ أَمْوَالٍ مُتَفَرِّقَةٌ، أَوِ اشْتِرَاكٌ فِي أَمْوَالٍ مُتَفَرِّقَةٍ، لاَ يَبْلُغُ مَالُ كُلِّ شَرِيكٍ أَوْ قِطَعُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَكَانَتْ إِذَا جُمِعَ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ يَبْلُغَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُهَا وَيُؤَدِّي زَكَاتَهَا(479).
20 - باب زَكَاةِ الْحُبُوبِ وَالزَّيْتُونِ
733 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الزَّيْتُونِ ؟ فَقَالَ : فِيهِ الْعُشْرُ.
734 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ، وَيَبْلُغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَمَا لَمْ يَبْلُغْ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ
735 - قَالَ مَالِكٌ : وَالزَّيْتُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّخِيلِ، مَا كَانَ مِنْهُ سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلاً، فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَمَا كَانَ يُسْقَى بِالنَّضْحِ، فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ, وَلاَ يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْتُونِ فِي شَجَرِهِ.
736 - قَالَ مَالِكٌ : وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي الْحُبُوبِ الَّتِي يَدَّخِرُهَا النَّاسُ وَيَأْكُلُونَهَا، أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا سَقَتْهُ الْعُيُونُ، وَمَا كَانَ بَعْلاً : الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ : نِصْفُ الْعُشْرِ : إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، بِالصَّاعِ الأَوَّلِ، صَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) : وَمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ.
737 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْحُبُوبُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ : الْحِنْطَةُ، وَالشَّعِيرُ، وَالسُّلْتُ، وَالذُّرَةُ، وَالدُّخْنُ، وَالأُرْزُ، وَالْعَدَسُ، وَالْجُلْبَانُ، وَاللُّوبِيَا، وَالْجُلْجُلاَنُ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَصِيرُ طَعَاماً، فَالزَّكَاةُ تُؤْخَذُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَدَ وَتَصِيرَ حَبًّا(480).
قَالَ : وَالنَّاسُ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ، وَيُقْبَلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا دَفَعُوا.
738 - قَالَ يَحْيَى : وَسُئِلَ مَالِكٌ مَتَى يُخْرَجُ مِنَ الزَّيْتُونِ، الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ، أَقَبْلَ النَّفَقَةِ أَمْ بَعْدَهَا ؟ فَقَالَ : لاَ يُنْظَرُ إِلَى النَّفَقَةِ، وَلَكِنْ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُهُ، كَمَا يُسْأَلُ أَهْلُ الطَّعَامِ عَنِ الطَّعَامِ، وَيُصَدَّقُونَ بِمَا قَالُوا : فَمَنْ رُفِعَ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَصَاعِداً، أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ، وَمَنْ لَمْ يُرْفَعْ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِي زَيْتِهِ الزَّكَاةُ.
739 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ زَرْعَهُ وَقَدْ صَلَحَ وَيَبِسَ فِي أَكْمَامِهِ، فَعَلَيْهِ زَكَاتُه، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ زَكَاةٌ
740 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ بَيْعُ الزَّرْعِ، حَتَّى يَيْبَسَ فِي أَكْمَامِهِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ الْمَاءِ(481).
741 - قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) [الأنعام : 141] أَنَّ ذَلِكَ الزَّكَاةُ والله أَعْلَم، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ.
742 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ، أَوْ أَرْضَهُ، وَفِي ذَلِكَ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ، لَمْ يَبْدُ صَلاَحُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِع، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ(482).
21 - باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الثِّمَارِ
743 - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ لَهُ مَا يَجُدُّ مِنْهُ، أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ، وَمَا يَقْطُفُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الزَّبِيبِ، وَمَا يَحْصُدُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَمَا يَحْصُدُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ، إِنَّهُ لاَ يُجْمَعُ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ، وَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ زَكَاةٌ، حَتَّى يَكُونَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنَ التَّمْرِ، أَوْ فِي الزَّبِيبِ، أَوْ فِي الْحِنْطَةِ، أَوْ فِي الْقُطْنِيَّةِ، مَا يَبْلُغُ الصِّنْفُ الْوَاحِدُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ »(483).
744 - قَالَ : وَإِنْ كَانَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ مِنْ تِلْكَ الأَصْنَافِ مَا يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ يَجُذَّ الرَّجُلُ مِنَ التَّمْرِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ وَأَلْوَانُهُ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
745 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ كُلُّهَا : السَّمْرَاءُ، وَالْبَيْضَاءُ، وَالشَّعِيرُ، وَالسُّلْتُ، كُلُّ ذَلِكَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، جُمِعَ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ، وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ، فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
746 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الزَّبِيبُ كُلُّهُ أَسْوَدُهُ وَأَحْمَرُهُ، فَإِذَا قَطَفَ الرَّجُلُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ.
747 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْقُطْنِيَّةُ، هِيَ صِنْفٌ وَاحِدٌ، مِثْلُ الْحِنْطَةِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهَا وَأَلْوَانُهَا، وَالْقُطْنِيَّةُ : الْحِمَّصُ، وَالْعَدَسُ, وَاللُّوبِيَا، وَالْجُلْبَانُ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ قُطْنِيَّةٌ، فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِالصَّاعِ الأَوَّلِ، صَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْنَافِ الْقُطْنِيَّةِ كُلِّهَا، لَيْسَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُجْمَعُ ذَلِكَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ, وَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَقَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْقُطْنِيَّةِ، وَالْحِنْطَةِ، فِيمَا أُخِذَ مِنَ النَّبَطِ، وَرَأَى أَنَّ الْقُطْنِيَّةَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ، وَأَخَذَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ(484).
748 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ يُجْمَعُ الْقُطْنِيَّةُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ، حَتَّى تَكُونَ صَدَقَتُهَا وَاحِدَةً، وَالرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ يَداً بِيَدٍ، وَلاَ يُؤْخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَداً بِيَدٍ ؟ قِيلَ لَهُ : فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ يُجْمَعَانِ فِي الصَّدَقَةِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ بِالدِّينَارِ أَضْعَافُهُ فِي الْعَدَدِ مِنَ الْوَرِقِ يَداً بِيَدٍ.
749 - قَالَ مَالِكٌ فِي النَّخِيلِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَيَجُذَّانِ مِنْهَا ثَمَانِيَةَ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ : إِنَّهُ لاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِمَا فِيهَا، وَإِنَّهُ إِنْ كَانَ لأَحَدِهِمَا مِنْهَا مَا يَجُذُّ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَلِلآخَرِ مَا يَجُذُّ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، كَانَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ الأَوْسُقِ، وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي جَذَّ أَرْبَعَةَ أَوْسُقٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا صَدَقَةٌ.
750 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ، فِي كُلِّ زَرْعٍ مِنَ الْحُبُوبِ كُلِّهَا يُحْصَدُ، أَوِ النَّخْلُ يُجَذُّ، أَوِ الْكَرْمُ يُقْطَفُ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَجُذُّ مِنَ التَّمْرِ، أَوْ يَقْطِفُ مِنَ الزَّبِيبِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، أَوْ يَحْصُدُ مِنَ الْحِنْطَةِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ كَانَ حَقُّهُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، فَلاَ صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى مَنْ بَلَغَ جُدَادُهُ، أَوْ قِطَافُهُ، أَوْ حَصَادُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.
751 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَا أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ مِنْ هَذِهِ الأَصْنَافِ كُلِّهَا، الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحُبُوبِ كُلِّهَا، ثُمَّ أَمْسَكَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ أَدَّى صَدَقَتَهُ سِنِينَ، ثُمَّ بَاعَهُ، أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ زَكَاةٌ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَاعَهُ، إِذَا كَانَ أَصْلُ تِلْكَ الأَصْنَافِ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَالْحُبُوبِ وَالْعُرُوضِ، يُفِيدُهَا الرَّجُلُ، ثُمَّ يُمْسِكُهَا سِنِينَ، ثُمَّ يَبِيعُهَا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمَ بَاعَهَا، فَإِنْ كَانَ أَصْلُ تِلْكَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ، فَعَلَى صَاحِبِهَا فِيهَا الزَّكَاةُ حِينَ يَبِيعُهَا، إِذَا كَانَ قَدْ حَبَسَهَا سَنَةً، مِنْ يَوْمَ زَكَّى الْمَالَ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ.
22 - باب مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَالْقَضْبِ وَالْبُقُولِ
752 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ الَّتِى لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا عِنْدَنَا، وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ، الرُّمَّانِ، وَالْفِرْسِكِ، وَالتِّينِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَمَا لَمْ يُشْبِهْهُ إِذَا كَانَ مِنَ الْفَوَاكِهِ. 753 – قَالَ : وَلاَ فِي الْقَضْبِ، وَلاَ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ، وَلاَ فِي أَثْمَانِهَا إِذَا بِيعَتْ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَحُولَ عَلَى أَثْمَانِهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهَا وَيَقْبِضُ صَاحِبُهَا ثَمَنَهَا(485).
23 - باب مَا جَاءَ فِي صَدَقَةِ الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ وَالْعَسَلِ
754 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلاَ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ »(486).
755 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار ٍ, أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لأبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ : خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً، فَأَبَى، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَبَى عُمَرُ، ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضاً فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ : إِنْ أَحَبُّوا، فَخُذْهَا مِنْهُمْ، وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ، وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ. قَالَ مَالِكٌ : مَعْنَى قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ، يَقُولُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.
756 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أبِي وَهُوَ بِمِنًى : أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنَ الْعَسَلِ وَلاَ مِنَ الْخَيْلِ صَدَقَةً.
757 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ !(487).
24 - باب جِزْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ
758 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، َنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَخَذَهَا مِنَ الْبَرْبَرِ(488).
759 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ الْمَجُوسَ فَقَالَ : مَا أَدْرِى كَيْفَ أَصْنَعُ فِي أَمْرِهِمْ. فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ : « سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ »(489).
760 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ : أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً، مَعَ ذَلِكَ أَرْزَاقُ الْمُسْلِمِينَ وَضِيَافَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ(490).
761 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : إِنَّ فِي الظَّهْرِ نَاقَةً عَمْيَاءَ، فَقَالَ عُمَرُ : ادْفَعْهَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَنْتَفِعُونَ بِهَا, قَالَ : فَقُلْتُ وَهِيَ عَمْيَاءُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : يَقْطُرُونَهَا بِالإِبِلِ. قَالَ : فَقُلْتُ كَيْفَ تَأْكُلُ مِنَ الأَرْضِ ؟ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ : أَمِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ هِيَ ؟ أَمْ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ مِنْ نَعَمِ الْجِزْيَةِ. فَقَالَ عُمَرُ : أَرَدْتُمْ وَاللَّهِ أَكْلَهَا. فَقُلْتُ : إِنَّ عَلَيْهَا وَسْمَ الْجِزْيَةِ. فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ فَنُحِرَتْ، وَكَانَ عِنْدَهُ صِحَافٌ تِسْعٌ، فَلاَ تَكُونُ فَاكِهَةٌ وَلاَ طُرَيْفَةٌ إِلاَّ جَعَلَ مِنْهَا فِي تِلْكَ الصِّحَافِ, فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَيَكُونُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ إِلَى حَفْصَةَ ابْنَتِهِ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ كَانَ فِي حَظِّ حَفْصَةَ، قَالَ: فَجَعَلَ فِي تِلْكَ الصِّحَافِ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، وَأَمَرَ بِمَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِ تِلْكَ الْجَزُورِ فَصُنِعَ، فَدَعَا عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ(491).
762 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ النَّعَمُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ إِلاَّ فِي جِزْيَتِهِمْ.
763 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ يُسْلِمُونَ.
764 - قَالَ مَالِكٌ : مَضَتِ السُّنَّةُ، أَنْ لاَ جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لاَ تُؤْخَذُ إِلاَّ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ.
765 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلاَ عَلَى الْمَجُوسِ فِي نَخِيلِهِمْ وَلاَ كُرُومِهِمْ وَلاَ زُرُوعِهِمْ وَلاَ مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ، لأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، تَطْهِيراً لَهُمْ، وَرَدًّا عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَوُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَغَاراً لَهُمْ، فَهُمْ مَا كَانُوا بِبَلَدِهِمُ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَيْهِ، لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ سِوَى الْجِزْيَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، إِلاَّ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَخْتَلِفُوا فِيهَا, فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِيمَا يُدِيرُونَ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ، وَصَالَحُوا عَلَيْهَا، عَلَى أَنْ يُقَرُّوا بِبِلاَدِهِمْ، وَيُقَاتَلَ عَنْهُمْ عَدُوُّهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ بِلاَدِهِ إِلَى غَيْرِهَا يَتْجُرُ إِلَيْهَا، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، مَنْ تَجَرَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَمِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، أَوِ الْيَمَنِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْبِلاَدِ، فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ، وَلاَ صَدَقَةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلاَ الْمَجُوسِ فِي شَىْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلاَ مِنْ مَوَاشِيهِمْ، وَلاَ ثِمَارِهِمْ، وَلاَ زُرُوعِهِمْ، مَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ، وَيُقَرُّونَ عَلَى دِينِهِمْ، وَيَكُونُونَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ مِرَاراً فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِمْ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا الْعُشْرُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا صَالَحُوا عَلَيْهِ، وَلاَ مِمَّا شُرِطَ لَهُمْ، وَهَذَا الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا(492).
25 - باب عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
766 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ، مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَيَأْخُذُ مِنَ الْقُطْنِيَّةِ الْعُشْرَ(493).
767 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ غُلاَماً عَامِلاً مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكُنَّا نَأْخُذُ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ.
768 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ يَأْخُذُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ النَّبَطِ الْعُشْرَ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ : كَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ.
26 - باب اشْتِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْعَوْدِ فِيهَا
769 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ : حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ قَدْ أَضَاعَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَظَنَنْتُ، أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « لاَ تَشْتَرِهِ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ »(494).
770 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَقَالَ : « لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ »(495).
771 - قَالَ يَحْيَى : سُئِلَ مَالِكٌ، عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَوَجَدَهَا مَعَ غَيْرِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ تُبَاعُ، أَيَشْتَرِيهَا ؟ فَقَالَ : تَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
27 - باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ
772 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرَ(496).
773 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ، غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسْلِماً، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ، أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُسْلِماً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ(497).
774 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الآبِقِ : إِنَّ سَيِّدَهُ إِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً، فَهُوَ يَرْجُو حَيَاتَهُ وَرَجْعَتَهُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ إِبَاقُهُ قَدْ طَالَ، وَيَئِسَ مِنْهُ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ.
775 - قَالَ مَالِكٌ : تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
28 - باب مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ
776 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ(498).
777 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعاً مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِير، أَوْ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ، وَذَلِكَ بِصَاعِ النَّبِيِّ (ﷺ) (499).
778 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يُخْرِجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إِلاَّ التَّمْرَ, إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ أَخْرَجَ شَعِيراً(500).
779 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْكَفَّارَاتُ كُلُّهَا، وَزَكَاةُ الْفِطْرِ، وَزَكَاةُ الْعُشُورِ، كُلُّ ذَلِكَ بِالْمُدِّ الأَصْغَرِ، مُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) إِلاَّ الظِّهَارَ، فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهِ بِمُدِّ هِشَامٍ، وَهُوَ الْمُدُّ الأَعْظَمُ(501).
29 - باب وَقْتِ إِرْسَالِ زَكَاةِ الْفِطْرِ
780 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
781 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ، يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ، إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ, قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى(502).
782 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ وَاسِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ الْغُدُوِّ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ أو َبَعْدَهُ.
30 - باب مَنْ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ
783 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ : لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ، وَلاَ فِي أَجِيرِهِ، وَلاَ فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ زَكَاةٌ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَخْدُمُهُ وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فِي أَحَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ الْكَافِرِ مَا لَمْ يُسْلِمْ، لِتِجَارَةٍ كَانُوا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ. ====
موطأ الإمام مالك/كتاب الصيام
1 - باب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلاَلِ لِلصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ
784 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ، « لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ »(503).
785 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ »(504).
786 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ : « لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ »(505).
787 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ الْهِلاَلَ رُئِيَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِعَشِيٍّ، فَلَمْ يُفْطِرْ عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ(506).
788 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي الَّذِي يَرَى هِلاَلَ رَمَضَانَ وَحْدَه : أَنَّهُ يَصُومُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ.
789 – قَالَ : وَمَنْ رَأَى هِلاَلَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُفْطِرُ، لأَنَّ النَّاسَ يَتَّهِمُونَ عَلَى أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ مَأْمُوناً، وَيَقُولُ أُولَئِكَ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ قَدْ رَأَيْنَا الْهِلاَلَ، وَمَنْ رَأَى هِلاَلَ شَوَّالٍ نَهَاراً فَلاَ يُفْطِرْ وَيُتِمُّ صِيَامَ يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا هُوَ هِلاَلُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَأْتِي.
790 - قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : إِذَا صَامَ النَّاسُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، فَجَاءَهُمْ ثَبَتٌ أَنَّ هِلاَلَ رَمَضَانَ قَدْ رُئِيَ قَبْلَ أَنْ يَصُومُوا بِيَوْمٍ، وَأَنَّ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ أَحَدٌ وَثَلاَثُونَ، فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيَّةَ سَاعَةٍ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ صَلاَةَ الْعِيدِ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ جَاءَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
2 - باب مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ
791 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لاَ يَصُومُ إِلاَّ مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ.
792 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ) بِمِثْلِ ذَلِكَ(507).
3 - باب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الْفِطْرِ
793 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ :« لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ، مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ »(508).
794 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ »(509).
795 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ إِلَى اللَّيْلِ الأَسْوَدِ، قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَا، ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
4 - باب مَا جَاءَ فِي صِيَامِ الَّذِي يُصْبِحُ جُنُباً فِي رَمَضَانَ
796 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَاري، عَنْ أبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ ؟ فَقَالَ (ﷺ) : « وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ». فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « وَاللَّهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي »(510).
797 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّهُمَا قَالَتَا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يُصْبِحُ جُنُباً مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ فِي رَمَضَانَ, ثُمَّ يَصُومُ(511).
798 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ يَقُولُ : كُنْتُ أَنَا وَأبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. فَقَالَ مَرْوَانُ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَتَذْهَبَنَّ إِلَى أُمَّي الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، فَلَتَسْأَلَنَّهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُباً أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَتْ عَائِشَةُ : لَيْسَ كَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَن، أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصْنَعُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : لاَ وَاللَّهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُباً، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ : ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. قَالَ : فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا، فَقَالَ مَرْوَانُ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي، فَإِنَّهَا بِالْبَابِ، فَلْتَذْهَبَنَّ إِلَى أبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلْتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ. فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : لاَ عِلْمَ لِي بِذَاكَ، إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ(512).
799 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَي النَّبِيِّ (ﷺ)، أَنَّهُمَا قَالَتَا : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَيُصْبِحُ جُنُباً، مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُ(513).
5 - باب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
800 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, أَنَّ رَجُلاً قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْداً شَدِيداً، فَأَرْسَلَ امْرَأَتَهُ تَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ)، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا, فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّ سَلَمَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ، فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَالَ : لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) اللَّهُ، يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) مَا شَاءَ، ثُمَّ رَجَعَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَوَجَدَتْ عِنْدَهَا رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « مَا لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ ؟ ». فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « أَلاَّ أَخْبَرْتِيهَا إنِّي أَفْعَلُ ذَلِكَ ». فَقَالَت :ْ قَدْ أَخْبَرْتُهَا، فَذَهَبَتْ إِلَى زَوْجِهَا فَأَخْبَرَتْهُ، فَزَادَهُ ذَلِكَ شَرًّا وَقَال :َ لَسْنَا مِثْلَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، اللَّهُ يُحِلُّ لِرَسُولِهِ (ﷺ) مَا شَاءَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) وَقَالَ : « وَاللَّهِ إنِّي لأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ »(514).
801 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضى الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ.، ثُمَّ ضَحِكَتْ(515).
802 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : أَنَّ عَاتِكَةَ ابْنَةَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، امْرَأَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَتْ تُقَبِّلُ رَأْسَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلاَ يَنْهَاهَا.
803 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا هُنَالِكَ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ فَتُقَبِّلَهَا وَتُلاَعِبَهَا، فَقَالَ أُقَبِّلُهَا وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ.
804 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَسَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ كَانَا يُرَخِّصَانِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ.
6 - باب مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ
805 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) كَانَتْ إِذَا ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ تَقُولُ : وَأَيُّكُمْ أَمْلَكُ لِنَفْسِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (516).
806 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ : قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لَمْ أَرَ الْقُبْلَةَ لِلصَّائِمِ تَدْعُو إِلَى خَيْرٍ.
807 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَأَرْخَصَ فِيهَا لِلشَّيْخِ، وَكَرِهَهَا لِلشَّابِّ.
808 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ.
7 - باب مَا جَاءَ فِي الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ
809 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ، وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) (517).
810 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ : « تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ ». وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي : لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) بِالْعَرْجِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ، ثُمَّ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِالْكَدِيدِ، دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ(518).
811 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِي رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلاَ الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ.
812 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِىَّ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَجُلٌ أَصُومُ, أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ »(520).
813 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لاَ يَصُومُ فِي السَّفَرِ.
814 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ فِي رَمَضَانَ وَنُسَافِرُ مَعَهُ، فَيَصُومُ عُرْوَةُ وَنُفْطِرُ نَحْنُ، فَلاَ يَأْمُرُنَا بِالصِّيَامِ.
8 - باب مَا يَفْعَلُ مَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ أَرَادَهُ فِي رَمَضَانَ
815 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فِي رَمَضَانَ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ الْمَدِينَةَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ, دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.
816 - قَالَ يَحْيَى : قَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَلِمَ أَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِهِ، وَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، دَخَلَ وَهُوَ صَائِمٌ.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فِي رَمَضَانَ، فَطَلَعَ لَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ بِأَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، فَإِنَّهُ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
817 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ مِنْ سَفَرِهِ وَهُوَ مُفْطِرٌ، وَامْرَأَتُهُ مُفْطِرَةٌ حِينَ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا فِي رَمَضَانَ : أَنَّ لِزَوْجِهَا أَنْ يُصِيبَهَا إِنْ شَاءَ.
9 - باب كَفَّارَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ
818 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِيناً. فَقَالَ : لاَ أَجِدُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ : « خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ». فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ إلَيْهِ(521) مِنِّى. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ : « كُلْهُ »(522).
819 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ أَعْرَأبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ وَيَقُولُ : هَلَكَ الأَبْعَدُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) :« وَمَا ذَاكَ ؟ » فَقَالَ : أَصَبْتُ أَهْلِي وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً ؟ » فَقَالَ : لاَ. فَقَالَ : « هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُهْدِىَ بَدَنَةً ؟ » قَالَ : لاَ. قَالَ : « فَاجْلِسْ ». فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بِعَرَقِ تَمْرٍ، فَقَالَ : « خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ ». فَقَالَ : مَا أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّى. فَقَالَ : « كُلْهُ، وَصُمْ يَوْماً مَكَانَ مَا أَصَبْتَ ».
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ عَطَاءٌ : فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَمْ فِي ذَلِكَ الْعَرَقِ مِنَ التَّمْرِ، فَقَالَ : مَا بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، إِلَى عِشْرِينَ(523).
820 - قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لَيْسَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ يَوْماً فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، بِإِصَابَةِ أَهْلِهِ نَهَاراً، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) فِيمَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ نَهَاراً فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ فِيهِ إِلَيَّ.
10 - باب مَا جَاءَ فِي حِجَامَةِ الصِّائِمِ
821 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، قَالَ : ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدُ، فَكَانَ إِذَا صَامَ لَمْ يَحْتَجِمْ حَتَّى يُفْطِرَ.
822 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، كَانَا يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ.
823 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، ثُمَّ لاَ يُفْطِرُ. قَال :َ وَمَا رَأَيْتُهُ احْتَجَمَ قَطُّ إِلاَّ وَهُوَ صَائِمٌ.
824 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ، إِلاَّ خَشْيَةً مِنْ أَنْ يَضْعُفَ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ تُكْرَهْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ سَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ شَيْئاً، وَلَمْ آمُرْهُ بِالْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي احْتَجَمَ فِيهِ، لأَنَّ الْحِجَامَةَ إِنَّمَا تُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، لِمَوْضِعِ التَّغْرِيرِ بِالصِّيَامِ، فَمَنِ احْتَجَمَ وَسَلِمَ مِنْ أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى يُمْسِيَ، فَلاَ أَرَى عَلَيْهِ شَيْئاً، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
11 - باب صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
825 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْماً تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) الْمَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ(524).
826 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ : « هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يكْتبْ الله عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ »(525).
827 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ غَداً يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ، وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا.
12 - باب صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى وَالدَّهْرِ
828 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ، يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى(526).
829 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُون : لاَ بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ، إِذَا أَفْطَرَ الأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى، وَيَوْمُ الأَضْحَى، وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا(527).
قَالَ : وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَ فِي ذَلِكَ.
13 - باب النَّهْي عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ
830 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) نَهَى عَنِ الْوِصَالِ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ ؟ فَقَالَ : « إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى »(528).
831 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ ». قَالُوا فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي »(529).
14 - باب صِيَامِ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً أَوْ يَتَظَاهَرُ
832 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فِي قَتْلِ خَطَإٍ، أَوْ تَظَاهُرٍ، فَعَرَضَ لَهُ مَرَضٌ يَغْلِبُهُ وَيَقْطَعُ عَلَيْهِ صِيَامَهُ : أَنَّهُ إِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِنْ صِيَامِهِ(530).
833 - وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الَّتِى يَجِبُ عَلَيْهَا الصِّيَامُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً، إِذَا حَاضَتْ بَيْنَ ظَهْرَيْ صِيَامِهَا، أَنَّهَا إِذَا طَهُرَتْ لاَ تُؤَخِّرُ الصِّيَامَ وَهِيَ، تَبْنِي عَلَى مَا قَدْ صَامَتْ.
834 - وَلَيْسَ لأَحَدٍ وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، أَنْ يُفْطِرَ إِلاَّ مِنْ عِلَّةٍ : مَرَضٍ أَوْ حَيْضَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فَيُفْطِرَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.
15 - باب مَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ فِي صِيَامِهِ
835 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : الأَمْرُ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَصَابَهُ الْمَرَضُ، الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ الصِّيَامُ مَعَهُ، وَيُتْعِبُهُ وَيَبْلُغُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ الَّذِي اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِي الصَّلاَةِ، وَبَلَغَ مِنْهُ، وَمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِعُذْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لاَ تَبْلُغُ صِفَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ صَلَّى وَهُوَ جَالِسٌ، وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ .
وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصِّيَامِ مِنَ الْمَرِيضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [البقرة : 184] فَأَرْخَصَ اللَّهُ لِلْمُسَافِرِ فِي الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ مِنَ الْمَرِيضِ، فَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَهُوَ الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.
16 - باب النَّذْرِ فِي الصِّيَامِ وَالصِّيَامِ عَنِ الْمَيِّتِ
836 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ، هَلْ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ ؟ فَقَالَ : سَعِيدٌ لِيَبْدَأْ بِالنَّذْرِ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعَ.
837 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
838 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ، مِنْ رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا، أَوْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بَدَنَةٍ، فَأَوْصَى بِأَنْ يُوَفَّى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ وَالْبَدَنَةَ فِي ثُلُثِهِ، وَهُوَ يُبَدَّى عَلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْوَصَايَا، إِلاَّ مَا كَانَ مِثْلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ النُّذُورِ وَغَيْرِهَا، كَهَيْئَةِ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مِمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا يُجْعَلُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ خَاصَّةً دُونَ رَأْسِ مَالِهِ، لأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، لأَخَّرَ الْمُتَوَفَّى مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، وَصَارَ الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ، سَمَّى مِثْلَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَتَقَاضَاهَا مِنْهُ مُتَقَاضٍ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزاً لَهُ، أَخَّرَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ سَمَّاهَا، وَعَسَى أَنْ يُحِيطَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ(531).
839 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُسْأَلُ : هَلْ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ؟ أَوْ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ؟ فَيَقُولُ : لاَ يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلاَ يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.
17 - باب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ
840 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ، فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ عُمَرُ : الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدِ اجْتَهَدْنَا.
قَالَ مَالِكٌ : يُرِيدُ بِقَوْلِهِ الْخَطْبُ يَسِيرٌ، الْقَضَاءُ فِيمَا نُرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَخِفَّةَ مَؤُونَتِهِ وَيَسَارَتِهِ يَقُولُ : نَصُومُ يَوْماً مَكَانَهُ.
841 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : يَصُومُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مُتَتَابِعاً, مَنْ أَفْطَرَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ.
842 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ اخْتَلَفَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. وَقَالَ الآخَرُ : لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. لاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ : يُفَرِّقُ بَيْنَهُ.
843 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنِ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاء، وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ(532).
844 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُسْأَلُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يُفَرَّقَ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَأَنْ يُوَاتَرَ(533).
845 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : فِيمَنْ فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ.
846 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ سَاهِياً، أَوْ نَاسِياً، أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ.
847 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَة ِ, أَمُتَتَابِعَاتٍ أَمْ يَقْطَعُهَا ؟ قَالَ حُمَيْدٌ : فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ : لاَ يَقْطَعُهَا، فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ.
848 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يُصَامُ مُتَتَابِعاً.
849 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ عَبِيطٍ، فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا، ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَلاَ تَرَى شَيْئاً، ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْماً آخَرَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً أُخْرَى، وَهِيَ دُونَ الأُولَى، ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ، فَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي صِيَامِهَا وَصَلاَتِهَا ؟ قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ وَتَصُومُ(534).
850 - وَسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ.
18 - باب قَضَاءِ التَّطَوُّعِ.
851 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ (ﷺ) أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ، فَأُهْدِىَ لَهُمَا طَعَامٌ، فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِى بِالْكَلاَمِ، وَكَانَتْ بِنْتَ أَبِيهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْنَا طَعَامٌ، فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : « اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْماً آخَرَ »(535).
852 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِياً أَوْ نَاسِياً فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَلْيُتِمَّ يَوْمَهُ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ أَوْ شَرِبَ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلاَ يُفْطِرْهُ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أَمْرٌ يَقْطَعُ صِيَامَهُ، وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَضَاءٌ, إِذَا كَانَ إِنَّمَا أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِلْفِطْرِ، وَلاَ أَرَى عَلَيْهِ قَضَاءَ صَلاَةِ نَافِلَةٍ، إِذَا هُوَ قَطَعَهَا مِنْ حَدَثٍ لاَ يَسْتَطِيعُ حَبْسَهُ، مِمَّا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْوُضُوءِ.
853 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِى يَتَطَوَّعُ بِهَا النَّاسُ، فَيَقْطَعَهُ حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى سُنَّتِهِ، إِذَا كَبَّرَ لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا صَامَ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمِهِ، وَإِذَا أَهَلَّ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ، وَإِذَا دَخَلَ فِي الطَّوَافِ لَمْ يَقْطَعْهُ حَتَّى يُتِمَّ سُبُوعَهُ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ شَيْئاً مِنْ هَذَا إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ، إِلاَّ مِنْ أَمْرٍ يَعْرِضُ لَهُ، مِمَّا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنَ الأَسْقَامِ وَالأُمُورِ الَّتِى يُعْذَرُونَ بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) [البقرة : 187] فَعَلَيْهِ إِتْمَامُ الصِّيَامِ كَمَا قَالَ اللَّهُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) [البقرة : 196] فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَهَلَّ بِالْحَجِّ تَطَوُّعاً، وَقَدْ قَضَى الْفَرِيضَةَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ فِيهِ، وَيَرْجِعَ حَلاَلاً مِنَ الطَّرِيقِ، وَكُلُّ أَحَدٍ دَخَلَ فِي نَافِلَةٍ، فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهَا إِذَا دَخَلَ فِيهَا، كَمَا يُتِمُّ الْفَرِيضَةَ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ(536).
19 - باب فِدْيَةِ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مِنْ عِلَّةٍ
854 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَبِرَ حَتَّى كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ، فَكَانَ يَفْتَدِي(537).
855 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ أَرَى ذَلِكَ وَاجِباً، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ إِذَا كَانَ قَوِيًّا عَلَيْهِ، فَمَنْ فَدَى، فَإِنَّمَا يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) .
856 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ، إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَاشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ ؟ قَالَ : تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، بِمُدِّ النَّبِيِّ (ﷺ) .
857 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا الْقَضَاءَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) [البقرة : 184] وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَرَضاً مِنَ الأَمْرَاضِ، مَعَ الْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا.
858 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْضِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى صِيَامِهِ، حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ، فَإِنَّهُ يُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِيناً، مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ الْقَضَاءُ.
859 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
20 - باب جَامِعِ قَضَاءِ الصِّيَامِ
860 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ (ﷺ) تَقُولُ : إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَصُومُهُ حَتَّى يَأْتِىَ شَعْبَانُ(538).
21 - باب صِيَامِ الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ
861- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ أَنْ يُصَامَ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ شَعْبَانَ، إِذَا نَوَى بِهِ صِيَامَ رَمَضَانَ، وَيَرَوْنَ أَنَّ عَلَى مَنْ صَامَهُ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ، ثُمَّ جَاءَ الثَّبَتُ، أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَهُ، وَلاَ يَرَوْنَ بِصِيَامِهِ تَطَوُّعاً بَأْساً(539).
قَالَ مَالِكٌ : وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
22 - باب جَامِعِ الصِّيَامِ
862 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ (ﷺ) ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ، إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ، أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ(540).
863 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِماً، فَلاَ يَرْفُثْ, وَلاَ يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ : إنِّي صَائِمٌ إنِّي صَائِمٌ »(541).
864 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ﷺ) قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، مِنْ أَجْلِي، فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِلَى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، إِلاَّ الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ »(542).
865 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ(534).
866 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ لاَ يَكْرَهُونَ السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ، فِي سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ، لاَ فِي أَوَّلِهِ، وَلاَ فِي آخِرِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَلاَ يَنْهَى عَنْهُ.
867 - قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِى ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ، لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ.
868 - قَالَ يَحْيَى : سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ, وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَصِيَامُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأُرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ.
====
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق