ج 3 -الفائق في غريب الحديث و الأثر
حرف الصاد
الصاد مع الهمزة
عبيد الله بن جحش - هاجر إلى الحبشة ثم تنصَّر؛ فكان يمر بالمسلمين فيقول: فقَّحْنَا وصأصأتم.
أي أبصرنا ولمَّا تبلغوا حين الإبصار؛ من صأصأ الجرو، إذا حرَّك أجفانه لينظر قبل أن يفقِّحَ.
ويقال: صأصأ الكلب بذنبه إذا حركه فزعاً، ومنه: صأصأ فلان بمعنى كأكأ؛ إذا جبن وفزع؛ قال:
يُصَأْصِئُ مِنْ ثارِه جَابِبا
من الجبب، أي ناكصاً، والأصل فيه التحريك.
* * *
الصاد مع الباء
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل شيء من الدواب صبراً.
هو أن يمسك، ثم يرمى حتى يُقتل.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن المصبورة، ونهى عن صبر ذي الرُّوح.
* * * وعنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال في رجل أمسك رجلاً وقتله آخر: اقتلوا القاتل: واصبروا الصابر.
أي احبسوا الذي حبسه للموت حتى يموت.
وقال: لا يُقتل قرشي صبراً.
وهو أن يُمسك حتى تُضرب عنقه.
* * * وعن ابن مسعود رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الرُّوح.
وهو الخصاء، والخصاء صبر شديد. وقولهم: يمين الصبر، وهو أن يحبس السلطان الرجل على اليمين حتى يحلف بها.
*
* * كان صلى الله عليه وسلم يتيما في حجر أبي طالب، فكان يقرب إلى الصبيان
تصبيحهم فيختلسون ويكف، ويصبح الصبيان غمصاً، ويصبح صقيلاً دهيناً.
هو في الأصل مصدر صبَّح القوم؛ إذا سقاهم الصبوح؛ ثم سمى به الغداء؛ كما قيل للنبات: التنبيت وللنور: التنوير.
غمصت عينه ورمصت، وغمص الرجل ورمص، فهو أغمص وأرمص. ومنه الشعرى الغميصاء. والغمص: أن ييبس. والرمص: أن يكون رطباً.
انتصاب غمصاً وصقيلاً على الحال لا الخبر؛ لأن أصبح هذه تامة بمعنى الدخول في الصباح؛ كأظهر وأعتم.
* * * نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصُّبْحَة.
هي
نومة الغداة؛ وفيها لغتان: الفتح والضم؛ يقال: فلان ينام الصَّبحة
والصُّبْحة. وإنما نهى عنها لوقوعها في وقت الذكر وطلب المعاش؛ وسمعت من
ينشد:
ألاَ إن نومات الضُّحَى تُورِث الفَتَى ... خَبَالاً ونَوْماتِ العُصَيرِ جُنُونُ
* * *
لما
قدمت عليه صلى الله عليه وآله وسلم وفود العرب قام طهفة بن أبي زهير
النهدي، فقال: أتيناك يا رسول الله من غوري تهامة، بأكوار الميس، ترتمي بنا
العيس، نستحلب الصبير، ونستخلب الخبير، ونستعضد البرير، ونستخيل الرهام.
ونستحيل - أو نستجيل - الجهام، من أرض غائلة النطاء، غليظة الوطاء، قد نشف
المدهن، ويبس الجعثن، وسقط الأملوج، ومات العسلوج، وهلك الهدى، ومات الودى.
برئنا يا رسول الله من الوثن والعنن، وما يحدث الزمن؛ لنا دعوة السلام،
وشريعة الإسلام ما طما البحر، وقام تعار، ولنا نعم همل أغفال، ما تبض
ببلال، ووقير كثير الرسل، قليل الرسل، أصابتها سنة حمراء مؤزلة، ليس لها
علل ولا نهل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لهم في محضها
ومخضها ومذقها، وابعث راعيها في الدثر، بيانع الثمر، وافجر له الثمد، وبارك
له في المال والولد. من أقام الصلاة كان مسلما، ومن آتى الزكاة كان محسنا،
ومن شهد أن لا إله إلا الله كان مخلصا، لكم يا بني نهد ودائع الشرك،
ووضائع الملك؛ لا تلطط في الزكاة، ولا تلحد في الحياة، ولا تتثاقل عن
الصلاة.
* * * وكتب معه كتابا إلى بني نهد: من محمد رسول الله إلى بني
نهد بن زيد: السلام على من آمن بالله ورسوله. لكم يا بني نهد في الوظيفة
الفريضة، ولكم العارض والفريش وذو العنان الركوب، والفلو الضبيس؛ لا يمنع
سرحكم، ولا يعضد طلحكم، ولا يحبس دركم، ما لم تضمروا الإماق، وتأكلوا
الرِّباق. من أقرَّ بما في هذا الكتاب فله من رسول الله الوفاء بالعهد
والذمة، ومن أبى فعليه الربوة.
الصبير: السحاب الكثيف المتراكب، وهو من
الصبر بمعنى الحبس، كأن بعضه صبر على بعض. ومنه صبر الشيء وهو غلظه
وكثافته، وصبرة الطعام. وقد استصبر السحاب كاستحجر الطين.
ومنه حديث ابن
عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في قوله تعالى: (وكان عَرْشُهُ عَلَى
الماء). كان يصعد إلى السماء من الماء بخار فاستصبر فعاد صبيرا، فذلك قوله
تعالى: (ثم استَوَى إلى السَّماءٍ وَهِيَ دُخَانٌ)؛ أي تراكم وكثف.
نستخلب: من الخلب، وهو القطع والمزق؛ من خلب السبع الفريسة يخلبها ويخلبها إذا شقَّها ومزَّقها. ومنه المخلب وقيل للمنجل المخلب.
الخبير: النبات؛ ومنه قيل للوبر خبير. قال النجم:
حتى إذا ما طار مِن خَبِيرِها
ونظيره الشكير.
نستعضده البرير: أي نأخذه من شجره فنأكله للجدب، من العضد، وهو القطع.
الاستخالة: أن تظنه خيقاً بالإمطار.
والاستحالة: النظر.
والاستجالة: أن تراه جائلا. يعني أنا لا نستمطر إلا الرهام وهي ضعاف الأمطار؛ جمع رهمة، ولا ننظر إلا إلى الجهام.
النطاء؛ من النطي، وهو البعيد. قال العجاج:
وبَلْدةٍ نِيَاطُها نَطِيُّ
المدهن: نقرة في صخرة يستنقع فيها الماء. وهو من قولهم: دهن المطر الأرض؛ إذا بلَّها بلا يسيرا. وناقة دهين: قليلة اللبن.
الجعثن: أصل النبات.
الأملوج:
واحد الأماليج، وهو ورق؛ كأنه عيدان يكون لضرب من شجر البر، وقيل:
الأملوج: نوى المقل. والملج مثله - وروى: وسقط الأملوج من البكارة؛ أي هزلت
البكارة فسقط عنها ما علاها من السمن برعي الأملوج. فسمى السمن نفسه ألوجا
على سبيل الاستعارة، كقوله يصف غيثا:
أقبلَ في المسْتَنِّ مِنْ رَبَابه ... أَسْنَمِةُ الآبَالِ في سَحَابِه
العسلوج: الغصن الناعم؛ ومنه قولهم: طعام عسلوج.
الهديّ:
الهدى، وقرئ: " والهدى معكوفا " ؛ وأراد الإبل، فسماها هديا؛ لأنها تكون
منها؛ أو أراد هلك منها ما أعد لأن يكون هديّا، واختير لذلك.
الودى: الفسيل.
العنن: الاعتراض والخلاف؛ أي برئنا من أن نخالف ونعاند، قال ابن حلزة:
عَنَناً باطِلاً وظُلْماً كما تُعْ ... تَرُ عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ
طما وطمّ: إذا ارتفع.
تعار: جبل.
الهمل: المهملة التي لا رعاء لها ولا فيها من يصلحها ويهديها.
ومنه المثل: اختلط المرعى بالهمل؛ أي الخير بالشر، والصحيح بالسقيم.
الأغفال: جمع غفل، وهي التي لا سمة عليها.
البلال: القدر اذي يبلّ.
الوقير: الغنم الكثير. قال أبو عبيدة: لا يقال للقطيع وقير حتى يكون فيه الكلب والحمار.
الرسل:
ما يرسل إلى المرعى، وجمعه أرسال. والرِّسل: اللبن؛ أي هي كثيرة العدد
قليلة اللبن. وقيل: الرَّسل: التفرق والانتشار في المرعى لقلة النبات
وتفرقه.
حمراء: شديدة؛ لأن الآفاق تحمر في الجدب. قال أمية:
وَيْلمّ قومي قَوْماً إذا قُحِط الْ ... قَطْرُ وآضَتْ كأَنّها أَدَمُ
المؤزلة: التي جاءت بالأزل، وهو الضيق، وقد أزلت.
المحض: اللبن الخالص.
المخض: الممخوض.
المذق: الممذوق.
الدَّثر: المال الكثير.
اليانع: المدرك؛ يقال: ينعت الثمرة وأينعت؛ أي بسبب يانع الثمر أو معه.
فجر الثمد: فتحه وإغزاره.
الودائع: العهود، جمع وديع؛ يقال: أعطيته وديعا، وهو من توادع الفريقان؛ إذا تعاهدا على ترك القتال، وكان اسم ذلك العهد وديعا.
وضائع الملك: ما وضع عليهم في ملكهم من الزكوات.
يقال: لطّ وألطّ؛ إذا دفع عن حق يلزمه وستره.
الإلحاد: الميل عن الحق إلى الباطل.
في الحياة: أي ما دمت حيا.
فرضت: هرمت؛ فهي فارض وفريضة.
العارض: التي أصابها كسر، أو مرض.
الفريش: التي وضعت حديثا، قال ذو الرمة:
باتت يُقَحِّمها ذو أزْمَلٍ وسَقَتْ ... له الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيَادِيدُ
والمراد أنا لا نأخذ المعيب منكم؛ لأن فيه إضرار بأهل الصدقة، ولا ذات الدر؛ لأن فيه إضرار بكم. ولكن نأخذ الوسط.
ذو العنان: الفرس.
الرَّكوب: الذَّلول.
الضَّبيس والضَّبس: الصعب، وهو في الأناسي العسر. وهذا كقوله عليه السلام: " قد عفونا لكم عن صدقة الخيل " .
لا يُحيش دركم: أي لا تحشر ذوات ألبانكم إلى المصدّق فتحبس عن المرعى.
الإماق:
تخفيف الإمآق، بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الساكن قبلها وهو الميم،
ومثله قولهم في اقرأ آية: اقرآية حذفت همزة آية، وأُلقيت حركتها على همزة
اقرأ. والإمآق من أماق الرجل، إذا صار ذا مأقة، وهي الحمية والأنفة؛ كقولك:
أكأب من الكآبة. قال أبو وجزة:
كانَ الكمِيّ مع الرسول كأنه ... أسَدٌ بمأقَتِهِ مُدِلٌّ مُلْحِمُ
والمعنى:
ما لم تضمروا الحمية، وتستشعروا عبية الجاهلية التي منها ينتج النكث
والغدر. وأوجه منه أن يكون الإماق مصدر أماق على ترك التعويض. كقولهم:
أريته إراء. وكقوله تعالى: (وإقَام الصلاة)؛ وهو أفعل، من الموق بمعنى
الحمق. والمراد إضمار الكفر، والعمل ترك الاستبصار في دين الله، وقد وصف
الله عز وجل في غير موضع من كتابه المؤمنين بأولي الألباب، والكفار بأنهم
قوم لا يعقلون. وقد قال القائل:
والكَيْسُ أكيَسُهُ التُّقَى ... والحمقُ أحمقُه الفُجُور
وروى - الرماق - وهو مصدر رامقني، وهو نظر الكاشح، والمراد النفاق.
وقيل: هو من قولك: عيش فلان رماق، أي ضيق. قال:
ما زخر معروفك بالرِّماق ... ولا مُؤَاخاتك بالمَذَاقِ
أي ما لم تضق صدوركم عن أداء الحق.
الرباق: جمع ربق، وهو الحبل وأراد العهد.
شبه ما لزم أعناقهم بالربق في أعناق البهم وشبه نقضه بأكل البهمة ربقها وقطعه.
الربوة: الزيادة على الفريضة عقوبة على إبائه الحق.
*
* * خرج صلى الله عليه وآله وسلم - إلى طعام دُعي له، فإذا حسين يلعب مع
صبوة في السكة، فاستنتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمام القوم،
فبسط إحدى يديه، فطفق الغلام يفر هاهنا وهاهنا، ورسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يضاحكه، حتى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذقنه، والأخرى في فأس
رأسه، ثم أقنعه فقبله.
يقال: صبوة وصبية في جمع صبي، والواو هو القياس.
استنتل: تقدم ليأخذه.
فأس الرأس: حرف القمحدوة المشرف على القفا، وربما احتجم عليه.
أقنعه: رفعه. قال الله تعالى: (مُقْنِعي رُءوسِهمْ).
* * * قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبه كيف يشاء.
هذا تمثيل لسرعة تقلب القلوب، وإن ذلك أمر معقود بمشيئته، وذكر الإصبع مجاز كذكر اليد واليمين.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يُصبي رأسه في الركوع ولا يقنعه.
أي
لا يخفضه ولا يميله إلى الأرض؛ من صبا إلى الجارية إذا مال إليها، وقيل:
هو مهموز؛ من صبأ من دينه؛ لأنه إخراج الرأس عن الاستواء. ويجوز أن يكون
قلب يصوِّب وقيل: الصواب لا يصوِّب رأسه.
الإقناع: الرفع؛ وقد يكون التصويب - ومنه رواية من روى: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يقنعه.
*
* * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - لما قدم المدينة مع رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم مهاجراً أخذته الحمى وعامر بن فهيرة وبلالا - قالت عائشة
رضي الله تعالى عنها: فدخلت عليهم وهم في بيت واحد، فقلت لأبي: كيف أصبحت؟
فقال:
كل امرئ مُصَبَّح في أهْلِه ... والموتُ أدْنَى من شِراك نَعْلِه
فقلت: إنا لله! إن أبي ليهذي؛ ثم قالت لعامر: كيف تجدك؟ فقال:
لقد وجدت الموت قبل ذَوْقِه ... والمرء يأتي حَتْفُه من فَوْقِه
كل امرئ مجاهدٌ بِطَوْقه ... كالثور يَحْمِي أنْفَه بِرَوْقِه
فقلت: هذا والله ما يدري ما يقول؛ ثم قلت لبلال: كيف أصبحت؟ فقال:
ألا ليتَ شعري هل أَبيتَنَّ ليلةً ... بفَخٍّ وحولي إذْخِرٌ وجَليل
وهل أَرِدَنْ يوما مِيَاهَ مَجَنَّة ... وهل يبدون لي شَامَةٌ وطَفِيل
قالت:
ثم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته، فقال: اللهم حبب
إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا، اللهم
انقل حمَّاها إلى مهيعة.
مصبَّح: أي مأتي بالموت صباحاً.
من فوقه، أي ينزل عليه من السماء فلا يجدي عليه حذره.
الطوق: الطاقة.
الروق: القرن.
الفخ: واد بمكة.
ومجنَّة: موضع سوق بأسفلها على قدر بريد منها.
وشامه وطفيل: جبلان مشرفان على مجنَّة.
ومهيعة: هي الجحفة، ميقات أهل الشام.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قيل له: إن أختك وزوجها قد صبئا وتركا دينك، فمشى ذامراً حتى أتاهما.
صبأ: إذا خرج من دين إلى دين؛ من صبأ ناب البعير إذا طلع، وصبأ النجم.
ذامراً؛ أي متهدداً، ومنه. أقبل فلان يتذمر. وأصل الذمر الحض على القتال، ومنه الذَّمر، وكان هذا قبل أن يُرزق الإسلام.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - سدرة المنتهى صبر الجنة.
أي جانبها، ومنه ملأ الإناء إلى أصباره. وقال النمر بن تولب يصف روضة:
عَزَبَتْ وباكَرَها الربيع بدِيمَةٍ ... وَطْفَاء تملؤها إلى أَصْبَارِها
قيل له صبر؛ من الصبر وهو الحبس، كما قيل له عدوة، من عداه إذا منعه.
* * * عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه - كان يختضب بالصبيب.
هو ماء ورق السمسم، وقيل شجر يغسل به الرأس إذا صُبَّ عليه الماء صار ماؤه أخضر قال علقمة:
فأوْرَدُتها ماءً كأن جِمامَه ... من الأجْنِ حِنَّاءٌ معاً وصَبِيب
*
* * أبو هريرة رضي الله عنه - رأى قوماً يتعادون، فقال: ما لهم؟ قالوا:
خرج الدجال، فقال كذبة كذبها الصباغون - وروى: الصَّواغون والصَّيَّاغون.
هم
الذين يصبغون الحديث، أي يلونونه ويغيرونه. قال الفراء: أصل الصبغ التغير،
ونقل الشيء من حال إلى حال، ومنه صبغت الثوب، أي غيرته من لون وحاله إلى
حالٍ، سواداً أو حمرةً أو صفرة. ومنه قولهم: صبغوني في عينك، أي غيروني
عندك بالوشاية والتضريب.
والصوّاغون: الذين يصوغونه، أي يزينونه ويزخرفونه بالتمويه. . والصياغ: فيعال من الصوغ، كالديار والقيام.
*
* * واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه - ذكر تخلفه عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، حتى خرج أوائل الناس، قال: فدعاني شيخ
من الأنصار، فحملني، فخرجت مع خير صاحب، زادي في الصبَّة. وخصَّني بطعام
غير الذي أضع يدي فيه معهم.
الصُّبَّة: الجماعة من الناس.
ومنه حديث
شقيق أنه قال لإبراهيم النخعي رحمهما الله تعالى: ألم أُنبأْ أنَّكم
صُبَّتان صُبَّتان، يريد: كنت آكل مع الرفقة الذين صحبتهم، وكان الأنصاري
يخصني بطعام غيره.
وقيل: الصبة ما صببته من الطعام مجتمعا، أي كان نصيبي في الطعام المجتمع عليه وافرا، وكان مع ذلك يخصني بغيره.
وقيل هي شبه السُّفرة.
وقال بعضهم: الصواب على هذا التفسير الصِّنّة " بالنون؛ مفتوحة الصاد أو مكسورتها " .
والمعنى: زادي في السفرة التي كانوا يجتمعون عليها؛ وأُخصُّ بغيره.
* * *
أم
سلمة رضي الله تعالى عنها - خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:
أنا مُصبية مؤتمة، فتزوجها فكان يأتيها وهي تُرضع زينب فيرجع، ففطن لها
عمار - وكان أخاها من الرضاعة - فدخل عليها فانتشط زينب - وروى فاجتحفها،
قال: دعى هذه مصبية: ذات صبيان.
مؤتمة: ذات أيتام؛ وقد أصبت وأيتمت.
انتشط: اجتذب.
واجتحف: استلب؛ من جحفت الكرة واجتحفتها من وجه الأرض.
المشقوحة؛ من المقبوحة كالشقيح من القبيح؛ وقد تقدم.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - كان يعجبهم أن يكون للغلام إذا نشأ صبوة.
أي
ميل إلى الهوى؛ لأنه إذا تاب وارعوى كان أشد لاجتهاده، وأبعد له من العجب
بنفسه، أو لأنه يعرف الشر فلا يقع فيه، ويذهب عنه البله والغفلة.
وعن سفيان الثوري رحمه الله تعالى: من لم يتفتّ لم يحسن أن يتقرأ.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - من أسلف سلفاً فلا يأذن رهنا ولا صبيراً.
هو الكفيل، وصبرت " بالضم " كأزعم وأكفل.
*
* * صبب في " مع " . أساود صُبّا في " سو " . ثم صبَّ في " خي " . بصبر في
" زو " . فأتصبّح في " غث " . فليصطبر في " شز " . صبابة في " حذ " .
الصَّبغاء في " ضب " . بالصبر في " دح " . يصبّها في " صم " . لا أُصبح في "
فر " . ما لم تصطحبوا في " حف " . صُبّة من الغنم في " جز " . صابحها في "
دك " .
* * *
الصاد مع التاء
ابن باس رضي الله تعالى عنهما - إن بني إسرائيل لما أُروا أن يقتل بعضهم بعضاً قاموا صتَّين - وروى: صتيتين.
الصت والصتيت: الفرقة، يقال: تركت بني فلان صتيتين، والقوم صتيتان، وذلك في قتال أو خصومة.
وقيل: هو الصف من الناس. وأصل الصت الصك، ويقال: ما زلت أُصات فلانا؛ أي أُخاصمه.
* * *
الصاد مع الحاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كُفن في ثوبين صُحاريين، وثوب حبرة.
ثوب أصحر وصحاري وملاءة صحراء وصحارية من الصحرة، وهي حمرة خفيَّة كالغبرة. وقيل: هو منسوب إلى صحار؛ قرية باليمن.
الحبرة: ضرب من البرود.
*
* * كتب صلى الله عليه وآله وسلم لعيينة بن حصن كتابا، فلما أخذ كتابه
قال: يا محمد، أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس! هي إحدى
الصحيفتين اللتين كتبهما عمرو بن هند لطرفة والمتلمس إلى عامله بالبحرين في
إهلاكهما، وخيَّلهما أنهما كتابا جائزة. فنجَّى المتلمس عمله على الحزم
وهربه إلى الشام، وسارت صحيفته مثلا في كل كتاب يحمله صاحبه يرجو منه خيرا
وفيه ما يسوءه. ومنه قول شريح رحمه الله:
فََلَيْأتِيَنَّك غادِياً بصحيفة ... نَكْدَاءَ مِثْلِ صحيفةِ المُتَلَمِّس
*
* * عثمان رضي الله تعالى عنه - رأى رجلا يقطع سمرة بصحيرات اليمام، فقال:
ويحك! إن هذا الشجر لبعيرك وشاتك وأنت تعقره! ويحك! ألست ترعى معوتها
وبَّلتها وفتلتها وبرمتها وحُبلتها؟ قال: بلى والله يا أمير المؤمنين؟ ولست
بعائد ما حييت.
صحيرات اليمام: موضع، وهو في الأصل جمع مصغر الصحرة؛ وهي جوبة تنجاب في الحرة، تكون أرضاً لينة تطيف بها حجارة.
واليمام: شجر، وضرب من طير الصحراء.
المعوة: ثمرة النخلة إذا أدركت، فشبه بها المدرك من ثمر السمرة.
وقيل: الصوب بغوتها، وهي ثمرة السمرة أول ما تخرج.
البلَّة: نور العضاه ما دام فيه بلل؛ فإذا تفتل فهو فتلة.
البرمة: واحدة البرم. قال يعقوب: هي هنة مدحرجة. وبرمة كل العضاة صفراء إلا أن العرفط برمته بيضاء. وبرمة السلم أطيب البرام ريحاً.
الحبلة: وعاء الحب، كأنها وعاء الباقلي، ولا يكون إلا للسلم والسمر وفيها الحب، وهي عراض كأنها نصال.
وقال أبو مالك: الحبلة العقد التي تكون في العود؛ منها تخرج النورة.
*
* * ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - لما أتاه قل مروان الضَّحَّاك بمرج
راهط، قام خطيبا، فقال: إن ثعلب ابن ثعلب حفر بالصحصحة؛ فأخطأت استه
الحفرة، والهف أم لم تلدني على رجل من محارب، وكان يرعى في جبال مكة فيأي
بالصرمة من اللبن فيبيعها بالقبضة من الدقيق، فيرى ذلك سداداً من عيش، ثم
أنشأ يطلب الخلافة ووراثة النبوة.
الصحصحة والصحصح: الأرض المستوية. قال الشماخ:
بِصَحْصَحَة تَبِيتُ بها النعامُ
أخطأت استه الحفرة: مثل للعرب تضربه فيمن لم يصب موضع حاجته.
أراد بهذا أن الضَّحَّاك طلب الظفر والتوثب على المنازل الرفيعة فلم ينل طلبته.
والرجل من محارب هو الضَّحاك، لأنه الضحاك بم قيس الفهري، من فهر بن محارب بن مالك بن النضر بن كنانة.
الصِّرمة: الطائفة من اللبن الحامض؛ يريد أنه كان من ركاكة الحال ودناءة العيش بتلك المنزلة، ثم تصدى لطلب علَّيات الأمور.
وكان
معاوية قد استعمل الضحاك على الكوفة بعد زياد، فلما ولى مروان صار الضحاك
مع ابن الزبير، فقاتل مروان يوم المرج؛ مرج راهط؛ فقتله مروان.
وقوله: ثعلب بن ثعلب جعله نبزاً له.
*
* * الحسن رحمه الله تعالى - سأل رجل عن الصَّحْناة، فقال: وهل يأكل
المسلمون الصَّحْناة؟ هي التي يقال لها الصِّير؛ وكلا اللفظين غير عربي.
قال
ابن دريد وأحسبه - يعني الصير - سريانيا معربا؛ لأن أهل الشام يتكلمون به؛
وقد دخل في عربية أهل الشام كثير من السريانية، كما استعمل عرب العراق
أشياء من الفارسية.
* * * في الحديث - الصوم مصحة.
وروى بكسر الصاد؛ وهذا نحو قوله: صوموا تصحوا.
*
* * صحل في " بر " . صحِل في " قح " . صحفتها في " كف " . صحصح في " عب " .
مصحاة في " فق " . فلا تصحريها في " سد " . صويحبه في " أس " . صاحبي في "
رف " . صاحبنا في " حش " . وصحفة في " خر " . مصح في " عو " .
* * *
الصاد مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الصخرة، لو الشجرة، أو العجوة من الجنة.
أراد صخرة بيت المقدس والكرمة، والنخلة.
* * * صخب في " خش " ز صاخّة في " رف " .
* * *
الصاد مع الدال
أبو بكر رضي الله تعالى عنه - سئل ابن عباس عن السَّلَف، فقال أَعَنْ أبي بكر؟ كان والله براً تقيًّا من رجل، كان يصادي غربه.
أي يداري حدته، ويسكن غضبه. قال مزرد:
ظَللناها نُصادِي أمّنا عن حميتها ... كأَهْلِ الشَّمُوسِ كلُّهم يتودَّدُ
عن: تعلق بفعل محذوف؛ أراد التساؤل عن أبي بكر.
من رجل: بيان كقوله تعالى: (مِنَ الأَوْثَانِ).
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - سأل الأسقف عن الخلفاء، فحدَّثه حتى انتهى
إلى نعت الرابع، فقال: دع من حديد. فقال عمر: وادفراه! - وروى: صدأ حديد.
الصَّدع: الوعل بين الوعلين، ليس بالغليظ ولا بالخت. قال الأعشى:
قد يَتْرُكُ الدَّهْرُ في خَلْقَاء رَاسِيةٍ ... وَهْياً ويُنْزِلُ منها الأَعْصَم الصَّدَعا
وإنما يوصف بذلك لاجتماع القوة والخفة له، وقد يوصف به الرجل أيضا.
ومنه
الحديث: قال سبيع بن خالد: قدمت الكوفة فدخلت المسجد، فإذا صدع من الرجال،
فقلت: من هذا؟ قالوا: أما تعرفه؟ هذا حذيفة صاحب رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم.
أي متوسط في خلقه، لا صغير ولا كبير؛ شبهه في خفته في
الحروب، ونهوضه إلى مزاولة صعاب الأمور حين أفضى إليه الأمر بالوعل؛ لتوقله
في شعفات الجبال والقلل الشاهقة. وجعل الصدع من حديد مبالغة في وصفه
بالبأس والنجدة والصبر والشدة.
والهمزة فيمن رواه صدأ بدل من العين؛ كما
قيل أُباب في عباب. ويجوز أن يراد بالصَّدأ السَّهك، وأن تكون العين مبدلة
من الهمزة في صدع، كما قيل: ولله عن يشفيك.
يعني: داوم لبس الحديد
لاتصال الحروب حتى يسهك. والمراد علي رضي الله تعالى عنه وما حدث في أيامه
من الفتن، ومُني به من مقاتلة أهل الصلاة؛ ومناجزة المهاجرين والأنصار،
وملابسة الأمور المشكلة، والخطوب المعضلة؛ ولذلك قال عمر: وادفراه!
والدّفر: النَّتن؛ تضجراً من ذلك واستفحاشاً له.
* * * ابن عبد العزيز
رحمه الله تعالى - قال لعبيد بن عبد الله بن عتبة: حتى متى تقول هذا الشعر!
فقال عبيد الله: لابد للمصدور أن يسعلا.
هو الذي يشتكي صدره، وهو من باب ظهر ومتن وبطن؛ إذا أُصيبت منه هذه المواضع؛ فحقيقة المصدور من أصيب صدره بعلة.
* * * مطرف رحمه الله تعالى - من نام تحت صدف مائل ينوي التوكل فليرم بنفسه من طمار، وهو ينوي التوكل.
هو
كل بناء مرتفع، شبه بصدف الجبل، وهو ما صادفك؛ أي ما قابلك من جانبه. ومنه
صدفا الدُّرة، وهما القشرتان اللتان تكتنفانها من الصَّدف.
عن ابن الأعرابي: طمار: علم للمكان المرتفع؛ يعني أن الاحتراس من المهالك واجب، وإلقاء الرجل بيده إليها والتعرض لها جهل وخطأ عظيم.
* * *
قتادة
رحمه الله تعالى - كان أهل الجاهلية لا يورِّثون الصبي، يجعلون الميراث
ذوي الأسنان؛ يقولون: ما شأن هذا الصَّديغ الذي لا يحترف ولا ينفع، نجعل له
نصيبا من الميراث! قيل: هو الذي أتى له من وقت الولادة سبعة أيام؛ لأنه
إنما يشتد صدغه إلى هذه المدة؛ وهو من لحاظ العين إلى شحمة الأذن.
وقيل هو من قولهم: ما يصدغ نملة من ضعفه، أي ما يقصع.
ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول؛ من صدغه عن الشيء إذا صرفه.
يقال: ما صدغه؟ وعن سلمة: اشتريت سنورا فلم يصدغهون. يعني الفار؛ لأنه لضعفه لا يقدر على شيء؛ فكأنه مصروف عنه.
*
* * عبد الملك - كتب إلى الحجاج: إني قد استعملتك على العراقين صدمةً.
فاخرج إليهما كميش الإزار، شديد العذار، منطوي الخصيلة، قليل الثميلة، غرار
النوم، طويل اليوم.
أي دفعة واحدة.
كميش الإزار: متقلصه؛ من قولهم كمشت الخصية كماشة إذا لحقت بالصفاق، وتقلصت. وفرس كميش: قصير الجردان. قال دريد:
كَمِيش الإزار خارج نِصْفُ ساقِه
فلان
شديد العذار، ومشمر العذار؛ إذا كان معتزما على الشيء الذي فوِّض إليه،
وهو من عذار الدابة، لأنه إذا وهى عذاره سقط عن رأسه وانخلع، فهام على
وجهه.
الخصلية: كل لحمة استطالت، وخالطت عصباً.
وقال الزجاج: الخصائل جملة لحم الفخذين ولحم العضدين.
الثميلة: بقية الطعام والشراب في البطن.
الغرار: القليل؛ استعمله صفة ذهابا إلى المعنى.
طويل اليوم: جاد عامل يومه، ولا يشتغل بلهو.
*
* * أُتي صلى الله عليه وآله وسلم بأسير مصدِّر أزبر، فقال له: أدب فأدبر،
وقال له: أقبل فأقبل. فقال: قاتله الله! أدبر بعجز ذئب، وأقبل بزبرة أسد.
المصدَّر: العريض الصدر؛ ومنه قيل للأسد مصدّر.
والأزبر: العظيم الزبرة؛ وهي ما بين الكتفين.
*
* * الصدمتين في " خي " . صدع في " به " . صدعين في " عو " . في الصدقة في
" ثن " . صدقني في " قه " . صدف في " هد " . صداقاً في " خض " . صداك في "
جز " .
* * *
الصاد مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا
تصرُّوا الإبل والغنم؛ ومن اشترى مصرَّاة فهو بآخر النظرين؛ إن شاء ردها
ورد معها صاعاً من تمر - وروى: صاعا من طعام لا سمراء.
التَّصرية:
تفعيل، من الصرى، وهو الحبس يقال صرى الماء إذا حبسه، ومنه المصراة؛ وذلك
أن يريد بيع الناقة أو الشاة فيحقن اللبن في ضرعها أياما لا يحتلبه ليرى
أنها كثيرة اللبن. قالوا: هذا أصل لكل من باع سلعة، وزينها بالباطل؛ إن
البيع مردود إذا علم المشتري؛ لأنه غش، ويردُّ صاعا من تمر؛ كأنه جعله قيمة
لما نال من اللبن، وفسِّر الطعام بالتمر.
* * * لا يحل لأحد أن يحل صرار ناقة إلا بإذن أهلها؛ فإنه خاتم أهلها عليها.
هو خيط يشد به ضرع الناقة لئلا يدر. ومنه المثل: أثر الصِّرار دون أثر الذيار.
*
* * إن آخر من يدخل الجنة لرجل يمشي على الصراط، فينكب مرة ويمشي مرة،
وتسفعه النار، فإذا جاوز الصراط ترفع له شجرة فيقول: يا رب، أدنني من هذه
الشجرة أستضل بها، ثم تُرفع له شجرة أخرى فيقول مثل ذلك، ثم يسأله الجنة،
فيقول الله جل ثناؤه: ما يصريك مني أي عبدي؟ أ يرضيك أن أعطيك الدنيا
ومثلها معها؟ أي ما يمنعك عن سؤالي؟ قال ذو الرمة:
وَوَدَّعْنَ مُشْتاقا أصْبنَ فؤادَه ... هَواهُنّ إنْ لم يَصْرِه الله قاتِلُهْ
وصرى وصرّ وصرف وصرب وصرم أخوات.
* * * لا صرورة في الإسلام.
هو
فعولة من الصَّرِّ، وهو المنع والحبس؛ وهو الممتنع من التزوج تبتلا فعل
الرهبان، وهو الممتنع من الحج أيضا. والصارورة: لغة؛ ونظيرهما الضرورة
والضارورة.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر المدينة: ومن أحدث
فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة؛ لا يقبل منه صرف
ولا عدل.
الصرف: التوبة؛ لأنه صرف للنفس إلى البر عن الفجور.
والعدل: الفدية؛ من المعادلة.
سوَّى في استيجاب اللعن بين الجاني فيها جناية موجبة للحد، وبين من آوى الجاني ولم يخذله حتى يخرج فيقام عليه الحد.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما تعدّون فيكم الصُّرعة؟ قال: الصُّرعة: الحليم عند الغضب.
هو الصَّريع. وقال يعقوب: هو الذي اشتدّ جدّا فلم يوضع جنبه.
* * *
قال
مالك الجشمي رضي الله تعالى عنه: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
فصعَّد فيّ البصر وصوَّب، ثم قال: أربُّ إبل أنت أم غنم؟ فقلت: من كل آتاني
الله فأكثر واطيب - وروى: وأيطب. قال فتنتجها وافيةً أعينها وآذانها؛
فتجدع هذه فتقول: صربي. وتهنّ هذه فتقول بحيرة؟ ويروى فتجدع هن هذه فتقول:
صربي، وتشق هن هذه فتقول بحيرة - ويروى: فتقطع آذان بعضها فتقول هذه بحر،
وتشق آذان فتقول هذه: صرم؟ صربي: من صرب اللبن في الضرع إذا حقنه لا يحلبه.
وكانوا إذا جدعوها أعفوها عن الحلب إلا للضيف؛ وقيل هي المقطوعة الأذن،
كأن الباء بدل من الميم.
تهن هذه، أي تصيب شيئا منها يعني الأذن، وهو من الهنان بمعنى الهن. قال ابن أحمر:
ثم ارْتمينا بقول بيننا دُوَلٌ ... بَيْن الهَنانَيْن ولا جِدًّا ولا لعبا
أي بين الشيئين.
البحر: جمع بحيرة؛ وهي التي بحر أذنها، أي شقّ.
والصُّرُم: جمع صريمة، وهي التي صرمت أذنها.
* * * دخل صلى الله عليه وآله وسلم حائطاً من حوائط المدينة، فإذا فيه جملان يصرفان ويوعدان، فدنا منهما فوضعا جرنهما.
الصريف: أن يشدَّ ناباً على ناب فيصوِّتا، وهو في الفحولة من إيعاد، وفي الإناث من إعياء، وربما كان من نشاط.
الجران: مقدَّم عنق البعير من مذبحه إلى منحره، أي بركا.
*
* * عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه - أتيت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وهو نائم في ظل الكعبة، فاستيقظ مُحمارًّا وجهه - وروى:
فاحمارَّ وجهه حتى صار كأنه الصِّرف.
هو شجر احمر يُدبغ به الأديم. وقال الأصمعي: هو الذي يُصبغ به شرك النعال، وقد يسمى الدم صرفاً، تشبيهاً به قال:
كُمَيْت غير مُحْلِفةٍ ولكِنْ ... كَلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ به الأَدِيمُ
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كان في وصيته: إن توفيت وفي يدي صرمة ابن الأكوع فسنتها سنة ثمغ.
هي القطعة من الإبل الخفيفة، ولذلك قيل للمقل: المصرم.
ثمغ: مال لعمر كان وقفه، أي سبيلها سبيل هذا المال.
*
* * أبو ذر رضي الله عنه - قال خفاف بن إيماء: كان أبو ذر رجلا يصيب
الطريق، زكان شجاعا يتفرد وحده - ويغير على الصرم في عماية الصبح؛ ثم إن
الله قذف الإسلام في قلبه، فسمع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فخرج إلى
مكة فأسلم.
الصرم: نفر ينزلون بأهلهم على الماء.
العماية: بقية ظلمة الليل؛ قال الراعي:
حتى إذا نَطَقَ العُصْفور وانكشفَتْ ... عَمايةُ الليلِ عنه وهو معتمد
وأضافها إلى الصبح لمقاربتها له، ومنه قولهم: فلان في عماية من أمره.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - قال له رجل: إني رجل مصراد؛ أفأدخل المبولة معي في البيت؟ قال: نعم وادحل في الكسر.
هو الذي يشد عليه الصرد؛ أي البرد، ويقل صبره عليه.
ادحل، أي صر فيه كالذي يصير في الدَّحل، يقال: دَحَل الدَّحل؛ إذا دخله وانقمع فيه؛ وهو هوّضة فيها ضيق ثم يتسع أسفله.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - كان يأكل الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى من طرف الصَّريقة؛ ويقول إنه سنّة.
الصَّريقة والصليقة: الرقاقة.
وقال ابن الأعرابي: العامة تقولها باللام، والصواب بالراء، وتجمع صرائق وصرقا. وقال: كل شيء رقيق فهو صرق.
*
* * أنس رضي الله تعالى عنه - رأيت الناس في إمارة أبي بكر جُمعوا في صردح
ينفذهم البصر، ويُسمعهم الصوت؛ ورأيت عمر مشرفاً على الناس.
الصَّردح: الأرض الملساء.
ينفذهم: يجوزهم - وروى ينفذهم، أي يخرقهم حتى يراهم كلهم.
* * * أبو إدريس الخولاني رحمه الله تعالى - من طلب صرف الحديث ليبتغي به إقبال وجوه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة.
وهو
أن يزيد فيه ويحسنه، من الصَّرف في الدراهم، وهو فضل الدرهم على الدرهم في
القيمة. ويقال: فلان لا يعرف صرف الكلام، أي فضل بعضه على بعض. ولهذا على
هذا صرف، أي شرف وفضل. وهو من صرفه يصرفه، لأنه إذا فضل صرف عن أشكاله
ونظائره، ومنه الصيرفيّ.
* * * عطاء رحمه الله تعالى - كره من الجراد ما قتله الصِّرّ.
هو البرد الشديد، قال الله تعالى: (فيها صِرّ).
* * * في الحديث: في هذه الأمة خمس فتن، وقد مضت أربع، وبقيت واحدة، وهي الصَّيْرم.
هي بمنزلة الصيلم، وهي الدامية المستأصلة.
* * *
الصرفان
في " زو " . لمن صرَّحت في " ذم " . للمصرّين في " قم " . تصرِّرَان في "
وك " . وصرامهم في " نص " . صرمها في " بر " . صردح في " عب " . بصوار في "
نغ " . يصرح في " صو " . والصريف في " هن " . بالصرمة في " صح " . الصرم
في " سط " . الصريد في " حت " . بصرار في " ار " . وصريفها في " لق " .
صرار الأذن في " رج " .
* * *
الصاد مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إياكم والقعود بالصعدات إلا من أدى حقها - وروي: إلا من قام بحقها، وحقها رد السلام، ودلالة الضال.
هي الطرق، صعيد وصعد وصعدات، كطريق وطرق وطرقات.
ومنه الحديث: لو تعلمون ما أعلم لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله.
وأنشد النضر بن شميل:
ترى السُّودَ القِصارَ الزل منهم ... على الصُّعدات أَمثالَ الوِبار
وقيل: هو جمع صعدة، كظلمات في ظلمة. والصعدة من قولهم: أراك تلزم صعدة بابك؛ هي وصيدة وممر الناس بين يديه.
* * * خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صعدة يتبعها حُذاقيٌّ، عليها قوصف، لم يبق منها إلا قرقرها.
يقال للأتان الطويلة الظهر: الصَّعْدة وصَعْدة، وللحمير بنات صعدة، وأولاد صعدة. قال سهم بن أسامة الهذلي:
فذلك يوم لَنْ تَرَى أْمَّ نافع ... على مُثْفَر من وُلْدِ صَعْدَة قَنْدَل
شبهت بالصَّعدة من الرِّماح.
الحذاقي: الجحش.
القوصف: القطيفة.
القرقر: الظهر.
* * * كل صعَّار ملعون - وروى: وضفَّار.
والصَّعَّار: المتكبر؛ الذي يصعِّر خدَّه زهوا.
والصَّقار: النَّمام.
والصَّقر: النميمة.
والضَّفار:
مثله، وهو من ضفر البعير إذا لقمه ضغثاً من الكلأ، لأن النمَّام ينهى من
أضغاث الكلام نحواً من ذلك، أو لأنه يوكل بين الناس.
* * * أبو بكر رضي
الله تعالى عنه - كان يقول في خطبته: أين الذين كانوا يعطون الغلبة في
مواطن الحروب! قد تصعصع بهم الدهر، فأصبحوا كلا شيء، وأصبحوا قد فقدوا؛
وأصبحوا في ظلمات القبور؛ الوحاء الوحاء! النجاء النجاء.
أي صعصعهم الدهر.
والمعنى: فرَّقهم وبدد شملهم؛ ومنه تصعصعت صفوف القوم في الحرب؛ إذا زالت عن مواقفها.
وروى: تضعضع بهم؛ أي أذلهم وجعلهم خاضعين.
الوحاء: السرعة؛ وحى يحى وحاء، إذا أسرع وعجل.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - ما تصعَّدني شيء ما تصعَّدتني خطبة النكاح.
أي ما صعب عليَّ؛ من الصعود وهي العقبة، كقولهم: تكاءده من الكؤود.
ما
الأولى للنفي، والثانية مصدرية؛ أي مثل تصعد الخطبة إياي. قال الجاحظ: سئل
ابن المقفع عن قول عمر؛ فقال ما أعرفه، إلا أن يكون لقرب الوجوه من
الوجوه، ونظرا لحداق في أجواف الحداق، ولأنه إذا كان جالساً معهم كانوا
نظراء وأكفاء، وإذا علا المنبر كانوا سُوقةً ورعيَّة.
* * * كان رضي الله عنه يصيح الصيحة فيكاد من يسمعها يصعق كالجمل المحجوم.
الصعق:
أن يغشى عليه من صوت شديد يسمعه؛ ويقال للوقع الشديد من صوت الرعد تسقط
منه قطعة من نار الصاعقة، وقد صعق الرجل وصُعق، وقد صعقته الصاعقة. وقرئ:
يَصْعَقون، ويُصْعَقُون.
وفي حديث الحسن رحمه الله تعالى: ينتظر بالمصعوق ثلاثاً ما لم يخافوا عليه نتناً.
قيل: هو الذي يموت فجأة.
المحجوم: الذي يجعل في فيه حجام، إذا هاج لئلا يعضّ.
*
* * علي رضي الله تعالى عنه - استكثروا من الطواف بهذا البيت، قبل أن يحال
بينكم وبينه، فكأن برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين قاعدٍ عليهما وهي
تهدم.
هو بمعنى الصَّعْل، وهو الصغير الرأس.
الأصمع: الصغير الأذن.
الحمش: الدقيق.
* * * عمار رضي الله تعالى عنه - لا يلي الأمر بعد فلان إلا كل أصعر أبتر.
أي كل معرض عن الحق ناقص.
*
* * الأحنف رضي الله عنه - قال عبد الملك بن عمير: قدم علينا الأحنف
الكوفة مع المصعب، فما رأيت خصلة تذم إلا وقد رأيتها فيه، كان صعل الرأس؛
متراكب الأسنان، مائل الذقن، ناتئ الوجنة، باخق العين، خفيف العارضين، أحنف
الرجل، ولكنه كان إذا تكلم جلَّى عن نفسه.
الصعل: الصغير الرأس.
يقال: بخق عينيه فبخقت، أي عوَّرها، وقيل أُصيبت عينه بسمرقند. وقيل: ذهيت بالجدري.
الحنف: أن تقبل كل واحدة من الرجلين بإبهامها على الأخرى. وقيل: هو أن يمشي الإنسان على ظهر قدميه، وهو الذي يقول:
أنا ابن الزَّافِرِيَّةِ أَرْضَعَتْنِي ... بَثَدْيِ لا أَحذّ ولا وخيم
أتَمَّتنِي فلم تُنقِص عظامي ... ولا صَوْتي إذا اصطكَّ الخصومُ
قالوا: يريد بعظامه أسنانه.
يقال:
جلَّى عن الشيء، إذا كان مدفونا فأظهره وكشف عنه، يعني أنه إذا تكلم أظهر
بكلامه محاسن نفسه التي لا تتوقع من مثله في صورته المقتحمة، وروائه
المستهجن.
* * * كان رضي الله عنه في بعض حروبه، فحمل على العدو ثم انصرف، وهو يقول:
إنَّ عَلَى كلّ رئيس حَقاًّ ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدة أوْ تَنْدَقًّا
فقيل له: أين الحلم يا أبا بحر؟ فقال: عند عقد الحبى.
هي القناة التي تنبت مستوية؛ سميت بذلك لأنها تنبت صعداً من غير ميل إلى غير جهة العلو.
الحُبى: جمع حبوة، من الاحتباء " بالكسر والضم " يريد أن الحلم إنما يحسن في السلم.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - ما جاءك عن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فخذْه. ودع ما يقول هؤلاء الصعافقة.
هو
جمع صعفق، وصعفقي؛ وهو الذي يشهد السوق ولا مال له، فإذا اشترى التاجر
شيئا دخل معه فيه؛ أراد أن هؤلاء لا علم عندهم، فشبههم بمن لا مال له من
التجار.
* * * وعنه: أنه سُئل عن رجل أفطر يوماً من رمضان، فقال: ما
يقول فيه الصعافقة؟ وروى: ما يقول فيه المفاليق؟ وهم الذين يفلقون؛ أي
يجيئون بالفلق، وهو العجب والداهية من جواباتهم فيما لا يعلمون. يقال: أفلق
فلان وأعلق. وجاء بعلق فلق. وكان من مذهبه أن المفطر بالطعام عليه صوم
يومٍ، وأن يستغفر الله ولا كفارة عليه.
* * * صعلة في " بر " . صعنبها في " سخ " . أو مصعبا في " ضع " . صعابيب في " فر " . بصعاليك في " فت " .
* * *
الصاد مع الغين
علي رضي الله تعالى عنه - كان إذا صلى مع صاغيته وزافرته انبسط.
هم الذين يصغون إليه؛ أي يميلون. يقال أكرم فلانا في صاغيته. وعن الأصمعي: صغت إلينا صاغية بني فلان.
والزافرة: الأنصار والأعوان؛ لأنهم يتحملون ما ينوبه؛ من الزفر وهو الحمل.
ومن
الصاغية حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: كاتبت أمية بن خلف
كتابا في أن يحفظني في صاغيتي بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة.
* * *
الصاد مع الفاء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - إذا دخل شهر رضان صفِّدت الشياطين، وفُتحت
أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار. وقيل: يا باغي الخير؛ أقبل، ويا باغي
الشر؛ أقصر.
أي قيدت، ويقال: صَفَده وصفَّده وأصْفَده.
والصَّفْد
والصِّفاد: القيد، ومنه قيل للعطية صفد، لأنها قيد للمنعم عليه، ألا ترى
إلى قول من خرج على الحجاج ثم ظفر به فمنَّ عليه: غلَّ يداً مطلقها، زأرق
رقبة معتقها.
* * * عن البراء ين عازب رضي الله تعالى عنه: كنا إذا
صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرفع رأسه من الركوع، قمنا
خلفه صفوناً، فإذا سجد تبعناه.
كل صافٍ قدميه قائما فهو صافن، والجمع صفون، كساجد وسجود، وقاعد وقعود.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: من سرَّه أن يقوم له الناس صفونا فليتبوأ مقعده من النار، وقد صفن صفوناً.
ومنه حديث مالك بن دينار رحمه الله تعالى: رأيت عكرمة يصلي وقد صفن بين قدميه واضعاً إحدى يديه على الأخرى.
* * * إن أكبر الكبائر أن تقاتل أهل صفقتك، وتبدِّل سنَّتك، وتفارق أمتك.
قال الحسن: فقتاله أهل صفقته أن يعطي الرجل عهده وميثاقه ثم يقاتله.
وتبديل سنَّته أن يرجع أعرابيا بعد هجرته.
ومفارقته أمته أن يلحق بالمشركين.
* * * بلغه صلى الله عليه وآله وسلم أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه يقول: لو وجدت معها رجلا لضربته بالسيف غير مصفح.
يقال: أصفحه بالسيف؛ إذا ضربه بعرضه دون حدِّه فهو مصفح. وضربه بالسيف مصفحاً ومصفوحا.
ويجوز أن يروى: غير مصفح " بفتح الفاء " . فالأول حال عن الضمير، والثاني عن السيف.
وقال رجل من الخوارج: لنضربنكم بالسيوف غير مصفحات.
* * * التسبيح للرجل، والتصفيح للنساء.
هو التصفيق؛ من صفحتي اليدين؛ وهما صفقتاهما، قال لبيد:
كأنَّ مُصَفَّحَاتٍ في ذُراه ... وأنْواحاً عليهنَّ المَآليِ
يعني في الصلاة.
وهذا كما جاء في الحديث: إذا ناب المصلي في صلاته شيء فأراد تنبيههة من بحذائه، فيسبِّح الرجل، وتصفق المرأة بيديها.
* * * نهى في الضحايا عن المصفرة، والبخقاء، والمشيعة.
فسرت
المصفرة في الحديث بالمستأصلة الأذن؛ وقيل هي المهزولة، وأيتهما كانت فهي
من أصفره؛ إذا أخلاه؛ أي أصفر صماخاها من الأُذنين، أو أصفرت من الشحم.
ورواها شمر بالغين، وهي حينئذ من الصَّغار؛ ألا ترى إلى قولهم للذليل: مجدَّع ومصاَّم. ومن ذلك قول كبشة:
فَمَشُّوا بآذَانِ النَّعَامِ المُصَلَّمِ
وهذا وجه حسن.
البخقاء: العوراء.
المشيعة: التي لا تزال تشيِّع الغنم؛ أي تتبعها لعجفها.
*
* * صالح صلى الله عليه وآله وسلم أهل خيبر على أن الصفراء والبيضاء
والحلقة؛ فإن كتبوا شيئا فلا ذمة لهم، فغيَّبوا مسكاً لحيي بن أخطب فوجدوه،
فقتل ابن أبي الحقيق، وسبى ذراريهم.
وفيه: إن كفار قريش كتبوا إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون؛ وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء.
الصفراء والبيضاء: الذهب والفضة. يقال: ما لفلان صفراء ولا بيضاء.
ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: يا صفراء اصفرِّي، ويا بيضاء ابيضِّي، وغرِّي غيري.
الحلقة: الدروع.
المسك:
الجلد، وكان من مال أبي الحقيق كنز يسمى مسك الجمل وهو حُليّ كان في مسك
حمل، ثم في مسك ثور ثم في مسك جمل، يليه الأكبر فالأكبر منهم، وإذا كانت
بمكة عرس استعير منهم؛ وقد قوموه عشرة آلاف دينار.
الخدم: الخلاخيل، الواحدة خدمة؛ وهذا وعيد منهم لهم إن لم يقاتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
*
* * سُئل صلى الله عليه وآله وسلم - عن الاستطابة، فقال: أولا يجد أحدكم
ثلاثة أحجار؛ حجرين للصفحتين، وحجرا للمسربة! الصَّفحتان: ناحيتا المخرج.
المسربة: مجرى الغائط؛ لأنه ممر الحدث ومسيله؛ من سرب الماء يسرب؛ إذا سال.
*
* * عمر رضي الله عنه - قال عبد الله بن أبي عمار: كنت في سفر فسرقت
عيبتي؛ ومعنا رجل يُتَّهم، فاستعديت عليه عمر بن الخطاب وقلت: لقد أردت
والله يا أمير المؤمنين أن آتي به مصفودا، فقال: تأتيني به مصفوداً تعترسه!
فغضب ولم يقض له بشيء.
أي مقيداً.
والعترسة: الأخذ بالجفاء والغلظة.
ويحتمل أن يقضي بزيادة التاء وتكون من العراس، وهو ما يوثق به اليدان إلى العنق، يقال: عرست البعير عرساً.
وقد روى: بغير بينة، وقيل: إنه تصحيف، والصواب تعترسه.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - كان يتزود صفيف الوحش وهو محرم.
هو القديد؛ لأنه يُصفُّ في الشمس حتى يجفَّ. ويقال لما يُصفُّ على الجمر لينشوي صفيف أيضا، قال امرؤ القيس:
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِنْ بين مُنْضِجٍ ... صفيفَ شِواءٍ أو قدير مُعَجَّل
*
* * حذيفة رضي الله تعالى عنه - القلوب أربعة؛ فقلب أغلف، فذاك قلب
الكافر، وقلب منكوس، فذاك قلب رجع إلى الكفر بعد الإيمان، وقلب أجرد مثل
السراج يزهر، فذاك قلب المؤمن، وقلب مصفح اجتمع فيه النفاق والإيمان، فمثل
الإيمان فيه كمثل بقلة يمدها الماء العذب، ومثل النفاق فيه كمثل قرحة يمدها
القيح والدم، وهو لأيهما غلب.
هو الذي له صفحتان، أي وجهان.
* * * شقيق رحمه الله تعالى - ذكر رجلا أصابه الصَّفر، فنُعت له السَّكَر، فقال: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
هو
اجتماع الماء في البطن، يقال: صفر فهو مصفور، وصفر صفراً فهو صفر.
والصَّفر أيضاً: دود يقع في الكبد، وفي شراسيف الأضلاع، فيصفرُّ عنه
الإنسان جدا، ويقال: إنه يلحس الكبد حتى يقتله. قال أعشى باهلة يرثي أخاه:
ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفه الصَّفَر
السَّكر: خمر التمر.
* * * قال رحمه الله تعالى: شهدت صفين، وبئست الصِّفُّون.
فيه وفي أمثاله من نحو فلسطين وقنسرين ويبرين لغتان للعرب: إحداهما: إجراء الإعراب على ما قبل النون، وتركها مفتوحة كجمع السلامة.
والثانية: إقرار ما قبلها على الياء وإعراب النون، كقولك: هذه صفين، ومررت بصفين، وشهدت صفين.
* * * عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه - تسبيحة في طلب حاجة خير من لقوح وصفي في عام أزبة ولزبة.
هي الغريزة، وقد صفت وصفوت.
الأزبة، واللزبة: الشدة.
* * *
الحسن رحمه الله تعالى - قال المفضل بن رالان: سألته في الذي يستيقظ فيجد بلةً، فقال: أما أنت فاغتسلن ورآني صفتاتاً.
هو التارّ الكثير اللحم المكتنز. عن ابن شميل.
* * * في الحديث: صفرة في سبيل الله خير من حمر النعم.
هي الجوعة.
*
* * صفاق في " بج " . والفيّ في " سه " . صافنّاهم، ومصفراسته في " ضل " .
لا صفر في " عد " . صوافّ في " غي " . فأصفحتموه في " فد " . اصطفق في "
فش " . صفاتها في " جم " . وأصفقت في " زف " . والصفن في " دن " . وليصفق
في " قو " . ولا صفق في " ود " . الصفيراء في " خي " . ما صفّ في " دف " .
في صفنه في " سر " . مصفح الرأس في " حم " وفي " شت " . والفقة في " وج " .
صفيره في " ف " .
* * *
الصاد مع القاف
النبي صلى الله عليه وسلم - المرء أحق بصقبه.
أي بقربه، يقال: سبقت داره وصقبت سقباً وصقباً، وقد وصف به ابن الرقيات في قوله:
لا أَمَمٌ دَارُهَا ولا صَقَبُ
والمعنى أن الجار أحقُّ بالشُّفعة.
وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه: كان إذا أُتي بالقتيل قد وُجد بين القريتين حمله على أصقب القريتين إليه.
وفي
هذا دليل على أن أفعل مما يجوز فيه - إذا أضيف - التسوية بين المذكر
والمؤنث؛ وأن الذي قاله ثعلب في عنوان الفصيح: فاخترنا أفصحهن؛ لا غميزة
فيه.
* * * لا يقبل الله من الصقور يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً.
هو مثل الصَّقَّار؛ وقد مر. وقيل: الصَّقر القيادة على الحُرم.
* * * حذيفة بن أُسيد رضي الله عنه - شر الناس في الفتنة الخطيب المصقع والراكب الموضع.
هو
مفعل، من الصَّقع، وهو رفع الصوت ومتابعته؛ ومنه صقع الديك؛ كأنه آلة
لذلك؛ مبالغة في وصفه كمحرب. وقيل: هو الذي يأخذ في كل صقع من الكلام
اقتداراً عليه ومهارة. قال قيس بن عاصم:
خُطَباء حينَ يقومُ قائِلُهُمْ ... بِيض الوُجوه مصاقِعٌ لُسُنُ
الموضع: المسرع الساعي فيها.
* * * في الحديث: إن منقذاً صقع في الجاهلية آمَّةً.
هو الضرب على أعلى الرأس.
الآمة: الشَّجَّة في أُمِّ الدِّماغ.
* * * كالصقر في " حب " . فاصقعوه في " أب " . صقله في " بر " . صقرا في " شع " . صقار في " صع " .
* * *
الصاد مع الكاف
النبي صلى الله عليه وسلم - كان يستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان في الإسلام في صكة عُمَيّ.
هي
الهاجرة، وشرحها في كتاب المستقصي، وكانت هذه الجفنة لابن جدعان يطعم فيها
في الجاهلية؛ وكان يأكل منها القائم والراكب لعظمها. وكان له منادٍ ينادي:
هلم إلى الفالوذ. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ربما كان يحضر طعامه.
* * * في الحديث: الصكيك.
هو
بمعنى الركيك وهو الضعيف، فعيل بمعنى مفعول، من الصَّك وهو الضرب؛ أي
يصصكُّ كثيراً لاستضعافه؛ ألا ترى إلى قولهم للقوي: مصكّ؛ أي يصكُّ كثيراً.
* * *
الصاد مع اللام
النبي صلى الله عليه وسلم - ليس منا من صلق أو حلق - وروى بالسين.
يقال
لق وسلق؛ إذا رفع صوته عند الفجيعة بالميت؛ ومنه خطيب سلاق ومسلاق؛ وقيل
سلق إذا خمش وجهه؛ من قولهم: سلقه بالسوط، وملقه، إذا نزع جلده. والسلق أثر
الدَّبر.
* * * إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب؛ فغن كان مفطراً فليأكل، وإن كان صائماً فليُصلِّ.
أي فليدع بالبركة والخير للمضيف.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " الصائم إذا أكل عنده الطعام صلَّت عليه الملائكة حتى يُمسي " .
وقوله: " من صلى عليَّ صلاة صلت عليه الملائكة عشرا " ن وقال الأعشى:
عليك مثل الذي صَلَّيْتِ فاغْتَمِضِي
أي دعوت؛ يعني قولها:
يا ربِّ جَنِّبْ أبي الأوصاب والوجعا
وقد
تجيء الصلاة بمعنى الرحمة، ومنها حديث ابن أبي أوفى، قال: أعطاني أبي صدقة
ماله، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اللهم صلِّ على
آل أبي أوفى.
وأصل التصلية من قولهم: صلى عصاه، إذا سخنها بالصلاء، وهي النار ليقومها، قال:
فلا تَعْجل بأمْرِك واسْتدِمْه ... فما صلَّى عصاك كمُسْتَدِيم
وقيل
للرحمة صلاة، وصلى عليه الله، إذا رحمه، لأنه برحمته يقوِّم أمر من يرحمه
ويذهب باعوجاج حاله، وأود عمله. وقولهم: صلى، إذا دعا معناه طلب صلاة الله
وهي رحمته، كما يقال حيَّاه الله. وحييت الرجل، إذا دعوت له بتحية الله.
* * * صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.
المراد
صلاة المتطوع القادر على القيام يصليها قاعداً، وأما المفترض فليس له أن
يصلي إلا قائماً لغير عذر، وإن قام به عذر فقعد أو أومى فصلاته كاملة لا
نقص فيها.
* * * إن رجلا شكا إليه صلى الله عليه وآله وسلم الجوع فأتى بشاة مصلية فأطعمه منها.
يقال:
صليته إذا شويته، وأصليته وصلَّيته إذا ألقيته في النار أريد إحراقه، وفي
قراءة حميد الأعرج: (فَسَوْفَ نَصْلِيهِ نَاراً) بالفتح.
وروى بعضهم:
أطيب مضغة صيحانية مصلية أي صليت في الشمس - ورواية الأصمعي وغيره من
الثقات: مصلِّبة، من قولهم: صلبت البسرة، إذا بلغت الصلابة واليبس. وهو من
عود البعير، ونيبت الناقة.
* * * وفي حديث حنين: إنهم سمعوا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد.
يقال صلصل اللجام والرعد والحديد، إذا صوَّت صوتا متضاعفا.
الطَّست يذكر ويؤنث. وقال أبو حاتم: الطست مؤنثة أعجمية.
والجديد:
يوصف به المؤنث بغير علامة، فيقال ملحفة جديد، وعند الكوفيين فعيل بمعنى
مفعول، فهو في حكم قولهم: امرأة قتيل، ودابة عقير، وعند البصريين بمعنى
فاعل كعزيز وذليل، لأنك تقول: جد الثوب، فهو جديد، كعزَّ وذلَّ، ولكن قيل
في المؤنث جديد، كما قال الله تعالى: (إنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ من
المُحْسِنين).
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لو شئت لدعوت بصلاء، وصناب، وصلائق، وكراكر، وأسنمة، وأفلاذ.
الصلاء: الشواءز فعال من صلاه كشواء من شواه.
الصِّناب: الخردل بالزبيب؛ ومنه فرس صنابيّ؛ أي لونه لون الصِّنَاب.
الصلائق: جمع صليقة؛ وهي الرقاقة. قال جرير:
تُكَلِّفُني معيشةَ آل زَيْدٍ ... ومَنْ لِي بالصَّلائِق والصِّنَابِ!
وعن
ابن الأعرابي رحمه الله تعالى: أن الصلائق من صلقت الشاة؛ إذا شويتها؛
كأنه أراد الحملان، والجداء المشوية - وروى السلائق، وهي كل ما سُلق من
البقول وغيرها.
الكراكر: جمع كركرة البعير.
الأفلاذ جمع فلذ؛ وهو القطعة من الكبد.
* * * إن الطبيب من الأنصار سقاه رضى الله عنه لبنا حين طُعن فخرج من الطعنة أبيض يصلد.
يقال: خرج الدم يصلد ويصلت؛ أي يبرق؛ وخرج الدم صلداً وصلتاً، وأنشد الأصمعي:
تُطِيفُ به الحُشّاش يُبْسٌ تِلاعُه ... حِجارَتُهُ من قِلَّةِ الخير تَصْلِدُ
والصليد: البريق. ونحوه من مقلوبه الدليص. ومنه الدرع الدلاص.
*
* * لما قُتل رضي الله عنه خرج عبيد الله ابنه، فقتل الهرمزان وابنة لأبي
لؤلؤة وابنة له صغيرة؛ ثم أتى جفينة، فلما اشرف له علاه بالسيف فصلَّب بين
عينيه. وأنكر عثمان قتله النفر، فثار إليه فتناصيا حجز الناس بينهما؛ ثم
ثار إليه سعد بن أبي وقاص فتناصيا.
أي ضربه على عُرضه حتى صارت الضربة كالصليب.
فتناصيا؛ أي أخذ هذا بناصية ذاك.
وعبيد
الله بن عمر: كان رجلا شديد البطش؛ فلما قُتل عمر جرد سيفه، فقتل بنت أبي
لؤلؤة والهرمزان وجفبنة، وهو رجل أعجمي، وقال: لا أدع أعجميا إلا قتلته،
فأراد علي قتله بمن قتل، فهرب إلى معاوية، وشهد معه صفين، فقُتل.
* * *
في حديث بعضهم - قال: صليت إلى جنب عمر رضي الله عنه، فوضعت يدي على
خاصرتي، فقال: هذا الصلب في الصلاة! كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ينهى عنه.
شبه ذلك بفعل المصلوب في مده يده على الجذع.
* * * علي
رضي الله تعالى عنه - سبق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصلى أبو
بكر، وثلث عمر - رضي الله تعالى عنهما - وخبطتنا فتنة؛ فما شاء الله! * * *
صلى من المصلِّى في الخيل، وهو الذي رأسه عند صلا السابق.
الخبط: الضرب على غير استواء كخبط البعير برجله.
* * * استفتى رضي الله عنه في استعمال صليب الموتى في الدلاء والسفن فأبى عليهم.
هو ما يسيل منها من الودك، والجمع الصُّلُب.
ومنه الحديث: إنه لما قدم مكة أتاه أصحاب الصلب.
أي الذين يصطلبون. والاصطلاب: أن يستخرج الودك من العظام فيأتدم به.
* * * عمار رضي الله عنه - لا تأكلوا الصلور والإنقليس.
الصلور: الجري، والإنقليس: المارماهي.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال في تفسير الصلصال: الصالّ: الماء يقع على الأرض فتنشقُّ فذلك الصَّالّ.
ذهب إلى الصلصلة. والصليل، بمعنى الصوت، يعني الطين الذي يجف فيصل.
* * *
ابن
عمر رضي الله تعالى عنهما - قال في ذي السويقتين الذي يهدم الكعبة من
الحبشة: اخرجوا يا أهل مكة قبل الصيلم، كأني به أُفيحج أُفيدع أُصيلع؛
قائما عليها يهدمها بمسحاته.
الصيلم: فيعل من الصلم؛ وهو الخطب العظيم المستأصل.
الأفدع: المعوج الرسغ من اليد أو الرجل.
*
* * تصلق رضي الله عنه ذات ليلة على فراشه، فقالت له صفية: ما ب يا أبا
عبد الرحمن؟ قال: الجوع، فأمرت بخزيرة فصُنعت، وقال للجارية: أدخلي من
بالباب من المساكين، فقالت: قد انقلبوا. فقال: ارفعوها ولم يذقها.
أي تلوى وتململ؛ يقال تصلق الحوت في الماء وتصلقت الحامل إذا ضربها الطلق فألقت بنفسها على جنبها، مرة كذا ومرة كذا.
*
* * عائشة رضي الله تعالى عنها - قدم معاوية المدينة فدخل عليها، فذكرت له
شيئا فقال: إن ذلك لا يصلح، فقال: الذي لا يصلح ادعاؤك زياداً. فقال شهدت
الشهود، فقال: ما شهدت الشهود، ولكن ركبت الصُّليعاء.
أي السوءة أو
الفجرة البارزة المكشوفة؛ تعني رده بذلك الحديث المرفوع الذي أطبقت الأمة
على قبوله، وهو قوله عليه السلام: الولد للفراش وللعاهر الحجر. وسمية لم
تكن لأبي سفيان فراشاً.
وكل خطة مشتهرة تسميها العرب صلعاء. قال:
ولاَقَيْتُ من صَلْعَاء يكبُو لها الفتى ... فلم أَنْخَنِعْ فيها وأوْعَدْتُ منكرا
ومنها الحديث: يكون كذا وكذا ثم تكون جبروة صلعاء.
* * * كعب رحمه الله - إن الله بارك للمجاهدين في صليان أرض الروم كما بارك لهم في شعير سورية.
الصليان: نبات تجذبه الإبل. وتسميه العرب خبزة الإبل، وتأكله الخيل، قال:
ظلَّتْ تلوذ أمس بالصَّرِيم ... وصِلّيانٍ كسِبال الرُّومِ
سورية: هي الشام. والكلمة رومية؛ أي يقوم لخيلهم مقام الشعير في التقوية.
* * * سعيد بن جبير رحمه الله - في الصلب الدية.
يعني إن كُسر.
وقيل إن أُصيب بشيء تذهب به شهوة الجماع؛ لأن المنى مكانه الصلب ففيه الدية.
* * * في الحديث: عُرضت الأمانة على الجبال الصم الصلاخم.
جمع صلخم؛ وهو الجبل الصلب المنيع.
*
* * بصلع في " بج " . وفي " نص " . صلتا في " فر " . صلتهما في " مع " .
الب في " فض " . تنصلت في " نص " . الصلعاء في " حب " . مصلبة في " خب " .
صلامات في " شر " . صلعاً في " طع " . لا يصطلي بناره في " قد " . الصلعان
في " فر " . الصالغ في " نص " . يصلبا في " دق " .
* * *
الصاد مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن لبستين: اشتمال الصَّمَّاء، وان يحتبى الرجل يثوب ليس بين فرجه وبين السماء شيء.
هو أن يجلل بثوبه جسده لا يرفع منه جانبا فيخرج يده؛ ومعنى النهي أنه لا يقدر على الاحتراس من شيء بيده لو أصابه.
*
* * عن أسامة رضي الله عنه: دخلت عليه صلى الله عليه وآله وسلم يوم أصمت،
فلم يتكلم، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يصبها عليّ؛ أعرف أنه يدعو لي.
يقال أصمت العليل؛ إذا اعتقل لسانه فهو مصمت. قال أبو زيد: صمت وأصمت سواء، ولم يعرف الأصمعي أصمت. ومثلهما سكت وأسكت. قال:
قَدْ رَابَني أنّ الكَرىّ أسْكَتَا ... لو كَانَ مَعْنِيًّا بها لَهَيَّتا
يصبها عليّ؛ أي يحدرها ويمرها.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - أيها الناس، إياكم وتعلم الأنساب والطعن
فيها؛ والذي نفس عمر بيده لو قلت لا يخرج من هذا الباب إلا صمد ما خرج إلا
أقلُّكم.
هو السيد المصمود؛ فعل بمعنى مفعول، كالحسب والقبض، والصمد: القصد.
* * * ابن عباس رضي الله عنهما - قال له رجل: إني أرمي الصيد فأصمي وأنمي، فقال: ماأصميت فكُل، وما أنميت فلا تأكل.
الإصماء:
أن تقتله مكانه؛ ومعناه سرعة إزهاق الروح، من قولهم للمسرع صميان.
والإنماء: أن تصيبه إصابة غير مقعصة؛ يقال: أنميت الرمية ونمت بنفسها؛ وهو
من الارتفاع لأنه يرتفع، أي ينهض عن المرمى، ويغيب ثم يموت بعد ذلك، فيهجم
عليه الصائد ميتاً. قال امرؤ القيس:
رُبَّ رامٍ مِنْ بَنِي ثُعَلٍ ... مُتْلِج كَفَّيْهِ في قُتَرِهْ
فهو لا تَنْمِي رمِيَّتُه ... مَالَه لاَ عُدَّ مِنْ نَفَرِهْ
وإنما نهاه عن النامي، لأنه لا يعلم أن موته برمية فربما مات بعارض آخر.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يرى بأساً أن يضحي بالصمعاء.
هي الصغيرة الأذن.
* * *
في الحديث - نظفوا الصماغين. فإنهما مقعد الملكين - وروى: تعهدوا الصوارين فغنهما مقعد الملك.
والصماغان، والصامغان، والصواران: ملتقيا الشدقين. قال:
قَدْ شَان أبناء بني عَتَّاب ... نَتْفُ الصِّمَاغَيْن على الأبْوابِ
وقد أصمغ الرجل، إذا زبب شدقاه.
* * * وصمته في " حب " . صمر في " حت " . صمام في " جب " . أصمختهم في " دي " .
* * *
الصاد مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن قريشا كانوا يقولون إن محمدا صنبور.
الصنبور:
الأبتر الذي لا عقب له، وأصله الصنبور من صنابير النخل، وهي سعفات تنبت في
جذوعها غير مستأرضة، فإذا قلع لم يبق له أثر كما يبقى للنابت في الأرض.
وقيل: أرادوا أنه ناشئ حدث كالسعفة، فكيف تتبعه المشائخ المحنكون! ويمكن أن
يجعل نونه مزيدة؛ من الصبر، وهو الناحية والطرف لعدم تمكنه وثباته.
* *
* أتاه صلى الله عليه وآله وسلم أعرابي بأرنب قد شواه، وجاء معها يصنابها،
فوضعها بين يديه، فلم يأكل، وأمر القوم أن يأكلوا، وأمسك الأعرابي، فقال:
ما يمنعك أن تأكل؟ قال: إني أصوم ثلاثة أيام من الشهر. قال: إن كنت صائما
فصم الغُرّ.
الصِّناب: صباغ الخردل: أراد أيام الغر، فحذف المضاف، وأراد
بالغر البيض، وهي ليلة السَّواء، وليلة البدر، والتي تليها. وأما الغرر
فهي التي أولها غرة الشهر، وقيل: إنما أمره بصومها لأن الخسوف يكون فيها.
* * * العباس صنو أبي.
أي شقيقه الذي أصله أصله، وهو واحد الصنوان، وهي النخلات التي أصلها واحد، ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: عم الرجل صنو أبيه.
* * * اصطنع صلى الله عليه وآله وسلم خاتماً من ذهب - وروى: اضطرب.
أي سأل أن يصنع له أو يضرب، كما يقال: اكتتب؛ أي سأل أن يكتب له.
* * * الخدري رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا توقدوا بليل نارا، ثم قال: أوقدوا واصطنعوا.
أي اتخذوا صنيعاً؛ أي طعاماً تنفقونه في سبيل الله.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - نعم البيت الحمام، يذهب الصنخة، ويذكر النار - وروى الصِّنَّة.
يقال: صنخ بدنه وسنخ؛ إذا درن. والصنخة والسنخة: الدرن.
الصنة: الرائحة الخبيثة في أصل اللحم؛ وأصن إذا أنتن؛ ومنه صنان الآباط.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - كان يتعوذ من صناديد القدر.
هي نوائبه العظام الغوالب؛ وكل عظيم غالب صنديد. يقال: أصابهم برد صنديد، وريح صنديد؛ وقال ابن مقبل:
عفته صناديد السِّماكين وانتحت ... عليه رياح الصيف غُبْرا مجاوله
يريد الأمطار العظام الغزار.
* * * صنفة في " دح " . صناب في " صل " . صناديد في " عظ " .
* * *
الصاد مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال: يطلع من تحت هذا الصور رجل من أهل الجنة؛ فطلع أبو بكر.
هو من النخل كالصوار من البقر، أي الجماعة.
ومنه
حديثه صلى الله عليه وآله وسلم أنه أتى امرأة من الأنصار فرشت له صوراً،
وذبحت له شاة، فأكل منها ثم حانت العصر، فقام فتوضأ، ثم صلى الظهر ثم أتى
بعلالة الشاة، فأكل منها، ثم قام إلى الصلاة فصلى ولم يتوضأ.
وفي قصة
بدر: أن أبا سفيان خرج في ثلاثين فارساً حتى نزل بجبل من جبال المدينة،
فبعث رجلين من أصحابه فأحرقوا صورا من صيران الغريض، فخرج رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم في أصحابه حتى بلغ قرقرة الكدر فأغدروه.
يقال لبقية كل شيء: علالة كبقية اللبن في الضرع؛ وبقية جرى الفرس؛ وبقية قوة الشيخ، وأراد هاهنا ما بقي من لحم الشاة.
أغدره وأخدره، إذا تركه خلفه.
*
* * قتل محلم بن جثامة الليثي رجلا من أشجع في أول الإسلام قال لا إله إلا
الله، فلم يتناه عنه حتى قتله، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
فلما مات دفنوه فلفظته الأرض، ثم دفنوه فلفظته فألقوه بين صوحين فأكلته
السباع.
وفي هذه القصة أن الأقرع بن حابس قال لعيينة بن حصن: بم استطلتم
دم هذا الرجل؟ فقال: أقسم منا خمسون رجلا أن صاحبنا قُتل وهو مؤمن؛ فقال
الأقرع: فسألكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تقبلوا الدية وتعفوا
فلم تقبلوا! أقسم بالله لتقبلن ما دعاكم إليه أو لآتين من بني تميم فيقسمون
بالله لقد قتل صاحبكم وهو كافر! فقبلوا عند ذلك الدية.
الصوح: جانب الوادي، وهو من تصوح الشعر إذا تشقق، كما قيل له شقّ من الشقّ.
استلطم؛ من لاط الشيء بالشيء؛ إذا لصق به؛ كأنه كلما استحقوا الدم، وصار لهم ألصقوه بأنفسهم.
أعطى صلى الله عليه وآله وسلم عطية بن مالك بن حطيط الشعلي صاعاً من حرة الوادي.
أي
مبذر صاع: كقولك أعطاه جريباً من الأرض، وإنما الجريب اسم لأربعة أقفزة من
البذر، وقيل: الصاع المطمئن من الأرض. قال المسيب بن علس:
مَرَحَتْ يداها للنَّجَاء كَأَنَّمَا ... تَكْرُو بكَفَّيْ لاعب في صاع
وقال أبو داود:
وكلّ يوم ترى في صاع جُؤْجُؤها ... تطلبه أيد كأيدي المعشر الفَصَدَهْ
أي في مكان جؤجؤها؛ ويقال للبقعة الجرداء صاعة، ويقولون لطارق الصوف: اتخذ لصوفك صاعة؛ أي مكانا مكنوسا أجرد.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مطر قال: اللهم صيباً نافعاً - وروى سيبا.
هو فيعل من صاب يصوب. قال الله تعالى: (أو كَصَيّبٍ مِنَ السَّمَاء). والسيب: العطاء؛ وهو من ساب يسيب؛ إذا جرى. والسيب: مجرى الماء.
*
* * العباس رضي الله تعالى عنه - كان رجلا صيتاً، وإنه نادى يوم حنين
فقال: يا أصحاب السمرة، فرجع الناس بعد ما ولوا حتى تأشبوا حول رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم؛ حتى تركوه في حرجة سلم، وهو على بغلته، والعباس
يشتجرها بلجامها.
وروى عن العباس رضي الله عنه أنه قال: إني لمع رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين آخذ بحكمة بغلته البيضاء وقد شجرتها
بها - وروى وقد شنقتها بها.
الصيت: فيعل؛ من صات يصوت؛ إذا اشتد صوته.
تأشبوا: التفوا؛ من أشب الشجر - وروى تناشبوا.
الحرجة: الشجراء الملتفة. قال:
أيا حَرجَات الحيّ يوم تَحَمَّلوا ... بذي سَلَمٍ لاَجادَكُنَّ ربيعُ
السلم من العضاه: الشجر. والاشتجار: الكف والإمساك؛ من الشجار وهو الخشبة التي توضع خلف الباب لأنها تمسكه.
والشنق: نحوه.
في متعلق حتى الثانية وجهان: أن يكون متعلق الأولى وتكون هي بدلا منها، وأن يكون تأشبوا فيكون لكل واحدة متعلق على حدة.
آخذ:
خبر ثان لإن، ولو نصب على الحال على أن يكون العامل فيه ما في مع من الفعل
لكان وجها عربيا؛ كأنه قال: إني لفي صحبته يوم حنين آخذاً.
تركوه: بمعنى جعلوه.
*
* * سلمان رضي الله تعالى عنه - كان إذا أصاب الشاة من الغنم في دار الحرب
عمد إلى جلدها فجعل منه جراباً، وإلى شعرها فجعل منه حبلاً. فينظر رجلا قد
صوَّع به فرسه فيعطيه.
صوع الفرس إذا جمح رأسه، من تصويع الطائر وهو
تحريكه رأسه حركة متتابعة؛ ويقال: رأيت فلانا يصوع رأسه لا يدري أين يأخذ
وكيف يأخذ. قال:
قطعناه والحِرْباء في غَيْطَل الضُّحَى ... تراه على جَذَلٍ منيف مُصَوَّعا
*
* * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - إن للإسلام صوى ومنارا كمنار الطريق
هي أعلام من حجارة في المفاوز المجهولة؛ الواحدة صوَّة. قال:
ودوّية غَبْرَاء خاشعة الصُّوَى ... لها قلب عفّى الحياض أجون
*
* * ابن عباس رضي الله عنهما - سُئل: متى يجوز شري النخل؟ قال: حين
يصوِّح. أي يقشح؛ شبه ذلك بتصويح البقل؛ وذلك إذا صارت بقعة منه بيضاء
وبقعة فيها ندوة - وروى: يصرِّح، أي يستبين صلاحه.
* * * أين عمر رضي الله تعالى عنهما - إني لأُدني الحائض وما بي إليها صورة إلا ليعلم الله أني لا أجتنبها لحيضها.
هي المرة من الصور، وهو العطف، يقال: صار إليه صوراً، قال لبيد:
مِنْ فَقْدِ مَوْلىً تَصُورُ الحَيَّ جَفْنَتُه
أي ما بي شهوة تصورني إليها.
ومنه حديث مجاهد رحمه الله تعالى: أنه نهى عن أن تصور شجرة مثمرة.
أي تميلها لأنها تصفّر بذلك ويقل ثمرها.
وعن الحسن رحمه الله تعالى، أنه ذكر العلماء فقال: تتعطف عليهم قلوب لا تصورها الأرحام.
إنما قرَّب الحائض إظهاراً لمخالفة المجوس في مجانبتهم الحَّيض.
عكرمة رحمه الله تعالى - حملة العرش كلهم صورٌ.
جمع أصور، وهو المائل العنق؛ قال أمية:
شَرَجَعاً ما يناله بصر العين ... ترى دونه الملائك صُوَرا
في الحديث: من أراد الله به خيراً يصب منه.
أي ينل منه بالمصائب.
* * *
انصاع
في " سه " . صيت في " فخ " . الأصواء في " هض " . صيرتين في " سر " .
الصواغون في " صب " . بصوار في " نغ " . الصوارين في " صم " . منصاح في "
دب " . الصوار في " سل " . أصاول وأصول في " حو " .
* * *
الصاد مع الهاء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - قال في الملاعنة: إن جاءت به أُصيهب أُثيبج،
حمش الساقين فهو لزوجها؛ وإن جاءت به أورق، جعدا جماليا خدلَّج الساقين،
سابغ الإليتين؛ فهو للذي رميت به.
الأصيهب: الذي في شعر رأسه حمرة.
الأُثيبج: الناتئ الثبج.
الحمش: الدقيق. الأورق: الآدم.
الخدلج: الخدل، أي الضخم. الجمالي: العظيم الخلق كالجمل. قال الأعشى:
جُمَالّية تَغْتَلي بالرِّدَاف
قالت
شموس بنت النعمان رضي الله عنها:رأيته صلى الله عليه وآله وسلم يؤسس مسجد
قُباء، فكان ربما حمل الحجر العظيم فيصهره إلى بطنه، فيأتيه الرجل ليحمله ،
فيقول: دعه واحمل مثله.
أي يدنيه إليه؛ يقال: صهره وأصهره: أدناه؛ ومنه المصاهرة.
*
* * علي رضي الله تعالى عنه - بعث العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث
ابنيهما الفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة يسألانه أن يستعملهما على
الصدقات فقال علي: والله لا يستعمل منكم أحد على الصدقة. فقال بيعة: هذا
أمرك! نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم نحسدك عليه؛ فألقى
عليٌّ رداءه ثم اضطجع عليه. فقال: أنا أبو الحسن القرم؛ والله لا أريم حتى
يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحلُّ لمحمد ولا لآل محمد.
الصهر: حرمة التزويج.
وقيل: الفرق بين النسب والصهر أن النسب ما رجع إلى ولادة قريبة والصهر خلطة تشبه القرابة.
القرم: السيد. وأصله فحل الإبل المقرم؛ يقال: أقرم الفحل؛ إذا ودَّعه صاحبه من الحمل والركوب للفحلة. قال:
فحزّ وظِيف القَرْم في نصف ساقه ... وذاك عِقال لا ينّشط عاقلُه
الحور:
الجواب؛ يقال كلمته فما ردَّ إلى حور أو حويرا. وقيل: أراد الخيبة؛ من
الحور الذي هو ارجوع إلى النقص في قولهم: الحور بعد الكور.
* * * الأسود بن يزيد رحمه الله تعالى - كان يصهر رجليه بالشحم وهو محرم.
أي يدهنهما بالصَّير؛ وهو الشحم المذاب؛ كقولك: شحمته، إذا دهنته بالشحم.
* * * صهيل في " غث " . صهل في " برم " .
* * *
الصاد مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر فتنة تكون في أقطار الأرض؛ فقال: كأنها صياصي بقر.
جمع
صصية، وهي القرن؛ سميت بذلك، لأن البقرة تتحصن بها، وكل ما يُحصَّن به فهو
صيصية؛ والكلمة من مضاعف الرباعي؛ فاؤه ولامه الأولى مثلان صادان، وعينه
ولامه الأخرى مثلان ياءان: شبه الرماح التي تشرع فيها وما يشبهها من سائر
السلاح بقرون بقر مجتمعة، قال:
وَأَصدرتهم شَتَّى كَأَنَّ قِسِيَّهم ... قرون صُوارٍ ساقطٍ متغلّبِ
ما
من أمتي أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة، قالوا: وكيف تعرفه يا رسول الله
في كثرة الخلائق؟ قال: أ رأيت لو دخل صيرة فيها خيل دُهم، وفيها فرس أغرّ
محجّل، أَما كنت تعرفه منها! قال: فإن أمتي غرّ محجلون من الوضوء.
هي حضيرة تتخذ للدواب من الحجارة وأغصان الشجر. قال الأخطل:
واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً ... من الحَبَلَّقِ تُبْنَى حَوْلَهَا الصِّيَرُ
والصيرة
على مذهب الأخفش لا تكون إلا من الياء؛ وسيبويه يجوز الأمرين؛ فإن كانت من
الياء فهي من الصيرورة؛ لأن الدواب تأوى إليها وتصير؛ وإن كانت من الواو
فلأنها تصار إليها؛ أي تمال رواحاً.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله عنه: أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة؛ تذود عنه الرجال، كما يذاد البعير الصَّاد.
هو
الصيد في الأصل؛ كقولهم خاف أصله خوف، وهو الذي به صيد، داءٌ يأخذ في
الرأس لا يقدر من أجله أن يلوي عنقه، وبه شبه المتكبر، فقيل له: أصيد.
ويجوز أن يروي بكسر الدال؛ ويكون فاعلاً من الصَّدى؛ وهو العطش.
* * *
علي رضي الله عنه - وطئت امرأة صبياً مولدا؛ فدخشته، فشهدت نسوة عنده أنها
قتلته، فأجاز شهادتهن، فلما رأت المرأة جزعت، فقال لها: أنت مثل العقرب؛
تلدغ وتصئ أي تصيح وتضج. قال العجاج:
لهنّ من شَبَاته صَيِّءُ
* * *
أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه - قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاور أبا بكر يوم بدر فصاف عنه.
أي عدل بوجهه عنه ليشاور غيره، من قولك: صاف السهم عن الهدف يصيف.
سليمان بن عبد الملك - قال عند موته:
إن بَنيّ صِبْية صَيْفِيُّون ... أفْلَح من كان له رِبْعِيّونْ
أي
ولدوا على الكبر من صيفية النتاج، والربعيون: الذين ولدوا له في حداثته من
ربعية النتاج، وإنما قال ذلك، لأنه لم يكن في أبنائه من يقلده العهد بعده.
* * * بين صيرتين في " سر " . الصير في " صح " . كالصياصي في " سو " .
=====
الفائق في غريب الحديث و الأثر
حرف الضاد
الضاد مع الهمزة
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - قال له رجل وهو يقسم الغنائم: إنك لم تعدل في
القسم، فقال عليه السلام؛ ويحك! فمن يعدل عليك بعدي، ثم قال: سيخرج من ضئضئ
هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم
من الرمية.
أي من أصله، يقال: هو من ضئضئ صدق. وضؤضؤ صدق. وبؤبؤ صدق. وحكى بعضهم ضئض بوزن قنديل. وأنشد الحفص الأموي:
أكرم ضِنْء وضئضئِ غُرُسا ... في الحي ضئضيئها ومضَاؤها
إن
إسرافيل عليه السلام له جناح بالمشرق، وجناح بالمغرب، والعرش على جناحه،
وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة الله تعالى حتى يعود مثل الوصع..
أي يتصاغر، يقال تضاءل الشيء إذا صار ضئيلا، وهو النحيف الدقيق.
الوصع: الصغير من النغران، وقيل: طائر شبيه بالعصفور في صغره.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - قال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه:
رج رجل من الإنس، فلقيه رجل من الجن فقال: هل لك أن صارعني فإن صرعتني
علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان؟ فصارعه فصرعه الإنسي،
فقال: إني أراك ضئيلا شخيتا، كأن ذراعيك ذراعا كلب، أفهكذا أنتم أيها الجن؟
كلكم، أم أنت من بينهم؟ فقال: إني منهم ضليع فعاودني، فصارعه فصرعه
الإنسي، فقال: تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيته إلا خرج
الشيطان وله خبج كخبج الحمار. فقيل لعبد الله: أهو عمر؟ فقال: ومن عسى أن
يكون إلا عمر! الضئيل: النحيف الدقيق، ومنه قيل للأفعى ضئيلة، والشخيت
مثله. وقد فُعل فُعولة فيهما. والضليع: المجفر الجنبين، الوافر الأضلاع،
وقد ضلع لاعة.
الخبج، والحبج: الضرط.
كلكم: تأكيد لأنتم لا لصفة أي، أراد أم أنت من بينهم هكذا؟ فحذف الخبر لدلالة الكلام.
إلا
عمر، بالرفع، بدل من محل من، ومحله الرفع على الابتداء، وهو استثناء من
غير موجب لتضمن من معنى الاستفهام، كأنك قلت: هل أحد مطموع منه في الصرع
إلا عمر؟ وأراد: عسى أن يكونه، أي أن يكون الإنسي الصارع، فحذف لكونه
معلوما.
* * * شقيق رحمه الله تعالى - مثل قرَّاء هذا الزمان كمثل غنم
ضوائن ذوات صوف، عجاف، أكلت من الحمضي، وشربت من الماء حتى انتفجت، أو
انتفخت خواصرها، فمرت برجل فأعجبته، فقام إليها، فغبط منها شاة فإذا هي لا
تنقى، ثم غبط منها أخرى فإذا هي لا تنقى، فقال: أفٍّ لك سائر اليوم! هي جمع
ضائنة.
الانتفاج والانتفاخ، بمعنى.
تنقى، من النقي وهو المخ، أي فإذا هي مهزولة.
الغبط: الجس - وروى عبط، أي ذبح.
* * *
الضاد مع الباء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - إن رجلا أتاه، فقال: يا رسول الله، قد أكلتنا
الضبع فقال: غير ذلك أخوف عندي، أن تصبَّ عليكم الدنيا صبًّا.
مثل إهلاك
السَّنة بأكل الضبع. والضبع والذئب مما يمثلون به السَّنة والجوع، لأنهما
يعدوان على الناس عدوانهما. وفسر الذئب في قول أبي ذؤيب:
مَنْ ساقَه السَّنة الحَصَّاء والذِّئْبُ
بالجوع.
طاف صلى الله عليه وآله وسلم مضطبعا.
يقال: اضطبع بالثوب، إذا جعله تحت إبطه وترك منكبه مكشوفا، وهو افتعل، من الضَّبع.
*
* * ذكر صلى الله عليه وآله وسلم قوما يخرجون من النار ضبائر، فيُطرحون
على نهر من أنهار الجنة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل رأيتم الصبفاء؟ أو كما تنبت التغاريز أو
الثعارير.
أي جماعات، جمع ضبارة كعمارة وعمائر من الضبر وهو الجمع والضم.
الحبة: بزور الصحراء - عن الفراء.
وقال ابن دريد: ما تساقط من بزر البقل، وأما الحنطة ونحوها فحبّ لا غير.
وقيل: هي جمع حب كثور وثيرة، وشيخ وشيخة.
الصبغاء:
الطاقة من النبت إذا طلعت كان ما يلي الشمس من أعاليها أخضر، وما يلي
أبيض؛ من الأصبغ وهو الدابة التي ابيضت ناصيتها، والأنثى صبغاء، ومن المعزى
الذي ابيض طرف ذنبه. وبيانه في حديث آخر: فينبتون كما تنبت الحبة في حميل
السيل، ألم تروها ما يلي الظل منها أصيفر أو أبيض، وما يلي الشمس منها
أخيضر! التغاريز: جمع تغريز، وهو ما حوِّل من الفسيل وغيره فغرز، ومثله
التنوير والتنبيت في النور والنبت. قال عدي:
ومَجودٍ قد اسْجَهَرَّ ... تناوِير كلون العُهون في الأعْلاَقِ
والثعارير: الثآليل؛ الواحد ثعرور.
* * * أعوذ بالله من الضبة في السفر، والكآبة في المنقلب.
الضُّبْنة
والضَّبِنة: عيال الرجل، لأنهم في ضُبنة، وخص السفر لأنه مظنة الإقواء،
وقيل هم الذين لا غناء فيهم لا كفاية من الرُّفقاء؛ إنما هم كلٌّ على من
يرافقونه، وقيل: هي الضمنة؛ أي الضمانة، يقال: كانت ضمنة فلان تسعة أشهر.
*
* * في قصة إبراهيم عليه السلام وشفاعته يوم القيامة لأبيه - قال: فيمسخه
الله ضبعانا أمجر ثم يدخل في النار - وروى: ضبعانا أمدر - وروى: فيحوله
الله ذيخاً - وروى: فإذا هو عيلام أمدر.
وعن الحسن رحمه الله تعالى: أنه
ذكر هو وعبد الله بن شقيق العقيلي حديث إبراهيم عليه السلام، فقالا: يأتيه
أبوه يوم القيامة، فيسأله أن يشفع له، فيقول له: خذ بحجزتي فيأخذ بحجزته،
فتحين من إبراهيم التفاتة إليه، فإذا هو بضبعان أمدر؛ فينتزع حجزته من
يديه، ويقول: ما أنت بأبي! الضبعان: الذكر من الضباع؛ وكذلك الذيخ
والعيلام. قال:
تمد بالعَلْبَاء والأَخَادِع ... رأسا كعيلام الضِّبَاع الضَّالِع
الأمجر
والأمدر: العظيم البطن. والأمدر؛ من قولهم عكرة مدراء وبطحاء؛ أي ضخمة
عظيمة على عدد المدر، وقيل الأمدر الأغبر، ويقال للضبع مدراء وغبراء.
* *
* عمر رضي الله تعالى عنه - إن الكعبة كانت تفيء على دار فلان بالغداة
وتفيء هي على الكعبة بالعشيّ، وكان يقال لها رضيعة الكعبة، فقال عمر: إن
داركم قد ضبنت الكعبة، ولابد لي من هدمها.
أي عزَّتها بيئها وطالتها،
فأصبحت منها بمنزلة ما يجعله الإنسان في ضبنه، ومنه قولهم: ضبن عنا الهدية،
ويجوز أن يكون من ضبنه إذا أزمنه، ورجل مضبون. قال مزرد:
لولا بنو سَعْد ورهطُ ابن باعثٍ ... قرعتُك بين الحاجبين وقاعِ
فَتُصْبِحُ كالزَّبَّاء تَمْرِي بخُفِّها ... وقد ضَبِنتها وَقْرَةٌ بكُراعِ
والمعنى غضَّت منها، وأضعفت أبهتها وجلالة شأنها.
*
* * سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه - حبس أبا محجن في شرب الخمر،
فلما التقى الناس يوم القادسية قال أبو محجن لامرأة سعد: أطلقيني، ولك الله
عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القد، فحلته، فوثب على فرس
لسعد يقال لها البلقاء فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم، وجل سعد
يقول: الضبر ضبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن! فلم هُزم العدو رجع حتى وضع
رجله في القيد، فلما رجع سعد أخبرته امرأته بما كان من أمره، فخلى سبيله،
فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ كان يقام عليَّ الحد وأطهر منها؛ فأما إذ
بهرجتني فلا أشربها أبداً.
الضبر: أن تجمع قوائمها وتثبت.
بهرجتني:
أهدرتني بإسقاط الحد عني، يقال: بهرج السلطان دم فلان. ونظر أعرابي إلى
دجلة فقال: إنها البهرج لكل أحد؛ أي المباح، وقيل: البهرجة أن تعدل بالشيء
عن الجادة القاصدة إلى غيرها.
* * * ابن مسعود رضي الله عنه - لا يخرجن أحدكم إلى ضبحةٍ بليل - وروى: صيحة، والمعنى واحد.
يقال ضبح فلان ضبحة الثعلب؛ أي إذا سمع صوتا وجلبة فلا يخرجن لئلا يصاب بمكروه.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنه - كان يُفضي بيديه إلى الأرض إذا سجد، وهما تضبَّان دما.
هو دون السيلان، يعني أنه لم ير الدم الفاطر ناقضاً للوضوء.
أنس رضي الله تعالى عنه - إن الضب ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم - وروى: إن الحباري لتموت.
يريد
أن الله تعالى يحبس المطر بشؤم ذنبه؛ حتى تموت الهوام أو الطير هزالا.
وخصَّ الضب لأنه أطول الحيوان ذماء وأصبرها على الجوع. وفي أمثالهم: اطول
ذماء من الضب أو الحباري، لأنها أبعد الطير نجعة؛ تذبح بالبصرة فتوجد في
حوصلتها الحبة الخضراء، وبين البصرة ومنابت البطم مسيرة أيام وأيام.
شميط
رضي الله تعالى عنه - أوحى الله إلى داود عليه السلام: قل للملأ من بني
إسرائيل لا يدعوني والخطايا بين أضبانهم، ليقوها ثم ليدعوني.
ويروي
بالنون والثاء؛ فهو بالنون جمع ضبثة، على تقدير حذف الثاء؛ كقولهم مؤن جمع
مأنة. والضبثة: القبضة، يقال ضبثه الأسد وضبث به إذا قبض عليه؛ أي وهم
محتقبون للأوزار؛ محتماون لها، غير مقلعين عنها.
* * * ضبوب في " شب " .
الضبيس في " صب " . بضبور في " فش " . في ضبعها في " لو " . ضبس في " كل "
. الضبع في " يت " . وضبح في " تع " . الضبر في " مظ " . ضبنه في " ست " .
* * *
الضاد مع الجيم
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - أقبل حتى إذا كان بضجنان - أو بعسفان لقي
المشركين، فحضرت صلاة الظهر فتذامر المشركون فقالوا: هلاّ كنا حملنا عليه
وهم في الصلاة! ضجنان: جبل بناحية مكة.
ومنه حديث عمر رضي الله عنه: أنه
مر بضجنان، فقال: رأيتني بهذا الجبل أحتطب مرة، وأختبط أخرى على جمال
للخطاب، وكان شيخاً غليظاً؛ فأصبحت بجنبتي الناس، ومن لم يكن يبخع لنا
بطاعة، ليس فوقي أحد.
فتذامروا؛ أي فتلاوموا واستقصروا أنفسهم على
الغفلة وترك الفرصة. يقال: تذمر الرجل؛ لام نفسه على التقصير في الأمر؛ مثل
تذمم. وقد يكون مثل تحاضوا على القتال؛ من ذمر الرجل صاحبه. قال عنتر:
لما رأيت القومَ أقْبَل جَمْعُهمْ ... يَتَذامرون كَرَرْتُ غَيْر مُذَمَّمِ
عسفان: واد.
غليظاً؛ من الغلظة، يعني أنه كان يغلظ عليه في الاستعمال.
بجنبتي؛ أي بجانبي. والجنب والجنبة والجنبة والجنابة واحد؛ يقولون: أنا بجنبة هذا البيت؛ ومروا يسيرن بجنبتيه وجنابتيه.
بخع له بطاعة: إذا أقر له به وأذعن.
* * * انضجعت في " بج " .
* * *
الضاد مع الحاء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - قال سلمة بن الأكوع: غزونا مع رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم هوازن؛ فبينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم نتضحى. جاء رجل على جمل أحمر، فأناخه، ثم انتزع طلقاً من حقبه؛ فقيَّد
به الجمل.
تضحَّى: إذا تغدَّى. والضَّحاء: الغداء.
الطَّلق: قيد من جلود. قال رؤبة يصف حماراً:
مُحَمْلَج أُدْرجَ إدراجَ الطَّلَقْ
الحقب:
الحبل الذي يشد في حقو البعير على الرفادة في مؤخر القتب؛ وكأن الطلق كان
معلقا به فانتزعه منه، وأراد من موضع حقبه وهو مؤخر القتب.
* * * كتب
صلى الله عليه وآله وسلم لحارثة بن قطن ومن بدومة الجندل من كلب: إن لنا
الضَّاحية من البعل، ولكم الضامنة من النخل؛ لا تجمع ارحتكم، ولا تعدّ
فاردتكم، ولا يحظر عليكم البنات، ولا يؤخذ منكم عُشر البتات.
الضَّاحية: التي في البرِّ، والضامنة: التي في القرى.
والبعل: الشارب بعروقه من غير سقي.
السارحة: السائمة؛ يعني لا يجمع بين متفرقها، وقيل: لا تُجمع إلى المصدق؛ ولكن يأتيها فيصدقها حيث هي.
الفاردة: الشاة المنفردة؛ أي لا تُضمّ إلى الشاء فتحتسب معها.
البتات: المتاع.
*
* * قال له صلى الله عليه وآله وسلم العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه:
إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك، فهل ينفعه ذلك؟ قال: نعم، وجدته في غمرات من
النار فأخرجته إلى ضحضاح - وروى: أنه في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه -
وروى: رأيت أبا طالب في ضحضاح من النار، ولولا مكاني لكان في طمطام.
هو في الأصل الماء إلى الكعبين.
والطمطام: معظم ماء البحر.
وفي
حديث أبي المنهل: قال: بلغني أن في النار أودية في ضحضاح، في تلك الأودية
حيات أمثل أجواز الإبل، وعقارب أمثال البغال الخنس؛ إذا سقط إليهن بعض أهل
النار أنشأن به نشطا ولسباً.
الأجواز: جمع جوز؛ وهو الوسط، ومنه قيل للشاة المبيض وسطها جوزاء، وبها سميت الجوزاء.
الخنس: القصار الأنوف.
النَّشط: اللسع باختلاس وسرعة، وكل شيء اختلس فقد انتشط.
اللسب واللسع: أخوان.
نشطا: منصوب بفعل مضمر، أي أنشأن به ينشطنه نشطا؛ فحذف الفعل، ووضع المصدر موضعه. وأنشأ يستعمل استعمال طفق وأخذ.
*
* * إن الناس قحطوا على عهده صلى الله عليه وآله وسلم فخرج إلى البقيع
الغرقد فصلى بأصحابه ركعتين جهر فيهما بالقراءة، ثم قلب رداءه، ثم رفع يديه
فقال: اللهم ضاحت بلادنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا. اللهم ارحم بهائمنا
الحائمة؛ والأنعام السائمة؛ والأطفال المحثلة.
قالوا في ضاحت: هي فاعلت
من ضحى، إذا برزت للشمس، ومعناها كأنها بارت غيرها من البلاد في الضحو
لعدم النبات، وفقد ما يستر أديمها من العشب.
وعندي أنها مما رواه ابن
الأعرابي - وهو الثقة المأمون - قال يقال: ضاحت عظامه؛ إذا تحركت من
الهزال، وبرزت حتى يرى الناظر حجمها. ضيحاً وضيوحاً وضيحاناً. وأنشد:
إما تريْني كالعريش المضْرُوجْ ... ضاحتْ عظامي عن لَقىً مفروجْ
فقد شهدتُ اللهو غير التزليجْ
الحائمة:
التي تحوم حول موارد الماء؛ أي تدور ولا ترد لعدم الماء؛ ويقال: كان عمر
بن أبي ربيعة عفيفاً، يصفُ ويعفّ، ويحوم ولا يرد، قال:
وإنّ بنا لو تعلمين لَغُلَّةً ... إليك كما بالحائماتِ غَليل
المحثل: المهزول لسوء الرَّضاع، يقال: أحثلته أمه، وقد يكون: أن يحثله الدهر بسوء الحال.
* * * يبعث الله السحاب فيضحك أحسن الضحك، ويتحدث أحسن الحديث.
أراد البرق والرعد، وكأنه إنما جعل لمع البرق أحسن الضحك، وقصف الرعد أحسن الحديث؛ لأنهما آيتان حاملتان على التسبيح والتهليل.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أضحوا بصلاة الضحى.
أي صلوها في وقتها، ولا تؤخروها إلى أن يرتفع الضُّحى.
رأى رضي الله عنه عمرو بن حريث، فقال: أين تريد؟ قال: الشام، فقال: أما إنها ضاحية قومك؛ وهي اللماعة بالركبان.
أي ناحية قومك. والضاحية: الناحية البارزة ومنها قريش الضواحي.
اللماعة بالركبان؛ أي تلمع بهم وتدعوهم إليها وتطِّبيهم.
واللمع: الإشارة الخفية.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - في كتابه إلى ابن عباس: ألا ضحِّ رويدا، فكأن قد بلغت المدى.
أي اصبر قليلا واتَّئدْ. وأصله من تضحية الإبل، وهي رعيها ضحاءً على تؤدة في خلال السير.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - رأى محرماً قد استظل، فقال: اضح لمن أحرمت له.
أي ابرز، يقال ضَحِي يَضْحَى، وضَحَى يَضْحى.
*
* * بضاحكة في " أش " . يتضحون في " سر " . في الضحاء في " كي " . الضاحية
من الضحل في " ند " . ضحا ظله في " وج " . ضح في " كل " . أضحيان في " دي "
. الضحى والضبح في " دث " . ضحضاحها في " حن " .
* * *
الضاد مع الراء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن بيع ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعما
في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن بيع الغنائم حتى تقسَّم
وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص.
هي أن يقول: أغوص غوصة فما أخرجته فهو لك بكذا، فنهى عنها لأنها غرر، وكذلك سائر ما ذكر.
مرَّ بي جعفر في ملأ من الملائكة مضرج الجناحين بالدم.
أي مرملها، ومنه ضرج الثوب؛ إذا صبغه بالحمرة خاصة. وعن ابن دريد: ربما استعمل في الصُّفرة.
*
* * قيل له صلى الله عليه وآله وسلم: أ نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال:
أتضارون في رؤية الشمس بغير سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم لا تضارون في
رؤيته - وروى تضارون " بالتخفيف " ، وتضامّون وتضامُون " بالتخفيف والتشديد
" .
أي لا يضار بعضكم بعضا بمعنى لا يخالف، يقال ضاررته؛ إذا خالفته؛ قال الجعدي:
وخَصْمَيّ ضِرار ذَوَيْ تُدْرَأٍ ... متى يَأْتِ سِلْمهما يَشْغَبَا
ولا تضاموا، أي لا يزاحم بعكم بعضا، ولا يقال: أرنيه كما تفعلون في رؤية الهلال، ولكن ينفرد كل برؤيته.
ولا تضاموا من الضيم؛ أي تستوون في الرؤية حتى لا يضيم بعضكم بعضاً، وكذلك لا تضارون من الضير.
*
* * دُخل عليه صلى الله عليه وآله وسلم بابني جعفر بن أبي طالب، فقال
لحاضنتهما: مالي أراهما ضارعين؟ فقالت: تُسرع العين إليهما، فقال: استرقوا
لهما.
أي ضاويين، وقد ضرع الرجل إذا استكان وخضع؛ ضرعاً وضراعة، وضرع مثله.
البيت المعمور الذي في السماء يقال له الضراع، وهو على منا الكعبة.
* * *
وفي
حديث علي رضي الله تعالى عنه - إن ابن الكواء قال له: ما البيت المعمور؟
فقال: بيت في السماء يدعى الضراح، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك على ثكنتهم.
وعن
ابن الطفيل: سمعت عليا رضي الله تعالى عنهما - وسُئل عن البيت المعمور -
فقال: ذاك الضراع؛ بيت بحيال الكعبة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون
إليه حتى تقوم الساعة - وروى عنه رضي الله تعالى عنه: هو بيت في السماء
تيفاق الكعبة - وروى: نتاق الكعبة.
أي مطلٌّ عليها؛ من قوله تعالى:
(وإذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كأنَّهُ ظُلَّةٌ). فيه لغتان:
الضُّراح والضَّريح؛ قال مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: (والبَيْتِ
المَعْمُورِ) هو الضريح، وهو من المضارحة بمعنى المعارضة والمقابلة؛ يقال
ضارح صاحبك في رأيه ونيته قال:
ومبنية تَلْغَي الرواة بذكرها ... قضيت وأجْراها القرين المُضارح
لكونه
مقابلا لكعبة - ومن رواه بالصاد غير المعجمة فقد صحَّف. وسألني عنه بعض
المشيخة المتعاطين لتفسير القرآن وأنا حدث، فطفق يلاجّني ويزعم أنه بالصاد
حتى رويت له بيت المعري:
وقد بلغ الضُّراح وساكنيه ... نَثاك وزار من سكن الضَّريحا
ورأيته كيف قصد الجمع بين الضُّراح والضَّريح ليجنس، فسكن ذلك من جماحه.
على منا الكعبة: ي على قدرها، وقيل بحذائها. يقال: داري منا داره وحيالها وتيفاقها بمعنى.
الثُّكنة: الراية؛ أي يدخلونها برايات لهم وعلامات لهم.
إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصَّوَّام القوام بآيات الله بحسن ضريبته.
هي خلقه وطبيعته. وهي من الضرب كأنها ما ضرب عليه، كما قيل: طبيعته ونحيتته، أي ما طبع عليه ونحت. قال زهير:
ومَنْ ضريبته التقوى ويعصِمُه ... من سَيّئ العثرات الله والرحِمُ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا نادى المنادي أدبر الشيطان وله ضريط.
أي ضراط؛ كنهيق وشحيح في نُهاق وشُجاح.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - عن قيس بن أبي حازم: كان يخرج إلينا وكأن لحيته ضرام عرفج.
هو
لهب النار؛ شبهها في احمرارها لإشباعه إياها بالحناء بسنا نار العرفج.
وخصّ العرفج لأن لهب ناره أسطع إسراع النار فيه - وروى ضرامة عرفج. وهي
الشعلة.
* * * أكل رضي الله عنه مع جل به ضروٌ من جذام.
الضرو "
بالكسر " : الضّاري، ومنه: إن قيساً ضراء الله. جمع ضرو؛ شبهوا بالسباع
الضَّارية في شجاعتهم؛ أي به داء قد ضرى به ولهج لا يفارقه؛ فإن روى بالفتح
فهو من قولك: ضرا الجرح يضرو ضرواً. وعرق ضارٍ، لا ينقطع سيلانه، أي به
قرحة ذات ضرو، ولا تزال تصد، وقرح المجاذيم كذلك، عافانا الله من مثل ما
ابتلاهم به وصبّرهم عليه.
* * * عثمان رضي الله عنه - قال خبيب بن شؤذب:
كان الحمى حمى ضرية على عهد عثمان سرح الغنم ستة أميال، ثم زاد الناس فيه،
فصار خيالٌ بإمَّرة، وخيال بأسود العين.
قال: وحمى الرَّبذة نحو من حمى ضريّة.
ضريّة: اسم امرأة، سمي بها الموضع.
سرح الغنم، أي موضع سرحها.
الخيال: خشبة ينصبونها وعليها ثياب سود ليُعلم أنها حمى.
إمّرة وأسود العين: جبلان. قال:
إِذا غاب عنكم أسْود العين كُنْتُمُ ... كراما وأنتمْ ما أقام لئام
* * * علي رضي الله تعالى عنه - والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في نيطه.
الضرمة:
النار؛ عن أبي زيد. يقال: طعن في نيطه أي في جنازته ومن ابتدأ بشيء أو
أدخل فيه فقد طعن فيه. وقال غيره: طُعن؛ على لفظ ما لم يُسمَّ فاعله.
والنيط: نياط القلب؛ أي علاقته التي يتعلق بها؛ وإذا طُعن مات صاحبه.
* * * نهى رضي الله عنه عن الشرب في الإناء الضاري.
هو الذي ضرى بالخمر؛ فإذا جعل فيه العصير أو النبيذ صار مسكراً. وقيل: هو السائل؛ من ضرا يضرو إذا سال؛ لأنه ينغص الشُّرب على شاربه.
* * * دخل رضي الله عنه بيت المال فأضرط به.
أي استخف به؛ من قولهم: تكلم فلان فأضرط به فلان؛ وهو أن يحكي له بفيه، فعل الضارط هزءًا وسخرية.
* * *
معاذ
رضي الله تعالى عنه - قال للنخع: إذا رأيتموني صنعت شيئاً في الصلاة
فصنعوا مثله؛ فلما صلى بهم أضرَّ بعينه غصن شجرة فكسره؛ فتناول كل رجل منهم
غصنا فكسره، فلما صلى قال: إني إنما كسرته لأنه أضر بعيني، وقد أحسنتم حين
أطعتم.
أي دنا من عيني وركبها؛ يقال أضر فلان بفلان إذا لصق به دنوًّا.
وقال ابن دريد: كل شيء دنا منك حتى يزحمك فقد أضر بك، وسحاب مضرّ إذا كان
مسفًّا. قال الهذلي:
غَدَاةَ المليح يوم نحن كأننا ... غواشي مُضِرٍّ تحت ريح ووابل
قال الأصمعي: شبَّه جيشم بسحاب قد أسف.
* * * سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه - إنه يجزئ من الضَّارورة صبوح أو غبوق.
هي الضرورة. قال ابن الدمينة:
أثيبي أخا ضارورة أصْفَق العِدى ... عليه وقَلَّتْ في الصديق أواصرُه
أي إنما يحل من الميتة للمضطر أن يصطبح منها؛ أو يغتبق، وليس له أن يجمع بينهما.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى نعه - كره الضرس.
هو صمت يوم إلى الليل؛ سمي ضرساً كما سميت الحمية أزماً؛ لأن الصامت يطبق فاه، ويضم بعض أضراسه إلى بعض كالعاض.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - لا تتبع من مضطرٍ شيئا.
هو المضطهد المكره على البيع؛ مفتعل من الضرورة.
*
* * ابن عبد العزيز رحمة الله تعالى - كان عنده ميمون بن مهران فلما قام
من عنده قال: إذا ذهب هذا وضرباؤه لم يبق في الناس إلا رجاجة من الرَّجاج.
جمع ضريب، وهو المثل؛ وكأن أصله من ضريب القداح؛ ثم كثر حتى استعمل في كل نظير.
الرجاج، مثل الرعاع.
*
* * ضرة في " بر " . الضراع في " تب " . الضريب في " حت " . الضريح في "
دج " . ضراء الله في " سوء " . ضرب في " مع " . اضرس في " حب " . ضرس في "
كل " . ضرع في " قف " . ضُرِب كعبه في " ده " . واضطربت في " ضن " . ضريّة
في " نق " . ضرر في " سه " . فضرب في " شز " . إلى ضرس في " لع " . ضرب
الحق في " ذف " . فضرجوه في " أب " . ضرب يعسوب في " عس " . بالمضرج في "
فد " . بضرس في " ذم " .
* * *
الضاد مع الزاي
عمر رضي الله تعالى
عنه - بعث بعامل ثم عزله، فانصرف إلى منزله بلا شيء؟ فقالت له امرأته. أين
مرافق العمل؟ فقال لها: كان معي ضيزنان يحقظان ويعلمان.
يعني الملكين؛
يقال: جعلت فلانا ضيزناً لفلان، وهو أن ترسل بندارا، ثم ضاغطا عليه؛ وهو
الآخذ على يديه دون ما يريده، وهو يَضْزُنُنِي ويَضْزِنُنِي، بمعنى يضبنني؛
أي يحبسني. قال:
إن شَرِيبَيْك لضَيْزِنَانْ ... عند إزاء الحوض مِلْهَزَانْ
عَجّل فأَصدر قبل يُورِدَانْ
والمضازنة في الورد، المزاحمة. ويقال: الجار ضيزان عليك، إذا كان سيئ الخلق.
* * *
الضاد مع الطاء
الضياطرة في " حم " .
* * *
الضاد مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال في غزوة خيبر: من كان مضعفا أو مصعبا فليرجع.
أي ضعيف البعير أو صعبه.
وعن عمر رضي الله تعالى عنه - المضعف أمير على أصحابه.
يعني في السَّفر، لأنهم يسيرون بسيره.
*
* * عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه - قال: قال لي رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: ألا أنبئك بأهل الجنة؟ قلت: بلى! قال: كل متضعف ذي طمرين ل
يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره. ألا أنبئك بأهل النار؟ كل جظّ جعظ
مستكبر. قلت: ما الجظّ؟ قال: الضخم. قلت: ما الجعظ؟ قال: العظيم في نفسه.
تضعفته بمعنى استضعفته؛ أي استضعفه الفقر ورثاثة الحال.
القسم على الله: أن يقول: بحقك يا ربّ فافعل كذا.
قيل
للضخم الجظّ، من جظّه بالغصّة إذا كظه بها؛ أي أشجاه؛ كما قيل له جرائض من
جرض، وللمتعظم الجعظ لذهابه بنفسه، من أجعظ الرجل إذا هرب. قال العجاج:
بالجفرتين أجْعَظُوا إجعاظا
في الحديث: اتقوا الله في الضعيفين.
هما المرأة والمملوك.
* * * فيضعف في " عض " . فتضعفت في " ري " . تضعضع بهم في " صع " . مضعفهم في " كف " .
* * *
الضاد مع الغين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أُهديت له ضغابيس، فقبلها وقبّلها، وأكل منها.
هي
صغار القثاء؛ الواحد ضغبوس. وقال الأصمعي: هو نبت ينبت في أصول الثمام
يشبه الهليون؛ يسلق بالخل والزيت ويؤكل. ويقال لأغصان الثمام والشوك التي
تؤكل ضغابيس، وللرجل الضعيف ضغبوس على التشبيه.
وقيل لعجوز: ما طعامك؟ فقالت: الحار والقار؛ وما وحشت به النار، وإن ذُكرت الضغابيس فإني ضغبة.
أي
مشتهية لها؛ وليس هذا بمشتق منه لأن السين فيه غير مزيدة وإنما هو منه
كسبط من سبطر، ودمث من دمثر، ولا فصل بين حرف لا يزاد أصلا وبين حرف وقع في
موضع غير الزيادة، وإن عُدَّ في جملة الزوائد.
وفي حديث آخر: إن صفوان بن أمية أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضغابيس وجداية.
الجِداية والجَداية: الصغير من الضباء ذكراً كان أو أنثى.
وفي الحديث: لا بأس باجتناء الضغابيس في الحرم.
دعا
صلى الله عليه وآله وسلم على عتبة بن عبد العزى، فقال: اللهم سلِّطْ عليه
كلباً من كلابك، فخرج عتبة في تجرٍ من قريش حتى نزلوا بمكان من الشام؛ يقال
له الزرقاء ليلاً فعدا عليه الأسد من بين القوم فأخذ برأسه فضغمه ضغمة
فدغه.
الضغم: العض بشدة، ومنه الضيغم. الفدغ: الشدخ.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - طاف بالبيت فقال: اللهم إن كتبت عليَّإثماً أو ضغثاً فامحه عني فإنك تمحو ما تشاء وعندك أمُّ الكتاب.
هو
من العمل ما كان مختلطا غير خالص؛ فعل بمعنى مفعول كاذبح والحمل، من ضغث
الحديث إذا خلطه، وأنانا ضغيثة من ناس؛ أي جماعة ملتبسة؛ دخل بعضها في بعض،
ومنه قولهم للحزمة من خلى أو غيره: ضغث، وللأحلام الملتبسة أضغاث.
وفي
حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه أردف غلامه خلفه فقيل له: لو أنزلته
فيسعى خلفك! فقال: لأن يسير معي ضغثان من نار؛ يحرقان مني ما أحرقا أحبُّ
إليّ من أن يسعى غلامي خلفي.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - انتهى عجبي
عند ثلاث: المرء يفرّ من الموت وهو لاقيه، والمرء يرى في عين أخيه القذاة
فيعيبها، ويكون في عينه الجذع لا يعيبه، والمرء يكون في دابته الضغن
فيقوّمها جهده، ويكون في نفسه الضغن فلا يقوِّم نفسه.
هو التواء وعسر في
الدابة، وقد ضغنت ضغناً؛ ومنه الضغن واحد الأضغان، وقناة ضغنة ويها ضغن،
أي عوج، أراد فعلات هؤلاء، فلذلك أنثّ العدد.
* * * الضغث في " لح " . وضغم في " عش " . بالضغث في " غر " . ضاغط في " عر " . ضواغي في " لو " .
* * *
الضاد مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لم يشبع من خبز ولحم إلا على ضفف - وروى: على شظف.
هما
الشدة والضيق. قال الأعرابي: الضفف والحفف والقشف، كلها القلة والضيق في
العيش. وقال الفراء: جاءنا على ضفف وحفف، أي على حاجة، أي لم يشبع وهو رافه
الحال متسع نطاق العيش، ولكن غالبا على عيشه الضيق وعدم الرفاهية. وقيل:
الضفف اجتماع الناس، يقال: ضفّ القوم على الماء يضفُّون ضفَّا وضففاً،
وأنشد الأصمعي لغيلان:
ما زُلْتُ بالعُنْفِ وفوق العنفِ ... حتى اشْفَتَرَّ الناسُ بعد الضَّفِّ
وجاء في ضفة من الناس، أي في جماعة، وكلمتني عند ضفة الحاج. وماء مضفوف: كثرت واردته، أي لم يأكل وحده ولكن مع الناس.
أوتر
صلى الله عليه وآله وسلم بسبع أو تسع، ثم اضطجع ونام حتى سمع ضفيزه، ثم
خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ - وروى: فخيخه وغطيطه وخطيطه - ورواه بعضهم:
صفيره.
ومعنى الخمسة واحد، وهو نخير النائم؛ إنما لم يجدد الوضوء لأنه كان معصوما في نومه من الحدث.
* * * مر صلى الله عليه وآله وسلم بوادي ثمود، فقال: يأيها الناس، إنكم بواد ملعون، من كان اعتجن بمائه فليضفزه بعيره.
وقال
صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه: ألا أن قوما يزعمون
أنهم يحبونك يضفزون الإسلام، ثم يلفظونه، ثم يضفزونه، ثم يلفظونه ثلاثا ولا
يقبلونه.
الضفز: التلقيم، والضفيزة: اللقمة الكبيرة.
ما على الأرض
نقس تموت، لها عند الله خير تُحِبُّ أن ترجع إليكم ولا تضافز الذنيا إلا
القتيل في سبيل الله، فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى.
المضافزة:
الملابسة والمداخلة، فلان يضافز فلانا؛ أي لا يحب معاودة الدنيا وملابستها
إلا الشهيد. وهو عندي مفاعلة؛ من الضَّفْر وهو الأفر.
قال الأصمعي: يقال ضفز يضفز ضفزاً؛ إذا وثب في عدوه، وطفر وأفر مثله؛ أي ولا يطمح إلى الدنيا ولا ينزو إلى العود إليها إلا هو.
إذا زنت الأمة فبعها ولو بضفيز.
هو الحبل المفتول من الشعر.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - سمع رجلا يتعوذ من الفتن، فقال: اللهم إني
أعوذ بك من الظفاطة. فقال له: أتسأل ربك ألا يرزقك أهلا ومالا!
وفي حديثه الآخر: إن اصحب محمد تذاكروا الوتر، فقال أبو بكر: أما أنا فأبدأ بالوتر، وقال عمر: لكني أوتر حين ينام الضَّفطى.
الضفاطة: ضعف الرأي والجهل، وقد ضفط ضفاطة فهو ضفيط، وهم ضفطى، كحمقى ونوكى.
وفي
حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ لو لم يطلب الناس بدم عثمان لرُمُوا
بالحجارة من السماء، فقيل له: أتقول هذا وأنت عامل لفلان؟ فقال: إن فيّ
ضفطات وهذه إحدى ضفطاتي.
الضفطة للمرة؛ كالحمقة.
وعن ابن سيرين رحمه الله أنه شهد نكاحا فقال: أين ضفاتكم؟ أراد الدف؛ لأنه لعب ولهو فهو راجع إلى ما يُحَّمق صاحبه فيه.
وعنه
رحمه الله تعالى أنه كان ينكر قول من قال: إذا قعد إليك رجل فلا تقم حتى
تستأذنه. وبلغه عن رجل أنه أستأذن فقال: إني لأراه ضفيطا.
ذهب عمر رضي الله تعالى عنه إلى قوله تعالى: (إنما أَمْوَالُكُمْ وأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) وكره التعوذ منها.
*
* * علي رضي الله تعالى عنه - نازعه طلحة بن عبيد الله في ضفيرة كان علي
ضفرها في واد، كانت إحدى عدوي الوادي له، والأخرى لطلحة، فقال طلحة: حمل
عليّ السيول وأضرني.
هي المسناة، وضفرها: عملها، من الضفر وهو النسج.
جابر رضي الله تعالى عنه - ما جزر عنه الماء في ضفير البحر فكُلْ.
أي في شطه، وهو الجانب الذي علاه الماء فبطحه.
النخعي رحمه الله - الضافر والملبد والمجمر عليهم الحلق.
الضافر: الذي ينسج قوى شعره.
والملبد: الذي يعمد إلى صمغ أو شيء لزج فيلبد به شعره.
والمجمِّر: الذي يجمع شعره وعقده في قفاه، وهي الجمائر والضفائر.
* * * يضفرونه في " حد " . أو ضفّر في " لب " . ضفَّار في " ضع " . ضفرة في " حظ " . ضفف في " حف " .
* * *
الضاد مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لما نظر إلى المشركين يوم بدر؛ قال: كأنكم يا أعداء الله بهذه الضِّلع الحمراء مقَّتلين.
وفي حديث آخر؛ أنه قال يوم بدر: إن جمع قريش عند هذه الضلع الحمراء من الجبل.
قال
علي رضي الله تعالى عنه: فلما دنا القوم وصافّناهم إذا عتبة بن ربيعة يسير
في القوم على جمل أحمر؛ وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم؛ إني أرى
قوماً مستميتين؛ يا قوم اعصبوها اليوم برأسي، وقولوا جبن عتبة؛ وقد تعلمون
أني لست بأجبنكم، فقال له أبو جهل: والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته، وقد
ملئ جوفك رعباً - وروى: قد ملئ سحرك: فقال له عتبة: وإياي تعني يا مصفِّر
استه! ستعلم أينا اليوم أجبن.
الضَّلع: جبيل مستدق مستطيل؛ يقال: انزل بتلك الضِّلع.
وعن الأصمعي: أنه وجد بدمشق حجر مكتوب فيه: هذا من ضلع أضاخ.
المصافنة: المواقفة في مركز القتال، من الصفون.
المستميت: المقاتل على الموت، ومثله المستقتل. قال حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه:
بكفّي ماجِدٍ لاَ عَيْب فيه ... إذا لقِيَ الكريهةَ مُسْتَمِيتُ
الضمير في اعصبوها للسُّبّة التي تلحقهم بالفرار من الحرب.
السَّحر: الرئة، يقال للجبان: انتفخ سحره. نسب أبا جهل إلى التوضيع والتأنيث بقوله: يا مصفِّر استه. وقد قال فيه بعض الأنصار:
ومِنْ جَهْلٍ أبو جهل أبوكمْ ... غزا بدرا بمَجْمَرَةٍ وتَوْرِ
وقيل: هي عبارة عن الترفه. وهذا مشروح في كتاب المستقصي.
*
* * قال صلى الله عليه وآله وسلم لبني العنبر: لولا أن الله لا يحب ضلالة
العمل ما رزأناكم عقالا. وأُخذت لامرأة منهم زريبة فأمر بها فرُدّت.
ضلالة
العمل: بطلانه وضياعه؛ من قوله تعالى: (ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحيَاةِ
الدُّنْيَا) ما رزأناكم: ما نقصناكم؛ ومن الرجل المرزأ، وهو الذي تقع
النقصانات في ماله لسخائه.
الزريبة: الطنفسة.
أتى صلى الله عليه وآله وسلم قومه فأضلهم.
أي وجدهم ضلاَّلا؛ كأجبنته وأفحمته وأبخلته.
*
* * ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - نازع مروان عند معاوية فرأى ضلع
معاوية مع مروان؛ فقال: أطع الله نطعك؛ فإنه لا طاعة لك علينا إلا في حق
الله، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر.
الضَّلع: الميل؛ وفي أمثالهم: لا تنقش الشوكة بالشوكة؛ فإن ضلعهما معهما.
الأُفعوان: ذكر الأفاعي.
السخبر: شجر. قال حسان:
إنْ تَغْدِرُوا فالغدْرُ منكم شيمة ... واللؤم ينبت في أُصُولِ السَّخْبَرِ
شبهه في المعاداة بالأفعوان المطرق، لأنه يُطرق عند نفث السم. قال تأبط شرا:
مُطرِق يَرْشحُ موتاً كما ... أطرق أفعى ينفث السم صلّ
*
* * فضالة الإبل في " عف " . وضالة في " قع " . ضليع الفم في " شذ " .
لضليع في " ضا " . فاضطلع في " دح " . الضالة في " أو " . أضل الله في " دغ
" .
* * *
الضاد مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من صام يوما في سبيل الله باعده الله من النار سبعين خريفاً للمضمر المجيد.
هو الذي يضمر خيله لغزو أو سباق، وهو أن يظاهر عليها بالعلف حتى تسمن، ثم لا يعلفها إلا قوتاً لتخفّ.
المجيد: صاحب الجياد. قال خداش:
وأبرح ما أدامَ اللهُ قومي ... بحمد الله مُنْتَطِقاً مُجِيداً
ومعناه أن الله يباعده من النار مسافة سبعين سنة بركض المضامير الجياد من الخيل.
كان
لعامر بن ربيعة ابن اسمه عبد الله رضي الله عنهما، فأصابته رمية يوم
الطائف فضمن منها؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمه - وقد دخل
عليها وهي نسء - أبشر بعبد الله خلفاً من عبد الله، فولدت غلاماً فسمته عبد
الله، فهو عبد الله ابن عامر. ضمن الرجل إذا زمن فهو ضمن. ومنه قول عمر
رضي الله عنه: من اكتتب ضمناً بعثه الله ضمناً؛ وهو الرجل يضرب عليه بالبعث
فيتعال ويتمارض ولا مرض به. ويحكى أن أعرابيا جاء إلى صاحب العر فيقال:
إن تكتبوا الضَّمْنى فإني لِضَمْن ... مِنْ داخل القلب وداء مُسْتكن
النسء: الحامل؛ لتأخر حيضها عن وقته.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - من مات في سبيل الله فهو ضامن على الله.
أي ذو ضمان عليه لقوله تعالى: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِه مُهاجِراً إلَى اللهِ وَرَسُولِه...) الآية.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - ضمَّد عينه بالصَّبرِ.
الضَمْد:
العصب والشد، يقال ضمدت رأسه بالضماد، وهي خرقة تُلفُّ على الرأس من قبل
الصداع، واضمد عليك ثيابك وعمامتك؛ أي شدها، وأجد ضمد هذا العدل، أي شده.
ومنه ضمد المرأة، وهو جمعها خليلين. والمعنى عصب عينه وعليها الصبر، أي وقد
جعل عليها الصبر ولطخها به؛ وقد يقال: ضمد الجرح؛ إذا جعل عليه الدواء وإن
لم يعصبه؛ ويقال للدواء الضمادة. والضمادة أيضا العصابة - وبالصاد: صمد
رأسه تصميدا.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - خطب إليه رجل بنتا له
عرجاء، فقال: إنها ضميلة، فقال: إني أردت أن أتشرف بمصاهرتك، ولا أريد بها
السباق في الحلبة؛ فزوجه إياها.
قيل هي الزمنة، فإن صحت الرواية بالضاد فاللام بدل من النون، كقولهم: في أُصيلان أصيلال؛ وإلا فهي صميلة - بالصاد.
قيل
لها ذلك ليبس وجسود في ساقها؛ من قولهم للسقاءاليابس: صميل، وقد صَمَل
وصُمل وصُمولا، وكل يابس فهو صامل وصميل. قال أبو عبيدة: يقولون: ما بقي
لهم صميل إلا بيض؛ أي ملئ. ومنه قيل: الصَّميل للرجل الضئيل.
* * * ابن
عبد العزيز رحمه الله تعالى - كتب إلى ميمون بن مهران في مظالم كانت في بيت
المال أن يردَّها إلى أربابا، ويأخذ منها زكاة عامها فإنه كان مالا ضمارا.
هو
الغائب الذي لا يُرجى، يعني أن أربابه ما كانوا يرجون رده عليهم، ولم تجب
الزكاة في السنين التي مرت عليه وهو في بيت المال. قال الراعي:
طلبن مَزاره فأصَبْنَ منه ... عطاء لم كن عِدةً ضِمارا
وهو من الإضمار، تقول: أضمرته فيقلبي إذا غيبته فيه، ونظيره من الصفات: رجل هدان وناقة كناز ولكاك.
* * * عكرمة رحمه الله تعالى - لا تشتر لبن الغنم والبقر مضمَّنا.
أي وهو في الضرع؛ يقال: شرابك مضمن؛ إذا كان في إناء.
*
* * الضامنة في " ضح " . وضمد في " عذ " . بالأضاميم في " أب " . المضامين
في " لق " . ضميس في " كل " . وضمد في " عب " . ضمنائهم في " وع " .
وتضامون في " ضر " . ضمر في " شج " . ضمنة في " سن " . ضمناً في " كت " .
ضمنه في " ش " . * * *
الضاد مع النون
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما -
جاءه أعرابي فقال: إني أعطيت بعض بني ناقة حياته، وإنها أضنت واضطربت.
فقال: هي له حياته وموته. قال: فإني تصدقت بها عليه؛ قال: فلذلك أبعد لك
منها.
يقال: ضننت المرأة تضني ضناء، وأضنت وضنأت تضنأ ضنئاً. وأضنأت؛
إذا كثرت أولادها. أثبت أصحاب الفراء والزجاج فعل وأفعل معاً في الهمز وغير
الهمز، ولم يثبت غيرهم أفعل في غير الهمز.
لم يجعل للأب الرجوع فيما نحل ولده وجعله له حياته ولورثته بعده.
* * * في الحديث - إن لله ضنائن من خلقه؛ يحييهم في عافية، ويميتهم في عافية.
أي خصائص، جمع فعيلة من الضن، وهي ما تختصه وتضن به لمكانه منك، وموقعه عندك. ومنه قولهم: هو ضني من بين إخواني.
* * * ضناك في " أب " . مضنوك في " شم " .
* * * الضاد مع الواو النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا تستضيئوا بنار المشركين. ولا تنقشوا في خواتمكم عربيا.
ضرب الاستضاءة بنارهم مثلا لاستشارتهم في الأمور واستطلاع آرائهم.
وأراء
بالنقش العربي " محمد رسول الله " ، لما روى أنه اتخذ خاتماً من فضة ونقش
فيه(محمد رسول الله ). وقال: لا ينقش أحد على نقشه. وإنما قال: عربيا
لاختصاص النبي العربي به من بين سائر الأنبياء.
وعن عمر رضى الله تعالى عنه: لاتنقشوا في خواتمكم بالعربية.
*
* * * أصاب صلى الله عليه وآله وسلم هوازن يوم حنين، فلما هبط من ثنية
الأراك ضوى إليه المسلمون يسألونه غنائمهم حتى عدلوا ناقته إلى سمرات، فمرش
ظهره.
ضوى إليه ضيًّا وضويًّا، وانضوى إليه؛ إذا أوى إليه، وأضواه:
آواه، وانضوى في مطاوعة أضواه غريب، كانزعج في أزعج. وقد جاء ضواه كما جاء
أواه، فهو على قياسه المطرد.
عدله: صرفه وعطفه عدلاً، وعدل نفسه عدولا.
المرش: الخدش الخفيف، وفلان يمترش الطعام؛ إذا تناوله من أطراف الصحفة.
في الحديث. اغتربوا لا تضووا.
أي تزوجوا الغرائب دون القرائب؛ لا تجيئوا بأولادكم ضوايا، والضاوي: النحيف. وكانوا يقولون. إن الغرائب أنجب. قال:
فَتىً لم تَلِدْه بنتُ عم قريبةٌ ... فَيَضْوَى وقد يَضْوَى رَدِيدُ القرائبِ
* * * ضاءت في " فض " . ضوضوا في " ثل " .
* * *
الضاد مع الهاء
شريح رحمه الله تعالى - كان لا يجيز الاضطهاد ولا الضغطة.
قيل: هو القهر والإلجاء من الغريم، وأن يمطل بما عليه ثم يقول الغريم: دع لي كذا وأعجل لك الباقي.
والاضطهاد:
افتعال من ضهد. يقال. ضهده، إذا قهره واضطهد فهو مضهود ومضطهد. ويقولون:
إن تلقني لا تلق ضهدة واحد: أي لست بمن يضهده رجل واحد. وأنشد أبو عمرو.
إن تَلْقَنِي لا تلق ضُهْدة واحد ... لا طائش رعشٍ ولا أنا أعْزَلُ
* * * وتضهلها في " شك " .
* * *
الضاد مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن الصلاة إذا تضيفت الشمس للغروب.
ضاف يضيف: مال؛ يقال: ضاف السهم عن الهدف، وضفت فلاناً إذا ملت إليه ونزلت به، وتضَّيف تفَّعل منه.
ومنه
حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم ينهانا أن نُصلِّي فيها وأن نقبر فيها موتانا: إذا طلعت الشمس
حتى ترتفع، وإذا تضَّيفت للغروب، ونصف النهار.
* * * من ترك ضياعاً فإليّ.
أي عيالاً ضيَّعاً؛ فسماهم بالمصدر، ولو كسرت الضاد لكان جمع ضائع، كجياع في جائع.
ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من ترك كلاًّ فإلى الله ورسوله.
أي يرزقون من بيت المال.
* * * من اعتذر إليه أخوه من ذنب فردَّه لم يرد على الحوض إلا متضيِّحاً.
أي
متأخراً عن الواردين، لأن من يرد آخراً شرب البقية الكدرة المشبهة للضياح
وهو السمار. والتَّضيُّح: شرب الضَّياح؛ يقال: ضيَّحته فتضيَّحَ.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إن ابن الكواء وقيس بن عبادة جاءاه فقالا: أتيناك مضافين مثقلين.
أي
ملجأين، ومن فسر بخائفين؛ من أضاف من الأمر إذا حاذره وأشفق منه - ومنه
المضوفة - فوجهه أن يجعل المضاف مصدراً بمعنى الإضافة، كالكرم بمعنى
الإكرام ويصف بالمصدر، وإلا فالخائف مضيف.
في الحديث - إذا أراد الله بعبد شراًّ أفشى عليه ضيعته.
أي كثر عليه أشغاله؛ يقال فشت على فلان ضيعته فلا يدري بأيها يأخذ.
*
* * ضيحة في " بغ " . الضيح في " دث " . تضارون تضامون في " ضر " . وضالة
في " قع " . وإضاعة المال في " قو " . والضيعة في " عف " .
آخر الضاد
=====
الفائق في غريب الحديث و الأثر
حرف الطاء
الطاء مع الهمزة
تصأصأت لهم في " دع " .
* * *
الطاء مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع.
أي
يؤدي إلى شين وعيب؛ وإصل الطبع الدنس والصدأ الذي يغشى السيف، فيغطى وجهه،
من الطبع وهو الختم. يقال سيف طبع؛ ثم استعير للدنس في الأخلاق والشين في
الخلال. ومنه قو عمر بن عبد العزيز رحمة الله: لا يتزوج من الموالى في
العرب إلا الأشير البطر، ولا يتزوج من العرب في الموالي إلا الطمع الطَّبع.
وقال:
لا خَيْرَ في طَمَعٍ يَهْدِي إلى طَبَعٍ ... وغُفَّةٌ من قِوام العيش تَكْفِينِي
قال
صلى الله عليه وآله وسلم حين سُحر: جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأشي،
والآخر عند رجلي، فقال أحدهما: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال من طبَّه؟
قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، وجُفِّ طلعة
ذكر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان - ويروى: أنه حين أُخرج سحره جعل
علي بن أبي طالب يحله، فكلما حلَّ عقدة وجد لذلك خفة، فقام فكأنما أُنشط من
عقال.
الطبوب: المسحور، والطَّب: السحر. ومنه قوله صلى الله عليه وآله
وسلم في مريض: فلعل طبًّا أصابه. ثم نشَّره: ب(قُلْ أعوذ بِرَبِّ
النَّاسِ)، وله محملان: أحدهما أنه مما يستعمل فيه الحذق والمهارة، من
قولهم: فحل طبّ، ورجل طبّ بالأمر ماهر بها. والثاني أنه قيل للمسحور: مطبوب
على سبيل التفاؤل؛ كما قيل للَّديغ سليم؛ أي أنه يطبُّ ويعالج فيبرأ.
المشاطة: ما يسقط من الرأس إذا مُشط.
وجف الطلعة: قشرها.
بئر ذي أروان: بئر معروفة.
نشطت العقدة: عقدتها بأنشوطة، وأنشطتها: حللتها، ونظيرهما قسط وأقسط.
*
* * قالت ميمونة بنت كردم رضي الله عنها: رأيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم في حجة الوداع، وهو على ناقة ومعه درة كدرة الكُتَّاب، فسمعت
الأعراب والناس يقولون: الطبطبية الطبطبية! أي الدرة الدرة! نصبا على
التحذير؛ كقولك: الأسد الأسد؛ وإنما سموا الدرة بذلك نسبة لها إلى صوت
وقعها إذا ضرب بها وهو طب طب، ومنه طبطاب اللعب، وقولهم: طبطب الوادي
طبطبة؛ وهي صوت الماء، وأنشد الأصمعي لعمر بن لجأ يصف إبلا تشرب:
في قصب تنضحُ في أمعائها ... طَبطَبَةُ المِيثِ إلى جِوائها
وطبطب
اليعقوب: إذا صوّت، ويجوز أن يريدوا دعاء الناس إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وحوشهم عليه بهذا الشعار؛ كأنهم قالوا: هلموا! صاحب
الطبطبية وحاملها. وقيل معناه أنهم كانوا يسعون إليه ولأقدامهم طبطبة،
فجعلتهم يقولون ذلك، ولا قول ثمة، ولكنه كقول القائل: جرت الخيل، فقالت:
حبطقطق، وهي حكاية وقع سنابكها.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - قال
رباح: زوجني أهلي أمةً لهم رومية، فولدت لي غلاما أسود مثلي، ثم طبن لها
غلام رومي من أهلها، فراطنها بلسانه، فولدت غلاما كأنه وزغة، فقلت لها: ما
هذا؟ قالت: هذا ليوحنة، فرفعا إلى عثمان فجادها وجلده - وكانا مملوكين.
يقال
طبن لكذا، وتبن له طبانة وتبانة؛ فهو طبن وتبن؛ إذا فطن له وهجم على باطنه
وسرَّه، ومنه طبن النار إذا دفنها لئلا تطفأ. والمعنى: فطن لها، وخبر
أمرها وأنها ممن تواتيه على المراودة. قال كثير:
بأبي وأمي أنت من موقة ... طبِن العدوّ لها فَغيَّر حالَها
ويحتمل أنه عرف منها كراهة مجيء الولد أسود، فزيّن لها مساعدته لبياض لونه - وروى طبن لها " بفتح الباء " . أي خيّبها وأفسدها. قال:
جَرى بالفِرَي بيني وبينك طابِن
*
* * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - شئل أبو هريرة عن امرأة غير مدخول
بها، طلقت ثلاثا، فقال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. فقال له ابن عباس:
طبَّقت.
أي أصبت وجه الفتيا، وهو من قولهم: سيف مطبق ومصمم؛ فالتطبيق أن
يصيب المفصل، وهو طبق العظمين؛ أي ملتقاهما، وحيث تطابقا فيفصل بين
العظمين.
والتصميم: أن يصيب صميم العظم وهو وسطه فيقطعه بنصفين. قال:
يُطَبِّق أحياناً وحيناً يُصَمِّمُ
* * * معاوية رضي الله عنه - وصفه الشعبي فقال: كان كالجمل الطَّب، يأمر بالأمر فإن سُكت عنه أقدم، وإن رُدَّ عنه تأخر.
قيل:
هو الحاذق في مشيه، الذي لا يضع خفه إلا حيث يبصره. وفحل طب حاذق بالضراب،
وهذا الوصف كنحو ما يروي أن عمرو بن العاص قال له: قد أعياني أن أعلم: أ
جبان أنت أم شجاع؟ فقال:
شجاع إذا ما أمكنتْني فُرصة ... وإن لم تكن لي فُرصة فَجبَانُ
* * *
ابن
المسيب رحمه الله تعالى - وقعت فتنة عثمان، فلم يبق من المهاجرين أحد،
ووقعت الحرة فلم يبق من أهل الحديبية أحد، ووقعت الثالثة فلم ترتفع وفي
الناس طباخ.
هو من قولهم: فلان لا طباخ له؛ أي لا خير فيه. قال حسان:
المالُ يَغْشَى رجالا لا طَباخ لهم ... كالسيل يغشى أصولَ الدِّنْدِنِ البالي
والأصل
فيه القوة والسمن؛ من قولهم امرأة طباخية للشابة المكتنزة، وشاب مطَّبخ؛
أملأ ما يكون شبابا وأرواه، وكذلك المطبَّخ من أولاد الضباب حين كاد يلحق
بأبيه، ومأخذ ذلك من الطبخ، لما فيه من الإدراك والتناهي.
في الحديث: إذا أراد الله بعبد سوءا جعل ماله في الطبيخين.
هما الآجر والجص.
* * * لله مائة رحمة، كل رحمة منها كطباق الأرض.
هو ما يملأها ويطبِّقها: أي يعمها. ومنه: عالم قريش يملأ طباق الأرض.
وكان في الحي رجل له زوجة، وأم ضعيفة، فشكت زوجته إليه أمه، فقام الأطبخ فألقاها في الوادي.
أي فأهوى الأحمق إليها. قال ابن الأعرابي: الطبخ: استحكام الحماقة، وقد طبخ فهو أطبخ.
من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه.
أي منعه ألطافه، حتى يصير كالمطبوع عليه لا يدخله خير.
*
* * طبقاً في " جي " . طبقاً واحداً في " عق " . طباقاء في " غث " . أطباق
الرأس في " سف " . طبق في " فض " . طبَّ في " قر " . الطبيين في " زب " .
الطبيع في " جر " . وطباق في " شت " . وفي " حم " . طبقة في " قن " .
* * *
الطاء مع الحاء
سلمان رضي الله عنه - ذكر يوم القيامة فقال: تدنو الشمس من رءوس الناس وليس على أحد منهم يومئذ طحربة.
يقال: ما على فلان طحربة، بضم الطاء والراء وكسرهما والحاء والخاء؛ أي شيء من لباس كقولهم: ما عليه قُرّاص.
* * * تطحرها في شك.
* * *
الطاء مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا وجد أحدكم طخاء على قلبه فليأكل السفرجل.
هو
ما يغشاه من الكرب والثقل، وأصله الظلمة والسحاب، يقال: في السماء طخاء.
والطخاءة والطهاءة من الغيم: كل قطعة مستديرة تسدُّ ضوء القمر.
وفي حديث آخر: إن للقلب طخاءة كطخاءة القمر.
* * *
الطاء مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا مر أحدكم بطربال مائل، فليسرع المشي.
هو شبيه بالمنظر من مناظر العجم كهيئة الصومعة.
وقيل: هو علم يبنى فوق الجبل.
وقال
ابن دريد: قطعة من جبل، أو حائط تستطيل في السماء وتميل، ومنه الطربال،
صخرة عظيمة مشرفة من جبل. ومنه قولهم: طربل فلان، إذا تمطى في مشيته، فهو
مطربل.
ذكر صلى الله عليه وآله وسلم الحق على صاحب الإبل فقال: إطراق
فحلها، وإعارة دلوها ومنحتها وحلبها على الماء، وحمل عليها في سبيل الله.
هو من قولهم: أطرقني فحلك، أي أعطنيه ليطرق إبلي، أي لينزو عليها.
المنحة: أن يعير من لا درّ لهم حلوبة ينتفعون بلبنها.
حلبها على الماء: أي يحتلبها يوم الورد ليسقي من حضر، قال النمر بن تولب:
عليهنّ يوم الوِرْد حق وحرمة ... وهنّ غداة الغب عندك حُفّل
طرأ عليَّ حزبى من القرآن فأحببت ألا أخرج حتى أقضيه.
أي بدأت حزبي وهو الورد الذي فرضه على نفسه أن يقرأه كل يوم؛ فجعل بدأته فيه طرأ منه عليه.
والحزب في الأصل: الطائفة من الناس؛ فسمى الورد به لأنه طائفة من القرآن.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - كساه مروان مطرف خز فكان يثنيه عليه أثناء من سعته، فانشق فبشكه بشكاً ولم يرفه.
المطرف " بكسر الميم وضمها " : الخز الذي في طرفيه علمان.
الأثناء: جمع ثنى، وهو ما ثنى.
البشك: الخياطة المستعجلة المتباعدة.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - ما أُعطي رجل قط أفضل من الطَّرق، يطرق الرجل الفحل، فيلقح مائة، فتذهب حيرى دهر.
هو الضراب.
حيرى دهر؛ أي أبدا. وفيه ثلاث لغات: حيرى دهر، وحيرى دهر بياء ساكنة؛ وحيرى دهر بياء مخففة.
قال
ابن جني: في حيرى دهر " بالسكون " : عندي شيء لم يذكره أحد، وهو أن أصله
حيرى دهر، ومعناه مدة الدهر، فكأنه مدة تحير الدنيا وبقائه، فلما حذفت إحدى
اليائين بقيت الياء الساكنة ساكنة كما كانت، يعني حذفت المدغم فيها وأبقيت
المدغمة. ومن قاله بتخفيف الياء. فكأنه حذف الأولى وبقى الآخرة، فعذر
الأول تطرّف ما حذف، وعذر الثاني سكونه. وعندي أن اشتقاقه من قولهم: حيروا
بهذا الموضع، أي أقيموا؛ ويحكى عن تبع الأكبر الذي يقال له ذو المنار أنه
لما رأى أن يأتي خراسان خلّف ضعفة جنده بالموضع الذي كان به، قال لهم:
حيروا بذا أي بهذا المكان، فسمي الحيرة، وكان يجري عليهم فسموا العباد؛
والمعنى ما أقام الدهر.
* * * عمرو رضي الله تعالى عنه - قال قبيصة بن جابر الأسدي: ما رأيت أقطع طرفاً منه.
أي
لساناً، وطرفا الإنسان لسانه وذكره؛ يريد أنه كان ذرب اللسان مقولاً. وكان
عمر بن الخطاب إذا رأى من لا يفصح قال: خالق هذا وخالق عمرو ابن العاص
واحد.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - صعد المنبر وفي يده طريدة.
أي شقة من حرير مستطيلة. وكذلك الطريدة من الكلأ والأرض هي الطريقة القليلة العرض.
*
* * عائشة رضي الله تعالى عنها - قالت لها صفية: من فيكن مثلي! أبي نبي،
وعمي نبي، وزوجي نبي - وكان علمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛
فقالت عائشة: ليس هذا من طرازك.
قال ابن الأعرابي: تقول العرب للخطيب
إذا تكلم بشيء استنباطاً وقريحة: هذا من طرازه، والطراز في الأصل: المكان
الذي ينسج فيه الثياب الجياد، ومنه تطرز فلان؛ إذا تنوق في الثياب وألا
يلبس إلا فاخرا.
* * * عبيدة رحمه الله تعالى - قال الهجنع بن قيس: رأيت
إبراهيم النخعي يأتي عبيدة في المسائل، فيقول عبيدة: طرسها يا إبراهيم،
طرسها.
يقال طلست الصحيفة؛ إذا محوتها، وهي تقرأ بعد طرسها إذا أنعمت محوها، والطرس: الكتاب الممحو.
*
* * زياد - قال في خطبة له: قد طرفت أعينكم الدنيا وسدت مسامعكم الشهوات،
ألم يكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغارة النهار! وهذه الرازق!
فلم يزل بهم ما ترون من قيامكم بأمرهم، حتى انتهكوا الحريم، ثم اطرفوا
وراءكم في مكانس الرِّيب.
أي طمحت أبصارهم إليها؛ من قولهم: امرأة مطروفة بالرجال؛ إذا كانت طمَّاحة إليهم.
البرازق الجماعات، قال:
أرضاً بها الثيرانُ كالبرازِق
المكانس. جمع مكنس؛ يريد استتروا بكم، واستنجوا بظهوركم.
* * * النخعي رحمه الله - قال في الوضوء بالطرق: هو أحب إليّ من التيمم.
هو الماء المستنقع، تبول فيه الإبل، سمي طرقاً لأنها تخوضه وتطرقه بأخفافها.
*
* * الحسن رحمه الله تعالى - أرسل إليه الحجاج فأدخل عليه، فلما خرج من
عنده قال: دخلت على أُحيول يطرطب شعيرات له، فاخرج إلي بنانا قصيرة قلما
عرقت فيها الأعنة في سبيل الله.
يقال: طرطب بالغنم طرطبة وأطرب بها إطرابا، وهو إشلاؤها. وأنشد أبو عمرو:
طَرْطِبْ بضأنك أو رَأْرِئ بمعزاكا
اشتقاقه
من الطرب، وهو الخفة. وقد كررت فيه الفاء وحدها، كما كررت مع العين في
مرمريس، والدليل على زيادة الثانية مجيء أطرب في معنى طرطب، وقالوا أيضا:
طرطر: والمعنى يستخف شاربه، ويحركه في كلامه، وقيل: ينفخ بشفتيه في شاربه
غيظا أو كبرا كالمطرطب، إذا رعا الغنم فصفر لها بالشفتين.
* * * في الحديث - من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة الله.
المطربة والمطرب: الطريق الصغير المتشعب من الجادة، وقد فسره أبو ذؤيب في قوله:
ومَتْلَفٍ مثل فَرْق الرأس تَخْلِجُه ... مطاربٌ زَقَبٌ أميالُها فِيحُ
ومنه قولهم: طربت؛ أي عدلت عن الطريق.
والمقربة والمقرب: الطريق المختصر: قال طفيل:
تُثير القَطَا فِي مَنْقَل بعد مَقْرَبِ
في حديث فرائض الصدقات؛ فإذا بلغت الإبل كذا فقيها حقه طروقة الفحل.
أي ناقة حقّة، يطرق الفحل مثلها؛ أي يضربها.
في
الطروقة في " تب " . والطرق في " طي " وفي " جم " . طارقة في " حر " .
وطريدة في " فل " . كالطراف في " عص " . طرفيه في " لب " . طرات في " سي " .
طرت وطرت في " جو " . المطرق وغض الأطراف في " سد " . طريرة في " ثق " .
الطرد في " دم " . غير مطراة في " لو " .
* * *
الضاد مع الزاي
طازحة في " قز " .
* * *
الطاء مع السين
الطست في " صل " وفي " " .
* * *
الطاء مع الشين
الطشت في " حز " .
*
* * الطاء مع العين النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ثلاث من فعلهن فقد
طعم الإيمان، من عبد الله وحده، وأعطى زكاة ماله طيبة نفسه رافدة عليه كل
عام؛ ولم يعط الهرمة ولا الدرنة، ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة.
استعار الطعم لاشتماله عليه واستشعاره له.
رافدة: من الرفد، وهو الإعانة؛ أي معينة له على أداء الزكاة غير محدثة إياه بمنعها.
الرنة: أراد الدون الردية، فجعل الرداءة درنا؛ كما يقال للرجل الدنيء: طبع. الشرط: الرذيلة كالصغيرة والمسنة، والعجفاء والدبراء.
إن
المسلمين لما انصرفوا من بدر إلى المدينة استقبلهم المسلمون يهنئونهم
بالفتح، ويسألونهم عمن قتل، فقال سلامة بن سلمة بن وقش: ما قتلنا أحداً به
طعم؛ ما قتلنا إلا عجائز صلعاً، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم، وقال: أولئك يا بن سلمة الملأ.
أصل الطعم ما يؤديه ذوق الشيء من
حلاوة أو مرارة أو غيرهما؛ ولما كان كل مطعوم بطعمه، والمسيخ لا طائل فيه
للطاعم ولا جدوى؛ استعير لمكان الجدوى والعائدة في الشيء، وما يكون
الاعتداد به والاكتراث له؛ فقالوا: فلان ليس بذي طعم؛ إذا لم يكن له نفس
ولا معرفة؛ وليس لما يفعله فلان طعم؛ أي لذة ومنزلة في القلب، وقال:
أيا مَنْ لِنَفْسٍ لا تموت فَتَنْقَضِي ... غَناءٌ ولا تحيا حياةً لها طعم
الملأ: الأشراف.
إذا استطعمكم الإمام فأطعموه.
أي إذا أُرتج عليه فاستفتح فافتحوا عليه؛ وهذا من باب التمثيل؛ ومنه قولهم: استطعمني فلان الحديث إذا أرادك على أن تحدثه.
نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع الثمرة حتى تطعم.
يقال:
أطعمت الشجرة إذا أثمرت؛ وبأرض فلان من الشجر المُطعم كذا، وأطعمت الثمرة،
إذا أدركت. والمعنى: صارت ذات طعم. ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه في
وصف أهل آخر الزمان: كرجرجة الماء لا تطعم.
أي لا طعم لها.
قال في زمزم: إنها طعام طعم، وشفاء سقم.
قال
ابن شميل: أي يشبع منه الإنسان؛ يقال: إن هذا الطعام طعم؛ أي يشبع من
أكله، ويجوز أن يكون تخفيف طعم، جمع طعام، كأنه قال: إنها طعام أطعمة؛ كما
يقال: صل أصلال. وسبد أسباد؛ والمعنى أنها خير طعام وأجوده.
الخدري رضي الله تعالى عنه - كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعا من طعام؛ أو صاعا من شعير.
قيل: الطعام البر خاصة: وعن الخليل أن الغالب في كلام العرب أنه هو البر خاصة.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - إن الله تعالى إذا أطعم نبياً طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم بعده.
الطعمة:
الرزق والأكل؛ يقال. جعلت هذه الضيعة لفلان؛ ويقال للمأدبة الطعمة. وكأن
الطعم والطعمة بمعنى؛ إلا أن الطعمة أخص منه؛ وأما الطعمة " بالكسر " فوجه
الرزق والمكسب كالحرفة؛ يقال: فلان طيب الطعمة، وفلان خبيث الطعمة؛ إذا كان
الوجه الذي يرتزق منه غير مباح.
وفي حديث الحسن رحمه الله: كان قتال على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قتال على هذه الطعمة، ثم ما بعدهما بدعة وضلالة.
أراد الخراج والجزية والزكوات؛ لأنها رزق الله للمسلمين.
*
* * هل أطعم في " زو " . مطعم في " نس " . لا تطعم " هر " . ثم أطعموا ولا
تطعمه في " حك " . طعان في " هر " . طعن في " ضر " . نطعمها اللحم في " سه
" . من طعام في " صر " .
* * *
الضاد مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله - اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر.
قيل: هو الذي على ظهره خطان أسودان؛ شبها بالطفيتين؛ وهما خوصتا المقل. يقال طفية وطفى، قال أبو ذؤيب:
وأقْطَاع طُفْىٍ قد عَفَتْ في المعاقل
وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه - اقتلوا الجان ذا الطفيتين، والكلب الأسود ذا الغرتين، والأبتر القصير الذنب.
وفي كتاب العين؛ الطفية: حية لينة خبيثة. وأنشد:
وهُمْ يُذِلّونَها مِنْ بَعْدِ عِزَّتِهَا ... كما تَذِلّ الطُّفى مِنْ رُقْيَةِ الرَّقِي
فإن صح هذا فلعل المراد: اقتلوا كل حية؛ ما كان منها له ولد وما لا ولد له. وثنى لأن الغالب أن تفرخ فرخين.
*
* * كلكم بنو آدم طفُّ الصاع؛ لم يملأ، ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى.
ولا تسابوا فإنما السبة أن يكون الرجل فاحشا بذيًّا جبانا.
يقال:
هذا طف المكيال، وطفافه أي قرابه، وهو ما قرب من ملئه. وقال المبرد: هو ما
علا الجمام، وإناء طفان كقولك: قربان وكربان، والمعنى كلكم في الانتساب إلى
أبٍ واحد بمنزلة متساوي الأقدام في النقصان والتقاصر عن غاية التمام.
وشبههم في نقصانهم بالمكيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال. ثم أعلم أن
التفاضل ليس بالنسب ولكن بالتقوى. ونهى عن التساب والتعاير بضعة المنصب،
ونبه على أن السبة إنما هي أن يتّضع الرجل بفعل سمج يرتكبه؛ نحو الفحش
والبذاء والجبن.
وصف الدجال فقال: أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية.
هي الحبة الناتئة الخارجة عن حد نبتة أخواتها. وكل شيء علا فقد طفا، ومنه قول العجاج في صفة ثور:
إذا تلَّقْته العقاقِيلُ طَفَا
وقيل: أراد الحبة الطافية على متن الماء. والحدقة العوراء الناتئة في المقلة القائمة من أشبه شيء بها.
*
* * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كره الصلاة على الجنازة إذا طفلت
الشمس أي دنت للغروب، وقل ما بينها وبينه واسم تلك الساعة الطفل؛ اشتق من
الطفل لقلته وصغره.
ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبق الخيل. فقال: كنت فارسا يومئذ فسبقت الناس حتى طففت بي الفرس مسجد بني زريق.
قال أبو عبيدة: طفف الفرس مكان كذا؛ إذا وثب حتى جازه. وأنشد الكسائي لجحاف بن حكيم يصف فرسا:
إذا ما تلَّقْته الجراثيم لم يجم ... وطَفَّفَها وثبا إِذا الجَرْي عقّبا
وهو من قولهم: مر يطف إذا أسرع، وفرس طفاف وطف وخف وذف أخوات.
في الحديث: من قال كذا غفر له وإن كان عليه طفاح الأرض ذنوباً.
أي ملؤها حتى تطفح؛ ومنه قولهم: إناء طفحان للذي يفيض من جوانبه.
* * * المطافيل في " خب " وفي " عو " . وطفيل في " صب " .
*
* * النبي صلى الله عليه وآله وسلم - مر برجل يعالج طلمة لأصحابه في سفر
وقد عرق، وآذاه وهج النار فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يصيبه حر جهنم
أبداً.
الطلم واللطم: أخوان؛ وهو الضرب ببسط الكف - وروى بيت حسان:
تَظَلّ جيادُنَا مُتَمطِّرَاتٍ ... تُلَطِّمُهُنَّ بالخُمُر النساءُ
تلطمهن. وقيل للخبز: الطلمة لأنهاتطلم.
وقيل: هي صفيحة من حجارة كالطابق يخبز عليها. والنار توقد تحتها، وجمعها طلم، قال:
يلفح خدّيها تلّفح الضَّرَمِ ... كأنها خَبّازة على طُلُمِ
قال علي رضي الله تعالى عنه: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طلسته.
أي محوته؛ يقال طلس الكتاب يطلسه وطمسه يطمسه بمعنى، ومنه الحديث: إنه أمر بطلس الصور التي في الكعبة.
ومنه الحديث الآخر: إن قول لا إله إلا الله يطلس ما قبله من الذنوب.
* * * إن رجلا عضَّ يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثنايا العاض، فطلَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال أبو زيد: يقال طلّ دمه وأطلّ ولا يقال طُلّ دمه، وأجازه الكسائي.
*
* * مات رجل من الطاعون في بعض النواحي أو الأرياف، ففزع له الناس، فقال
صلى الله عليه وآله وسلم: من بلغه ذلك فإني أرجو أن لا يطلع إلينا نقابها.
طلع النَّشز؛ إذا أشرف عليه، والضمير في نقابها للمدينة.
والنقاب: الطرق في الجبال؛ والواحد نقب. والمعنى: أرجو أن لا يصل الطاعون إلى أهل المدينة.
كان
صلى الله عليه وآله وسلم في جنتزة فقال: أيّكم يأتي المدينة لا يدع فيها
وثناً إلا كسره؛ ولا صورة إلا طلخها، ولا قبراً إلا سوَّاه.
أي لطخها بالطين حتى يطمسها؛ من الطَّلخ، وهو الطين في أسفل الغدير. وقيل: سوَّدها؛ من الليلة المطلخمة؛ والميم زائدة.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قطع يد مولَّد أطلس.
هو اللِّص؛ شبه بالذئب؛ والطُّلسة غبرة إلى السواد.
وفي كتاب العين: الأطلس من الذئاب: الذي تساقط شعره؛ وقد طلس طلساً. وقيل: هو الأسود كالحبشي ونحوه؛ من قولهم: ليل أطلس؛ أي مظلم.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال عند موته: لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول الطَّلع.
هو
موضع الاطِّلاع. من إشراف إلى انحدار؛ فشبه ما أشرف عليه من أمر الآخرة
بذلك؛ وقد يكون المصعد من أسفل إلى المكان المشرف. قال جرير:
إِني إِذا مُضَرٌ عليّ تَحَدَّبَتْ ... لاقيتُ مُطَّلَع الجبال وُعُورا
يعني مصعدها؛ كأنه شبه ذلك بالعقبة، لما فيه من المشاقّ والأهوال.
وفي حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: لكل حرف منه حدّ؛ ولكل حدّ مُطَّلع.
أي مصعد؛ يصعد إليه في معرفة علمه.
* * * إن كفار قريش ثاروا إليه رضي الله عنه لمَّا بلغهم خبر إسلامه؛ فما برح يقاتلهم حتى طلح.
أي أعيا؛ يقال طلح البعير؛ إذا حسره فطلح.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال لأبي العبيدين: إذا ضنوا عليك بالمطلفخة فكُل رغيفك ورد النهر، وأمسك عليك دينك.
هي الرقاقة. وطلفح الخبز، إذا رققه، وفلطحه إذا بسطه.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - لأن أعلم أني بريء من النفاق أحبُّ إلي من طلاع الأرض ذهبا.
هو ملؤها.
* * * ي الحديث: ما أطلى نبيٌّ قط.
قال أبو زيد: أطلى الرجل، إذا مال إلى هواه، وأصله أن تميل طلاتك وهي عنقك، وتصغي إلى أحد الشقين. قال:
رأيتُ أباك قد أطْلَى ومالت ... عليه القَشْعَمانِ من النسور
*
* * فأطل في " أط " طلق في " حج " . من طلاع الأرض في " تا " . مطلع في "
ظه " . طلقا في " ضح " . اطلبكها في " غف " . طلق اليمنى في " فن " . طلسا
في " مل " . اطلاس في " شه " . تطلها في " شك " . طلعة في " حد " . للطالع
في " سج " . طالق في " خل " . الطلب في " قو " . وطلاع الثنايا في " ين " .
* * *
الطاء مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في ذكر الدجال: أنه أفحج أعور مطموس العين؛ ليست بناتئة ولا حجراء.
أي ذاهب البصر ممسوحه من غير بخق وبهذا مسيحاً.
حجراء: منحجرة غائرة.
وروى حجراء؛ وهي المتحجرة الصلبة؛ أي تكون رخوة لينة.
*
* * إن الله يختم يوم القيامة على فم العبد وينطق يديه وجلده بعمله؛
فيقول: أي وعزَّتك لقد عملتها؛ وإن عندي العظائم المطمَّرات، فيقول الله
تعالى: أنا أعلم بها منك؛ اذهب فقد غفرتها لك.
أي المخبآت؛ من طمَّرات الشيء إذا أخفيته، ومنه المطمورة، وطمَّر القوم بيوتهم؛ إذا أرخوا ستورهم على أبوابهم.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - خرج وقد طمَّ شعره؛ فقال: إن كل شعرة لا يصيبها الماء جنابة، فمن ثمَّ عاديت رأسي كما ترون.
الطَّمّ: الجزّ.
ومنه حديث سلمان رضي اله عنه: أنه رُئي مطموم الرأس، مزققاً - وكان أرفش - فقيل له: شوهت نفسك؛ فقال: إن الخير خير الآخرة.
مرّ المزقّق.
الأرفش:
العريض الأذن؛ شُبهت بالرفش وهو المجرفة؛ ومنه جاءنا فلان وقد رفَّش لحيته
ترفيشاً؛ أي سرحها وبسطها؛ وقيل: إنما هو: وكان أشف؛ أي طويل الأذن؛ من
قولهم: أذن شرافية.
* * * نافع رحمه الله تعالى - قال: كنت أقول لابن دأب إذا حدث: أقم المطمر.
هو الزِّيق الذي يقوم عليه البناء؛ يريد أنه كان يأمره أن يقوِّم الحديث وينقحه ويصدق فيه.
*
* * ذي طمرين في " ضع " . طامسا في " عب " . الطمطام في " ضح " . طامة ولا
تطم في " نس " . طمطمانية في " لخ " . طمار في " صد " . ما طما في " صب " .
* * *
الطاء مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن اليهودية التي سمَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمدت إلى سمٍ لا يُطنى.
الأصمعي: يقال: أشويت الرمية وأطنيت وأنميت؛ إذا أصبت غير المقتل. ورمى فلم يشو ولم يطن. قال:
يهزّ سحماء ما يُطنِى النّفوس بها ... مدريّة ما تَرَى في متنها أَوَدَا
ومنه إطناء الحية، وهو ألا يفلت سليمها؛ يقال: رماه الله بأفعى لا تُطنى.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - تزوج الأشعث امرأة على حكمها فردها عمر إلى أطناب بيتها.
هي حبال للبيوت؛ وهذا مثل؛ يريد ما بني عليه أمر أهلها في المهر. والمعنى: ردها إلى مهر مثلها من نساء عشيرتها.
* * * طنبى المدينة في " وح " . فمن تطن في " شز " . المطنب في " ذن " . يطنب في " وق " . فأطن في " شت " .
* * *
الطاء مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ليست الهرة بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات. وكان يصغي لها الإناء.
جعلها
بمنزلة المماليك، من قوله تعالى: (يَطُوف عليهمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ).
ومنه قول إبراهيم النخعي: إنما الهرة كبعض أهل البيت.
قال صلى الله عليه وآله وسلم لأزواجه: أزلكن لحوقا بي أطولكن يدا، فاجتمعن يتطاولن فطالتهن سودة، فماتت زينب أوّلهنّ.
أراد أمدّكن يدا بالعطاء؛ من الطَّوْل. وكانت زينب تعمل الأزمة والأوعية، تقوي بها في سبيل الله .
خطب صلى الله عليه وآله وسلم يوما. فذكر رجلا من أصحابه قُبض فكُفِّن في كفنٍ غير طائل، وقُبر ليلا.
هو من الطول بمعنى الفضل، قال:
لقد زادني حُبًّا لنفسي أنني ... بغيض إلى كل امرئٍ غير طائل
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كفَّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه.
إن هذين الحيين من الأوس والخزرج كانا يتطاولان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تطاول الفحلين.
أي
يستطيلان على عدوه ويتباريان في ذلك، أو كانا يتباريان في أن يكون هذا
أبلغ نصرة له من صاحبه. فشبه ذلك التباري والتغالب بتطاول الفحلين على
الصِّرمة.
في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم بك أحاول، وبك أصاول، وبك أطاول.
مفاعلة من الطَّول، وهو الفضل والعلو على الأعداء.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن متحدثين على طوفهما.
يقال: طاف الرجل طوفا، إذا أحدث.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لا يصلِّينَّ أحدكم وهو يدافع الطَّوف والبول.
وفي حديث آخر: لا تدافعوا الطَّوف في الصلاة.
* * * أم سلمة رضي الله تعالى عنها - كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في المغرب بطولي الطوليين.
قيل لها: وما طولي الطوليين؟ قال: سورة الأعراف.
* * * في الحديث - لو أطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس.
أي لو استجاب دعاءهم في أن يلدوا الذكران دون الإناث لذهب النسل.
لطيتك
في " دح " . من الطوف في " هض " . طوره في " حك " . في طوله في " سن "
.طال في " قف " . طود في " زف " . فتطوت في " ذر " . طوال في " أد " .
* * *
الطاء مع الهاء
أبو
هريرة رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛
إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه. فذكر ذلك لابن عمر فقال: أكثر
أبو هريرة. فقيل له: هل تنكر مما يقول أبو هريرة شيئا؟ فقال: لا، ولكنه
اجترأ وجبنا. فقال أبو هريرة: أنا ما طهوي؟ أي ما عملي؟ يعني ما أصنع إن
كنت حفظت ونسوا؟ - وروي أنه قيل له: أسمعته من رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم؟ فقال: أنا ما طهوي؟ أي ما عملي إن لم أسمعه؛ يعني أنه لم يكن له
عمل غير السماع. أو هذا إنكار لأن يكون الأمر على خلاف ما قال، كأنه قال:
ما خطبي وما بالي أرويه إن لم أسمعه! وقيل: هو تعجب من إتقانه كأنه قال:
أنا أي شيء عملي وإتقاني! والطهو في الأصل من طهوت الطعام إذا أنضجته،
فاستعار لتخمير الرواية وأحكامها، ألا تراهم يقولون: رأى نيء غير نضيج،
وفطير غير مخمَّر.
* * * طهملة في " عش " . بالمطهم في " مع " . قدح مطهرة في " هض " .
* * *
الطاء مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى أن يستطيب الرجل بيمينه.
الاستطابة والإطابة: كنايتان عن الاستنجاء. قال الأعشى:
يا رَخَماً قَاظَ على مطلوب ... يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيب
وفي
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كان يأمر بالحجارة فتُطرح في مذهبه،
فيستطيب، ثم يخرج فيغسل وجهه ويديه، وينضح فرجه حتى يخضل ثوبه.
أي يبلَّه.
الطيرة والعيافة والطرق من الجبت.
الطيرة من التطير كالخيرة من التخير. وعن الفراء أن سكون الياء فيهما لغة، وهي التشاؤم بالشيء.
وفي
الحديث: ثلاث لا يسلم منها أحد: الطيرة والحسد والظن، قيل فما نصنع! قال:
إذا تطيرت فامض، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق.
عاف الطير عيافة؛ زجرها فتشاءم بها وتسعّد. الطرق: الضرب بالحصى. قال لبيد:
لَعَمْرُك ما تَدْرِي الطَّوارق بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع
قيل
في الجبت: هو السحر والكهانة. وقيل: هو كل ما عبد من دون الله. وقيل: هو
الساحر. وقوله: " من الجبت " معناه من عمل الجبت، وقالوا: ليست بعربية. وعن
سعيد بن جبير: هي حبشية. وقال قطرب: الجبت عند العرب الجبس، وهو الذي لا
خير عنده.
شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم.
كانت
قريش تتظالم بالحرم فقالم عبد الله بن جدعان، والزبير بن بد المطلب، فدعوا
إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فاجتمع بنو هاشم وبنو
زهرة وتيم في دار ابن جدعان، وغمسوا أيديهم في الطيب، وتحالفوا، وتصافقوا
بأيمانهم ولذلك سموا المطيبين، وسموا الحلف حلف الفضول، شبيها له بحلف كان
بمكة أيام جرهم على التناصف، قام به رجال من جرهم، يقال لهم الفضل بن حارث،
والفضيل ابن وداعة، والفضيل بن فضالة.
وفي حديث آخر: لقد شهدت في دار ابن جدعان حلفا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت.
*
* * عن رويفع بن ثابت رضي الله عنه: إن كان أحدنا في زمان رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ليأخذ نضو أخيه؛ على أنَّ له النصف مما يغنم وله
النصف؛ وإن كان أحدنا يطير له النصل وللآخر القدح.
يقال: طار لفلان كذا؛ أي حصل. والمعنى أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيحصّ أحدهما قدحه، والثاني نصله.
سمَّى المدينة طابة.
هي منقولة من الطابة، تأنيث الطاب؛ وهو الطيب. قال:
مبارك الأعراق في الطّاب الطّابْ ... بين أبي العاص وآل الخطابْ
ويقال
لها طيبة أيضا بتخفيف الطَّيِّبة، وكلتاهما مأثورة عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم. وقال النضر: طيبة اسم يثرب، وأنشد لربيعة الرَّقيّ:
ويَثْرِبُ في طيبها سمّيتْ ... بطَيْبة طابَتْ فنعم المحلْ
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها.
ما من نفس منفوسة تموت فيها مثقال نملة من خير إلا طين عليه يوم القيامة طينا - وروى طيم عليه.
أي جُبل عليه؛ يقال: كل إنسان على ما طانه الله، ومنه طينة الرجل خلقه.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - تركنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم.
يريد أنه استوفى بيان كل ما يحتاج إليه في الدين حتى لم يبق مشكل. وضرب ذلك مثلا.
* * * طاوس رحمه الله تعالى - سئل عن الطابة تطبخ على النصف.
هي العصير، سمي بذلك لطيبه. وعن بعضهم أن أهل اليمامة يسمون البلح الطَّابة.
*
* * استطيب بها في " عل " . أطرتها في " سي " . تطاير في " شع " وفي " قن "
. طائحة في " قح " . ولا يتطير في " فا " . الطائش في " دي " . والطيبات
في " حي " . المطيبي في " حل " . والطيب في " حس " . على رءوسهم الطير في "
أب " . في طينته في " جد " . لطيتك في " دح " .
* * * آخر الطاء
=====
الفائق في غريب الحديث و الأثر
حرف الظاء
الظاء مع الهمزة
معاوية
رضي الله عنه - كتب إلى هني وقد جعله على نعم الصدقة: أن ظائر قال: فكنا
نجمع الناقتين والثلاث على الربع الواحد ثم نحدرها إليه.
المطاءرة: عطف الناقة على غير ولدها؛ يقال ظأرها وأظأرها وظاءرها؛ وهي ظئور وظئير - ورواه المحدثون ظاور بالواو، والصحيح الهمزة.
نحدرها إليه؛ أي نرسلها.
* * * طأره الإسلام في " عم " . الظؤار في " فر " . وفي " عم " . الظئار في " سر " . وظأرناهم في " نو " .
* * *
الظاء مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أُهدي إليه ظبية فيها خرز؛ فأعطى الآهل منها والعزب.
هي جراب صغير عليه شعر.
وفي
حديث عمرو رضي الله عنه: إن أبا سعيد مولى أبي أُسيد قال: التقطت ظبية
فيها ألف ومائتا درهم وقلبان من ذهب، فكاتبني مولاي على ألف درهم، وأعطاني
مائتي درهم، فتزوجت بعد ذلك وأصبت، ثم أتيت عمر فأخبرته، فقال: أما رقك في
الدنيا فقد عتق. وأنشدها في الموسم عاما؛ فأنشدتها فلم أجد لها عارفاً؛
فأخذها عمر فألقاها في بيت المال.
القلب: الخلخال، وقيل السوار. وقوله:
تجولُ خلاخيل النساءِ ولا أرَى ... لرملةَ خُلْخالاً يجول ولا قُلْباً
يدل على أنه السوار.
قوله: وأعطاني مولاي مائتي درهم، يعني أنه سوّغ ذلك من مال الكتابة؛ من قوله تعالى: (وآتُوهُمْ مِنْ مَالِ الله الَّذِي آتاكُمْ).
* * * ظيته في " فر " . ظبيا في " دب " .
* * *
الظاء مع الراء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قال له عدي بن حاتم: إنا نصيد الصيد فلا نجد ما
نذكي به إلا الظرار وشقة العصا. فقال: امْرِ الدَّم بما شئت.
الظرر: حجر صلب محدد، وجمعه ظرار، وظرَّان. وقال النضر: الظرار واجد، وجمعه، أظرة.
ومنه
الحديث: إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني كنت
أرعى غنمي، فجاء الذئب فعدا على نعجة فألقى قصبها بالأرض، فأخذت حجراً
ظراراً من الأظرة؛ فقال: كلها وألقى الذئب منها بالأرض.
ويقالللظرار: المظرة نحو ملحفة ولحاف.
امْرِ الدم: سيِّله؛ من مري الناقة - ويروى أمر، من أمار الدم إذا أجراه، ومار بنفسه يمور.
شكى إليه صلى الله عليه وآله وسلم كثرة المطر فقال: اللهم حوالينا ولا علينا؛ اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية.
الظراب: جمع ظرب، وهو الجبيل؛ وقيل: رأس الجبل.
ومنه
حديث عبادة بن الصامت أو أخيه عبد الله رضي الله عنهما: يوشك أن يكون خير
مال المسلم شاء بين مكة والمدينة ترعى فوق رءوس الظراب، وتاكل من ورق
القتاد والبشام يأكل أهلها من لحمانها، ويشربون من ألبانها، وجراثيم العرب
ترتهس بالفتنة - ويروى ترتهش.
البشام: شجر طيب يستاك به.
جراثيم العرب: أصول قبائلها.
الارتهاس: الاضطراب والازدحام؛ يقال: أرى داراً ترتهس؛ كثيرة الزحام، ورأساً يرتهس؛ أي ثير الدواب. قال:
إن الدَّوَاهِيَ في الآفاق ترتهس
والارتهاش: الاصطدام؛ من ارتهش الدابة؛ إذا اصطكت يداها في السير.
ومنه
حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: إنها قالت لمسروق سأُخبرك برؤيا رأيتها؛
رأيت كأني على ظرب، وحولي بقر ربوض، فوقع فيها رجال يذبحونها.
* * * عن صعصعة بن صوحان قال: خطبنا علي رضي الله تعالى عنه بذي قار على ظرب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - إذا كان اللص ظريفاً لم يُقطع.
أي
إذا كان بليغاً جيد الكلام احتج عن نفسه بما يسقط عنه الحدّ هكذا قال ابن
الأعرابي؛ وكان يقول: الظرف في اللسان. وقال غيره: الظرف حسن الهيئة. وقال
الكسائي: يكون في الوجه واللسان. وأهل اليمن يسمون الحاذق بالشيء ظريفاً.
وقال صاحب العين: الظرف البراعة وذكاء القلب؛ ولا يوصف به إلا الفتيان
الأزوال؛ والفتيات الزولات، والزَّول: الخفيف.
وفي حديث معاوية رضي الله
عنه أنه قال: كيف ابن زياد؟ قالوا: ظريف على أنه يلحن؛ فقال: أو ليس ذاك
أظرف له! قالوا: إنما استظرفه لأن السليقية وتجنب الإعراب مما يستملح في
البذلة من الكلام؛ ومن ذلك قوله:
مَنْطِقٌ عاقل وتلحَنُ أحياناً ... وأحْلَى الحديث ما كان لحنا
وعن بعضهم: لا تستعملوا الإعراب في كلامكم إذا خاطبتم، ولا تخلوا منه كتبكم إذا كاتبتم.
وقيل هو من اللحن بمعنى الفطنة، يقال: لحن الرجل لحناً، وفلان لحن بحجته؛ أي فهم بها، فطن يصرِّفها إلى حسن البيان عنها.
وفي
الحديث: لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض. وقال يعقوب: اللَّحن: العالم بعواقب
الأقوال وجول الكلام. وقال أبو زيد: يقال: لحنه عني، أي فهمه، وألحنه
إياه. فقولهم: على أنه يلحن معناه أنه يحسن الفهم ويبين الحجة، مخرج على
أسلوب قوله:
ولا عَيْبَ فيهم أنّ سيوفَهم ... بهنّ فُلُول من قِراع الكتائب
وقيل:
أرادوا باللحن اللكنة التي كان يرتضخها. وأرادوا: عيبه، فصرَّفه إلى ناحية
المدح. يريد: وليس ذاك أظرف له، لأنه نزع بشبهه إلى الخال، وكانت ملوك
فارس يذكرون بالشهامة والظرف.
* * * الظراب في " كب " وفي " غس " . الأظراب في " عو " .
* * *
الظاء مع العين
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعدي بن حاتم: كيف بك إذا خرجت الظعينة من
أقصى قصور اليمن إلى أقصى الحيرة لا تخاف إلا الله؟ فقال عدي: يا رسول الله
فكيف بطيئ ومقانبها؟ قال: يكفيها الله طيئا وما سواها! هي المرأة في
الهودج؛ فعيلة من الظعن، ثم قيل لهودج ظعينة، وللبعير ظعينة.
ومن ذلك حديث سعيد بن جابر رحمه الله تعالى: ليس في جمل ظعينة صدقة.
إن روى بالإضافة فالظعينة المرأة، وإلا فهو الجمل الذي يظعن عليه.
المقنب: جماعة الخيل.
أراد أن الإسلام يفشو وتأمن الدنيا؛ فلا يتعرض أحد للظعينة في هذه البلاد المخوفة.
* * *
الظاء مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في صفة الدجال: وعلى عينه ظفرة غليظة.
هي
جليدة تشى البصر، تنبت من تلقاء المآقي، يقال لها ظفرة وظفارة، وقد ظفرت
عينه ظفراً وظفارة فهي ظفرة، وظفر الرجل فهو مظفور، والأطباء يسمونها
الظُّفْر.
* * *
الظاء مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله
وسلم - كان عبَّاد بن بشر وأُسيد بن حُضير عنده في ليلة ظلماء حندس، فتحدثا
عنده حتى إذا خرجا أضاءت لهما عصا أحدهما، فمشيا في ضوئها، فلما تفرق بهما
الطريق، أضاءت لكل واحد منهما عصاه، فمشى في ضوئها.
الظلماء: المظلمة؛ وقد ظلمت الليلة وأظلمت.
والحندس: الشديدة السواد.
وفي
حديث أبي هيرة رضي الله تعالى عنه: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم في ليلة ظلماء حندس، وعنده الحسن والحسين، فسمع تولول فاطمة وهي
تناديهما: يا حسنان يا حسينان، فقال: ألحقا بأمكما.
وفي حديث كعب رضي الله تعالى عنه: لو أن امرأة من الحور العين اطَّلعت إلى الأرض في ليلة ظلماء مغدرة لأضاءت ما على الأرض.
المغدرة والغدرة: الدامسة.
دُعي صلى الله عليه وآله وسلم إلى طعام وإذا البيت مظلم مزوق، فقام بالباب، ثم انصرف ولم يدخل.
أي مموه؛ من الظلم وهو موهة الذهب والفضة. ومنه قيل للماء الجاري على الثغر ضلم. قال بشر:
ليالي تَسْتَبِيك بذي غُروب ... يشبه ظَلْمُه خَضِلَ الأقاحي
وقال أبو حاتم: الظلم كالسواد، تخاله يجري داخل السن من شدة البياض، كفرند السيف، وجمعه ظلوم.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - مرَّ على راع فقال: يا راعي، عليك الظلف من الأرض؛ لا ترمضها فإنك راع، وكل راع مسئول.
الظلف بوزن التلف غلظ الأرض وصلابتها مما لا يبين فيه أثر. وأرض ظلفة، وظلف بوزن جرز.
لا ترمض، أي لا تصب الغنم بالرمضاء؛ وهي حر الشمس، وإنه يشتد في الدهاس والرمل.
مصعب
بن عمير رضي الله تعالى عنه - قال سعد بن أبي وقاص: كان يصيبنا ظلف العيش
بمكة، فلما أصابنا البلاء اعترمنا لذلك. وكان مصعب أنعم غلام بمكة، فجهد في
الإسلام، حتى لقد رأيت جلده يتحسف تحسف جلد الحية عنها.
وعن عامر بن
ربيعة: كان مصعب مترفاً يدَّهن بالعبير، ويذيل يمنة اليمن، ويمشي في
الحضرمي، فلما هاجر أصابه ظلف شديد فكاد يهمد من الجوع.
والظلف: شظف العيش وخشونته، من ظلف الأرض.
اعترمنا لذلك؛ أي قوينا له واحتملناه.
يتحسف: يتقشر، ومنه حسافة التمر وهي سقاطته.
التذييل: تطويل الذيل.
اليمنة: ضرب من برود اليمن.
الحضرمي؛ يريد السبت المنسوب إلى حضرموت؛ أي كان ينتعل النعال المتخذة من هذا السبت.
يهمد: يهلك. من همد الثوب إذا بلي وتقطع.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - الكافر يسجد لغير الله وظله يسجد لله.
قالوا: معناه يسجد جسمه الذي عنه الظل.
في الحديث: إذا سافرتم فأتيتم على مظلوم فأغذُّوا السير.
هو البلد الذي أخطأه الغيث، ولا رعي فيه للدواب. وقال قطرب: أرض مظلومة، إذا لم يستنبط بها ماء، ولم يوقد بها نار.
* * * ظلتان في " غي " . الظلال في " فض " . فلم يظلموه في " لح " . ولم يظلماه في " ذو " . ظلفات في " أط " . بأظلافها في " عق " .
* * *
الظاء مع الميم
المظمأى في " خم " . لا يظمأ في " نس " .
* * *
الظاء مع النون
عثمان رضي الله تعالى عنه - قال في الرجل يكون له الدين الظنون: يزكيه لما مضى إذا قبضه إن كان صادقا.
هو الذي لست من قضائه على يقين، وكذلك كل شيء لا يستيقنه. قال الشماخ:
كلا يَوْمَيْ طُوالة وصلُ أرْوَى ... ظنونّ آن مطَّرحِي الظّنونِ
* * * عبيدة السلماني رحمه الله تعالى - قال ابن سيرين: سألته عن قوله تعالى: (أوْ لاَمَسْتُمُ النِّساء). فأشار بيده فظننت ما قال.
أي علمت، من قوله تعالى: (وَظَنُّوا أنَّهُ وَاقِعٌ بهمْ).
صلة
بن أشيم رحمه الله تعالى - طلبت الدنيا من مظان حلالها فجعلت لا أصيب منها
إلا قوتا، أما أنا فلا أعيل فيها، وأما هي فلا تجاوزني. فلما رأيت ذلك
قلت: أي نفس، جُعل رزقك كفافا فاربعي، فربعت ولم تكد.
المظنة: المعلم من ظن بمعنى علم، أي المواضع التي علمت فيها الحلال.
لا أعيل: لا افتقر؛ من العيلة.
فاربعي: أي أقيمي واستقري وارضي بالقوت، من ربع بالمكان. حذف خبر كاد، أي ولم تكد تربع.
* * *
ابن
سيرين رحمه الله - لم يكن علي يطن في قتل عثمان، وكان الذي يظن في قتله
غيره؛ فقيل: من هو. قال: عبداً أسكت عنه. أي يُتَّهم من الظنة؛ وكان الأصل
يظتن ثم يظنن بقلب التاء طاء لأجل الظاء؛ ثم قلبت الطاء ظاء فأدغمت فيها؛
ويجوز قلب الظاء طاء وإدغام الطاء فيها؛ وأن يقال يظن. قال:
وما كل من يَظَّنُّنيِ أنا مُعْتِبٌ ... ولا كل ما يُرْوى عليَّ أقول
* * * ظنين في " خب " . ظنون الماء في " خب " . الظنبوت في " زو " . تظن في " شز " .
* * *
الظاء مع الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ما نزل من القرآن آية إلا لها ظهر وبطن، ولكل حرف حدّ، ولكل حد مطلع.
قيل
ظهرها لفظها، وبطنها معناها. وقيل: القصص التي قُصَّت فيه؛ هي في الظاهر
أخبار وأحاديث، وباطنها تنبيه وتحذير. وأنَّ من صنع مثل ذلك عوقب بمثل تلك
العقوبة.
والمطلع: المأتي الذي يؤتى منه علم القرآن.
أنشد نابغة جعدة قوله:
بلغنا السماءَ مجدنا وسناؤنا ... وإنا لنَرْجو فوق ذلك مظهرا
فغضب، وقال: إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ قال : إلى الجنة بك يا رسول الله. قال: أجل! إن شاء الله. ثم أنشده:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بَوَادِرُ تحمى صفوَه أن يُكَدَّرَا
ولا خير في جَهْل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصْدَرا
قال:
أجدت! لا يفضض الله فاك! - وروى لا يفض. فنيف على المائة، وكأن فاه البرد
المنهل ترفّ غروبه - وروى: " فما سقطت له سن إلا فغرت مكانها سن " آخر -
وروى: فغبر مائة سنة لم تنغض له سنٌ.
المظهر: المصعد.
البادرة: الكلمة تبدر منك في حال الغضب؛ أي من لم يقمع السفيه استضعف.
الفضّ: الكسر، والمراد بالفم الأسنان. والإفضاء: أن يجعله فضاء لا سن فيه.
المنهل: المنصب؛ أراد الذي سقط لوقته فهو في بياضه ورونقه.
الرفيف: البريق.
غُروبه: ماؤه وأشره فغرت طلعت. من فغر الورد إذا تفتق؛ ويجوز أن يكون ثغرت من الثغر، فأبدل الفاء من الثاء، كفوم وثوم وفم وثم.
نغض: إذا تحرك. وعين مضارعة تحرك بالحركات الثلاث.
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - كسا ثوبين في كفارة اليمن: ظهرانياً وعقداً.
هو الذي يجاء به من مر الظهران، وقيل من ظهران، قرية من قرى البحرين.
المعقد: ضرب من برود هجر.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - سئل أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أو رومية؟ فدعا بصندوق ظهم.
جاء في احديث: الضهم الخلق. قال الأزهري: ولم أسمعه إلا في هذا الحديث.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العصر والشمس في حجرتها لم تظهر بعد.
أي لم تخرج.
*
* * معاوية رضي الله تعالى عنه - قدم من الشام فمر بالمدينة فلم تلقه
الأنصار، فسألهم عن ذلك، فقالوا: لم يكن لنا ظهر، قال: فما فعلت نواضحكم؟
قالوا: حرثناها يوم بدر.
الظهر: الراحلة. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز
رحمه الله: أنه خطب بعرفات؛ فقال: إنكم قد أنضيتم الظهر وأرملتم. وليس
السابق من سبق بعيره ولا فرسه، ولكن السابق من غُفر له.
النواضح: جمع ناضح، وهو البعير الذي يُستقى عليه. حرثت الدابة وأحرثتها وأهزلتها.
عرَّض لهم بأنهم سقاة نخل، فأجابوه بإذكار ما جرى لهم مع أشياخه يوم بدر.
*
* * بين ظهراني قومهم في " أز " الظهائر في " كذ " . ظهيرتين في " وه " .
ظاهر عنك في " نط " . ظهير في " بت " . ظهر المجن في " كل " . عن ظهر يد في
" يد " . بمر الظهران في " نف " .
* * * آخر الظاء
========= ====================================================
========
الفائق في غريب الحديث و الأثر
حرف العين
العين مع الباء
النبي
صلى الله عليه وآله وسلم - مر هو وأصحابه على إبل لحيٍّ؛ يقال لهم بنو
الملوح أو بنو المصطلق قد عبست في أبوالها من السمن، فتقنع بثوبه ثم مر؛
لقوله تعالى: (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ
أَزْوَاجاً مِنْهُمْ).
العبس للإبل كالوذح للغنم؛ وهو ما يبس على مآخيرها من البول والثلط.
ومنه حديث شريح رحمه الله: أنه كان يردُّ من العبس.
أي كان يردّ العبد البوّال في الفرش الذي اعتيد منه ذلك حتى بان أثره على بدنه، وإن كان شيئاً يسيراً نادراً لم يرده.
وكما قالوا: وذحت الغنم قالوا: عبست الإبل، وتعديته بفي لأنه أجرى مجرى انغمست ونحوه.
* * *
إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء: مؤمن تقيّ وفاجر شقيّ.
العبية:
الكِبر، ولا تخلو من أن تكون فعيلة أو فعولة، فإن كانت فعيلة، فهي من باب
عباب الماء، وهو زخيره وارتفاعه، كما قيل له الزهو؛ من زهاه إذا رفعه،
والأبية بمعناها من الأُباب بمعنى العياب، ويجوز أن يكونا فعولة من العباب
والأباب، إلا أن اللام قلبت ياء؛ كما في تقضَّي البازي. والأظهر في الأًبية
أن تكون فعولة من الإباء. والعمية أيضا فعيلة من العمم وهو الطول، والطول
والارتفاع من واد واحد.
والمتكبر يوصف بالترفع والتطاول، ويجوز أن تكون
فعولة من العمى؛ لأنه يوصف بالسدر والتخمط وركوب الرأس. وإن كانت - أعني
العبية - فعولة فهي من عبَّاه، إذا هيأه، لأن المتكبر ذو تكلف وتعبئة خلاف
من يسترسل على سجيته، ولا يتصنع. والكسر في العبية لغة.
مؤمن: خبر مبتدأ
محذوف، والمعنى أنتم أو الناس مؤمن وفاجر، أراد: أن الناس رجلان؛ إما كريم
بالتقوى أو لئيم بالفجور، فالنسب بمعزل من ذلك.
* * * إن جهيش بن أوس
النخعي رضي الله عنه - قدم عليه في نفر من أصحابه فقال: يا نبي الله، إن
حيّ من مذحج، عباب سالفها، ولباب شرفها، كرام غير أبرام، نجباء غير دحَّض
الأقدام، وكأين قطعنا إليك من دوية سربخ، وديمومة صردح، وتنوفة صحصح، يضحى
أعلامها قامسا، ويُمسي سرابها طامساً؛ على حراجيج كأنها أخاشب بالحومانة
مائلة الأرجل، وقد أسلمنا على أن لنا من أرضنا ماءها ومرعاها وهدابها. فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم بارك على مذحج وعلى أرض مذحج؛ حيّ
حشد رفَّد زهر.
فكتب هلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً على
شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله. وإقام الصلاة لوقتها،
وإيتاء الزكاة بحقها، وصوم شهر رمضان، فمن أدركه الإسلام وفي يده أرض
بيضاء، وقد سقتها الأنواء فنصف العشر، وما كانت من أرض ظاهرة الماء فالعشر.
شهد على ذلك عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن أنيس الجهني
رضي الله عنهم.
عباب الماء: معظمه وارتفاعه وكثرته. ثم استعير فقيل: جاءوا يعب عبابهم. وقالت دختنوس: بنت حاجب بن زرارة.
فلو شهد الزَّيْدان زيد بن مالك ... وزيْد مناة حين عَبَّ عُبَابُهم
والمراد بسالفها من سلف مذحج، أو ما سلف من عزهم ومجدهم، يريد أنهم أهل سابقة وشرف.
اللباب:
الخالص. الأبرام: الذين لا يدخلون في الميسر وهو موسرون لبخلهم؛ الواحد
برم؛ كأنه سمى بمصدر برم به إذا ضجر وغرض. لأنهم كانوا يضجرون منه ومن
فعله؛ أو بثمر الأراك وهو شيء لا طعم له من حلاوة ولا حموضة ولا معنى له.
الدُّحَّض: جمع داحض، أي ليسوا ممن لا ثبات له ولا عزيمة؛ أو ليسوا بساقطي المراتب زالين عن علو المنازل.
كأين؛ فيها عدة لغات ذكرتها في كتاب المفصل؛ وهي في أصلها مركبة من كاف التشبيه وأيّ.
الدوّ: الصحواء التي لا نبات فيها. قال ذو الرمة:
ودَوٍّ كَكَفِّ المُشْتَرِي غير أنَّها ... بِساطٌ لأخماس المراسيل واسِع
والدوية منسوبة إليها؛ وتبدل من الواو المدغمة الألف، فيقال: داوية؛ إبدالاً غير قياسي، كقولهم طائي وحاريّ.
السربخ: الواسعة.
الديمومة:
يجعلها بعضهم فعلولة من الدوام، ويفسرها بالمتقاذفة الأرجاء التي يدوم
فيها السير فلا يكاد ينقطع، ويزعم الياء منقلبة عن واو تخفيفاً. وبعضهم
فيعولة، من دممت القدر إذا طليتها بالطحال والرماد. ويقول: هي المشتبهة
التي لا معلم بها؛ فمسالكها مغطاة على سالكها كما يغطى الدمام أثر ما شعبته
منها.
الصَّردح: المستوية.
التنوفة: المفازة ويقال التنوفية:
للمبالغة كالأحمري. وتاؤها أصل ووزنها فعولة، ولو زعم زاعم أنها تفعلة
كالتهلكة والتدملة، من نافت تنوف؛ إذا طالت وارتفعت لردَّ زعمته أمران:
أحدهما أن حقَّها لو كانت كما زعم أن تصح كما صحت التدورة؛ لكون الزنة
والزيادة موجودتين في الفعل؛ والثاني قولهم: تنائف تنف؛ أي بعيدة واسعة
الأطراف قال العجاج:
رمل تنوفات فيغشى التّنفا ... مواصلاً منها قِفافاً قففا
ذكر
سيبويه أن أفعالاً يكون للواحد؛ وأن بعض العرب يقول: هو الأنعام، واستشهد
بقوله تعالى: (وَإنَّ لكُمْ في الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا
في بُطُونِهِ) وعليه جاء قوله: يُضحي أعلامها قامساً. وقمس وغمس أخوان.
ومنه قولهم في المثل؛ أحواتاً تقامس! والقماس: الغواص. والمراد انغماس
الأعلام في السراب. ونظير القامس الماء الدافق، في مجيئه بمعنى المفعول.
طمس، يتعدى ولا يتعدى. أي يطمس سرابها القيزان. قال:
بيد ترى قِيزَانَهُنَّ طُمَّسا ... بَوَادِياً مَراًّ ومَراًّ قُمَّسا
الحرجوج: الطويلة على وجه الأرض. وعن أبي عمرو أنها الضامرة، كالحرج. والجيم مكررة.
الأخشب: الجبل الخشن الغليظ الحجارة.
الحومانة: الأرض الغليظة المنقادة، والجمع حوامين.
الهُدَّاب بمعنى الهدب: الورق الذي ينبسط، كورق الأرطى والأثل والطرفاء، وأراد الشجر الذي هذا ورقه.
قال
ابن الأعرابي: مذحج أكمة ولد عليها أبو هذه القبيلة فسمي بها. وعن قطرب
أنها أكمة حمراء باليمن، وهي مفعل من ذحجة إذا سحجه، ويقال: ذحجته الريح،
إذا جررته من موضع إلى موضع.
الحُشَّد: جمع حاشد. يقال حشدهم يحشدهم، إذا جمعهم.
والرفد: جمع رافد، وهو المعين، أي إذا حزب أمر حشد بعضهم بعضا، وتساندوا وتظاهروا، وصاروا يداً واحدة وهم معاوين في الخطوب.
الأنواء: نجوم الأمطار.
إنما
ألزمهم نصف العشر فيما سقته السماء وما سقي سيحاً، وما سقته السماء سيان
في وجوب العُشر بكماله إلا ما سُقي بغرب أو دالية لقوله صلى الله عليه وآله
وسلم: فيما سقت السماء العُشر وما سُقي بالرِّشاء ففيه نصف العُشر، لأنه
أراد تأليفهم على الإسلام.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كان يسجد على عبقريّ.
هو
ضب من البسط الموشية. وعبقر: يقال إنها من بلاد الجن فينسب إليها كل شيء
يونق ويستحسن ويستغرب، كأنه من صنعة الجن حتى قالوا: ظلم عبقريّ.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قيل له: أنت أمرت بقتل عثمان أو أعنت على قتله؟ فعبِدَ وضمِدَ.
عبد وأبد وأمد ورمد وعمد وضمد كلها بمعنى غضب. قال النابغة:
ومَنْ عصاك فعاقِبْهُ معاقبة ... تَنْهَى الظَّلُومَ ولا تقعدْ على ضَمَد
ابن سيرين رحمه الله - كان يقول: إني أعتبر الحديث.
أراد
أنه تأول الرؤيا بالحديث كما تأول بالقرآن، مثال ذلك أن يعبِّر الغراب
بالرجل الفاسق والضلع بالمرأة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى
الغراب فاسقاً. ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المرأة خُلقت من ضلع
عوجاء.
الحجاج - قال لطباخه: اتخذ لنا عبربية، وأكثر فيجنها - وروى: دوفصها العبرب: السماق.
والفيجن: السداب.
والدوفص " بالفاء " : البصل الأملس الأبيض، وبالميم البيض الذي يلبس.
*
* * العباهلة في " اب " . معبلة في " لع " . أعبلة في " كد " . عابر في "
كن " . إن يعبطوا في " شو " . المعابل في " عل " . اعتبط في " رب " .
عبقريا في " غر " . عبداؤك في " قح " . لعبابها في " سج " . لم تعبل في "
سر " . فعبط في " ضا " . معبوطة في " سن " . اعتبد في " دب " . بعبير في "
تو " . عنبسة في " ثغ " . من العب في " كب " .
* * *
العين مع التاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - خرجت إليه أم كلثوم بنت عقبة، وهي عاتق فقبل هجرتها، وأقبل أبو جندل يرسف في الحديد فردّه إلى أبيه.
العاتق: الشابة أول ما أدركت. ويحكى أن جارية قالت لأبيها: اشتر لي لوطا أغطي به فرعي فإني قد عتقت.
أي
رداء أستر به شعري، فإني قد أدركت. قال ابن الأعرابي: إنما سميت عاتقا
لأنها عتقت من الصبا وبلغت أن تزوج، كان هذا بعد ما صالح قريشا فلم يخش
معرّتهم على أبي جندل، ولم يسعه رد أم كلثوم إلى الكفار لقوله تعالى:
(فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الكُفَّار).
* * * عن معاذ بن جبل رضي الله
عنه - بينا أنا وأبو عبيدة وسلمان جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم خرج علينا في الهجير مرعوبا فقال: أوه لفراخ محمد من خليفة
يستخلف! عتريف مترف يقتل خَلَفي وخَلَف الخَلَف.
العتريف والعتريس:
الغاشم، وقيل هو قلب عفريت. تأول على ما جرى من يزيد في أمر الحسين وعلى
أولاد المهاجرين والأنصار يوم الحرة وهم خَلَف الخَلَف رضي الله عنهم.
ندب
صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى الصدقة، فقيل له: قد منع أبو جهم وخالد
بن الوليد والعباس. فقال أما أبو جهم فلم ينقم منا إلا أن أغناه الله
ورسوله من فضله، وأما خالد فإنهم يظلمون خالدا؛ إن خالد جعل رقيقه وأعتده
حبساً في سبيل الله، وأما العباس فإنها عليه ومثلها معها.
الأعتد: جمع
عتاد وهو أهبة الحرب من السلاح وغيره، ويجمع أعتدة أيضا. فيه معنيان:
أحدهما أن يؤخر عنه الصدقة عامين لحاجة به إلى ذلك، ونحوه ما يُروى عن عمر
أنه أخر الصدقة عام الرمادة فلما أحيا الناس في العام المقبل أخذ منهم صدقة
عامين والثاني: أن يتنجز منه صدقة عامين؛ ويعضِّده ما روى أنه روى أنه
قال: إنا تسلّفنا من العباس صدقة عامين - وروى: إنا تعجّلنا.
ومثلها ينضب على اللفظ ويرفع على المحل.
* * * إن سلمان رضي الله تعالى عنه غرس كذا وكذا ودية والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يناوله وهو يغرس فما عتمت منها ودية.
أي ما أبطأت أن علقت؛ يقال: ما عتَّم أن فعل؛ إذا لم يلبث. قال أوس:
فما إنّا إلا مُسْتَعِدّ كما تَرَى ... أخو شُرَكِيّ الوِرْد غير مُعَتَّم
لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء؛ وإنما يعتم بحلاب الإبل.
أي إنما يسمى حلاب الإبل عتمة.
والحلاب: ما يحلب من اللبن.
والعتمة: اسم للوقت؛ فسمى بها ما يحلب فيها كما سمِّيت الصلوات بأسماء أوقاتها التي تُصلى فيها، فيقال: صليت الظهر والعصر والعشاء.
وأهل
البدو كانوا يسمون صلاة العشاء العتمة؛ فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم أن يُقتدى بهم في هذه التسمية الخارجة على ألسنهم؛ واستحب التمسك
بالاسم الناطق بلسان الشيعة، وهو من أعتم القوم إذا دخلوا في العتمة، لأنك
إذا سميت اللبن بعتمة فقد جعلته معناها، والمعاني داخلة تحت الأسماء مودعة
إياها.
أنا ابن العواتك من سليم.
هن عاتكة بنت هلال بن فالج بن
ذكوان، وهي أم عبد بن قصي. وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان؛ وهي
أم هاشم بن عبد مناف. وعاتكة بنت الأوقص ابن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان؛
وهي أم وهب أبي آمنة أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وذكوان من أولاد سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان.
وبنو سليم تفخر بأشياء؛ منها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم هذه الولادات.
ومنها أنها كانت معه يوم فتح مكة، وأنه قدم لواءهم على الألوية، وكان أحمر.
ومنها
أن عمر كتب إلى الكوفة والبصرة والشام ومصر أن ابعثوا إلى من كل بلد
بأفضله رجلا؛ فبعث أهل البصرة بمجاشع بن مسعود السلمي، وأهل الكوفة بعتبة
بن فرقد السلمي، وأهل الشام بأبي الأعور السلمي، وأهل مصر بمعن بن يزيد ابن
الأخنس السلمي.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - كان يُلَّقب بعتيق.
قيل: لقب بذلك لعتق وجهه وجماله.
وقيل: لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت عتيق الله من النار، وقيل إن تلاد اسمه عتيق.
وعن عائشة رضي الله عنها: كان لأبي قحافة ثلاثة من الولد، فسماهم عتيقا، ومعتقا، ومعيتقا.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - قال لعبد الله بن مسعود حين بلغه أنه يقرئ
الناس: " عتَّى حين " يريد " حتى حين " : إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل
فأقرئ الناس بلغة قريش.
قال الفراء: حتى لغة قريش وجميع العرب إلا هذيلا وثقيفا؛ فإنهم يقولون " عتَّى " . قال: وأنشدني بعض أهل اليمامة:
لا أضعُ الدَّلو ولا أُصضلِّي ... عَتّى أَرى جِلَّتها تُولِّي
صَوَادِرا مِثْلَ قِباب التَّلِّ
وقال أبو عبيدة: من العرب من يقول: أقم عني عتى آتيك، وأتى آتيك؛ بمعنى حتى آتيك، وهي لغة هذيل.
ومن
معاقبة العين الحاء قولهم: الدعداع في الدحداح، والعفضاج في الحفضاج،
وتصوَّع في تصوَّح. وجيء به من عسك وحسك. والعثالة بمعنى الحثالة.
وبين
العين والحاء من القرب ما لولا بحة في الحاء لكانت عينا، كما أنه لولا
إطباق في الصاد لكانت سينا، ولولا إطباق في الظاء لكانت ذالاً.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - إذا كان إمام تخاف عترسته فقل: اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم، كن لي جارا من فلان.
العتريس: الجبان الغضبان، وقد عترس عترسة.
والعنتريس: الناقة الصلبة الجريئة، فنعليل من ذلك.
* * *
سلمان رضي الله تعالى عنه - كان عتب سراويله فتشمر.
التعتيب:
أن تجمع الحجزة وتطويها من قدام، وهو من قولك عتَّب عتبات؛ إذا اتخذ
مرقيات؛ لأنه إذا فعل ذلك بسراويله فقد رفعها، ويجوز أن يكون من قولهم: عتب
فلان في الحديث؛ إذا جمعه في كلام قليل.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - إن رجلا حلف أيمانا، فجعلوا يعاتُّونه؛ فقال: عليه كفارة.
أي
يراودونه فيكرر الحلف، ولا يقبلون منه في المرة الواحدة، يقال: ما زلت
أُصاته وأُعاته؛ أي أخاصمه وأُراده، وهي مفاعلة من عته بالمسألة، إذا ألح
عليه بها.
* * * الزهري رحمه الله تعالى - قال في رجل أنعل دابة رجل
فعتبت - أو عنتت: إن كان ينعل فلا شيء عليه، وإن كان ذلك تكلفاً وليس من
عمله ضمن.
يقال للدابة المعقولة أو الظالعة إذا مشت على ثلاث كأنها
تقفز: عتبت عتباناً، قالوا: وهذا تشبيه، كأنما تمشي على عتبات الدرجة،
فتنزو من عتبة إلى عتبة.
عنتت: من العنت وهو الضرر والفساد، وسمي الغمز عنتاً لأنه ضرر.
*
* * وعتله في " عص " . ولا عتيرة في " فر " . العترة في " فل " . وعترتي
في " ثق " . تعترسه في " صف " . عتمتها في " لق " . العتلة في " رف " .
والعتر في " سن " . عتب في " جو " . عتبة في " عص " .
* * *
العين مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن قريشا أهل أمانة، من بغاها العواثير كبه الله لمنخريه - وروى: العواثر.
العواثير:
جمع عاثور، وهو المكان الوعث لأنه يعثر فيه، والعافور؛ مثله؛ من العفر وهو
التراب؛ كأنه يكب سالكه فيعفر وجهه؛ أو فاؤه بدل من ثاء؛ كما قيل فوم في
ثوم، وفم في ثم، فاستعير للورطة والخطة الموبقة؛ فقيل: وقع فلان في عاثور
شرّ، وعافور شر، ولا تبغني عاثورا؛ أي لا تحفر لي ولا تبغني شرا.
وقيل:
العاثور مصيدة تُتخذ من اللحاء. وفي العواثر وجهان: أحدهما أنه جمع عاثر،
وهو حباله الصائد. والثاني أنه جمع عاثرة وهي الحادثة التي تعثر بصاحبها؛
من قولهم: عثر بهم الزمان؛ إذا أدال منهم، وأتعس جدَّهم، ويجوز أن يراد
العواثير، فاكتفى عن الياء بالكسرة.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - ذاك زمان العثاعث.
هي الشدائد؛ من العثعثة، وهي الإفساد. قال العجاج:
وأمراء أفْسَدُوا وعَاثُوا ... وعَثْعَثُوا فكثر العَثْعَاثُ
رواه أبو زيد بالعين وغيره بالهاء؛ ونظير العثاعث التراتر والتلاتل للأمور العظام، من الترترة والتلتلة؛ وهما شدة التحريك والعنف.
* * * ابن الزبير رضي الله تعالى عنه - إن نابغة بني جعدة امتدحه فقال يصف جملا:
أَتاكَ أبو لَيْلَى يجوبُ به الدُّجَى ... دُجَى اللَّيْلِ جوَّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ
هو الجمل الشديد القوي؛ العجمجم مثله.
* * * الأحنف رضي الله تعالى عنه - بلغه أن رجلا يغتابه فقال: عثيثة تقرم جلداً أملس.
العثَّة: دويبة تلحس الصوف، قال:
فإنْ تشتمونا على لُؤمِكُمْ ... فقد يلحَس العُثّ مُلْس الأدَمْ
قرم الشيء بأسنانه: قطعه، مثل قرضه؛ ضرب الجلد الأملس مثلا لعرضه في براءته من العيوب؛ والعثيثة لمن أراد أن يقدح فيه بالغيبة.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - في الأعضاء إذا انجبرت على غير عثم صلح، وإذا انجبرت على عثم فالدية.
يقال عثمت يده فعثمت؛ أي جبرتها على غير استواء فجبرت ونحو ذلك؛ وفرته فوفر؛ ووقفته فوقف؛ ورجعته فرجع.
* * * في الحديث - أبغض الخلق إلى الله العثري.
قيل هو الذي لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة.
قال
ابن الأعرابي: يقال جاء فلان عثرياًّ يتبحلس إذا جاء فارغاً؛ وهو من قولهم
للعذي من النخل أو لما يسقى سيحاً على خلاف بين أهل اللغة: العثريّ؛ لأنه
لا يحتاج في سقيه إلى عمل بغرب أو دالية. وهو من عثر على الشيء عثوراً
وعثرا؛ لأنه يهجم على الماء بلا عمل من صاحبه؛ كأنه نسب إلى العثر؛ وحركت
عينه؛ كما قيل في الحمض والرمل حمضي ورمليّ.
* * * قال مسيلمة الكذاب: عثنوا لها.
أي بخِّروا لها؛ من العثان، وهو الدخان الذي لا لهب له؛ والضمير لسجاح المتنبئة، قال ذلك حين أراد الإعراس بها.
* * * عثرة في " عص " . عثان في " فر " . عثكالا في " خد " .
* * *
العين مع الجيم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - العجوة من الجنة، وهي شفاء من السم.
هي تمر بالمدينة من غرس النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال:
خَلَطَتْ بصاع الأَقْطِ صاعين عجْوَةً ... إلى صاع سَمْنٍ وسْطَها يَتَرَّيعُ
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: كنت يتيما ً ولم أكن عجياً.
هو الذي لا لبن لأمه، أو ماتت فعلل بلبن غيرها، أو بشيء آخر فأورثه ذلك وهناً؛ وقد عجاه يعجوه إذا علله. قال الأعشى:
قد تَعادى عنه النَّهَارُ فما تَعْجُوه إلا عُفاقةٌ أو فُوُاقُ
وقال النصر: عجى الصبي يعجى عجيً؛ إذا صار عجياً، أي محثلاً.
وقيل عجت الأم ولدها؛ إذا أخرت رضاعه عن وقته.
* * * العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار؛ وفي الركاز الخمس.
هي البهيمة لأنها لا تتكلم.
ومنها قول الحسن رحمه الله: صلاة النهار عجماء؛ لأنها لا تُسمع فيها قراءة.
وكذلك قوله رحمه الله: من ذكر الله في السوق كان له من الأجر بعدد كل فصيح فيها وأعجم.
قيل: الفصيح: الإنسان، والأعاجم: البهيمة.
الجبار:
الهدر؛ يقال: ذهب دمه جباراً. والمعنى أن جنايتها هدر؛ قالوا: هذا إذا لم
يكن لها سائق ولا قائد ولا راكب؛ فإن كان لها أحدهم فهو ضامن، لأنه أوطأها
الناس.
وأما البئر فهو أن يستأجر صاحبها من يحفرها في ملكه فتنهار على الحافر؛ أو يسقط فيها إنسان فلا يضمن.
وقيل: هي البئر العادية في الفلاة، إذا وقع فيها إنسان ذهب هدراً.
وأما المعدن فإذا انهار على الحفرة المستأجرين فهم هدر.
والركاز عند أهل العراق المعدن؛ وما يستخرج منه فيه الخُمس لبيت المال؛ والمال المدفون العادي في حكمه.
والركاز عند أهل الحجاز المال المدفون خاصة؛ والمعادن ليست بركاز، وفيها ما في أموال المسلمين من الزكاة سواء.
* * * وصف البراء بن عازب رضي الله السجود فبسط يديه، ورفع عجيزته، وخوّى، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد.
العجيزة
للمرأة خاصة، والعجز لهما. وعجزت، إذا عظمت عجيزتها، وهي عجزاء، ولا يقال:
عجز الرجل ولا رجل أعجز، ولكن آليّ، وعن الزجاج تسويغ الأعجز، وإنما قال
عجيزته على طريق الاستعارة، كما استعار الثفر للثورة - وهو للحافر - من
قال:
جزَى اللهُ عَنَّا الأَعورَيْن ظلامة ... وفَرْوة الثَّوْرة المُتضَاجمِ
والتخوية: أن تجعل بينه وبين الأرض خواء؛ أي هواء وفجوة. وخواء الفرس ما بين يديه ورجليه من الهواء. قال أبو النجم:
ويظلُّ الطيرُ في خَوائِه
* * * قالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهانا أن نعجم النوى طبخا، وأن نخلط التمر بالزبيب.
أراد
أن التمر إذا طُبخ لتؤخذ حلاوته طُبخ عفواً، حتى لا يبلغ الطبخ النَّوى،
ولا يؤثر فيه تأثير من يعجمه؛ أي يلوكه؛ لأن ذلك يفسد طعم الحلاوة، أو لأنه
قوت للدّاجن؛ فلا ينضج لئلا يذهب طعمه.
* * * لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطة من أهل الأرض، فيبقى عجاج لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً.
هم الرعاع من الناس؛ يقال: جئت بني فلان فلم أُصب إلا العجاج الهجاج؛ أي الرعاع ومن لا فيه؛ الواحد عجاجة وهجاجة؛ قال:
يَرْضَى إذا رَضِىَ النساءُ عَجاجَةً ... وإذا تُعُمِّدَ عَمْدُه لم يَغْضَبِ
* * * قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم أخو خسرو صاحب كسرى فوهب له معجزة، فسمي ذا المعجزة.
هي المنطقة بلغة أهل اليمن؛ كأنها سميت بذلك لأنها تلي عجز المتنطق.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قال يوم الشورى: لنا حقٌّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل، وإن طال السُّرى.
هذا
مثل لركوبه الذل والمشقة، وصبره عليه وإن تطاول ذلك، وأصله أن الراكب إذا
اعرورى البعير ركب عجزه من أصل السنام؛ فلا يطمئن ويحتمل المشقة.
وأراد بركوب أعجاز الإبل كونه ردفاً تابعاً، وأنه يصبر على ذلك وإن تطاول به.
ويجوز أن يريد: وإن نمنعه نبذل الجهد في طلبه؛ فعل من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الإبل، ولا يبالي باحتمال طول السرى.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - ما كنا نتعاجم أن ملكاً ينطق على لسان عمر.
أي كنا نفصح بذلك إفصاحاً.
ونحوه قول علي رضي الله عنه: كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر.
* * *
الحجاج
- قال لأعرابي من الأزد: كيف بصرك بالزرع؟ قال: إني لأعلم الناس به، قال:
صفه لنا. قال: الذي غظت قصبته، وعرضت ورقته؛ والتف نبته، وعظمت سنبلته.
قال: إني أراك بالزرع بصيراً. قال: إني لما عاجيته وعاجاني.
المعاجاة: تعليل الصبي باللبن أو غيره. قال:
إذا شئتَ أبصرتَ مِنْ عَقْبهم ... يَتَامى يُعَاجَوْن كالأذْؤُب
جعل ذلك مثلا لمعاناته أمر الزرع ومزاولته له.
* * * في الحديث: كل ابن آدم يبلى إلا العجب.
هو العظيم بين الإليتين؛ يقال: إنه أول ما يُخلق وآخر ما يبلى؛ ويقال له العجم أيضا. ورواه اللحياني - وروى الفتح والضم فيهما.
والمعنى: جميع جسد ابن آدم يبلى.
* * * لا تدبَّروا أعجاز أمور قد ولت صدورها.
أي أدبارها وأواخرها.
*
* * العجمة في " حب " . تعجزه في " شع " . في عجلة في " فق " . ذو عجر في "
زخ " . عجرى وبجرى في " جد " . معجزة في " فر " . عجمتك في " حن " .
المعجم في " له " . فعجم في " ين " . العجوة في " بس " . عجرة في " غث " .
* * *
العين مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا عدوى ولا هامة ولا صفر ولا غول؛ ولكن السعالي.
العدوى: اسم من الإعداء، كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء.
الهامة: واحدة الهام من الطير؛ وكانت العرب تقول: إن عظام الموتى تصير هاماً فتطير. قال لبيد:
فَليس الناس بَعْد في نَقيرٍ ... وما هم غَيْرُ أصْدَاء وهَامِ
سئل
رؤبة عن الصَّفر؛ فقال: هو حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس، وهي
أعدى من الجرب عند العرب، وقيل: هو تأخيرهم المحرم إلى صفر.
السعالي: سحرة الجن؛ الواحدة سعلاة؛ أراد أن في الجن سحرة كسحرة الإنس؛ لهم تخييل وتلبيس.
*
* * ذكر قارئ القرآن وصاحب الصدقة، فقال رجل: يا رسول الله، أ رأيتك
النجدة تكون في الرجل؟ فقال: ليست لهما بعدل، إن الكلب يهر من وراء أهله.
أي بمثل.
وعن
الفراء أن عدل الشيء ما كان من جنسه، وعدله ما ليس من جنسه. تقول: عندي
عدل غلامك؛ أي غلام مثله. وعدله؛ أي قيمته من الدراهم والدنانير.
أراد أن النجدة غريزة؛ فالإنسان يقاتل حمية لا حسبة؛ كالكلب يهر عن أهله، ويذبّ عنهم طبعاً.
الكاف في أ رأيتك مجردة للخطاب، كالتي في " النجاءك " ومعناه أخبرني عن النجدة.
*
* * إن أبيض بن حمال المأربي استقطعه صلى الله عليه وآله وسلم الملح الذي
بمأرب، فأقطعه إياه؛ فلما ولى قال له رجل: يا رسول الله؛ أتدري ما أقطعته؟
إنما أقطعت له الماء العدّ، فرجعه منه.
وسأله أيضا: ماذا يُحمى من الأراك؟ فقال: ما لم تنله أخفاف الإبل.
العدّ:
الذي لا انقاع له، كماء العين وابئر؛ إنما رجعه منه لأن الماء جميع الناس
فيه شركاء، وكذلك ما كان كلأ للإبل من الأراك، لكونه بحيث تصل إليه وتهجم
عليه؛ فأما ما كان بمعزل من ذلك فسائغ أن يحمى.
وقيل: الأخفاف مسانُّ الإبل؛ قال الأصمعي: الخفّ: الجمل المسن. وأنشد:
سألت زيدا بعدَ بَكْرٍ خُفّا ... والدَّلوُ قد تُسْمَع كَيْ تَخفّا
والمعنى أن ما قرب من المرعى لا يُحمى؛ بل يُترك لمسانّ الإبل وما في معناها من الضعاف التي لا تقوى على الإمعان في طلب المرعى.
*
* * في حديث المبعث: أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لخديجة رضي الله
تعالى عنها: أظن أنه عرض لي شبه جنون. فقالت: كلا إنك تكسب المعدوم وتحمل
الكلّ.
يقال فلان يكسب المعدوم؛ إذا كان مجدوداً يرزق ما يُحرمه غيره.
وفي كلامهم: هو آكلكم للمأدوم، وأكسبكم للمعدوم، وأعطاكم للمحروم.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - لما عزل حبيب بن مسلمة عن حمص، وولى عبد
الله بن قرط، قال حبيب: رحم الله عمر ينزع قومه ويبعث القوم العِدَى.
أي الأجانب؛ قال:
إذا كنتَ في قوم عدًى لسْتَ مِنْهم ... فَكُلْ ما عُلِفْتَ مِنْ خَبيثٍ وطَيّبِ
*
* * علي رضي الله تعالى عنه - قال لبعض أصحابه وقد تخلف عنه يوم الجمل: ما
عدا مما بدا! أي ما عداك؟ بمعنى: ما منعك وما شغلك مما كان بدا لك من
نصرتي؟ ومنه الحديث: السلطان ذو عدوان، وذو بدوان، وذو تدرأ.
أي سريع الانصراف والملال؛ كثير البدء في الأمور.
والتدرأ: تفعل من الدرء، وهو الدفع؛ أي يدفع نفسه على الخطط ويتهور.
* * *
في الحديث: سُئل رجل متى تكون القيامة؟ فقال: إذا تكاملت العدتان.
أي عدة أهل الجنة وعدة أهل النار.
*
* * عدلها في " خد " . لعادته وعاد في " بج " . أعداد في " خب " . تعادني
في " أك " . لا تعدل ولا تعدُّ في " ند " . قيمة عدل في " رج " . وعدَّى في
" سط " . وتعدو في " لق " . عاديت في " طم " . وتعادٍ في " دف " . عدلوا
في " ضو " . ولا عدل في " صر " . عادية في " رق " . العدوّ في " رض " .
المعدلة في " ذف " . العدوة في " سح " . عدنك في " دح " . وأعدَّه في " أد "
.
* * *
العين مع الذال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم - وروى بفتح الياء وضمها.
والفرق بينهما نحوه بين سقيته وأسقيته، وغمدته وأغمدته. وحقيقة عذرت محوت الإساءة وطمستها، من قوله:
أمْ كُنْتَ تعرف آيات فقد جَعَلَتْ ... أطلالُ إلْفِكَ بالْودْكاءِ تَعْتَذِرُ
وفي معناه: عفوت من عفا الدار.
والمعنى حتى يفعلوا ما يتجه المحل العقوبة بهم.
العذر:
من قولهم: عذيري من: أي هات من يعذرني منه في الإيقاع به؛ إيذاناً بانه
أهل لأن يوقع به، وإن على من علم بحاله في الإساءة أن يعذر الموقع به ولا
يلومه.
ومنه ما جاء في حديث الإفك: فاستعذر رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم من عبد الله ابن أُبي، فقال، وهو على المنبر: من يعذرني رجل قد
بلغني عنه كذا وكذا؟ فقام سعد، فقال: يا رسول الله، أنا أعذرك منه؛ إن كان
من الأوس ضربت عنقه.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه استعذر أبا بكر من عائشة.
أي قال له: كن عذيري منها إن عاقبتها؛ وذلك في شيء عتب فيه عليها.
* * * إن الله تعالى نظيف يحب النظافة، فنظفوا عذراتكم، ولا تشَّبهوا باليهودن تجمع الأكباء في دورها.
العذرة: الفناء؛ وبها سميت العذرة فلأقائها فيها، كما سميت بالغائط وهو المطمئن من الأرض.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: اليهود أنتن خلق الله عذرة.
وعن
علي رضي الله تعالى عنه أنه عاتب قوما وقال: ما لكم لا تنظفون عذراتكم!
الأكباء: جمع كبا " بالكسر والقصر " ، وهو الكُناسة، وإذا مُدَّ فهو
البخور، وألف الكبا عن واو، لقولهم: كبوت البيت أكبوه كبوا، وقد تميله
العرب؛ فهو في ذلك أخو العشا في الشذوذ عن القياس.
* * * وفي تنظيف
الأفنية يروى عن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه كان إذا قدم مكة يطوف في
سككها فيمر بالقوم فيقول: قمُّوا فناءكم، حتى مر بدار أبي سفيان فقال: يا
أبا سفيان، قموا فناءكم، فقال: نعم يا أمير المؤمنين حتى يجيء مهاننا الآن،
فطاف أيضا ثم مر به فلم يصنع شيئا، فقال: يا أبا سفيان، ألا تقمون فناءكم!
فقال: يا أمير المؤمنين. حتى يجيء مهاننا الآن، فطاف أيضا ومر به فلم يصنع
شيئا. فوضع الدرة بين أذنية ضرباً، فجاءت هند فقالت: والله لربَّ يوم لو
ضربته لاقشعر بطن مكة! فقال: أجل! والله لرب يوم لو ضربته لاقشعر بطن مكة! *
* * قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم أصيل الغفاري من مكة، فقال: يا
أصيل، كيف عهدت مكة؟ فقال: عهدتها والله وقد أخضب جنابها، وأعذق إذخرها،
وأسلب ثمامها، وأمش سلمها، فقال: حسبك يا أصيل.
ويروى أن أبان بن سعيد
رضي الله عنه قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا أبان، كبف تركت
مكة؟ قال: تركتهم وقد جيدوا، وتركت الإذخر وقد أعذق، وتركت الثمام وقد خاص.
فاغرورقت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وروى أنه صلى الله
عليه وآله وسلم لما نزل الحديبية أهدى له عمرو بن سالم وبسر بن سفيان
الخراعيان غنماً وجزوراً مع غلام منهم، فأجلسه وهو في بردة له فلتةٍ؛ فقال:
يا غلام؛ كيف تركت البلاد؟ فقال: تركتها قد تيسرت؛ قد أمشر عضاها، وأعذق
إذخرها، وأسلب ثمامها، وأبقل حمضها. فشبعت شاتها إلى الليل، وشبع بعيرها
إلى الليل، مما جمع من خوص وضمد وبقل.
أعذق: أي صارت له أفنان كالأعذاق؛
يقال: أعذقت النخلة إذا كثرت أعذاقها؛ جمع عذق " بالكسر " وهو الكباسة،
وأعذق الرجل؛ كثرت عذوقه، جمع عذق " بالفتح " وهو النخلة.
وقال الأصمعي: أعذق الإذخر: إذا خرجت ثمرته.
أسلب: خوَّص. والسلب: خوص الثمام.
أمشَّ: خرج ما يخرج في أطرافه ناعما رخصا كالمشاش.
وقيل: إنما هو أمشر: أي أورق واخضر، من مشرة الأرض؛ وهي أول نبتها.
جيدوا: أصابهم الجود.
خاص:
صار له خوص؛ والمحفوظ أخوص النخل وأخوص العرفج؛ وما كانت البئر خوصاء؛ وقد
خاصت تخوص؛ أي خوصت، وأما خاص بمعنى أخوص فلم يسمع فيما أعلم إلا في هذا
الحديث.
اغرورقت؛ افعوعلت، من الغرق؛ أي غرقت في الدمع.
الفلتة: الفلوت، وهي التي لا ينضم طرفاها.
تيسرت: أخصبت، من اليسر؛ ومنه تيسر الرجل، إذا حسنت حاله.
الضمد: رطب الشجر ويابسه، وقديمه وحديثه.
* * * ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معذوراً مسروراً.
يقال عذرته وأعذرته؛ إذا ختنته، وسررته إذا قطعت سرته.
وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: ابن صياد ولدته أمه، وهو اعور معذور مسرور.
* * * إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما يليه، ولا يرفع يده وإن شبع، وليعذر فإن ذلك يخجل جليسه.
أي فليقصر في الأكل، وهو يرى صاحبه أنه مجتهد.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا.
ذلك إشارة إلى رفع اليد.
*
* * جاء صلى الله عليه وآله وسلم إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان ومعه أبو
بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم؛ وقد خرج أبو الهيثم يستعذب الماء، فدخلوا
فلم يلبث أن جاء أبو الهيثم يحمل الماء قربة يزعبها، ثم رقي عذقاً له -
وروى: إنه أخذ مخرقاُ فأتى عذقاً له فجاء بقنو فيه زهوة ورطبه، فأكلوا منه
وشربوا من ماء الحسى، ثم قال: يا أبا الهيثم؛ ألا أرى لك هانئاً - وروى:
ماهناً؛ فإذا جاء السبي أخدمناك خادما.
يقال: أعذب القوم، إذا عذبت مياههم؛ واستعذبوا إذا استقوا وشربوا عذبا.
زعبت القربة؛ حملتها مملوءة. وقيل دفعتها لثقلها؛ من قولهم: سيل زاعب؛ إذا دفع بعضه بعضاً.
المخرف: شبه الدوخلة.
الهانئ والماهن: الخادم. وأصل الهنء: الإصلاح والكفاية، ومنه الهناء لأنه يصلح الجربى ويشفيها.
ويقال: اهتنأت مالي، إذا أصلحته. وهنأهم شهرين؛ إذا كفاهم مؤنتهم؛ وقيل للطعام هنئ: إذا صلح به البدن.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لا قطع في عذق معلق.
أي في كباسة هي في شجرتها معلقة لا تصرم ولما تحرز.
* * * علي رضي الله عنه - شيَّع سرية أو جيشا فقال: أعذبوا عن النساء.
أي امتنعوا عن ذكرهن، فإنه يكسركم عن الغزو ويثبطكم؛ قال عبيد ابن الأبرص:
وتَبَدَّلُوا اليَعْبُوبَ بعد إلههم ... صَنَمًا فَقرُّوا يا جَدِيلَ وأَعْذِبُوا
وبات الفرس عذوباً، إذا امتنع من الأكل والشرب. ومنه العذاب؛ لأنه نكال يمنع الجاني من مثل ما جنى.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - قال لرجل: إن كنت لابد نازلا بالبصرة فانزل عذاوتها ولا تنزل سرتها.
جمع عذاة؛ وهي الأرض الطيبة التربة البعيدة من الماء المالح والسباخ. قال ذو الرمة:
بِأَرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ وسْمِيَّة الثَّرَى ... عَذَاةٍ نَأَتْ عنها الملوحَةُ والبَحْرُ
والعذية
مثلها. وقد عذوت، وعذيت أحسن العذاة - عن أبي زيد. ويمكن أن يكون منها
العذى، وهو الزرع الذي لا يسقيه إلا السماء لبعده عن الماء؛ ونظيره وهو ابن
عمي دنيا.
* ** سلمان رضي الله تعالى عنه - كاتب أهله على ثلاثمائة وستين عذقاً وعلى أربعين أوقية خلاص، فأعانه سعد بن عبادة بستين عذقاً.
هو النخلة؛ وكانوا كاتبوه على أن يغرسها لهم فسيلا فما أخطأت منها ودية.
الخلاص: ما أخلصته النار من الذهب والفضة؛ ومنه الزبد خلاص اللبن.
*
* * وفي حديث ابن سلام رضي الله عنه، قال: إني لفي عذق أُنجي منه رطباً -
وروى: أستنجي رطبا، أن سمعت صائحا يقول: قاتل الله هؤلاء العرب! قد قدم
صاحبهم الساعة - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فأخذني أفكل من
رأس العذق.
الإنجاء واستنجاء: الاجتناء؛ من نجا الشجرة وأنجاها واستنجاها؛ إذا قطعها، ومنه الاستنجاء وهو قطع النجاسة.
الأفكل: الرعدة.
*
* * وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: تزوجني رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وأنا بنت تسع؛ وقالت: إني لأُرجح بين عذقين: إذ جاءتني أمي
فانزلتني حتى انتهت بي إلى الباب، وأنا أنهج، فمسحت وجهي بشيء من ماء،
وفرقت جميمة كانت عليّ، ودخلت بي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
نهج وأنهج: إذا ربا وعلاه البهر، وأنهجه غيره، وأنهجت الدابة، سرت عليها حتى انبهرت.
* * *
وفي الحديث: لا والذي أخرج العذق من الجريمة، والنار من الوثيمة.
الجريمة: النواة.
والوثيمة: الحجارة المكسورة؛ من وثم يثم.
*
* * المقداد رضي الله تعالى عنه - قال أبو راشد الحبراني: رأيته جالسا على
تابوت من توابيت الصيارفة قد فضل عنها عظماً؛ فقلت: يا أبا الأسود، لقد
أعذر الله إليك. قال: أبت علينا سورة البحوث: (انفِرُوا خِفَافاً
وثِقَالاً).
هو من أعذره بمعنى عذره؛ أي جعلك الله منتهى العذر وغايته لثقل بدنك، فأسقط عنك الجهاد، ورخَّص لك في تركه.
سورة البحوث: هي سورة التوبة لما فيها من البحث عن المنافقين، وكشف أسرارهم، وتسمى المبعثرة.
*
* * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - سئل عن المستحاضة؛ فقال: ذاك العاذل
يغذو لتستثفر بثوب ولتصل - وروى: أنه عرق عاند؛ أو ركضة من الشيطان.
هو العرق الذي يخرج منه دم الاستحاضة؛ كأنه سمي بذلك لأن المرأة تستليم إلى زوجها، فجعل العذل للعرق لكونه سببا له.
يغذو: يسيل.
العاند:
الذي لا يرقأ؛ من العنقود، وهو البغي؛ جُعلت الاستحاضة ركضة من الشيطان،
وإن كانت فعل الله تعالى، ولا عمل للشيطان فيها؛ لأنها ضرب من الأسقام
والعلل؛ وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: (ومَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فبِمَا كَسَبَتْ أيْدِيكُمْ) وما كسبت أيدي الناس فبنزغ الشيطان
وكيده.
* * * في الحديث: إن رجلا كان يرائي فلا يمر بقوم إلا عذموه.
أي أخذوا بألسنتهم، وأصله العضّ.
* * * إن بني إسرائيل كانوا إذا عمل فيهم بالمعاصي نهاهم أحبارهم تعذيراً، فعمهم الله بالعقاب.
أي نهوهم غير مبالين في النهي. وضع المصدر موضع اسم الفاعل حالا؛ كقولهم جاء مشيا.
*
* * بعذرات في " قح " . تعذّر في " جش " . عذيري في " رع " . وعذيقها في "
جذ " . رب عذق في " وق " . عاذر في " سح " . بابي عذر في " قر " . شديد
العذار في " صد " .
* * *
العين مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من عرج أو كسر أو حُبس فليجز مثلها وهو حِلّ.
عرج يعرج عرجاناً؛ إذا غمز من عارض أصابه، وعرج عرجاً؛ إذا كان ذلك خلقة.
فليجز: من جزيت فلانا دينه؛ إذا قضيته.
والمعنى
أن من أحصره مرض أو عدو فعليه أن يبعث بهدي شاة أو بدنة أو بقرة، ويواعد
الحامل يوما بعينه يذبحها فيه، فإذا ذُبحت تحلل؛ والضمير في مثلها للنسيكة.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا عرس بليل توسد لينة، وإذا عرس عند الصبح نصب ساعده نصباً وعمدها إلى الأرض ووضع رأسه إلى كفه.
يقال عرَّس وأعرس؛ إذا نزل في آخر الليل، ومنه الإعراس بالمرأة.
اللينة: المسورة، سميت للينها؛ كأنها مخففة من لينة.
* * * أتى صلى الله عليه وآله وسلم بعرق من تمر.
هو سفيف منسوج من خوص، وكل شيء مضفور كالنسع، أو مصطف كالطير المتساطر في الجو فهو عرق. والمراد: بزبيل من عرق.
* * * في ذكر أهل الجنة - لا يتغوطون ولا يبولون؛ وإنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل ريح المسك.
جمع عرض، وهو كل موضع يعرق من الجسد، ومنه قيل: فلان طيب العرض؛ أي الريح، لأنه إذا طابت مراشحه طابت ريحه.
* * * الثيب يعرب عنها لسانها، والبكر تستأمر في نفسها.
الإعراب والتعريب: الإبانة، يقال: أعرب عنه لسانه، وعرب عنه.
ومنه
الحديث: في الذي قتل رجلا يقول لا إله إلا الله؛ فقال القائل: إنما قالها
متعوذا؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: فهلا شققت عن قلبه! فقال الرجل: هل
كان يبين لي ذلك شيئا؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فإنما كان يعرب
عما في قلبه لسانه.
ومنه قول إبراهيم التيمي: كانوا يستحبون أن يلقِّنوا الصبي حين يعرب أن يقول: ا إله إلا الله سبع مرات.
* * * من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حقّ.
أي لذي عرق ظالم، وهو الذي يغرس فيها غرساً على وجه الاغتصاب ليستوجبها بذلك.
*
* * وفي الحديث: إن رجلا غرس في أرض رجل من الأنصار نخلاً، فاختصما إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى للأنصاري بأرضه، وقضى على الآخر أن
ينزع نخله.
قال الراوي: فلقد رأيتها يُضرب في أصولها بالفئوس، وإنها لنخل عمٌّ.
أي تامة طويلة؛ جمع عميمة. قال لبيد يصف نخلا:
سُحُقٌ يُمَتِّعها الصَّفا وسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنّ كُروم
* * *
كان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر الخُرَّاص أن يخففوا في الخرص، ويقول: إن في المال العرية والوصية.
مر تفسير العرية في " حق " .
* * * نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان - وروى: عن بيع المسكان.
قال أبو زيد: يقال أعطيته عرباناً أو مسكاناً؛ أي عربونا.
وهو
أن يشتري شيئا فيدفع إلى البائع مبلغا على أنه إن تم البيع احتسب من
الثمن؛ وإن لم يتم كان للبائع؛ لم يرتجع منه. ويقال: أعرب في كذا وعرَّب
وعربن ومسّك، فكأنه سُمّي بذلك لأن فيه إعراباً لعقد البيع؛ أي إصلاحا
وإزالة فساد، وإمساكاً له لئلا يملكه آخر.
* * * قال عكراش بن ذؤيب:
بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقدمت بإبل كأنها عروق الأرطى؛ وذكر أنه أكل معه، قال: فأتينا بجفنة كثيرة
الثيد والوذر.
شبهها بعروق الأرطى في حمرتها، وحمر الإبل كرامها، أو في ضمرها؛ والضُّمر أمارة الكرم والنجابة.
وقيل في سمنها واكتنازها؛ لأن عروق الأرطى مكتنزة روية؛ لانسرابها في ثرى الرمال الممطورة، والوحش تجزأ بها في حمارّة القيظ.
الوذر:
البضع؛ جمع وذرة. وحكى الأصمعي عن بعض العرب: جاءوا بثريدة ذات حفافين من
الوذر، وجناحين من الأعراق تجذب أولاها فتنقعر أخراها.
* * * في كتابه صلى الله عليه وآله وسلم لقوم من اليهود: إن عليكم ربع ما أخرجت نخلكم، وربع ما صاد عروككم، وبع المغزل.
جمع عرك، وهم الذين يصيدون السمك؛ قال أمية بن أبي عائذ الهذلي:
وفي غَمْرةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوَى ... عُرُوكاً على رائسٍ يَقْسِمُونا
ربع المغزل؛ أي ربع ما غزلته نساؤكم؛ وهذا حكم خُصَّ به هؤلاء.
* * * أرسل صلى الله عليه وآله وسلم أمَّ سليم تنظر إلى امرأة، فقال: شمِّي عوارضها، وانظري إلى عقبيها.
هي الأسنان في عُرض الفم. وعن الزجاج: هي الرباعية والناب والضاحكان من كل جانب؛ الواحد عارض.
أمرها بشمِّها لتبور بذلك نكهتها؛ وبالنظر إلى عقبيها لتتعرف لون بشرتها؛ لأنهما إذا اسودا اسودّ سائر الجسد؛ قال النابغة:
ليسَتْ من السُّود أَعْقاباً إذا انصرفَتْ ... لا تبيع بجنبيْ نَخْلَة البُرَما
* * * إن الله يغفر لكل مذنب إلا لصاحب عرطبة أو كوبة.
هي العود. وقال أبو عمرو: الطنبور. وعن النضر: الأوتار كلها من جميع الملاهي. وعنه: الطبل.
الكوبة: النَّرد؛ وقيل الطبل.
* * * أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ كان إذا خرج من منزله قال: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك.
عرض الرجل: جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه، ويُحامي عليه أن ينتقص ويثلب عليه. وعرض الوادي: جانبه. أراد من تنقصني لم أجازه.
*
* * لما كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة كتابه ينذرهم أمر النبي صلى
الله عليه وآله وسلم، أطلع الله رسوله على الكتاب؛ فلما عُوتب حاطب فيما
كتب، قال: كنت رجلاً عريرا في أهل مكة، فأحببت أن أتقرب إليهم ليحفظوني في
عيالاتي عندهم.
هو فعيل بمعنى فاعل؛ من عررته، إذا أتيته تطلب معروفه؛ أي غريباً متعلقاً بجوارهم.
* * * أتاه صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: إن ابن أخي قد عرب بطنه. فقال: أسق ابن أخيك عسلاً.
أي فسد، يقال: ذربت معدته وعربت، وذرب الجرح وعرب، وورب مثله.
* * * إنما مثلي ومثلكم كمثل رجلٍ أنذر قوماً جيشاً، وقال: أنا النذير العريان.
هو
الرجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته،
وكان الرجل منهم إذا أنذر قوماً، وجاء من بلد بعيد انسلخ من ثيابه، ليكون
أبين للعين.
إن ركبا من تجار المسلمين عرضوا رسول صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا.
أي جعلوها عراضة؛ وهي هدية القادم من سفره.
وفي
حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه: إن عمر بعث به ساعيا على بنى كلاب؛ أو سعد
بن ذبيان، فقسم فيهم ولم يدع شيئا، حتى جاء بجلسة الذي خرج به على رقبته؛
فقالت له امرأته: أين ما جئت به مما يأتي العمال من عراضة أهلهم؟ فقال: كان
معي ضاغط.
هو الذي يضغط العامل؛ أي يمنع يده من التعاطي؛ ولم يكن معه، إنما قصد إرضاء أهله.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا كذب في ثلاث: الحرب. والإصلاح بين الناس، وإرضاء الرجل أهله.
وقيل: أراد أن الله رقيب عليه.
* * *
قال له صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم: إني أرمي بالمعراض فيخزق؛ قال إن خزق فكُلْ؛ وإن أصاب بالعرض فلا تأكل.
هو السهم الذي لا ريش له يمضي عرضاً. وقال ابن دريد: سهم طويل له أربع قذذ دقاق؛ فإذا رُمي به اعترض.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أعطى عمر سيفاً مُحلى؛ فجاء عمر بالحلية قد نزعها؛ فقال: أتيتك بهذا يعررك من أمور الناس.
عرّه وعراه بمعنى؛ قال ابن احمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها ... ثم تَعُرُّ الماء فيمن يَعُرّ
ومنه
أن أبا موسى الأشعري عاد الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم، فدخل عليّ،
فقال: ما عرَّنا بك أيها الشيخ؟ فقال: سمعت بوجع ابن أخي فأحببت أن أعوده.
والوجه يعرّك، ففكَّ الإدغام، ولا يكاد يجيء مثل هذا في الاتساع، ولكن في اضطرار الشعر، كقوله:
الحمد لله العليّ الأجْلَلِ
وقوله:
أَني أَجُودُ لأَقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا
وقال أبو عبيد: أراد لما يعروك، يعني أنه من تحريف النَّقَلة.
*
* * عمر رضي الله عنه - ما يمنعكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس ألاّ
تعربوا عليه! قالوا: نخاف لسانه. قال: ذلك أدنى ألا تكونوا شهداء! أي ألا
تُفسدوا عليه كلامه وتهجنوه، تفعُّل من عب الجرح، والمراد بالشهداء قوله
تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاء
عَلَى النَّاسِ). قال: معناه تستشهدون يوم القيامة على الأمم التي كذبت
أنبياءها، وجحدت تكذيبها.
* * * قال لسلمان رضي الله عنهما: أين تأخذ
إذا صدرت؟ أعلى المعرّقة أم على المدينة؟ هكذا رويت مشددة، والصواب
التخفيف، وهي طريق كانت قريش تسلكها إذا صارت إلى الشام، تأخذ على ساحل
البحر، وفيها سلكت عير قريش حين كانت وقعة بدر.
* * * قال لعمرو بن معدي
كرب: ما قولك في علة بن جلد؟ قال " أولئك فوارس أعراضنا وشفاء أمراضنا،
أحثنا طلبا، وأقلنا هربا، قال: فسعد العشيرة: قال: أعظمنا خميسا، وأكثرنا
رئيساً، وأشدنا شريسا. قال: فبنو الحارث؟ قال: حسكة مسكة. قال: فمراد؟ قال:
أولئك الأتقياء البررة، والمساعير الفخرة، أكرمنا قرارا، وأبعدنا آثارا.
الأعراض:
جمع عرض، وهو الجانب، أي يحمون نواحينا عن تخطف العدو، أو جمع عرض، وهو
الجيش، أو جمع عرض، أي يصونون ببلائهم أعراضنا أن تذم وتعاب.
شفاء أمراضنا، أي يأخذون ثأرنا.
الخميس: الجيش له خمسة أركان.
الشريس: الشراسة.
شبههم بالحسكة في تمنعهم.
مسكة: تمسك من تعلقت به فلا تخلصه.
المساعير: جمع مسعار، وهو الذي تسعر به نار الحرب.
* * * اطردوا المعترفين.
هم الذين يقرّون على أنفسهم بما يوجب الحد.
* * * خطب رضي الله عنه الناس فقال: ألا لا تغالوا صدق النساء، فإن الرجل يُغالي صداق المرأة حتى يكون ذلك لها في قلبه عداوة.
يقول: جشمت إليك عرق القربة أو علق القربة.
هذا مثل تضربه العرب في الشدة والتعب، وفيه أقاويل ذكرتها في كتاب المستقصي في أمثال العرب.
*
* * قال رضي الله عنه في متعة الحج: علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فعلها وأصحابه، ولكني كرهت أن يظلوا بهن معرسين تحت الأراك، ثم يلبون
بالحج تقطر رءوسهم.
من أعرس بامرأته إذا بنى عليها، كره أن يُحلّ الرجل من عمرته، ثم يأتي امرأته، ثم يهل بالحج.
لم يعطف يلبون على يظلوا، وإنما ابتدأه.
وتقطر في موضع الحال.
* * * قضى رضي الله عنه - في الظفر إذا اعر نجم بقلوص.
تفسيره
في الحديث فسد ولا تعرف حقيقته، ولم يثبت عن أهل اللغة سماعا، والذي يؤدي
إليه الاجتهاد أن يكون معناه جسا وغلظ؛ من قولهم للناقة الشديدة الغليظة
علجوم وعرجوم؛ عن أبي عمرو وأبي تراب. وأنشد أبو عمرو:
أفرِغْ بشَوْل وعُشارٍ كُوم ... وكلّ سِرْدَاحٍ بها عُرْجُومِ
أو
يكون بمعنى انعرج أي اعوَّج، ومن تركيبه بزيادة الميم كما زيدت في قولهم
اعرنزم؛ إذا تقبض واجتمع. فقد حكى الأصمعي استعرز؛ أي انقبض، وفي احرنجم
الكلب؛ إذا تقبض وانطوى: لأنه من الحرج وهو الضيق؛ ومن الحرجة وهي الغيضة
لتأشبها وتضايقها؛ وكما جعل الزجاج النون في العرجون مزيدة، واشتقه من
الانعراج لاستقواسه. أو يكون أصله اعرنجن؛ افعنلل، من العرجون، بمعنى اعوج،
فأبدلت نونه ميما؛ أو يكون لغة في احرنجم كما قرأ ابن مسعود " عتَّى حينٍ "
؛ وكقولهم: العفضاج في الحفضاج.
* * * ابتاع رضي الله عنه دار السجن
بأربعة آلاف، وأعربوا فيها أربعمائة درهم. أي أسلفوا؛ من العربان؛ والعربان
منهي عنه؛ وإنما فعله خليفة عمر.
وفي حديث عطاء أنه نهى عن الإعراب في البيع.
*
* * إن الخيل أغارت بالشام فأدركت العراب من يومها، وأدركت الكوادن ضحى
الغد، وعلى الخيل رجل من همدان يقال له المنذر بن أبي حمضة؛ فقال: لا أجعل
ما أدرك مثل الذي لم يدرك، ففضَّل الخيل، فكتب في ذلك إلى عمر، فقال: هبلت
الوادعي أمه، لقد أذكرت به! أمضوها على ما قال.
العراب: الخيل العربيات الخلص.
الكودن،
من الكدنة، يقال: إنه لذو كدنة، إذا كان غليظ اللحم، محبوك الخلق، وهو
البرذون الهجين، وقيل: التركي. والكودنة في المشي البطء.
عن يعقوب: هبلته أمه مدح له، كقوله:
هَوَتْ أمُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحَ غَادِياً
الوادعي: منسوب إلى وداعة: بطن من همدان.
أذكرت به: جاءت به ذكراً شهماً داهياً. قال ذو الرمة:
أبونا إياس قَدَّنَا من أَديمِه ... لوالدةٍ تُدْهِى البَنِينَ وتُذْكِرُ
الضمير في " أمضوها " للقضية.
*
* * سعد رضي الله تعالى عنه - قيل له إن فلانا ينهى عن المتعة، فقال: قد
تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفلان كافر بالعرش.
يقال للمظلة من جريد النخل يُطرح عليها الثُّمام، يتخذها أهل الحاجة: عريش، ويجمع عرشا. وعرش، ويجمع عروشا.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يقطع التلبية إذا نظر إلى عروش مكة.
والمراد بيوت مكة.
يعني
وفلان كافر مقيم بمكة لمَّا يسلم ويهاجر، فالباء في " بالعرش " لا تتعلق
بكافر تعلق باء بالله به في قولك: هو كافر باللع، ولكن قوله: بالعرش خبر
ثان للمبتدأ، كأنه قال: وفلان كافر في العرش.
* * * حذيفة رضي الله
تعالى عنه - تُعرض الفتن على القلوب عرض الحصير، فأي قلب أشربها نكتت فيه
نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تكون القلوب على
قلبين، قلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، وقلب أسود
مربد كالكوز مجخيا - وأمال كفه - لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً.
أي توضع عليها وتبسط كما يبسط الحصير، من عرض العود على الإناء، والسيف على الفخذين يعرضه، ويعرضه إذا وضعه.
وقيل: الحصير عرق يمتد معترضاً على جنب الدابة إلى ناحية بطنها، أو لحمة.
مربد: من الربدة، وهي لون الرماد.
مجخياً: مائلاً، يقال: جخى الليل، إذا مال ليذهب، وجخى الشيخ، إذا حناه الكبر. قال:
لا خَيْرَ في الشَّيْخِ إذَا ما جَخى
أراد أنه لا يعي خبراً كما لا يثبت الماء في الكوز المجخي.
*
* * سلان رضي الله تعالى عنه - قال زيد بن صوحان: بت عنده، وكان إذا
تعارَّ من الليل قال: سبحان رب النبيين وإله المرسلين! فذكرت ذلك له فقال:
يا زيد اكفني نفسك يقظان، أكفك نفسي نائماً.
التعار: أن يستيقظ مع صوت، مأخوذ من غرار الظليم، والمعنى: لا تعص الله في اليقظة، وأنا أكفيك، إن النائم سالم لا يخاف عليه المآثم.
كأن زيد حمد إليه تسبيحه في حال النوم، واستقصر نفسه في أن لم يتعود مثل ذلك، فأجابه سلمان بهذا.
* * * سلمان رضي الله تعالى عنه - ضحَّى بكبش أعرم.
و الأبيض فيه نقط سود. قال معقل بن خويلد الهذلي:
أبا مَعْقِلٍ لا تُوطِئَنْكَ بغَاضَتي ... رُءُوسَ الأفاعي في مَرَاصِدِها العُرْمِ
*
* * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - سئل عن قوله تعالى: (فَلاَ رَفَثَ
وَلاَ فُسُوقَ)، فقال: من الرفث التعريض بذكر النكاح؛ وهي العرابة في كلام
العرب. العرابة بالفتح والكسر اسم من أعراب وعرَّب إذا أفحش، قال رؤبة: يصف
نساء جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج.
والعُرْبُ في عفَافةٍ وإعْرابْ
وفي حديث الزبير رضي الله عنهما: لا تحل العرابة للمحرم.
وفي حديث عطاء رحمه الله تعالى: إنه كره الإعراب للمحرم.
* * * ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم.
جمع معراض؛ من التعريض، وهو خلاف التصريح. يقال: عرفت ذاك في معراض كلامه.
ومنه حديث عمران بن الحصين - إن المعاريض لمندوحة عن الكذب؛ أي لسعةً وفسحة.
*
* * عروة بن مسعود رضي الله تعالى عنه - لما اتصل به خبر المغيرة بن شعبة
في مخرجه إلى المقوقس في ركب من قومه، وأنه في منصرفه عدا عليهم فقتلهم،
وأخذ حرائبهم. قال: والله ما كلمت مسعود بن عمرو منذ عشر سنين والليلة
أكلمه، فخرج إليه فناداه عروة. فقال: من هذا؟ فقال: عروة؛ فأقبل مسعود بن
عمرو وهو يقول: أطرقت عراهية؛ أم طرقت بداهية؟ وفي هذه القصة: إن مسعود بن
عمرو قال لقومه: والله لكأني بكنانة ابن عبد ياليل قد أقبل تضرب درعه روحتي
رجليه، لا يعانق رجلا إلا صرعه؛ والله لكأني بجندب بن عمرو قد أقبل كالسيد
عاضا على سهم مفوقا بآخر؛ لا يشير بسهمه إلى أحد إلا وضعه حيث يريد.
قيل:
أصله عرائيه بإضافة العراء إلى ياء المتكلم وهاء السكت، فأبدلت الهمزة
هاء، أي أطرقت أرضي وفنائي زائراً كما يطرق الضيوف؛ أم أُصبت بداهية فجئت
مستغيثاً؟ وقيل؛ إنما هي عتاهية وهي الغفلة، أراد أوقعت هاهنا غفلةً بغير
روية. وفيه وجهان آخران: الوجه الأول أن تكون مصدراً على فعالية من عراه
يعروه إذا زاره، فأبدلت واوه همزة ثم الهمزة هاء، وإنما فعل هذا ليزاوج
داهية.
وليس هذا بأبعد من جمع الغداة بالغدايا لأجل العشايا؛ ومن المصير
إلى مأمورة عن مؤمرة لأجل مأبورة؛ ومن أشباه لهما لا يستبعد ما ذكرنا
مستقريها! والمعنى على هذا الوجه من السداد والصحة على ما تراه.
والوجه
الثاني أن تكون عزاهية " بالزاي " مصدراً من عزه يعزه وهو عزه إذا لم يكن
له أرب في الطرق، ومعناه أطرقت بلا أرب ولا حاجة، أم أصابتك داهية أحوجتك
إلى الاستغاثة؟ الروحة: من الروَّح وهو تباعد صدور القدمين وتداني العقبين؛
يريد إن درعه كانت سابغة تبلغ ذلك الموضع من رجليه.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - سُئلت عن العراك، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوشحنى وينال من رأسي.
عركت تعرك عراكا، إذا حاضت فهي عارك.
التوشح: الاعتناق، لأن المعتنق يجعل يديه مكان الوشاح؛ قال:
جعلتُ يَدَيَّ وشَاحاً لَهُ ... وبَعْضُ الفَوَارِسِ لا يَعْتَنقْ
النيل من الرأس: التقبيل.
* * * ابن الحنفية رحمهما الله - كل الجبن عرضاً.
أي اعترضه واشته ممن وجدته، ولا تسأل عمن عمله، أمن عمل أهل الكتاب أم من عمل المجوس.
* * * أبو سلمة رحمه الله تعالى - كنت أرى الرؤيا أُعرى منها غير أني لا أُزمل، فلقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له.
من العرواء؛ وهي رعدة الحمى.
* * * ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى - إن امرأ ليس بينه وبين آدم أب حيّ لمعرق له في الموت.
أي مصيَّر له عرق فيه، يعني أنه أصيل في الموت.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - قال: لا تجعلوا في قبري لبناً عرزمياًّ.
عرزم: جبانة بالكوفة نسب اللبن إليها، وإنما كرهه لأن في هذه الجبانة إحداث الناس، فاللبن المضروب فيها مستقذر.
* * * طاوس رحمه الله تعالى - إذا استعرَّ عليكم شيء من النعم فاصنعوا به ما تصنعون بالوحش.
أي استعصى وندَّ، من العرارة، وهي الشدَّة.
*
* * الحسن رحمه الله تعالى - قال البتيَّ للحسن: يا أبا سعيد، ما تقول في
رجل رعف في الصلاة؟ قال الحسن: إن هذا يعرب الناس، وهو يقول رعف - وروى أنه
قال: ما رُعف؟ لعلك تريد رَعَف.
أي يعلمهم العربية اللغة الفصيحة.
رعف " بفتح العين " ، وقد جاء رعف " بضمها " ، وهي ضعيفة، وأما رعف فعامية ملحونة.
وعن أبي حاتم سألت الأصمعي عن رَعُف ورُعِف فلم يعرفهما.
سعيد رحمه الله تعالى - ما أكلت لحماً أطيب من معرفة البرذون.
وهي منبت العُرف.
* * * في الحديث - من سعادة المرء خفة عارضيه.
قيل: العارض من اللحية ما ينبت على عرض اللحى فوق الذقن. وقيل عارضا الإنسان صفحتا خديه. والمعنى خفة اللحية.
وقيل هو كناية عن كثرة الذِّكر، أي لا يحرك عارضيه إلا بذكر الله.
ويقال: فلان خفيف الشفة، أي قليل السؤال للناس.
* * * دُفن بعض الخلفاء بعرين مكة.
أي بفنائها، شبَّه لعزَّه ومنعته بعرين الأسد، وهو غابته. وكان دفنه في بئر ميمون.
* * * من عرَّض عرَّضنا له، ومن مشى على الكلاء قذفناه في الماء - وروى: ألقيناه في النهر.
أي
من عرَّض بالقذف ولم يصرح عرَّضنا له بضرب خفيف تأديباً له، ولم نضربه
الحدّ، ومن صرَّح حددناه؛ فضرب المشي على الكلاء - وهو مرفأ السفن مثلا -
لارتكابه ما يوجب الحدّ، وتعرُّضه له، والإلقاء في النهر لإصابته ما تعرَّض
له.
* * * سأل رجل رجلا عن منزله، فأخبره أنه ينزل بين حيين من العرب. فقال: نزلت بين المجرة والمعرة.
يعني
نزلت بين حيين عظيمين، كثيري العدد، فشبههما بالمجرة لأنها فيما يقال نجوم
تدانت فطمس بعضها بعضاً، وبالمعرة وهي من ناحية الشام، والنجوم هناك تكثر
وتشتبك.
* * * عرق في " شذ " . عرض له في " جا " . فعرَّضوا في " هج " .
تعارّ في " جر " . العرص في " جر " . العرايا في " حق " . العارض في " صب "
. بالعرش في " رج " . استعرابا في " دح " . عرابا في " رج " . وعريش في "
وش " . العرة في " غر " . أعرضت في " قص " . العرفط في " قل " . تعرب في "
كر " . عريرا في " حل " . العروض في " ذق " . معرضا في " سف " . من عرضك في
" فق " . يعرها في " خب " . عرواء في " وط " . عركة في " سح " . وعوارضها
في " جز " . العركي في " رم " . لعريض في " وس " . بعرعرة الجبل في " قر " .
قد اعترقها في " غر " . وعرضه في " لو " . عرفج في " ضر " . معروفة في "
سو " . وعرض في " ند " . عريس في " حص " . المعتر في " تب " . عرشي في " ثل
" . من عرضها في " جو " . بالعرج في " عق " . أشم العرنين في " قح " .
معروفاً في " أس " . الاعرج في " فر " . قد عرفناك في " بص " . لا أعرفن في
" خي " . بالعرة في " دم " .
* * *
العين مع الزاي
النبي صلى
الله عليه وسلم - بعث بعثاً فأصبحوا بأرض عزوبة بجراء، فإذا هم بأعرابي في
قبة، له غنم بيم يديه، فجاءه القوم فقالوا: أجزرنا. فاخرج لهم شاة فسحطوها،
ثم أخرج لهم أخرى فسحطوها، ثم قال: ما بقي في غنمي إلا فحل أو شاة رُبَّي.
فلما أبهر القوم احترقوا؛ وقد أقال الأعرابي غنمه في القبة، فقالوا: نحن
أحق بالظل من الغنم! أخرجها عنا؛ فقال: إنكم متى تُخرجوا غنمي في الحر ترمض
وتطرح أولادها، وإني رجل قد زكَّيت وصليت.
العزوبة: البعيدة المضرب إلى
الكلأ: فعولة من عزب، إذا بعد، ودخول التاء نحو دخولها في امرأة فروقة
وملولة؛ أعني للمبالغة لا للتأنيث، لأن فعولا يستوي فيه المذكر والمؤنث،
كقولك: شكور وصبور لهما، ويصدق أن دخولها للمبالغة قولهم للرجل: فروقة
وملولة.
البجراء: المرتفعة، من الأبحر الناتئ السرة.
أجزرنا: أعطنا جزرة وهي الشاة التي تُذبح.
السَّحط: الذبح الوحيّ.
أبهروا: توسطوا النهار. والبهرة: الوسط.
ترمض: تحترق في الرمضاء.
* * * قال عليه السلام: يا أنجشة، رويدك سوقاً بالعوازم.
جمع عوزم، وهي المسنة وفيها بقية. قال سلمة بن زفر الغنوي:
وكبَّرتَ كلَّ عَجُوزٍ عَوْزم ... ضَامِدٍ جَبْهَتُها كالكُرْكُمِ
سوقاً: منصوب برويد؛ كقولك: رويد زيدا، بمعنى أمهله ولا تعجل عليه، والكاف للخطاب.
ويجوز أن يكون ضميرا، وريد مضاف إليه، كقولك ضربك زيدا.
*
* * سمع أبي بن كعب رجلا يقول يالفلان! فقال: أعضض بهن أبيك، ولم يكنِّ.
فقالوا له: يا أبا المنذر، ما كنت فحاشا. فقال: إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: من تعزَّى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه ولا
تكنُّوا.
التعزي والاعتزاء بمعنى، وهو الانتساب، وأن يقول: يالفلان! قال:
دَعَوْا لكَلْبٍ واعتَزيْنا لعامِرٍ
ومنه قوله عليه السلام: من لم يتعزَّ بعزاء الله فليس منَّا.
أي
من استغاث فقال: يا لله، أو يا للمسلمين! وفي حديث عمر رضي الله تعالى عن
أنه قال: يا لله للمسلمين! وفي حديثه: ستكون للعرب دعوى قبائل، فإذا كان
ذلك فالسيف السيف! والقتل القتل! حتى يقولوا يا للمسلمين! ويرى أن رجلا قال
بالبصرة: يا لعامر! فجاء النابغة الجعدي بعصبةٍ له فأخذه شرط أبي موسى
فضربوه خمسين سوطا بإجابة دعوى الجاهلية.
والعزاء والعزوة: اسم لدعوى المستغيث.
المراد بترك أن يقول: اعض بأير أبيك، ولا يكنى عن الأير بالهن.
وأمره عليه السلام بذلك إغراق في الزجر عن الدعوى، وإغلاظ على أهلها.
* * * خير الأمور عوازمها.
يعني ما وكدت عزمك عليه، ووفيت بعهد الله فيه. أو فرائضها التي عزم الله عليك بفعلها.
والمعنى
ذوات عزمها؛ كقوله تعالى: (في عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)، أي التي فيها عزم،
والتي فيها رضا؛ لأن المعزوم عليه والمرضي ذو عزم وذو رضا؛ أي يصحبه العزم
والرضا.
* * * قال صلى الله عليه وسلم: من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجل أعزل: أنا رأيته.
هو الذي لا سلاح معه.
ومنه حديث زينب رضي الله عنها أنها لما أجارت أبا العاص خرج الناس إليه عزلاً.
*
* * لما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة نزل على كلثوم بن الهدم وهو شاكٍ،
فأقام عنده ثلاثا، ثم استعز بكلثوم، فانتقل إلى سعد بن خيثمة.
يقال:
استعز به المرض وغيره واستعز عليه، إذا اشتد عليه وغلبه، ثم يبنى الفعل
للمفعول به الذي هو الجار مع المجرور، فيقال: استعز به وعليه، إذا غلب
بزيادة مرض أو بموت؛ والمراد هاهنا الموت.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - في قصة الغار؛ إنه كان له غنم، فأمر عامر بن فهيرة أن يعزِّب بها، فكان يروح عليها مغسقاً.
قال يعقب: عزب فلان بإبله؛ إذا ذهب بها إلى عازب من الكلأ. قال: وأنشد للنابغة:
ضَلَّتْ حُلُومُهم عنهم وغَرّهُمُ ... سَنَّ المُعَيْدِيّ في رَعْيٍ وتَعْزِيب
وقال
غيره: مال عزب وجشر، وهو الذي يعزب عن أهله، ورجل معزب ومجشر. وفيه لغتان:
عزَّب السوام وبها، فتعديته بغير باء ظاهرة، لأنه نقل من عزّب، كغرّب من
غرب. وفي الباء وجهان: أحدهما أن تزاد لزيادة التبعيد. والثاني: أن تنزل
منزلة " في " قوله:
يَجْرَحُ في عَرَاقِيبها نَصْلِي
أي فعل بها التغريب وألصقه بها. ويجوز أن يكون عزَّب مبالغة في عزب، نحو صدَّق في صدق، ثم يعدى بالباء.
وفي الحديث: من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزَّب.
أي أبعد العهد بأوله، وأبطأ في تلاوته.
الترويح: الإراحة.
المغسق: الداخل في الغسق.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - إن الله يحب أن تؤخذ برخصه؛ كما يحب أن يؤخذ بعزائمه.
أي بفرائضه التي أوجبها وأمر بها.
*
* * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - إن قوما اشتركوا في قتل صيد وهم
محرمون، فسألوا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يجب عليهم،
فأمر كل واحد منهم بكفارة، ثم سألوا ابن عمر، وأخبروه بفتيا الذي أفتاهم،
فقال: إنكم لمعزز بكم.
أي مشدد بكم، ومثقل عليكم الأمر.
* * * سلمة رضي الله تعالى عنه - قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية عزلا.
أي لا سلاح معي؛ على فعل؛ كقولهم: امرأة فنق، وناقة علط. ويجمع على أعزال؛ قال:
رأَيْتُ الفِتيةَ الأْعزا ... لَ مِثْلَ الايْنُق الرُّعْلِ
* * * عمرو بن ميمون رحمه الله تعالى - لو أن رجلا أخذ شاة عزوزا فحلبها؛ ما فرغ من حلبها حتى أُصلي الصلوات الخمس.
هي الضيقة الإحليلن وقد عزَّت عزوزاً. وقال النضر: عزوز؛ بينة العزاز.
أراد أنه يخفف الصلاة.
* * * عمرو بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه - قال له الأشعث: أما والله لئن دنوت لأُضرطنك. فقال عمرو: كلا والله إنها لعزوم مفزَّعة.
أي صبور صحيحة العقد، والاست تكنى بأم عزم، يريد أن استه ذات عزم وقوة، وليست بواهية فتضرط.
والفزَّعة
من فزَّع عنه، إذا أزال عنه فزعه، على حذف الجار وإيصال الفعل؛ أي هي آمنة
لا يرهقها فزع. أو من قولهم للرجل الشجاع مفزع؛ لأن الأفزاع تنزل بمثله.
ويقال للجبان أيضا مفزّع لكثرة فزعه، ونظيره قولهم مغلَّب.
* * * عطاء
رحمه الله تعالى - قال ابن جريج: إن عطاء حدَّث بحديث، فقلت له: أتعزيه إلى
أحد؟ أي أسنده؟ من عزاه إلى أبيه يعزوه ويعزيه إذا نسبه.
* * * الزهري
رحمه الله تعالى - كا يتردد إلى مجس عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ويكتب
عنه؛ فكان يقوم له إذا دخل أو خرج، ويسوي عليه ثيابه إذا ركب، ثم إنه ظن
أنه استفرغ ما عنده، فخرج يوما فلم يقم له، فقال عبيد الله: إنك بعد في
العزاز فقم.
هي الأرض الصلبة الخشنة، تكون في أطراف الأرضين؛ يعني أنك
في أطراف العلم ولما تبلغ الأوساط، فلا تترك القيام لي، وتخفف المحتاج إلي
في خدمتي.
* * *
عزيز في " عص " . العزوز في " شب " . وعزل
الماء في " غي " . وعزازها في " نص " . تعززني في " حب " . عزز في " حل " .
اعتزمنا في " ظل " . بالعزم في " حز " . العزائم في " خض " . عزل في " فر "
. عزلاء في " شو " . عزاهية في " عر " .
* * *
العين مع السين
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن عسب الفحل.
أي
عن كراء قرعه. والعسب: القرع؛ يقال: عسب الفحل الناقة يعسبها عسباً.
والمستعسب: المستطرق، وهذا كلب يعسب إذا ابتغى السفاد؛ وكأنه سمي عسباً لأن
الفحل يركب العسيب إذا سفد، وقد سمى ما يؤخذ عليه من الكراء باسمه. وقيل
عسبت الرجل؛ إذا أعطيته الكراء على ضراب فحله.
وعن أبي معاذ: كنت تياساً، فقال لي البراء بن عازب: لا يحل لك عسب الفحل.
وعن قتادة: أنه كره عسب الفحل لمن أخذه، ولم ير بأسا لمن أعطاه.
* * * بعث صلى الله عليه وسلم سرية فنهى عن قتل العسفاء والوصفاء - وروى: الأسفاء.
العسيف: الأجير والعبد المستهان به. قال:
أطَعْتُ النفسَ في الشَّهوَات حَتَّى ... أَعادَتْنِي عَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ
ولا
يخلو من أن يكون فعيلا بمعنى فاعل كعليم، أو بمعنى مفعول كأسير، فهو على
الأول من قولهم: هو يعسف ضيعتهم؛ أي يرعاها ويكفيهم ويقال: كم أعسف عليك!
أي كم أعمل لك! وعلى الثاني من العسف؛ لأن مولاه يعسفه على ما يريد، وجمعه
على فعلاء في الوجهين، نحو قولهم: علماء وأُسراء.
الأسيف: الشيخ الفاني، وقيل العبد. وعن المبرِّد: يكون الأجير ويكون الأسير.
وفي الحديث: لا تقتلوا عسيفا ولا أسيفاً.
*
* * إذا أراد الله تعالى بعبدٍ خيرا عسله. قيل: يا رسول الله، وما عسله؟
قال: يفتح الله له عملا صالحاً بين يدي موته، حتى يرضى عنه من حوله.
هو
من عسل الطعام يعسِله ويَعْسُله، إذا جعل فيه العسل؛ كأنه شبه ما رزقه الله
من العمل الصالح لذي طاب به ذكره بين قومه بالعسل الذي يجعل في الطعام
فيحلو لي به ويطيب.
* * * قال لامرأة رفاعة القرظي: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ فقالت: نعم! قال: لا؛ حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
قال: فإنه يا رسول الله قد جاءني هبَّة.
وروى
أن رفاعة طلّق امرأته فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت وعليها خمار
أخضر، فشكت إلى عائشة وأرتها خضرة جلدها. فلما جاء رسول الله صلى الله عليه
وسلم - والنساء ينصر بعضهن بعضا - قالت عائشة: ما رأيت مثل ما تلقى
المؤمنات! لجلدها أشد خضرة من ثوبها! وسمع أنها قد أتت رسول الله صلى الله
عليه وسلم، فجاء ومعه ابنان له من غيرها. قالت: والله مالي إليه من ذنب إلا
أن ما معه ليس بأغنى عني من هذه - وأذت هدبة من ثوبها - فقال: كذبت والله!
يا رسول الله إني أنفضها نفض الأديم؛ ولكنها ناشز تريد رفاعة.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن كان ذلك لم تحلي له حتى تذوقي عسيلته؛
فأبصر معه ابنين له، فقال: أبنوك هؤلاء ؟ قال: نعم، قال: هذا الذي تزعمين
ما تزعمين! فوالله لهم أشبه به من الغراب بالغراب.
وروى أنها قالت: إني
كنت عند رفاعة فطلقني فبتَّ طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير. وإنه
والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة - وأخذت هدبة من جلبابها.
ضرب ذوق
العسيلة وهي تصغر العسلة وهي تصغير العسلة، من قولهم: كنا في لحمة ونبيذة
وعسلة - مثلا لإصابة حلاوة الجماع ولذته، وإنما صُغّر إشارة إلى القدر الذي
يحلل؛ وأرادت بالهبة المرة الواحدة؛ تعني أن العسيلة قد ذيقت بالوقاع مرة.
والهبة: الوقعة، يقال احذر هبة السيف؛ أي وقعته.
شبهت ما معه بالهدبة في استرخائه وضعفه.
الجلباب: الرداء، وقيل: ثوب أوسع من الخمار، تغطي به المرأة رأسها وصدرها. جعل جاء عبارة عن المواقعة كما جعل أتى وغشى.
أبنوك هؤلاء؟ دليل على أن الاثنين جماعة.
كان في كان ذلك تامة وثبث.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - مر بعبد الرحمن بن عتاب قتيلا يوم الجمل، فقال: لهفي عليك يعسوب قريش! جدعت أنفي وشفيت نفسي.
وقال حين ذكر الفتن: فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف.
أراد السيد والرئيس، وأصله الفحل، يقال لفحل النحل يعسوب. وقال الهيبان الفهمي:
كما ضُرِب اليعسوب إنْ عَاف باقرٌ ... وما ذَنْبُه إن عَافَت المَاء باقِرُ
يعني فحل البقر؛ وهو يفعول من العسب بمعنى الطرق.
والضرب بالذنب مثل للإقامة والثبات.
القزع: قطع السحاب.
* * * زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه - أمره أبو بكر أن يجمع القرآن، قال: فجعلت أتتبعه من الرقاع والعسب واللخاف.
جمع عسيب؛ وهو السعفة.
ومنه حديث الزهري رحمه الله تعالى - قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن في العُسب والقضم والكرانيف.
اللخاف: حجارة بيض؛ الواحدة لخفة.
القضم: جمع قضيم، وهي جلود بيض. قال النابغة:
كأَنَّ مَجَرّ الرامساتِ ذيُولَها ... عليه قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِعُ
الكرانيف: أصول السعف الغلاظ؛ جمع كرنافة.
*
* * العسلوج في " صب " . عساً في " هج " . وفي " دش " . عسيفاً في " كت " .
وفي ذر " . عسيب في " فر " . بعساء في " من " . يعسوباً في " سج " . عسعس
في " جو " . عسرانه في " نت " . أعسر في " لب " . بعسفان في " ضج " . يعتسر
في " عص " .
* * *
العين مع الشين
النبي صلى الله عليه وسلم - عن
زياد بن الحارث الصدائي - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض
أسفاره، فاعتشى في أول الليل، فانقطع عنه أصحابه ولزمته؛ فلما كان وقت
الآذان أمرني فأذَّنت، فلما نزل للصلاة لحقه أصحابه؛ فأراد بلال أن يقيم
فقال له: إن أخا ضداء هو الذي أذن، ومن أذن فهو يقيم.
اعتشى: سار وقت العشاء؛ كاغدى واستحر وابتكر، أنشد الجاحظ لمزاحم العقيلي:
وُجوهٌ لو أنَّ المُعْتَفِين اعْتَشَوْا بها ... صَدَعْنَ الدُّجَى حتى يُرى الليل يَنْجَلِي
* * * قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر العرب، احمدوا الله الذي رفع عنكم العشوة.
أي ظلمة الكفر. قال أبو زيد: يقال مضى من الليل عشوة؛ وهي ساعة من أوله إلى الربع، وفيها ثلاث لغات: الضم والفتح والكسر. قال الكميت:
لا يَنْظُرُ العَشْوة الملتخّ غيْهَبُها ... ولا تضيق على زُوَّارِه الحِلَلُ
* * * قال صلى الله عليه وسلم للنساء: إنكن أكثر أهل النار؛ وذلك لأنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير.
هو المعاشر؛ كالخليل بمعنى المخالل، والصديق بمعنى المصادق. قال الله تعالى: (وَلَبِئْسَ العَشِيرُ). والمراد به الزوج.
* * * قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: لا يعشرن ولا يحشرن.
أي لا يؤخذ عُشر أموالهن، ولا يُحشرن إلى المصدق؛ ولكن تؤخذ منهن الصدقة بمواضعهن.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: تؤخذ صدقات المسلمين عند بيوتهم وأفنيتهم وعلى مياههم.
وقيل: لا يحشرن إلى المغازي.
* * * وعنه: أن وفد ثقيف اشترطوا عليه ألا يعشروا ولا يحشروا ولا يجبوا فقال: لا خير في دين لا ركوع فيه.
والتجبية: الركوع.
*
* * قال جندب الجهني رضي الله عنه: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب
ابن عبد الله إلى من يالكديد، وأمره أن يغير عليهم، فأتينا بطن الكديد؛
فنزلنا عشيشية، فبعثني صاحبي ربيئة؛ فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر؛
فانبطحت عليه، وذلك قبل المغرب، فرآني رجل منهم منبطحاً على التل؛ فرماني
بسهم، فوالله ما أخطأ جنبي؛ فانتزعته فوضعته، وثبتّ، ثم رمى بالآخر فوضعه
في جنبي، فنزعته ووضعته ولم أتحرك؛ فقال لامرأته: والله لقد خالطه سهماي،
ولو كان زائلة لتحرك.
هي تصغير عشية على غير قياس: أتيته عشيشية على غير
قياس؛ يقال: أتيته عشيشية وعشيانا وعشيانة وعشيشيانا. الزائلة: كل شيء
تحرك وزال عن مكانه؛ يقال: زالت لي زائلة؛ أي شخص لي شخص، ورجل رامي
الزوائل؛ أي طب بإصباء النساء، وأنشد ابن الأعرابي:
وكنتُ امرا أرمي الزوائل مَرَّةً ... فأصبحتُ قد وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائلِ
وعَطَّلْتُ قَوْسَ الجَهلِ عن شِرَعاتها ... وعادَتْ سهامي بين رَثٍّ وناصِل
* * * صلى صلى الله عليه وسلم في مسجد بمنى، فيه عيشومة.
هي نبت دقيق طويل محدد الأطراف؛ كأنه الأسل، يتخذ منه الحصر الدقاق. قال ذو الرمة:
للْجِنّ بالليل في أَرجائها زَجَل ... كما تناوحَ يوم الريح عَيْشُوم
ويقال: إن ذلك المسجد يقال له مسجد العيشومة؛ لأن فيه عيشومة خضراء أبداً؛ في الخصب والجدب.
* * *
عمر
رضي الله تعالى عنه - وقفت عليه امرأة عشمة بأهدام لها، فقالت: حياكم الله
قوما تحية السلام، وأمارة السلام، إني امرأة جحيمر طهملة، أقبلت من هكران
وكوكب، أجاءتني النآئد، إلى استيشاء الأباعد؛ بعد الدفء والوقير؛ فهل من
ناصر يجير؛ أو داع يشكر! أعاذكم الله من جوح الدهر، وضغم الفقر! يقال للرجل
للرجل والمرأة عشمة وعشبة، إذا أسنا ويبسا؛ من عشم الخبز إذا يبس وتكرَّج.
وفي
حديث المغيرة بن شعبة: أن أميمة بنت الحارث النهدية دخلت عليه تخاصم زوجها
وهب بن سلمة بن جابر الراسبي، فقالت: أصلح الله الأمير! ينام عني حجرة،
وإن دنا ولى وولاني دبره، ينام على الحقائق، ويستيقظ للبوائق؛ ليلي من جراه
طويل، وخادمي منه في عويل! فقال زوجها: كذبت يا عدوة الله وأثمت! والله ما
أقدر على أن أقوم بشأنك؛ فكيف أتعداك إلى غيرك؟ فقالت: والله ما أردت إلا
هذا؛ ففرق بيني وبينه، فوالله ما هو إلا عشمة من العشم؛ والله ما يقدر على
ما يقدر عليه الرجال.
الأهدام: جمع هدم وهو الثوب الذي هدمه البلى.
جحيمر: تصغير جحمرش، وهي العجوز القحلة.
طهملة: مسترخية اللحم.
هكران وكوكب: جبلان.
النآئد: جمع نآد، وهي الداهية: ويقال نأدته نأداً.
جعلت
الاستشياء وهو الاحتلاب والاستخراج، يقال استوشيت الناقة إذا امتريتها
واستوشى الفرس، استخرج ما عنده من الجي - عبارة عن المسألة كما يجعل
الاختباط.
الوقير: الغنم الكثير.
الناصر: المعطي، من نصر الغيث أرض بني فلان.
الجوح: الاحتياج.
الضغم: العضّ.
*
* * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - أتاه رجل فسأله، فقال: كما لا ينفع مع
الشرك عمل، فهل يضر مع الإسلام ذنب؟ فقال ابن عمر: عش ولا تغتر، ثم سأل
ابن الزبير فقال مثل ذلك، ثم سأل ابن عباس، فقال مثل ذلك.
هذا مثل للعرب
تضربه في التوصية بالاحتياط والأخذ بالوثيقة. وأصله أن رجلا أراد التفويز
بإبله، ولم يعشبا ثقة بعشب سيجده، فقيل له ذلك.
والمعنى توق الذنب ولا ترتكبه اتِّكالا على الإسلام، وخذ بما هو أحوط لك وآمن مغبة.
* * * ابن عمير رضي الله تعالى عنه - ما من عاشية اطول أنقاً، ولا أطول شيعاً من عالم، من علم.
يقال: عشيت الإبل، إذا تعشت فهي عاشية، وفي أمثالهم: العاشية تهيج الآبية.
الأنق: الإعجاب بالمرعى يقال: أنق الشيء، فهو آنق وأنق إذا أعجب. وأنقت الشيء أنقا؛ إذا أحببته وأُعجبت به.
" مِنْ " في " مِنْ عالم " يتعلق بأفعل الثاني عندنا لأنه أقربهما، وفي " م علم " بالشبع.
والمعنى: ما من عاشية أطول أنقاً من عالم، ولا أطول شبعاً من الكلأ من عالم من علم؛ يريد أن العالم منهوم متمادي الحرص.
وروى: ما من عاشية أدوم أنقاً، ولا أبطأ شبعاً من عاشية علم.
*
* * ابن المسيب رحمه الله - قال عليّ بن زيد: سمعته وهو ابن أربع وثمانين
سنة وقد ذهبت إحدى عينيه. ويعشو بالأخرى يقول: ما أخاف على نفسي فتنة هي
أشد علي من النساء.
أي ينظر نظراً ضعيفاً؛ يقال: عشوت إلى النار أعشو.
*
* * بالعشوة في " بد " . العشنق وتعشيشاً في " غث " . عشمة في " مز " .
عشري في " سن " . عيشومة في " مص " . العشاءين في " حي " . ولا يعشروا في "
ثو " . عشوات في " ذم " .
* * *
العين مع الصاد
النبي صلى الله
عليه وسلم - غير اسم العاصي، وعزيز، وعتلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب؛
وسمى المضطجع - المنبعث؛ وسمى شعب الضلالة شعب الهدى؛ ومر بأرض تسمى عثرة،
أو عفرة، أو غدرة؛ فسماها خضرة.
كره العاصي: لأن شعار المؤمن الطاعة.
والعزيز؛
لأن العبد موصوف بالذل والخضوع؛ والعزة لله تعالى وعتلة؛ لأن معناها
الغلظة والشدة؛ من عتلته إذا جذبته جذباً عنيفاً؛ والمؤمن موصوف بلين
الجانب وخفض الجناح.
والحكم؛ لأنه الحاكم ولا حكم إلا لله.
وشهابا؛ لأنه الشعلة، والنار عقاب الكفار، ولأنه يرجم به الشطان.
وغرابا؛ لأن معناه البعد، ولأنه أخبث الطير لوقوعه على الجيف، وبحثه عن النجاسة.
العثرة: التي لا نبات فيها، إنما هي صعيد قد علاها العثير وهو الغبار.
والعفرة: من عفرة الأرض.
والغدرة: التي لا تسمح بالنبات، وإن أنبتت شيئاً أسرعت فيه الآفة؛ أخذت من الغدر.
* * *
عن
فضالة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حافظ
على العصرين - وما كانت من لغتنا - فقلت: وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع
الشمس، وصلاة قبل غروبها.
سما هما بالعصرين، الغداة والعشى؛ قال:
أُمَاطِلُه العَصْريْنِ حتى يَمَلّني ... ويرضي بنصف الدَّيْن ولأنفُ راغِم
* * * أمر صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يؤذن قبل الفجر ليعتصر معتصرهم.
أراد الذي يضرب الغائط منهم؛ فكنى عنه بالمعتصر؛ إما من العصر أو العصر، وهو الملجأ والمستخفى.
* * * لا ترفع عصاك عن أهلك.
أي لا تغفل عن أدبهم ومنعهم من الفساد والشقاق؛ ويقال للرجل الحسن السياسة لما ولى: إنه للين العصا. قال معن بن أوس المزني:
عليه شَرِِيبٌ وَادِاعٌ لَيِّنُ العَصاَ ... يُسَاجِلُها جَمَّاتِه وتُسَاجِلُهْ
*
* * لما فرغ صلى الله عليه وسلم من قتال أهل بدر أتاه جبرائيل على فرس
أنثى حمراء، عاقداً ناصيته، عليه درعه، ورمحه في يده قد عصم ثنيته الغبار؛
فقال: إن الله أمرني - ألا أفارقك حتى ترضى، فهل رضيت؟ قال: نعم، قد رضيت؛
فانصرف.
من عصب الريق فاه وعصمه؛ إذا لزق به؛ على اعتقاب الباء والميم؛ ولهما نظائر.
ويجوز أن يراد بالثنية الطريق الذي أتى فيه؛ وأن الغبار قد عصمه، أي منعه وصده، لتكاثفه واعتكاره؛ كما يقال: غبار قد سدّ الأفق.
*
* * في المخاتلات المتبرجات قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منهن
إلا مثل الغراب الأعصم. قيل: يا رسول الله، وما الغراب الأعصم؟ قال: الذي
إحدى رجليه بيضاء.
وروى: عائشة في النساء كالغراب الأعصم في الغربان.
قال ابن الأعرابي: الأعصم من الخيل الذي في يديه بياض؛ قلَّ أو كثر، والوعول أكثرها عصمة.
وقال الأصمعي: العصمة بياض في ذراعي الظبي والوعل.
وعن بعضهم: بياض في يديه أو إحداهما كالسوار.
وتفسير
الحديث يطابق هذا القول، إلا أن الرجل موضوعة مكان اليد؛ قالوا: وهذا غير
موجود في الغربان، فمعناه إذن أنه لا يدخل أحد من المختالات المتبرجات
الجنة.
وقيل: إن الجناحين للطائر كاليدين للبهيمة.
والأعصم من الغربان: الذي في أحد جناحيه ريشة بيضاء، وهو قليل فيها؛ فعلى هذا يدخل القليل النادر منهن الجنة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قضى أن الوالد يعتصر ولده فيما أعطاه، وليس للولد أن يعتصر من والده.
اتسع في الاعتصار، فقيل بنو فلان يعتصرون العطاء، قال:
فَمنَّ واستَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ ... مِنْ فَرْعِه مالا ولا المكْسِرُ
واعتصر النخلة، إذا ارتجعها.
والمعنى أن الوالد إذا نحل ولده شيئا فله أن يأخذ منه؛ فشبه أخذ المال منه واستخراجه من يده بالاعتصار.
* * * وفي حديث الشعبي رحمه الله - يعتصر الوالد على ولده في ماله.
وإنما عدّاه بعلى لأنه في معنى يرجع عليه ويعود عليه؛ ويسمى من يفعل ذلك عاصراً وعصورا.
وروى: يعتسر من مال ولده؛ من الاعتسار وهو الاقتسار؛ أي يأخذه منه وهو كاره.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - لما أقبل نحو البصرة سُئل عن وجهه؛ فقال:
عَلِقْتُهُمْ أنّي خُلِقْتُ عُصْبَهْ ... قَتَاَدَةً تعلَّقَتْ بنُشْبَهْ
العصبة: اللبلاب؛ لأنه يعصب بالشجر؛ أي يلتوي عليه ويطيف به؛ ومنه العصبة؛ وهي الجماعة الملتف بعضها ببعض.
النشلة: الذي ينشب في الشيء فلا ينحل عنه؛ ومنه قيل للذئب نشبة علم له.
والمعنى
خلقت علقة لخصومي، فوضع العصة موضع العلقة، ثم شبه نفسه في فرط تعلقه بهم
وتشبثه بالقتادة إذا استظهرت في تعلقها بما تتعلق به.
بنشبة؛ أي بشيء شديد النشوب؛ فالباء في بنشبة هي التي في كتبت بالقلم؛ ى التي في مررت بزيد، وعن شمر بلغني أن العرب تقول:
عَلِقْتُهُم إني خُلِقْتُ نُشْبَهْ ... قَتَادَةً مَْوِيَّةً بعُصْبَهْ
وعن أبي الجراح: يقال للرجل الشديد المراس: قتادة لويت بعصبة.
وعن الحارث بن بدر الغداني: كنت مرة نشبة، وأنا اليوم عقبة.
أي أُعقبت بالقوة ضعفا.
وروى: عتبة؛ أي أُعتب الناس؛ أعطيهم العتبى والرضا.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - مرت به امرأة متطيبة لذيلها عصرة، فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار؟ فقالت أريد المسجد.
هي الريح التي تهيج بالغبار؛ فإما أن يريد الغبار الثائر من مسحب ذيلها، أو هيج الرائحة وسطوعها من عطرها.
* * * صلة بن أشيم رضي الله تعالى عنه - قال لأبي السليل: إياك وقتيل العصا.
أي إياك أن تكون قاتلا أو مقتولا في شق عصا المسلمين.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - كان دحية إذا قدم لم تبق معصر إلا خرجت إليه.
هي
التي دنت من الحيض؛ كأنها التي حان لها أن تنعصر؛ وإنما خُصّ المعصر،
لأنها إذا خرجت وهي محجوبة فما الظن بغيرها! وكان دحية مفرط الجمال، وكان
جبريل عليه السلام يأتي في صورته.
* * * عمرو رضي الله تعالى عنه - دخل
عليه معاوية وهو عاتب، فقال: إن العصوب يرفق بها حالبها فتحلب العلبة.
فقال: أجل! وربما زبنته فدقَّت فاه، وكفأت إناءه! أما والله لقد تلافيت
أمرك، وهو أشد انفضاجاً من حق الكهدل، فما زلت أرمه بوذائله، وأصله
بوصائله؛ حتى تركته على مثل فلكه المدرّ.
وروى: أتيتك من العراق، وإن أمرك كحق الكهول أو كالجعدبة.
وروى: أو الكعدبة.
وروى: كالحجاة في الضعف؛ فما زلت أُسدى وألحم حتى صار أمرك كفلكة الدرارة، وكالطراف الممدد.
العصوب: الناقة التي لا تدر حتى تعصب فخذاها.
الزبن: أن تدفع الحالب، ومنه الحرب الزبون.
الانفضاج: الاسترخاء. يقال: انفضج بطنه، إذا استرخى، وانفضجت القرحة، إذا انفرجت، ومنه تفضَّج بدنه سمناً وانفضج، وأنشد أبو زيد:
قد طُوِيتْ بطونُها طَيَّ الأَدَمْ ... بعد انفضاج البُدْنِ واللَّحْمِ الزِّيَمْ
الكهدل
والكهول: العنكبوت. وحقها: بيتها. وقيل: الكهدل العجوز، وحقها ثديها.
وقيل: الكهدل ضرب من الكمأة، وحقُّه بيضته. ويجوز أن تكون اللام مزيدة من
قولهم: شيخ كوهد؛ إذا ارتعش ضعفاً، ويقال: كهده إذا أضعفه نهكه.
قالوا: الوذائل: سبائك الفضة؛ جمع وذيلة.
والوصائل: ثياب حمر مخططة يجاء بها من اليمن؛ الواحدة وصيلة.
يريد أنه زينه وحسنه.
وعندي أنه أراد بالوذائل جمع وذيلة، وهي المرآة بلغة هذيل. قال:
وبياضُ وَجْهِك لم تَحُل أَسرارُه ... مثل الوَذِيلة أو كَشَنْفِ الانْضُر
مثل بها آراءه التي كانت لمعاوية أشباه المرائي، يرى فيها وجوه صلاح أمره واستقامة ملكه.
وبالوصائل جمع وصيلة وهي ما يوصل به الشيء.
يقول:
ما زلت أرم أمرك بالآراء الصائبة والتدابير التي يستصلح الملك بمثلها.
وأصله بما يجب أن يوصل به من المعاون، والموازرات التي لا غنى عنها.
المدر: الغزال، والدرارة: المغزل، وأدر مغزله أداره.
ضرب
فلكة الغزال مثلا لاستحكام أمره بعد استرخائه، لأن الغزال لا يألو إحكاماً
وتثبيتاً لفلكته، لأنها إذا قلقت لم تدر الدرارة، وثبلتها أن تنتهي إلى
مستغلظ المغزل.
وقال من فسر الكهدل بالعجوز والحق بالثدي: المدرّ
الجارية التي فلَّك ثديها وحان لها أن يدرّ لبنها، والفلكة: ما استدار من
ثديها، شبه بفلكة المغزل.
الجعدبة والكعدبة، والحجاة: النفّاخة، وقولهم في علم لرجل من المدينة جعدبة منقول منها.
الطِّراف: بيت من أدم، قال طرفة:
رَأَيْتُ بني غَبْراءَ لا يُنكِرونَنِي ... ولا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرافِ المُمَدَّدِ
* * * القاسم بن مخيمر رحمه الله تعالى - سئل عن العصرة للمرأة، فقال: لا أعلم رخصة فيها؛ إلا للشيخ المعقوف.
هو عضلها عن التزوج، من عصرة الغريم؛ وهو أن يمنع ماله عليه. وقد اعتصره.
المعقوف: المنحني، والعقف والعطف أخوان؛ يقال: عقفه يعقفه، ومنه الأعقف والعقافة: شبه المحجن.
أراد أنه لا يرخص إلا لشيخ له بنت، وقد ضعف واحدودب؛ فهو مضطر إلى استخدامها.
*
* * العصل في " خب " . أن يعصبوه في " بح " . العصفور في " دف " . بعصم في
" زه " . العصائب في " شو " . اعصبوها في " ضل " . عصماء في " قح " .
العصل وعصلها في " ري " . عصب في " جز " . بعصلبي في " ين " . العصعص في "
رج " . العصبة في " عم " .
* * *
العين مع الضاد
النبي صلى
الله عليه وسلم - إن سمرة بن جندب كانت له عضد من نخل في حائط رجل من
الأنصار، ومع الرجل أهله، فكان سمرة يدخل إلى نخله، فيشق على الرجل، فطلب
إليه أن يناقله فأبى؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك، فطلب
إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى. فطلب إليه أن يناقله
فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا - أمراً أرغبه فيه - فأبى، فقال: أنت
مضاره، وقال للأنصاري: اذهب أنت فاقلع نخله.
اتُّسع في العضد؛ فقيل عضد
الحوض، وعضد الطريق لجانبه. ويقولون: إذا نخرت الريح من هذه العضد: أتاك
الغيث؛ يريدون ناحية اليمن، ثم قالوا للطريقة من النخل: عضد، لأنها متساطرة
في جهة - وروى: عضيد؛ قال الأصمعي: إذا صار للنخلة جذع يتناول منه فهي
العضيد. والجمع عضدان. قال:
ترى العَضِيد الموقَر المئخارا ... مِنْ وَقْعِه يَنْتَثِرُ انتثارا
وقال كثير عزة:
من الغُلْبِ مِنْ عِضْدَان هامة شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ وَجَّمتْ للنواضِحِ بئرُها
وقيل: هي الجبارة البالغة غاية الطول.
* * * قال ألا أنبئكم: ما العضة؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: هي النميمة.
وقال: إياكم والعضة، أتدرون ما العضة؟ هي النميمة.
أصلها
العضهة، فعلة من العضه؛ وهو البهت؛ فحذفت لامه كما حذفت من السنة والشفة،
وتجمع على عضين. قال يونس: بينهم عضة قبيحة، من العضيهة.
وفسر بعضهم قوله تعالى: (جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِين) بالسحر؛ لأنه كذب، ونحوها العضة من الشجر في قوله:
إذا ماتَ مِنْهُمُ سَيِّدٌ سُوِّدَ ابنهُ ... ومِنْ عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها
وقد جاء بأصلها من قال:
يحط من عمّائه الأُرْوِيّا ... يتركُ كلَّ عضْهَةٍ عِصيَّا
*
* * انتم اليوم في نبوة ورحمة، ثم تكون خلافة ورحمة، ثم تكون كذا وكذا، ثم
يكون ملك عضوض؛ يشربون الخمر، ويلبسون الحرير، وفي ذلك ينصرون على من
ناواهم.
وروى: ملوك عضوض.
الملك العضوض: الذي فيه عسف وظلم للرعية، كأنه يعضُّهم عضا. ومنه قولهم: عضَّتهم الحرب، وعضَّهم السلاح.
العضوض: جمع عض، وهو الخبيث الشرس. وقد عض يعض عضاضة.
المناوأة: المناهضة، وهي العداوة؛ من النوء، وهو النهوض.
* * * نهى صلى الله عليه وسلم أن يضحي بالاعضب القرن والأذن.
العضب في القرن: الداخل الانكسار. قال الاخطل:
إنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
يقال
للانكسار في الخارج القصم. قال ابن الأنباري: وقد يكون العضب في الأذن؛
إلا أنه في القرن أكثر. وقد كانت تسمى ناقته العضباء، وهو علم لها، ولم تسم
بذلك لعضب في أذنها.
* * * وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: أن أصحابه
أسروا رجلا من بني عقيل، ومعه ناقة يقال لها العضباء؛ فمر به النبي صلى
الله عليه وسلم وهو في وثاق، فقال: يا محمد علام تأخذني وتأخذ سابقة الحاج؟
فقال: نأخذك بجريرة حلفائك ثقيف - وكان ثقيف قد أسروا رجلين من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم - فلما مضى ناداه: يا محمد يا محمد! فقال: ما
شأنك؟ قال: إني مسلم. قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح! فقال:
يا محمد إني جائع فأطعمني، إني ظمآن فاسقني، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: هذه حاجتك - أو قال هذه حاجته ففدى الرجل بعد بالرجلين.
علام تأخذني؟ أي لم تأسرني؟ ويقال للأسير أخيذ، والأكثر الأشيع حذف ألف ما مع حروف الجر، نحو: لم؟ وبم؟ وفيم؟ وإلام؟ وعلام؟ وحتَّام.
أراد بسابقة الحاج ناقته، كأنها كانت تسبق الحاج لسرعتها.
بجريرة
حلفائك؛ يعني أنه كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ثقيف
موادعة، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد؛
وإنما رده إلى دار الكفر بعد إظهاره كلمة الإسلام؛ لأنه علم أنه غير صادق،
وأن ذلك لرغبة أو رهبة؛ وهذا خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * * لا تعضية في ميراث؛ إلا فيما حمل القسم.
هي
التفريق؛ من عضيت الشاة؛ أي إذا كان في التركة ما يستضر الورثة بقسمه؛
كحبة الجوهر، والطيلسان، والحمام، ونحوها، لم يقسم؛ ولكن ثمنه.
* * * نهى صلى الله عليه وسلم عن العاضهة والمستعضهة.
قيل: هما الساحرة، والمستسحرة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أعضل به أهل الكوفة؛ ما يرضون بأمير، ولا يرضى بهم أمير.
وروى: غلبني أهل الكوفة؛ أستعمل عليهم المؤمن فيضعف، وأستعمل عليهم الفاجر فيفجر.
أي ضاقت علي الحيل في أمرهم؛ من الداء العضال.
ومنه قوله رضي الله عنه. أعوذ بالله من كل معضلة؛ ليس لها أبو حسن - وروى: معضلة.
أراد المسألة أو الخطة الصعبة. والمعضلة من عضلت الحامل؛ إذا نشب الولد في بطنها.
ومنه
حديث الشعبي رحمه الله: أنه كان إذا سُئل عن معضلة قال: زباء ذات وبر،
أعيت قائدها وسائقها؛ لو ألقيت على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأعضلت
بهم.
مثلها بالناقة النفور لزييها في الاستعصاب؛ قال:
كما نَفَرَ الازَبُّ عن الظّعَانِ
وفي أمثالهم: كل أزب نفور.
*
* * وأن تعضد في " دف " . التعضوض في " ذو " . بالعضباء في " سر " .
ونستعضد في " صب " . عضباء في " عق " . فاعتضد في " قح " . تعضوض في " قو "
. معضدا في " مع " . عضّ على ناجذه في " جو " . ملأ عضدي في " غث " .
العضه في " خب " . عضوضاً في " وج " . لا يعض في العلم بضرس في " ذم " .
لأعضضته في " ضل " . والله لتعضوض في " سن " . فأعضّوه في " وص " .
* * *
الطاء مع العين
أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - أربى الربا عطو الرجل المسلم عرض أخيه المسلم بغير حق.
أي تناوله بلسانه.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - كرهت أن تصلي المرأة عُطُلا، ولو أن تعلق في عنقها خيطا.
هي العاطل؛ وقد عطلت عطلا وعطولا وتعطلت، وعطلها: نزع حليها.
ومنه حديثها رضي الله عنها: أنها ذكرت لها امرأة توفيت، فقالت: عطلوها.
* * * طاوس رحمه الله تعالى - ليس في العطب زكاة.
هو القطن؛ ويقال اعتطبت بعطبة؛ إذا أخذت النار بها؛ قال ابن هرمة:
فجِئْتُ بِعُطْبَتِي أَسْعَى إليها ... فما خابَ اعْتِطَابي واقْتِدَاحِي
*
* * في الحديث: سبحان من تعطف العزَّ وقال به! يقال العطاف والمعطف،
كالرداء والمردى، واعتطفه وتعطفه كارتداه وترداه. وعطفه الثوب كرداه. وهذا
من المجاز الحكمي؛ كقولهم: نهارك صائم.
والمراد وصف الرجل بالصوم، ووصف الله بالعزّ.
ومثله قوله:
يَجُرُّ رِياطَ الحَمْدِ في دَارِ قَوْمه
أي هو محمود في قومه.
وقال به؛ أي وغلب به كل عزيز، وملك عليه أمره؛ من القيل، وهو الملك الذي ينفذ قوله فيما يريد.
*
* * عطف في " بر " . عطنة في " سف " . أعطن في " سن " . عطفاء في " عق " .
بعطبول في " مغ " . وعطنت في " لق " . العطلة في " سح " . لا تعطوه في "
ذف " . وقد عطنوا في " جب " . وضربوا بعطني في " غر " . إن يعطو القرآن في "
خز " . أعطاني في " ظب " .
* * * بسم الله الرحمن الرحيم
العين مع الظاء
النبي صلى الله عليه وسلم - بينا هو يلعب وهو صغير مع الصبيان بعظم وضاح مرَّ عليه يهودي، فدعاه، فقال له: لتقتلن صناديد هذه القرية.
عظم وضاح: لعبة لهم، يطرحون عظماً بالليل، فمن أصابه غلب أصحابه فيقولون:
عُظَيْم وَضَّاحٍ ضحن الليله ... لا تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله
وقال الجاحظ: إن غلب واحد من الفريقين، ركب أصحابه الفريق الآخر؛ من الموضع الذي يجدونه فيه إلى الموضع الذي رموا به.
الصنديد
والصنتيت: السيد، وهما فنعليل، من الصد والصت؛ وهو الصدم والقهر؛ لأنه يصد
من يسوده ويقهره، ويقال صناديد القدر لغوالبه؛ وقالوا للكتيبة صنتيت
وصتيت. فدلّ خلوّ أحد البناءين عن النون على زيادتها في الآخر؛ وأن الجيش
من شأنه القهر والغلبة؛ ويحتمل أن يقال في الصنتيت بأنه من الإصنات وهو
الإتقان؛ لأن السيد يصلح أمور الناس ويتقنها، والتاء مكررة، والزنة فعليل،
والدال في الصنديد بدل من التاء. والأول أوجه.
* * * عمر رضي الله تعالى
عنه - قال ذات ليلة في مسير له لابن عباس: أنشدنا لشاعر الشعراء، قال: ومن
هو يا أمير المؤمنين؟ قال: الذي لم يعاظل بين القول، ولم يتتبع حوشيَّ
الكلام. قال: ومن هو؟ قال: زهير! فجعل ينشده إلى أن برق الصبح.
هو من تعاظل الجراد، وهو تراكبه. ويوم العظالي " بالضم " : يوم لبني تميم؛ لأنه ركب فيه الاثنان والثلاثة الدابة الواحدة.
وقال أبو عمرو: تعظلوا عليه؛ إذا تألبوا. يريد أنه فصل القول تفصيلا وأوضحه، ولم يعقِّده تعقيدا.
الحوشيّ:
الوحشي الغامض؛ قيل: هو منسوب إلى الحوش، وهو بلاد الجن. ومنه الإبل
الحوشية، يزعمون أنها التي ضربت فيها فحول إبل الجن. قال:
كأني على حُوشِيَّة أو نَعَامةِ
وعن
الرشيد: أنه سمع أولاده يتعاطون الغريب في محاورتهم، فقال: لا تحملوا
ألسنتكم على الوحشي من الكلام، ولا تعودوها الغريب المستبشع، ولا السفساف
المتضع. واعتمدوا سهولة الكلام؛ ما ارتفع عن طبقات العامة، وانخفض عن درخة
المتشسدقين. وتمثل ببيت جد جرير:
إِذا نلتَ إِنسِىَّ المقالة فليكن ... به ظَهْرُ وَحْشِيّ الكلام مُحرَّما
* * * عطامي في " صع " . عظاماً في " قح " .
* * *
العين مع الفاء
النبي صلى الله عليه وسلم - أقطع من أرض المدينة ما كان عفاء.
قال
الأصمعي: يقال أقطعه من عفاء الأرض؛ أي مما ليس لمسلم ولا معاهد؛ أي مما
قد عفا؛ ليس به أثر لأحد، وهو مصدر عفا إذا درس؛ يقال: عفت الدار عفوَّا
وعفاء.
ومنه قولهم: عليه العفاء؛ إذا دعى عليه ليعفوا أثره.
ومنه
حديث صفوان: إذا دخلت بيتي، فأكلت رغيفاً، وشربت عليه من الماء فعلى الدنيا
العفاء! والتقدير: ما كان ذا عفاء؛ أو نزل المصدر منزلة اسم الفاعل.
ويحتمل أن يكون عفاء صفة للأرض العافية الأثر؛ على فعال؛ كقولهم للأرض البارزة: براز، وللفاضية فضاء.
وقيل العفاء: ما ليس لأحد فيه ملك، ن عفا الشيء يعفو إذا خلص.
وعن الكسائي: عفوة المال وصفوته بمعنى، وعفاوة المرقة عافيتها: صفوتها.
* * * من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وما أصابت العافية منها فهو له صدقة.
كل طالب رزقاً، من طائر أو بهيمة أو إنسان فهو عاف، والجماعة عافية.
ونحوه
في المعنى حديثه: إن أم مبشر الأنصارية قالت: دخل علي رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأنا في نخل لي، فقال: من غرسه؟ أمسلم أم كافر؟ قلت: لا، بل
مسلم، فقال: ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان أو دابة
أو طائر أو سبع إلا كانت له صدقة.
* * * جاء حنظلة الأسدي رضي الله
عنه، فقال: نافق حنظلة يا رسول الله! نكون عندك؛ تذكّرنا الجنة والنار كأنا
رأى عين؛ فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والضيعة، ونسينا كثيرا.
المعافسة: المعالجة والممارسة، ومنها اعتفس القوم، إذا تعالجوا في الصراع.
الضيعة: الصناعة والحرفة، يقال للرجل: ما ضيعتك؟ وتجمع ضياعا وضيعا، كما جمعت القصعة قصاعا وقصعا.
رأى عين: منصوب بإضمار نرى، ومثله حمد الله في الخبر.
* * * أول دينكم نبوة ورحمة، ثم خلافة ورحمة، ثم ملك أعفر، ثم ملك وجبروة، يُستحل فيها الفرج والحرير.
أي يساس بالنكر والدهاء، من قولهم للخبيث المنكر عفر. وفلان أشد عفارة من فلان، وقد عفر واستعفر: إذا صار عفرا.
الجبروة: الجبروت.
* * * كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى عضديه، حتى يُرى من خلفه عفرة إبطيه.
العفرة: بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عفر الأرض وهو وجهها، يقال: ما على عفر الأرض مثله، ومنه ظبي أعفر.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: يُحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد.
النقي: الحواري، سمي لنقائه من النخالة، قال:
يُطْعِمُ النَّاسَ إذا أمْحلوا ... مِنْ نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ
وأما
النفي " بالفاء " فيقال لما ترامت به الرحى من دقيق: نفى الرحى، كما يقال:
نفى المطر، ونفى القدر، ونفى قوائم البعير، لما ترامت به من الحصى.
المعلم: الأثر.
*
* * سُئل عن اللقطة، فقال: احفظ عفاصها، وواءها، ثم عرفها، فإن جاء صاحبها
فادفعها إليه. قيل: فضالة الغنم؟ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب. قيل:
فضالة الإبل؟ قال: مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء، وتأكل
الشجر، حتى يلقاها ربُّها.
العفاص: الوعاء، يقال: عفاص القارورة
لغلاقها، وعفاص الراعي لوعائه الذي فيه نفقته، وهو فعال من العفص، وهو
الثني والعطف؛ لأن الوعاء ينثني على ما فيه وينعطف.
الوكاء: الخيط الذي تشد به.
أراد أن يكون ذلك علامة للُّقطة، فمن جاء يتعرفها بتلك الصفة دفعت إليه.
ورخَّص في ضالة الغنم، أي إن لم تأخذها أنت أخذها إنسان سواك، أو أكلها الذئب، فخذها.
وغلَّظ في ضالة الإبل. وأراد بحذائها أخفافها، أي أنها تقوي على قطع البلاد.
وسقاؤها؛ أنها تقوى على ورود المياه، وكذلك البقر والخيل والبغال والحمير وكل ما استقل بنفسه.
ومنه قول عمر رضي الله تعالى عنه لثابث بن الضحاك - وكان وجد بعيرا - اذهب إلى الموضع الذي وجدته فيه فأرسله.
*
* * قال له رجل: يا رسول الله، ما لي عهد بأهلي مذ عفار النخل، فوجدت مع
امرأتي رجلا - وكان زوجها مصفرا حمشا، سبط الشعر، والذي رميت به خدل إلى
السواد، جعد قطط - فلاعن بينهما.
أي منذ عفر النخل؛ وذلك أن يعفى عن
السقي بعد الإبار لئلا ينتفض - أربعين يوماً ثم يُسقى، ثم يترك إلى أن
يعطش، ثم يُسقى؛ مأخوذ من تعفير الوحشية ولدها، وهو أن تقطعه عن الرضاع
أياماً، ثم ترضعه ثم تقطعه، ثم ترضعه؛ تفعل ذلك تارات حتى تتم فطامه.
والأصل: قولهم لقيته عن عفر؛ إذا لقيه بعد انقطاع اللقاء خمسة عشر يوما
فصاعدا؛ من الليالي العفر وهي البيض؛ تقول العرب: ليس عفر الليالي
كالدَّآدئ.
وفي حديث هلال بن أمية: ما قربت أهلي مذ عفرن النخل.
الخدل: الغليظ؛ وقد خدل خدالة.
*
* * لما أُخبر صلى الله عليه وسلم بشكوى سعد بن عبادة خرج على حماره
يعفور، وأسامة بن زيد رديفه؛ فمرَّ بمجلس عبد الله بن أُبي - وكانت المدينة
إنما هي سباخ وبوغاء. فلما دنا من القوم جاءت العجاجة، فجعل ابن أُبي طرف
ردائه على أنفه، وقال: يذهب محمد إلى من أخرجه من بلاده؛ فأما من لم يخرجه؛
وكان قدومه كثَّ منخره فلا يغشاه.
قالوا: سُمي يعفورا لعفرة لونه؛ ويجوز أن يكون قد سُمي تشبيهاً في عدوه باليعفور؛ وهو الظبي.
البوغاء: التربة الرخوة؛ كأنها ذريرة.
كثَّ منخره: أي إرغام أنفه. قال:
ومولاكَ لا يُهْضَمْ لديكَ فإنما ... هَضِيمة مَوْلَى القَوْمِ كَثّ المَناخِرِ
وكأنه الإصابة بالكثكث، من قولهم: بفيه الكثكث.
وروى: الكت - بالتاء، بمعنى الإرغام، وحكى اللحياني عن أعرابي قال لآخر: ما تصنع؟ قال: ماكتّك وعظاك! أي ما أرغمك وأغضبك.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، واعلموا أن الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.
العفو: أن يعفو عن الذنوب.
والعافية: أن يسلم من الأسقام والبلايا، ونظيرها الثاغية، والرَّاغية، بمعنى الثُّغاء والرُّغاء.
والمعافاة:
أن يعفو الرجل عن الناس ويعفوا عنه، فلا يكون يوم القيامة قصاص، مفاعلة من
العفو. وقيل هي أن يعافيك الله من الناس، ويعافيهم منك.
* * * الزبير
رضي الله تعالى عنه - كان أعفث - وروى: كان الزبير طويلاً أزرق أخضع أشعر
أعفث - ورواه بعضهم في صفة عبد الله ابنه قال: وكان بخيلاً أعفث. وفيه قال
أبو وجزة:
دَعِ الأَعْفَثَ المِهْذَارَ يَهْذِي بشَتْمِنافنَحْنُ بأَنْوَاعِ الشَّتِيَمةِ أَعْلَمُ
وجدت قريشاً كلَّها تَبْتَنِي العُلاَ ... وأَنْتَ أبَا بكر بجَهْدِك تَهْدِمُ
الأعفث، والأجلع، والفرج: الذي ينكشف فرجه كثيراً. قال قدامة بن الأخرز القشيري في عبد الله بن الحشرج:
فبَرَّزْتَ سَبْقاً إذْ جَرَيْتَ ابنَ حَشْرج ... وجاء سُكَيْتاً كلُّ أعْفَثَ أَفْحَجِ
* * * وعن ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما: أنه كان كلما تحرك بدت عورته، فكان يلبس تحت إزاره التبان.
الأخضع: الذي في عنقه خضوع خلقة. وقيل: الذي فيه جنأ.
الأشعر: الكثير شعر الرأس والجسد.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - ترك أتانين وعفواً.
هو الجحش، سمي به لأنه يعفي عن الركوب والإعمال، وفيه خمس لغات: عَفْو، وعِفو، وعفو، وعفَاً، وعِفاً.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - سُئل ما في أموال أهل الذمة؟ فقال: العفو.
أي عفي لهم عن الخراج والعُشر، لما ضرب عليهم من الجزية.
* * * ابن عمر رضي الله عنهما - دخل المسجد الحرام، وكان عليه بردان معافريَّان، فنهد الناس إليه يسألونه.
معافر: موضع باليمن. وقيل: قبيلة.
نهد ونهض: أخوان.
* * * في الحديث: إذا عفا الوبر، وبرئ الدبر؛ حلت العمرة لمن اعتمر.
أي كثر ووفر؛ يقال: عفا بنو فلان؛ إذا كثروا، ومنه قوله تعالى: (حَتَّى عَفَوْا).
* * *
ذا
العفاق في " بج " . وتعفى في " حف " . العفرية في " دح " . عفرة في " عص "
. عفراء في " بر " . عفرى في " دس " . للعوافي في " قن " . اليعفور
وعفاءها في " نص " . عفوه ويعفو لها في " وج " . والعافي في " شه " . أعافس
في " لع " . عافٍ في " مو " .
* * *
العين مع القاف
النبي صلى الله عليه وسلم - من عقد لحيته، أو تقلد وترا فإن محمداً منه بريء.
قيل:
هو معالجتها حتى تتعقد وتتجعَّد؛ من قولهم: جاء فلان عاقداً عنقه؛ إذا
لواها كبراً؛ والذئب الأعقد: الملتوي الذنب؛ أي من لواها وجعدها. وقيل:
كانوا يعقدونها في الحروب، فأمرهم بإرسالها.
وكانوا يتقلدون الوتر دفعاً للعين، فكره ذلك.
* * * أنا محمد، وأحمد، والماحي، يمحو الله بي الكفر؛ والحاشر، احشر الناس على قدمي، والعاقب.
وروى: وأنا المقِّفي.
عقبه، وقفاه: بمعنى؛ إذا أتى بعده؛ يعني أنه آخر الأنبياء عليهم السلام.
* * * قال صلى الله عليه وسلم لصفية بنت حُيي حين قيل له يوم النفر إنها حائض، عقري حلقي: ما أراها إلا حابستنا.
هما صفتان للمرأة إذا وُصفت بالشؤم؛ يعني إنها تحلق قومها وتعقرهم؛ أي تستأصلهم من شؤمها عليهم؛ ومحلهما مرفوع؛ أي هي عقرى حلقى.
وقال أبو عبيد: الصواب عقراً حلقاً؛ أي عقر جسدها وأصيبت بداء في حلقها.
وقال سيبويه: يقال عقرته؛ أي قلت له: عقرا؛ وهذا نحو سقَّيته وفدّيته.
ويحتمل
أن تكونا مصدرين على فعلى: بمعنى العقر والحلق، كما قيل: الشكوى للشكو،
ودغرى لا صفَّى. بمعنى دغراً، ادغروا. ولا تصفوا صفاًّ.
مفعولا أرى الضمير، والمستثنى؛ وإلا لغوٌ.
* * * نهى صلى الله عليه وسلم عن عقب الشيطان في الصلاة.
هو أن يضع أليته على عقبيه بين السجدتين، والذي يجعله بعض الناس الإقعاء.
وقيل: هو أن يترك عقبيه غير مغسولتين في وضوئه.
* * * في العقيقة - عن الغلام شاتان مثلان، وعن الجارية شاة.
وعنه صلى الله عليه وسلم: ع الغلام عقيقته، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى.
العقيقة، والعقيق، والعقة: شعر رأس المولود، ثم سميت الشاة التي تُذبح عند حلقه عقيقة؛ وهو من العقّ والقطع؛ لأنها تُحلق.
هراق وأهراق: لغتان بإبدال الهاء من الهمزة وزيادتها.
*
* * قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم؛ فبينا نحن نزول يوماً جاء رجل يقود فرساً عقوقاً معها مهرة؛ فقال: ما
في بطن فرسي هذه؟ فقال: غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.
هي الحامل، يقال: عقَّت تعقُّ عققاً وعقاقاً، فهي عقوق؛ وأعقت فهي معقّ، قال رؤبة:
بقارِحٍ أَوْ زَوْلَةٍ مُعِقِّ
وعن أبي زيد: أعقت فهي عقوق، ولا يقال معقّ.
وعنه: إن العقوق الحامل والحائل معاً.
وعن يعقوب: عقَّت وأعقت؛ إذا نبتت العقيقة على ولدها في بطنها.
*
* * وفد إليه صلى الله عليه وسلم حصين بن مشمت وبايعه وصدّق إليه ماله.
وأقطعه مياهاً عدَّة بأعلى المروت، ذكرها وشرط له فيما أقطعه: ألاّ يعقر
مرعاه، ولا ينفر ماله، ولا يمنع فضله، ولا يبيع ماءه.
عقر المرعى: قطع شجره.
وفي
كتاب العين: النخلة تعقر، أي يقطع رأسها فلا يخرج من ساقها شيء أبداً حتى
تيبس، فذلك العقر، ونخلة عقرة، وكذلك من الطير تنبت قوادمه فتصيبه آفة
فتعقر، فلا تنبت أبداً فهو عقر.
وتنفير المال: أي لا يترك إبلا ترعى فيه ويذعره.
ومنع فضله: ألا يخلي ابن السبيل والرعي فيه، مع أن فيه فضلا عن حاجته.
* * * من عقَّب في صلاته فهو في صلاة.
هو
أن يقيم في مجلسه عقيب الصلاة، يقال: صلى القوم وعقب فلان بعدهم. وحقيقة
التعقيب اتباع العمل عملا، كقولهم لمن يجيء مرة بعد أخرى، ولمن يحدث غزوة
بعد غزوة، وسيراً بعد سير، وللفرس الذي لا ينقطع حضره ولمن يعتذر بعد
الإساءة، ويقتضي دينه كرّة بعد كرّة - معقب، يقال: إن كان أساء فلان فقد
عقَّب باعتذار، وقال لبيد يصف حماراً وأتاناً:
طَلَب المعقِّبِ حَقَّه المظلومُ
وقال
تعالى: ( لاَ مُعَقِّبَ لُحِكْمِهِ )، أي لا أحد يتبع حكمه رداً. وقال عز
وجل: ( وَلَّي مُدْبِراً وَلَمْ يَعِّقبْ)؛ أي لم يتبع إدباره إقبالاً و
التفاناً، وقالوا: تعقيبة خير من غزاة.
وفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه: أنه سئل في رمضان؛ فأمرهم أن يصلوا في البيوت.
هو أن يصلوا عقب التراويح.
* * *
أنا عند عقر حوضي؛ أذود عنه الناس لأهل اليمن؛ إني لأضربهم بعصاي حتى ترفض - وروي: إني لبعقر حوضي.
يقال: أعقاب الحوض وأعقاره بمعنى؛ وهي مآخيره؛ الواحد عقب وعقر؛ أي أذودهم لأجل أن يرد أهل اليمن.
الارفضاض: التكسر والتفرق، افعلال من الرفض.
* * * لعن عاقر الخمر.
هو من الفاعل الذي للنسب؛ بني من المعاقرة؛ وهي الإدمان، كسافر في واحد السفر، والسفار؛ من المسافرة.
*
* * ما من صاحب غنم، لا يؤدي حقها إلا جاءت يوم القيامة أوفر ما كانت؛
فتنطحه بقرونها؛ وتطوه بأظلافها؛ ليس فيها عقصاء ولا جلحاء - وروي: عضباء
ولا عطفاء.
العقصاء: الملتوية القرن؛ من عقص الشعر.
والعطفاء مثلها؛ من الانعطاف.
الجلحاء كالجماء، من جلح الرأس.
الضباء: المنكسرة القرن؛ أي هي سليمة القرون مستويتها؛ لتكون أجرح للمنطوح.
* * * إن نعله صلى الله عليه وسلم كانت معقبة مخصرة ملسنة.
أي مصيراً لها عقب.
مستد قة الخصر وهو وسطها.
مخرطة الصدر مدققته، من أعلاه على شكل اللسان.
*
* * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - منعته العرب الزكاة؛ فقيل له: اقبل ذلك
الأمر منهم. فقال: لو منعوني عقالاً مما أدوا إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم لقاتلتهم عليه كما أُقاتلهم على الصلاة.
وروى: لو منعوني عناقا.
وروى: لو منعوني جدياً أذوط.
هو صدقة السّنة إذا أخذ الأسنان، دون الأثمان. وكأن الأصل في هذه التسمية الإبل، لأنها التي تُعقل.
وعن معاوية رضي الله عنه أنه استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب، فاعتدى عليهم، فقال عمرو بن عداء الكلبي:
سَعَى عِقالاً فلم يَتْرَك لنا سَبَداً ... فكيف لَوْ قَدْ سعى عَمرٌو عِقَالين
لأَصبَح الحيُّ أوْبَاداً ولم يَجِدُوا ... عند التَّفَرّق في الهَيْجَا جِمَالَيْنِ
أراد مدة عقال، فنصبه على الظرف.
وعن
أبي ذباب رحمه الله تعالى؛ قال: أخر عمر الصدقة عام الرمادة؛ فلما أحيا
الناس بعثني فقال: اعقل عليهم عقالين، فاقسم فيهم عقالا وائتني بالآخر.
أي أوجب. وقيل هو العقال المعروف.
وعن
محمد بن مسلمة رضي الله عنه: أنه كان يعمل على الصدقة في عد رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فكان يأمر الرجل، إذا جاء بريضتين أن يأتي بعقالهما
وقرانهما.
وكان عمر رضي الله عنه يأخذ مع كل فريضة عقالا ورواء، فإذا جاء المدينة باعها، ثم تصدق بتل العقل والأروية.
وقيل: إنما أراد الشيء التافه الحقير، فضرب العقال مثلا له.
الأذوط: الصغير الفك والذقن، وقيل: هو الذي يطول حنكه الأعلى، ويقصر الأسفل.
*
* * عمر رضي الله تعالى عنه - سافر في عقب رمضان، وقال: إن الشهر قد
تسعسع؛ فلو صمنا بقيته! أبو زيد: يقال: جاء فلان على عقب رمضان في عقبه،
إذا جاء وقد بقيت أيام من آخره.
وقال ابن الأنباري: الليلة تبقى منه إلى
عشر ليال تبقين منه. ويقال: جاء على عقب رمضان وفي عقبه؛ إذا جاء وقد مضى
الشهر كله؛ ومنه صليت عقب الظهر تطوعا؛ أي دبرها.
تسعسع؛ أي انحط وأدبر. ومنه قولهم: تسعسعت حال فلان، ويقال للكبير قد تسعسع. قال رؤبة:
يا هِنْدُ ما أَسْرَع ما تَسَعْسَعا
وقال شمر: من روى تشعشع، ذهب به إلى رقة الشهر وقلة ما بقي منه، من شعشعة اللبن وغيره، إذا رقق بالماء.
فيه دليل لمن رأى صوم المسافر أفضل من فطره.
*
* * لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام أبو بكر فتلا هذه الآية:
(إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ)، فعقرت حتى خررت إلى الأرض.
العقر: أن يفجأه الروع، فلا يقدر أن يتقدم أو يتأخر دهشاً.
* * * كان صلى الله عليه وسلم يُعقِّب الجيوش في كل عام.
أي يردُّ قوما ويبعث آخرين يعاقبونهم، يقال: قد عُقِّب الغازية، وأُعقبوا إذا وجِّه مكانهم غيرهم.
عثمان
رضي الله تعالى عنه - أُهديت له يعاقيب وهو محرم بالعرج، فقام عليّ، فقال
له: لم قمت؟ فقال: لأن الله تعالى يقول: (وَحُرِّمَ علَيْكُمْ صَيْدُ
البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً).
جمع يعقوب، وهو ذكر القبج.
العرج: منزل بطريق مكة.
*
* * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - ذكر القيامة وأن الله يظهر للناس،
قال: فيخر المسلمون للسجود، وتعقم أصلاب المنافقين، فلا يقدرون على السجود.
وروى: وتبقى أصلاب المنافقين طبقاً واحدا.
العقد والعقل
والعقم: أخوات، وقيل للمرأة العاقر معقومة؛ كأنها مشدودة الرحم. ويقال
للفرس إذا كان شديد معاقد الرسغ؛ إنه لشديد المعاقم. ويقال لكل فقرة من
فقار الظهر طبق، وقيل طبقة؛ والجمع طبق؛ أي تصير فقاره واحدة فلا تنعطف
للسجود.
* * * أُبي رضي الله عنه - هلك أهل العقدة ورب الكعبة! والله ما آسى عليهم، ولكن آسى على من يضلّ.
يعني ولاة الحق، والعقدة: البيعة المعقودة لهم؛ من عقدة الحبل. والعقدة: العقار الذي اعتقده صاحبه ملكاً.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - سُئل عن امرأة دخلت على قوم، فأرضعت صبيا رضعة. قال: إذا عقى حرمت عليه وما ولدت.
من
العقى؛ وهو أول ما يخرج من بطن المولود، أسود لزجاً، قبل أن يُطعم؛ يقال:
عقى يعقى عقياً، وهل عقيتم صبيكم؟ أي هل سقيتموه عسلاً ليسقط عنه عقية؟
وإنما شرط العقى ليعلم أن اللبن قد صار في جوفه.
عطف على الضمير المستتر في " حرمت " من غير أن يؤكده؛ وهو مستقبح لولا أنه فصل بينه وبين المعطوف.
* * * لا تأكلوا من تعاقر الأعراب؛ فإني لا آمن أن يكون مما أُهل به لغير الله.
هو التباري في عقر الإبل، كفعل غالب وسحيم. وأراد به ما يتعاقر؛ فوضع المصدر موضعه.
والمعنى أنهم يتعاطونه رئاء الناس، ولا يقصدون به وجه الله، فيشبه ما أُهل به لغير الله.
*
* * عمرة رضي الله تعالى عنه - كان في سفر فرفع عقيرته بالغناء؛ فاجتمع
الناس؛ فقرأ، فتفرقوا؛ فعل ذلك وفعلوه غير مرة؛ فقال: يا بني المتكاء، إذا
أخذت في مزامير الشيطان اجتمعتم، وإذا أخذت في كتاب الله تفرقتم! قُطعت
رِجل رَجل فرفعها وصاح، فقيل لكل مصوت: رفع عقيرته.
المتكاء: من النتك وهو عرق بظر المرأة، والمرأة العظيمة البظر؛ لأن عرقه إذا عظم عظم هو. وقيل: هي التي لا تحبس بولها، وقيل المفضاة.
*
* * ابن المسيب رحمه الله تعالى - قال رجل لامرأته: إن مشطتك فلانة فأنت
طالق ألْبتة، فدخل عليها فوجدها تعقص رأسها ومعها امرأة أخرى؛ فقالت
امرأته: والله ما مشطتني إلا هذه الجالسة؛ ولكن لم تحسن أن تعقصه؛ فعقصته
هذه. فسُئل سعيد عن ذلك؛ فقال: ما مشطت ولا تركت، فلا سبيل عليه في امرأته.
العقص: الفتل؛ وقيل أن يلوى الشعر حتى يبقى ليه ثم يُرسل.
والمعنى
أن الطلاق عُلِّق بجميع المشط لا ببعضه، فقد أتت بالبعض، فلا سبيل عليه،
لمن أراد التفرقة بينه وبين امرأته لأنَّ الطلاق لم يقع.
النخعي رحمه الله تعالى - المعتقب ضامن لما اعتقب.
هو
الرجل يبيع الشيء ثم يحتبسه حتى ينقد له ثمنه، فإن تلف تلفَ منه؛ وهو من
تعقبت الأمر، واعتقبته؛ إذا تدبرته، ونظرت فيما يئول إليه. قال:
وإنْ منطق زَلَّ عن صاحبي ... تعقّبتُ آخَرَ ذا مُعَتقَبْ
لأنه متدبر لأمر المبيع، ناظر فيما يكون عاقبته من أخذ أو ترك.
* * * في الحديث: من اعتقل الشاة، وأكل مع أهله، وركب الحمار، فقد برئ من الكبر.
هو أن يضع رجلها بين ساقه وفخذه فيحلبها؛ واعتقال الرمح منه. ومنه: اعتقل مقدَّم سرجه وتعقله؛ إذا أثنى عليه رجله. قال النابغة:
مُتَعَقِّلِين قَوادِمَ الأكْوَارِ
* * * في ذكر الدجال: ثم يأتي الخصب فيعقل الكرم، ثم يكحب، ثم يمحج.
عقَّل الكرم؛ إذا أخرج الحصرم أول ما يخرجه، وهو العقيلي والعقالي.
وكحَّب، من الكحب، وهو البروق إذا جلّ حبُّه. والكحبة: الحبة الواحدة.
ومحج من المحج، وهو الاسترخاء بالنضج.
*
* * عقار في " دج " . يتعاقلون بينهم معاقلهم في " رب " . عقد الحبى في "
صع " . عقيقته وعقيصته في " شد " . معقدا في " ظه " . يعقب في " رب " .
عقيراك في " سد " . بعقيقته في " ره " . ولا عقر في " سع " . عقلوا عنه في "
حل " . معقَّلات في " فر " . عقَّص في " لب " . لا نتعاقل في " وض " .
يعاقيب في " رك " . العقص في " رج " . ولا تعاقروا في " بس " . فتعاقب في "
نف " . المعقد في " قع " . عقبه والمعقوف في " عص " . عقيل ولم يعقبوا في "
خي " .
* * *
العين مع الكاف
النبي صلى الله عليه وسلم - مر برجل
له عكرة، فلم يذبح له شيئاً، ومر بامرأة لها شويهات فذبحت له، فقال: إن
هذه الأخلاق بيد الله، فمن شاء أن يمنحه منها خلقاً حسناً فعل.
قال أبو عبيدة: هي الخمسون من الإبل إلى المائة. وعن الأصمعي: إلى السبعين، والجمع عكر. قال:
فيه الصَّواهِلُ والرايات والعَكَر
ورجل معكر: له عكرة؛ وهي من الاعتكار، وهو الازدحام والكثرة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - سأله رجل، فقال: عنَّت لي عكرشة، فشنقتها بجبوبة، فسكنت نفسها، وسكت نسيستها. فقال: فيها جفرة.
العكرشة: أنثى الأرانب.
الشنق: الكفّ؛ فعبَّر به عن الرمي أو الضرب المثخن الكاف للمرمى عن الحركة.
الجبوبة: المدرة؛ يقال أخذ جبوبة من الأرض؛ لغة أهل الحجاز.
عن الأصمعي: النسيس: بقية النفس.
الجفرة: العناق التي قد أكلت.
* * * الربيع بن خثيم رحمه الله - اعكسوا أنفسكم عكس الخيل باللجم.
أي كفوها وردوها؛ ويقال: عكس البعير؛ إذا عقل يديه ثم ردَّ الحبل من تحت إبطه، فشده بحقوه.
عن ابن دريد: ودون ذلك عكاس ومكاس؛ أي مرادة ومراجعة.
*
* * قتادة رحمه الله تعالى - قال في قوله تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاس
حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون): لما نزلت هذه الآية قال ناس
من أهل الضلالة: يزعم صاحبكم محمد أن الحساب قد اقترب؛ فتناهوا قليلاً؛ ثم
عادوا إلى أعمالهم أعمال السوء؛ فلما أنزل الله تعالى: (أَتَى أَمْرُ الله
فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ) قال ناس من أهل الضلالة: يزعم صاحبكم هذا أن أمر
الله قد أتى؛ فتناهى القوم قليلاً؛ ثم عادوا إلى عكرهم عكر السوء. ثم أنزل:
(وَلَئِنْ أخَّرْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ...)
الآية.
اي الى أصل مذهبهم الرديء، من قولهم: رجع إلى عكره وعتره.
وفي أمثالهم: عادت لعكرها لميس، ولعترها. وأنشد الأصمعي:
أمْسَتْ قُرَيش قد تَجَلّى غَدْرُها ... وسيّئاً فيمنْ سواها عُذْرُها
فلَنْ يعودَ لقريش عِكْرُها ... ما ساق أَغباشَ الظلام فَجْرُها
وعن أبي عبيدة: العكر الديدن والعادة. يقال: ما زال ذلك عكره - وروى عكرهم؛ يذهب به إلى الدنس والدرن؛ والصواب الأول.
*
* * العكارون في " جي " . عكومها في " غث " . فعكر في " هت " . عكاك في "
كذ " . عكمها في " نج " . ما عكم في " كب " . عكاء في " أد " .
* * *
العين مع اللام
النبي
صلى الله عليه وسلم مر برجل وبرمته تفور على النار، فقال له: أطابت برمتك؟
قال: نعم، بأبي أنت وأمي! فتناول منها بضعة، فلم يزل يعلكها حتى أحرم
بالصلاة.
أي يمضغها ويلجلجها في فيه. وعلك وألك أخوان. وعن اللحياني: علك العجين، وملكه ودلكه بمعنى.
وبرمته تفور: حال من الضمير في مرَّ، على سنن قوله:
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِها
*
* * وبعث صلى الله عليه وسلم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وخبيب بن عدي، في
أصحاب لهما إلى أهل مكة يتخبرون له خبر قريش؛ حتى إذا كانوا بالرجيع
اعترضت لهم بنو لحيان من هذيل، فقال عاصم:
ما عِلَّتي وأنا جَلْدٌ نَابِلُ ... والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُنَابِلُ
تَزِلُّ عن صَفْحَتِها المعابِلُ ... والموتُ حَقٌّ والحياةُ باطِلُ
وضارب
بسيفه حتى قُتل؛ وأسروا خبيب بن عدي، فكان عند عقبة بن الحارث، فلما
أرادوا قتله قال لامرأة عقبة: ابغيني حديدة أستطيب بها، فأعطته موسى،
فاستدف بها، فلما أرادوا أن يرفعوه إلى الخشبة قال: اللهم أحييهم عدداً،
واقتلهم بدداً.
أي ما عذري إن لم أُقاتل ومعي أُهبة القتال؟ وهي من الاعتلال كالعذرة من الاعتذار.
نابل: معه نبل.
عنابل: جمع عنبل مثل خنجر، وهو أغلظ الأوتار وأبقاها، وأملؤها للفوق، وأصوبها سهماً.
المعابل: النصال العراض التي لا عير لها؛ جمع معبلة.
الاستطابة، والاستدفاف: الاستحداد؛ من قولهم دفَّ عليه، إذا نسفه، أي استأصله، ومنه دفف على الجريح.
البدد: جمع بدة، وهي الحصة، وأنشد الكسائي:
لما التقيتُ عُمَيْراً في كَتِيبَتهِ ... عاينتُ كَأسَ المَنايَا بيننا بَدَداً
وَلَّيْتُ جَبْهَةَ خَيْلي شَطْرَ خَيْلهم ... وَوَاجَهُونا بأُسْدٍ قاتلوا أُسُداً
والتقدير: واقتلهم قتلا بدداً، أي قتلا مقسوماً عليهم بالحصص.
وعن الأصمعي: اللهم اقتلهم بدداً " بفتح الباء " ، أي متفرقين.
* * * إن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة.
يصطرعان ويتدافعان، قال أبو ذؤيب، يصف عسراً وأُتنا:
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضَةٍ ... فَيجِدّ حيناً في العِلاَج ويَشْمَعُ
*
* * قالت أم قيس بنت محصن، أخت عكاشة رضي الله عنهما: دخلت بابن لي على
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأكل الطعام، فبال عليه؛ فدعا بماء فرشه
عليه، ودخلت عليه بابن لي قد أعلقت عنه العذرة؛ فقال: علام تدغون أولادكن
بهذه العلق؟ وروي: أعلقت عليه.
الإعلاق: أن تدفع بإصبعها نغانغه؛ وهي لحمات عند اللهاة تعالج بذلك عذرته، وحقيقه أعلقت عنه: أزالت عنه العلوق؛ وهي الداهية. قال:
وَسَائلةٍ بَثْعلبَةَ بْنِ سَيْر ... وقَدْ عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ
ومن رواه عليه؛ فمعناه أوردت عليه العلوق؛ يعني ما عذبته من دغرها: ويقال: أعلقت علىّ؛ إذا أدخل في حنجوره يتقيأ.
وعن
بعض هذيل: كنت موعوكا وحدي؛ وطخطخ الليل دجاجيته؛ وكنت صاحب قدح وإثقاب؛
فأزند وأقدح ناراً؛ وإني لمقموع فأعلق على من العذرة؛ أي من أجلها.
العلق:جمع علوق.
* * * دعا صلى الله عليه وسلم على مضر فقال: اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فابتلوا بالجوع حتى أكلوا العلهز.
هو
دم كان يخلط بوبر، ويعالج بالنار. وقيل: كان فيه قردان؛ ويقال للقراد
الضخم العلهز؛ وقيل: العلهز شيء ينبت ببلاد بني سليم شبه الحذاء، له عنقر،
أي أصل رخص كأصل البردي.
* * * علي رضي الله عنه - بعث رجلين في وجه؛ فقال: إنكما علجان. فعاجا عن دينكما.
أي
صلبان شديدا الأسر. يقال رجل علج وعلج؛ ويقال للحمار الوحشي علج لاستعلاج
خلقه؛ والعلج: الناقة الشديدة. والعلجوم: مثلها بزيادة الميم.
فعالجا؛ أي دافعا.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - رئي وعليه إزار فيه علق، وقد خيطه بلأصطبة.
إذا علق الشوك أو غيره بالثوب فخرقه فذلك الخرق علق.
الأصطبة: مشاقة الكتان.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - رأى رجلاً بأنفه أثر السجود، فقال: لا تعلب صورتك.
يقال: علبه إذا وسمه وأثر فيه، وسيف معلوب: مثلم. وطريق معلوب، للذي يعلب بجبينه، والعلب: الأثر. قال ابن مقبل:
هَلْ كنْتُ إلا مِجَنًّا تَتَّقُونَ بهِ ... قد لاحَ في عِرضِ مَنْ باَدَا كُمُ عَلَبِي
والمعنى: لا يؤثر فيها بشدة انتحائك على أنفك في السجود.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال للبيد الشاعر: كم عطاؤك؟ قال: ألفان وخمسمائة.
قال: ما بال العلاوة بين الفودين! فقال: أموت الآن فيكون لك علاوة والفودان! فرق له، وترك عطاءه على حاله.
العلاوة: ما عولي فوق الجمل زائدا عليه. ويقال ضرب علاوته؛ أي رأسه.
الفودان:
العدلان؛ لأنهما شقا الجمل؛ من قولك لشقي الرأس الفودان، و الفود: ناحية
البيت، ويقال: جعلت كتابك فودين؛ أي طويت أسفله وأعلاه حتى جعلته نصفين،
أراد بهما الألفين، وبالعلاوة خمس المائة.
* * * عائشة رضي الله عنها -
توفي عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما بالحبشى، على رأس أميال
من مكة! فنقله ابن صفوان إلى مكة؛ فقالت عائشة: ما آسى على شيء من أمره إلا
خصلتين؛ أنه لم يعالج، ولم يدفن حيث مات.
أي لم يعالج سكرة الموت؛ فتكون كفارة لذنوبه، لأنه مات فجأة.
* * * ابن عمير رحمه الله تعالى - أرواح الشهداء في أجواف طير خضرٍ تعلق في الجنة.
وروى - تسرح.
وروى: أرواح الشهداء تحول في طير خضر تعلق من ثمار الجنة.
أي
تأكل وتصيب؛ يقال: علقت البهيمة تعلق علوقا إذا أصابت من الورق؛ وعلقت
الإبل العضاه؛ إذا تسنمتها. ومنه علق فلان فلانا، إذا تناوله بلسانه.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - قال في الضرب بالعصا: إذا علَّ ففيه قود.
أي إذا ثناه وأعاد، من العلل في السقي.
* * * عطاء رحمه الله تعالى - ذكر مهبط آدم عليه السلام، فقال: هبط معه بالعلاة.
هي السندان؛ فعلة من العلو، وكذلك قولهم للناقة: علاة، وهي المشرفة الضخمة، والعليان مثلها؛ قال:
تَقْدُمُها كلُّ عَلاَةٍ عِلْيانِ
في الحديث في حديث سبيعة رضي الله تعالى عنها لما تعلت من نفاسها تشوفت لخطّابها.
أي قامت وارتفعت؛ قال جرير:
فلا حَملتْ بَعْدَ الفرزدقِ حُرَّةٌ ... ولا ذاتُ بعل مِنْ نِفاسٍ تَعَّلَتِ
ويحتمل
أن يكون المعنى سلمت وصحَّت، وأصله تعللت مطاوع علها الله؛ أي أزال علتها
كفزَّعه، وجلَّد البعير؛ ففعل به ما فعل بتقضض البازي وتظننت.
* * *
وعلاك في " دك " . بعلالة الشاة في " صو " . علنداة في " رج " . عيلام في "
ضب " . تعلو عنه في " تا " . معلم في " عف " . أعَّلق في " غث " . العليفي
" قص " . بالعلق في " نح " . بالعلقة في " شم " . علق القربة في " عر " .
المعلول في " دج " . بني العلات في " عي " . أعل عنج في " وط " . بالعلاة
في " بس " . وعلبة في " ول " . علافها في " نص " . معلمين في " سو " .
عالية الدم في " دك " . فعليك في " أد " . بعلياء في " بع " .
* * *
العين مع الميم
النبي صلى الله عليه وسلم - تعوذوا بالله من الأعميين، ومن قترة وما ولد.
هما الأيهمان، أي اسيل والحريق، لما يرهق من يصيبانه من الحيرة في أمره.
قترة: علم للشيطان، ويكنى أبا قترة.
* * * من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة، أو ينصر عصبة، أو يدعو إلى عصبة فقُتل قتل قتلة جاهلية.
هي الضلالة؛ فعيلة من العمى.
العصبة: بنو العم، وكل من ليست له فريضة مسماة في الميراث، وإنما يأخذ ما يبقى بعد أرباب الفرائض؛ فهو عصبة.
* * * قال صلى الله عليه وسلم في العمرى والرقبى: إنها لمن أعمرها ولمن أرقبها ولورثتهما من بعدهما.
كان
الرجل يتفضل بالأعمار والأرقاب على صاحبه فيتمتع بما يعمره، أو يرقبه إياه
مدة حياته؛ فإذا مات لم يصل منه إلى ورثته شيء، وكان للمعمر والمرقب أو
لورثته، فنقضه صلى الله عليه وسلم.
وأعلم أن من ملك ذلك في حياته فهو
لورثته من بعده، وقد مر نحوٌ من هذا في باب رقب مع ذكر ما في العمرى
والرقبى من الكلام اللغوي والفقهي.
* * * سأله أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ فقال: كان في عماء تحته هواء، وفوقه هواء.
هو السحاب الرقيق، وقيل السحاب الكثيف المطبق؛ وقيل شبه الدخان يركب رءوس الجبال.
وعن الجرمي: الضباب.
ولابد في قوله: أين كان ربنا؟ من مضاف محذوف؛ كما حذف من قوله تعالى: (هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ أنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) ونحوه.
*
* * قدم عليه صلى الله عليه وسلم قطن بن حارثة العليمي مع وفد من كلب
المدينة، فكتب لهم: هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمائر
كلب وأحلافها ومن ظأره الإسلام من غيرهم، مع قطن بن حارثة العليمي، بإقام
الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة بحقها؛ في شدة عقدها، ووفاء عهدها؛ بمحضر من
شهود المسلمين: سعد بن عبادة، وعبد الله بن أنيس، ودحية بن خليفة الكلبي:
عليهم في الهمولة الراعية البساط والظؤار؛ في كل خمسين ناقة غير ذات عوار،
والحمولة المائرة أهلهم لاغية، وفي الشوى الورى مسنة حامل أو حائل، وفيما
سقى الجدول من العيين المعين العُشر من ثمرها ومما أخرجت أرضها، وفي العذى
شطره بقيمة الأمين، لا تزاد عليهم وظيفة ولا تفرق. شهد الله على ذلك
ورسوله. وكتب ثابت بن قيس بن شماس.
العمائر: جمع عمارة وهي الحي العظيم؛ فمن فتح فإنه ذهب إلى التفاف بعضهم على بعض كالعمارة وهي العمامة، ومن كسر فلأنهم عمارة للأرض.
واشتقهل بعضهم من العومرة وهي الجلبة، ومن اعتمر الحاج؛ إذا رفع صوته مهلاًّ بالعمرة لما يكون فيها من الجلبة.
ظأره: عطفه.
الهمولة: التي أهملت للرعي ولا تستعمل.
البساط: جمع بسط، وهي التي معها ولدها.
الظؤار: جمع ظئر، وهي التي ظئرت على غير ولدها.
المائرة: التي يمتار عليها.
لاغية: ملغاة.
الشويّ: الشاء.
الوري: السمين. قال الطرماح:
بُوجُوهٍ كالوذائلِ لم ... يُخْتَزَنْ عَنْهَا وَرِيُّ السَّنَام
* * * أوصاني جبرئيل بالسواك حتى خفت على عموري.
هي جمع عمر، وقد روى فيه بالضم، وهو لحم اللثة المستطيل بين كل سنين.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أيما جالب جلب على عمود بطنه، فإنه يبيع كيف شاء ومتى شاء.
أي على ظهره. وقيل: هو يمتد من الرهابة إلى دوين السُّرّة.
والمعنى جلب معانيا للمشقة؛ كأنما حمل المجلوب على هذا العرق. وسمي الظهر عمودا؛ لأنه يعمد البطن وقوامه به.
وأما العرق فقد شبه لامتداده واستطالته بعمود الخباء.
* * *
أبو
ذر رضي الله تعالى عنه - قال الأسود: خرجنا عماراً، فلما انصرفنا مررنا
بأبي ذر، فقال: أحلقتم الشعث، وقضيتم التفث! أما إن العمرة من مدركم! أي
معتمرين؛ ولم يجيء فيما أعلم عمر بمعنى اعتمر، ولكن عمر الله؛ إذا عبده،
وفلان يعمر ربه؛ أي يصلي ويصوم، وعمر ركعتين؛ أي صلاهما؛ فيحتمل العمار أن
يكون جمع عامر؛ من عمر بمعنى اعتمر؛ وإن لم نسمعه، ولعل غيرنا سمعه. وأن
يكون مما استعمل منه بعض التصاريف، دون بعض، كما قيل يذر، وما منه دونه من
الماضي واسمى الفاعل والمفعول، وكذلك يدع وينبغي، ونحوه السفار والسفر
للمسافرين. وأن يقال لمعتمرين عمَّار؛ لأنهم عمروا الله؛ أي عبدوه.
الشَّعث: أن يغبر الشعر، وينتتف؛ لبعد عهده بالتعهد من المشط والدهن؛ أراد ذا الشعث.
التَّفث: ما يفعل عند الخروج من الإحرام؛ من قليم الأظفار، والأخذ من الشارب، ونتف الإبط والاستحداد.
قيل التفث: أعمال الحج. وقال الأغلب:
لما وسطْتُ القَفْر في جنح المَلَث ... وقَدْ قَضَيْتُ النُّسْكَ عَنّي والثَّفَثْ
فاجأَني ذِئبٌ بِه داءُ الغَرث
وقال أمية:
شاحِينَ آبَاطَهُمْ لم يقربوا تَفَثاً ... ولم يَسُلُّوا لهمْ قَمْلاً وصِئْبَانا
قال الأصمعي: مدرة الرجل بلده؛ والجمع مدر. ويقال: ما رأيت مثله في الوبر والمدر، يعني أن العمرة يبتدأ لها السفر غير سفر الحج.
* * * خباب رضي الله تعالى عنه - رأى ابن همع قاصّ، فلما رجع ائتزر وأخذ السوط، وقال: أ مع العمالقة! هذا قرن قد طلع.
هم
الجبابرة الذين كانوا بالشام على عهد موسى على نبينا وعليه السلام؛ الواحد
عمليق وعملاق؛ ويقال لمن يخدع الناس ويخلبهم ويتظرف لهم عملاق، وهو يتعملق
للناس.
شبه القصاص بأولئك الجبابرة في استطالتهم على الناس، أو أراد تعملقهم لهم.
القرن:
أهل كل عصر يحدثون بعد فناء آخرين، يعني أنهم قوم حدثوا ونجموا، لم يكونوا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: أراد قرن الحيوان؛ شبه به
البدعة في نطحها الناس عن السنَّة، وتبعيدهم عنها.
* * * محمد بن مسلمة
رضي الله تعالى عنه - في حديث محاربته مرحباً قال: من هدهما: ما رأيت حرباً
بين رجلين قط علمتها مثلها؛ قام كل واحد منهما إلى صاحبه عند شجرة عمرية،
فجعل كل واحد منهما يلوذ بها صاحبه، فإذا استتر منها بشيء خذم صاحبه ما
يليه حتى يخلص إليه، فما زالا يتخذَّمانها بالسيف؛ حتى لم يبق فيها غصن،
وأفضى كل واحد منهما إلى صاحبه.
هي العظيمة القديمة التب أتى عليها عمر طويل. ويقال للسدر العظيم النابت على الشطوط عبري وعمري، ولما سواه ضال، قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ إذا تخَوّفَت العَواطِي ... ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيًّا وضَالاَ
وإنما قيل له العبري لنباته على العبر؛ والعمري لقدمه، أو الميم فيه معاقبة للباء؛ كقولهم: رماه من كثب وكثم.
يتخذمانها: يتقطعانها، قال:
ولا يأكلون اللحْمَ إلا تَخَذُّما
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - أُتي بشراب معمول.
قيل: هو الذي فيه اللبن والعسل والثلج.
* * * عطاء رحمه الله تعالى - إذا توضأت فلم تعمم فتيمم.
أي لم تعمم أعضاءك بإيصال الوضوء إليها؛ يعني إذا كان عندك من الماء ما لا يفي بطهورك فتيمم.
* * * في الحديث لا بأس أن يصلي الرجل على عمريه.
أي كميه. قال:
قَامَتْ تُصَلِّي والخِمارُ من عَمرْ
*
* * العممة في " بج " . تعموا في " دب " . عمرك الله في " خب " . والمعامي
في " ند " . عمروس في " مل " . اعمد وعماك في " ذم " . العمد في " أو " .
وأعمدتاه في " نح " . عُمّ في " عر " . وعاملة في " نس " . عمية في " فر " .
وفي " عب " . عممه في " ثم " . في عماية في " صر " . أمر العامة في " خص "
.
* * *
العين مع النون
النبي صلى الله عليه وسلم - المؤذنون أطول أعناقاً يوم القيامة - وروى: إعناقاً. أي إسراعاً إلى الجنة؛ والعنق: الخطو الفسيح.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً؛ لم يصب دماً حراماً؛ فإذا أصاب دماً حراماً بلَّحَ.
ومنه
قوله صلى الله عليه وسلم: إن رهطاً ثلاثة انطلقوا فأصابتهم السماء، فلجئوا
إلى غارٍ فبينما هم فيه؛ إذا انقلعت صخرة من قُلَّة الجبل، فتدهدهت حتى
جثمت على باب الغار؛ فقال القوم بعضهم لبعض: كفَّ المطر، وعفا الأثر؛ ولن
يراكم إلا الله؛ فلينظر كل رجل أفضل عمل عمله قط فليذكره، ثم ليدعُ الله.
فانفرجت الصخرة، فانطلقوا معانقين.
عانق، وأعنق؛ نحو سارع وأسرع.
وفي
حديثه صلى الله عليه وسلم: أنه كان معاذ وأبو موسى معه في سفر، ومعه
أصحابه، فأناخوا ليلة معرسين، وتوسد كل رجل ذراع راحلته، قالا: فانتبهنا،
فلم نر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند راحلته، فاتبعناه، فأُخبرنا أنه
خيِّر بين أن يُدخل نصف أمته الجنة والشفاعة، وأنه اختار الشفاعة، فانطلقنا
معانيق إلى الناس نبشرهم.
أي معنقين، جمع معناق.
بلَّح: أعيا وانقطع، يقال: بلَّح الفرس، وبلَّحت الركية، إذا انقطع جربها وذهب ماؤها.
*
* * بعث صلى الله عليه وسلم سرية إلى ناحية السيف فجاعوا، فألقى الله لهم
دابة يقال لها العنبر، فأكل منها جماعة السرية شهراً حتى سمنوا.
هي سمكة بحرية تتخذ الترسة من جلدها، فيقال للترس عنبر. قال العباس بن مرداس:
لنا عارِضٌ كزهَاءِ الصَّرِيمِ ... فيه الأَسِنَّةُ والعَنْبَر
* * * اتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان.
جمع عانية، من العنو، وهو الإقامة على الإسار؛ يقال: عنا فيهم أسيرا، والعنوة: القهر والذل، ومنه قوله تعالى: (وَعَنَتِ الوُجُوُهً).
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني.
*
* * سئل صلى الله عليه وسلم عن الإبل فقال: أعنان الشياطين، لا تقبل إلا
مولِّية، ولا تدبر إلا مولِّية، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم.
الأعنان: النواحي؛ جمع عنن وعنّ، يقال أخذنا كل عنّ وسنّ وفنّ، أُخذ من عنَّ، كما أُخذ العرض من عرض.
وفي الحديث: أنهم كرهوا الصلاة في أعطان الإبل، لأنها خُلقت من أعنان الشياطين.
قال
الجاحظ: يزعم بعض الناس أن الإبل فيها عرق من سفاد الجن، وذهبوا إلى هذا
الحديث وغلطوا. ولعل المراد - والله ورسوله أعلم - أن الإبل لكثرة آفاتها،
وأن من شأنها أنها إذا أقبلت أن يعتقب إقبالها الإدبار، وإذا أدبرت أن يكون
إدبارها ذهاباً وفناء مستأصلا، ولا يأتي نفعها - يعني منفعة الركوب والحلب
إلا من جانبها الذي ديدن العرب أن يتشاءموا به وهو جانب الشمال. ومن ثم
سموا الشمال الشؤمى. قال يصف حمارا وأتاناً:
فأَنْحَى على شُؤْمَي يَدَيْهِ فَذَادَهَا
فهي
إذن للفتنة مظنة، وللشياطين فيها مجال متَّسع، حيث تسببت أولا إلى إغراء
المالكين على إخلالهم بشكر النعمة العظيمة فيها، فلما زواها عنهم لكفرانهم
أغرتهم أيضا على إغفال ما لزمهم من حق جميل الصبر على المرزئة بها، وسولت
لهم في الجانب الذي يستملون منه نعمتي الركوب والحلب أنه الجانب الأشأم،
وهو في الحقيقة الأيمن الأبرك.
* * * لما طعن أُبي بن خلف بالعنزة بين
ثدييه، انصرف إلى أصحابه، فقال: قتلني ابن أبي كبشة، فنظروا فإذا هو خدش،
فقال: لو كانت بأهل ذي المجاز لقتلتهم.
العنزة: شبه العكازة.
أبو
كبشة: كنية رجل خزاعي، خالف قريشاً في ترك الأوثان، وعبادة الشعرى العبور،
وكان يقول: إنها قطعت السماء عرضاً، ولم يقطعها عرضاً نجم غيرها، ولهذا قال
تعالى: (وَأنَّه هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى). فلما خالفهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم شبهوه بالخزاعي، وقيل: هو كنية جد جده لأمه، وهب بن عبد مناف بن
زهرة.
ذو المجاز: سوق للعرب. الضمير في كانت للطعنة.
* * * أيما طبيب تطبب على قوم، ولم يعرف بالطب قبل ذلك فأعنت فهو ضامن.
أي أضرَّ وأفسد، من العنت.
*
* * عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها - كنت معه، فدخلت شاة لجار لنا، فأخذت
قرصاً دنّ لنا، فقمت إليها فأخذته من بين لحييها، فقال: ما كان ينبغي لك
أن تعنقيها، إنه لا قليل من أذى الجر - وروى: تعنكيها.
أي أن تأخذي بعنقها وتعصريها.
والتعنيك: المشقة والتعنيف، من اعتنك البعير إذا ارتطم في رمل لا يقدر على الخلاص منه، ويقال لذلك الرمل: العانك.
ويجوز
أن يكون التعنيق، بمعنى التخييب، من العناق، وهو الخيبة، والعناقة مثله،
يقال: رجع منه بالعناق، وفاز منه بالعناقة. وبلد معنقة لا مقام به من
جدوبته.
والتعنيك بمعنى المنع والتضييق؛ من عنك الباب وأعنكه، إذا
أغلقه؛ والعنك الباب؛ لغة يمانية. ولو روى تعنيفها " بالفاء " ، من العنف
لكان وجهاً قريبا.
* * * قيل: أي أموالنا أفضل؟ قال: الحرث والماشية؛ قيل: يا رسول الله، فالإبل! قال: تلك عناجيج الشياطين.
العنجوج
من الخيل والإبل: الطويل العنق، فعلول من عجنه؛ إذا عطفه، لأنه يعطف عنقه
لطولها في كل جهة ويلويها ليًّا، وراكبه يعنجها إليه بالعنان والزمام؛ يريد
أنها مطايا الشياطين.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: إن على ذروة كل بعير شيطانا.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - سبَّ ابنه عبد الرحمن، فقال: يا عنتر! وروى: غنثر، وغنثر " بالفتح والضم " .
العنتر: الذباب الأزرق، شبهه به تحقيرا.
والغنثر؛ من الغثارة، وهي الجهل. وقيل هو من الغنثرة، وهي شرب الماء من غير عطش، وذلك من الحمق.
*
* * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال: إن رجلا كان في أرض له إذ مرّت
به عنانة ترهيأ؛ فسمع فيها قائلا يقول: ائتي أرض فلان فاسقيها.
قيل للسحابة عنانة؛ كما قيل لها عارض وحبىّ، وعن وعرض وحبا بمعنىً، والجمع عنان.
ومنه الحديث: ولو بلغت خطيئته عنان السماء.
وفي كتاب العين: عنان السماء: ما عنَّ لك؛ أي ما بدا لك منها إذا رفعت بصرك إليها.
وروى:
أعنان السماء، والأعنان والأعناء والأحناء بمعنىً؛ وهي النواحي؛ يقال
نزلوا أعناء مكة؛ الواحد عنو، وقيل عناً ويجوز أن يكون الأعنان جمع عنان،
كأساس وأجواد في أساس وجواد.
ترهيأت السحابة؛ إذا سارت سيرا رويداً. وقال يعقوب: تمخضت، قال:
فتلك عَنانة النِّقْمات أضحتْ ... تَرَهْيَأُ بالعِقاب لِمُجْرِمِيها
فالهمزة
فيه مزيدة، لقولهم ترهيأت، وترهيت؛ إذا تبخرت، فكأنه من قولهم: رها الطائر
يرهو، إذا دوَّم ورنَّق في الهواء، وهو أن ينشر جناحيه ولا يخفق بهما، على
معاقبة الياء الواو في البناء، كقولهم: أتيت وأتوت، وعزيت وعزوت.
* * * ابن معد يكرب رضي الله عنه - قال يوم القادسية: يا معشر المسلمين، كونوا أُسدا عناشا، فغنما الفارسي تيس إذا ألقى نيزكه.
عانش وعانق أخوان؛ قال أبو خراش:
إذنْ لأَتاه كلّ شاك سلاحَهُ ... يعانِشُ يوم البأس ساعِدُه عَبْلُ
والمعنى أسداً ذات عناش لأقرانها، فوصف بالمصدر، كقولهم: فلان عناش عدو، قال ساعدة بن جؤية:
عناش عَدُوٍّ لا يزال مُشَمِّراً ... بِرَجْلٍ إذا ما الحربُ شبَّ سَعِيُرها
ويجوز أن ينتصب عناشا على التمييز، كما يقال: هو أسد جرأة وإقداما.
النيزك: نحو من المزراق، عجمي معرب، وقد تكلمت به العرب قديما واشتقَّت منه، قال ذو الرمَّة:
فيا مَنْ لِقَلْبٍ لا يزال كأَنه ... من الوجد شَكَّتْهُ صدورُ النَّيَازِك
ويقال: نزكه ينزكه نزكا، إذا زرقه، ومنه نزكه؛ إذا عابه ووقع فيه.
*
* * النخعي رحمه الله تعالى - قال في الرجل يقول إنه لم يجد امرأته عذراء:
لا شيء عليه، لأن العذرة قد تذهبها الحيضة والوثبة وطول التعنيس.
عنست وعنِّست؛ إذا بقيت في بيت أبويها لا تزوج حتى تسن. ومنه العنس للناقة إذا تمت سنها واشتدت قوتها.
وعن الأصمعي: أنه يقال للرجل عانس إذا لم يتزوج، أراد: ليس بينهما لعان لأنه ليس بقاذف.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - لأن أتعنى بعينه أحب إلى من أن أقول في مسألة برأيي.
العنية: بول فيه أخلاط تطلى به الإبل الجربي، يقال في المثل: عنية تشفى الجرب، والتعني: التطلى بها.
*
* * العنن وذو العنان في " صب " . عانيهم في " دب " . شاو العنن في " رج "
. عنابل في " عل " . العنان في " غذ " . العنطنطة في " عي " . العنق في "
دف " . عنقفير في " نص " . يعنجه في " نو " . عنف، والعنود في " ذق " . أن
تعنتني في " قن " . عان في " لب " . عنى في " فر " . عنفوان في " جم " .
عنج في " وط " . أعنق في " نح " . وعناج في " حق " . لعرق عاند في " عذ " .
عنف السياق في " ذن " . عنتت في " عت " . وعنوا في " زن " . ولا تعنفها في
" ثر " .
* * *
العين مع الواو
النبي صلى الله عليه وسلم - المعول عليه يعذب.
أعول على الميت وعول؛ إذا رفع صوته بالبكاء، وقيل دعا بالويل. قالت هند بنت عتبة:
إني عليك لَحَرَّي قد تَضَعَّفَنِي ... هَمٌّ أشاب ذُؤَاَبَتَّي وتَعْويلُ
قاله
في إنسان بعينه علم بالوحي أنه يعذب، واللام للإشارة، كأنه قال: هذا الذي
يبكي عليه يعذب، أو أراد من يوصي نساءه أن يعولن عليه، أو أراد الكافر؛ لأن
المسلمين على عهده كانوا من المحافظة على حدود الدين بمكان، والمسلمات
بمثاتبهم، فكان المسلم إذا مات لم يعول عليه.
* * * دخل صلى الله عليه
وسلم على جابر بن عبد الله منزله، قال جابر: فعمدت إلى عنزي لأذبحها فثغت؛
فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثغوتها، فقال: يا جابر، لا تقطع درا ولا
نسلا. فقلت: يا رسول الله، إنما هي عودة علفناها البلح والرطب فسمنت.
عن ابن الأعرابي: لا يقال عود إلا لبعير أو شاة، وقد جاء: عود الرجل؛ إذا أسن، وقد استعاره للطريق القديم من قال:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأقْوامٍ أُوَلْ ... يموتُ بالتَّرْك ويحيا بالعَمَلْ
* * * تزوج صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فلما أدخلت عليه قالت: أعوذ بالله منك! فقال لها: لقد عذت بمعاذ، فالحقي بأهلك.
أي
عذت بمكان العياذ، وبمن للعائذين أن يعوذوا به، وهو الله عز وجل، وحقيقته:
عذت بمعاذ أي معاذ، وبمعاذ من عاذ به لم يكن لأحد أن يتعرض له.
* * *
قال حنظلة كاتبه: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظنا، فرقت
قلوبنا ودمعت أعيننا، فرجعت إلى أهلي فدنت مني المرأة وعيل - أو عيلان،
فأخذنا في الدنيا، ونسيت ما كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو واحد العيال، كجيد وجياد، وأصله عيول من عال يعول؛ إذا احتاج وسأل. عن أبي زيد.
ومنه
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن في وعاء العشرة حقا لله
واجبا. قيل: يا أبا هريرة، وما وعاء العشرة؟ قال: رجل يدخل على عشرة عيِّل
وعاء مع طعام إن لو يؤد حقه حرق الله وجهه في نار جهنم.
وضع الغيل موضع الجماعة كما قال الراجز:
إليك أشكو عرق دهر ذي خَبَلْ ... وعَيِّلاً شُعْثاً صِغاراً كالحَجَلْ
ولهذا قال: عشرة عيل، لأن مميز الثلاثة إلى العشرة مجموع.
* * * سأله أنيف عن نحر الإبل، فأمره أن يعوى رءوسها، ويفتق لبتها.
أي يعطفها إلى أحد شقيها لتبرز اللبة وهي المنحر. وعوى ولوى وطوى وتوى أخوات. قال القطامي:
فرحلتُ يَعملة النّجاءِ شمِلّةً ... ترمى الزّميل إذا الزِّمام عَوَاها
*
* * لما اعترض أبو لهب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إظهار
الدعوة، قال له أبو طالب: يا أعور، ما أنت وهذا! قال ابن الأعرابي: لم يكن
أبو لهب بأعور، ولكن العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وأمه أعور، وقيل
معناه يا رديء. وكل شيء من الأمور والأخلاق إذا كان رديئا قيل له أعور،
ومنه: الكلمة العوراء.
وقال الأخفش: الأعور الذي عُوِّر؛ أي خيِّب فلم يصب ما طلب، وأنشد لحصين بن ضمضم:
ولّى فوارسهم وأفلت أعورا
وعن أبي خيرة الأعرابي: الأعور واحد الأعاور، وهي الصئبان؛ كأنه قال: يا صؤابة؛ استصغارا له واحتقارا.
* * * لا يوردن ذو عاهة على مصح.
عين
العاهة وهي الآفة واو، لقولهم: أعاه القوم وأعوهوا؛ إذا أيفت دوابهم، أو
ثمارهم. وقرأت في مناظر النجوم للقتبي في ذكر الثريا: ويقال: ما طلعت، ولا
فاءت إلا بعاهة في الناس، وغربها أعيه من شرقها.
ومنها حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة.
والمعنى
لا يوردن من بإبله آفة من جرب أو غيره على من إبله صحاح، لئلا ينزل بهذه
ما نزل بتلك من أمر الله، فيظن المصح أن تلك أعدتها فيأثم.
قال صلى الله
عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لما طلقها زوجها: انتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي
عندها، ثم قال: لا؛ إن أم كلثوم يكثر عوّادها، ولكن انتقلي إلى عبد الله،
فإنه أعمى؛ فانتقلت إليه حتى انقضت عدتها، ثم خطبها أبو جهم ومعاوية، فأتت
النبي صلى الله عليه وسلم تستأذنه؛ فقال لها: أما أبو جهم فأخاف عليك
قسقاسة العصا، وأما معاوية فرجل أخلق من المال، قال: فتزوجت أسامة بن زيد
بعد ذلك.
العوَّاد الزُّوار، وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد - وروى: إنها امرأة يكثر ضيفانها.
القسقاسة:
العصا نفسها؛ وإنما ذكرت على إثرها تفسيراً لها. قال أبو زيد: القسقاسة
والقساسة العصا؛ من قس الناقة يقسها إذا زجرها. وعن أبي عبيدة: يقال فلان
يقس دابته؛ أي يسوقها - وروى: أن أبا جهم لا يضع عصاه على عاتقه. والمعنى
أنه شيء الخلق، سريع إلى التأديب والضرب؛ قيل: ويجوز أن يراد أنه مسفار لا
يلقي عصاه، فلا حظَّ لك في صحبته، ومن فسر القسقاسة بالتحريك فلي فيه نظر.
أخلق
من المال؛ أي خلوٌ عنه عار. وأصله من قولهم: حجر أخلق؛ أي أملس لا يقر
عليه شيء لملاسته؛ وهذا كقولهم لمن أنفق ماله حتى افتقر: أملق فهو مملق،
فإن أصله من الملقة؛ وهي الصخرة الملساء - وروى: فإنه رجل حائل؛ أي فقير؛
من العيلة.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال مسعود بن هنيدة مولى
أوس بن حجر: رأيته قد طلع في طريق معورة حزنة، وإن راحلته قد أذمت به،
وأزحفت؛ فقال: أين اهلك يا مسعود؟ فقلت: بهذا الأظرب السواقط.
أعور
المكان: صار ذا عورة؛ وهي في الثغور والحروب والمساكن خلل يتخوف منه الفتك.
قال الله تعالى: (إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ). ومنه ما أنشده الجاحظ:
دويّ الفيافي رَابَهُ فكأنه ... أَمِيم وسارِي الليل للضرّ مُعْوِرُ
أي ممكن ومحصر؛ كالمكان ذي العورة. أراد في طريق يخاف فيها الضلال أو فتك العدو.
يقال: أذمت راحلته؛ إذا تأخرت عن ركاب القوم فلم تلحقها: ومعناها صارت إلى حال تذم عليها. ومنه أذمت البئر؛ إذا قل ماؤها.
أزحفت، أي أزحفها السير، وهو أن يجعلها تزحف من الإعياء. والزحف: ثقل المشي. وبعير زاحف مزحف؛ إذا جرَّ فرسنه إعياء.
الأظرب: جمع ظرب، وهو ما دون الجبل.
السواقط: اللواطي بالأرض؛ ليست بمرتفعة.
*
* * عمر رضي الله عنه - قال في صدقة الغنم: يعتامها صاحبها شاة شاة؛ حتى
يعزل ثلثها، ثم يصدع الغنم صدعين؛ فيختار المصدق من أحدهما.
أي يختار لها شاة شاة؛ أي شاة بعد شاة؛ وانتصابها على الحال؛ أي يعتامها واحدة ثم واحدة.
الصدع " بالفتح " : الفرقة؛ سميت بالمصدر كما قيل للمخلوق خلق، وللمحمول حمل.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - كتب إلى أهل الكوفة: إني لست بميزان لا أعول.
أي لا أميل؛ قال الله تعالى: (ذَلِك أَدْنَى أن لاَ تَعُولًوا). وقال الشاعر:
موازين صِدْقٍ كلّها غير عائل
لما
كان خبر ليس هو اسمه في المعنى، قال: لا أعول؛ وهو يريد صفة الميزان
بالعدل، ونفى العول عنه، ونظيره في الصلة قولهم: أنا الذي فعلت.
* * *
أبو ذر رضي الله عنه - قال نعيم بن قعنب: أتيته فقلت: إني كنت وأدت في
الجاهلية. فقال: عفا اللخ عما سلف؛ ثم عاج رأسه إلى المرأة، فأمرها بطعام
فجاءت بثريدة؛ كأنها قطاة، فقال: كل ولا أهولنك، فإني صائم؛ فجعل يهذب
الركوع.
العوج: العطف.
ى أهولنك: أي لا أهمنك، ولا أشغلن قلبك؛
استعير من الهول، وهو المخافة من الأمر لا يدري على ما يهجم عليه منه؛ لأن
المهول لابد من أن يهتم ويشتغل قلباً؛ ونظيره قولك: ما راعني إلا أن كان
كذا؛ تريد ما شعرت؛ والمعنى: ما شغل روعي.
يهذب الركوع؛ أي يتابعه في سرعة؛ من أهذب في الخطبة؛ وأهذب الفرس: أسرع في جريه واهبذ واهمذ مثله.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال في قصة العجل: وإنه من حلي تعوره بنو إسرائيل من حلي فرعون.
أي استعاروه. قال ابن مقبل:
وأصبحتُ شيخاً أقْصَرَ اليومَ باطلي ... وأدّيتُ رَيْعَان الصِّبا المتَعَوّر
ويجيء تفعَّل بمعنى استفعل مجيئاً صالحاً؛ منه تعجب واستعجب، وتوفى واستوفى، وتطربه واستطربه.
* * * عائشة رضي الله عنها - يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب، ولا يتوضأ من العوراء يقولها! هي الكلمة الشنيعة، ونقيتها العيناء.
* * * شريح رحمه الله تعالى - إنما القضاء جمر؛ فادفع الجمر عنك بعودين.
مثل الشاهدين في دفعهما الوبال والمأثم عن الحاكم، بعودين ينحي بهما المصطلي الجمر عن مكانه، لئلا يحترق.
*
* * ابن مخيمرة رحمه الله تعالى - سئل: هل تنكح المرأة على عمتها أو
خالتها، فقال: لا، فقيل: إنه دخل بها وأعولت أفتفرق بينهما؟ قال: لا أدري.
أعال
وأعول؛ إذا كثر عياله، وعين الفعل واو، والياء في عيِّل وعيال منقلبة
عنها، وقولهم: أعيل منظور في بنائه إلى لفظ عيال، كقولهم أقيال وأعياد،
والذي يصدق أصالة الواو قولهم: فلان يعول ولده، والاشتقاق من عاله الأمر
عولا؛ إذا غلبه وأثقله؛ لأن العيال ثقل فادح، ألا ترى إلى تسميتهم كلاًّ.
والكلّ: الثقل؛ يقال: ألقى عليه كله وأوقه؛ والمراد دخل بها، وولدت منه
أولاداً.
* * * في الحديث: سارت قريش بالعوذ المطافيل.
أي بالنوق الحديثات النتاج، ذوات الأطفال.
*
* * العوذ في " خب " . أعدت فتانا في " سق " . بمعتاط في " شف " . وتعتاف
في " نظ " . تعاوى في " رح " . معاولهم في " كد " . للعوافي في " قن " .
عوار في " عم " . تعول في " عن " . بوادي عوف في " نس " . عور في " خس " .
فلا تعتم في " رج " . معوز في " كس " . لا عونا في " بك " . علت في " سد " .
معيدا في " فر " . يعود في " بد " . معاوزها في " شت " . ليس بأعور في "
زه " . عائد في " عد " . يتعاونان في " فر " . يعادي عليه في " زه " .
* * *
العين مع الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الولد للفراش وللعاهر الحجر.
يقال
عهر إلى المرأة يعهر عهراً وعهوراً وعهراناً؛ إذا أتاها ليلا للفجور بها.
والتركيب على ما استعمل من تصرفه يدل على الإسراع في نزق؛ يقال للفاجر التي
لا تستقر نزقاً في مكان: عيهرة وهيعرة وهيعر وهيرع؛ وقد تعيهرت وتهيعرت،
والإهراع: الإسراع. قال الله تعالى: (فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ
يُهْرَعُونَ). ورجل هريع: سريع المشي.
* * * عهيداه في " سد " . ولا ذو عهد في " كف " . واتق العواهن في " جر " . عما عهد في " غث " .
* * *
العين مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان يمر بالتمرة العائرة، فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة.
هي الساقطة لا يعرف لها مالك؛ من عار الفرس؛ إذا انطلق من مربطه مارا على وجهه.
* * * حرَّم صلى الله عليه وآله وسلم ما بين عيرٍ إلى ثور.
هما جبلان بالمدينة؛ وقيل: لا يعرف بالمدينة جبل يسمى ثوراً وإنما ثور بمكة؛ ولعل الحديث ما بين عير إلى أُحد.
* * * أتى صلى الله عليه وآله وسلم بضب فلم يأكل؛ وقال: أعافه؛ ليس من طعام قومي.
أي أكرهه؛ يقال عاف الماء عيافاً؛ كرهه. قال أبو زيد: والعيفان: الرجل إذا كان العياف من سوسه؛ فإذا لم يكن من سوسه فهو عائف.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يتعوذ من الخمسة: من العيمة، والغيمة، والأيمة، والكزم، والقرم - وروى: والقزم.
العيمة: شهوة اللبن حتى لا يصبر عنه.
الغيمة: شدة العطش، وكثرة الاستسقاء للماء.
الأيمة: طول التعزب؛ والأيم يوصف به الرجل والمرأة.
الكزم: شدة الأكل؛ من تكزمت الفاكهة إذا أكلتها من غير أن تقشرها؛ قاله ابن الأعرابي.
والعير يكزم من الحدج وهو صغار الحنظل.
وقيل هو البخل، وقصر اليد عن المكارم؛ يقال: فلان أكزم البنان؛ كقولهم: جعد البنان. وعن الأصمعي: ما كزمت؛ أي انقبضت.
القرم: شدة شهوة اللحم، وبالزاي: الشح واللؤم.
*
* * أذن في المتعة عام الفتح. قال سبرة الجهني: فانطلقت أنا ورجل إلى
امرأة شابة كأنها بكرة عيطاء - وروى: أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم في المتعة عام الفتح، فخرجت أنا وابن عم لي، ومعي برذ قد بُسَّ منه،
فلقينا فتاة مثل البكرة العنطنطة، فجعل ابن عمي يقول لها: بردى أجود من
برده، قالت: برد هذا غير مفنوخ؛ ثم قالت: برد كبرد.
والعيطاء والعنطنطة: الطويلة العنق.
بسَّ منه؛ أي نيل منه ونهك بالبلى؛ من قوله تعالى: (وَبُسَّتِ الجِبالُ بَساًّ)؛ أي فتتت.
المفنوخ: المنهوك، من فنخه وفنَّخه إذا ذلله؛ ويقال للضعيف: إنه لفنيخ.
*
* * عثمان رضي الله تعالى عنه - قال فيه فلان يعرض به: إني لم أفر يوم
عينين. فقال: فلم تعيِّرني بذنب قد عفا الله عنه! عينان: جبل بأحد، قام
عليه إبليس فنادى: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قُتل.
* * * كان عثمان رضي الله تعالى عنه يشتري العير حكرة؛ ثم يقول: من يربحني عقلها.
هي الإبل بأحمالها. فعل، من عار يعير؛ إذا سار، يقال: قصيدة عائرة، وما قالت العرب بيتاً أعير من قوله:
فمن يَلْقَ خَيْراً يحمدَ الناسُ أمرَهُ ... ومن يَغْوَ لا يعدِمْ على الغَيِّ لائماً
وقيل:
هي قافلة الحمير فكثرت، حتى سميت بها كل قافلة كأنها جمع عير؛ وكان قياسها
أن تكون فعلاً " بالضم " ، كقولهم سقف ولدن. في جمع سقف ولدن؛ إلا أنه
حوفظ على الياء بالكسرة نحو بيض وعين.
حكرة؛ أي جملة؛ من الحكر؛ وهو
الجمع والإمساك. ومنه الاحتكار؛ أي كان يشتريها جملة، إذا وردت المدينة
طلبا للربح؛ وقيل: حكرة: أي جزافاً.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قاس عينا ببيضة، جعل عليها خطوطاً.
هي
العين تصاب بلطم أو غيره مما يضعف منه البصر. فيتعرف مقدار ما نقص منها
ببيضة يُخطّ عليها خطوط، وتنصب على مسافة تلحقها العين الصحيحة؛ ثم تنصب
على مسافة دونها، تلحقها العليلة، ويتعرف ما بين المسافتين؛ فيكون ما يلزم
الجاني بحسب ذلك.
* * * إن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات.
الأعيان: الإخوة لأب واحد وأم.
وبنو العلاّت: الإخوة لأب واحد، وأمهات شتى.
والأخياف: الإخوة لأم واحدة، وآباء شتى؛ فإذا مات الرجل وترك إخوة لأب وأم، وإخوة لأب؛ فالمال لأولئك دون هؤلاء.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - إذا توضأت فأمرّ على عيار الأذنين الماء.
هو جمع عير؛ هو ما عار ونتأ منهما.
*
* * المغيرة رضي الله تعالى عنه - قال: لا تُحرم العيفة؛ فقيل له: وما
العيفة؟ فقال: المرأة تلد، فيحصر لبنها في ثديها، فترضعه جارتها المزة
والمزتين.
هي فعلة من العياف؛ سميت المصة بها لأن المرضعة تعافها وتتقذر منها.
والمزّة: المرة من المزّ؛ وهو المصّ؛ وإنما تفعل ذلك لينفتح ما انسد من مجاري اللبن.
* * * شريح رحمه الله تعالى - ذكره ابن سيرين؛ فقال: كان عائفاً وكان قائفاً.
العائف: الذي يزجر الطير، وقد عافه يعيفه عيافة.
والقائف:
الذي يعرف الآثار ويتبعها، وشبه الرجل في ولده وأخيه، وقاف يقوف قيافة.
شبهه في صدق حدسه وإصابة ظنه بهما؛ كقولهم: ما أنت إلا ساحر.
* * *
الزهري رحمه الله تعالى - إن بريداً من بعض الملوك جاءه يسأله عن رجل؛ معه
ما مع المرأة والرجل كيف يورث؟ فقال: من حيث يخرج الماء الدافق، فقال في
ذلك قائلهم:
ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضَاةَ عُياؤُها ... تَذَرُ الفَقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهلِ
عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذِها بشِوائها ... وقَطَعْتَ مِحْرَدَها بِحُكْمِ فاصل
العياء: كالعقام والعضال.
المحرد؛
من قولك حردت من السنام حرداً، وهو القطعة. يعني لم تستان بالجواب، ورميت
به بديهة، فشبهه في ذلك برجل نزل به ضيف، فجعل قراه بما افتلذ له من كبدها؛
واقتطع من سنامها، ولم يحبسه على الحنيذ والقديد. وتعجيل القرى محمود
عندهم.
* * * وعينها في " تب " . العائرة في " رب " . العيافة في " طي "
. عيبتي في " كر " . عالة في " سط " . عياياء في " غث " . من عيلته في "
حر " . فتلك عين في " نش " . فلا أعيل في " ظن " . العيرات في " ال " .
العي في " حص " . لعين نائمة في " سه " . معائب في " غي " . عين من لبن في "
غر " . بين عيص في " دي " . عين جراد في " خر " . لعينك في " أم " . علت
في " سد " .
* * *
الفائق في غريب الحديث و الأثر
=================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق