معاني كلمات القران الكريم




فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بؤامج نداء الايمان

النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق/مدونة ديوان الطلاق//المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة

الجامع لمؤلفات الشيخ الألباني / / /*الـذاكـر / /القرآن الكريم مع الترجمة / /القرآن الكريم مع التفسير / /القرآن الكريم مع التلاوة / / /الموسوعة الحديثية المصغرة/الموسوعة الفقهية الكبرى //برنامج الأسطوانة الوهمية /برنامج المنتخب فى تفسير القرآن الكريم //برنامج الموسوعة الفقهية الكويتية / /برنامج الموسوعة القرآنية المتخصصة / /برنامج حقائق الإسلام في مواجهة المشككين / /برنامج فتاوى دار الإفتاء في مائة عام ولجنة الفتوى بالأزهر / /برنامج مكتبة السنة / /برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية / /برنامج موسوعة شرح الحديث الشريف فتح البارى لشرح صحيح البخارى وشرح مسلم لعبد الباقى وشرح مالك للإمام اللكنوى / /خلفيات إسلامية رائعة / /مجموع فتاوى ابن تيمية / /مكتبة الإمام ابن الجوزي / /مكتبة الإمام ابن حجر العسقلاني / /مكتبة الإمام ابن حجر الهيتمي / /مكتبة الإمام ابن حزم الأندلسي / /مكتبة الإمام ابن رجب الحنبلي / /مكتبة الإمام ابن كثير / /مكتبة الإمام الذهبي / /مكتبة الإمام السيوطي / /مكتبة الإمام محمد بن علي الشوكاني / /مكتبة الشيخ تقي الدين الهلالي / /مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي / /مكتبة الشيخ حمود التويجري / /مكتبة الشيخ ربيع المدخلي / /مكتبة الشيخ صالح آل الشيخ / /مكتبة الشيخ صالح الفوزان / /مكتبة الشيخ عبد الرحمن السعدي / /مكتبة الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم / /مكتبة الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان / /مكتبة الشيخ عبد المحسن العباد / /مكتبة الشيخ عطية محمد سالم / /مكتبة الشيخ محمد أمان الجامي /مكتبة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي / /مكتبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / /مكتبة الشيخ مقبل الوادعي / /موسوعة أصول الفقه / /موسوعة التاريخ الإسلامي / /موسوعة الحديث النبوي الشريف / /موسوعة السيرة النبوية / /موسوعة المؤلفات العلمية لأئمة الدعوة النجدية / موسوعة توحيد رب العبيد / موسوعة رواة الحديث / موسوعة شروح الحديث / /موسوعة علوم الحديث / /موسوعة علوم القرآن / /موسوعة علوم اللغة / /موسوعة مؤلفات الإمام ابن القيم /موسوعة مؤلفات الإمام ابن تيمية /

الخميس، 3 مارس 2022

ج 4 -- { من النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سئل: هل يضر الغبط؟ الي هذا آخر كتاب الكاف }

 حرف الغين
الغين مع الباء

== النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سئل: هل يضر الغبط؟ 

 

 

  فقال: لا؛ إلا كما يضر العضاه الخبط.

 
هو أن ترى لصاحبك منزلة فاضلة، فتتمنى مثلها.
ومنه الحديث: اللهم غبطاً؛ لا هبطاً؛ أي أولنا منزلة نغبط عليها؛ وجنبنا السفال والضعة؛ يقال للقوم إذا تراجعت أحوالهم: قد هبطوا. 

 

 

 قال:
إن يُغْبَطُوا يهبِطوا يوماً وإن أُمِروا ... يوماً يصيروا لِلْهُلْكُ والنَّكَدِ
ومجاز الكلمة النبل ورفعة المنزلة؛ ألا ترى إلى قوله: لا هبطاً! وقالوا للمركب الذي يوطأ للجليلة من النساء الغبيط؛ لارتفاع قدره عن الحوية والسوية ونحوهما. والمراد أن ضرار الغبط لا يبلغ ضرار الحسد؛ لأنه ليس فيه ما في الحسد من تمني زوال النعمة عن المحسود. ومثل ما يلحق عمل الغابط من الضرر الراجع إلى نقصان الثواب، دون الإحباط، بما يلحق العضاه من خبط ورقها الذي هو دون قطعها واستئصالها.
* * * أغبُّوا في عيادة المريض وأربعوا إلا أن يكون مغلوباً.
الإغباب: أن تعوده يوماً، وتتركه يوماً. ومنه الحديث: زر غبًّا تزدد حبًّا.
والإرباع: أن تدعه يومين، وتعوده في الثالث؛ هذا إذا كان صحيح العقل؛ فإذا غُلب وخيف عليه تعهِّد كل يوم.

* * * إياكم والغبيراء فغنها خمر العالم.
هي السكركة، نبيذ الحبش من الذرة؛ سميت بذلك لما فيها من غبرة قليلة.
خمر العالم: أي هي مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فصل بينها وبينها.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا اطَّلى بدأ بمغابنه؛ فكان هو الذي يليها.
المغابن: الأرفاع، جمع مغبن؛ مفعل من غبن الثوب إذا ثناه.
وغبن وخبن وكبن وثبن أخوات.
* * * في ذكر مرضه الذي قبض فيه: أغبطت عليه الحمى - وروى: أصابته حمى مغمطة.
الإغباط في الأصل: وضع الغبيط على الجمل؛ ثم قالوا: أغبطت الرَّحل على البعير؛ ثم استعاروه فقالوا: أغبطت عليه الحمى؛ كقولك: رحلته وركبته، أل ترى إلى قولهم: هو يرحل فلاناً بما يكره؛ ولا رحلنَّك بسيفي. وأما أغمطت؛ فغما أن يكون الميم فيه بدلا من الباء؛ وإما أن يكون من الغمط، وهو كفران النعمة وسترها؛ لأنها إذا غشيته وركبته، فكأنما سترت عليه. وقد جاء اغتمطته بمعنى علوته، قال:
وأنت من الذين بهم مَعَدٌّ ... تسامي حين تُغْتَمَطُ الفحول
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - قال في صلاة الصبح: صلِّها بغبش.
الغبش، والغطش، والغبس، والغلس: أخوات؛ وهي بقية الليل وآخره.
* * * هشام بن عبد الملك - كتب إليه الجنيد يغبب عن هلاك المسلمين.
التغبيب: تفعيل من الغب، وهو أن يفعل يوماً ويترك يوماً؛ فاستعمل في موضع التقصير، قال امرؤ القيس:
كالبرق والرِّيح مرًّا منهما عَجِلٌ ... ما في اجتهادٍ عن الإسراع تغبيب
والمعنى: يقصِّر عن ذكرها لهم، بأن يخبر بكثرة من هلك منهم، ولكن ذكر بعضا، وسكت عن بعض.
* * * الغبساء في " دي " . بأغباش في " ذم " . غبر في " هي " . غبرات في " أب " . ذي تغبة في " تغ " .
* * *
الغين مع التاء
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم - طول حوضي كما بين مكة إلى أيلة، وعرضه ما بين المدينة إلى الروحاء يغتّ فيه ميزبان إلى الجنة - وروى ينشعب فيه ميزابان من الجنة، مدادهما أنهار الجنة.
الغت، والغط، والغطس واحد؛ وهو المقل في الماء ومنه الحديث: يغتهم الله في العذاب غتاًّ.
ولما كان من شأن من يغط صاحبه في الماء أن يدارك ذلك، وأن يضغط صاحبه، ويبلغ منه الجهد. قالوا: غت الشارب الماء، وغطه؛ إذا دارك جرعه.
والميزاب يغت الماء؛ أي يدارك دفقه، وقالوا: غته، إذا عصر حلقه وجهده، وغت الضحك يغته؛ إذا وضع يده على فيه يخفيه من جلسائه كأنه يضغطه.
ومنه حديث المبعث: فأخذني جبرئيل، فغتني حتى بلغ مني الجهد.
المداد: فعال، من مده بمعنى أمده؛ أي ما يمدان به أنهار الجنة.
* * *
الغين مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال: اجتمعت إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً.
فقالت الأولى: زوجي لحم جمل غثٌّ - وروى: جمل قحر، على جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى - وروى: قيُنتقل.
وقالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره.
وقالت الثالثة: زوجي العشنق، إن أنطق أُطلق، وإن أسكت أُعلق.
وقالت الرابعة: زوجي كليل تهامة، لا حر ور قر، ولا مخافة ولا سآمة.
وقالت الخامسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتفَّ، ولا يولج الكفّ، ليعلم البثّ.
وقالت السادسة: زوجي عياياءُ - أو غياياء طباقاء - كل داء له دواء، شجَّكِ أو فلَّكِ، أو جمع كلالك.
وقالت السابعة: زوجي إن دخل فهد، وإن خرج أسد، ولا يسأل عما عهد.
وقالت الثامنة: زوجي المسُّ مسّ أرنب، والريح ريح زرنب.
وقالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد.
وقالت العاشرة: زوجي مالك، وما ملك مالك خير من ذلك، له إبل قليلات المسارح، كثيرات المبارك؛ إذا سمعن صوت المزهر أيقن أنهن هوالك.
وقالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع، وما أبو زرع! أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، ويجحني فبجحت، وجدني في أهل غنيمة بشقّ، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، وعنده أقول فلا أقبح، وأشرب فاتقنح - وروى: فاتقمح، وأرقد فأتصبح.
أم أبي زرع، وما أم أبي زرع؟ عكومها رداح. وبيتها فياح - ويروى: فساح.
ابن أبي زرع، وما ابن أبي زرع! كمسلِّ شطبة، وتشبعه ذراع الجفرة.

بنت أبي زرع، وما بنت أبي زرع! وفي الأل، كريم الخل، برود الظل، طوع أبيها وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها.
جارية أبي زرع، وما جارية أبي زرع الاتنث حديثنا تنثيثاً - وروى: لا تبثُّ حديثنا تبثيثا، ولا تغثُّ طعامنا تغثيثاً، ولا تنقّث ميرتنا تنقيثا، ولا تملأ بيتنا تعشيشا - وروى: تغشيشاً.
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، ونكحت بعده رجلا سريًّا، ركب شريًّا، وأخذ خطيًّا، وأراح عليَّ نعماً ثرياً، وقال: كلي أم زرع، وميري أهلك؛ فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع.
قالت عائشة رضي الله عنها: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع.
الغث: المهزول، وقد غثت باللحم تغث، وغثثت تغث غثاثة وغثوثة إذا غثَّ اللحم؛ ومنه: أغثَّ الحديث، وغثّ فلان في خلقه.
القحر: الهرم والمهزول.
الانتقاء: استخراج النقي، وهو مخّ العظم.
والانتقال: بمعنى التناقل، كالاقتسام بمعنى التقاسم: وصفته بقلة الخير وبعده مع القلة، وشبهته باللحم الغث الذي صفرت عظامه عن النقى، أو لزهادة الناس فيه لا يتناقلونه إلى بيوتهم، ثم هو على ذلك موضوع في مرتقى صعب، وفي مكان لا يُصل إليه إلا بشقّ.
مر تفسير العجر والبجر في حد؛ تريد لا أخوض في ذكره، لأني إن خضت فيه خفت أن أفضحه، وأن أنادي على مثالبه.
العشنق والعشنط: أخوان، وهما الطويل. وقيل السيئ الخلق، فإن أرادت سوء الخلق فما بعده بيان له، وهو أنه إن نطقت طلقها، وإن سكتت علَّقها، أي تركها لا أيما ولا ذات بعل، وهذا من الشكاسة البليغة، وإن أرادت الطول فلأنه في الغالب دليل لسفه، وما ذكرته فعل السفهاء، ومن لا تماسك عنده. وفي لام التعريف إشعار بأنه هو في كونه عشنقاّ.
ليل تهامة طلق؛ فشبهته به في خلوة من الأذى والمكروه.
وقولها: ولا مخافة ولا سآمة، تعني ليس فيه شر يخاف، ولا خلق يوجب أن تملَّ صحبته.
لفَّ: قمش صنوف الطعام وخلط، يقال: لفَّ الكتيبة بالأخرى: إذا خلط بينهما، ومنه اللفيف من الناس.
والاشتفاف: نحو التشاف؛ وهو شرب الشفافة وألا يسئر.
والبث: أشد الحزن الذي تباثه الناس، وأرادت به المرض الشديد؛ ذمَّته بالنهم والشره، وقلة الشفقة عليها، وأنه إذا رآها عليلة لم يدخل يده في ثوبها ليجسها، متعرفا لما بها؛ كما هو عادة الناس من الأباعد فضلا عن الأزواج.
العياياء؛ فعالاء؛ من العي، وهو من الإبل والناس: الذي عيّ بالضراب.
والطباقاء: المفحم الذي انطبق عليه الكلام؛ أي انغلق، يقال: فلان غباقاء طباقاء. وقال جميل:
طَبقاء لم يشهد خصوما ولم يقُدْ ... ركاباً إلى أكوارِها حين تُعْكَفُ
وصفته بعجز الطرفين. وقيل: الطباقاء، الذي انطبقت عليه الأمور، فلا يهتدي لوجهتها.
وما أدري ما الغياياء " بالغين " ؟ إلا أن يجعل من الغياية؛ وغايينا عليه بالسيوف؛ أي أظللناه، وهو العاجز الذي لا يهتدي لأمر؛ كأنه في غياية أبداً، وفي ظلمة لا يبصر مسلكا ينفذ فيه، ولا وجهاً يتَّجه له.
كل داء له دواء: يحتمل أن يكون " له دواء " خبراً لكلّ؛ تعني أن كلّ داء يعرف الناس فهو فيه، وأن يكون " له " صفة لداء، ودواء خبر لكل؛ أي كل داء في زوجها بليغ متناهٍ، كما تقول: إن زيداً رجل، وإن هذا الفرس فرس.
الفلّ: الكسر؛ أرادت أنه ضروب لامرأته، وكلما ضربها شجَّها، أو كسر عظماً من عظامها، أو جمع الشج والكسر معا، ويجوز أن تريد بالفلّ الطرد والإبعاد.
فَهِد؛ أي صار فهداً؛ أي ينام ويغفل عن معائب البيت، ولا يتيقظ لها ولا يفطن، وإذا خرج فهو أسد في جرأته وشجاعته، ولا يسأل عما رآه لحلمه وإغضائه.
الزرنب: نبات طيب الريح، وقال ابن السِّكِّيت: نوع من أنواع الطيب، وقيل: الزعفران، ويقال لأبعار الوحش الزرنب لنسيم نبتها - وروى ابن الأعرابي قول القائل:
يا بأبي أنت وفوك الأشْنبُ ... كأنما ذُرّ عليه ذَرْنَبُ
بالذال، فهما لغتان كزبر وذبر، والزُّعاف والذُّعاف: أرادت أنه لين العريكة، كأنه الأرنب في لين مسِّها، وهو طيب عرفه، وفوح ثنائه كالزرنب؛ أو أرادت لين بشرته وطيب عرف جسده، وهو أقرب من الأول.

كنت عن ارتفاع بيته في الحسب برفعة عماده، وعن طول قامته بطول نجاده، وعن إكثاره القرى بعظم رماده. وإنما قرب بيته من النادي ليعلم الناس بمكانه فينتابوه.
المزهر: العود، وقيل الذي يزهر النار، يقال: زهر النار وأزهرها؛ أي أوقدها.
وصفته بالكرم والنحر للأضياف، وأن إبله في أكثر الأحوال باركة بفنائه، لتكون معدة للقرى. وقد أعتادت أن الضيوف إذا نزلوا به نحر لهم، وسقاهم الشراب، وأتاهم بالمعازف، أو صوَّت موقد ناره بالطارقين، وناداهم، فإذا سمعت بالمعزف، أو بصوت الموقد أيقنت بالنحر.
النَّوس: تحرك الشيء متدلياً، وأناسه: كرحه. تريد: أناس أذنى مما حلاهما به من الشنوف والقرطة.
وملأ عضدي من شحم: أي سمنني بإحسانه وتعهده لي، وخصَّتْ العضدين؛ لأنهما إذا سمنتا سمن سائر البدن.
يقال بجح بالشيء؛ إذا فرح به وبجح.
بشقّ: من قولهم: هم بشق من العيش، إذا كانوا في شظف وجهد؛ وقيل: هو اسم مكان.
الأطيط: صوت الإبل.
الدائس: من دياس الطعام.
روى: منقّ؛ من تنقية الطعام، ومنقّ؛ من النقيق؛ وكأنها أرادت من يطرد الدجاج والطير عن الحب فتنقّ، فجعلته منقاًّ؛ أي صاحب ذي نقيق، يقال: أنقَّت الدجاجة ونقنقت. وعن الجاحظ: نقت الرخمة. والنقيق مشترك.
لا أقبح؛ أي لا يقال لي قبحك الله، ولكن يقبل قولي.
روى شمر عن أبي زيد أن التقنح الشرب فوق الريّ.
قال الأزهري: هو التقنح والترنح، سمعت ذلك من أعراب بني أسد. وعن أبي زيد: قنحت من الشراب أقنح قنحاً، وتقنحت منه تقنحاً؛ إذا تكارهت على شربه بعد الري. وقال أبو الصقر: قنحت قنحاً.
والتقمح: تفعل؛ من قمح البعير قموحا؛ إذا رفع رأسه ولم يشرب. والمعنى: أشرب فأرفع رأسي ريّا وتملؤا.
التصبُّح: نوم الصُّبحة.
العكوم: جمع عكم؛ وعو العدل إذا كان فيه متاع.
وقيل: نمط تجعل فيه المرأة ذخيرتها.
والرَّداح: العظيمة الثقيلة، تكون صفة للمؤنث كالرّجاح والثقال. يقال جفنة وكتيبة وامرأة رداح؛ ولما كانت جماعة ما لا يعقل في حكم المؤنث أوقعها صفة لها، كقوله تعالى: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى). ولو جاءت الرواية بفتح العين لكان الوجه أن يكون العكوم أريدت بها الجفنة التي لا تزول عن مكانها، إما لعظمها، وإما لأن القرى دائم متصل، من قولهم: مر ولم يعكم؛ أي لم يقف ولم يتحبس، أو التي كثر طعامها وتراكم، من اعتكم الشيء وارتكم، وتعاكم وتراكم، أو التي يتعاقب فيها الأطعمة؛ من قولهم للمرأة المعقاب: عكوم، والرَّداح حينئذ تكون واقعة في نصابها؛ من كون الجفنة مصوفة بها.
الفياح: الأفيح؛ وهو الواسع، من فاح يفيح؛ إذا اتسع. ومنه قولهم: فيحي فياح والأفيح من فعل يفعل.
والفساح: الفسيح.
الشطبة: السعفة؛ وقيل السيف.
والمسلّ: مصدر بمعنى السّل قام مقام المسلول. والمعنى: كمسلول الشطبة؛ تريد ما سل من قشره، أو من غمده.
الجفرة: الماعزة، إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت، وأخذت في الرعي؛ ومنه الغلام الجفر، واستجفر؛ وصفته بأنه ضرب مهفهف وقليل الطعم.
الأل: العهد؛ أي هي وافية بعهدها، فجعل الفعل للعهد وهو لها في المعنى، أو هو كقولهم: ثابت الغدر.
وبرد الظل مثل لطيب العشرة.
وكرم النخلّ: ألا تخادن أخدان السوء.
وإنما ساغ في وصف المؤنث وفيٌّ وكريم - إن لم يكن ذلك من تحريف الرواة والنّقل - من صفة الابن إلى صفة البنت لوجهين: أحدهما أن يراد هي إنسان أو شخص وفيٌّ كريم، والثاني أن يشبه فعيل الذي بمعنى فاعل بالذي بمعنى مفعول، كما شبه ذاك بهذا حيث قيل أسراء وقتلاء، وفصال وصقال، وأما برود فيستوي فيه المذكر والمؤنث، ويجوز أن يكون وفيٌّ فعولا مثله كبغيّ.
لا تنثَّ لما كان الفعل متناولا على الإبهام كل جنس من أجناسه جاز أن يوقع التفعيل الدالّ على التكرير والتكثير مصدر الفعل. والروايتان بالباء والنون معناهما واحد؛ وهو النشر والإذاعة.
والإغثاث والتغثيث: إفساد الطعام.
النّقث والنقل بمعنى، يقال نقث الشيء ينقثه، والتنقيث مبالغة. نفت عنها السرقة والخيانة.
التعشيش: من عشش الطائر إذا اعتش؛ أي لا تخبأ في غير مكان خبئاً؛ فشبهت المخابئ بعششة الطير لو تقمه، فليس كعش الطائر في قلة نظافته.

ويجوز أن يكون من عششت النخلة؛ إذا قل سعفها. وشجرة عشّة، وعشَّ المعروف يعشه، إذا أقله، وعطية معشوشة. قال رؤبة:
حَجَّاج ما سَجْلُك بالمعشوشِ ... ولا جَدا وَبْلِك بالطَّشِيش
أي لا تملؤه اختزالا وتقليلا لما فيه، وهو بالغين؛ من الغش، ومأخذه من الغشش، وهو المشرب الكدر.
يلعبان من تحت خصرها برمانتين؛ وصف لها بعظم الكفل، وأنها إذا استلقت نبا الكفل بها عن الأرض، حتى تصير تحتها فجوة تجري فيها الرمان.
الفرس الشري: الذي يشرى في عدوه؛ أي يلجّ ويتمادى، وقيل هو الفائق الخيار، من قولهم: سراة المال وشراته لخياره. عن ابن السكيت، واشتراه واسترا: اختاره.
الثَّريّ: الكثير، من الثروة.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - أحب الإسلام وأهله، وأحب الغثراء.
أي العامة، وأراد بالمحبة المناصحة لهم، والشفقة عليهم.
* * * غثرة في " رع " . الغثاء في " ور " .
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - كنت أتغدى عند عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في شهر رمضان؛ فسمع الهائعة، فقال: ما هذا؟ فقلت: انصرف الناس من الوتر.
أي أنسدَّر، لأن السَّحر مشارف للغداة.
الهائعة: الصوت الشديد؛ والهيعة مثلها؛ من هاع يهيع إذا انبسط؛ لأن الصوت أشده وأرفعه أشيعه وأذهبه.
في الحديث: من صلى العشاء جماعة في الليلة المُغدرة فقد أوجب.
هي الشديدة الظلمة التي تغدر الناس في بيوتهم؛ أي تتركهم. ويقال: ليلة غدرة؛ بينة الغدر.
إذا عمل عملاً تجب به الجنة أو النار قيل قد أوجب.
إذا أنشأت السحابة من العين فتلك عين غديقة.
أي كثيرة الماء.
* * * غدقا مغدقا في " حي " . فاغدروه في " صو " . غدرة في " عص " . غديقة في " نش " . لا غدرت في " ذق " . فاغدف في " سد " . مغدرة في " ظل " . يغدف في " رك " . غدوا في " حل " .
* * *
الغين مع الذال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عن العباس بن عبد المطلب: كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فمرت سحابة، فنظر إليها؛ فقال: ما تُسمون هذه؟ قالوا: السحاب. قال: والمزن. قالوا: والمزن، قال: والغيذى - وروى: والعنان.
كانه فيعل؛ من إذا يغذو؛ إذا سال، ولم أسمع بفيعل من المعتل اللام غير هذا، إلا كلمة مؤنثة الكيهاة؛ بمعنى الكهاة؛ وهي الناقة الضخمة.
العنان: العارض.
* * * عمر رضي الله عنه - شكا إليه أهل الماشية تصديق الغذاء؛ فقالوا: إن كنت معتدًّا علينا بالغذاء، فخذ منه صدقته. فقال: إنه نعتد بالغذاء كله حتى السخلة يروح بها الراعي على يده؛ وإني لا آخذ الشاة الأكولة؛ ولا فحل الغنم، ولا الرُّبَّى، ولا الماخض؛ ولكن آخذ العناق، والجذعة، والثنية، وذلك عدل بين غذاء المال خياره.
وعنه رضي الله عنه أنه قال لعامل الصَّدقات: احتسب عليهم بالغذاء؛ ولا تأخذها منهم.
هو جمع غذىّ، وهو الحمل أو الجدي المعاجي، وإنما الراجع إليه لكونه على زنة كساء ورداء وقد جاء السِّمام المنقع.
الأكولة: التي للأكل.
الرُّبَّى: التي في البيت للبن. وقيل: الحديثة النتاج، هذا يعضد مذهب زفر ومالك رحمها الله تعالى، لأنهما يوجبان في الحملان ما في الكبار.
وعند أبي يوسف والشافعي رحمها الله تعالى، فيها واحدة منها، أما أبو حنيفة ومحمد، رحمهما الله تعالى فلا يريان فيها شيئاً.
على رضي الله تعالى عنه - سأله أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان على تحليل الربا والخمر، فامتنع، فقالوا ولهم تغذمر وبربرة.
هو التغضب مع الكلام المخلط؛ من غذمرت الشيء وغثمرته؛ إذا خلطت بعضه ببعض، والغِذْمِيرُ: الأصوات والألحان المختلطة. قال أوس:
تَبَصَّرْتُهُمْ حتَّى إذا حَال دُونَهمْ ... ركام وحادٍ ذُو غَذَامِيرَ صَيْدَحُ
البَرْبرة: كثرة الكلام في غضب.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - عرض عليه عثمان رضي الله عنه الإقامة بالمدينة، فأبى واستأذنه إلى الربذة وقال: عليكم معشر قريش بدنياكم فاعذموها.
هو الأكل بجفاء ونهم، وقد عذم يعذم، ورجل عذم؛ أي أكول.
* * * وأغذه في " قر " . فيغذى في " قن " . يغذو في " عذ " .
* * *
الغين مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن الغارفة.
يقال: غرفت الناصية؛ إذا قطعتها فانغرفت عن الأصمعي، وأنشد بيت قيس بن الخطيم:

تنام عن كبْرِ شأنِها فإِذا ... قامتْ رُويدا تكاد تَنْغَرِفُ
والغارفة على معنين: أحدهما أن تكون فاعلة بمعنى مفعولة؛ كعيشة راضية، وهي التي تقطعها المرأة وتسويها مطرَّرة على وسط جبينها. والثاني: أن تكون مصدرا بمعنى الغرف كالاغية والراغية والثاغية.
أمر صلى الله عليه وآله وسلم بتغريب الزَّاني سنة إذا لم يُحصن.
هو نفيه عن بلده؛ يقال أغربته وغرَّبنه؛ إذا نحيته.
قال سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرأينا رجلاً من المشركين على جمل أحمر، فخرج ناس في أثره، وخرجت أنا ورجل من قومي من أسلم؛ وهو على ناقة ورقاء، وأنا على رجلي؛ فاغترقها حتى آخذ بخطام الجمل، فأضرب رأسه. فنفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلبه.
يقال للفرس إذا خالط الخيل ثم سبقها: قد اغترقها. ومن رواه بالعين فقد ذهب إلى قولهم: عرق الرجل في الأرض عروقا، إذا ذهب، وجرت الخيل عروقاً؛ أي طلقاً. قال قيس بن الخطيم:
تَغْترِقُ الطَّرْف وهي لاهيةٌ ... كأنما شَفَّ وجهَها نُزُفُ
وقد رواه ابن دريد بالعين ذاهباً إلى أنها تسبق العين؛ فلا تقدر على استيفاء محاسنها، ونُسب في ذلك إلى التصحيف، فقال فيه المفجع:
ألست قِدْماً جعلت " تعترق الطَّ ... رف " بجهل مكان " تَغْتَرِقُ "
وقلت " كان الخِباء من أَدَمٍ " ... وهو " حِباءٌ " يُهْدَى ويُصْطَدَقُ
* * * لا غرار في صلاة وتسليم - وروى: ولا تسليم.
هو النقصان، من غارت الناقة، إذا نقص لبنها؛ ورجل مغارُّ الكف، وإنَّ به لمغارّة؛ إذا كان بخيلا؛ وللسوق درة وغرار؛ أي نفاق وكساد. ومنه قيل لقلة النوم غرار.
وفي حديث الأوزاعي رحمه الله: كانوا لا يرون بغرار النوم بأساً.
يعني لا ينقض الوضوء.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: لا تغار التحية.
والغرار في الصلاة ألا يقيم أركانها معدلة كاملة.
وفي حديث سلمان رضي الله تعالى عنه: الصلاة مكيال فمن وفى وفى له؛ ومن طفف طفف له، فقد علمتم ما قال الله في المطففين، وفي التسليم أن يقول: السلام عليك إذا سلَّم، وأن يقول: وعليك إذا رد. ومن روى: ولا تسليم، فعطفه على لا غرار، فمعناه لا نوم فيها ولا سلام.
* * * خطب صلى الله عليه وآله وسلم؛ فذكر الدجال، وقتل المسيح له؛ قال: فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء؛ لا شجر ولا حجر ولا دابة، فيقول: يا عبد الله المسلم، هذا يهودي فاقتله؛ إلا الغرقدة فإنها من شجرهم فلا تنطق، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل دابة؛ حتى يدخل الوليد يده في فم الحنش فلا يضره؛ وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت كما كانت تنبت على عهد آدم عليه السلام، يجتمع النفر على القطف فيشبعهم.
الغرقد؛ من العضاه؛ وقيل هي كبار العوسج؛ وقيل لمدفن أهل المدينة بقيع الغرقد؛ لأنه كان ينبته؛ قال ذو الرمة:
أَلِفْنَ ضَالاً ناعماً وغَرْقَدا
الشحناء والشحنة: العداوة، وقد شاحنه.
الحمة: فوعة السم؛ وهي حرارته وفورته، وفعلة من حمى.
الحنش: الأفعى. قال ذو الرمة:
وكم حَنَش ذَعْفِ اللُّعَاب كَأَنَّه ... على الشَّرَكِ العَادِيِّ نِضْوُ عِصَامِ
وحنشته الحية: إذا لدغته. وفي كتاب العين: الحنش: ما أشبهت رءوسها رءوس الحيات من الحرابي وسوام أبرص ونحوها.
الفاثور عند العامة: الطستخان. وأهل الشام يتخذون خواناً من رخام يسمونه الفاثور. قال:
والأكل في الفَاثور بالظَّهائر ... لَقْما يَمُدُّ غُضْنَ الحنَاجر
وقيل: هو الطست من فضة أو ذهب؛ ومنه قيل لقرص الشمس: فاثورها. وأنشدا للأغلب:
إذا انجلى فَاثُور عين الشمس
والقطف: العنقود؛ يريد أن الأرض تنقى من كل دغل وشوك كما كانت؛ لأنها فيما يقال أنبتته بعد قل قابيل هابيل، فتصير في النقاوة كالفاثور، وتعود ثمارها في الحسن والكثرة إلى ما كانت عليه في عهد آدم عليه السلام.
* * * أُريت في النوم أني أنزع على قليب بدلو، فجاء أبو بكر فنزع نزعاً ضعيفاَ والله يغفر له؛ ثم جاء عمر فاستقى، فاستحالت غربا، فلم أر عبقرياً يفري فريه، حتى روى الناس وضربوا بعطن.

أي انقلبت دلوا عظيمة، وهي التي تتخذ من مسك ثور يسنو بها البعير؛ وقد وصفها من قال:
شلّت يدا فارية فَرَتْها ... مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَفَّرَتْها
سميت بذلك لأنها النهاية في الدلاء؛ من غرب الشيء وهو حدُّه.
قد ذكرت أن كل عجيب غريب ينسب إلى عبقر.
يفري فريه؛ أي يعمل عمله.
العطن: الموضع الذي تناخ فيه الإبل إذا رويت؛ ضرب ذلك مثلاً لأيام خلافتهما. وأن أبا بكر قصرت مدة أمره ولم يفرغ من قتال أهل الردة لافتتاح الأمصار؛ وعمر قد طالت أيامه وتيسرت له الفتوح، وأفاء الله عليه الغنائم وكنوز الأكاسرة.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: فيكم مغرِّبون. قالوا: وما المغرِّبون؟ قال: الذين يشرك فيهم الجن.
غرب إذا بعد، ومنه: غاية مغرِّبة، وشأو مغرِّب.
ومنه قولهم: هل عندك من مفرِّبه خبر؟ كقولهم: من جائية خبر؛ أي من خبر جاء من بُعْد.
وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنه: أنه قدم عليه أحد بني ثور، فقال عمر: هل من مغرِّبة خبر؟ قال: نعم! أخذنا رجلاً من العرب كفر بعد إسلامه، فقدمناه فضربنا عنقه؛ فقال: فهلا أدخلتموه جوف بيت، فألقيتم إليه كل يوم رغيفا ثلاثة أيام، لعله يتوب أو يراجع! اللهم لم أشهد ولم آمر ولم رض إذ بلغني.
والتاء في نغربة للمبالغة، أو لأنه جُعل اسماً كالرمية والنطيحة، وكأن قوله " مغرّبون " معناه جاءُون من نسب بعيد.
إن رجلاً كان معه صلى الله عليه وآله وسلم في غزاة، فأتاه سهم غرب، فمكث معالجاً فجزع مما به؛ فعدل على سهم من كنانته فقطه رواهشه.
قال المبرد: يقال: أصابه سهم غرب، وسهم غرب، بمعنى.
وسمعت المازني يقول: أصابه حجر غرْب: إذا أتاه من حيث لا يدري، وأصابه حجر غرْب، إذا رمى غيره فأصابه.
ويروى: سهم غرْبٌ وغرِبٌ على الصفة.
الرواهش: عروق باطن الذراع وعصبه؛ والنواشر: التي في ظاهرها؛ وقيل عكس ذلك؛ الواحد راهش وناشرة.
* * * إياكم ومشارة الناس، فإنها تدفن الغرَّة وتظهر العرة.
أصل الغرة البياض في جبهة الفرس، ثم استعيرت، فقيل في أكرم كل شيء:غرته، كقولهم: غرة القوم لسيدهم.
والعرة: القذر، فاستعيرت للعيب والدنس في الأخلاق وغيرها، فقالوا: فلان عرَّة من العرر. والمعنى أنهم إذا نالهم منك مكروه كتموا محاسنك ومناقبك، وأبدوا مساويك ومثالبك.
* * * لا يشد الغرض إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس.
وروى: لا تُشد العرى - وروى: الرِّحال.
الغرض والغرضة: حزام الرحل؛ والمغرض كالمحزم. وهو من الغرض في قولهم: ملأ السقاء حتى ليس فيه غرض؛ أي أمت، أي تثنٍ.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مشى مَشى مجتمعاً يُعرف في مشيته أنه غير غرض ولا وكل.
الغرض: الضجر والملال، ومنه قول دي بن حاتم: لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كرهته أشدّ كراهية؛ فسرت حتى نزلت جزيرة العرب، فأقمت بها حتى اشتد غرضي.
الوكل: الضعيف الثقيل الحركات؛ لأنه يكل الأمر إلى غيره. قالت:
ولا تكونن كهِلّوفٍ وَكِل ... يصبح في مصرعه قد انجدَلْ
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - مررنا بخباءاً أعرابية عجوز؛ فجلسنا قريباً منها، فلما كان المساء جاء بنيٌّ لا يفعة بأعنز معه، فدفعت إليه الشفرة، فأتانا بها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رد الشفرة وائتني بقدح أو قعب، قال: يا هذا، إن غنمنا قد غرزت، قال: انطلق فاتني به؛ فأتاه فمسح على ظهر العنز ثم حلب حتى ملأ القدح.
يقال: غرزت الغنم غرازاً؛ إذا قل لبنها. وناقة غارز، وغرزها صاحبها؛ إذا ترك حلبها ليذهب رفدها فتسمن، واشتقاقه من الغرز؛ كأنه غرز في الضروع؛ أي أمسك وأثبت؛ ومنه قيل لما كان مساكا للرحل في المركب غرز.
* * * حمى غرز النقيع لخيل المسلمين.
هو نوع من الثمام دقيق، لا ورق له. وواد مغرز: به الغرز.
ومنه حديث عمر رضي الله عنه أنه ليرفأ خادمه: كم تعلفون هذا الفرس؟ قال: ثلاثة أمداد. فقال: إن هذا لكاف أهل بيت من العرب، والذي نفسي بيده لتعالجن غرز النقيع.
وعنه: أنه رأى في روث فرس شعيراً في عام الرمادة، فقال: لئن عشت لأجعلن له من غرز النقيع ما يُغنية عن قوت المسلمين.
النقيع " بالنون " : موضع. وعن الأصمعي أن عيسى بن عمر أنشد يوماً:

لَيْتَ شعري وأين مِنًّي لَيْت ... أَعَلَى العَهْدِ يَلْبُنٌ فَبُرام!
أم بعهدي البَقِيع أم غَيَّرَتْه ... بعديَ المُعْصِرات والأيَّام!
رواها بالباء، فقال أبو مهدية: إنما هو النقيع؛ فقال عيسى: صدق والله! أما إني لم أرو بيتاً عن أهل الحضر إلا هذا؛ ثم ذكر حديث عمر؛ ورأى رجلا يعلف بعيراً، فقال: أما كان في النقيع ما يغنيك! * * * عمر رضي الله تعالى عنه - قضى في ولد المغرور غرَّة.
هو الرجل يزوج رجلا مملوكة على أنها حرة؛ فقضى أن يغرم الزوج لمولى الأمة غرة، ويكون ولدها حرَّا، ويرجع الزوج على من غرّه بما غرم.
* * * أقبل صلى الله عليه وآله وسلم من بعض المغازي حتى إذا كان بالجرف، قال: يأيها الناس؛ لا تطرقوا النساء ولا تغتروهنَّ.
أي لا تفاجئوهنّ على غرة منهن، وترك استعداد؛ من قولهم: اغترَّه الأمر إذا أتاه على غرَّة - عن يعقوب، وأنشد:
إذا اغْتَرَّه بين الأحبة لم تكن ... له فزعة إلا الهوادج تخدَرُ
* * * علي رضي الله تعالى عنه - ذكر مسجد الكوفة؛ فقال: في زاويته فار التنور، وفيه هلك يغوث ويعوق، وهو الغاروق، ومنه سير جبل الأهواز، ووسطه على روضة من رياض الجنة، وفيه ثلاث أعين أُنبتت بالضغث، تُذهب الرجس وتطهر المؤمنين: عين من لبن، وعين من دهن، وعين من ما، جانبه الأيمن ذكر وجانبه الأيسر مكر، ولو يعلم الناس ما فيه من الفضل لأتوه ولو حبواً.
هو فاعول، من الغرق؛ لأن الغرق كان منه.
راد بالضغث ما ضرب به أيوب عليه السلام امرأته.
وبالعين التي ظهرت لما ركض برجله.
وبالذكر الصلاة.
وبالمكر أنه عليه السلام قُتل فيه.
الحبو: الدَّبيب.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - إن جنازته لما أتى به الوادي، أقبل طائر أبيض غرنوق، كأنه قبطيَّة، حتى دخل في نعشه. قال الراوي: فرمقته فلم أره خرج حتى دفن.
الغرنوق والغرنيق: طائر أبيض من طير الماء.
وعن أبي خيرة الأعرابي سمى غرنيقاً لبياضه.
وقال يعقوب في الشاب: الغرنوق، وهو الأبيض الجميل الغضّ؛ ولما كانت الكلمة دالة على معنى البياض أكد بها الأبيض.
القبطية: ثياب بيض من كتان تنسج بمصر؛ نسبت إلى القبط، بالضم، فرقاً بين الثياب والناسي والجمع القباطي.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - ما طلع السماك إلا غارزاً ذنبه في برد.
هذا تمثيل؛ وأصله من غرز الجردا ذنبه إذا أراد البيض، وأراد السماك الأعزل؛ فطلوعه لخمس تخلو من تشرين الأول، وفي ذلك الوقت يذهب الحر كله، ويبتدئ شيء من البرد.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - إذا استغرب الرجل ضحكا في الصلاة أعاد الصلاة.
يقال: أغرب في الضحك، واستغرب، واغترق، واستغرق؛ إذا بالغ وأبعد.
* * * في الحديث: إن الله يبغض الغربيب.
هو الذي يسوِّد شيبه بالخضاب.
* * * كيف بكم وبزمان يُغربل الناس فيه غربلة.
أي يذهب بخيارهم ويبقى أراذلهم، كما يفعل من يغربل الطعام بالغربال. ويجوز أن يكون من الغربلة؛ وهي القتل؛ عن الفراء: وأنشد:
ترى الملوك حوله مُغْرْبلهْ ... يقتل ذا الذَّنْبِ ومَنْ لا ذَنْبَ لَه
ومنها قولك: ملك مغربل؛ أي ذاهب.
* * * أعلنوا النكاح، واضربوا عليه بالغربال.
أي بالدُّف.
* * * التغارير في " ضب " . غروبة في " ظه " . غرمه في " غل " . فاغرورقت في " عذ " . أغرُّغرَّة في " نت " . والغارب في " ود " . على غرلته في " شو " . تغريرا في " غو " . تغرة في " فل " . وفي " رب " . غربا في " ثج " . على غرة في " زف " . غراة في " فر " . الغرغر في " مظ " . غرة في " جو " . اغرث في " حب " . الغريزة في " تب " . غرائب الإبل في " ين " . غارا في " ذم " . وغراب في " عص " .
* * *
الغين مع الزاي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لما فتح مكة قال: لا تُغزى قريش بعدها.
أي لا تكفر حتى تُغزى على الكفر.
ونظيره قوله: لا يُقتل قرشي صبراً بعد اليوم.
أي لا يرتد فيقتل صبراً على ردته؛ فأما قريش وغيرهم فهم عنده في الحق سواء.
* * * مغزية في " كس " . المستغزر في " جن " . وربع المغزل في " عر " . المغازي في " خض " . غازية في " رب " . الغزيرة في " تب " .
* * *
الغين مع السين

النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من غسَّل واغتسل، وبكر وابتكر، واستمع ولم يلغ كفَّر ذلك ما بين الجمعتين - وروى: غَسَل.
يقال غسَّل المرأة وغسلها: جامعها، ومنه فحل غُسلة. أي جامع مخافة أن يرى في طريقه ما يُحرِّك منه، أو غَسَل أعضاءه متوضئاَ، ثم اغتسل غُسل الجمعة. وغسَّل: بالغ في غسل الأعضاء على الإسباغ والتثليث.
بكَّر: أتى الصلاة لأول وقتها.
منه: بكِّروا بصلاة المغرب؛ أي صلوها عند سقوط القرص.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال أمتي على سنتي ما بكَّروا بصلاة المغرب.
ابتكر: أدرك أول الخطبة؛ من ابتكر الرجل؛ إذا أكل باكورة الفاكهة.
* * * قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أخذ صلى الله عليه وآله وسلم بيدي، ثم نظر إلى القمر، فقال: يا عائشة، تعوَّذي بالله من هذا، فإنه الغاسق إذا وقب.
هو من غسق يغسق، إذا أظلم؛ لأنه يظلم إذا كسف.
ووقوبه: دخوله في الكسوف، أراد: تعوذي بالله منه عند كسوفه.
وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنه: لا تقطروا حتى تروا الليل يغسق على الظراب.
أي يظلم عليها؛ وخص اظراب وهي الجبيلات إرادة أن الظلمة تقرب من الأرض، كما قال الهذلي:
دَلَجَى إذا ما الليل ... جَنَّ عَلَى المُقَرَّنَةِ الحَبَاحِبْ
* * * ابن خثيم رحمه الله تعالى - كان يقول لمؤذنه يوم الغيم أغسق أغسق.
أي أخر المغرب حتى يغسق الليل.
* * * مغسقا في " عز " . لا يغسله الماء في " قر " .
* * *
الغين مع الشين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ليس منا من غشَّنا.
الغشّ ألا تمحض النصيحة؛ من الغشش وهو المشرب الكدر، ومنه: لقيته على غشاش، أي على عجلة، ونزلوا غشاشا، كأنه لقاء مشوب بفرقة، ونزول مشوب بنهضة، افرط قلته، ألا ترى إلى قوله:
يكون نزول الرَّكْب فيها كَلاَ ولاَ ... غِشاشا ولا يُدْنونَ رَحْلاً إلى رَحْلِ
* * * جبير بن حبيب رحمه الله تعالى - قال عيسى بن عمر: أنشدته قول أبي كبير:
حَمَلَت به في ليلة مَزْءُوَدةٍ ... كَرْها وعَقْد نِطاقِها لم يُحْلَلِ
فقال: قاتله الله! لقد تغشمرها.
أي أخذها بجفاء وعنف.
* * * تغشيشا في " غث " .
* * *
الغين مع الضاد
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - لو غضَّ الناس في الوصية من الثلث إلى الربع لكان أحبَّ إليّ، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الثلث والثلث كثير.
أي نقصوا وحطُّوا؛ يقال: لا أغضُّك من حقك شيئا، ولا أغذك، وقد ضضته وغذذته. قال:
أيامَ ألحف مِئْزري عَفَر المَلا ... وأغُضّ كل مُرَجَّلٍ رَيّان
* * * عمرو رضي الله عنه - لما مات عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال: هنيئا لك ابن عوف! خرجت من الدنيا ببطنتك؛ لم يتغضغض منها شيء.
يقال غضغضته فتغضغض؛ أي نقصته، وهو من معنى غضضته لا من لفظه، لأنه ثلاثي وهو رباعي، فلا يشتق منه.
ضرب البطنة مثلا لو فور أجره الذي استوجبه بهجرته وجهاده، وأنه لم يتلبس بولاية وعمل فينقص ذلك.
* * * مغضة في " سغ " وفي " سن " . غض الأطراف في " سد " .
الغين مع الطاء
غطف في " بر " . غطيطة في " ضف " . غطريف في " رج " . غطريفاً في " حجم " .
ما يغط في " سن " .
الغين مع الظاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال نقادة الأسدي: يا رسول الله؛ إني رجل مغفل؛ فأين أسم؛ قال: في موضع الجرير من السالفة، فقال: يا رسول الله؛ اطلب إلى طلبة، فإني أحب أن أطلبكها؛ قال ابغني ناقة حلبانة ركبانة؛ غير أن لا توله ذات ولد عن ولدها.
المغفل: الذي إبله أغفال، وهي التي لا سمة عليها.
الجرير: حبل في عنق البعير من أدم.
السالفة: ما سلف من العنق؛ أي تقدم.
الحلبانة الركبانة: الصالحة للحلب والركوب؛ زيدت الألف والنون في بنائهما على ما هو أصل في بناء مصدري حلب وركب؛ كما زيدتا على سيف وعير وريع، في قولهم للمرأة الشطبة الممشوقة كأنها سيف: سيفانة، وللناقة التي هي في سرعة العير أوفي صلابته: عيرانة؛ وفي لبنها ريع؛ أي كثرة وبركة: ريعانة، فكأنما قيل فيها فعلية والألف والنون زائدتان لتعطيها معنى النسب. قال:
أكرِم لنا بناقة ألوفِ ... حَلبانة رَكبانة صَفوفِ
تخلط بين وَبَر وصَوفِ

الطلبة: الحاجة وما يطلب، ونظيرها النكرة لما ينكر، وإطلابها: إنجازها والإسعاف بها، ومثله سألته فأسألني؛ أي أعطاني سؤالي، والحقيقة أنه من باب الإشاء والإعتاب.
ابغني: اطلبه لي؛ بوصل الهمزة وبقطعها؛ أعني على بغائه.
التولية: أن تدعها والهاً: أي ثاكلاً بفصلها عن ولدها.
أن في أن لا تولَّه، هي المخففة من الثقيلة، والمعنى: غير أنه لا تولّه؛ أي غير أن الشأن والحديث لا تفعل هذا.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - رأى رجلاً يوضأ فقال: عليك بالنغفلة والمنشلة.
أراد العنفقة؛ لأن الناس يغفلون عنها وعما تحتها.
المنشلة: موضع الخاتم؛ إذا أراد غسله نشل الخاتم عنه؛ أي رفعه.
وعن بعض التابعين: أنه أوصى رجلاً في طهارته فقال: تفقد في طهارتك المغفلة، والمنشلة، والروم، والفنيكين، والشاكل، والشجر.
الرَّوم: شحمة الأذن.
الفنيكان: جانبا العنفقة.
الشاكل: البياض بين الصُّدع والأذن.
الشجر: مجتمع اللحيين عند العنفقة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - روى إياس بن سلمة عن أبيه. قال: مر بي عمر بن الخطاب، وأنا قاعد في السوق، وهو مار لحاجة له، معه الدرة. فقال: هكذا يا سلمة عن الطريق! فغفقني بها؛ فما أصاب إلا طرفها ثوبي، قال: فامطت عن الطريق، فسكت عني، حتى إذا كان العام المقبل، لقيني في السوق، فقال: يا سلمة أردت الحج العام؟ قلت: نعم! فأخذ بيدي، فما فارقت يده يدي، حتى أدخلني بيته، فأخرج كيساً فيه ستمائة درهم، فقال: يا سلمة، خذها، واستعن بها على حجك، واعلم أنها من الغفقة التي غفقتك عاماً أول. قلت: يا أمير المؤمنين، والله ما ذكرتها حتى ذكرتنيها، فقال عمر: وأنا والله ما نسيتها.
يقال غفقه بالدرة غفقات، وخفقه بها خفقات؛ أي ضربه، وهو ضرب خفيف، ومنه التغفيق للنوم الخفيف، الذي يسمع صاحبه الحديث ولا يحققه، ويقولون خفق خفقة؛ إذا نعس ثم لنتبه، وقد جاء عفقة عفقات " بالعين غير المعجمة " .
معه الدرة: في محل النصب على الحال، كقولك: خرج عليه السواد.
مفعول أمطت محذوف؛ وهو الأذى، يعني به سدّه الطريق بنفسه؛ والمراد جعلت الطريق مماطاً عنه؛ أي غير مسدود.
حذف الراجع من الصلة إلى الموصول، والأصل غفقتكها.
* * * غفيرا في " جم " . مغفلا في " خر " . إغفال في " صب " . غفل في " بج " وفي " بد " . وإغفال الأرض في " ند " . أغفر في " حص " . تغفلني في " قن " .
* * *
الغين مع القاف
في الحديث: إن الشمس لتقرب من الناس يوم القيامة، حتى أن بطونهم تقول: غِق غِقْ.
هذه حكاية صوت الغليان؛ ويقال: غقَّ القدر غقًّا، وغقيقا؛ إذا إلى فسمعت له صوتاً؛ وسمعت غقَّ الماء وغقيقه؛ إذا جرى فخرج من ضيق إلى سعة؛ أو من سعة إلى ضيق. ومنه قولهم للمرأة التي يسمع لها صوت عند الجماع: غقوق وغقَّاقة.
* * *
الغين مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في صلح الحديبية حين صالح أهل مكة وكتب بينه وبينهم كتاباً؛ فكتب فيه: أن لا إغلال ولا إسلال. وأن بينهم عيبة مكفوفة. يقال غلّ فلانٌ كذا؛ إذا اقتطعته ودسّه في متاعه، من غلّ الشيء في الشيء؛ إذا أدخله فيه فانغلّ، وسلّ البعير وغيره في جوف الليل؛ إذا انتزعه من بين الإبل وهي السَّلة، وأغلّ صار ذا غلول وسلّة؛ ويكون أيضا ان يعين غيره عليهما؛ وقيل: الإغلال لبس الدروع، والإسلال سلّ السيوف.
وفي حديث شريح رحمه الله تعالى: ليس على المستعير غير المغلّ ضمان، ولا على المستودع غير المغلّ ضمان.
يريد من لا خيانة عنده.
المكفوفة: المشرجة؛ مثل بها لذمة المحفوظة التي لا تنكث.
* * * ثلاث لا يغلُّ عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من ورائه - وروى: لا يُغلّ " بالضم " ولا يغل " بالتخفيف " ؛ يقال غلّ صدره يغل غلاًّ، والغلّ: الحقد الكامن في الصدر.
والإغلال: الخيانة.
والوغول: الدخول في الشر. والمعنى أن هذه الخلال يستصلح بها القلوب؛ فمن تمسك بها طهر قلبه من الدّغل والفساد.
وعليهن: في موضع الحال؛ أي لا يغل كائناً عليهن قلب مؤمن؛ وإنما انتصب عن النَّكرة لتقدمه عليه.
* * * لا يغلق الرَّهن بما فيه؛ لك غنمه، وعليه غرمه.
يقال: غلق الرهن غلوقا، إذا بقي في يد المرتهن، لا يقدر على تخليصه. قال زهير:

وَفَاَقَتْكَ برَهْنٍ لا فَكاك له ... يوم الوداع فأمْسَى الرَّهْن قَدْ غَلِقَا
وكان من أفاعيل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤدِّ ما عليه في الوقت المؤقت ملك المرتهن الرهن.
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله: أنه سئل عن غلق الرهن، فقال: يقول أن لم افتكّه إلى غد فهو لك.
ومعنى قوله: لك غنمه، وعليه غرمه؛ أن زيادة الرَّهن ونماءه وفضل قيمته للراهن؛ وعلى المرتهن ضمانه إن هلك؛ كما في حديث عطاء: أن رجلا رهن فرساً على عهد سول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفق، فذكر المرتهن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ذهب حقك.
أي من الدين.
* * * لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
أي في إكراه، لأن المكره مغلق عليه أمره وتصرُّفه.
نهى عن الغلوطات - وروى: الاغلوطات.
قال بعضهم: الغلوطة: المسئلة التي يُغالط بها العالم ليستزل ويستسقط رأيه. يقال: مسئلة غلوط، كشاة حلوب وناقة ركوب اسماً بزيادة التاء، فيقال غلوطة. وقيل الصواب: عن الغلوطات بطرح الهمزة، من الأغلوطات؛ وإلقاء حركتها على لام التعريف. كما يقال في الأحمر لحمر، وردّت الرواية الأولى.
والأغلوطة: أُفعولة، من غلط؛ كالأحدوثة والأحموقة.
* * * الخيل ثلاثة: رجل ارتبط فرساً عدَّة في سبيل الله؛ فإن علفه وروثه وأثره ومسحاً عنه وعارية وزر في ميزانه يوم القيامة. ورجل ارتبط فرساً ليغالق عليها أو يراهن عليها: فإن علفه وروثه ومسحاً عنه وزر في ميزانه يوم القيامة. ورجل ارتبط فرساً ليستنبطها - وروى: ليستبطنها؛ فهي ستر من الفقر.
المغالقة: المراهنة؛ وأصلها في الميسر. والمغالق: الأزلام؛ الواحد مغلق، وإنما كرهها إذا كانت على رسم الجاهلية؛ وذلك أن يتواضعا بينهما جُعلا يستحقه السابق منهما.
الاستنباط: استخراج الماء؛ يقال: أنبط فلان واستنبط؛ إذا حفر فانتهى إلى الماء؛ فاستعير لاستخراج النسل.
والاستبطان: طلب ما في البطن؛ يعني النتاج.
والمسح عنه: فرجنته؛ لأنه يمسح عنه التراب وغيره.
* * * أهل الجنة الضعفاء المغلوبون؛ وأهل النار كل جعظري جوَّاظ مستكبر جمَّاع منَّاع.
الغلب؛ الذي يغلب كثيراً، ويكون أيضاً الذي يحكم له بالغلبة؛ يقال: غلِّب فلان على فلان. قال يعقوب: إذا قالوا للشاعر مغلَّب فهو مغلوب؛ ورجل مغلَّب: لا يزال يغلب.
الجعظري والجعذري: الأكول الغليظ؛ وقيل: القصير المنتفخ بما ليس عنده.
الجوَّاظ؛ من جاظ يجوظ جوظاناً؛ إذا اختال؛ وقيل: الذي جمع ومنع. وقيل هو السمين، وقيل: الصخَّاب المهذار.
* * * عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أُغيلمة بني عبد المطلب من جمع بليل، ثم جعل يلطخ أفخاذنا بيده ويقول: أُبيني؛ لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس.
الأُغيلمة: تصغير أغلمة قياساً؛ ولم تجيء؛ كما أن أصيبية تصغير أصبية ولم تستعمل؛ إنما المستعمل غلمة وصبية.
جمع: علم للمزدلفة؛ وهي المشعر الحرام؛ سميت بذلك لاجتماع آدم وحواء عليهما السلام بها، وازدلافهما إليها فيما روى عن ابن عباس.
اللطخ: ضرب لين ببطن الكف.
الأبيني بوزن الأعيمي، تصغير الأبنى بوزن الأعمى؛ وهو اسم جمع للابن. قال:
وإن يكُ لا ساء فقد ساءنِي ... تَرْكُ أُبَيْنِيكَ إلى غير راعِ
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - في كتابه إلى أبي موسى الأشعري: وإياك والغلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر للخصومات؛ فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر، ويُحسن به الذخر.
قال المبرد: الغلق: ضيق الصدر وقلة الصبر. ورجل غلق: سيئ الخلق.
علي رضي الله تعالى عنه - تجهزوا لقتال المارقين المغتلمين.
* * * هم الذين تجاوزوا حدَّ ما أُمروا به من الدين وطاعة الإمام وطغوا؛ من اغتلام البعير؛ وهو هيجه للشهوة وطغيانه؛ ويقال غلم غلمة، واغتلم اغتلاما. ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه: إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة، فاكسروها بالماء.
أي إذا هاجت سورتها وحمياها فامزجوها بالماء.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لا غلت في الإسلام.
يقال: غلط في كل شيء؛ وغلت في الحساب خاصة.
ومعناه أن الرجل إذا قال: اشتريت منك هذا الثوب بمائة درهم، ثم تجده قد اشتراه بأقل ردّ إلى الحق، وترك الغلت.

ومنه حديث شريح رحمه الله تعالى: أنه كان لا يجيز الغلت.
* * * وعن النخعي رحمه الله تعالى أنه قال: لا يجوز التَّغَلًت.
تفّعل؛ من الغلت، تقول تغلته أي طلبت غلته، نحو تعنته. ويقول تغلتني فلان، واغتلتني؛ إذا أخذه على غرَّة.
* * * جابر رضي الله تعالى عنه - إنما شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن أوثق نفسه، وأغلق ظهره.
يقال: غلق ظهر البعير إذا دبر فنغل باطنه، فلا يكاد يبرأ؛ وأغلقه صاحبه؛ إذا أثقل حمله حتى غلق؛ لأنه منعه بذلك من الانتفاع به؛ فكأنه أغلق منه، وكان مطلقا. والمعنى: وأثقل ظهره بالذنوب.
* * * الغلاء في " لغ " . بمغلة في " مغ " . غللتم في " حل " . غلالة في " قب " . يغلب في " أس " . غل في " بك " . مغلوباً في " غب " .
* * *
الغين مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سفر فشُكي إليه العطش، فقال: أطلقوا لي غمري، فأُتي به.
و القدح الصغير، سمي بذلك لأنه مغمور بين سائر الأقداح، ومنه تغمرت الإبل؛ إذا شربت قليلا.
* * * لا تقدموا شهر رمضان بيوم، ولا يومين؛ إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم. صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلاثين ثم أفطروا - وروى: فإن غُمّ عليكم فاقدروا له.
في غمَّ ضمير الهلال؛ أي إن غُطي بغيم أو غيره؛ من غممت الشيء؛ إذا غطيته، ويجوز أن يكون مسنداً إلى الظرف؛ أي فإن كنتم مغموما عليكم، فصوموا وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه؛ كما تقول: دفع إلى زيد؛ إذا استغنى عن ذكر المدفوع.
فاقدروا له؛ أي فقدروا عدد الشهر بثلاثين يوماً.
* * * ليس أحد يدخل الجنة بعمله. قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمته! أي يسترني ويغمدني؛ من الغمد.
* * * إنه أول ما اشتكى في بيت ميمونة؛ اشتد مرضه حتى غُمر عليه.
أي أُغمي عليه، كأنه غُطِّي على عقله؛ من غمرت الشيء إذا سترته، وغشي عليه، وأُغمي عليه؛ من معنى الستر أيضاً.
* * * اليمين الغموس تدع الدِّيار بلاقع.
هي اليمين الكاذبة، لأنها تغمس في المآثم، وتقول العرب للأمر الشديد الغامس في الشدة والبلاء: غموس، قال:
متى تَأْتِنا أو تَلْقَنَا في ديارِنا ... تجد أمرَنا إمْراً أحذَّ غَموسا
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كتب إلى أبي عبيدة وهو بالشام حين وقع بها الطاعون: إن الأردن أرض غمقة، وإن الجابية أرض نزهة، فاظهر بمن معك من المسلمين إلى الجابية.
الغمق: فساد الريح وخمومها من كثرة الأندية.
النزهة: البعد من ذلك؛ ومنها قولهم: فلان نزه النفس عن الريب.
جعل على كل جريب عامر أو غامر درهماً وقفيزا.
الغامر: الذي أُغفل عن العمارة وعن آثارها؛ من قولهم غمر غمارة فهو غمر، وهو الغرُّ الذي خلا من آثار التجربة، وفي كلام بعض العرب: فلان غفل، لم تسمه التجارب. وإنما وجب فيه الخراج لئلا يقصروا في العمارة.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - لما قتل ابن آدم أخاه غمص الله الخلق ونقص الأشياء.
أي غض من طولهم وعظمهم وقوتهم. ويقال: غمصت الرجل وغمصته واحتقرته.
* * * معاذ رضي الله تعالى عنه - إياكم ومغمضات الأمور - وروى: إياكم والمغمضات من الذنوب.
قال النضر: هي العظام يركبها الرجل وهو يعرفها؛ لكنه يغمض عنها كأن لم يرها.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - قال موسى بن طلحة: أتيناها نسألها عن عثمان، فقالت: اجلسوا حتى أحدثكم بما جئتم له، وإنا عتبنا عليه كذا، وموضع الغمامة المحماة؛ وضربه بالسوط والعصا؛ فعمدوا إليه حتى إذا ماصوه كما يماص الثوب، اقتحموا إليه الفقر الثلاث: حرمة الشهر، وحرمة البلد، وحرمة الخلافة.
سمت العشب بالغمامة كما يسمى بالسماء؛ أي جعل الكلأ حمى والناس فيه شركاء، وضب بالسوط العصا بالعقوبات، وكان من قبله يضرب بالدرة والنعل.
ماصوه: غسلوه من الذنوب بالاستتابة.
مر تفسير الفقر في " سح " .
* * * في الحديث: إن بني قريظة نزلوا أرضا غملة وبلة.
هي التي وارى النبات وجهها، يقال: اغمل هذا الأمر، أي واره.
الغملول: الشجر المتكاثف.
الوبلة: الوبئة؛ من الكلأ الوبيل، وقد وَبُل وَوَبَل.
* * *

مغمطة في " غب " . غمط في " سف " . غمصاً في " صب " . لا غمة في " أب " . أتغمض في " خش " . الغمز في " كم " . غمص في " جل " . غمغمة في " لخ " . فيغمز في " كف " . بالغميم في " خب " . وفي " كر " .
* * *
الغين مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - خير الصدقة ما أبقت غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول.
أي ما بقيت لك بعد إخراجها كفاية لك ولعيالك واستغناء؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما الصدقة عن ظهر غنى، وكقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُل الْعَفْو)؛ أو ما أجزلت فأغنيت به المعطي عن المسألة، كقول عمر: إذا أعطيتم فأغنوا.
العليا: يد المعطي. والسفلى يد الآخذ.
أنَّث الضمير الراجع إلى الموصول في قوله: ما أبقت، ذهابا إلى معناه لأنه في معنى الصدقة.
* * * من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فالجمعة حقٌّ عليه، إلا عبد أو صبي، أو مريض، فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه، والله غني حميد.
أي طرحه الله ورمى به من عينه، فعل من استغنى عن الشيء فلم يلتفت إليه. وقيل جزاه جزاء استغنائه عنها، كقوله تعالى: (نَسُوا اللهَ فنَسِيَهُمْ).
* * * ابن عبد العزيز رحمهما الله تعالى - ذكر الموت فقال: غنظ ليس كالغنظ، وكظ ليس كالكظ.
يقال: غنظه؛ جهده وكربه، وكنظه مثله، ويقال: غنظه، جهده، وكنظه إذا ملأه غيظا، وغنظه الطعام وكنظه إذا ملأه وغمه. قال:
ولقد لقيتَ فوارسا من قَوْمِنَا ... غَنَظُوك غَنْظَ جَرادَة العَيّار
والكظ نحوه، يقال: كظه الطعام، إذا ملأه وغمه. وقال ابن دريد: كظَّه الشبع إذا امتلأ حتى لا يطيق النَّفس.
* * * غنثر في " عن " . غنمين في " سن " . يتغنى في " أذ " . من لم يتغن في " رث " . ولم يغن في " ذم " . مغن في " خج " . غنمه في " غل " .
* * *
الغين مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن حصين بن أوس النهشلي أتاه فقال: يا رسول الله: قل لأهل الغئط يحسنوا مخالطتي؛ فشمَّت عليه، ودعا له.
الغائط: الوادي المطمئن، وغاط في الأرض يغوط ويغيط؛ إذا غار، يريد أهل الادي الذي كان ينزله.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ينزل أمتي بغائط يسمونه البصرة، يكثر أهلها ويكون مصراً من أمصار المسلمين.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - وجد رجلٌ منبوذا فأتاه به فقال: عسى الغوير أُبؤساً. فقال عريفه: يا أمير المؤمنين إنه وإنه...فأثنى عليه خيرا. فقال: هو حرّ وولاؤه لك.
الغوير: ماء لكلب؛ وهذا مثل، أول من تكلم به الزباء الملكة، حين رأت الإبل عليها الصناديق، فاستنكرت شأن قصير إذ أخذ على غير الطريق، أرادت: عسى أن يأتي ذلك الطريق بشر. ومراد عمر رضي الله تعالى عنه اتهام الرجل بأن يكون صاحب المنبوذ، حتى أثنى عليه عريفه خيرا.
الأبؤس: جمع بأس، وانتصابه بعسى على أنه خبره على ما عليه أصل القياس.
جعله مولاه؛ لأنه كأنه أعتقه، إذ التقطه فأنقذه من الموت، وأن يلتقطه غيره فيدعي رقَّه.
إنه وإنه؛ أراد أنه أمين وأنه عفيف، وما أشبه ذلك فحذف.
* * * إن صبياًّ قُتل بصنعاء غيلة، فقتل به عمر سبعة، وقال: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم.
هي فعلة؛ من الاغتيال وياؤها عن واو، لأن الاغتيال، من غالته الغول تغوله غولا.
* * * إن قريشا تريد أن تكون مغويات لمال الله.
المغواة: الزبية. قال رؤبة:
في ليلة يجوزها يوم حادِ ... إلى مُغَوّاة الفَتَى بالمِرْصاد
وفي أمثالهم: من حفر مغوَّاة وقع فيها؛ أي تريد أن تكون مصائد للمال تحتجنه. وسميت مغواة لأنها غويت؛ أي أضلَّت، وسترت اعتيالا للصيد؛ من الغي.
* * * قال السئب بن الأقرع: وردت عليه المدينة بخبر فتح نهاوند، فلما رآني ناداني من بعيد: ويحك! ما وراءك؟ فوالله ما بت هذه الليلة إلا تغويرا - وروى: تغريرا. قلت: أبشر بفتح الله ونصره! قال: وكنت حملت معي سفطين من الجوهر، ففتحتهما كأنه النيران يشب بعضه بعضا.
التغوير: النزول عند الغائرة، وهي حين تغور الشمس؛ أي تصير إلى شدة الحر، يقال: غوّروا قليلا. قال جرير:
أنَحْنَ لِتَغْوِيرٍ وقَدْ وَقَد الحَصَى ... وذاب لُعاب الشمسِ فوق الجماجم
والغورة مثل الغائرة، ثم قيل للقيلولوة تغوير، وأراد عمر ما بتُّ إلا قدر نومة المغوِّر.

والتغرير؛ من الغرار.
الشبّ: الإيقاد، يريد: أنه كان يتلألأ ويتوقد كالنار.
* * * عثمان رضى الله تعالى عنه في مقتله - فتعاووا عليه حتى قتلوه.
التغاوي: التحاشد بالغيّ.
ومنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث المنذر بن عمرو الأنصاري إلى بني عامر بن صعصعة، فاستنجد عامر بن الطفيل عليه قبائل، فقتلوه وأصحابه، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أياماً، وقالت أخت المنذر ترثيه:
تَغَاوَتْ عليه ذئابُ الحجازِ ... بنو بَهْثةٍ وبنو جَعْفَرِ
* * * عمار رضي الله عنه - أوجز الصلاة، فقال: إني كنت أغاول حاجة لي.
أي أبادر، وهو من الغول: البعد؛ يقال: هون الله عليك غول هذا الطريق، لأنه إذا بادر الشيء فقد طوى إليه البعد.
* * * الأحنف رضي الله عنه - قيل له يوم انصرف الزبير من وقعة الجمل: هذا الزبير - وكان الأحنف يومئذ بوادي السباع مع قومه، قد اعتزل الفريقين جميعا - فقال: ما أصنع به إن كان جمع بين هذين الغارين! ثم انصرف وترك الناس.
الغار: الجمع الكثير لقهره وإغارته، ومنه استغار الجرح؛ إذا تورَّم.
* * * في الحديث: لُعنت الغائصة والمغوِّصة.
قالوا: الغائصة التي لا تعلم زوجها أنها حائض فيجتنبها، والمغوِّصة: التي لا تكون حائضا، وتكذب زوجها فتقول: أنا حائض.
* * * في قصة نوح عليه السلام: وانسدَّتْ ينابيع الغوط الأكبر وأبواب السماء.
الغوط: عمق الأرض الأبعد.
* * * غائلة في " خب " . وتغاوى عليه في " رح " . مغولا في " جز " . لا غول في " عد " . ليغان في " غي " .
* * *
الغين مع الهاء
عطاء رحمه الله تعالى - سُئل عن رجل أصاب صيدا غهباً؛ قال: عليه الجزاء.
يقال: غهب عن الشيء غهباً، مثل رهب رهباً؛ إذا غفل عنه ونسيه، ومنه الغهبي بوزن الزمكي: أول الشباب، لأنه وقت الغفلات، وأصل الغيهب: الظلام، وليل غهب وغيهب؛ أي مظلم، لأن الغافل عن الشيء كأنما أظلم عليه الشيء وخفي، فلا يفطن له.
* * *
الغين مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - يأتي القرآن يوم القيامة تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غيايتان، أو كأنهما ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صوافَّ.
الغياية: كل ما أظل، وغايوا فوق رأسه بالسيوف؛ أي أظلوه؛ والظلة مثلها.
الشرق: الضوء، وقيل: الشق، من قولهم: شاة شرقاء؛ أي بينهما فرجة.
حزقان: طائفتان.
صوافّ: باسطت أجنحتها في الطيران.
* * * إنه ليغان على قلبي، حتى أستغفر الله كذا وكذا مرة.
أي يطبق عليه إطباق الغين، وهو الغيم، ويقال غينت السماء تغان، والفعل مسند إلى الظرف، وموضعه رفع بالفاعلية؛ كأنه قيل: ليغشى قلبي. والمراد ما يغشاه من السهو الذي لا يخلو منه البشر.
* * * قال لرجل طلب القود لولي له قُتل إلا الغير تريد؟ - وروى: ألا تقبل الغير؟ قال أبو عمرو: الغيرة الدية، وجمعها غير، وجمع الغير أغيار.
وغيره: أعطاه الدية، عن أبي زيد.
وعن أبي عبيدة: غارني يغيرني ويغورني؛ إذا وداك، وعلى هذه الرواية جائز في ياء الغيرة أن تكون منقلبة عن الواو كياء قينة وجيرة، وأنشدوا لبعض بني عذرة:
لنجدعن بأيدينا أنوفكم ... بني أميمة إن لم تقبلوا الغيرا
واشتقاقها من المغايرة وهي المبادلة. يقال: غايرته بسلعتي إذا بادلته، لأنها بدل من القود.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم في قصة محلم بن جثامة، حين قتل الرجل فأبى عيينة بن حصن أن يقبل الغير، فقام رجل من بني ليث، يقال له مكيتل، عليه شكَّة، فقال: يا رسول الله، إني ما أجد لما فعل هذا في غرة الإسلام مثلا؛ إلا غنما وردت، فرمى أولها، فنفر آخرها؛ اسنن اليوم وغيِّره غدا.
الشكة: السلاح.
ومعنى قول مكيتل: إن مثل محلم في قتله الرجل وطلبه ألا يقتص منه، والوقت أول الإسلام وصدره، كمثل هذه الغنم؛ يعني أنه إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريده محلم ثبَّط النس عن الدخول في الإسلام معرفتهم بأن القود يغير بالدية، والعرب خصوصا؛ فهم الحراص على درك الأوتار، وفيهم الأنفة من تقبل الديات.

ثم حث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإقادة منه بقوله: اسنن اليوم وغيَّره غدا؛ يريد إن لم تقتص منه غيَّرت سنتك، ولكنه أخرج الكلام على الوجه الذي يهيج من المخاطب، ويستفزه للإقدام على المطلوب منه.
* * * لقد هممت أن أنهي عن الغيلة؛ ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرهم.
هي الغيل، وإنما ذكر ضميرها لأنها بمعناه، وهو أن تجامع المرأة وهي مرضع، وقد أغال الرجل وأغيل، والولد مغال ومغيل.
* * * كره عشر خصال؛ منها تغيير الشيب - يعني نتفه - وعزل الماء عن محله، وإفساد الصبي غير محرِّمه.
تفسير تغيير الشيب في الحديث.
وعزل الماء: هو العزل عن النساء.
وإفساد الصبي: إغياله.
غير محرمه؛ عني أنه كرهه ولم يبلغ به التحريم.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - إن حسان لما هاجى قريشا قالت قريش: إن هذا الشتم ما غاب عنه ابن أبي قحافة.
عنوا أنه عالم بالأنساب والأخبار، فحسان يراجعه ويسائله عنها.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال لحسان: نافح عن قومك، واسأله عن معايب القوم - يعني أبا بكر.
* * * عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه - لدرهم ينفقه أحدكم من جهده خير من عشرة آلاف، ينفقها أحدنا غيضاً من فيض.
أي قليلا من كثير؛ والغيض: النقصان؛ يقال غاض الماء وأغاضه غيره.
* * * نغير في " شر " . الغيمة في " عي " . وغاية في " مو " . فغثتم في " قح " . غياياء في " غث " . لا يغيضها في " سح " .
* * * آخر الغين




=========

حرف الفاء
الفاء مع الهمزة
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عاد سعدا، فوضع يده بين ثدييه ؛ وقال: إنك رجل مفئود؛ فأت الحارث بن كلدة أخا ثقيف، فإنه يتطبب؛ فليأخذ سبع مرات من عجوة المدينة فليجأهن ثم ليلدك بهن - ويروى : أنه وصف له الفريقة.
المفئود: الذي أُصيب فؤاده بداء، كالمظهور والمصدور؛ ويقال: فأدت الظبي؛ أي رميته فأصبت فؤاده؛ ورجل مفؤد وفئيد للجبان الذاهب الفؤاد خوفاً، وقد فأده الخوف فأدا.
وفي حديث عطاء رحمه الله تعالى: أن ابن جريح قال له: رجل مفئود ينفث دما، أو مصدور ينهز قيحا أحدث هو؟ قال: لا وضوء عليهما.
النهز: الدفع؛ يقال نهز الثور برأسه؛ إذا دفع عن نفس. قال ذو الرمة:
قِياماً تَذُبّ البَقَّ عن نُخَراتِها ... بِنَهْزٍ كإيماء الرءوس المواتِع
ونهز الدلو؛ إذا ضرب بها الماء لتمتلئ.
فليجأهن؛ من الوجيئة؛ وهي التمر يدق حتى يخرج نواه، ثم يبل بلبن، أو بسمن حتى يتَّدن، ويلزم بعضه بعضاً. قال:
لِتَبْكِ الباكياتُ أبا خُبَيْبٍ ... لدهر أو لنائبة تَنُوبُ
وقَعْبِ وَجيئةٍ بُلَّت بماء ... يكون إدامها لبنٌ حليبُ
وأصل الوجء: الدق والضرب، ومنه: وجأت به الأرض؛ عن أبي زيد؛ إذا ضربتها به، وكنزت التمر في الجلة حتى اتجأ؛ أي اكتنز وتلازم، كأنه وجئ وجئاً.
اللدّ: من اللدود، وهو الوجور في أحد لديدي الفم، وهما شقاه.
الفريقة: تمر يطبخ بحلبة. وفرقت للنفساء، وأفرقت، إذا صنعتها لها.
* * * وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتفاءل ولا يتطير.
الفأل والطيرة قد جاءا في الخير والشر، تقول العرب: ولا فأل عليك. وقال الكميت:
وكان اسمكُم لو يَزْجُرُ الطيرَ عائف ... لبينكم طيراً مبينة الفال
مجئ الطيرة في الشر واسع لا يفتقر فيه إلى الشاهد، إلا أن استعمال الفأل في الخير أكثر.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قيل: يا رسول الله، ما الفأل؟ فقال: الكلمة الصالحة. واستعمال الطيرة في اشر أوسع، وقد جاءت مجئ الجنس في الحديث، وهو قوله: أصدق الطيرة الفأل.
* * * الفئام في " أخ " . في فأس رأسه في " صب " . الفيء في " خر " . وفي " قص " . أفئدة في " بخ " .
* * *
الفاء مع التاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان يستفتح بصعاليك المهاجرين.
أي يفتتح بهم القتال تيمناً بهم؛ وقيل: يستنصر بهم؛ من قوله تعالى: (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءِكُمُ الْفَتْحُ). وكما التقى الفتح والنصر في معنى الظفر التقيا في معنى المطر، فقالوا: قد فتح الله علينا فتوحاً كثيرة؛ تتابعت الأمطار، وأرض بني فلان منصورة؛ أي مغيثة.

الصعلوك: الذي لا مال له، ولا اعتمال، وقد صعلكته؛ إذا ذهبت بماله، ومنه تصعلكت الإبل؛ إذا ذهبت أوبارها.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه، وفتخ أصابع رجليه.
أي نصبها وغمز موضع المفاصل إلى باطن الرجل؛ يقال فتخها يفتخها فتخاً، وفتخ الرجل يفتخ فتخا؛ فهو أفتخ؛ وهو اللين مفاصل الأصابع من عرض، ومنه قيل للعقاب فتخاء؛ لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها وغمزتها.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن كل مسكر ومفتر.
هو الذي يفتر من شربه؛ فإما أن يكون أفتره بمعنى فتره؛ أي جعله فاتراً، وإما أن يكون أفتر الشراب إذا فتر شاربه؛ كقولك: أقطف الرجل إذا قطفت دابته.
وعن ابن الأعرابي: أفتر الرجل؛ إذا ضعفت جفونه فانكسر طرفه.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم في فتنة القبر: " أما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تُسألون؛ فإذا كان الرجل صالحاً؛ أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف " .
الفتن: أصله الابتلاء والامتحان؛ومنه فتن الفضة؛ إذا أدخلها النار ليعرف جيِّدها من رديئها.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " فبي تفتنون " تمتحنون؛ ويتعرف إيمانكم بنبوتي، وكما قيل فيشدة النازلة بلاء ومحنة، قيل فتنة، وفتن فلان بفلانة؛ أي بلى بهواها ونكب.
وفي الحديث الحسن رحمه الله تعالى أنه قال في قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، فتنوهم بالنار؛ قوماً كانوا بمذارع اليمن؛ أي عذبوهم.
والمذراع: البلاد التي بين الريف والبر لأنها أطراف ونواح؛ من مذراع الدابة.
المشعوف: الذي أصيب شعفة قلبه؛ وهي رأسه عند معلق النياط، بحب أو ذعر أو جنون؛ وأهل حجر وناحيتها يقولون للمجنون مشعوف، وبه شعاف. والمراد هاهنا المذعور، أو الذي أصابه شبه الجنون من فرط الفزع، والقلق والحسرة.
* * * إن أربعة تفاتوا إليه.
أي تحاكموا إليه؛ من الفتوى. قال الطرماح:
أنِخْ بفِناء أشْدَقَ من عدِيٍّ ... ومِنْ جَرْمٍ وهُمْ أهل التَّفَاتِي
* * * إن امرأة سألت أم سلمة أن تريها الإناء الذي كان يتوضأ منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخرجته، فقالت المرأة: هذا مكوك المفتي.
قال الأصمعي: المفتي مكيال هشام بن هبيرة. وقال ابن الأعرابي: أفتى الرجل؛ إذا شرب المفتي؛ وهو قدح الشطار. والمعنى تشبيه الإناء بمكوك هشام؛ وأرادت مكوك صاحب المفتي، فحذفت المضاف؛ أو بمكوك الشارب. وهو ما يكال به الخمر؛ قال الأعشى:
وإذا مكُّوكها صادمه ... جانباها كَرَّ فيها وَسَبَحْ
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - أتاه رجل فقال: ألا أقتل لك عليا؟ فقال: وكيف تقتله؟ قال: أفتك به. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قيَّد الإيمان الفتك؛ لا يفتك مؤمن.
الفصل بين الفتك والغيلة: أن الفتك والغيلة: أن الفتك هو أن تهتبل غرته فتقتله جهاراً؛ والغيلة أن تكتمن في موضع فتقتله خفية. ورويت في فائه الحركات الثلاث؛ وفتكت بفلان وأفتكت به - عن يعقوب.
* * * زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه - قال: في الفتق الدية.
صحَّ عن الأزهري بفتح التاء؛ هو انفتاق المثانة. وعن الفراء أفتق الحيُّ؛ إذا أصاب إبلهم الفتق؛ وذلك إذا انفتقت خواصرها سمناً فتموت لذلك، وربما سلمت. وأنشد قوله رؤبة:
لم يَرْجُ رُسْلاً بعد أعوام الفَتَق
وقال الأصمعي: تفتق الجمل سمناً، وفتق فتقاً.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - ما كنت أدري ما قوله عز وجل: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنا بالْحَقِّ) حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك! يقال: فتح بينهما؛ أي حكم. والفاتح: الحاكم، وفاتحه: حاكمه؛ والفتاحة " بالضم والكسر " : الحكومة؛ لأن الحكم فصل وفتح لما يستغلق.
* * * عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه - جذعة أحبُّ إلي من هرمة، الله أحقُّ بالفتاء والكرم.
والفتى: الطريّ السن، ومصدره الفتاء.
الكرم: الحُسن.
* * * أفتق في " خي " . الفتق في " جو " . يفتل في " ذر " . وفي " ود " . مفتنا في " في " .انفتاق في " مغ " . وفتلها في " صح " . فتوح والمفتتح في " حل " . الفتان في " فر " . فتيق في " رس " . أفتح في " نت " . فتحاً في " سد " .
* * *
الفاء مع الثاء

علي بن أبي طالب عليه السلام - قال سويد بن غفلة: دخلت عليه يوم عيد؛ وعنده فاثور عليه خبز السمراء، وصحفة فيها خطيفة وملبنة، فقلت: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخطيفة! فقال: إنما هذا عيد من غفر له.
مر ذكر الفاثور في " غر " .
السمراء: الحنطة، قال:
سَمْراء مما دَرَسَ ابنُ مخراق
وقيل: هي الخشكار.
الخطيفة: الكابول، وقيل لبن يوضع على النار ثم يذر عليه دقيق ويطبخ، وسميت خطيفة؛ لأنها تخطف بالملاعق.
الملبنة: الملعقة.
* * * فتئت في " رص " . الفاثور في " خر " . وفي " غر " .
* * *
الفاء مع الجيم
عمر رضي الله تعالى عنه - إن رجلا استأذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه، فقال له: إن أطلقتني وإلا فجرتك.
أي عصيتك وخالفتك ومضيت إلى الغزو، وأصل الفجر الشَّق، وبه سمى الفجر، كما سمى فلقاً وفرقاً؛ والعاصي: شاق لعصا الطاعة، ومنه قول الموتر: " ونتر من يفجرك " .
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - إذا صلى أحدكم فلا يصلين وبينه وبين القبلة فجوة.
هي المتسع بين الشيئين، ومنها الفجأ، وهو الفجج، ورجل أفجى وامرأة فجواء وقوس فجواء، أي باين وترها عن كبدها، وهو في معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا صلى أحدكم إلى الشيء فليرهقه.
* * * فتفاجت في " بر " . متفاج في " زه " . فجوة في " دف " . فجر في " نق " . فتفاج في " حق " . الفجفاج في " بج " . فيجنها في " عب " . فيفجر في " عض " .
* * *
الفاء مع الحاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - دخل على رجل من الأنصار، وفي ناحية البيت فحلٌ، فأمر بناحية منه فرشَّت، ثم صلى عليه.
هو الحصير، لأنه يرمل من سعف فحل النخل، وهو كقولهم: فلان يلبس الصوف والقطن.
* * * من بنى مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بني له بيت في الجنة.
هو مجثمها؛ لأنها تفحص عنه التراب.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال في وصيته ليزيد بن أبي سفيان حين وجهه إلى الشام: إنك ستجد قوماً قد فحصوا رءوسهم؛ فاضرب بالسيف ما فحصوا عنه؛ وستجد قوماً في الصوامع، فدعهم وما أعملوا له أنفسهم.
يعني الشمامسة الذين حلقوا رءوسهم. وإنما نهى عن قتل الرهبان لأنه يؤمن شرُّهم على المسلمين، لمجانبتهم القتال والإعانة عليه.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لما قدم الشام تفحل له أمراء الشام.
أي تكلفوا له الفحولة في اللباس والمطعم فخشَّنوهما.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - لا شفعة في بئر ولا فحل؛ والارف تقطع كل شفعة.
أراد فُحّال النخل.
الأُرَف: الحدود.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال لقوم قدموا عليه: كلوا من فحاء أرضنا؛ فقلما أكل قوم من فحاء أرض فضرّه ماؤها.
الفحاء: " بالفتح والكسر والضم " : واحد الأفحاء؛ وهي التوابل، نحو الفلفل والكمون وأشباههما. وأنشد الأصمعي:
كَأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ... كُلَّ مدادٍ من فَحاً مَدْقُوق
وقال:
يدق لك الأَفْحَاء في كل منزل
ويقال: فح قدرك وأفحها وقزحها وتوبلها؛ أي طيبها بالأبازير، ولامه واو، لقولهم للطعام الذي جعلت فيه الأفحاء: الفحواء؛ وكأنه من معنى الفوح على القلب، ومنه: عرفت ذلك في فحوى كلامه وفحوائه.
* * * كعب - إن الله تعالى بارك في الشام، وخص بالتقديس من فحص الأردن إلى رفح.
هو ما فحص منها؛ أي كشف ونحى بعضه من بعضٍ؛ من قولهم: المطر يفحص الحصى؛ إذا قلبه وزيله، وفحص القطا التراب؛ إذا اتخذ أُفحوصا؛ ومنه الفحصة: نقرة الذقن.
ورفح: مكان في طريق مصر ينسب إليه الكلاب العقر.
* * * فحيلاً في " مل " . الفحش في " سأ " . الفحل في " فض " . فحمة في " فش " .
* * *
الفاء مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
ادّعاء العظم؛ ومنه تفخر فلان إذا تعظم؛ ونخلة فخور: عظيمة الجذع، يريد: لا أقول هذا افتخارا وتنفجا، ولكن شكراً لله، وتحدثاً بنعمته.
* * * يفخذ في " رض " . فخيخه في " ضف " . بفخّ في " صب " . الفخة في " زخ " . فخماً مفخماً في " شذ " .
* * *
الفاء مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنكم مدعوون يوم القيامة؛ مقدَّمة أفواهكم بالفدام؛ ثم أن أول ما يبين عن أحدكم لفخذه ويده.

الفدام: ما يشدُّ على فم الإبريق لتصفيه الشراب؛ وإبريق مفدَّم، ومنه: الفدم من الرجال، كأنه مشدود على فيه ما يمنعه الكلام لفهاهته؛ والمعنى أنهم يمنعون الكلام بأفواههم، وتستنطق أفخاذهم وأيديهم. كقوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وتُكَلِّمُنَا أيْدِيهم وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ)؛ فمثل المنع من الكلام بالتفديم والختم.
يبين عن أحدكم: يعرب عنه ويفصح. ومنه قيل للفصيح: البين. وقالوا: أبين من سحبان وائل؛ وكان فلان من أبيناء العرب.
* * * إن الجفاء والقسوة في الفدادين - وروى: في الفدادين.
الفديد: الجلبة؛ يقال فدَّ يفدُّ فديدا، ومنه قيل للضفدع: الفدادة لنقيقها. عن ابن الأعرابي. وفلان يفدّ اليوم لي ويعدّ؛ إذا أوعدك. وقال الأصمعي: يقال للوعيد من وراء وراؤ: الفديد والهديد، والمراد الذين يجلبون في حروثهم ومواشيهم من الفلاحين والرعاة، ويجوز أن يكون من قولهم: مر بي يفد؛ أي يعدو، وهذه أحمرة يتفاددن؛ أي يتعادين، لأن هؤلاء ديدنهم السعي الدائب وقلة الهدوء.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الأرض إذا دُفن فيها الإنسان قالت له: ربما مشيت علي فدَّادا.
ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: إنه خرج رجلان يريدان الصلاة؛ قالا: فأدركنا أبا هريرة وهو أمامنا، فقال: مالكما تفدان فديد الجمل؟ قلنا أردنا الصلاة. قال: العامد لها كالقائم فيها.
والفديد: عدو يسمع له صوت، وقيل: إذا ملك أحدهم المئين إلى الألف من الإبل قيل له الفدّاد.
ويعضد هذا التفسير قوله صلى الله عليه وآله وسلم: هلك الفدّادون إلا من أعطى في نجدتها ورسلها.
وهو فعَّال في معنى النسب؛ كبتات وعوّاج؛ من قولهم: لفلان فديد من الإبل والغنم؛ يراد الكثرة، ومرجعه إلى معنى الجلبة.
النجدة: المشقة؛ تقول: لقي فلان نجدة. وقال طرفة:
تَحْسَب الطَّرْف عليها نَجْدَةً
والرسل: السهولة، ومنه قولك: على رسلك؛ أي على هينتك. وقال ربيعة ابن جحدر الهذلي:
ألا إنّ خَيْرَ النَّاسِ رِسْلاً ونَجْدَةً ... بِعَجْلاَنَ قد خَفَّتْ لَدَيْه الأكارِسُ
أراد: إلا من أعطى على كره النفس ومشقتها، وعلى طيب منها وسهولة. وقيل: معناه: أعطى الإبل في حال سمنها وحسنها، ومنعها صاحبها أن ينحرها ويسمح بها نفاسةً بها، فجعل ذلك المنع نجدة منها، ونحوه قولهم في المثل: أخذت أسلحتها، وتترست بترسها. وقالت ليلى الأخيلية:
ولا تأخذِ الكُومَ الصَّفايا سلاَحهَا ... لتوبةَ في نَحْسِ الشتاء الصَّنَابرِ
والرسل: اللبن؛ أي لم يضن بها وهي لبن سمان.
ومن رواه في الفدادين، فهو جمع فدَّان، والمعنى في أصحابها.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن المفدم.
هو الثوب المشبع حمرة؛ كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه، لتناهي حمرته؛ فهو كالممنوع من قبل الصِّبغ.
ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: نهاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أقرأ وأنا راكع، وأتختم بالذهب، أو ألبس المعصفر المفدم.
وفي حديث عروة رحمه الله تعالى: أنه كره المفدم للمحرم، ولم ير بالمضرج بأساً.
المضرَّج: دون المشبع. والمورَّد: دون المضرَّج.
* * * عن ناجية بن جندب رضي الله تعالى عنه: لما كنا بالغميم عدلت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذت به في طريقٍ لها فدافد، فاستوت بي الأرض؛ حتى أنزلته بالحديبية وهي نزح.
الفدفد: المكان المرتفع. ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: كان إذا قفل من سفر فمرَّ بفدفد أو نشز كبَّر ثلاثا.
يريد: كانت الطريق متعادية ذات آكام فاستوت.
النَّزح: التي لا ماء بها، فعل بمعنى مفعولة؛ أي منزوحة الماء.
النَّشَز، والنَّشْز: المتن المرتفع من الأرض؛ ومنه: أنشزه، إذا رفعه شيئا، وإذا تزحَّف الرجل عن مجلسه فارتفع فويق ذلك قيل قد نشز.
* * * عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها: أهديت لي فدرة من لحم، فقلت للخادم: ارفعيها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هي قد صارت مروة حجر، فقصت القصة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لعله قام على بابكم سائل فأصفحتموه؛ قالت: أجل يا رسول الله! قال: فإن ذلك لذلك.
الفدرة: القطعة، ويقال هذه حجارة تفدر؛ أي تتكسر وتصير فدراً، وعود فدر وفزر: سريع الانكسار.

الإصفاح: الردّ؛ يقال: أتيتك فأصفحتني. قال الكميت:
ولا تَلِجَنْ بيوتَ بني سَعيد ... ولو قالوا وراءك مُصْفِحينا
وقيل: صفحه ردّه أيضا، وفرَّق بعضهم فقال: صفحه: أعطاه، وأصفحه: ردَّه.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - في الفادر العظيم من الأروى بقرة، وفيما دون ذلك من الأروى شاة، وفي الوبر شاة، وفي كل ذي كرش شاة.
الفادر وافدور: المسن من الوعول، سمي لعجزه عن الضراب وانقطاعه منه، من قولهم: فدر الفحل فدورا إذا جفر، ويجوز أن يكون الدال في فدر بدلا من تاء فتر.
الوبر: دويبة على قدر السنور، وإنما جعل فدية الوبر الشاة وليس بندِّها، لأنه ذو كرش تجتر.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - سُئل عن الذبيحة بالعود، فقال: كل ما لم يُفدغ.
الفدغ، والفلغ، والثدغ، والثلغ: الشدخ.
ومنه الحديث في الذبح بالحجر: إن لم يفدغ الحلقوم فكُل.
وفي بعض الحديث: إذن تفدغ قريش الرأس.
وإنما نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن المشدوخ؛ لأنه كالموقوذ.
* * * في الحديث: وعلى المسلمين ألا يتركوا في الإسلام مفدوحا في فداء وعقل.
يقال فدحهالخطب؛ إذا عاله وأثقله. وأفدحته، إذا وجدته فادحا، كأصعبته إذا وجدته صعبا.
* * * أفيدع في " صل " . ففدعت في " كو " . فدرة في " مت " . فدفد في " نف " . فدى في " حم " . فدغه في " ضغ " . المفدم في " أو " .
* * *
الفاء مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - العقل على المسلمين عامة، ولا يترك في الإسلام مفرج - وروى: مفرح.
هو المثقل بحق دية أو فداء، أو غرم، كالمفدوح الذي مر في الحديث آنفا.
وأصله فيمن رواه بالجيم، من أفرج الولد الناقة ففرجت، وهي أن تضع أول بطن حملته فتنفرج في الولادة، وذلك مما يجهدها غاية الجهد. وأنشد ابن الأعرابي:
أمْسَى حَبِيبٌ كالفَريج رائخا
أي صار كهذه الناقة مجهودا معييا. والرائخ: المعيي، ومنه قالوا للمجهود: الفارج، ولما كان الذي أثقلته المغارم مجهودا مكدودا قيل له مفرج.
ومن رواه بالحاء فهو من أفرحه إذا غمّه. قال ابن الأعرابي: أفرحته غممته وسررته. وأنشد:
لما تولَّى الجيشُ قلتُ ولم أكنْ ... لأُفرِحَهُ أيشر بغزوٍ ومَغْنَمِ
أراد: لم أكن لأغمه. وحقيقته: أزلت عنه الفرح، كأشكيته. ويجوز أن يكون المفرج " بالجيم " : المزال عنه الفرج، والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إلى أن يخرج عنها.
* * * أنا فرطكم على الحوض.
يقال فرط يفرط؛ إذا تقدم، وهو فارط وفرط، ومنه قيل لتباشير الصبح أفراطه، الواحد فرط، وللعلم المستقدم من أعلاه الأرض فرط، ويقال في الدعاء للمعزَّي؛ جعله الله لك فرطاً وسلفا صالحا؛ كأنه قال: أنا أوَّلكم قدوما ً على الحوض.
* * * لا فرعة ولا عتيرة.
الفرع والفرعة: أول ولد تنتجه الناقة.
والعتيرة: الرجبية، وكان أهل الجاهلية يذبحونهما، والمسلمون في صدر الإسلام فنُسخ.
ومنه قوله عليه السلام: فرِّعوا إن شئتم، ولكن لا تذبحوه غراة حتى يكبر.
أي اذبحوا الفرع، ولكن لا تذبحوا صغيرا لحمه يلتصق كالغراة، وهي القطعة من الغرا " بالفتح والقصر " لغة في الغراء.
وحديثه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه سُئل عن الفرع، فقال: حقّ، وإن تتركه حتى يكون ابن مخاض وابن لبون زخرباُّ خيرٌ من أن تكفأ إناءك، وتوله ناقتك وتذبحه يلصق لحمه بوبره.
زخزباًّ؛ أي غليظ الجسم؛ مشتد اللحم.
كفء الإناء: قطع اللبن لنحر الولد.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن على كل مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة فنسخ ذلك.
* * * خرج هو صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه مهاجرين إلى المدينة من مكة؛ فمرا بسراقة بن مالك بن جعشم؛ فقال: هذان فرّ قريش، ألا أردُّ على قريش فرَّها! وفيه: أنه طلبهما فرسخت قوائم دابته في الأرض؛ فسألهما أن يخليا عنه؛ فخرجت قوائمها ولها عثان.
الفرّ: مصدر وضع موضع اسم للفاعل؛ فاستوى فيه الواحد وما سواه؛ كصوم وفطر ونحوهما.
العثان: الدخان؛ وجمعهما عواثن ودواخن على غير قياس، وقيل: العثان: الذي لا لهب معه مثل البخور ونحوه؛ والدخان: ما له لهب؛ وقد عثنت النار تعثن عثوناً وعثاناً.
* * * إني لأكره أن أرى الرجل ثائراً فريص رقبته، قائماً على مريته يضربها.

الفريص، والفرائص: جمع فريصة؛ وهي لحمة عند نغض الكتف في وسط الجنب عند منبض القلب؛ توعد وتثور عند الفزعة والغضب. قال أمية:
فرائصُهم من شِدّة الخَوف تُرْعد
وجرى قولهم: ثار فريص فلان مجرى المثل في الغضب وظهور علاماته وشواهده، وكثر حتى استعمل فيما لا فريص فيه؛ فكأن معنى قوله: ثائراً فريص رقبته ظهور أمارات الغضب في رقبته؛ من انتفاخ الوريدين وغير ذلك؛ وإن لم يكن في الرقبة فريصة؛ أو شبه ثؤر عصب الرقبة وعروقها بثؤر الفرائص فسماها فريصاً؛ كأنه قال: ثائراً من رقبته ما يشبه الفريص في الثؤر عند الغضب.
تصغير المرأة استضعاف لها واستصغار؛ ليُري أن الباهش بمثلها في ضعفها لئيم.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لعدي بن حاتم عند إسلامه؛ أما يفرُّك إلا أن يقال لا إله إلا الله! أفررته: إذا فعلت به ما يفرُّ منه؛ أي ما يحملك على الفرار إلا هذا؛ ومنه قولهم: أفرّ الله يده، وأترَّها، وأطرَّها؛ ففرَّت وترَّت وطرّت: إذا أندرها.
* * * عرض يوماً الخيل وعنده عيينة بن حصن الفزاري، فقال له: أنا أعلم بالخيل منك، فقال: وأنا أفرس بالرجال منك.
أي أبصر، يقال: رجل بيِّن الفراسة " بالكسر " ؛ أي ذو بصر وتأمل؛ ويقولون: الله أفرس؛ أي أعلم. قال البعيث:
قد اختاره العِبادُ لدينه ... على علمه والله بالعبد أفْرَسُ
* * * قال عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه فرُّوج من حرير.
هو القباء الذي فيه شقٌّ من خلفه.
* * * سبق المفرِّدون. قالوا: وما المفردون؟ قال: الذين أُهتروا في ذكر الله؛ يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خفافاً - وروى: طوبى للمفردين.
فرد برأيه، وأفرد، وفرَّد، واستفرد بمعنى؛ إذا تفرَّد به؛ وبعثوا في حاجتهم راكباً مفرداً؛ وهو التَّو الذي ليس معه غير بعيره. والمعنى: طوبى للمفردين بذكره المتخلين به من الناس. وقيل: هم الهرمى الذين هلكت لداتهم، وبقوا يذكرون الله.
الإهتار: الاستهتار؛ يقال: فىن مهتر بكذا ومستهتر؛ أي مولع به لا يحدّث بغيره، أي الذين أولعوا بالذكر وخاضوا فيه خوض المهترين؛ وقيل: هو من أهتر الرجل إذا خرف؛ أي الذين هرموا وخرفوا في ذكر الله وطاعته؛ أي لم يزل ذلك ديدنهم وهمهم حتى بلغوا حد الشيخوخة والخرف.
* * * ما ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم أضاعها ربها بأفسد فيها من حب المرء المال والشرف لدينه.
هي القطعة من الغنم التي فارقتها، فضّلت، وأفرقها: أضلّها. قال كثير:
أصابَ فَريقهَ ليلٍ فَعاثا
* * * خرجت إليه صلى الله عليه وآله وسلم قيلة بنت مخرمة، وكان عم بناتها أراد أن يأخذ بناتها منها؛ فلما خرجت بكت بنيَّة منهن هي أصغرهن، حديباء كانت قد أخذتها الفرصة، وعليها سبيج لها من صوف، فرحمتها، فحملتها معها؛ فبيناهما ترتكان إذ انتفجت أرنب، فقالت الحديباء: الفصية! والله لا يزال كعبك عالياً.
قالت: وأدركني عمهن بالسيف؛ فأصابت ظبته طائفة من قرون رأسيه، وقال: ألقي إلي بنت أخي يا دفار! فألقيتها إليه - ويروى: فلحقنا ثوب بن زهير - تريد عم بناتها؛ يسعى بالسيف صلتا؛ فوألنا إلى حواء ضخم.

ثم انطلقت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فبينما أنا عندها ليلة تحسب عني نائمة؛ إذ دخل زوجها من السامر؛ فقال: وأبيك لقد أصبت لقيلة صاحب صدق؛ حريث بن حسان الشيباني. قالت: أختي: الويل لي! لا تخبرها فتتبع أخا بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها رجل من قومها - ويروى: أبتغي الصحبة فذكروا حريث بن حسان الشيباني؛ فنشدت عنه، فسألته الصحبة. قالت: فصحبته صاحبصدق، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فصليت معه الغداة حتى إذا طلعت الشمس دنوت فكنت إذا رأيت رجلاً ذا رواء وقشر طمح بصري إليه، فجاء رجل فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وعليك السلام، وهو قاعد القرفصاء؛ وعليه أسمال مليَّتين، ومعه عسيب مقشو غير خوصتين من أعلاه. قالت: فتقدم صاحبي فبايعه على الإسلام. ثم قال: يا رسول الله، اكتب لي بالدهناء؛ فقال: يا غلام، اكتب له. قالت: فشخص بي، وكانت وطني وداري، فقلت: يا رسول الله؛ الدهناء مقيَّد الجمل ومرعى الغنم، وهذه نساء بني تميم وراء ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: صدقت المسكينة المسلمة؛ المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتّان - وروى: الفتان. وقال صلى الله عليه وآله وسلم؛ أيلام ابن هذه، أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجزة! فتمثل حريث فقال: كنت أنا وأنت كما قال: حتفها ضائن تحمل بأظلافها.
الفرصة والفرسة: ريح الحدب؛ كأنها تفرس الظهر؛ أي تدقه. وتفرصه؛ أي تشقه؛ وأما قولهم: أنزل الله بك الفرسة؛ فقال أبو زيد: هي قرحة في العين.
السُّبَيِّج: تصغير السبيج؛ وهو كساء أسود؛ ويقال له السبيجة والسبجة. وعن أبي الأعرابي: السيبج " بكسر السين وفتح الباء " . قال: وأراه معرباً، وأنشد:
كانت به خُود صموت الدُّمْلُج ... لَفّاء ما تحت الثياب السِّيبَجِ
ترتكان: تحملان بعيريهما على الرتكان.
انتفجت: ارتفعت وثارت من مجثمها.
قال الأخفش: الفصية: الفرج؛ يقال قد أدركتك الفصية؛ أي الخروج من أمرك الذي أنت فيه، وانفراجه عنك، وقد انفصى الصيد من حبالته؛ أي انفصل وتخلص. تفاءلت بانتفاج الأرنب أنها تتفصى من الغم الذي كانت فيه من قبل عمِّ البنات.
ظبة السيف: حدّه مما يلي الطرف منه.
دفار؛ من الدفر، وهو النتن.
الصلت: المصلت من الغمد.
وأل وواءل: إذا لجأ.
الحواء: بيوت مجمتمعة على ماء.
عنّى: تميمية في أَنِّى؛ وهي العنعنة.
بين سمع الأرض وبصرها: تمثيل؛ أي لا يسمع كلامها ولا يبصرهما إلا الأرض.
نشدت عنه: اس سألت عنه؛ من نشدان الضالة.
القشر: اللباس.
القرفصاء: قعدة المحتبي بيديه دون الثوب.
الأسمال: الأخلاق؛ جمع سمل.
ملية: تصغير ملاءة على الترخيم.
العسيب: جريد النخل.
المقشوّ: المقشور.
فشخص بي: أُزعجت وازدهيت.
الفتّان: الشياطين، والفتان الواحد، والتعاون على الشيطان: أن يتناهيا عن اتباعه والافتتان بخدعه؛ وقيل: الفتَّان: اللصوص.
يفصل الخطّه؛ أي إن نزل به مشكل فصله برأيه، وإن ظلم بظلامة ثم همّ بانتصار من ظالمه، فتعرض له أعوان الظالم ليحجزوه عن صاحبهم لم يثبطوه ومضى على انتصاره، واستيفاء حقه غير محتفل بهم.
والحجزة: جمع حاجز، أراد أن ابن هذه المرأة حقه أن يكون على هذه الصفة لمكان أمومتها.
المثل الذي حاضر به حريث بن حسان أراد بضربه اعتراصها عليه بالدهناء.
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه جاء على حمار لغلام من بني هاشم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي فمر بين يديه، ثم نزل فدخل الصَّف، وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب تشتدان إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذتا بركبته ففرع بينهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
يقال فرعت بين القوم وفرَّعت: إذا حجزت بينهم؛ كما يقال: فرقت بين القوم وفرَّقت، ورجل مفرع من قوم مفارع، وهو الذين يكفُّون بين الناس، وهو من فرع رأسه بالسيف إذا علاه به ففلاه أي قطعه، ومنه افتراع البكر.

وعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: كنت عند ابن عباس يوما، فجاءه بنو أبي لهب يختصمون في شيء بينهم، فاقتتلوا عنده في البيت، فقام يفرِّع بينهم، فدفعه بعضهم فوقع على الفراش، فغضب ابن عباس، فقال: أخرجوا عني الكسب الخبيث.
* * * إن الخضر عليه السلام جلس على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.
هي القطعة من الأرض الملبسة بنبات ذاوٍ؛ شبهت بالفروة التي تلبس، وبفروة الرأس.
* * * قال رجل من الأنصار: حملنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حمار لنا قطوف فنزل عنه، فإذا هو فراغ لا يُساير.
قال الفراء: رجل فراغ المشي، ودابة فراغ المشي: أي سريع واسع الخطا، ومنه قوس فراغ؛ وهي البعيدة الرمي؛ وهو من الفريغ الواسع؛ يقال: طعنه فريغ وذات فرغ؛ والسعة مناسبة للفراغ؛ كما أن الضيق مناسب للشَّغل.
وفي حديث آخر أنه قال عند سعد بن عبادة؛ فلما أبرد جاء بحمار أعرابي قطوف، فركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فبعث بالحمار إلى سعد وهو هملاج قريع.
والقريع: المختار؛ ولو روى: فريغ لكان مطابقاً لفراغ؛ وما آمن أن يكون تصحيفاً. والله أعلم.
* * * ذُكر الدجال فقال: أبوه رجل طوال مضطرب اللحم، طويل الأنف؛ كأن أنفه منقار، وأمه امرأة، فرضاخية عظيمة الثديين.
يقال: رجل فرضاخ، وامرأة فرضاخية، وهي صفة بالضخم؛ وقيل بالطول؛ والياء مزيدة للمبالغة كما في أحمريّ.
* * * عن زياد بن علاقة: كان بين رجل منا وبين رجل من الأنصار شيء، فشجَّه، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال:
يا خير من يمشي بنعل فَرْدِ ... أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
لا تُسبِيَنَّ سَلَبي وجِلْدي
فقال عليه السلام: لا.
أراد بالفرد السمط، وهي التي لم تخصف ولم تطارق؛ والعرب تتمدح برقة النعال؛ وإنما ينتعل السبتية الرقاق الأسماط ملوكهم وسادتهم؛ فكأنه قال: يا خير الأكابر، وإنما لم يقل فردة لأنه أراد بالنعل السبت؛ كما تقول فلان يلبس الحضرمي الملسن فتذكر قاصداً للسبت؛ أو جعل من موصوفة كالتي في قوله:
وكفى بنا فَضْلا على غيرنا ... حبّ النبيّ محمدٍ إيانا
وأجرى فرداً صفة عليها؛ والتقدير: يا خير ماشٍ فرد في فضله وتقدّمه.
أوهبه: إما أن يكون بدلا من المنادي؛ أو منادي ثانياً حذف حرفه. ونحوه قول النابغة:
يا أوهب الناس لِعَنْسِ صُلْبَه ... ضَرَّابةٍ بالمشْفَرِ الأذِبَّه
وكل جَرْدَاء شموس شَطْبَه
والضمير لمن.
النهد في نعت الخيل: الجسيم المشرف. تقول: نهد القصيري؛ والنهدة: الأنثى وهو من نهد إذ نهض.
* * * كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام.
هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا.
ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: كنت أغتسل مع النبي صلى عليه وآله وسلم من إناء يقال له الفرق.
وفي الحديث: من استطاع أن يكون كصاحب فرق الأزر فليكن مثله.
وفيه لغتان: تحريك الراء، وهو الفصيح. وتسكينها. قال خداش:
يأخذون الأرشَ في إخوتهم ... فَرْقَ السَّمْن وشاةً في الغنمْ
* * * أعطى العطايا يوم حنين فارعة من الغنائم.
صاعدة من جملتها؛ كقولهم ارتفع لفلان في القسمة كذا؛ وطار له سهم من الغنيمة.
وهي من قولهم: فرع، إذا صعد؛ تقول العرب: لقيت فارعاً مفرعاً؛ أي صاعداً أنا ومنحدراً هو.
والإفراع: الانحدار.
ومنه حديث الشعبي رحمه الله تعالى: كان شريح يجعل المدبر من الثلث، وكان مسروق يجعله فارعاً من المال.
والمعنى أنه نفل الأنفال من رأس الغنائم متوافرة قبل أن تخمس وتقسم؛ وللإمام أن يفعل ذلك؛ لأن فيه تنشيطاً للشجعان وتحريضاً على القتال.
وعنه صلى الله عليه و آله سلم أنه أعطى سعد بن معاذ سيف ابن أبي الحقيق؛ نفله إياه، وأقطع الزبير مالاً من بني النضير.
والتنفيل إنما يصح بإجماع من أهل العراق والحجاز قبل القسمة؛ فإذا أُحرزت الأنصباء سقط، وأهل الشام يجوزونه بعد الإحراز، وأما التنفيل من الخُمس فلا كلام في جوازه.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - نهى عن الفرس في الذبيحة.
هو كسر رقبتها قبل أن تبرد.
ومنه الحديث: إن عمر أمر مناديه، فنادى أن لا تنخعوا ولا تفرسوا.

وعن عمر بن عبد العزيز: أنه نهى عن الفرس والنخع؛ وأن يستعان على الذبيحة بغير حديدتها.
* * * سُئل عن حدِّ الأمة؛ فقال: إن الامة ألقت فروة رأسها وراء الدَّار - وروى: من وراء الجدار.
هي جلد الرأس من الشعر؛ ويقال للهامة أم فروة. وعن النضر: فروة رأسها خمارها. وقال: فروة كسرى هي التاج؛ وقال غيره: هي ما على رأسها من خرقة وقناع. أراد بروزها من البيت مكشوفة الرأس غير متقنعة وتبذلها.
فرِّقوا عن المنية، واجعلوا الرأس رأسين، ولا تلثُّوا بدار معجزة. وأصلحوا مثاويكم؛ وأخيفوا الهوامَّ قبل أن تخيفكم، واخشوشنوا، واخشوشبوا، وتمعددوا.
أي فرِّقوا مالكم عن المنية، تشتروا بثمن الواحد من الحيوان اثنين، حتى إذا مات أحدهما بقي الثاني، فإنكم إذا غاليتم بالواحد، فذلك تعريض للمال مجموعاً للتهلكة.
قوله: واجعلوا الرأس رأسين: عطف للتفصيل والبيان على الإجمال.
والإلثاث: الإقامة. قال:
فما روضة من رياض القَطا ... ألَثّ بها عارضٌ مُمْطرُ
يقال: ألثّ بالمكان، وألبَّ، وأربّ.
المعجزة " بالفتح والكسر " : العجز، كالمعتَبة والمعتِبة؛ أي بدار تعجزون فيها عن الطلب والكسب، وسيحوا في أرض الله. وقيل: أراد الإقامة بالثغر مع العيال.
المثاوي: جمع مثوى، وهو المنزل.
الهوام: العقارب والحيات؛ أي اقتلوها.
الاخشيشان والاخشيشاب: استعمال الخشونة في الملبس والمطعم؛ يقال شيء خشبوأخشب؛ كخشن وأخشن.
التمعدد: التشبه بمعدّ بن عدنان في قشفهم وخشونة عيشهم، واطراح زيّ العجم وتنعمهم وإيثارهم لليان العيش.
وعنه رضي الله عنه؛ عليكم باللبسة المعدِّية.
وبتمعددوا استدل النحويون على أصالة الميم في معدّ، وأنه فعل لا مفعل. وقيل: التمعدد: الغلظ؛ يقال للغلام إذا شبّ وغلظ: قد تمعدد. قال:
ربيته حتى إذا تَمَعْدَدَا
* * * قدم رجل من بعض الفروج عليه، فنثر كنانة، فسقطت صحيفة، فإذا فيها:
ألا أبْلِغْ أبا حَفْصٍ رَسولا ... فِدى لك من أخي ثقةٍ إزاري
قلائصُنا هداك الله إنا ... شُغِلنا عنكمُ زَمَن الحصار
فما قُلُصٌ وجِدْنَ معقَّلاَتٍ ... قَفَا سَلْع بمُخْتَلَفِ التِّجَار
يُعَقِّلُهُنّ جَعْدَةُ من سُلَيْمٍ ... مُعِيدا يبتغي سَقَط العذارِي
ويروى:
يعقلهن جَعْدٌ شَيْظَمِيّ ... وبئس مُعَقِّل الذَّوْد الظُّؤارِ
فقال عمر: ادعوا لي جعدة، فأُتي به، فجلد معقولاً. قال: سعيد بن المسيب: إني لفي الأُغيلمة الذين يجرون جعدة إلى عمر.
الفروج: الثغور، جمع فرج، ويقولون: إن الفرجين اللذين يُخاف على الإسلام منهما: الترك والسواد. قال المبرد: أراد بإزاره زوجته، وسماها إزار للدنو والملابسة، قال الله تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ). وقال الجعدي:
إذا ما الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَها ... تَثَنَّتْ عليه فكانتْ لِباسا
قلائصنا: منصوب بمضمر؛ أي احفظ وحصِّن قلائصنا؛ وهي النوق الشَّواب؛ كنى بهن عن النساء.
يعني المغيبات اللاتي خرج أزواجهن إلى الغزو.
يشكو إليه رجلاً من بني سليم يقال له جعده؛ كان يتعرض لهن؛ وكنى بالعقل عن الجماع؛ لأن التاقة تعقل للضراب.
قفا سلع: أي وراءه، وهو موضع بالحجاز.
مختلف التجار: موضع اختلافهم؛ وحيث يمرون جائين وذاهبين.
معيدا: أي يفعل ذلك عودا بعد بدء.
سقط العذاري: زلاتهن.
الجعد؛ من قولهم للبعير جعد؛ أي كثير الوبر.
الشيظمي: الطويل.
الظؤار: جمع ظئر.
* * * كتب إليه أبو سفيان بن عبد الله الثقفي وكان عاملاً له على الطائف: إن قبلنا حيطانا؛ فيها من الفرسك ما هو أكثر غلَّة من الكرم أضعافا، ويستأمره في العُشر. فكتب إليه: ليس عليها عشر.
هي من العضاه، والفرسك والرسق: الخوخ، وفي كتاب العين: هو مثل الخوخ في القدر، وهو أجود أملس أصفر أحمر، وطعمه كطعم الخوخ.
كان عمر رضي الله تعالى عنه لا يرى في الخضر الزكاة.
وقال محمد: الخوخ والكمثرى وإن شقق وجفف فلا شيء فيه لأنه لا يعم الانتفاع به.
* * * وقيل له: الصلعان خير أم الفرعان؟ فقال: الفرعان خير.
جمع أفرع، وهو الوافي الشعر. قال نصر بن حجاج حين حلق عمر لمته:

لقد حَسد الفُرعانَ أصلعُ لم يكن ... إذا ما مشى بالفَرْع بالمتخائِل
وزيادة الألف والنون على فعل جمع أفعل غير عزيزة. أراد تفضيل أبي بكر على نفسه. قال الأصمعي: كان أبو بكر أفرع؛ وكان عمر أصلع له حفاف؛ وهو أن ينكشف الشعر عن وسط الرأس؛ ويبقى حوله كالطرَّة.
* * * لما أسلم ثارت إليه كفار قريش؛ فقامت على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدا لكم! فأقبل شيخ عليه حبرة وثوب فُرْقُبِيّ فقال: هكذا عن الرجل، فكأنما كانوا ثوباً كُشف عنه.
الفرقبية والثرقبية: ثياب مصرية بيض من كتان - وروى: بقافين.
* * * عثمان رضي الله عنه - قدم عليه خيفان بن عرابة؛ فقال له: كيف تركت أفاريق العرب في ذي اليمن؟ فقال: أما هذا الحي من بلحارث بن كعب فحسك أمراس، ومسك أحماس؛ تتلظى المنية في رماحهم، وأما هذا الحي من أنمار بن بجيلة وخثعم فجوب أب وأولاد علة؛ ليست بهم ذلة، ولا قلة؛ صعابيب؛ وهم أهل الأنابيب، وأما هذا الحي من همدان؛ فأنجاد بُسْل؛ مساعير غير عزل، وأما هذا الحي من مذحج فمطاعيم في الجدب؛ مساريع في الحرب.
الأفاريق: الفرق؛ فكأنه جمع أفراق؛ جمع فِرْق، والفِرْق والفِرْقة والفريق واحد، وقد جاء بطرح الياء من قال:
ما فيهمُ نازع يروى أفارشقَهُ ... بذي رِشاء يواري دلوه لَجَف
ويجوز أن يكون من باب الأباطيل؛ أي جمعاً على غير واحد.
الحسك: جمع حسكة، من قولهم للرجل الخشن الصعب مرامه، الممتنع على طالبه مأتاه؛ إنه لحسكة، تشبيهاً له بالحسكة من الشَّوك.
الأمراس: جمع مرس، وهو الشديد العلاج.
المسك: جمع مسكة، وهو الذي إذا أمسك بشيء لم يقدر على تخليصه منه، ونظيره رجل أُمنة، وهو الذي يثق بكل أحد ويأمنه الناس. وأما المسكة " بالضم " فالبخيل.
الأحماس: جمع حمس، من الحماسة.
جوب أب، أي جيبوا من أب واحد، يريد أنهم أبوهم واحد، وهم أولاد علة، أي من أمهات شتى.
الصعابيب: الصِّعاب، كأنه جمع صعبوب.
الأنابيب: يريد أنابيب الرماح، أي وهم المطاعين.
الأنجاد: جمع نَجْد أو نَجِد.
البُسل: جمع باسل.
المساعير: جمع مسعار، وهو أبلغ من مسعر.
العُزل: الذين لا سلاح معهم.
المساريع: جمع مسراع، وهو الشديد الإسراع.
* * * علي رضي الله عنه - إن قوما أتوه فاستأمروه في قتل عثمان رضي الله تعالى عنه، فنهاهم وقال: إن تفعلوا فبيضاً فلتفرخنه.
يقال: أفرخت البيضة، إذا خلت من الفرخ، أو أفرختها أمها؛ ومنه المثل: أفرخوا بيضتهم. وتقدير قوله فبيضا فلتفرخنه: فلتفرخن بيضاً فلتفرخنه، فحذف الأول، وإلا فلا وجه لصحته بدون هذا التقدير، لأن التقدير ، لأن الفاء الثانية لا بد لها من معطوف ومعطوف عليه، ولا تكون لجواب الشرط لكون الأولى لذلك؛ والفاء هي الموجبة لتقدير الفعل المحذوف لاشتغال الثابت بالضمير، ألا ترى أنك إن فرغته كان الافتقار إلى المقدر قائماً كما هو.
أراد: إن تقتلوه تهيجوا فتنة يتولد منها شر كثير، كما قال بعضهم:
أرى فتنةً هاجت وباضت وفَرَّخَتْ ... ولو تُرِكَتْ طارت إليك فراخها
* * * خطب رضي الله تعالى عنه الناس بالكوفة، فقال: اللهم إني قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني، فسلط عليهم فتى ثقيف، الذيال المنان، يلبس فروتها،ويأكل خضرتها.
أي يلبس الدفيء اللين من ثيابها، ويأكل الطري الناعم من طعامها، تنعماً وإترافاً، فضرب الفروة والخضرة لذلك مثلا.
والضمير للدنيا.
يعني به الحجاج. وهو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن متعب بن مالك بن كعب، من الأحلاف من ثقيف، وقيل: إنه ولد في السنة التي دعا أمير المؤمنين على فيها بهذه الدعوة، وهي من الكوائن التي أنبأ بها رسول الله صلى الله عليه و آله سلم.
* * * وعن أبي عذبة الخضرمي رحمه الله تعالى قال: قدمت على عمر بن الخطاب رابع أربعة من أهل الشام ونحن حجاج، فبينا نحن عنده، أتاه خبر من العراق بأنهم قد حصبوا إمامهم، فخرج إلى الصلاة ثم قال: من هاهنا من أهل الشام؟ فقمت أنا وأصحابي، فقال: يأهل الشام، تجهزوا لأهل العراق، فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، ثم قال: اللهم إنهم قد لبسوا على فالبس عليهم، اللهم عجل لهم الغلام الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم، ولا يتجاوز عن مسيئهم.
* * *

الزبير رضي الله تعالى عنه - قال يوم الشورى: لو لا حدود لله فرضت، وفرائض له حدَّت، تراح إلى أهلها، وتحيا لا تموت، لكان الفرار من الولاية عصمة، ولكن لله علينا إجابة الدعوة، وإظهار السُّنَّة، لئلا نموت ميتة عمية، ولا نعمى عمى الجاهلية.
فُرضت: قُطعت وبيِّنت.
تراح: من إراحة المواشي، أي تردُّ إليهم.
وأهلها: الأيمة.
أو تردها الأئمة إلى أهلها من الرعية.
العمية: الجهل والفتنة، وقد مرَّ فيها كلام في عب.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - سُئل عن ماله، فقال: فرقٌ لنا وذود: قيل: يا أبا ذرّ؛ إنما سألتك عن صامت المال، قال: ما أُصبح لا أمسى، وما أمسى لا أُصبح.
الفرق: القطعة من الغنم، ويقال أيضا: فرق من الطير، ومن الناس. ونظر أعرابي إلى صبيان فقال: هؤلاء فرق سوء، ولا يقال إلا في القليل، وهذا الحديث يدل عليه، وقول الراعي:
ولكنما أجدى وأمْتَعَ جَدُّه ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيه بهَجْهَجَ ناعِقُه
الذود: ما دون العشر من الإبل.
أُصبح وأُمسي: تامتان؛ كأظهر وأعتم.
ولا: نحوها في قوله:
فأيّ فِعْل سيئ لا فَعَله
يعني أنه لا يدَّخر شيئاً.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - أتاه رجل فقا: إني تزوجت امرأة شابة، وإني أخاف أن تفركني، فقال: إن الحب من الله، والفرك من الشيطان، فإذا دخلت عليك فصلِّ ركعتين، ثم ادعُ بكذا وكذا.
يقال: فركت المرأة زوجها فركاً، إذا أبغضته ولم توافقه، من قولهم: فاركت صاحبي، إذا فارقته وتاركته، ومنه فركت الحبّ، إذا دلكته بيدك حتى يتقلع عنه قشره ويفارقه.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - ما بينكم وبين أن يرسل عليكم الشر فراسخ إلا موت رجل، فلو قد مات صُبَّ عليكم الشر فراسخ.
كل ما تطاول وامتد بلا فرجة فيه فهو فرسخ، ومنه: انتظرتك فرسخاً من النهار، أي طويلا، وفرسخت عني الحمى: تباعدت.
وحكى النضر عن بعض الأعراب: أضنت السماء علينا أياماً بعين فيها فرسخ.
أي بمطر دائم فيه امتداد وتطاول من غير فرجة وإقلاع، ومنه الفرسخ.
وعن أبي سعيد الضرير: الفراسخ: برازخ بين سكون وفتنة، وكل فتنة بين سكون وتحرك فهي فرسخ.
أراد بالرجل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - سئل عن الضَّبع، فقال: الفرعل! تلك نعجة من الغنم.
الفرعل: ولد الضبع فسماها به، وفي أمثالهم: أغزل من فرعل، ويقال للذكر من الضباع الفرعلان، أراد أنها حلال كالشاة. وللشافعي رحمه الله أن يتعلق به في إباحته لحم الضبع؛ وهي عند أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله سبع ذو ناب فلا تحلّ.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال في الذبيحة بالعود: كل ما أفرى الأوداج غير مثرِّد.
أي قطعها. والفرق بين الفرى والإفراء أن الفرى قطع للإصلاح كما يفي الخرَّاز الجلد، والإفراء: قطع للإفساد كما يفري الذابح ونحوه.
التثريد: أن يغمز الأوداج غمزاً من غير قطع؛ من الثرد في الخصاء، وهو أن تدلك الخصيتان مكانهما في صفنهما، حتى تعودا كأنهما رطبة مثموغة.
* * * أُذينة رضي الله تعالى عنه - كان يقول في الظفر فرشُ من الإبل.
يقال للحواشي التي لا تصلح إلا للذبح فرش؛ كأنها التي تفرش للذبح، قال الله تعالى: (حَمْولةً وفَرْشاً).
* * * ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى - كتب في عطايا محمد بن مروان لبنيه: أن تجاز لهم؛ إلا أن يكون مالا مفترشاً.
أي مغتصباً مستولى عليه، من قولهم: لقى فلان فلانا فافترشه؛ إذا غلبه وصرعه، وافترشتنا السماء بالمطر؛ أخذتنا به، وافترش عرض فلان؛ إذا استباحه بالوقيعة فيه، وحقيقته جعله لنفسه فراشا يتوطؤه.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - كره أن يفرق الرحل أصابعه في الصلاة.
يقال: فقَّع، وفرقع؛ إذا نقَّض أصابعه بغمز مفاصلها؛ ومنه قيل للضرب الشديد وليِّ العنق وكسرها فرقعة؛ لما في ذلك من التنقيض.
* * * عون رحمه الله تعالى - ما رأيت أحداً يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج.
أي يذمها ويمزق فروتها، يقال: فلان يفرفر فلانا: إذا نال من عرضه ومزَّقه، وهو من قولهم: الذئب يفرفر الشاة؛ قال:
ظَلَّ عليه يوما يُفَرْفِرُه ... إلاَّ بَلَغْ في الدماء يَنْتَهسُ
ومنه قيل للأسد الفرافرة.

أراد بالأعرج أبا حازم سلمة بن دينار، وهو من عباد المدينة، وكان يقصُّ في مسجدها.
* * * في الحديث: علموا رجالكم العوم والفراسة.
يقال فرس فراسة وفروسة؛ : إذا حذق بأمر الخيل. الفاء مفتوحة؛ فأما الراسة " بالكسر " فمن التفرس.
* * * إن شيعة الدجال شواربهم طويلة، وخفافهم مفرطمة.
من الفرطومة، وهي منقار الخف. وقيل: الصحيح بالقاف. وعن بعض الأعراب: جاءنا فلان في نخافين ملكمين، فقَّاعين، مقرطمين - بالقاف. رواه ابن الأعرابي.
* * * الفرا في " جل " . تفرَّش في " حم " . مفرخاً في " رب " . الفريضة والفريش في " صب " . فاردتكم في " ضح " . الفريقة في " فا " . فرصة في " حج " . فرقا في " جل " . يفرع في " لح " . انفرقت في " شذ " . فراعها في " نص " . تفرقني في " بر " . فرض في " كف " . فرضاً في " رب " . المستفرمة في " جز " . من فراشة في " جم " . يفرى في " مر " وفي " غر " . الفارض في " نص " . ولا أفرغ في " نص " . عن الفرطة في " سد " . فارقليطا في " حم " . أفرطهم في " رج " .
* * *
الفاء مع الزاي
النبي صلى الله عليه و آله سلم - كان إذا أشرف على بني عبد الأشهل قال: والله ما علمت؛ إنكم لتكثرون عند الفزع، وتقلون عند الطمع.
وضع الفزع، وهو الفرق موضع الإغاثة والنصر؛ قال كلحبة اليربوعي:
فقلت لكأسٍ أَلْجِميها فإنما ... حَلَلَنَا الكَثِيبَ مِنْ زَرُودٍ لِنفَزَعا
وقال الشماخ:
إذا دَعَتْ غوثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أطْباقُ نَيٍّ على الأثْبَاجِ مَنْضُودِ
وذلك أن من شأنه الإغاثة والدفع عن الحريم مراقب حذر أثنى على بني عبد الأشهل؛ وهم ولد عمرو بن مالك بن الأوس من الأنصار؛ وحذف مفعول " علمت " يريد ما علمت مثلكم؛ أو مثل سيرنكم؛ ثم دل عليه بما ذكره من صفتهم.
* * * فزع من نومه محمرًّا وجهه. وروى: نام ففزع، وهو يضحك.
أي هب من نومه؛ يقال فزع من نومه، وأفزعته أنا؛ إذا نبهته.
ومنه الحديث: ألا أفزعتموني! لأن من نُبِّه لا يخلو من فزع ما.
* * * سعد رضي الله عنه - أخذ رجل من الأنصار لحى جزور، فضرب به أنف سعد ففزره، فكان أنفه مفزوراً.
أي شقه؛ يقال فزرت الثوب؛ إذا فسخته، وتفزَّر الثوب، والافزر: المنكسر الظهر.
* * * مفزعه في " عز " . فإذا فزع في " لع " .
* * *
الفاء مع السين
النبي صلى الله عليه و آله سلم - عليكم بالجماعة، فإن يد الله على الفسطاط.
هو ضب من الأبنية في السفر، دون السُّرادق.
ومنه حديثه صلى الله عليه و آله سلم: إنه أتى على رجل قد قُطعت يده في سرقة وهو في فسطاط، فقال: من آوى هذا المصاب؟ فقالوا: فاتك، أو خريم بن فاتك؛ فقال اللهم بارك على آل فاتك كما آوى هذا المصاب! فسمى به المصر؛ وسمى عمرو بن العاص المدينة التي بناها الفسطاط.
وعن بعض بني تميم. قال: قرأت في كتاب رجل من قريش: هذا ما اشترى فلان ابن فلان؛ من عجلان مولى زياد؛ اشترى منه خمسمائة جريب حيال الفسطاط.
يريد البصرة.
ومنه حديث الشعبي رحمه الله تعالى: في العبد الآبق إذا أُخذ في الفسطاط ففيه عشرة دراهم؛ وإذا أخذ خارج الفسطاط ففيه أربعون.
والمعنى أن الجماعة من أهل الإسلام في كنف الله، وواقيته فوقهم؛ فأقيموا بين ظهرانيهم ولا تفارقوهم.
وهذا كحديثه الآخر: إن الله لم يرض بالوحدانية، وما كان الله ليجمع أمتي على ضلالة؛ بل يد الله عليهم، فمن تخلف عن صلاتنا، وطعن على أَئمتنا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه؛ شرار أمتي الوحداني المعجب بدينه؛ المرائي بعمله، المخاصم بحجته.
* * * خمس فواسق يُقتلن في الحل والحرم: الفأرة، والعقرب، والحدأة، والغراب الأبقع، والكلب العقور.
الفسوق: أصله الخروج عن الاستقامة والجور؛ قال رؤبة:
يَذْهَبْنَ في نَجْدٍ وَغَوْراً غائرا ... فَواسِقاً عن قَصْدها جَوائرا
وقيل للعاصي فاسق لذلك؛ وإنما سميت هذه الحيوانات فواسق على سبيل الاستعارة لخبثهن، وقيل لخروجهن من الحرمة بقوله: خمس لا حرمة لهن؛ فلا بقيا عليهن، ولا فدية على المحرم فيهن إذا ما أصابهن.
قالوا: أراد بالكلب كل سبع يعقر.
ومنه قوله صلى الله عليه و آله سلم في دعائه على عتبة بن أبي لهب: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك؛ ففرسه الأسد في مسيره إلى الشام.
* * * لعن الله المفسِّلة والمسوِّفة.

هي التي تتعلل لزوجها إذا هم بغشيانها بالحيض فتفتر نشاطه؛ من الفسولة وهي الفتور في الأمر؛ أو تقطعه وتفطمه؛ من قولهم: فسل الصبي وفصله؛ أو ترجعه على إكداء وإخفاق. من فسل بفلان وحسل به؛ إذا أُخسَّ حظُّه.
والمسوفة: التي تقول له: سوف...سوف...وتعلله بالمواعيد، أو تشمه طرفاً من المساعدة وتطعمه، ثم لا تفعل، من السوف وهو الشم، قال ابن مقبل:
لو سَاوَفَتْنَا بِسَوْف من تَحَنُّنِهَاسَوْفَ العَيُوفِ لرَاحَ الرَّكْبُ قَدْ قَنِعُوا
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إن أسماء بنت عميس جاءها ابنها من جعفر بن أبي طالب وابنها من أبي بكر بن أبي قحافة يختصمان إليها؛ كل واحد منهما يقول: أبي خير من أبيك؛ فقال علي: عزمت لتقضنَّ بينهما. فقالت لابن جعفر: كان أبوك خير شباب الناس وقالت لابن أبي بكر: كان أبوك خير كهول الناس، ثم التفتت إلى علي فقالت: إن ثلاثة أنت آخرهم لخيار! فقال علي لأولادها منه: قد فسكلتني أمكم.
أي أخرتني وجعلتني كالفسكل، وهو آخر خيل السباق؛ ويقال: رجل فسكول وفِسكول، وقد فسكل وفُسكل، قال الأخطل:
أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عَبْداً تَابِعاً ... فَبِقيتَ أنْتَ المُفْحَمُ المَكْعُومُ
وعن ابن الأعرابي: أنها أعجمية عرَّبتها العرب.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - اشترى ناقة من رجلين من النخع، وشرط لهما في النقد رضاهما، فجاء بهما إلى منزله، فأخرج لهما كيساً، فأفسلا عليه، ثم أخرج آخر فأفسلا عليه، فقال: إني أعوذ بالله منكما.
أي أرذلا وزيفَّا.
يقال أفسل فلان على فلان دراهمه.
وعن أبي عبيدة: فسله وخسله ورذله بمعنى. ويقال: درهم فسل: رديء، ودراهم فسول. قال الفرزدق:
فلا تَقْبَلُوا منهم أباعِرَ تُشْتَرى ... بوَكْسٍ ولا سُوداً تصيحُ فُسُولُها
* * * شريح رحمه الله تعالى - سُئل عن الرجل يطلق المرأة ثم يرتجعها، فيكتمها رجعتها حتى تنقضي عدتها، فقال: ليس له إلا فسوة الضبع.
أي لا طائل له في ادّعاء الرجعة بعد انقضاء العدة، ولا يقبل قوله؛ فضرب ذلك مثلاً لعدم الطائل، وخص الضبع لقلة خيرها، وخبثها وحمقها. وقيل: فسوة الضبع: شجرة تحمل الخشخاش؛ ليس في ثمرتها كبير طائل.
* * * مفتسحاً في " دح " . فساح في " غث " . إفساد الصبي في " غي " .
* * *
الفاء مع الشين
النبي صلى الله عليه و آله سلم - إن هوازن لما انهزموا دخلوا حصن ثقيف، فتآمروا؛ فقالوا: الرأي أن ندخل في الحصن ما قدرنا عليه من فاشيتنا، وأن نبعث إلى ما قرب من سرحنا وخيلنا الجشر؛ فقال بعضهم: إنا لا نأمن أن يأتوا بضبور.
الفاشية: الماشية؛ لأنها تفشو؛ أي تنتشر، والجمع فواش.
ومنه حديثه صلى الله عليه و آله سلم: ضمُّوا فواشيكم، حتى تذهب فحمة العشاء. أي ظلمته؛ وقال أفشى الرجل وأمشى وأوشى بمعنى.
الجشر: المرسلة في الرطب؛ أيام الربيع، من جشروا الدواب.
الضبور: الدبابات التي تقدم إلى الحصون؛ الواحد ضبرة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أتاه وفد البصرة، وقد تفشَّغوا، فقال: ما هذه الهيئة؟ فقالوا: تركنا الثياب في العياب وجئناك. قال: البسوا وأميطوا الخيلاء.
قال شمر: أي لبسوا أخس لباسهم، ولم يتهيئوا. وأنا لا آمن أن يكون مصحَّفاً من تقشَّفوا، والتقشُّف؛ ألا يتعهد الرجل نفسه، ومنه عام أقشف، وهو اليابس؛ فإن صح ما رووه، فلعل معناه أنهم لم يحتفلوا في الملابس، وتثاقلوا عن ذلك، لما عرفوا من خشونة عمر؛ من قولهم: فشغة النوم إذا ركبه فكسَّله وفتّره، وأجد تفشيغاً في جسدي، وتفشّغ: تفتر وتكاسل. أطلق لهم أن يتجملوا باللباس على ألا يختالوا فيه، ولا يفتخروا به.
علي رضي الله تعالى عنه - قال الأشتر: إن هذا الأمر قد تفشَّغ.
أي كثر وعلا وظهر. ومدار التأليف على معنى العلو، يقال: تفشَّغه دين إذا ركبه وتفشَّغ الرجل المرأة، والجمل الناقة، ومنه الفشاغ، وهو ما يركب الشجر فيلتوي عليه.
* * *

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - إن تجراً من قريش قدموا على أصحمة النجاشي، فسألهم: هل تفشغ فيكم الولد؟ قالوا: وما تفشَّغ الولد؟ قال: هل يكون للرجل منكم عشرة من الولد ذكور؟ قالوا: نعم، وأكثر من ذلك. قال: فهل ينطق فيكم الكرع؟ قالوا: وما الكرع؟ قال: الرجل الدنئ النفس والمكان. قالوا: لا ينطق في أمرنا إلا أهل بيوتنا وأهل رأينا. قال: إن أمركم إذن لمقبل، فإذا نطق في أمركم الكرع، وقلَّ ولدكم أدبر جدكم.
قيل للسفلة كرع تشبيها بالكرع، وهي الأوظفة. قال النضر: يقال: جمل شديد الكرع؛ أي الأوظفة، ولا يوحَّد الكرع.
وعن عروة رحمه الله تعالى: أنه قال لابن عباس رضي الله عنهما: ما هذه الفتيا التي تفشغت عنك؟ أي انتشرت.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - إن الشيطان يفشُّ بين أليتي أحدكم حتى يخيل إليه أنه قد أحدث، فإن وجد ريحا أو سمع صوتاً فليتوضأ، وإلا فلا.
أي ينفخ نفخا يشبه خروج الريح؛ من فش الوطب يفشه إذا أخرج ريحه، ومنه المثل: لأفشنك فشَّ الوطب.
* * * قال ابن لبينة: جئته وهو جالس في المسجد الحرام، وكان رجلا آدم ذا ظفيرتين أفشغ الثنيتين، فسألته عن الصلاة، فقال: إذا اصطفق الآفاق بالبياض، فصلِّ الفجر إلى السدف، وإياك والحنوة والإفغاء.
أراد ناتئ الثنيتين، خارجهما عن نضد الأسنان، ومنه قولهم: ناصية فشغاء، وهي المنتشرة.
الاصطفاق: الاضطراب؛ يقال اصطفق القوم؛ إذا اضطربوا، وهو افتعال من الصفق؛ تقول: صفقت رأسه بيدي صفقة؛ إذا ضربته؛ قال:
ويومٍ كظِلِّ الرُّمْحِ قَصِّرَ طولَه ... دَمُ الزِّقِّ عَنّا واصطِفاقُ المَزاهِرِ
والمعنى: انتشار ضوء الفجر في الآفاق، وانبساطه فيها؛ فجعل ذلك اصطفاقا واضطرابا من الآفاق به؛ كما تقول: اضطرب المجلس بالقوم، وتدفقت الشِّعاب بالماء.
السَّدف: الضوء؛ ومنه قولهم: أسدف لنا؛ أي أضئ لنا.
قال أبو عمرو: إذا كان رجل قائم بالباب قلت له: أسدف؛ أي تنحَّ حتى يضيء البيت.
قال أبو زيد: السدفة في لغة بني تميم: الظلمة، وفي لغة قيس: الضوء. وأنشد قول ابن مقبل:
وليلة قد جعلتُ الصبح موعدَها ... صَدْرَ المطية حتى تعرف السُّدُفا
وقال: يعني الضوء.
الحنوة: أن يطأطئ رأسه ويقوس ظهره؛ منحنوت الشيء وحنيته، إذا عطفته، وناقة حنواء: في ظهرها احديداب.
* * * فشوش في " شب " . ففشخت في " مد " . القشفاش في " جس " .
* * *
الفاء مع الصاد
النبي صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل عليه الوحي تفصَّد عرقاً.
أي تصبب، يقال تفصَّد، وانفصد. ومنه: الفاصدان مجريا الدموع. وانتصاب عرقاً على التمييز.
* * * نهى صلى الله عليه وسلم عن فصع الرطبة.
فصع، وفصل، وفصى: أخوات، يقال: فصع الشيء من الشيء؛ إذا خلعه وأخرجه، وفصع العمامة؛ إذا حسرها عن رأسه، وفصعت الدابة، إذا أبدت حياها مرة، وأدخلته أخرى عند البول.
أراد إخراجها عن قشرها لتنضج عاجلا.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قال سعيد بن جبير: كنا نختلف في أشياء، فكتبتها في كتاب، ثم أتيته بها أسأله عنها، فلو علم بها لكانت الفيصل فيما بيني وبينه.
أي القطيعة الفاصلة فيما بيني وبينه.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم الوحي عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقا.
أي يقلع، يقال: أفصم المطر، وأفصى: إذا أقلع. ومنه قيل: كل فحل يفصم إلا الإنسان؛ أي ينقطع عن الضراب.
* * * العطاردي رحمه الله تعالى - لما بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ في القتل هربنا، فاستثرنا شلو أرنب دفينا، وألقينا عليها من بقول الأرض، وفصدنا عليها، فلا أنسى تلك الأكلة! كانوا يفصدون البعير ويعالجون الدم، ويأكلونه عند الضرورة. ومنه قولهم: لم يحرم من فصد له.
يعني أنهم طرحوا الشلو في القدر والبقول والدم، فطبخوا من ذلك طبيخا.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - ليس في الفصافص صدقة.
هي جمع فصفصة؛ وهي الرطبة؛ أي ألقت الرطب، والقضب: اليابس. قال الأعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العَرْضَ أَصبح بطنُه ... نخيلا وَزَرْعا نَابِتاً وفَصافصَا
ويقال: الفسفسة - بالسين أيضاً.
* * *

تفصِّيا في " كي " . الفصية في " فر " . ولا فصم في " قص " . فصل في " بر " . كل فصيح وأعجم في " عج " . فصلا في " شذ " . فصح في " فض " .
* * *
الفاء مع الضاد
النبي صلى الله عليه وسلم - قال له العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله؛ إني أريد أن أمتدخك. قال: قل لا يفضض الله فاك! فقال العباس رضي الله تعالى عنه:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظلال وفي ... مُسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
ثم هبَطْتَ البِلادَ لا بَشَرٌ ... أنتَ ولا مُضْغَةٌ ولا عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ تركبُ السَّفِينَ وقَدْ ... ألْجَمَ نَسْراً وأهْلَهُ الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صالِبٍ إلى رَحِمٍ ... إذا مَضَى عاَلَمٌ بدا طَبَقُ
حَتّى احْتَوَى بيتَك المُهْيمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ
وأنْتَ لَمَّا ولدت أشْرَقَتِ ال ... أرض وضاءت بنورك الأفقُ
فنَحْنُ في ذلك الضِّيَاءِ وفي النُّو ... ر وسُبْل الرشادِ نخترقُ
أي لا يكسر ثغرك، والفم يقام مقام الإنسان؛ يقال: سقط فم فلان فلم تبق له حاكة.
أراد بالظلال ظلال الجنة؛ يعني كونه في صلب آدم نطفةً حين كان في الجنة.
المستودع: المكان الذي جعل فيه آدم وحواء عليهما السلام من الجنة واستودعاه.
يخصف الورق؛ عنى به قوله تعالى: ( وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ ).
والخصف: أن تضم الشيء وتشكه معه.
أراد بالسفين سفينة نوح عليه السلام.
ونسر: ضم لقوم نوح.
الصالب: الصلب.
الطبق: القرن من الناس. أراد بيته شرفه.
المهيمن: نعته، أي حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أفضل مكان وأرفعه من نسب خندف.
النطق: من قول ابن الأعرابي: النطاق واحد النطق، وهي أعراض من حبالٍ بعضها فوق بعض؛ أي نواح وأوساط.
شُبهت بالنطق التي يشد بها أوساط الاناسي؛ وأنشد:
نحن ضَرَبْنَا سَبْسَباً بعد البُرَقْ ... في رَهْوَةٍ ذات سِدَادٍ ونُطقْ
وحالق في رَأْسِه بَيْضُ الأُنُقْ
يعني أنه في الأشرف الأعلى من النسب كأنه أعلى الجبل، وقومه تحته بمنزلة أعراض الجبال.
يقال: ضاء القمر والسراج يضوء؛ نحو ساء يسوء. قال:
قَرِّبْ قَلُوصَيْكَ فقدْ ضاء القَمَرْ
أنَّث الأفق ذهاباً إلى الناحية، كما أنَّث الأعرابي الكتاب على تأويل الصحيفة، أو لأنه أراد أُفق السماء؛ فأُجري مجرى ذهبت بعض أصابعه؛ أو أراد الآفاق؛ أو جمع أُفقاً على أُفق، كما جمع فلك على فلك.
* * * قال علي رضي الله تعالى عنه: كنت رجلاً مذَّاءً، فسألت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا رأيت المذي فتوضأ، واغسل مذاكيرك، وإذا رأيت فخض الماء فاغتسل.
قال شمر: فضخ الماء: دفقه. ويقال للدلو: المفضخة. وقيل لبعضهم: ما الإناء؟ قال: حيث تفضخ الدلو.
* * * إن بلالاً رضي الله تعالى عنه أتى ليؤذه بصلاة الصبح، فشغلت عائشة بلالا حتى فضحه الصبح.
أي كشفه، وبيَّنه للأعين.
وفي كلام بعضهم: قم فقد فضحك الصبح. وأنشد يعقب:
حتى إذا ما الدِّيكُ نَادَى الفَجْر ... وفَضَحَ الصُّبْحُ النجومَ الزُّهْرا
أي كشف أمرها بغلبة ضوئه ضوءها.
وقيل: حتى أضاء به بفضحته، أي ببياضه.
وروى: بالصاد بمعنى بيَّنه، ومنه قيل للبيان الفصاحة، ولضده العُجمة.
وأفصح الصبح: بدا.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - رمى الجمرة بسبع حصيات ثم مضى، فلما خرج من فضض الحصى، وعليه خميصة سوداء، أقبل على سلمان بن ربيعة فكلَّمه بكلام.
هو المتفرق منه، والفضيض مثله؛ وهما فعل وفعيل بمعنى مفعول؛ من فضَّ الشيء يفضُّه، إذا فرَّقه.
وفي كتاب العين: الفض: تفريق حلقة من الناس بعد اجتماعهم. وأنشد:
إذا اجتمعوا فَضَضْنا حَجْرَتَيْهِمْ ... ونجمعُهم إذا كانوا بِدَادا
وانفضَّ؛ إذا تفرَّق.
ومنه الحديث: لو أن رجلا انفض انفضاضا مما صُنع بابن عفان لحق له أن ينفضّ.
أي انقطعت أوصاله، وتفرقت جزعاً وحسرة.
الخميصة: ضرب من الأكسية.
* * *

خالد رضي الله تعالى عنه - كتب إلى مرازبة فارس مقدمه العراق: أما بعد؛ فالحمد لله الذي فضَّ خدمتكم، وفرَّق كلمتكم، وسلب ملككم.
الخدمة: سير غليظ محكم مثل الحلقة يشدُّ في رسغ البعير، ثم يشدُّ إليها سرائح نعله. وقيل للخلخال خدمة على التشبيه؛ إذا انفضّت الخدمة انحلّت السرائح، وسقطت النّعل؛ فضرب ذلك مثلا لمثلَّ عرشهم، وذهاب ما كانوا يعتمدونه، ويرجع إليه استيساق أمرهم.
* * * بن عمر رضي الله تعالى عنهما - قال في الفضيخ: ليس بالفضيخ؛ ولكنه الفضوخ.
هو ما افتُضخ من البسر، من غير أن تمسه النار.
ومنه حديث أنس رضي الله عنه: نزل تحريم الخمر، وما كانت غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ.
أراد يُسكر شاربه ويفضخه.
* * * ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى - سُئل عن رجل خطب امرأة؛ فتشاجروا في بعض الأمر، فقال الفتى: هي طالق إن نكحتها حتى آكل الفضيض؛ فقال: أما رأى أن لا ينكحها حتى يأكل الفضيض! قال المنذر بن علي: فذلك الفحل، يسمى المحلل حتى اليوم.
الفضيض: الطلع أول ما يطلع، والفضيض أيضا: الماء الغريض ساعة يخرج من العين، أو يصوب من السحاب.
الفحل: الفحال الذي أكل منه الحالف، وسمي محللاً من تحلَّة اليمين.
أما رأى: استفهام في معنى التقرير، يعني أن الأمر يجب أن يبنى على ما رأى من ترك نكاحها إلى وقت إطلاع النخل، وتحليل الحلف بأكل الطلع لا سبيل له غيره.
* * * فضفاض في " رج " . وفي " أط " . افتضها في " نط " . يفضي في " وخ " . نفتضخه في " حل " . يفتضخه في " ذن " . فضل في " زو " . انفضاجاً في " عص " . والفضّة في " تب " . فتفتض يه في " حف " . لا يفضض ولا يفض في " ظه " . فضض في " هر " . الفضول في " حو " . فضله في " عق " .
* * *
الفاء مع الطاء
النبي صلى الله عليه وسلم - كل مولود يولد على الفطرة؛ حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه، كما تنتج الإبل من بهيمة جمعاء، هل تحسُّ من جدعاء! قالوا يا رسول الله: أ فرأيت من يموت وهو صغير! قال: إن الله أعلم بما كانوا عاملين.
بناء الفطرة تدلُّ على النوع من الفطر؛ كالجلسة والركبة. وفي اللام إشارة إلى أنها معهودة، وأنها فطرة الله التي نطق بها قوله تعالى عز من قائل: (فأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّيِنِ حَنِيفاً؛ فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ عليْهَا؛ لا تَبْدِيلَ لخَلْقَ اللهِ ذلِكَ الدَّينُ القَيِّم).
والفطر: الابتداء والاختراع.
ومنه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما كنت لأدري ما فاطر السموات والأرض حتى احتكم إليَّ أعرابيان في بئر؛ فقال أحدهما: أنا فطرتها؛ أي ابتدأت حفرها.
والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة؛ وهو فطرة الله، وكونه متهيئا مستهدفا لقبول الحنيفية طوعا لا إكراها، وطبعاً لا تكلفا، لو خلَّته شياطين الجن والإنس وما يختاره لم يختر إلا إياها، ولم يلتفت إلى جنبه سواها.
وضرب لذلك الجمعاء والجدعاء مثلا؛ يعني أن البهيمة تولد سوية الأعضاء سليمة من الجدع ونحوه، لولا الناس وتعرّضهم لها لبقيت كما ولدت، وقيل للسليمة: جمعاء لأن جميع أعضائها وافرة لم ينتقص منها شيء.
وفي معناه حديثه صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم؛ وجعلت ما نحلتهم من رزق فهو لهم حلال، فحرم عليهم الشياطين ما أحللت لهم.
يعني البحائر والسيَّب.
وقوله صلى الله عليه وسلم: بما كانوا عاملين: إشارة إلى تعلق المثوبة والعقوبة بالعمل، وأن الصغار لا عمل لهم، وقد أخرجه على سبيل التهكم؛ وأن الله يجازي الصغار كفاء ما عملوا؛ وقد علم أنهم لم يعملوا عملاً يجازون به.
هما: إما فصلٌ أقحم بين المبتدأ وخبره، وفي كان ضمير الشأن، أو هو مبتدأ خبره الموصول.
وأباه: إما مبتدأ هذه الجملة خبره، وكان بمنزلته في الوجه الأول، أو اسم لكان وخبره الجملة.
ما، في كما ليست الكافة في نحو قولك: فعلت كما فعلت؛ ولكنها الموصولة، وصلتها تنتج، والراجع محذوف؛ أي كالذي تنتجه الإبل؛ أي تتوالده.
وقوله: من بهيمة: بيان للموصول.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - سُئل عن المذى فقال: هو الفطر. وروى: الفُطر " بالضم " .

الفطر " بالفتح " : له وجهان؛ أن يكون مصدر فطرت الناقة أفْطُرها، وأَفطِرها، إذا حلبتها بأطراف الأصابع؛ يقال: ما زلت أفطر الناقة حتى سعدت؛ أي اشتكيت ساعدي.
أو مصدر فطر ناب البعير؛ إذا شقَّ اللحم فطلع.
شبه المذى في قلته بما يحتلب بالفطر؛ أو شبه طلوعه من الإحليل بطلوع الناب.
والفطر " بالضم " : اسم ما يظهر من اللبن على إحليل الضرع. قال المرار:
بَازِلٌ أو أخلَفَتْ بازِلَها ... عاقِرٌ لم يُحْتَلَبْ منها فُطُرْ
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - يوشك أن يجيء من قبل المشرق قوم عراض الوجوه، فُطس الأُنف، صغار الأعين؛ حتى يلحقوا الزرع بالزرع، والضرع بالضرع؛ والراوية يومئذ يستقي عليها أحب إليّ من ألآءِ وشاء.
الفطس: انخفاض قصبة الأنف؛ ومنه فطس الحديد؛ إذا ضربه بالفطيس حتى عرَّضه، والفطسة: أنف البقرة لانخفاضه.
إلحاق الزرع بالزرع: أن يعم بالهلاك؛ أي إذا أهلكوا البعض لم يتركوا ما بقي غير هالك؛ ولكنهم يلحقونه به فلا يبقون على شيء.
الراوية: البعير يستقي عليه.
اللأى بوزن اللعا: الثور؛ قال الطرماح:
كظهر الَّلأَى لو تُبْتَغي رَيَّةٌ بها ... لَعَّيتْ نهارا في بُطونِ الشَّواجن
وبمصغره سمي لؤي بن غالب؛ وجمعه ألآء كألعاء.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - ذكر مقتلة مسيلمة، وأنه رآه أصفر لوجه أفطأ الأنف، دقيق الساقين.
الفطأ والفطس: أخوان.
* * * ابن سيرين رمه الله تعالى - بلغه أن عمر بن عبد العزيز أقرع بين الفطم، فقال: ما أرى هذا إلا من الاستقسام بالأزلام.
هو جمع فطيم، وليس جمع فعيل على فعل في الصفات بكثير. قال سيبويه: وقد جاء شيء منه؛ يعني من فَعِيل صفة قد كسر على فُعُل، شُبه بالأسماء لأن البناء واحد، وهو نذير ونذر، وجديد وجدد، وسديس وسدس؛ أورد هذه الأمثلة في جمع فَعِيل بمعنى فاعل، ولم يورد في فعيل بمعنى مفعول، إلا قولهم عقيم وعقم. قال: فشبهوها بجديد وجدد؛ كما قالوا: قتلاء، وفُطم نظير عُقُم.
الأزلام: القداح.
كره الإقراع بين ذراري المسلمين؛ وكان عنده التسوية بينهم في العطاء، أو زيادة من رأى زيادته من غير إقراع.
* * * الفواطم في " سي " . فطس في " سن " . فطراتها في " دج " . الفطيمة في " ثع " .
* * *
الفاء مع الظاء
فظاظة في " هر " .
* * *
الفاء مع العين
في الحديث: لو أن امرأة من الحور العين أشرفت لافعمت ما بين السماء والأرض ريح المسك.
اإفعام: الملء البليغ؛ يقال: أفعمت الرجل وأفغمته، وفعمته وفغمته، إذا ملأته فرحاً أو غضباً.
وفي أمثالهم: أُفعمت بيم، ثم غضت بسمّ. يضرب للحسود؛ أي ملئت بمثل البحر من الحسد؛ ثم لا غاض حسدك إلا بسم منخرك، أو بسمّ الإبرة في الضيق.
* * * فعم في " جب " . وفي " مع " . الأفعو في " به " . أُفعمت في " بش " . الأفعوان في " ضل " .
* * *
الفاء مع الغين
النبي صلى الله عليه وسلم - سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم، وسيد رياحين أهل الجنة الفاغية.
هي نور الحنَّاء.
وعن أنس رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الفاغية، وأحب الطعام إليه الدُّبَّاء.
أي القرع.
وقيل: الفاغية والفغو: نور الريحان. وقيل: نور كل نبت؛ وقيل: الفغو في كل شجرة هي التنوير؛ وقد أفغى الشجر.
وفي حديث الحسن رضي الله تعالى عنه: أنه سئل عن السَّلَف في الزعفران؛ فقال: إذا فغا.
قالوا: معناه إذا نور؛ ويجوز أن يريد؛ إذا انتشرت رائحته؛ من فغت الرائحة فغواً. ومنه قولهم: هذه الكلمة فاغية فينا وفاشية، بمعنى.
* * * فغرت في " ظه " .
* * *
الفاء مع القاف
النبي صلى الله عليه وسلم - قال أبو رهم الغفاري: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فسألني عن قوم تخلفوا عنه، وقال: ما يمنع أحدهم أن يفقر البعير من إبله، فيكون له مثل أجر الخارج؟ الإفقار: الإعارة للركوب، من الفقار. وفي بعض نفاثاتي:
ألاَ أفْقَرَ اللهُ عَبْداً أبت ... عليه الدناءةُ أنْ يُفْقِرَا
ومَنْ لا يُعِير قِرَى مَرْكَبٍ ... فقُلْ: كيف يَعْقِرُه لِلْقِرَى!

ومنه حديث عبد الله رضي الله تعالى عنه: أنه سئل عن رجل استقرض من رجل دراهم، ثم إن المستقرض أفقر المقرض ظهر دابته، فقال عبد لله: ما أصاب من ظهر دابته فهو رباً.
* * * من حفظ ما بين فقميه ورجليه دخل الجنة.
أي لحييه، ويقال: تفقمت فلانا؛ إذا أخذت بفقمه، ومنه الفقم؛ وهو ردَّة في الذقن؛ ورجل أفقم؛ ثم قيل للأمر المعوج أفقم، وتفاقم الأمر.
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن موسى صلوات الله عليه لما ألقى عصاه صارت حية؛ فوضعت فقماً لها أسفل، وفقماً لها فوق، وأن فرعون كان على فرس ذنوب حصان، فتمثل له جبريل عليه السلام على فرس وديق، فتقحم خلفها.
الذَّنوب: الوافر الذنب.
الحصان: الفحل.
الوديق: التي استودقت؛ أي استدنت الفحل؛ من الودق وهو الدنو.
أراد حفظ اللسان والفرج.
* * * كان له سيف يسمى ذو الفقار، وآخر يقال له المخذم، وآخر يقال له الرَّسوب، وآخر يقال له القضيب.
هو بفتح الفاء، والعامة يكسرونها؛ سمي بذلك لأنه كانت في إحدى شفرتيه حزوز، شبهت بفقار الظهر، وكان هذا السيف لمنبه بن الحجاج، فتنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة من الهجرة، في غزوة بني المصطلق، وكان صفيه، وهو سيفه الذي كان عليه السلام يلزمه، ويشهد به الحروب.
المخذم والرَّسوب؛ من الخذم، وهو القطع، ومن الرَّسوب وهو المضي في الضبة.
القضيب: الدقيق، وقيل القاطع، وهو أول سيف تقلد به.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - ثلاث من الفواقر: جار مقامة: أي رأي حسنة دفنها، وإن رأى سيئة أذاعها. وامرأة إن دخلت لسنتك، وإن غبت عنها لم تأمنها. وإمام إن أحسنت لم يرض عنك، وإن أسأت قتلك.
الفاقرة الداهية؛ كأنها التي تحطم الفقار، كما يقال قاصمة الظهر، وقال المبرد: قولهم: عمل به الفاقرة، يريدون به ما يضارع الفقر.
اللسن: الأخذ باللسان.
المقامة: موضع الإقامة للمقيم فيه؛ قال:
يَوْمَايَ يومُ مقاماتٍ وأندية ... ويومُ سيرٍ إلَى الأْعدَاء تَأْوِيبِ
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - كان يشرب من فقير في داره، فدخلت إليه أم حبيبة بنت ابيسفيان بماءٍ في إداوة وقد سترتها، فقالت: سبحان الله! كأن وجهه مصحاة.
الفقير: البئر، والفقرة مثلها، قال الراجز:
ما ليلةُ الفقيرِ إلا شيطانْ ... مجنونة تُودِي بعَقلِ الإنسانْ
قيل: هي بئر قليل الماء.
والفقر: الحفر.
المصحاة: إناء من فضة شبه جامٍ يُشب فيه. قال:
بِكَأْسٍ وإِبْريقٍ كأنَّ شَرَابه ... إذا صُبَّ في المِصْحاة خالط عَنْدَمَا
وكأنها مفعلة من الصحو، على سبيل التفاؤل، وحقها أن تُسمى مسكرة، لأن المعاقرين يكرهون إسراع السكر، ويؤثرون أن يتطاول لهم الصحو، أو هي من الصحون وهو انكشاف الغيم؛ لأنها يُكشف بها ضباب الهموم، أو لكونها مجلوة نقية اللون ناصعة البياض.
ومن الفقير حديث عبد الله بن أنيس الأنصاري أنه ذكر قتله ابن أبي الحقيقن فقال: قدمنا خيبر فدخلناها ليلا، فجعلنا نغلق أبوابها من خارج على أهلها، ثم جمعنا المفاتيح فطرحناها في فقير من النَّخْل.
وذكر دخول ابن أبي عتيك، قال: فذهبت لأضربه بالسيف، ولا أستطيع مع صغر المشربة، فوجرته بالسيف وجراً، ثم دخلت أنا فذففت عليه. وروى: أنهم خرجوا حتى جاءوا خيبر، فدخلوا احصن؛ ثم اسندوا إليه مشربة في عجلة من نخل، قال: فوالله ما دلنا عليه إلا بياضه على الفراش في سواد الليل، كأنه قبطية. وتحامل ابن أنيس بسيفه في بطنه، فجعل يقول: قطني قطني؛ ثم نزلوا، فزلق ابن أبي عتيك، فاحتملوه، فأتوا منهراً فاختبئوا فيه، ثم خرج رجل منهم يمشي حتى خشَّ فيهم، فسمعهم يقولون: فاظ وإله بني إسرائيل! أراد البئر التي تحفر للفسيلة إذا حوِّلت، يقال: فقَّرنا للودية.
المشربة: الغرفة.
يقال وجرته الدواء، وأوجرته؛ إذا صببته في وسط حلقه؛ فاستُعير للطعن في الصدر؛ قال:
أوجرْتُه الرمح شَزْراً ثم قُلْتُ له ... هذي المروءةُ لا لِعْبُ الزَّحَاليقِ
ومنه قولهم للغصة والخوف: في الصدر وجر، وإن فلانا من هذا الأمر لأوجر.
ضاربه بالسيف: ابن أبي عتيك، والمذفَّف عليه: ابن أُنيس.
يقال: أسند في الجبل وسند: إذا صعد.

العجلة: النقير؛ وهو جذع نخلة ينقر ويجعل في كالمراقي، ويُصعد به إلى الغرف.
المنهر: خرق في الحصن نافذ يدخل فيه الماء؛ ويقال للفضاء بين بيوت الحي تُلقى فيه كناستهم منهرة.
خشَّ: دخل، ومنه الخشاش.
فاظ: مات.
احتملوه؛ أي احتمل المسلمون ابن أبي عتيك لما زلق من المشربة.
فخرج رجل منهم: يعني من المسلمين حتى خشَّ في اليهود.
* * * سلمان رضي الله تعالى عنه - نزل على نبطية بالعراق؛ فقال لها: هل هاهنا مكان نظيف أُصلي فيه؟ فقالت: طهر قلبك وصلِّ حيث شئت، فقال سلمان: فقهت.
أي فطنت للحق، وارتأت الصواب. والفقه حقيقة: الشق والفتح، والفقيه: العالم الذي يشق الأحكام ويفتش عن حقائقها، ويفتح ما استغلق منها.
وما وقعت من العربية فاؤه فاءً وعينه قافاً جله دالٌّ على هذا المعنى، نحو قولهم: تفقأ شحماً، وفقح الجرو، وفقَّر للفسيل؛ وفقصت البيضة عن الفرخ وتفقعت الأرض عن الطرثوث.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - من يتفقد يفقد؛ ومن لا يعد الصبر لفواجع الأمور يعجز؛ إن قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك؛ وإن هربت منهم أدركوك.
قال الرجل: كيف أصنع؟ قال: أقرض من عرضك ليوم فقرك.
أي من يتفقد أحوال الناس، ويتعرفها عدم الرضا.
المقارضة: مفاعلة من القرض؛ وهو القطع، وُضعت موضع المشاتمة؛ لا في الشتم من قطع الأعراض وتمزيقها، ولو رويت بالصاد لم تُبعد عن الصواب؛ من قولهم للشتائم قوارص. قال الفرزدق:
قَوارِص تَأْتيني وتحتقرونَها ... وقد يملأُ القَطْرُ الإناء فَيُفَعَمُ
والقرص نحو من القرض؛ يقال: قرصت المرأة العجين. ومنه القرص. ولجام قرّاص، وقروص: يؤذي الدابة، عن المازني. وأنشد:
ولولا هُذيلٌ أَنْ أسوءَ سَراتَها ... لألْجمْتُ بالقَرَّاصِ بِشْر بن عائِذِ
يعني إن أسأت إليهم قابلوك بنحو إساءتك، وإن تركتهم لم تسلم منهم، وإن ثلبك أحد فلا تشتغل بمعارضته، ودع ذلك قرضا لك عليه ليوم الجزاء.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - نهى عن التفقيع في الصلاة.
هو الفرقعة، ومنه فقَّع الوردة تفقيعاً، إذا أدارها ثم ضربها فانشقت فصوتت؛ ومنه فقع به، وإنه لفقاع شديد.
* * * أم سلمة رضي الله تعالى عنها - قالت لها امرأة: زوجي توفي، أفأكتحل؟ فقالت: لا، والله؛ لا آمرك بشيء نهى الله ورسوله عنه وإن تفاقعت عيناك.
أي ابيضتا؛ من قولهم: أبيض فقيع: وعن الجاحظ: الفقيع من الحمام كالصقلابي من الناس. والفقع من الكمأة: الأبيض؛ أو انشقتا وهلكتا من التفقع؛ وهو التشقق، ويقال هذا فقوع طرثوث وغيره؛ مما تتفقع عنه الأرض.
* * * شريح رحمه الله - جاءة قوم من غير أهل الملة، عليهم خفاف لها فقع، فأجاز شهادة بعضهم على بعض.
أي خراطيم، ويقال للخف المخرطم: مفقع.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قال في قوله عز وجل: ( وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )؛ فقرات ابن آدم ثلاث: يوم ولد؛ ويوم يموت؛ ويوم يبعث حيّا؛ هي التي ذكر عيسى عليه السلام.
هي الأمور العظام - بضم الفاء.
* * * الوليد بن عبد الملك - أفقر بعد مسلمة الصيد لمن رمى.
أي أمكن من فقاره، كقولهم: أكشب؛ أي أمكن من كاثبته.
يريد أن أخاه مسلمة كان غزاءً يحمي بيضة الأسلام، ويتولى سداد الثغور، فبموته اختل ذلك، وأمكن الإسلام لمن تعرض للنكاية في أهله وبلاده.
ولقد أبعد الوليد؛ إن للإسلام ذابًّا يغني عن مسلمة ونظراء مسلمة، وهو القوي العزيز.
* * * في الحديث: لعن الله النائحة والمستفقهة.
هي صاحبتها التي تجاوبها؛ لأنها تتفهم قولها وتتلقفه.
* * * الإفقار في " تب " . بفقويه في " ين " . فافتقر في " خس " . فقحنا في " صا " . الفقر في " سح " . فقر في " هض " . ةأفقر في " من " . فقماء في " زو " . تفقأت في " ثق " . مفاقرة في " حف " .
* * *
الفاء مع الكاف
زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه - كان من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأزمتهم في المجلس.
أي من أمزحهم.
والفكاهة: المزاحة، ورجل فكه.
الزَّماتة: الوقار، ورجل زميت، وزمِّيت، وقد زمت وتزمَّت.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - إن الله تعالى أوحى إلى البحر: إن موسى يضربك فأطعه؛ فبات وله أفكل.
هو رعدة تعلون الإنسان من غير فعل. قال النمر:

أرِى أُمَّنا أَضْحَتْ علينا كأنما ... تجلّلها مِنْ نافِضِ الورد أَفْكَلُ
وقولهم للشقراق: أفكل؛ لأنهم يتشاءمون به؛ فإذا عرض لهم كرهوه وفزعوا وارتعدوا؛ وهمزته مزيدة لدليل تصريفي. ولقولهم رجل مفكول.
* * * أفكل في " عد " . وفي " خش " . يتفكنون في " حم " .
* * *
الفاء مع اللام
النبي صلى الله عليه وسلم - إن رجلاً أتاه، فقال: يا رسول الله، إن أمي افتلت نفسها؛ فماتت ولم توص؛ أفأتصدق عنها؟ فقال: نعم.
أي استلبت نفسها فلتة؛ أي فجأة. قال الأصمعي: افتلته وامتعده: اختلسه، وافتلت فلان بأمر كذا؛ إذا فوجئ به قبل أن يستعد له؛ والأصل افتلتها الله نفسها؛ معدى إلى مفعولين؛ كما تقول: اختلسه الشيء واستلبه إياه؛ ثم بنى الفعل للضمير فتحول مستترا وبقيت النفس على حالها.
* * * قال صلى الله عليه وسلم: رأيت الدجال فإذا رجل فيلق أعور؛ كأن شعره أغصان الشجر. أشبه من رأيت به عبد العزى بن قطن الخزاعي.
الفيلق والفيلم: العظيم؛ وتفيلق الغلام، وتفلق وتفيلم؛ إذا ضخم، ومنه الفليقة: الأمر العظيم؛ يقال: ياللفليقة! * * * إن فتى من الأنصار دخلته خشية من النار، فحبسته في البيت حتى مات، فقال: إن الفرق من النار فلذ كبده.
أي قطعها، ومنه فلذنا لفلان نصيبه من الجزور، أو الطعام، إذا عزلناه، نفلذه فلذاً.
* * * الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة؛ فمن ربطها عدّة في سبيل الله؛ فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأروائها وأبوالها فلاحٌ في موازينه يوم القيامة.
الفلاح: من أفلح كالنجاح من أنجح؛ وهو الفوز والظفر بقسمة من قسم الخير والاستبداد بها، ومأخذه من الفلح؛ وهو القطع؛ لأنه إذا فاز بها استبد فقد احتازها لنفسه واقتطعها إليه.
ومما يصدقه حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: إذا قال الرجل لامرأته استفلحي بأمرك، أو أمرك لك، أو الحقي بأهلك فقبلتها فواحدة بائنة.
أي استبدي به واقتطعيه إليك من غير أن تنازعيه.
* * * إن الله تعالى أمرني أن آتيهم فأُبين لهم الذي جبلهم عليه؛ فقلت: يا رب، إني إن آتهم يفلغ رأسي كما تفلغ العترة. وروى: يثلغ رأسي كما تثلغ الخبزة.
الفلغ: الشق؛ ويقال: برجله فلوغ وفلوح وفلوج؛ أي شقوق.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إنه كان يخرج يديه في السجود وهما متفلغتان قد شرق منهما الدم.
أي متشققتان من البرد.
الثلغ: الهشم، والفلغ مثله.
شرق الدم؛ أي ظهر ولم يسل؛ من شرق الرجل بالماء إذا بقي في حلقه لا يسيغه.
العترة: نبت، وقيل هي شجرة العرفج.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - بعث حذيفة وابن حنيف إلى السواد ففلجا الجزية على أهله.
أي قسماها؛ من الفلج والفالج، وهو مكيال، وكان خراجهم طعاما.
* * * خطب رضي الله تعالى عنه الناس، فقال: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرّها؛ إنه لا بيعة إلا عن مشورة؛ وأيما رجل بايع من غير مشورة فإنه لا يؤمر واحد منهما تغرَّة أن يُقتلا.
فلتة؛ أي فجأة، لأنه لم ينتظر بها العوام، وإنما ابتدرها أكابر الصحابة لعلمهم أنه ليس له منازع ولا شريك في وجوب التقدم؛ وقيل: هي آخر ليلة من الأشهر الحرم. وفيها كانوا يختلفون؛ فيقول قوم: هي من الحلّ. وقوم من الحُرم، فيسارع الموتور إلى درك الثأر غير متلوم؛ فيكثر الفساد وتُسفك الدماء؛ قال:
سائل لَقِيطا وأَشياعَها ... ولا تدعَنْ واسأَلَنْ جعفرا
غداة العرُوبة مِنْ فَلْتَةٍ ... لمن تركوا الدَّار والمَحْضَرا
أي فروا لما حل القتال فتركوا محاضرهم؛ فشبه أيام حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأشهر الحرم؛ ويوم موته بالفلتة في وقوع الشر، من ارتداد العرب، ومنع الزكاة، وتخلف الأنصار عن الطاعة والجري على عادة العرب في ألا يسود القبيلة إلا رجل منها، وقولهم: منا أمير ومنكم أمير.
وفي الحديث، عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: قال عمر: كانت إمارة أبي بكر فلتة وقى الله شرَّها. قلت: وما الفلتة؟ قال: كان أهل الجاهلية يتحاجزون في الحرم، فإذا كانت الليلة التي يشك فيها أدغلوا فأغاروا.

وكذلك كان يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أدغل الناس من بين مدَّعٍ إمارة وجاحدٍ زكاة؛ فلولا اعتراض أبي بكر دونها لكانت الفضيحة. ويجوز أن يريد بالفلتة الخلسة، يعني أن الإمارة يوم السقيفة مالت إلى تولِّيها كل نفس، ونيط بها كل طمع، ولذلك كثر فيها التشاجر والتجاذب، وقاموا فيها بالخطب، ووثب غير واحد يستصوبها لرجل عشيرته، ويبدي ويعيد، فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي، واختلاسا من المخالب، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيجة للشر والفتنة، فعصم الله من ذلك ووقى! التغرَّة: مصدر غرَّر به؛ إذا ألقاه في الغرر. والأصل خوف تغرَّة في أن يقتلا؛ أي خوف إخطار بهما في القتل. وانتصاب الخوف على أنه مفعول له، فحُذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه وحُذف حرف الجر.
ويجوز أن يكون: أن يقتلا بدلا من تغرّة، وكلاهما المضاف محذوف منه. وإن أضيفت النغرة إلى أن يُقتلا فمعناه خوف تغرير قتلهما، على طريقة قوله تعالى: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنّهَارِ). والضمير في منهما للمبايع والمبايع الذي يدل عليه الكلام؛ كأنه قال: وأيما رجل ايع رجلا.
والمعنى أن البيعة حقها أن تقع صادرة عن الشورى، فإذا استبد رجلان دون الجماعة بمبايعة أحدهما فذلك تظاهر منهما بشقّ العصا، وإطراح للبناء على أساس ما يجب أن تكون عليه البيعة، فإن عُقد لأحد فلا يكونن المعقود له واحدا منهما، وليكونا معزولين من الطائفة التي يتفق على تمييز الإمام منها؛ لأنه إن عُقد لواحد منهما وهما قد ارتكبا تلك الفعلة المضغنة للجماعة، من التهاون بأمرها والاستغناء عن رأيها لم يؤمن أن يقتلوهما.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قال أبو عبد الرحمن السلمي: خرج علينا علي وهو يتفلفل، وكان كيِّس الفعل - وروى: يتقلقل - وروى عبد خير عنه أنه خرج وقت السحر وهو يتفلفل، فسألته عن الوتر، فقال: نعم ساعة الوتر هذه! التفلفل " بالفاء " : مقاربة الخطا. قال النضر: جعل فلان يتفلفل؛ أي يقارب بين الخطى. ويقال: جاء متفلفلا، إذا جاء والمسواك في فيه يشوصه. وكلا التفسير محتمل.
والتقلقل " بالقاف " : الخفة والإسراع، من الفرس القلقل.
كيس الفعل؛ أي حسن شكل الفعل.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه، قال - وقد ذكر القيام في شهر رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم: فلما كانت ليلة ثالثة بقيت قام بنا حتى خفنا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. وأيقظ في تلك الليلة أهله وبناته ونساءه.
سمى السحور فلاحا؛ لأنه قسمة خير يقتطعها المتسحر.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - أتى رجل رجلا جالسا عند عبد الله، فقال: إني تركت فرسك يدور كأنه في فلك - وروى أنه قال له: إن فلانا لقع فرسك. فقال عبد الله: اذهب فافعل به كذا وكذا.
والفلك: مدار النجوم؛ يعني أنه يدور مما أصابه من العين؛ كما يدور الكوكب في الفلك بدورانه.
وعن النضر؛ قال أعرابي: رأيت إبلي ترعد كأنها فلك، قلت: ما الفلك؟ قال: الماء إذا ضربته الريح، فرأيته يجيء ويذهب ويموج.
لقعه: رماه بعينه. ومنه اللقاعة من الرجال: الداهية الذي يرمي بالكلام رميا.
* * * ذكر أشراط الساعة، فقال: وترمي الأرض بأفلاذ كبدها. قيل: وما أفلاذ كبدها؟ قال: أمثال هذه الأواسي من الذهب والفضة.
الفلذ: القطعة من كبد البعير.
الأواسي: الأساطين.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - صعد المنبر وفي يده فليلة وطريدة؛ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هذان حرام على ذكور أمتي.
الفليلة: الكبة من الشعر؛ وكل شعر مجتمع، ومنه قيل لما ارتكب منه على زبرة الأسد فليل. ويقال للرجل إنه لعظيم فلائل اللحية. قال الكميت:
ومُطَّرِدِ الدِّماء وحيث يُلْقَى ... مِنَ الشَّعر المُضَفَّرِ كالفَلِيلِ
وكأن المراد: الكبة من الدمقس، فسميت فليلة تشبيها.
الطريدة: الشقة بالطول من الحرير، ومنها قولهم: للطريقة من الأرض قليلة العرض: طريدة وشريعة وطبابة. ويقولون: هذه طرائد من كلأ، وطرائق؛ إذا كانت كذلك.
* * * في الحديث: كل قوم على زينة من أمرهم، ومفلحة من أنفسهم.
هي مفعلة من الفلاح؛ أي هم راضون بعملهم، مزين أمرهم في أعينهم، معتقدون أنهم على اقتطاع قسمة الخير، وحيازة السهم الأوفر من الصلاح والبر.
* * *

فلحتك في " هب " . أفلج في " مع " . وأفلاذا في " صل " . فلكة في " عص " . الفالج في " بد " وفي " يس " . فلج وفليج في " هب " . فاليه في " لي " . فلاطا في " بو " . فلهمها في " وش " . فليمانياً في " بل " . المفاليق في " صع " . فلتاته في " أب " . فلوت في " جر " . أفلاذ كبدها في " حن " . فلك في " عث " . فلتة في " عذ " . تفلَّحت في " قل " .
* * *
الفاء مع الميم
فمها في " ست " .
* * *
الفاء مع النون
النبي صلى الله عليه وسلم - قال له رجل: إني أُريد أن أفند فرساً؛ فقال: عليك به كميتاً، أو أدهم أقرح أرثم محجلاً، طلق اليمنى.
أي أجعله فندا، وهو الشمراخ من الجبل، وقيل الجبل العظيم؛ يريد أجعله معتصماً وحصناً ألتجئ إليه كما يلتجأ إلى الجبل.
وقيل: هو من قولهم للجماعة المجتمعة فند، شبيهاً بفند الجبل، يقال: لقيت بها فنداً من الناس؛ لأن اقتناءك للشيء جمعك له إلى نفسك.
وعندي وجه ثالث؛ وهو أن يكون التفنيد بمنزلة التضمير من الفند؛ وهو الغصن المائل. قال:
مِنْ دونها جنّة تقرو لها ثَمَرٌ ... يُظِلُّه كلُّ فِنْدٍ ناعم خَضِلٍ
كأنه قال: أريد أن أضمر فرساً حتى يصير في ضمر كغصن الشجرة، ويصلح للغزو والسباق. وقولهم للضامر من الخيل شطبة مما يصدقه.
القرحة: دون الغرة؛ ويقال روضة قرحاء، للتي في وسطها نور أبيض.
الرثمة والرثم: بياض في الجحفلة العليا.
طلق اليمنى: مطلقها لا تحجيل فيها.
* * * لما توفي وغُسِّل صلى الناس أفناداً أفنادا.
أي جماعات، بعد جماعات. ومنه قولهم: مرّفند من الليل وجوشٌ؛ أي طائفة. قيل: حزر المصلون عليه ثلاثين ألفاً.
* * * وعنه صلى الله عليه وسلم: أتزعمون أني من آخركم وفاة! ألا إني من أولكم وفاة تتبعونني أفناداً يهلك بعضكم بعضا.
وعنه صلى الله عليه وسلم: أسرع الناس بي لحوقا قومي؛ تستحليهم المنايا؛ وتتنافس عليهم أمتهم؛ ويعيش الناس بعدهم أفنادا، يقتل بعضهم بعضا.
* * * أمرني جبريل أن تعاهد فنيكيَّ.
قي هما العظمان المتحركان من الماضغ دون الصدغين.
وعن بعضهم: سألت أبا عمرو الشيباني عن الفنيكين. فقال: أما الأعلى فمجتمع اللحيين عند الذقن؛ وأما الأسفل فمجتمع الوركين حيث يلتقيان؛ كأنه الموضع الذي فانك فيه أحد العظمين الآخر؛ أي لازمه ولازقه؛ من قولهم؛ فانكت كذا حتى مللته.
ومنه حديث ابن سابط رضي الله تعالى عنه: إذا توضأت فلا تنس الفنيكين.
قالوا: يريد تخليل أصول الشعر.
* * * ما ينتظر أحدكم إلا هرماً مفنداً، أو مرضاً مفسداً.
الفند في الأصل: الكذب، كأنهم استعظموه فاشتقوا له الاسم من فند الجبل. وأفند: تكلم بالفند؛ ثم قالوا للشيخ إذا أنكر عقله من الهرم: قد أفند؛ لأنه يتكلم بالمحرّف من الكلام عن سنن الصحة؛ فشبه بالكاذب في تحريفه.
والهرم المفند: من أخوات قولهم: نهاره صائم؛ جعل الفند للهرم وهو للهرم؛ ويقال أيضا: أفنده الهرم، وأفند الشيخ.
وفي كتاب العين: شيخ مفند، يعني منسوب إلى الفند؛ ولا يقال: امرأة مفندة؛ لأنها لا تكون في شبيبتها ذات رأى فتفند في كبرها.
* * * أبان بن عثمان رحمهما الله تعالى - مثل اللحن في السرى مثل التفنين في الثوب.
هو أن يكون في الثوب الصَّفيق بفعة سخيفة؛ وهو تفعيل من الفن وهو الضرب.
وعن ابن الأعرابي: فننَّت الثوب فتفنن، إذا مزقته؛ وإذا خرقه القصَّار قيل: قد فننه، وكل عيب فيه فهو تفنين.
وعن بعض العرب: اللحن في الرجل ذي الهيئة كالتفنين في الثوب النفيس؛ وإني لأجد للحن من الإنسان السمين وضراً نحو وضر اللحم المطبوخ وهذا نحو قول أبي الأسود: إني لأجد للحن غمراً كغمر اللحم.
عبد الأعلى رضي الله عنه - خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة فقصر فيها، ثم خطب أبو بكر أقصر من خطبته، ثم خطب عمر أقصر من خطبته، ثم قام رجل من الأنصار وفنّ فنينا وعنَّ فيه عنينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ من البيان لسحراً.
يقال عنَّ يعن، وفنَّ يفن، عنناً وعنيناً، والمفن والمعنّ: الذي يعارض كل شيء يستقبله، ولجمع معانّ؛ يقال: رجل فنون لمن لا يستقيم على رأيٍ وكلام واحد.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال لابن أبي محجن الثقفي: أبوك الذي يقول:
إذا مِتّ فادْفِنِّي إِلى أَصْلِ كَرْمَةٍ
البيتان.
فقال أبي الذي يقول:

وقد أَجودُ وما مالِي بذي فَنَعٍ ... وأكْتُم السِّرَّ فيه ضَرْبَةُ العُنُق
يقال: فنع فنعاً، فهو فنع وفنيع؛ إذا كثر ماله ونما. وفي أمثالهم: من قنع فنع.
* * * مفنوخ في " عي " . أفانين في " سق " . فنخ في " زف " . الفنيق في " جن " . الفنيكين في " غف " .
* * *
الفاء مع الواو
النبي صلى الله عليه وسلم - قسَّمَ الغنائم يوم بدر عن فُوَاق.
هو في الأصل رجوع اللبن إلى الضرع بعد الحلب؛ سمي فواقاً لأنه نزول من فوق، وذلك في الفينة، فاستعمل في موضع الوشك والسعة؛ والمعنى: قسمها سريعاً. وقيل: جعل بعضهم أفوق من بعض، وحرف المجاوزة هنا بمنزلته في أعطاه عن رغبة، ونحله عن طيبة نفس، وفعل كذا عن كراهية.
والقول فيه أن الفاعل في وقت إنشاء الفعل إذا كان متصفاً بهذه المعاني كان الفعل صادراً عنها لا محالة، ومجاوزا إلى جانب الثبوت إياها.
* * * خرج صلى الله عليه وسلم يريد حاجة فاتّبعه بعض أصحابه، فقال صلى الله عليه وسلم: تنحَّ عنِّي، فإن كل بائلة تُفيخ.
يقال: فاخت الريح وفاحت فوخاً وفوحاً؛ إلا أن في الفوخ صوتاً. وأفاخ الرجل؛ إذا فاخت منه الريح. قال:
أفاخُوا مِنْ رِمَاحِ الخَطِّ لَمّا ... رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالاً
أي خافوا فأفاخوا.
أنَّثَ البائل ذهاباً إلى النفس.
* * * وعنه صلى الله عليه وسلم: أنه إذا كان أتى الحاجة استبعد وتواى.
وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أنه بال ورجلٌ قريب منه، فقال: يابن أخي، قطعت عليّ لذة بيلتي! * * * مرَّ صلى الله عليه وسلم بحائط مائل، فأسرع المشي؛ فقيل: يا رسول الله، أسرعت المشي! فقال: أخاف موت الفوات.
أي موت الفجاءة؛ من فاته بالشيء، إذا سبقته به، ويقال: افتئت فلان؛ إذا فوجئ بالموت بالهمز؛ وهو من القلب الشاذ.
* * * إنَّ رجلاً تفوَّت على أبيه في ماله، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره به، فقال: اردد على أبنك ماله؛ فإنما هو سهم من كنانتك.
يقال افتات فلان على فلان في كذا؛ وتفوَّت عليه فيه؛ إذا انفرد برأيه دونه في التصرف فيه، وهو من الفوت بمعنى السبق؛ إلا أنه ضُمِّن معنى التغلب، فعُدِّيَ بعلى لذلك.
والمعنى: إن الابن لم يستشر أباه ولم يستأذنه في هبة ماله، يعني مال نفسه. فأتى الأب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له: ارتجعه من الموهوب له، واردده على ابنك؛ فإنه وما في يده في ملكتك وتحت يدك؛ فليس له أن يستبدّ بأمرٍ دونك وضرب كونه سهماً من كنانته مثلا لكونه بعض كسبه وذخره.
* * * احبسوا صبيانكم حتى تذهب فوعة العشاء.
يقال: فورة العشاء وفوعته: أي أوله وشرته، وكذلك فورة الطيب وفوعته وفوحته.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال المسيب بن رافع: سار إلينا عبد الله سبعً من المدينة، فصعد المنبر، فقال: إن أبا لؤلؤة قتل أمير المؤمنين عمر؛ فبكى الناس. ثم قال: إنا، أصحاب محمد، اجتمعنا فأمَّرنا عثمان، ولم نأل عن خيرنا ذا فوقٍ.
أي عن خيرنا سهماً.
ومن أمثالهم في الرجل التام في الخير: هو أعلاها ذا فوق.
وذكر السهم مثل للنصيب من الفضل والسابقة، شُبِّه بالسهم الذي أصيب به الخصل في النضال. وصفته بالفوق من قبل أنه به يتم إصلاحه وتهيؤه للرَّمي؛ ألا ترى إلى قول عبيد:
فأقبلْ على أفْواقِ سَهْمِك إنما ... تكلَّفْتَ من أشياء ما هو ذاهِبُ
يريد: أقبل على ما تصلح به شأنك.
* * * الأشعري - تذاكر هو ومعاذ رضي الله تعالى عنهما قراءة القرآن، فقال أبو موسى: أما أنا فأتفوقه تفوق اللقوح.
هو أن تحلب الناقة فواقا بعد فواق، أو يرضعها الفصيل كذلك، ومنه تفوق ماله؛ إذا أنفقه شيئا بعد شيء، قال:
تفوّقْتَ مَالِي مِنْ طَرِيفٍ وتَالِدٍ ... تَفَوُّقِيَ الصَّهْبَاءَ مِنْ حَلَبِ الْكَرْمِ
وعن بعض طيئ: خلف من تفوق. وقد ذكر سيبويه: يتجرعه ويتفوقه فيما ليس معالجة للشيء بمرَّةٍ، ولكنه عمل بعد عمل في مُهلة.
والمعنى: لا أقرأ وردي بمرَّةٍ، ولكن شيئا بعد شيء في ليلي ونهاري.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال لدغفل بن حنظلة النسابة: بم ضبطت ما أرى؟ قال: بمفاوضة العلماء. قال: وما مفاوضة العلماء؟ قال: كنت إذا لقيت عالما أخذت ما عنده، وأعطيته ما عندي.

المفاوضة: المساواة والمشاركة، والفوضة: الشركة، والناس فوضى في هذا الأمر؛ أي سواء، لا تباين بينهم.
* * * تفوه في " بق " . فاد وفاز وفاظ في " رج " . الفودين في " عل " . مفوّها في " حد " . من فوقه في " صب " . مفاحا في " وج " .
* * *
الفاء مع الهاء
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن الفهر.
هو من الإفهار كالصَّدْر من الإصدار؛ يقال: أفهر الرجل إذا أكسل عن إحدى جاريتيه؛ أي خالطها ولم ينزل؛ ثم قام إلى الأخرى، فأنزل معها؛ وهو من تفهير الفرس.
قالوا: أول نقصان حضر الفرس الترادّ، ثم الفتور، ثم التفهير؛ لأن المفهر يعتريه فتور وقلة نشاط، فيتحول لتطرية نشاطه؛ ألا ترى إلى قولهم أكسل في معناه؛ وكأن التفهير حقيقته نفي الصلابة، كالتفزيع؛ من قولهم: ناقة فيهرة صلبة؛ شديدة؛ من الفهر وهو الحجر.
* * * أبو عبيدة رضي الله تعالى عنه - قال له عمر: ابسط يدك لأُبايعك، فقال: ما رأيت منك، أو ما سمعت منك، فهَّة في الإسلام قبلها؛ أتبايعني وفيكم الصِّديق ثاني اثنين! يقال: فه الرجل يفه فهاهة وفها وفهةً، إذا جاءت منه سقطة، أو جهلة من العيّ وغيره. قال:
الكَيْسُ والقوةُ خَيْرٌ مِنْ ال ... إشفاق والفَهَّةِ والْهَاعِ
* * * في الحديث - إن رجلاً يخرج من النار فيُدنى من الجنة فتنفهق له.
أي تنفتح وتتسع، ومنفهق الوادي: متسعه، وانفهقت الطعنة والعين؛ وأرض تنفهق مياها عذابا.
* * * كالفهدين وفهد في " غث " . افهقاه في " مد " . فهرهم في " سد " . المتفيهقون في " وط " . انفهقت في " وب " .
* * *
الفاء مع الياء
النبي صلى الله عليه وسلم - كان يقول في مرضه الصلاة وما ملكت أيمانكم، فجعل يتكلم وما يُفيض بها لسانه.
أي ما يقدر على الإفصاح بها؛ يقال: كلمته فما أفاض بكلمة، وفلان ذو إفاضة إذا تكلم؛ أي ذو بيان وجريان؛ من قولهم: فاض الماء يفيض؛ إذا قطر. وأفاض ببوله إفاضة؛ إذا رمى به. وعينه ياء على هذا؛ وإن صحَّ ما روى من المفاوضة في الحديث؛ وهي البيان، ففي عينه لغتان؛ نحو قولهم: قاس يقيس ويقوش، وضار يضير ويضور.
* * * ما من مؤمن إلا وله ذنب قد اعتاده الفينة بعد الفينة؛ إن المؤمن خُلق مفتَّنا توَّاباً ناسياً؛ إذا ذُكِّر ذكر.
أي الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين. قال الأصمعي: يقال: أقمت عنده فينات؛ أي ساعات. وروى: كان هذا في فينة من فين الدهر، كبدرة وبدر؛ وهو أحد الأسماء التي يعتقب عليها التعريفان اللامي والعلمي. حكى أبو زيد: لقيته فينة والفينة، ونظيرها لقيته سحراً والسَّحر، وإلاهة والإلاهة؛ وشعوب والشَّعوب.
له ذنب: صفة؛ والواو مؤكدة، ومحل الصفة مرفوع محمول على محل الجار مع المجرور؛ لأنك لا تقول: ما من أحد في الدار إلا كريم؛ كما لا تقول إلا عبد الله، ولكنك ترفعهما على المحل.
المفتَّن: الممتحن الذي فُتن كثيراً.
* * * دخل عليه صلى الله عليه وسلم عمر فكلمه، ثم دخل أبو بكر على تفئة ذلك.
أي على أثر ذلك؛ تقول العرب: كان كذا على تفئة كذا؛ وتفيئته وقفَّانه وتئيفته وإفِّه وإفَّانه، وتاؤها لا تخلو من أن تكون مزيدة أو أصلية، فلا تكون مزيدة والبنية كما هي من غير قلب؛ لأن الكلمة معلة؛ مع أن المثال من أمثلة الفعل، والزيادة من زوائده، والإعلال في مثلها ممتنع؛ ألا ترى أنك لو بنيت مثال تضرب أو تكرم اسمين من البيع لقلت تَبيع وتُبيع من غير إعلال؛ إلا أن تبني مثال تحلئ؛ فلو كانت التَّفيئة تفعلة من الفيء لخرجت على وزن تهيئة؛ فهي أذن لولا القلب فعيلة لأجل اإعلال. كما أن يأجج فعلل لترك الإدغام، ولكن القلب عن التئفة عو القاصي بزيادة التاء؛ وبيان القلب أن العين واللام أعني الفاءين قُدِّمتا على الفاء؛ أعني الهمزة، ثم أبدلت الثانية من الفاءين ياء؛ كقولهم: تظنيت.
* * * جاءت امرأة من الأنصار بابنتين لها فقالت: يا رسول الله؛ هاتان ابنتا قيس، قُتل معك يوم أُحد، وقد استفاء عمهما مالهما وميراثهما كله. فنزلت آية المواريث.
أي أخذه؛ من قولهم: استفاء فلان ما في الأوعية واكتاله؛ ومنه: استفاءني فلان؛ إذا ذهب بي عن هواي الذي كنت عليه إلى هوى نفسه؛ وهو يستفيء الخير ويستريعه، ويتفيؤه وتريعه؛ أي يجمعه إليه حتى يفيء إليه ويريع؛ اي يرجع.
* * *

أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أفاض وعليه السكينة؛ وأوضع في وادي مُحسَّر.
الإفاضة في الأصل: الصبّ: فاستعيرت للدفع في السير؛ كما قالوا: صبَّ في الوادي.
* * * ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: ثم صبَّ في دقران.
وأصله أفاض نفسه أو راحلته؛ ولذلك فسروه بدفع؛ إلا أنهم رفضوا ذكر المفعول. ولرفضهم إياه أشبه غير المتعدي؛ فقالوا: أفاض البعير بجرَّته؛ وأفاض بالقداح، إذا دفعها وضرب بها.
الإيضاع: حمل البعير على الوضع؛ وهو سير سهل حثيث دون الدَّفع.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - اشترى في غزوة ذي قردٍ بئرا، فتصدَّق بها، ونحر جزورا فأطعمها الناس؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا طلحة، أنت الفياض! فسُميَّ فيَّاضاً.
هو الواسع العطاء؛ من فاض الإناء، إذا امتلأ حتى انصب من نواحيه؛ ومنه قولهم: أعطاني غيضاً من فيض، إذا أعطاك قليلا، والمال عنده كثير. قال زهير:
وأبيضَ فياضٍ يَدَاهُ غَمامةٌ ... على المُعْتفِين ما تُغِبُّ نَوافِلُهْ
وكان طلحة أحد الأجواد، قسّم مرة في قومه أربعمائة ألف.
* * * في الحديث في ذكر الدجال: ثم يكون على أثر ذلك الفيض.
هو الموت؛ يقال: فاضت نفسه وفاظت.
* * * لا يحلُّ لامرئ أن يؤمِّر مفاءً على مفيء.
أي يؤمَّر مولى على عربي؛ لأن الموالي فيئهم.
* * * فياح في " غث " . فيّلوا في " سج " . تستفيء في " يت " . مفاحا في " وج " . أفاض في " فق " . الفيء في " خر " وفي " قص " . من فيض في " غي " . مفاض البطن في " مع " . الإفاضة في " نس " .
* * * آخر كتاب الفاء




========
















الفائق في غريب الحديث و الأثر




حرف القاف
القاف مع الباء
النبي صلى الله عليه وسلم - كان لنعله قبالان.
القبال: زمام النعل؛ وفي كلام بعضهم: دع رجلي ورجلك في نعل ما وسعهما القبال. ويقال نعل مقبلة ومقابلة؛ وهي التي جعل لها قبال، وقد أقبلتها وقابلتها.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: قابلوا النِّعال.
وهي مقبولة إذا شددت قبالها وقد قبلتها، وعن أبي زيد.
* * * أتاه صلى الله عليه وسلم عمر وعنده قبص من الناس.
هو العدد الكثير، يقال: إنها لفي قبص الحصى. وقال الكميت:
لَكُمْ مَسْجِدَا اللهِ المَزُوران والحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُهُ من بين أَثْرَي وأَقْتَرَا
وهو فعل بمعنى مفعول؛ من القبص؛ وإطلاقه على الكثير من جنس ما صغَّروه من المستعظم.
* * * كانت قبيعة سيفه صلى الله عليه وسلم من فضَّة.
هي التي على رأس القائم؛ وقيل: هي ما تحت الشاربين مما يكون فوق الغمد فيجيء مع القائم، وهو القوبع أيضا.
* * * كسا امراة قبطية، فقال: مرها فلتتخذ تحتها غلالة لا تصف حجم عظامها.
هي من ثياب مصر.
ومنها حديث عمر رضي اللع عنه: لا تلبسوا نساءكم القباطيّ؛ فإنه إلا يشفَّ فإنه يصف.
أي إن لم ير ما وراءه فإنه يصف خلقها لرقته.
* * * دعا صلى الله عليه وسلم بلالا بتمر، فجعل يجئ به قبصاً قبصاً، فقال صلى الله عليه وسلم: أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا.
جمع قبصى؛ وهي ما قبص؛ كما أن الغرفة ما غرف.
ومنها قول مجاهد رحمه الله تعالى في تفسير قوله عز وجل: ( وآتُوا حَقّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ). يعني القبص التي تعطي عند الحصاد. وعن أبي تراب؛ أنشد أبو الجهم الجعدي:
قالَتْ له واقتبصتْ من أثَرِه ... يا رَبّ صاحِبْ شيخَنَا في سَفَرِه
فقلت له: كيف اقتبصت من أثره؟ فقال: أخذت قبصةً من أثره في الأرض، فقبلته.
استقل عليه السلام ما جاء به، فأمره بالإنفاق والثقة برزق الله وترك الخوف من الفقر.
* * * قال سعد رضي الله تعالى عنه: قتلت يوم بدر قتيلا، وأخذت سيفه، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لي: اذهب وخذ سيفك.
هو ما قبض من الغنائم قبل أن تقسم.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أمر بضرب رجلٍ؛ ثم قال: إذا قب ظهره فردوه.
أي إذا اندملت آثار ضربه، من قولهم: قب الجرح والتمر ونحوها؛ إذا يبس.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إن درعه كانت صدرا لا قب لها.
أي لا ظهر لها؛ سمي قبًّا كما سمي عموداً، وأصله قبُّ البكرة، وهي الخشبة التي في وسطها. قال:
مَحَالةٌ تركب قَبًّا رَادَا
لأنها عمودها الذي عليه مدارها وبه قوامها، ومنه قيل لشيخ القوم: قب القوم، وفلان القبُّ الأكبر.
* * *

عقيل رضي الله عنه - قال عطاء رأيته شيخاً كبيراً يقبل غرب زمزم.
أي يتلقاها إذا نزعت؛ يقال: قبل الدلو يقبلها قبالة.
* * * الحجاج - قالت له بنو تميم: أقبرنا صالحاً.
أي مكِّنَّا من أن نقبره ولا تمنعنا؛ يعنون صالح بن عبد الرحمن بن عوف، وكان قتله وصلبه.
* * * قتيبة رحمه الله تعالى - يأهل خراسان؛ إن وليكم والٍ شديد عليكم قلتم جبار عنيد، وإن وليكم والٍ ءوف بكم قلتم قباع صبة! هو رجل كان في الجاهلية أحمق أهل زمانه، فضُرب به المثل.
وأما قولهم لحارث بن عبد الله القُباع؛ فإنما قيل له ذلك لأنه ولي البصرة فغيَّر مكاييلهم، فنظر إلى مكيال صغير في مرآة العين أحاط بدقيق كثير، فقال: إن مكيالكم هذا لقباع؛ فنبز به.
والقباع: الذي يُخفي نفسه، ومنه قيل للقنفذ قُباع.
* * * في الحديث: لا تُقبِّحوا الوجه.
أي لا تقولوا إنه قبيح.
* * * خير الناس القبِّيون.
سُئل أبو العباس ثعلب، فزعم أنهم الذين يسردون الصوم حتى تضمر بطونهم.
* * * فلا أقبح في " غث " . القبال في " زو " . مقابلة في " شر " . قبلا في " جم " . قبح في " تع " . لا تستقبلوا في " هب " . قبطية في " غر " وفي " فق " . قبو مقبو في " جو " . قبساً في " دح " . من قبل اليمن في " نف " . القبع في " قن " . مقبوحاً في " نب " . قبع قبعة في " نز " . القبضة في " بد " . فتقبض في " حف " .
* * *
القاف مع التاء
النبي صلى الله عليه وسلم - كان أبو طلحة رضي الله تعالى عنه يرمي وهو يُقتِّر بين يديه - وكان رامياً - وكان أبو طلحة يشور نفسه، ويقول له إذا رفع شخصه: هكذا بأبي وأمي! لا يصيبك سهم؛ نحري دون نحرك يا رسول الله! أي يجمع له السهام؛ قال أبو عمرو: التقتير أن تُدنى متاعك بعضه إلى بعض، أو بعض ركابك إلى بعض. ويقال: قتَّر بين الشيئين؛ أي قارب بينهما، ويجوز أن يكون من الأقتار؛ وهي نصال الأهداف؛ أي يسويها له ويهيئها.
يشور نفسه؛ أي يسعى ويخفف، يظهر بذلك قوَّته؛ من شرت الدابة؛ إذا أجريتها لتنظر إلى سيرها.
* * * قال له صلى الله عليه وسلم رجل: يا سول الله، تزوجت فلانة، فقال صلى الله عليه وسلم: بخ! تزوجتها بكراً قتيناً.
هي القليلة الظُّعم؛ وقد قتنت قتانةً.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم في وصف المرأة أنَّها وضيئة قتين.
* * * لا يدخل الجنة قتَّات.
هو النمام، لأنه يقتُّ الحديث؛ أي يزوره، ويهيئه قتًّا. قال أبو مالك: القتُّ والقدُّ واحد، وهو التسوية، قال:
حُقَّانِ من عَاجٍ أُجِيدً اقَتَّا
ومنه الدهن المقتت؛ وهو المهيأ المطيَّب بالرياحين.
* * * سأله صلى الله عليه وسلم رجل عن امرأة أراد نكاحها، فقال له: بقدر أي النساء هي؟ قال: قد رأت القتير. قال: دعها.
هو المشيب؛ يقال: قد لهزه القتير، وهو في الأصل رءوس المسامير؛ سمي بذلك لأنه قتر؛ أي قُدِّر لم يغلظ فيخرم الحلقة، ولم يدقق فيموج يسلس. ويصدِّق ذلك قول دريد:
بيضاء لا تُرْتَدى إلاَّ لَدَى فَزَعٍ ... مِنْ نَسْجِ داودَ فيها السَّك مَقْتُور
* * * ادهن صلى الله عليه وسلم بزيت غير مقتت وهو محرم.
قد فُسر آنفاً.
* * * خالد رضي الله تعالى عنه - قال مالك بن نويرة لامرأته يوم قتله خالد: أقتلتني! أي عرَّضتني للقتل بوجوب الدفاع عنك، والمحاماة عليك، وكانت حسناء، وقد زوجها خالد بعد قتل زوجها، فأُنكر ذلك عليه، وقيل فيه:
أفِي الحق أَنا لم تجفَّ دِمَاؤُنا ... وهذا عروساً باليمامة خالِدُ
* * * عمرو - قال لابنه عبد الله رضي الله عنهما يوم صفين: أي عبد الله؛ انظر أين ترى عليا؟ قال: أراه في تلك الكتيبة القتماء. قال: لله در ابن عمر، وابن مالك! فقال له: أي أبتِ! فما يمنعك إذا غبطتهم أن ترجع؟ فقال: يا بني، أنا أبو عبد الله، إذا حككت قرحة دميتها.
القتماء: الغبراء، من القتام، وهو الغبار.
ابن مالك هو سعد، ومالك اسم أبي وقاص؛ وكان هو وابن عمر رضي الله عنهم ممن تخلف عن الفريقين.
تدمية القرحة مثل؛ أي إذا أممت غايةً تقصَّيتها.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - لا تؤدي المرأة حق زورجها؛ حتى لو سألها نفسها على ظهر قتب لم تمنعه.

قال أبو عبيد: كنا نرى أن المعنى أن يكون ذلك وهي تسير على ظهر البعير، فجاء التفسير في بعض الحديث: إن المرأة إذا حضر نفسها أجلست على قتب ليكون أسلس لولادتها.
في الحديث: لا صدقة في الإبل القتوبة.
هي التي توضع الأقتاب على ظهورها.
* * * في المار بين يدي المصلي: قاتله فإنه شيطان.
أي دافعه.
* * * قترة في " خب " . أقتاب " . في " دل " . قترة في " عم " . قتر الغلاء في " لغ " . القتات في " جو " . قتادة في " عص " .
* * *
القاف مع الثاء
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - حث النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على الصدقة، فجاء أبو بكر بما له كله يقثه.
أي يسوقه. يقال جاء فلان يقث الدنيا قثاً؛ إذا جاء بالمال الكثير، وجاء السيل يقث الغثاء. وقيل: القث والحث واحد؛ إلا أنه بالقاف أبطؤهما. ومنه: انتقل القوم بقثيثتهم؛ أي بجماعتهم. وقالوا للقتات: القثاث؛ لأنه يقث الحديث؛ أي ينقله.
القثع في " قن " .
* * *
القاف مع الحاء
النبي صلى الله عليه وسلم - عن رقيقة بنت أبي صيفي - وكانت لدة عبد المطالب ابن هاشم - قالت: تتابعت على قريش سنو جدب، قد أقحلت الظلف، وأرقت العظم، فينا أنا راقدة - اللهم أو مهومة، ومعى صنوي؛ إذا أنا بها تف صيت يصرخ بصوت صحل؛ يقول: يا معشر قريش؛ إن هذا النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه، وهذا إبان نجومه، فحيهلا بالحيا والخصب. ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما أبيض بضًا أشم العرنين، له فخر يكظم عليه.
ويروي: رجلا وسيطاً عظاما جساما أوظف الأهداب؛ ألا فليخلص هو وولده، وليدلف إليه من كل بطن رجل، ألا فليشنوا من الماء، وليمسوا من الطيب،وليطوفوا بالبيت سبعاً؛ ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته؛ ألا فليستسق الرجل وليؤمن القوم؛ ألا فغثتهم إذن ما شئتم وعشتم.
قالت: فأصبحت مذعورة قد قف جلدي، ووله عقلي؛ فاقتصصت رؤياي، فو الحرمة والحرم؛ إن بقي أبطحيٌّ إلا قال: هذا شيبة الحمد! وتتامت عنده قريش، وانقضَّ إليه ن كل بطن رجل، فشنّوا ومسوا، واستلموا وطوَّفوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يدفُّون حوله، ما إن يدرك سعيهم مهله، حتى فرُّوا بذروة الجبل، واستكفوا جنابيه.
فقام عبد المطلب، فاعتضد ابن ابنه محمدا فرفعه على عاتقه؛ وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب؛ ثم قال: اللهم ساد الخلة؛ وكاشف الكربة؛ أنت عالم غير معلم، مسئول غير مبخَّل؛ وهذه عبدَّاؤك وإماؤك بعذرات حرمك، يشكون إليك سنتهم، فاسمعن اللهم وأمطرن علينا غيثاً مريعاً مغدقاً؛ فما راموا البيت حتى انفجرت السماء بمائها، وكظ الوادي بثجيجه، فسمعت شيخان قريش وجلتها؛ عبد الله بن جدعان، وحرب بن أمية، وهشام بن المغيرة يقولون لعبد المطلب: هنيئاً لك أبا البطحاء! أقحلت؛ من قحل قحولا وقحل قحلاً؛ إذا يبس.
الرُّقود: النوم بالليل المستحكم الممتد؛ ومنه قولهم: طريق مرقد؛ إذا كان بيناً ممتداً، وارقد ورقد: إذا مضى على وجهه وامتد لا يلوي على شيء، وأرقد بأرض كذا إرقاداً: أقام بها.
هوَّموا وتهوَّموا: إذا هزُّوا هامهم من النعاس. قال:
ما تُطْعَمُ العين نوماً غيرَ تَهْوِيم
وهذا أحد مصداقي كون العين من الهام واواً، والثاني قولهم للعظيم الهامة أهوم، كما قالوا: أرأس.
الصيت: فيعل، من صات يصوت، ويصات صوتاً؛ كالميت من مات. ويقال في معناه: صائت وصات ومصوات.
الصَّحل: الذي في صوته ما يذهب بحدته من بحَّةٍ، وهو مستلذٌّ في السمع.
إبان نجومه: وقت ظهوره، وهو فعلان؛ من أب الشيء إذا تهيأ.
مر حيهلا مشروحاً في حيّ.
الحيا: المطر، لأنه حياة الأرض.
فعال مبالغة في فعيل، وفُعَّال أبلغ منه، نحو كرام وكرّام.
الكظم والكتم والكعم والكدم والكزم: أخوات في معنى الإمساك وترك الإبداء؛ ومنه كظوم البعير، وهو ألاَّ يجتر.
والمعنى أنه من ذوي الحسب والفخر، وهو لا يبدي ذلك.
الوسيط: أفضل القوم، من الوسط، وقد وسط وساطة. قال العرجي:
كأنِّي لَمْ أكُنْ فيهم وَسِيطاً ... ولَمْ تَكُ نِسْبتي في آل عمْرو
أوطف الأهداب: طويلها.
فليخلص: أي فليتميز هو وولده من الناس، من قوله تعالى: (خَلَصُوا نَجيًّا).
وليدلف إليه؛ من الدليف؛ وهو المشي الرويد، والتقدم في رفق.

شنَّ الماء: صبَّه على رأسه، وقيل: الشنُّ صب الماء متفرقا؛ ومنه شنَّ الغارة. والسنّ بخلافه.
لداته: على وجهين: أن تكون جمع لدة؛ مصدر ولد؛ نحو عدة وزنة، يعني أن مولده ومولد من مضى من آبائه كلها موصوفة بالطهر والزكاء. وأن يراد أترابه؛ وذكر الأتراب أسلوب من أساليبهم في تثبيت الصفة وتمكينها، لأنه إذا جُعل من جماعة وأقران ذوي طهارة فذاك أثبت لطهارته؛ وأدل على قدسه، ومنه قولهم: مثلك جواد.
غثتم: مطرتم " بكسر الغين أو بضمة أو بإشمامه " : يقال غاث الله الأرض يغيثها غيثاً، وأرض مغيثة ومغيوثة. وعن الأصمعي قال: أخبرني أبو عمرو بن العلاء قال: قال لي ذو الرمة: ما ايت أفصح من أمة بني فلان! قلت لها: كيف كان مطركم؟ فقالت: غثنا ما شئنا.
قفَّ: تقبَّض واقشعرَّ. والقفَّة: الرعدة.
دله ووله وتله وعله: أخوات في معنى الحيرة والدَّهش.
اسم عبد المطلب عامر، وإنما قيل له شيبة الحمد لشيبة كانت في رأسه حين ولد، وعبد المطلب؛ لأن هاشما تزوج سلمى بنت زيد النَّجارية، فولدته، فلما توفي هاشم وشبَّ الغلام انتزعه المطلب عمه من أمه؛ وأردفه على راحلته، وقد به مكة، فقال الناس: أردف المطلب عبده؛ فلزمه هذا الاسم.
التَّتام: التَّوافر.
الدَّفيف: المرَّ السريع.
المهل " بالإسكان " : التؤدة؛ ومنه قولهم: مهلا وما مهل بمغنية عنك شيئاً؛ أي لا يدرك إسراعهم إبطاءه. والمهل بالتحريك: التمهل. وهو التقدم. قال الأعشى:
وإن في السَّفر إذ مضوا مَهَلا
أي كان يسعى ويسعون، وهو يتقدمهم.
استكفوا: أحدقوا، من الكفة وهي ما استدار، ككفة الصاعد وكفة الميزان وغير ذلك.
يقال: مروا يسيرون جنابية وجنابتيه، أي ناحيتيه. قال كعب:
يسعى الوُشاةُ جَنَابيها وقولُهُمُ ... إنك يابْنَ أَبي سُلْمَى لَمَقتول
كرب: قرب من الإيفاع، ومنه الكروبيون: المقربون من الملائكة.
العبداء والعبدي " بالمد والقصر " : العبيد.
العذرة: الفناء.
كظيظ الوادي: امتلاؤه، ومنه الكظَّة.
الثجيج: المثجوج؛ أي المصبوب؛ قال أبو ذؤيب:
سقى أُمَّ عَمْرٍو كلَّ آخرِ ليلةٍ ... حَناتم سُودٌ ماؤهُنَّ ثَجِيجُ
الشيخان في جمع شيخ، كالضيفان في جمع ضيف.
قيل له أبو البطحاء، لأن أهلها عاشوا به وانتعشوا، كما قالوا للمطعام أبو الأضياف.
* * * قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: دخلت عليه صلى الله عليه وسلم وعنده غليم أسود يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله، ما هذا الغليم؟ فقال: إنه تقحَّمت بي الناقة الليلة.
القحمة: الورطة والمهلكة، ومنها قالوا: اقتحم الأمر وتقحَّمه، إذا ركبه على غير تثبت وروية، وركب ناقته فتقحمت به، إذا ندت فلم يقدر على ضبطها، وربما طوحت به أهوية.
ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: من سرَّه أن يتقحم جراثيم جهنم فليقضِ في الجدّ.
أي أن يرمي بنفسه في معاظم عذابها.
والجرثومة: أصل كل شيء ومجتمعه، ومنه جرثومة العرب وهي اصطمَّتهم.
طباق الجواب للسؤال، من حيث أن عمر 'نما أهمه سبب الغمز، وغرضه في أن سأل عن الغليم السؤال عن موجب فعله الذي هو الغمز، فأجيب على حسب مراده ومغزاه، دون لفظه.
ليس لقائل أن يقول: يجب أن يكون دخوله عليه في ليلة التقحم دون غدها، وإلا فكان حق الكلام أن يقول البارحة، فقد روي ابن نجدة عن أبي زيد أنه قال: تقول العرب مذ غدوة إلى أن تزول الشمس: رأيت الليلة في منامي كذا وكذا، فإذا زالت الشمس قالت: رأيت البارحة.
قال ثعلب: ومنه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وقد انفتل من الصلاة صلاة الغداة: رأيت الليلة كأن ميزاناً دلى من السماء، وله كفتان. فوضعت في كفة، ووضعت أمتى في الكفة الأخرى، فوزنت عليها فرجحت، ثم أخرجت من الكفة ووضع أبو بكر مكاني فوزن بالأمة ورجح عليها، ثم أخرج أبو بكر، ووضع عمر مكانه فوزن بالأمة ورجح عليها.
* * * لأن يعبه أحدكم بقد حتى يقحل، خير من أن يسأل الناس في نكاح.
أي ييبس، يعني الفرج.
* * *

قال أبو سفيان رضي الله تعالى عنه في غزوة السويق: والله ما أجذت سيفاً ولا نبلاً إلا تعسر علي، ولقد قمت إلى بكرة قحدة أريد أن أعرقبها، فما استطعت سيفي لعرقوبها، فتناولت القوس والنبل لأمي ظبية عصماء نرد بها قرمنا، فانثنت على سيتاها وامرط قذذ السهم وانتصل، فعرفت أن القوم ليست حيلة.
القحدة: العظيمة القحدة، وهي السنام. والمقحاد مثلها. وقد قحدت وأقحدت.
العصماء: التي في يديها بياض.
امرط: مطاوع مرطه، يقال: مرط الشعر والريش، إذا تنفه فامرط، وسهم أمرط ومرط ومراط ومارط: ساقط الريش.
انتصل: سقط نصله. وأنصلته أنا: نزعت نصله، ونصلته؛ جعلت له نصلاً.
* * * من أتى أهله فأقحط فلا يغتسل.
هو تمثيل لعدم الإنزال؛ من أقحط القوم، إذا قحط عنهم المطر؛ أي انقطع واحتبس. ونحوه في المعنى: الماء من الماء. وذلك منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى الختانان.
* * * على رضي الله تعالى عنه - وكل أخاه عقيلاً بالخصومة، ثم وكل بعده عبد الله ابن جعفر، وكان لا يحضر الخصومة ويقول: إن لها لقحماً، وإن الشيطان يحضرها.
أي مهالك وشدائد، وقحم الطريق. ما صعب منه وشق على سالكه؛ قال جرير:
قد جرَّبَتْ مِصْرُ والضَّحَّاكُ أَنهم ... قَومٌ إذا حارَبُوا في حَرْبِهم قُحَمُ
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - قال يوم اليرموك: تزينوا للحور العين، وجوار ربكم في جنات النعيم؛ فما رئي موطن أكثر قحفاً ساقطاً، وكفا من ذلك اليوم.
هو العظم الذي فوق الدماغ من الجمجمة، وشبه به الإناء، فقيل له: قحف.
وفي أمثالهم: رماه بأقحاف رأسه؛ إذا صرفه عما يريد، ودفعه عنه.
طائحة: ساقطة هالكة؛ أي موطن ذلك اليوم؛ فخذف.
* * شقيق رحمه الله تعالى - دعاه الحجاج فأتاه فقال له: أحسبنا قد روعناك! فقال: أما إني بت أقحز البارحة.
أي أنزي من الخوف؛ من قولهم: ضربه فقحز، أي قفز ثم سقط. ومنه قيل للفخ: القفازة والقحازة، لأنه يقفز. ويقال للقوس التي تنزو: ما هذه القحزي؟ وقحز الظبي قحزاً وقحوزاً، إذا نزا.
ومنه حديث الحسن رحمه الله تعالى: ما زلت الليلة أقحز كأني على الجمر؛ لشيء بلغه عن الحجاج.
* * * لا تقحمه في " بر " . قحل في " بج " . وأقحفها في " كف " . جمل قحر في " غث " .
* * *
القاف مع الدال
النبي صلى الله عليه وسلم - يلقي في النار أهلها وتقول: هل من مزيد؟ حتى يأتيها ربنا تبارك وتعالى، فيضع قدمه عليها فتنزوي وتقول: قط قط .
وضع القدم على الشيء مثل للردع والقمع؛ فكأنه قال: يأيتها أمر الله عز وجل فيكفها عن طلب المزيد فترتدع.
* * * أول من اختتن إبراهيم عليه السلام بالقدوم - وروي: بقدوم.
القدوم: بالتخفيف: المنحات؛ قال الأعشى:
يَضْرِب حَوْلَيْن فيها القُدُمْ
وقد روي بالتشديد.
وقدوم: علم قرية الشام. وعن ابن شميل: أنه كان يقول: قطعه بالقدوم فقيل له: يقولون قدوم قرية بالشام، فلم يعرفه وثبت على قوله.
* * * يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار.
هو أن يسقط بعضها في أثر بعض؛ ومنه تقادع القوم؛ إذا ماتوا كذلك. والتقادع في الأصل: التكاف؛ من قدع الفرس وهو كفه باللجام، إنما استعمل مكان التتابع، لأن المتقدم كأنه يكف ما يتلوه أن يتجاوزه.
* * * كان صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف، حتى يدعها مثل القدح أو الرقييم.
إذا قوم السهم وأني له يراش وينصل فهو قدح؛ ويقال لصانع القداح: القداح؛ كالسهام والنبال.
ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه أنه كان يقومهم في الصف كما يقوم القدَّاح القداح.
الرقيم: الكتاب المرقوم؛ أي كان يفعل في تسوية الصفوف ما يفعل السَّهَّام في تقويم قدحه، أو الكاتب في تسوية سطوره.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال يوم سقيفة بني ساعدة: منا الأمراء ومنكم الوزراء، والأمر بيننا وبينكم كقدِّ الأُبلمة. فقال حباب بن المنذر: أما والله لا ننفس أن يكون لكم هذا الأمر، ولكننا نكره أن يلينا بعدكم قومٌ قتلنا آباءهم وأبناءهم.
وفيه: أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه أتى الأنصار؛ فإذا سعد بن عبادة على سريره، وإذا عنده ناس من قومه فيهم الحُباب بن المنذر، فقال:

أَنَا الذِي لا يُصْطَلي بِنَارِه ... ولا يَنامُ الناسُ مِنْ سُعَارِه
نحن أهل الحلقة والحصون.
القدّ: القطع طولا كالشق. وفي أمثالهم: المال بيني وبينك شقّ الأُبلمة.
ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: كانت له ضربتان، كان إذا تطاول قدَّ، وإذا تقاصر قطّ.
أي قطع بالعرض.
الأُبلمة: خوصة المقل: وهي إذا شقّت تساوي شقّاها.
قال النضر: نفست عليه الشيء، إذا لم تره يستأهله؛ وأنشد لأبي النجم:
لم يَنْفِس اللهُ عليهنَّ الصّوَرْ
ويقال نفست به عليَّ نفاسة: أي بخلت. وفي كتاب العين نفست بع عن فلان، وهو كقولهم: بخلت به عليه وعنه. ومنه قوله تعالى: (وَمَنْ يَبْخَلْ فإنمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ).
لا يصطلي بناره: مثل فيمن لا يتعرض لحده، ولا يقرب أحد ناحيته، حتى يصطلي بناره. والسعار: حر السعير. قال:
تنحّ سُعَار الحرب لا تصْطلي بها ... فإنّ لها بين القبيلين مِخْشَفا
المخشف: الجريء.
الحلقة: السلاح.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - أمر مناديا فنادى: إن الذكاة في الحلق واللبة لمن قدر، وأقروا الأنفس حتى تزهق.
أي لمن كانت الذبيحة في يده فقدر على إيقاع الذكاة بهذين الموضعين، فأما إذا ندت البهيمة فحكمها حكم الصيد في أن مذبحه الموضع الذي أصابه السهم أو السيف.
أقروا: أي سكنوها حتى تفارقها الأرواح.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كان قدعاً.
هو انسلاق العين وضعف البصر من البكاء؛ قال الهذلي:
رأى قَدَعاً في عَيْنِها حين قُرِّبَتْ ... إلى غَبْغَبِ العُزَّى فنصَّفَ في القَسْمِ
وهو من قدعته؛ أي كففته وردعته فقدع؛ لأن المرتدع منخزل ضعيف.
* * * عمرو رضي الله عنه - استشار غلامه وردان، وكان حصيفاً في أمر علي وأمر معاوية، فأجابه وردان بما في نفسه، وقال له: الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية، وما أراك تختار على الدنيا! فقال عمرو:
يا قاتلَ اللهُ وَرْدَانا وقَدْحَتَهُ ... أبْدَى لَعَمْرُك ما في النفس وَرْدانُ
القدحة: من قدح النار بالزَّند قدحا؛ اسم للضرب، والقدحة للمرة، ضربها مثلا لاستخراجه بالنظر حقيقة الأمر.
وفي الحديث: لو شاء الله لجعل للناس قدحة ظلمة، كما جعل لهم قدحة نور.
* * * ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - قال في جواب لمعاوية: ربَّ آكلِ عبيط سيقدُّ عليه، وشارب صفوٍ سيغصُّ به.
من القداد؛ وهو داءٌ في البطن.
* * * الأوزاعي - لا يُسهم للعبد ولا الأجير ولا القديديين.
هم تُبَّاع العسكر من الصُّنّاع. نحو الشَّعّاب والحداد والبيطار بلغة أهل الشام، كأنهم سموا بذلك لتقدد ثيابهم، ويُشتم الرجل فيقال له: يا قديدي؛ وهو مبتذل في كلام الفرس أيضا.
* * * قده في " قو " . واقدعوا في " حد " . فاقدروا في " زف " . وفي " غم " . اليقديمة والقدمية في " حو " . وقد في " رض " . قدعا في " مت " . فقد عنى في " ري " .لا يقدع أنفه في " بض " . مقدمته في " اص " . في قدم في " دح " . تحت قدمي في " اث " .
* * *
القاف مع الذال
النبي صلى الله عليه وسلم - كان عليه السلام قاذورة لا يأكل الدجاج حتى يعلف.
القذر: خلاف النظافة وهو مجتنب؛ فمن قيل: قذر الشيء؛ إذا اجتنبه كراهةً له. قال الحجاج:
وقَذَرِي ما لَيْسَ بالمَقْذُور
ومنه قالوا: ناقة قذور؛ إذا كانت عزيزة النفس لا ترعى مع الإبل، ورجل قاذورة، إذا كان متقذِّرا.
وأما الحديث: إنه لما رجم ماعزاً قال: اجتنبوا هذه القاذورة التي حرّم الله عليكم. فمن ألم بشيء فليستتر بستر الله وليتب إلى الله.
فالمراد بها الفاحشة، يعني الزنا؛ لأن حقها أن تتقذر، فوصفت بما يوصف به صاحبها. وكذلك كل قول أو فعل يستفحش ويحقّ بالاجتناب فهو قاذورة.
ومنه الحديث: اتقوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها. وقال متمم بن نويرة:
وإنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فاحِشاً ... على الكَأْس ذا قَاذُورَةٍ مُتَرَبِّعَا
أي لا يفحش في قوله ولا يعربد، ولكنه ساكن وقور.
* * * من قال في الإسلام شعراً مقذعاً فلسانه هدر.
القذع: قريب من القذر، وهو الفحش، وأقذع له؛ إذا فحش.
ومنه: من رى هجاء مقذعا فهو أحد الشاتمين.

ومنه حديث الحسن رحمه الله تعالى: إنه سُئل عن الرجل يُعطي الرجل من الزكاة أيخبره؟ قال: يريد أن يُقذعه.
أي يسمعه ما يشقّ عليه، فسماه قذعاً وأجراه مجرى يشتمه ويؤذيه؛ فلذلك عدَّاه بغير لام.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كان لا يصلي في مسجد فيه قذاف.
هي جمع قذفة: وهي الشرفة، نظيرها في الجمع على فعال نقرة ونقار، وبرمة وبرام، وجفرة وجفار، وبرقة وبراق. ذكرهن سيبويه.
وعن الأصمعي: إنما هي قُذفٌ. وإذا صحت الرواية مع وجود النظير في العربية فقد انسد باب الرَّدّ.
* * * كعب رحمه الله تعالى - قال الله عز وجل لرومية: إني أُقسم بعزتي لأسلبن تاجك وحليتك، ولأبن سبيك لبني قاذر، ولأدعنك جلحاء.
قاذر: ويروى قيذر، بن إسماعيل عليه السلام، وبنوه العرب.
جلحاء: لا حصن عليك؛ لأن الحون تشبَّه بالقرون، ولذلك تسمى الصياصي.
* * * اقذاء في " هد " . قذره في " وض " . القنذع في " شر " . إن لم تقذره في " نش " . في القذذ في " مر " .
* * *
القاف مع الراء
النبي صلى الله عليه وسلم - صلى إلى بعير من المغنم، فلما انفتل تناول قردة من وبر البعير، ثم أقبل، فقال: إنه لا يحل لي من غنائمكم ما يزن هذه إلا الخُمس، وهو مردود عليكم.
هي واحدة القردة؛ وهو ما تمعط من الصوف والوبر، وفي أمثالهم: عثرت على الغزل بأخرة، فلم تدع بنجد قردة.
نصب الخُمس على الاستثناء المنقطع؛ لأن الخُمس ليس من جنس ما يزن القردة.
* * * قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والإقراد. قالوا: يا رسول الله؛ وما الإقراد؟ قال: الرجل منكم يكون أميراً أو عاملاً فيأتيه المسكين والأرملة، فيقول لهم: مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه الشريف والغني فيدنيه ويقول: عجلوا قضاء حاجته ويترك الآخرون مقردين.
يقال: أخرد: سكت حياء؛ وأقرد: سكت ذلاًّ. وأصله أن يقع الغراب على البعير فيلقط منه القردان، فيقرّ لما يجد من الراحة.
ويحكى أن اليزيدي قال للكسائي: يأتينا من قبلك أشياء من اللغة لا نعرفها. فقال الكسائي: وما أنت وهذا! ما مع الناس من هذا العلم إلا فضل بزاق! فأقرد اليزيدي.
* * * قضى صلى الله عليه وسلم في القارصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثا.
هن ثلاث جوارٍ كن يلعبن فتراكبن، فقرصت السفلى الوسطى فقمصت؛ فسقطت العليا فوقصت عنقها، فجعل ثلثي الدية على الثنتين، وأسقط ثلث العليا؛ لأنها أعانت على نفسها.
* * * دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله تعالى عنها وعلى الباب قرام ستر.
هو ثوب من صوفٍ فيه ألوان من العهون، وهو صفيق يتخذ سترا، أو يغشى به هودج، أو كلة. وقوله: قرام ستر، كقولك ثوب قميص - ويروى: كان على باب عائشة قرام فيه تماثيل.
* * * قال صلى الله عليه وسلم لأم قيس بنت محصن في دم الحيض يصيب الثوب: حُتِّيه بضلعٍ واقرصيه بماء وسدر.
وروى أن امرأة سألته عن دم المحيض، فقال: قرصيه بالماء.
القرص: القبض على الشيء بأطراف الأصابع مع نتر. ومنه قرصت المرأة العجين، وقرَّصته، إذا شنَّقته لتبسطه، أي قطعته، ومنه لحم مشنَّقن أي مقطَّع. والدم وغيره مما يصيب الثوب إذا قرص كان أذهب للأثر من أن يُغسل باليد كلها.
* * * قدم عليه صلى الله عليه وسلم النعمان بن مقرن في أربعمائة راكب من مزينة، فقال لعمر: قم فزودهم. فقام عمر، ففتح غرفة له فيها تمر كالبعير الأقرم - وروى: فإذا تمر كالفصيل الرابض. فقال عمر: إنما هي أصوع ما يقيظن بنيّ. قال: قم فزودهم.
أثبت صاحب التكملة: قرم البعير فهو قرم؛ إذا استقرم؛ أي صار قرماً وهو الفحل المتروك للفحلة، وقد أقرمه صاحبه فهو مقرم، وكأنه من القرمة وهي السمة لأنه وسم للفحلة، وعلامة لها. ثم ذكر أن أفعل وفعل يلتقيان كثيراً كوجل وأوجل، وتلع وأتلع، وتبع وأتبع.
وهذا الذي ذكره صحيح. قال سيبويه: وجر وجراً، وهو وجر. وقالوا: هو أوجر، فأدخلوا أفعل هنا لأن فعل وأفعل قد يجتمعان كما يجتمع فعلان وفعل، وذلك قولك: شعث وأشعث، وجرب وأجرب، وقالوا: حمق وأحمق، ووجل وأوجل، وقعس وأقعس، وكدر وأكدر، وخشن وأخشن. وزعم أبو عبيد أن أبا عمرو لم يعرف الأقرم، وقال: ولكن أعرف المقرم.
ما يقيِّظن بنيّ؛ أي ما يكفيهم لقيظهم. قال:
مَنْ يَكُ ذَابَتٍّ فهذا بَتِّي ... مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّى
* * *

إن قوماً مروا بشجرة فأكلوا منها؛ فكأنما مرَّت بهم ريح، فأخذتهم فأذرتهم فقال صلى الله عليه وسلم: قرِّسوا الماء في الشنان، وصبوه عليهم فيما بين الأذانين.
أي بردوه.
والقرس: البرد الشديد، وقرس قرساً؛ إذا لم يستطع أن يعمل بيديه من شدة البرد؛ وخص الشنان؛ وهي الخلقان من القرب والأسقية؛ لأنها أشد تبريداً.
وأراد بالأذانين أان الفجر والإقامة، فغلَّب.
* * * إن أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثن يوم القرّ.
هو ثاني يوم النحر؛ لأنهم يقرون فيه ويستجمون مما تعبوا في الأيام الثلاثة.
* * * مسح صلى الله عليه وسلم رأس غلام وقال: عش قرناً؛ فعاش مائة سنة.
القرن: الأمة من الناس؛ واختلفوا في زمانها؛ فقيل ستون سنة، وقيل ثمانون سنة. وقيل مائة. وصاحب هذا القول يستشهد بهذا الخبر؛ وكأنها سميت قرنا لتقدمها التي بعدها.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: خير هذه الأمة القرن الذي أنا فيه، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، والقرن الرابع لا يعبأ الله بهم شيئاً.
* * * من كانت له إبل أو بقر أو غنم لو يؤدِّ زكاتها بُطح لها يقوم القيامة بقاعِ قرقر، ثم جاءت كأكثر ما كانت وأغذه وأبشره، تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها؛ كلما نفدت أُخراها عادت عليه أُولاها.
القرقر: الأملس المستوي.
وأغذَّه: يحتمل أن يكون من الإغذاذ، وهو الإسراع في السير؛ بني منه على تقدير حذف الزوائد؛ وأن يكون من غذَّ العرق يغذُّ، إذا لم يرقأ. يريد غزر ألبانها.
وأبشره؛ من البشارة، وهي الحُسن؛ قال الأعشى:
وَرَأَتْ بأنّ الشَّيْبَ جَا ... نَبَهُ البَشاشة والِبُشَارَه
* * * قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: إن لك بيتاً في الجنة، وإنك لذو قرنيها.
الضمير للأمة؛ وتفسيره فيما يروى عن علي رضي الله تعالى عنه: إنه ذكر ذا القرنين فقال: دعا قومه إلى عبادة الله فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله، يعني نفسه الطاهرة؛ لأنه ضُرب على رأسه ضربتين؛ إحداهما يوم الخندق، والثانية ضربة ابن ملجم.
* * * قال صلى الله عليه وسلم في الضالة: فيها قرينتها مثلها؛ إن أداها بعد ما كتمها، أو وجدت عنده فعليه مثلها.
أي من وجد الضالة فلم يعرفها حتى وُجدت عنده فعليه عقوبة له أخرى معها يقرنها إليها، ويجب أن تكون القرينة مثلها في القيمة؛ لما يروى عن عمر رضي الله تعالى عنه: أن عبيداً لحاطب سرقوا ناقة رجل من مزينة، فنحروها فقطعهم. وقال لحاطب: إني أراك تُجيعهم؛ ثم ألزمه ثمانمائة درهم وكانت قيمة الناقة أربعمائة؛ عقوبةً.
* * * أُتي صلى الله عليه وسلم بهدية في أديم مقروظ.
هو المدبوغ بالقرظ، وهو ورق السَّلم. وقد قرظه يقرظه. ومنه تقريظ الرجل، وهو تزيينك أمره. قال الشماخ:
عَلَى ذَاك مَقْرُوظٌ مِنَ الجِلْدِ مَاعِزُ
* * * في حديث موادعته صلى الله عليه وسلم أهل مكة وإسلام أبي سفيان - أن أبا سفيان رأى المسلمين لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قاموا، فلما كبَّر كبروا، فلما ركع ركعوا، ثم سجد فسجدوا، فقال للعباس: يا أبا الفضل، ما رأيت كاليوم قطّ طاعة قومٍ، لا فارس الأكارم، ولا الروم ذات القرون.
فيه ثلاث أقاويل: أحدها أنها الشعور وهم أصحاب الجمم الطويلة. والثاني أنها الحصون، وقد مر قبيل في حديث كعب ما يصدقه. والثالث ما في قوله صلى الله عليه وسلم: فارس نطحة أو نطحتين، ثم لا فارس بعدها أبداً، والروم ذات القرون، كلما هلك قرن خلف مكانه قرن؛ أهل صخر وبحر، هيهات آخر الدهر.
كاليوم: أي كطاعة اليوم.
ولا فارس؛ أي ولا طاعة فارس؛ فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
* * * عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - قال: خرج عبد الله، يعني أبا النبي صلى الله عليه وسلم، ذات يوم متقرباً متخصراً، حتى جلس في البطحاء؛ فنظرت إليه ليلى العدوية، فدعته إلى نفسها؛ فقال: أرجع إليك، ودخل على آمنة فألمّ بها، ثم خرج، فقالت: لقد دخلت بنور ما خرجت به.
أي واضعاً يديه على قربه وخاصرته.
فالقرب: الموضع الرقيق أسفل من السُّرة.
والخاصرة: ما بين القصيري والحرقفة.
* * * قال له صلى الله عليه وسلم فروة بن مسيك: إن أرضاً عندنا، وهي أرض ريعنا وميرتنا وإنها وبيئة. فقال: دعها فإن من القرف التلف.

القرف: ملابسة الداء؛ يقال: لا تأكل كذا؛ فإني أخاف عليك القرف. ومنه: قارف الذنب واقترفه؛ إذا التبس به؛ ويقال لقشر كل شيء قرفه؛ لأنه ملتبس به.
* * * رجز له رسول الله عليه وسلم البراء بن مالك في بعض أسفاره، فلما قارب النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والقوارير.
صيرهن قوارير لضعف عزائمهن، وكره أن يسمعن حداءه خيفة صبوتهن.
وعن سليمان بن عبد الملك أنه سمع مغنياً في عسكره، فطلبه فاستعاده فاحتفل في الغناء، وكان سليمان مفرط الغيرة فقال لأصحابه: والله لكأنها جرجرة الفحل في الشول، وما أحسب أنثى تسمع هذا الاصبت؛ ثم أمر به فخصى، وقال: أما علمت أن الغناء رقية الزنا.
* * * إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب.
فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه أراد آخر الزمان، واقتراب الساعة؛ لأن الشيء إذا قل وتقاصر تقاربت أطرافه؛ ومنه قيل للقصير متقارب ومتأزف. ويقولون: تقاربت إبل فلان إذا قلَّتْ.
ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم: في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً.
والثاني: أنه أراد استواء الليل والنهار؛ يزعم العابرون أن أصدق الأزمان لوقوع العبارة وقت انفتاق الأنوار، ووقت إدراك الثمار، وحينئذ يستوي الليل والنهار.
والثالث: أنه من قوله صلى الله عليه وسلم: يتقارب الزمان حتى تكون السَّنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة. قالوا: يريد زمن خروج المهدي وبسطه العدل، وذلك زمان يستقصر؛ لاستلذاذه فتتقارب أطرافه.
* * * في قوله تعالى: (بمَاءٍ كَالْمُهْلِ). قال: كعكر الزيت؛ إذا قرَّبه إليه سقطت قرقرة وجهه فيه.
أي ظاهر وجهه وما بدا من محاسنه، من قول بعض العرب لرجل: أمن أسطمتها أنت أم من قرقرها؟ أي من نواحيها الظاهرة، ومنه قيل للصحراء البارزة قرقر، وللظهر قرقر.
وعن السدي في تفسير هذه الآية: إذا قرَّبه إليه سقطت فيه مكارم وجهه. وقيل: المراد البشرة؛ استعيرت من قرقر المرأة، وهو لباس لها، ولا أرى القرقر بمعنى اللباس مسموعاً من الموثوق بعربيتهم، ولا واقعاً في كلام المأخوذ بفصاحتهم، وإنما يقع في كلام المولدين؛ نحو قول أبي نواس:
وغَادَةٍ هَارُوتُ في طَرْفها ... والشمسُ في قَرْقَرِها جَانحة
وقيل: الصحيح هو القرقل. والوجه العربي ما قدمته، والتاء للتخصيص؛ مثلها في عسلة ونبيذة.
وفي كتاب العين: القرقرة: الأرض الملساء التي ليست بجد واسعة، فإذا اتَّسعت غلب عليها اسم التذكير، فقالوا: قرقر.
وعن بعضهم: إنما هي رقرقة وجهه؛ أي ما ترقرق من محاسنه؛ من قولهم: امرأة رقراقة؛ كأن الماء يجري في وجهها.
* * * قال صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل: إنما بعثتك أبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء؛ تقرؤه نائما ويقظان.
قرأ وقرى وقرش وقرن: أخوات في معنى الجمع. يقال: ما قرأت الناقة سلى قط.
والمعنى تجمعه في صدرك حفظاً في حالتي النوم واليقظة، والكثير من أمتك كذلك، فهو وإن محي رسمه بالماء لم يذهب عن الصدور، بخلاف الكتب المتقدمة، فإنها لم تكن محفوظة، ومن ثمَّ قالت اليهود الفرية في عزير تعجباً منه حين استدرك التوراة حفظا، وأملاها على بني إسرائيل عن ظهر قلبه بعدما درست في عهد بخت نصَّر.
* * * إن أهل المدينة فزعوا مرة فركب صلى الله عليه وسلم فرساً كأنه مقرف، فركض في آثارهم، فلما رجع قال: وجدناه بحراً.
قال حماد بن سلمة: كان هذا الفرس يُبطئ، فلما قال صلى الله عليه وسلم هذا القول صار سابقا لا يُلحق.
الإقراف: أن تكون الأم عربية والفحل هجيناً. قال:
فإنْ نُتِجَتْ مُهْراً كرِيماً فبالْحَري ... وإنْ يَكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحْلِ
بحراً، أي غزير الجري.
الضمير في آثارهم للمفزوع منهم.
* * * جاءه صلى الله عليه وسلم الأعراب فقالوا: يا رسول الله؛ عل علينا حرج في أشياء لا بأس بها؟ فقال: عباد الله؛ رفع الله الحرج. أو قال: وضع الله الحرج إلا امرأ اقترض امرأ مسلماً؛ فذلك الذي حرج وهلك.
وروى: إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك الذي حرج.
الاقتراض: افتعال من القرض؛ وهو القطع؛ لأن المغتاب كأنه يقتطع من عرض أخيه؛ ومنه قولهم: لسان فلان مقراض الأعراض.
* * *

ذكر صلى الله عليه وسلم الخوارج فقال: إذا رأيتموهم فاقرفوهم واقتلوهم.
قال المبرد: قرفت الشجرة إذا قشرت لحاءها؛ وقرفت جلد البعير إذا اقتلعته، يريد فاستأصلوهم.
سئل صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال: ليسا بشيء؛ فقالوا: يا رسول الله، فإنهم يقولون كلمة تكون حقاً. قال: تلك الكلمة من الحق يختطفها الجني فيقذفها في أذن وليه كقر الدجاجة، ويزيدون فيها مائة كذبة.
هو من قرّت الدجاجة قرَّ وقريراً؛ إذا قطَّعت صوتها، وقرقرت قرقرة وقرقريرا إذا رددته.
ويروى: كقرً الزجاجة؛ وهو صبها دفعة واحدة. يقال: قررت الماء في فيه أقُرُّه.
ومنه قررت الكلام في أُذنه، إذا وضعت فاك على أذنه فأسمعته كلامك.
ويصدقه قوله صلى الله عليه وسلم: الملائكة تحدّث في العنان، فتسمع الشياطين الكلمة؛ فتقرُّها في أُذن الكاهن كما تقرر القارورة، فيزيدون فيها مائة كذبة.
في أُذن وليه: أي في أُذن الكاهن.
* * * طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان.
أراد وقت عدتها، والقرء في الأصل الجمع كما ذكر؛ ثم قيل لوقت الأمر قرء وقارئ؛ لأن الأوقات ظروف تشتمل على ما فيها وتجمعها، فقيل: هبت الريح لقرئها ولقارئها، والناقة في قرئها، وهو خمسة عشر يوماً، تنتظر فيها بعد ضراب الفحل، فإذا كان بها لقاح وإلا أعيد عليها الفحل.
وقيل للقوافي قروء وأقراء؛ لأنها مقاطع الأبيات وحدودها، كما قيل للتحديد توقيت، ومن ذلك قرء المرأة لوقت حيضها أو طهرها؛ وأقرأت. والمقرأة التي ينتظر بها انقضاءُ أقرائها.
* * * احتجم صلى الله عليه وسلم على رأسه بقرن حين طبّ.
قيل: قرن اسم موضع. وقيل: هو قرن الثور جُعل كالمحجمة.
* * * قال صلى الله عليه وسلم في أكل التمر: لا قران ولا تفتيش.
هو أن تقارن تمرتين فتأكلهما معاً. ومنه القران في الحج، وهو أن يقرن حجة وعمرة معاً. وفي الحديث: إي قرنت فاقرنوا.
* * * تطلع الشمس من جهنم بين قرني الشيطان، فما ترتفع في السماء من قصمة إلا فُتح لها باب من النار؛ فإذا اشتدت الظهيرة فُتحت الأبواب كلها.
قالوا: قرناه: ناحيتا رأسه؛ وهذا مثل؛ يقول: حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط.
القصمة: مرقاة الدرجة لأنها كسرة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال لرجل: مالك؟ قال: أقرن لي، وآدمة في المنيئة، قال: قوِّمها وزكِّها.
هو في جمع القرن، وهو جعيبة تضمّ إلى الجعبة الكبيرة، كأجبل وأزمن في جبل وزمن.
وفي الحديث: الناس يوم القيامة كالنبل في القرن.
ومنه حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه: حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في القوس والقرن، فقال: صلِّ في القوس واطرح القرن.
كأنه كان من جلد غير مُذكى ولا مدبوغ؛ فلذلك نهى عنه.
وآدمة في أديم كأطرقة في طريق.
المنيئة: الدباغ هاهنا. وهو ما يُدبغ به الجلد، ويقال للجلد نفسه ذا كان في الدباغ منيئة أيضاً.
ومنه قول الأعرابية لجارتها: تقول لك أمي: أعطيني نفساً أو نفسين؛ أمعس به منيئتي فإني أفدة.
ومنأت الأديم إذا عالجته في الدباغ.
* * * إن رجلا من أهل البادية جاءه، فقال: متى تحل لنا الميتة؟ فقال عمر: إذا وجدت قرف الأرض فلا تقربها. قال: فإني أجد قرف الأرض وأجد حشراتها، قال: كفاك، كفاك.
أراد ما يقرف من الأرض؛ أي يقتلع من البقل والعروق، ونحوه قوله: ما لم تجتفئوا بها بقلاً.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - أيما رجل تزوج امرأة مجنونة أو جذماء أو برصاء أو بها قرن، فهي امرأته إن شاء أمسك؛ وإن شاء طلّق.
هو العفلة.
ومنه حديث شريح رحمه الله تعالى: إنه اختصم إليه في جارية بها قرن: فقال: أقعدوها فإن أصاب الأرض فهو عيب، وإن لم يصبها فليس بعيب.
* * * سُمع على المنبر يقول: ما أصبت منذ وليت عملي إلا هذه القويريرة، أهداها إليّ الدهقان، ثم نزل إلى بيت المال فقال: خُذْ خذ، ثم قال:
أفلح مَنْ كانَتْ لَهُ قَوْصَرّهْ ... يأكل منها كل يوم مَرَّهْ
تصغير القارورة، وهي فاعولة؛ من قرَّ الماء يقرُّه؛ إذا صبَّه. قال الأسدي: القارور: ما قرّ فيه الشراب. وأنشد للعجاج:
كأنَّ عَيْنَيْه مِنْ الغُؤور ... قَلْتَانِ أو حَوْجَلتا قَارُورِ

المتعارف في الدهقان الكسر. وجاءت الرواية بالضم في هذا الحديث، ونظيره قِرْطاس وقُرْطاس؛ لأن النون أصلية؛ بدليل تدهقن، والدهقنة.
القوصرة - ويروى فيها التخفيف: وعاد من قصب للتمر، كأنه تمنى عيش الفقراء وذوي القناعة باليسير تبرُّما بالإمارة.
* * * ذكره ابن عباس رضي الله تعالى عنهم فأثنى عليه، وقال: علمي إلى علمه كالقرارة في المثعجنر. وروى: في علمه.
القرارة: المطمأن يستقر فيه ماء المطر. قال عقيل بن بلال بن جرير:
وما النفسُ إلا نطفةٌ بقَرارةٍ ... إذا لم تُكَدَّرْ كانَ صفواً غديرُها
المثعنجر: أكثر موضع ماءً في البحر. من اثعنجر المطر؛ كأنه ما ليس له مساك يمسكه ولا حباس يحبسه لشدته؛ وهةو مطاوع ثعجره؛ إذا صبه.
الجار والمجرور في محل الحال؛ أي مقيساً إلى علمه؛ أو موضوعاً في جنب علمه؛ أو موضوعة في جنب المثعنجر.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قارُّوا الصلاة.
أي اسكنوا فيها واتَّئدوا ولا تعبثوا ولا تحرَّكوا، وهو من قولك: قاررت فلاناً إذا قررت معه، وفلان لا يتقارّ في موضعه.
* * * سلمان رضي الله تعالى عنه - دُخل عليه في مرضه الذي مات فيه فنظروا فإذا إكاف وقرطاط.
هو تحت السرج، والإكاف كالولية تحت الرحل؛ ولامه مكررة للإلحاق بقرطاس؛ ويدل على ذلك قولهم في معناه قرطان بالنون. سمي بذلك استصغاراً له إلى الولية، من قولهم: ما جاد فلان بقرطيطة؛ أي بشيء يسير؛ ومن ذلك القيراط، والقرط والقراط لشعلة السراج؛ لأنها أشياء مستصغرة يسيرة.
* * * أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه - اختلف ابن عباس والمسور بن مخرمة بالأبواء فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه؛ وقال المسور: لا يغسل؛ فأرسلا إلى أبي أيوب فوجده الرسول يغتسل بين القرنين وهو يستر بثوب.
هما قرنا البئر: منارتان من حجر أو مدر من جانبيها؛ فإن كانتا من خشب فهما زرنوقان. قال يخاطب بعيره:
تَبَيَّنِ الْقَرْنينِ وانظر ما هُما ... أَحجراً أَم مَدَراً تَرَاهُمَا
إنك لن تزل أو تَغْشاهُمَا ... وتبرُك الليلَ إلى ذَرَاهُمَا
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - قالت أم الدرداء: كان أبو الدرداء يغتسل من الجنابة فيجيء وهو يقرقف فأضمُّه بين فخذي. وهي جنب لم تغتسل.
أي يرعد. يقال: قرقف الصرد إذا خصر حتى يقرقف ثناياه بعضها ببعض، أي يصدم. قال:
نِعْم ضَجيعُ الفتى إذا برد ... اللَّيلُ سُحَيْراً وقُرْقِفَ الصَّرِدُ
ومنه القرقف لأنها ترعد شاربها. وماء قرقف: بارد.
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - صلى، فلما جلس في آخر الصلاة سمع قائلا يقول: قرّت الصلاة بالبر والزكاة. فقال: أيكم القائل كذا؟ فأرم القوم، فقال: لعلك يا حطَّان قلتها! قال: ما قلتها، ولقد خشيت أن تبكعني بها.
أي استقرت مع الزكاة. يعني أنها مقرونة بها في القرآن كلما ذكرت، فهي قارةٌ معها مجاورة لها.
أرمّ: سكت.
بكعته: إذا استقبلته بما يكره، وهو نحو بكَّتُّه.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - كان ربما يراهم يلعبون بالقرف فلا ينهاهم.
هي لعبة. قال الشاعر:
وأَعلاطَ النجوم مُعَلَّقات ... كَخَيْل القِرْف ليس لها النصاب
قالوا: هذه اللعبة تلعب بالحجارة فخيلها هي الحجارة، وفي القرف البدري والبغتي، وقيل: هي الأربعة عشر، خطٌّ مربَّع في وسطه خط مربع في وسطه خط مربع، ثم يخط من كل زاوية من الخط الأول إلى الخط الثالث، وبين كل زاويتين خطٌّ فتصير أربعة وعشرين.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال لعكرمة وهو محرم؛ قم فقرد هذا البعير. فقال: إني محرم. قال: قم فانحره، فنحره. فقال: كم تراك الآن قتلت من قراد ومن حلمة وحمنانة.
التقريد: نزع القردان.
الحمنان: دون الحلم. ويقال لحبِّ العنب الصغار بين الحبّ العظام الحمنان.
* * * قال: قريش دابةٌ تسكن البحر تأكل دواب البحر، وأنشد في ذلك:
وقُرَيْشٌ هي التي تَسْكُنُ البَحْرَ ... بها سُمِّيتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
هذا قول فاشٍ. وقيل: الصحيح أنها سميت بذلك لاجتماعها، من قولهم: فلان يقترش مال فلان؛ أي يجمعه شيئا إلى شيء. وبقيت لفلان بقية متفرقة فهو ويقترشها.
وقال البكري:

أخوةٌ قَرَّشوا الذنُوبَ علينا ... في حديثٍ من عَهْدِهم وقَدِيمِ
وذلك أن قصي بن كلاب - واسمه زيد، وإنما سمي قصيًّا لاغترابه في أخواله بني عذرة - أتى مكة فتزوج بنت حليل بن حبشية الخزاعية أم عبد مناف وإخوته. وحالف خزاعة، ثم أتى بإخوته لأمه بني عذرة ومن شايعهم، فغلب بني بكر وجمع قريشاً بمكة؛ فذلك كان يقال له مجمع؛ وفي ذلك يقول مطرود الخزاعي:
أبوكم قُصيّ كان يُدْعى مُجَمِّعاً ... به جَمع اللهُ القبائلَ من فِهْرِ
نزلُتم بها والناسُ فيها قليل ... وليس بها إلا كهولُ بني عمرو
وهم مَلئُوا البَطْحَاء مَجْدا وسؤددا ... وهم طردُوا عنها غُواةَ بني بكرِ
حُليل الذي أرْدَي كِنانة كُلَّها ... وحالف بيتَ الله العُسْرِ واليُسْر
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قام إلى مقري بستان فقعد يتوضأ؛ فقيل له: أتتوضأ وفيه هذا الجلد؟ فقال: إذا كان الماء قلَّتين لم يحمل خبثاً.
المقري والمقراة: الحوض؛ لأن الماء يقري فيه.
القُلَّة: ما يستطيع الرجل أن يقلّه من جرَّة عظيمة أو حبٍّ، وتجمع قلالا. قال الأخطل:
يمشون حَوْلَ مُكَدَّمٍ قد كَدّحَتْ ... مَتْنْيه حَمْلُ حَناتم وقِلال
وقيل: هي قامة الرجل من قلة الرأس.
* * * إن كنا لنلتقي في اليوم مراراً يسأل بعضنا بعضاً وإن نقرب بذلك إلا أن نحمد الله.
هو من قرب الماء وهو طلبه. ويقال: فلان يقرب حاجته.
إن الأولى مخففة من الثقيلة، والثانية نافية.
* * * ابن سلام رضي الله تعالى عنه - جاء لما حوصر عثمان؛ فجعل يأتي تلك الجموع، فيقول: اتقوا الله ولا تقتلوا أمير المؤمنين؛ فإنه لا يحل لكم قتله؛ فما زال يتقراَّهم ويقول لهم ذلك.
اي يتتبعهم؛ من قروت القوم واقتريتهم واستقريتهم وتقريتهم.
* * * ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - قال لرجل: ما على أحدكم إذا أتى المسجد أن يخرج قرفة أنفه.
أي قشرته؛ يريد المخاط اليابس.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصبح جنباً في شهر رمضان من قراف غير احتلام، ثم يصوم.
هو الخلاط؛ يقال: قارف المرأة؛ إذا خالطها، وقارف الذنب.
ومنه حديثها رضي الله عنها - حين تكلم فيها أهل الإفك: لئن قارفت ذنباً فتوبي إلى الله.
* * * علقمة رحمه الله تعالى - قال: قرأت القرآن في سنتين. فقال الحارث: القرآن هين، والوحي أشد منه.
أي القرآن هين، والكتب أشد منه.
* * * كان صلى الله عليه وسلم يقرِّع غنمه ويحلب ويعلف.
أي ينزي عليها الفحول.
* * * مسروق رحمه الله تعالى - خرج إلى سفر، فكان آخر من ودعه رجل من جلسائه، فقال له: إنك قريع القراء؛ وإن زينك لهم زين، وشينك لهم شيت، فلا تحدثن نفسك بفقر ولا طول عمر.
هو في الأصل فحل الإبل المقترع للفحلة، فاستعاره للرئيس والمقدم؛ أراد أنك إذا خفت الفقر، وحدثت نفسك بأنك إن أنفقت مالك افتقرت، منعك ذلك التصدق والإنفاق في سبيل الخير، وإذا نُطت أملك بطول العمر قسا قلبك، وأخرت ما يجب أن يقدّم، ولم تسارع إلى وجود البر مسارعة من قصر أمله، وقرب عند نفسه أجله.
* * * تردَّى قرمل لبعض الأنصار على رأسه في بئر، فلم يقدروا على منحره، فسألوه، فقال: جوفوه ثم قطعوه أعضاءً وأخرجوه.
القرمل: الصغير من الإبل.
وعن النضر: القرملية من ضروب الإبل؛ وهي الصغار الكثيرة الأوبار، وهي حرضة البخت وضاويتها.
وفي كتاب العين: القرملية إبل كلها ذو سنامين.
جوفوه: اطعنوه في جوفه؛ يقال: جفته كبطنته؛ جعل ذكاة غير المقدور على ذبحه من النعم كذكاة الوحشي.
* * * مرة بن شراحيل رحمه الله تعالى - عوقب في ترك الجمعة، فذكر أن به وجعاً يقرى ويجتمع، وربما ارفض في إزاره.
أي يجمع المدَّة.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: (يَأَيُّهَا المُدَّثِّرُ) - قال: كان متدثراً في قرطف.
هو القطيفة، وهو منها كسبطر من السبط، أعني في الاشتراك في بعض الحروف.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - قيل له: أكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزحون؛ قال: نعم، يتقارضون.
من القريض وهو الشعر.
* * * الزهري رحمه الله تعالى - لا تصلح مقارضة من طعمته الحرام.

أهل الحجاز يسمون المضاربة القراض والمقارضة. والمعنى فيها وفي المضاربة واحد؛ وهو العقد على الضرب في الأرض والسعي فيها، وقطعها بالسير؛ من القرض في السير.
قال ذو الرمة:
إلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أجْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالا وعْنَ أيمانهنَّ الْفَوَارِسُ
* * * يحيى بن يعمر رحمه الله - كتب على لسان يزيد بن المهلب إلى الحجاج؛ إنا لقينا هذا العدو، فقتلنا طائفةً، وأسرنا طائفةً، ولحقت طائفة بقرار الأودية، وأهضام الغيطان، وبتنا بعرعرة الجبل، وبات العدو بحضيضه. فقال الحجاج: ما يزيد بأبي عذر هذا الكلام؟ فقيل له : إن يحيى بن يعمر معه. فحمل إليه، فقال: أين ولدت؟ قال: بالأهواز. قال: فأني لك هذه الفصاحة؟ قال: أخذتها عن أبي.
القرار: جمع قرارة، وهي المطمئن الذي يستنقع فيه الماء. قال أبو ذؤيب:
بقَرار قِيعَان سَقَاهَا وَابِل
الأهضام: أحضان الأودية وأسفلها؛ والهضوم مثلها؛ الواحد هضم؛ من الهضم وهو الكسر؛ يقال: هضمه حقه؛ لأنها أضواج ومكاسر. والهضم: فعل بمعنى مفعول؛ يصدقه رواية أبي حاتم عن الأصمعي: المهتضم نحو الهضم.
العرعرة: القلة. ومنها قيل لطرف السنام عرعرة؛ وللرجل الشريف: عراعر.
قال أبو سعيد السيرافي: تقول امرأة عذراء بينة العذرة؛ كما تقول: حمراء بينة الحمرة، ويقولون لمن افتضَّها: هذا أبو عذرها؛ يريدون أبو عذرتها؛ أي صاحب عذرتها؛ وجرى ذلك مثلا لكل من يستخرج شيئاً أن يقال له: أبو عذره، والأصل فيه عذرة المرأة؛ واستخفوا بطرح الهاء حين جرى في كلامهم مثلا وكثر استعمالهم له.
* * * في الحديث: الناس قواري الله في الأرض. ورو: المسلمون. وروى: الملائكة.
أي شهداؤه الذين يقرون أعمال الناس قرواً؛ أي يتتبعونها ويتصفحونها.
قال جرير:
ماذا تعدُّ إذا عددتُ عليكم ... والمسلمون بما أقولُ قَوَارِي
وقال غيره:
حدَّثَني الناسُ وهم قَوارِي ... أنكَ مِنْ خَيْرِ بني نِزارِ
لكلِّ ضَيْفٍ نازلٍ وجَارِ
وإنما جاء على فواعل؛ ذهابا إلى الفرق والطوائف، كقوله:
خُضْع الرقابِ نَواكِس الأبصار
* * * اتقوا قراب المؤمن، فإنه ينظر بنور الله - وروى: قرابة المؤمن.
هو من قول العرب: ما هو بعالم، ولا قراب عالم، ولا قرابة عالم؛ أي ولا قريب من عالم.
والمعنى: اتقوا فراسته وظنَّه الذي هو قريب من العلم والتحقيق، لصدقه وإصابته.
* * * قروت في " بر " . القراب في " أب " . على قرن في " سر " . أقرع في " شج " . القارص في " هن " . أم القرى في " بك " . أبو القرى في " نس " . وقرى في " حو " . فقرع في " ذق " . قرحانون في " سع " . قربانهم في " شم " . لا يُقرع في " بض " . قرّظ به في " ذم " . القرم في " صه " . قرني في " بد " . أقراء في " ري " . القرم في " عي " . تقرم في " عث " . يقترع في " حب " . فيقلاِّطوها في " خط " . قرن في " عم " وفي " حذ " . قرن في " شذ " . لأستقرئ في " خب " . قارف في " دك " . قارضوك في " فق " . قرى في " سن " . القراب في " أب " . قرفاً والقربة في " شن " . مقراع في " هل " . المقربة في " طر " . القرفصاء في " فر " . قريع في " فر " . اقرح في " فن " . قربة من لبن في " لق " . قردد في " نف " . وقارب في " سد " . إلا قرقرها في " صع " . لتقاري في " كي " . القرطم في " بح " .
* * *
القاف مع الزاي
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع - وروى: عن القنازع.
يحلق الرأس ويترك شعر متفرق في مواضع؛ فذلك، الشعر قزع وقنازع؛ الواحد قزعة وقنزعة؛ إذا فعل به ذلك؛ ومنه القزع من السحاب، ونون الفنزعة مزيدة، وزنها فنعلة، ونحوها عنصوة، يقال: لم يبق من شعره إلا قنزعة وعنصوة؛ ولا يبعد أن تكون عنصوة مشتقة من شق العصا، وهو التفريق فتكون أختا لقنزعة من الجهات الثلاث: الوزن والمعنى والاشتقاق.
* * * إن الله ضرب مطعم ابن آدم للدنيا مثلا، أو ضرب الدنيا لمطعم ابن آدم مثلا، وإن قرَّحة وملحه.
أي توبله، من القزح وهو التابل، وملحه؛ من ملح القدر بالتخفيف، إذا ألقى ملحاً بقدر، وأما ملحها وأملحها فإذا أكثر ملحها حتى تفسد. ومنه قالوا: رجل مليح قزيح. شُبه بالمطعم الذي طيب بالملح والقزح.
وفي أمثالهم: قزِّح المجلس يطلع.

والمعنى إن المطعم وإن تكلف الإنسان التنوق في صنعته وتطييبه وتحسينه؛ فإنه لا محالة عائد إلى حالٍ تُكره وتًستقذر، فكذلك الدنيا المحروص على عمارتها ونظم أسبابها راجعة إلى خراب وإدبار.
* * * لا تقولوا قوس قزح؛ فإن قزح من أسماء الشياطين.
قال الجاحظ: كأنه كره ما كانوا عليه من عادات الجاهلية؛ وكأنه أحب أن يقال قوس الله؛ فيرفع قدرها، كما يقال: بيت الله وزوار الله. وقالوا: قوس الله أمان من الغرق.
وفي قزح ثلاثة أوجه: أحدها: اسم شيطان، وسُمي بذلك لأنه يسوِّل للناس ويُحسِّن إليهم المعاصي من التقزيح.
وعن أبي الدقيش: القزح: الطرائق التي فيها، الواحدة قزحة.
والثالث: أن تسمى بذل لارتفاعها؛ من قزح الشيء وقحز؛ إذا ارتفع - عن المبرد. ومنه: قزح الكلب ببوله إذا طمح به ورفعه. قال: وحدثني الرياشي عن الأصمعي، قال: نظر رجل إلى رجل معه قوس، فقال: ما هذه القحزانة؟ يريد المرتفعة. وسعر قازح وقاحز: مرتفع عال. قال:
ولا يَمْنَعُون النِّيب والسَّوْمُ قاحِزُ
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أتى على قزح وهو يخرش بعيره بمحجنه.
قزح: القرن الذي يقف عنده الإمام بالمزدلفة. وامتناع صرفه للعلمية والعدل كعمر وزفر، وكذلك قوس قزح فيمن لم يجعل القزح الطرائق.
الخرش: نحو من الخدش. يقال: تخارشت الكلاب والسنانير. وهو مزق بعضها بعضا، وخرش البعير أن تضربه بالمحجن، وهو عصا معوَّجة الرأس ثم تجتذبه تريد تحريكه في السير؛ أراد أنه أسرع في السير في إفاضته.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - كره أن يصلي الرجل إلى الشجرة المقزَّحة.
هي التي تشعبت شعباً كثيرة، وقد تقزح الشجر والنبات.
وعن ابن الأعرابي: من غريب شجر البر المقزح. وهو شجر على صورة التين له أغصنة قصار في رءوسها مثل برثن الكلب.
واحتملت عند بعضهم أن يراد بها التي قزحت عليها الكلاب والسباع بأبوالها، فكره الصلاة إليها لذلك.
* * * ابن سلام رضي الله تعالى عنه - قال موسى لجبرائيل عليهما السلام؛ هل ينام ربك؟ فقال الله عز وجل: قل له: فليأخذ قارورتين، أو قازوزتين، وليقم على الجبل من أول الليل حتى يُصبح.
القازوزة والقاقوزة: مشربة دون القارورة. وعن أبي مالك: القازوزة الجمجمة، من القوارير.
* * * مجالد رحمه الله تعالى - نظر إلى الأسود بن سريع، وكان يقص في ناحية المسجد، فرفع الناس أيديهم، فأتاهم مجالد، وكان فيه قزل، فأوسعوا له، فقال: إني والله ما جئت لأجالسكم وإن كنتم جلساء صدقٍ، ولكني رأيتكم صنعتم شيئا فشفن الناس إليكم، فإياكم وما أنكر المسلمون! القزل: أسوأ العرج، وقد قزل. وأما قزل بالفتح، فنحو عرج، إذا مشى مشية القزل.
شفن وشنف؛ إذا أدام النظر متعجبا أو منكرا.
* * * في الحديث - إن إبليس ليقزُّ القزَّة من المشرق فيبلغ المغرب.
أي يثب الوثبة.
* * * قزع الخريف في " حس " وفي " عس " . القزم في " عي " . قنازعك في " خض " .
* * *
القاف مع السين
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس القسِّي - وروى: إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقسي.
هو ضرب من ثياب كتان مخلوط بحرير يؤتى به من مصر، نُسب إلى قرية على ساحل البحر يقال لها القسّ؛ قال أبو داود:
أَقْفَر الدَّيْر فالأَجَارِعُ من قَوْ ... مي فَعُوقٌ فَرَامِحٌ فَخَفِيَّهْ
بَعْدَ حيٍّ تَغْدُو القِيانُ عليهم ... في الدِّمَقْسِ القَسّي براحٍ سَبِيَّهْ
وقال ربيعة بن مقروم:
جعَلْن عتيقَ أَنْماطٍ خُدُورا ... وأَظْهرنَ الكَراديَ والعُهونا
على الأحْداجِ واسْتَشْعَرن رَيْطاً ... عِرَاقياًّ وقَسِّياًّ مَصُونا
وقيل: القسي القزي، أبدلت الزاي سينا، كقولهم: ألسمته الحجة إذا ألزمته إياها، وقيل: هو منسوب إلى القسِّ، وهو الصقيع لبياضه.
المزر: نبيذ الأرز.
الكوبة: الطَّبل.
* * * استحلف صلى الله عليه وسلم خمسة نفرٍ في قسامة، فدخل معهم رجل من غيرهم. فقال صلى الله عليه وسلم: ردوا الأيمان على أجالدهم.

القسامة: مخرجة على بناء الغرامة والحمالة لما يلزم أهل المحلة إذا وُجد قتيل فيها، لا يُعلم قاتله من الحكومة، بأن يقسم خمسون منهم، ليس فيهم صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد، يتخيرهم الولي، وقسمهم أن يقولوا: بالله ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا، فإذا أقسموا قُضي على أهل المحلة بالدية، وإن لم يكملوا خمسين كررت عليهم الأيمان حتى تبلغ خمسين يمينا.
وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنه: القسامة توجب العقل، ولا تشيط الدم.
أي توجب الدية لا القود، ولا تهلك الدم رأسا؛ أي لا تهدره حتى لا يجب شيء من الدية.
وعن الحسن رحمه الله تعالى: القسامة جاهلية.
أي كان أهل الجاهلية يتدينون بها، وقد قررها الإسلام.
يقال لجسم الرجل: أجلاده وأجاليده وتجاليده. ويقال: ما أشبه أجاليده بأجاليد أبيه، وحذف الياء اكتفاءً بالكسرة تخفيفا.
أراد أن يرد الأيمان عليهم أنفسهم، وألا يُحلَّف من ليس منهم.
أنكر دخول ذلك الرجل معهم؛ ويجوز أن يريد بأجالدهم أحملهم للقسامة، وأصلحهم لها، ويصدقه أن للأولياء التخير؛ لأنهم يستحلفون صالحي المحلة الذين لا يحلفون على الكذب.
* * * إياكم والقسامة. قيل: وما القسامة؟ قال: الشيء يكون بين الناس فينتقص منه.
القسامة: بالكسر - حرفة القسام، وبالضم ما يأخذه، ونظيرهما الجزارة، والجزارة والبُشارة والبِشارة.
والمعنى ما يأخذه جرياً على رسم السماسرة، دون الرجوع إلى أجر المثل، كتواضعهم على أن يأخذوا من كل ألف شيئاً معلوما، وذلك محظور.
وفي حديث وابصة: مثل الذي يأكل القسامة كمثل جدي بطنه مملوء رضفاً.
* * * إن الله تعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النور لو كشف طبقه أحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره، واضع يده لمسيئ الليل ليتوب بالنهار، ولمسيئ النهار ليتوب بالليل، حتى تطلع الشمس من مغربها.
القسط: القسم من الرزق؛ أي يبسط لمن يشاء ويقدره.
الطبق: كل غطاء لازم.
السبحات: جمع سبحة: كالغرفات والظلمات في غرفة وظلمة. ويجوز فتح العين وتسكينها. والسبحة: اسم لما يسبح به، ومنها سبح العجوز لأنها سبح بهن.
والمراد صفات الله جل ثناؤه التي يسبحه بها المسبحون من جلاله وعظمته وقدرته وكبريائه.
وجهه: ذاته ونفسه.
النور: الآيات البينات التي نصبها أعلاماً لتشهد عليه وتطرِّق إلى معرفته والاعتراف به؛ شبهت بالنور في إنارتها وهدايتها، ولما كان من عادة الملوك أن تضرب بين أيديهم حجب إذا رآها الراءون علموا أنها هي التي يحتجبون وراءها؛ فاستدلوا بها على مكانهم - قيل حجابة النور؛ أي الذي يُستدل به عليه كما يستدل بالحجابة على الملك المحتجب.
هذه الأيات النيرة.
ولو كشف طبقه؛ أي طبق هذه الحجاب وما يُغطى منه، وعُلم جلاله وعظمته علما جليا غير استدلالي لما أطاقت النفوس ذلك، ولهلك كل من أدركه بصره؛ أي أدركه علمه الجليّ، فشبه بإدراك البصر لجلائه.
لا ينبغي له أن ينام: أي يستحيل عليه ذلك.
واضع يده: من قولهم: وضع يده عن فلان، إذا كفَّ عنه؛ يعني لا يعاجل المسيء بالعقوبة؛ بل يمهله ليتوب.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - أنا قسيم النار.
أي مقاسمها ومساهمها. يعني أن أصحابه على شطرين: مهتدون وضالون؛ فكأنه قاسم النار إياهم فشطر لها وشطر معه في الجنة.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - باع نفاية بيت المال، وكانت زيوفا وقسياناً، بدون وزنها، فذكر ذلك لعمر، فنهاه وأمره أن يردها.
هو جمع قسي كصبيان في صبي، وكلاهما واوي؛ بدليل قولهم: الصبوة، وقسا الدرهم يقسو.
ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه: إنه قال لأصحابه: كيف يدرس العلم - أو قال: الإسلام؟ فقالوا: كما يخلق الثوب، أو كما تقسوا الدراهم. فقال: لا؛ ولكن دروس العلم بموت العلماء.
قال الأصمعي: وكأن القسي إعراب قاشيّ؛ وهو الرديء من الدراهم الذي خالطه غشّ من نحاس أو غيره. وقرئ: (وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً)؛ وهي التي ليست بخالصة الإيمان.
وقال أبو زبيد الطائي يذكر المساحي:
لها صواهل في صُمِّ السِّلامٍ كما ... صاح القَسِيّاتُ في أيدي الصياريفِ
وعن عبد الله بن مسعود: ما يسرني دين الذي يأتي العراف بدرهم قسي.

وعن الشعبي رحمه الله تعالى أنه قال لأبي الزناد: تأتينا بهذه الأحاديث قسية، وتأخذها منا طازجة.
وقيل: هو من القسوة؛ أي فضة صلبة رديئة.
الطازجة: الصحاح النقاء، تعريب تازه " بالفارسية " .
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال - في قوله تعالى عز وجل: (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) - هو ركز الناس.
يحتمل هذا التفسير وجهين: أحدهما أن يفسر القسورة نفسها بالركز، وهو الصوت الخفي. والثاني أن يقصد أن المعنى فرّت من ركز القسوة، ثم يفسر ركز القسوة بركز الناس، فقد روى عنه: أن القسورة جماعة الرجال، وروى: جماعة الرماة، وأية كانت فهي فعولة من القسر، وهو القهر والغلبة، ومنه قيل للأسد: قسورة، وللنبت المكتهل قسور. وقد قسور قسورة كما فيل استأسد. والرناة يقسرون المرمى، والرجال إذا اجتمعوا قووا وقسروا، وإذا خفض الناس أصواتهم فكأنهم قسروها.
ذكر الضمير الراجع إلى القسورة، لأنه في معنى الركز الذي هو خبره، أو لأن القسورة في معنى الركز.
* * * في الحديث: إن المسلمين والمشركين لما التقوا في وقعة نهاوند غشيتهم ريح قسطلانية.
أي ذات قسطل؛ وهو الغبار.
* * * قسيما في " بر " . قاسمت في " خي " . لو أقسم في " ضع " . والقسطين في " مد " . ولا قسيس عن قسيسيته في " وه " . قسقاسة في " عو " .
* * *
القاف مع الشين
النبي صلى الله عليه وسلم - لعن القاشرة والمقشورة.
القشر: أن تعالج المرأة وجهها بالغمرة حتى ينسحق أعلى الجلد، ويصفو اللون.
* * * قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: غزونا مع أبي بكر هوازن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفلني جارية من فزارة عليها قشع لها.
قيل: هو الجلد اليابس. وقال أبو زيد: قال القشيريون: هو الفرو الخلق، ومنه قيل لريش النعامة: قشع. قال:
جدَّل خَرْجَاء عليها قَشْع
ألا ترى إلى قوله:
كالعبد ذي الفَرْوِ الطَّويلِ الأصْلِ
* * * مرَّ صلى الله عليه وسلم وعليه قشبانيتان.
أي بردان خلقان؛ والقشيب من الأضداد، وهو من قولهم: سيف قشيب ذو قشب وهو الصدأ؛ ثم قيل: قشبه؛ إذا صقله وجلا قشبه؛ فهو قشيب. وقول من زعم أن القشبان جمع قشيب والقشبانية منسوبة إليه غير مرتضى من القول عند علماء الإعراب؛ لأن الجمع لا يُنسب إليه؛ ولكنه بناء مستطرف للنسب كالأنبجانيّ.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - بعث إلى معاذ بن عفراء بحلة، فباعها واشترى بها خمسة أرؤس من الرقيق، فأعتقهم، ثم قال: إن رجلا آثر قشرتين يلبسهما على عتق هؤلاء لغبين الرأي.
يقال للباس: القشر على سبيل الاستعارة. وأراد بالقشرتين الحلة، لأنها اسم للثوبين: الإزار، والرداء؛ وهو في هذه الاستعارة محتقر لها ومستصغر؛ في جنب ما حصل له عند الله من الذخر بالعتق.
كان رضي الله تعالى عنه بمكة، فوجد طيب ريح، فقال: من قشبنا؟ فقال معاوية: يا أمير المؤمنين؛ دخلت على أم حبيبة، فطيبتني وكستني هذه الحلة؛ فقال عمر: إن أخا الحاج الأشعث الأذفر الأشعر.
القشب: الإصابة بما يكره ويستقذر. قال النابغة:
فَبِتُّ كَأَنَّ العائدات فَرَشْنَنِي ... هَرَاساً به يُعْلَي فِرَاشِي ويُقْشَبُ
من القشب وهو القذر، والقشب: الذي خالطه قذر، وما أقشب بيتهم؛ أي ما اٌقذره! ومنه: قشبه: إذا رماه بقبيح ولطخه به. وقشب الطعام: خلطه بالسم. وقشبه الدخان؛ إذا آذاه ريحه وبلغ منه.
ومنه الحديث: إن رجلاً يمر على جسر جهنم؛ فيقول: قشبني ريحها.
والذي له استخبث تلك الرائحة الموجودة من معاوية بن أبي سفيان حتى سمى إصابتها قشبا مخالفته السنَّة، وتطيبه وهو محرم.
* * * وفي حديثه رضي الله تعالى عنه: إنه قال لبعض بنيه: قشبك المال.
أي أفسدك وخبلك.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - لو حدثتكم بكل ما أعلم لرميتموني بالقشع. وروى: بالقشع.
قيل: هي الجلود اليابسة. وقيل: المدر والحجارة؛ لأنها تُقشع عن وجه الأرض؛ أي تقلع. ومنه قيل للمدرة: القلاعة. جمع قشعة كبدر وبدرة. وقيل: القشع ما يقشعه الرجل من النخامة من صدره؛ أي لبزقتم في وجهي. وقيل القشع: الأحمق؛ أي لدعوتموني بالقشع وحمقتموني.
* * * في الحديث: كان يقال: ل(قلْ يأيُّهَا الكافرون) و(قل هو الله أحد) المقشقشتان.

أي المبرئتان من النفاق والشرك. يقال للمريض إذا برأ: قد تقشقش، وكذلك البعير إذا برأ من الجرب، وقشقشه: أبرأه. قال:
إنِّي أنا القَطِرَانُ أَشْفِى ذا الجَرَبْ ... عندي طِلاَءٌ وهِنَاءٌ للنُّقَبْ
مُقَشْقِشٌ يُبْرِئُ منهم مَنْ جَرِبْ ... وأكشِفُ الغُمّى إذا الريق عَصَبْ
وعن النضر: أقش من الجدري والمرض برأ؛ وأثبت غيره: قشَّ مرضه؛ بمعنى تقشقش، وما أرى من تكثر التقاء مضاعف الثلاثي والرباعي يكاد يستهويني إلى الإيمان بمذهب الكوفيين فيه؛ لولا تنمر أصحابنا وتشددهم.
* * * قشام في " دم " . وقشر ومقشو في " فر " . قشار في " وه " . مقشى في " لي " . وقشري في " سن " . قشبني في " وب " .
* * *
القاف مع الصاد
النبي صلى الله عليه وسلم - أُريت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف في النار يجر قصبه، على رأسه فروة؛ فقلت له: من معك في النار؟ فقال: من بيني وبينك من ألمم.
وروى: أن عمر بن لحي بن قمعة أول من بدل دين إسماعيل عليه السلام، فرأيته يجر قصبه في النار.
القصب: واحد الأقصاب، وهي الأمعاء كلها. وقيل: الأمعاء يجمعها اسم القصب، ومنه اسم القصاب، لأنه يعالجها؛ قال الراعي:
تَكْسُو المفارقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
عمرو بن لحي: أول من بحر البحيرة، وسيب السائبة، وهو أبو خزاعة.
* * * نهى صلى الله عليه وسلم عن تطيين القبور وتقصيصها - وروى: عن تقصيص القبور وتكليلها.
هو تجصيصها. والقصة: الجصة؛ وليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه لاستواء التصرف؛ ولكن الفصحاء على القاف.
* * * وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: إنها قالت للنساء لا تغتسلن من المحيض حتى ترين القصَّة البيضاء.
قالوا: معناه حتى ترين الخرقة أو القطنة بيضاء كالقصة، لا تخالطها صفرة ولا ترية وقيل: هي شيء كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم كله.
ووجه ثالث: وهو أن تريد انتفاء اللون وألاَّ يبقى منه أثرٌ البتة؛ فضربت رؤية القصَّة لذلك مثلا؛ لأن رائي القصَّة البيضاء غير راءٍ شيئاً من سائر الألوان.
التَّكليل: أن يحوطها ببناء، من كلل رأسه بالإكليل؛ وجفنة مكللة بالسديف، وروضة مكللة إذا خُفَّتْ بالنور. وقيل: هو أن يضرب عليها كلل.
* * * في ذكر أهل الجنة: ويُرفع أهل الغرف إلى غرفهم في درة بيضاء ليس فيها قصم ولا فصم.
الكسر المبين بالقاف، وغير المبين بالفاء.
في درَّة: حال من أهل الغرفة؛ أي حاصلين في درَّة. والمعنى كل واحد منهم؛ كقولهم: كسانا الأمير حلة.
* * * خطبهم على راحلته وإنها لتقصع بجرَّتها.
أي تمضغها بشدة.
* * * وعن مالك بن أنس رحمه الله تعالى: الوقوف على الدواب بعرفة سُنَّة، والقيام على الأقدام رخصة. أنا والنبيون فُرَّاط القاصفين.
من القصفة؛ وهي الدفعة الشديدة والزحمة. قال العجاج:
لِقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِم
وسمعت قصفة الناس، وهي بمعنى القصف بمعنى الكسر؛ كأن بعضهم يقصف بعضاً لفرط الزحام. والمراد بالقاصفين من يتزاحم على آثارهم من الأمم الذين يدخلون الجنة.
* * * وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لما يهمني من انقصافهم على باب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتى.
أي اندفاعهم؛ يعني أن استسعادهم بدخول الجنة؛ وأن يتمَّ لهم ذلك أهم عندي من أن أبلغ أنا منزلة الشافعين المشفّعين؛ لأن قبول شفاعته كرامة له وإنعام عليه؛ فوصولهم إلى مبتغاهم آثر لديه من نيل هذه الكرامة لفرط سفقته على أمته. رزقنا الله شفاعته، وأتم له كرامته.
* * * في المزارعة: إن أحدهم كان يشترط ثلاثة جداول، والقصارة، وما سقى الربيع؛ فنهى النبي صلى الله عليه وسلم.
القُصارة، والقصرى، والقصرَّى؛ والقصر، والقصل: كعابر الزرع بعد الدياسة؛ وفيها بقية حبّ.
الربيع: النَّهر.
كان يشترط ربُّ الأرض على المزارع أن يزرع له خاصة ما تسقيه الجداول والربيع، وأن تكون له القصارة، فنهى عن ذلك.
* * * قال صلى الله عليه وسلم فيمن شهد الجمعة فصلىَّ ولم يؤذ أحداً: بقصره إن لم تُغفر له جمعته تلك ذنوبه كلها أن يكون كفَّارته في الجمعة التي تليها.

يقال: قصرك أن تفعل كذا؛ أي حسبك وغايتك؛ وهو من معنى الحبس؛ لأنك إذا بلغت الغاية حبستك، ويصدقه قولهم في معناه: ناهيك، ونحو قوله: بقصره أن يكون كفارته قول الشاعر:
بِحَسْبِكَ في القوم أن يَعْلموا ... بأنّك فيهم غَنِيٌّ مُضر
في إدخال الباء على المبتدأ.
جمعته: نصبه على الظرف.
وفي يكون ضمير الشهود؛ أي شهوده على تلك الصفة يكفِّر عنه.
* * * من كان له بالمدينة أصل فليتمسك به، ومن لم يكن له فليجعل له بها أصلاً، ولو قصرة.
أي ولو أصل نخلة واحدة؛ والجمع قصر، وفسر قوله تعالى: (بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ) - فيمن حرّك - بأنه جمع قصرة؛ وهو أصل الشجرة ومستغلظها، وبأعناق النخل، وبأعناق الإبل.
* * * وعن الحسن رحمه الله تعالى: إن الشر يرتفع فوقهم كأعناق النخل، ثم ينحط عليهم كالأينق السود.
وفي حديث سلمان رضي الله تعالى عنه: إنه مرَّ به أبو سفيان فقال: لقد كان فيقصرة هذا مواضع لسيوف المسلمين.
يعني أصل الرقبة؛ وكأنه سمى بذلك لأنها به تنتهي؛ من القصرة، وهو الغاية المنتهى إليها.
* * * أسر ثمامة بن أُثال فأبى أن يُسلم قصراً فأعتقه فأسلم.
أي حبساً وإجباراً؛ من قصرت نفسي على الشيء؛ إذا حبستها عليه ورددتها عن أن تطمح إلى غيره.
* * * ومنه حديث أسماء بنت عبيد الأشهلية رضي الله عنها: إنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله؛ إنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، وحوامل أولادكم؛ فهل نشارككم في الأجر " فقال: نعم، إذا أحسنتن تبعُّل أزواجكن، وطلبتن مرضاتهم.
* * * قال صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله تعالى عنها؛ إن الله يبشرك ببيت في الجنة من قصب؛ لا صخب فيه ولا نصب. فقالت: يا رسول الله؛ ما بيت في الجنة من قصب؟ قال: هو بيت من لؤلؤة مُجبَّأة.
قال صاحب العين: القصب من الجوهر: ما استطال منه في تجويف.
وقالوا في المجبأة: هي المجوفة كأنها قلب مجوَّبة؛ من الجوب. وهو القطع؛ ويجوز أن يكون من الجبء؛ وهو نقير يجتمع فيه الماء وجمعه جبوء. قال جندل بن المثنى:
يَدَعْن بالأمالس الصَّهارج ... مثل الجبُوءِ في الصَّفا السَّمارِجِ
شبه تجويفها بالنقير، فاستعير له كأنها نُقرت نقرا حتى صارت جوفاء؛ وحقها على هذا أن تخرج همزتها بين بين عند المحققين إلا على لغة من قال: لا هناك المرتع.
* * * إن حميد بن ثور الهلالي أتاه صلى الله عليه وسلم حين أسلم فقال:
أْصَبحَ قَلبِي من سُلَيْمَى مُقْصَدَا ... إن خَطَأَ منها وإنْ تَعَمُّدا
فَحَمّلَ الهِمَّ كِلازاً جَلْعَدا ... تَرَى العُلَيْفِىَّ عليها مُوكّدا
وبين نِسْعيه خِدَبًّا مُلْبِدا ... إذا السَّراب بالفَلاةِ اطّردا
ونَجَد الماءُ الذي تَوَرَّدا ... تَوَرُّدَ السِّيد أراد المرصدا
حتى أرانا ربنا محمدا
أقصدته: إذا طعنته فلم تخطئه.
الكلاز: المجتمعة الخلق، من كلزت الشيء وكلزته؛ إذا جمعته. واكلازّ؛ إذا تجمَّع وتقّبض.
والجلعد: نحوها؛ واللام زائدة من التجعد؛ وهو التقبض والتجمع.
العليفي: رحل منسوب إلى علاف؛ وهو ربان أبو جرم، أول من عمل الرحال، كأنه صغَّر العلافي تصغير الترخيم.
الموكد: الموثق - ويروى: موفدا؛ أي مشرفا.
خدبا: ضخما؛ كأنه يريد سنامها أو جنبها المجفر.
ملبدا: عليه لبدة من الوبر.
نجد الماء: سال العرق؛ ويقال للعرق النجد.
تورد: تلوَّن؛ لأنه سيل من الذِّفرى أسود ثم يصفر، وشبهه بتلون الذئب.
* * * لا يقصّ إلا أمير أو مأمور أو مختال.
أي لا يخطب إلا الأمير؛ لأن الأمراء كانوا يتولون الخطب بأنفسهم.
والمأمور الذي أختاره الأئمة فأمروه بذلك، ولا يختارون إلا الرضا الفاضل.
والمختال: الذي ينتدب لها رياء وخيلاء.
* * * إن أعرابياًّ جاءه صلى الله عليه وسلم فقال: علِّمني عملاً يُدخلني الجنة؛ فقال: لثن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة؛ أعتق النسمة، وفك الرقبة: قال: أَوَ ليسا واحدا؟ قال: لا؛ عتق النسمة: أن تفرد بعتقها. وفك الرقبة. أن تعين في ثمنها، والمنحة الوكوف، والفيء على ذي الرحم الظالم.

أي جئت بالخطبة قصيرة، وبالمسألة عريضة واسعة. يقال: أقصرت فلانة؛ إذا ولدت أولاداً قصاراً، وأعرضت؛ إذا ولدتهم عراضاً.
المنحة: شاة أو ناقة يجعلها الرجل لآخر سنة يحتلبها.
الوكوف: التي لا يكفُّ درُّها.
الفيء: العطف والرجوع عليه بالبرّ؛ أي وشأنك منح المنيحة، والفيء على ذي الرحم. ولو رويا منصوبين لكان أوجه؛ ليكون طباقا للمعطوف عليه؛ لأن الفعل يُضمر قبلهما فيعطف الفعل على مثله.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - مرَّ برجل قد قصر الشعر في السوق فعاتبه.
أي جزَّه؛ إنما كرهه لأن الريح ربما حملته فأوقعته في المآكيل.
علقمة رحمه الله تعالى - كان إذا خطب في نكاح قصَّر دون أهله.
أي أمسك عمن هو فوقه وخطب إلى ما دونه. قال الأعشى:
أَثْوَي وقَصّر ليلةً ليزوَّدَا ... فمضى وأخْلَف من قَتيلَة مَوْعدا
أي أقام وأمسك عن السفر ليزود.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قال: أُغمي على رجل من جهينة في بدء الإسلام فظنوا أنه قد مات، وهم جلوس حوله، وقد حفروا له إذ أفاق، فقال: ما فعل القُصل؟ قالوا: مرَّالساعة؛ فقال: أما إنه ليس عليّ بأس؛ إني أُتيت حيث رأتموني أُغمي علي؛ فقيل: لأمك هبل، ألا ترى حفرتك تنثل! أ رأيت إن حولناها عنك بمحول - وروي: بمحول؛ ودفنا فيها قصل، الذي مشى فخزل، أتشكر لربك وتصل، وتدع سبيل من أشرك وضل؟ قال: فبرأ. ومات القصل، فجعل فيها. القصل: اسم رجل.
الهبل: الثكل؛ يقال: هبلته أمه هبلاً فهي هابل؛ والهبول: التي لا يبقى لها ولد. ورجل مهبل يقال له كثيرا: هبلت.نثل البئر؛ إذا استخرج ترابها.
المحول: مفعل من التحويل؛ كأنه آلة له ؛ ونحوه المجر لآلة التجمير؛ وبناؤها على تقدير حذف الزوائد.المحول: موضع التحويل؛ أي لو حولن هذه الحفرة عنك إلى غيرك.
خزل: تفكك في مشيته، وهي الخيزلي.
* * * تقصع في " جر " . قوصف في " صع " . القصوى والقصرى في " خب " . تقصد في " رض " . مقصدا في " مع " . تقصيتها في " نك " . القوصف في " سبح " . قصي في " نس " . أقص في " هو " . قصر بهم في " ار " . بالقصة في " دف " . قصموا وقصفوا في " زف " . قوصرة في " قر " . أقصاهم في " كف " . فياقصي في " بر " . من قصمة في " قر " . قصر في بيته في " خم " .
* * *
القاف مع الضاد
صلى الله عليه وآله وسلم - قالت دفرة أم عبد الله بن أذينة: كنا نطوف مع عائشة رضي الله عنهما، فرأت ثوبا مصلبا، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رآه ثوب قضبة.
الضمير للتصليب.
والقضب: القطع، ومنه القضب للرطبة، لأنه يقضب، واقتضاب الدابة: ركوبها، قبل أن تراض، لأنه اقتطاع لها عن حال الإهمال والتخلية، ثم استعير منه اقنضلب الكلام؛ وهو ارتجاله من غير تهيئة.
* * * قال في الملاعنة: إن جاءت به سبطاً قضئ العين فهو لهلال بن أمية.
هو الفاسد العين. يقال: قضئ الثوب وتقضَّأ إذا تفسأ، وقربة قضيئة: بالية متشققة، والقضأة: العيب.
* * * يؤتى بالدنيا بقضَّها وقضيضها.
أي بأجمعها؛ من قولهم؛ جاءوا بقضِّهم وقضيضهم، وقضِّهم بقضيضهم - وقد روى: بالرفع. والمعنى: جاءوا مجتمعين فيقضّ آخرهم على أولهم؛ من قولهم: قضضنا عليهم الخيل، ونحن نقضُّها قضَّ فانقضت.
القضُّ في الأصل: الكسر، فاستعمل في سرعة الإرسال والإيقاع، كما يقال: عقاب كاسر، وتلخيصه أن القضّ وُضع موضع القاضّ كقولهم: زور وصوم، بمعنى زائر وصائم. والقضيض: موضع المقضوض؛ لأن الأول لتقدمه وحمله الآخر على اللحاق به كأنه يقضّه على نفسه، فحقيقته جاءوا بمستلحقهم ولاحقهم؛ أي بأولهم وآخرهم.
وعن ابن الأعرابي: القضّ: الحصى الكبار، والقضيض: الحصى الصغار؛ أي جاءوا بالكبير والصغير.
* * * صفوان رضي الله تعالى عنه - كان إذا قرأ هذه الآية: (وَسَيَعْلَمُ الذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ) - بكى حتى يُرى بقد اندقَّ قضيض زوره.
يحتمل - إن لم يكن مُصحَّفاً عن قصص، وهو المشاش المغروزة فيه شراسيف أطراف الأضلاع في وسط الصدر - أن يصفه بالقضيض وهو المكسور لمآله إلى ذلك، ومشارفته له، كقوله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله، وكقوله:
أقول لهم بالشِّعب يَيْسِرونني ... ألم تعلموا أن ابن فارس زَهْدم
والزور: أعلى الصدر.
* * *

فتقضقضوا في " اط " . فيقضقضها في " شج " . اقتضها في " نط " . القضيب في " فق " . فسنقضم في " خض " . واقض في " رف " . والقضم في " عس " . اقتضى مالك في " جو " .
* * *
القاف مع الطاء
النبي صلى الله عليه وسلم - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: خرجت معه في بعض الغزوات، فبينا أنا على جملي أسير، وكان جملي فيه قطاف، فلحق بي فضرب عُجز الجمل بسوط، فانطلق أوسع جمل ركبته قطّ يواهق ناقته مواهقةً.
القطاف - بوزن الحران والشماس: مقاربة الخُطى والإبطاء، من القطف وهو القطع؛ لأن سيره يجيء مقطعَّا غير مُطّرد.
ونقيضه الوساعة؛ وقد وسع فهو وساعن ومنه قوله: أوسع جمل.
قطّ: اسم للزمان الماضي، كعوض اسم للآتي.
المواهقة: المباراة في السير، واشتقاقها من الوهق، وهو الحبل المغار يرمي به في أُنشوطة فيؤخذ به الدابة والإنسان، ومنه وهقه عن كذا؛ أي حبسه؛ لأن كل واحد من المتباريين كأنه يريد غلبة صاحبه وحبسه عن أن يسبقه.
* * * إن رجلا أتاه صلى الله عليه وسلم وعليه مقطعات له.
هي الثياب القصار؛ لأنها قطعت عن بلوغ التمام، ومنه قول جرير للعجاج: أما والله لئن سهرت له ليلة لأدعنه وقلما تغنى عنه مقطعاته؛ يعني أراجيزه لقصرها.
ومنه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في وقت صلاة الضحى إذا تقطعت الظلال.
أي قصرت، لأنها تمتد في أول النهار، فكلما ارتفعت الشمس قصرت.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: إنه نهى عن لبس الذهب إلا مقطَّعاً.
أراد الشيء اليسير كالحلقة والشذرة ونحو ذلك. وعن شمر: إن المقطعات الثياب التي تقطع وتخيَّط كالجلباب والقميص وغير ذلك، دون الأردية التي يتعطف بها، والمطارف والأكسية ونظائرها.
واستشهد بحديث عبد الله بن عباس: نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطَّعاتهم وحللهم.
وعنه: إن المقطَّعات برود عليها وشى مقطَّع.
* * * إن آمنة أمه صلى الله عليه وسلم قالت: والله ما وجدته في قطن ولا ثنة، ولا أجده إلا على ظهر كبدي وفي ظهري، وجعلت توحم.
القطن: أسفل الظهر.
والثنة: أسفل البطن من السرة إلى ما تحتها.
الوحم: شهوة الحبلى. وقد وحمت، وهي وحمى. وفي أمثالهم: وحمى ولا حبل.
* * * قال صلى الله عليه وسلم لرافع بن خديج - ورُمي بسهم في ثندوته - إن شئت نزعت السهم، وتركت القطبة، وشهدت له يوم القيامة أنك شهيد.
القطبة: هي نصل صغير يُرمى به الأغراض.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - ذكره عمر فقال: وليس فيكم من تقطَّع عليه الأعناق مثل أبي بكر.
يقال للفرس الجواد: تقطعت أعناق الخيل عليه فلم تلحقه. وقال:
يُقَطِّعُهنَّ بتَقْرِيبِه ... ويَأوِي إلَى حُضُرٍ مُلْهِبِ
يريد ليس فيكم أحد سابق كأبي بكر.
من: نكرة موصوفة، وهو اسم ليس. ومثل أبي بكر صفة له بعد صفته التي هي منه بمنزلة الصلة من الموصول في عدم الانفكاك منها، والظرف خبر. ويجوز أن ينصب مثل حملا على المعنى؛ أي ليس فيكم سابق سبقا مثل سبق أبي بكر. أو على أنه خبر ليس، وفيكم لغو.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لا يعجبنك ما ترى من المرء حتى تنظر على أي قطريه يقع.
أي على أي يقع في خاتمه عمله: أعلى شقِّ الإسلام أو غيره.
* * * لا أعرفنَّ أحدكم جيفة ليلٍ، قطرب نهار.
هو دويبة لا تستريح نهارها سعياً، فشبه بها الإنسان يسعى جميع نهاره في حوائج دنياه، ثم يمسي كالاًّ فينام جميع ليله.
* * * سلمان رضي الله تعالى عنه - كنت رجلا على دين المجوسية فاجتهدت فيها حتى كنت قطن النار الذي يوقدها.
يروى بكسر الطاء وفتحها بمعنى القاطن؛ وهو المقيم عندها الذي لزمها فلا يفارقها.
* * * زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه - كان لا يرى ببيع القطوط إذا خرجت بأسا. هي الخطوط التي فيها الأرزاق، يُكتب بها إلى النواحي التي فيها حق السلطان. قال الأعشى:
ولا المَلِك النُّعْمَان يومَ لقِيتُه ... بأمَّتِه يُعْطِي القُطوطَ ويَأْفِقُ
الواحد قط. قال الله تعالى: (عَجِّل لَنَا قِطَّنَا)، وهو من القط بمعنى القطع، لأنه قطعة من القرطاس أو قطعة من الرزق. والمعنى أنه رخّص في بيعها؛ وهو من بيع ما لم يقبض.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - أصابه قُطع أو بهر، وكان يُطبخ له الثوم في الحساء فيأكله.

القطع: انقطاع النفس، وقد قُطع فهو مقطوع.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - كان يكره القطر.
هو المقاطرة، وهي أن يزن جُلَّة من تمر أو عدلاً من متاع أو حب ويأخذ ما بقي على حساب ذلك ولا يزنه، من قطار الإبل لإتباع بعضه بعضا.
* * * القطن في " رج " . يقطع في " رك " . القطف في " غر " . القطط في " دو " . قط في " حو " . قط في " شت " . على القطع في " ول " . قطريه في " زف " . أقطّ في " كي " . قط قط في " قد " . قطقط في " وس " .
* * *
القاف مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - بعث عشرة عيناً، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ابن أبي الأقلح فلقيه المشركون فقال:
أَبو سليمانَ ورِيشُ المُقْعَدِ ... وَوَتر مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ
وَضَالَةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ
فرموه بالنبل حتى قتلوه في سبعة. وبعثت قريش إلى عاصم ليأتوا برأسه وشيء من جسده، فبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته.
المقعد: رجل نبال، وكان مقعداً.
وعن ابن الأعرابي المقعد: فرخ النسر، وريشه أجود الريش. ومن رواه " المعقد " فهو اسم رجل كان يريش السهام.
وقيل: المقعد النسر الذي قشب له حتى صيد فأُخذ ريشه.
الأجرد من الخيل والدواب كلها: القصير الشعر، ولعل جلده أقوى، والوتر المعمول منه أجود.
الضالة: السدرة البعيدة من الماء، وأراد بها السهام المصنوعة منها، كما يراد بالنبعة وبالشريانة القوس.
الجحيم: الجمر. قال الهذلي:
أَذُّبهمُ بالسيفِ ثم أبثّها ... عليهم كما بَثَّ الجحيم القَوابِس
الدبر: النحل، يريد أنا أبو سليمان، ومعي هذا السلاح العتيد؛ فما يمنعني من المقاتلة؟ كأنه قال: أنا الموصوف بفضل الرماية وآلتها كاملة عندي؛ فلا علّة. أو فاحذروني؛ وبهذا سُمي حمى الدبر.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن الإقعاء في الصلاة - وروى: نهى أن يقعى الرجل كما يُقعى السبع.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أكل مرة مقعياً.
وهو أن يجلس على أليتيه ناصباً فخذيه.
* * * سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سحائب مرَّت، فقال: كيف ترون قواعدها وبواسقها ورحاها؛ أجون أم غير ذلك؟ ثم سأل عن البرق، فقال: أخفواً أو وميضاً، أم يشقُّ شقًّا؟ قالوا: يشقُّ شقاًّ. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: جاءكم الحياء.
أراد بالقواعد ما اعترض منها وسفل كقواعد البنيان، وبالبواسق ما استطال من فروعها، وبالرحى ما استدار منها.
الجون في جون كالورد في ورد.
الخفو والخفى: اعتراض البرق في نواحي الغيم.
قال أبو عمرو: هو أن يلمع من غير أن يستطير. وأنشد:
يبيتُ إذا ما لاحَ من نحو أَرْضِه ... سَنا البرقِ يكْلاَ خَفْيَه ويُراقِبه
والوميض: لمعه ثم سكونه، ومنه أومض إذا أومى.
والشق: استطالته إلى وسط السماء من غير أن يأخ يميناً وشمالاً. أراد أيخفو خفواً أم يمض وميضاً؟ ولذلك عطف عليه يشقُّ شقّا، وإظهار الفعل هاهنا بعد إضماره فيما قبله نظيره المجيء بالواو في قوله عز وجل: (وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) بعد تركها فيما قبلها.
* * * قال له صلى الله عليه وآله وسلم رجل: يا رسول الله؛ من أهل الناس؟ قال: كل قعبري.
قال: يا رسول الله؛ وما القعبري؟ قال: الشديد على الأهل، الشديد على الصاحب.
أرى أنه قلب عبقري، يقال: رجل عبقري، وهذا عبقري قوم: إذا كان شديداً. وظلم عبقري؛ أي شديد فاحش. وأنشد الأصمعي لرجل من غطفان:
أكلّف أَن تحلّ بنو سليم ... جبوب الإِثم ظلم عَبْقَرِي
وقد جاء القلب في كلامهم مجيئاً صالحاً؛ يقولون: كعبره بالسيف وبعكره، وتقطرب على قفاه وتبرقط، وسحاب مكفهر ومكرهف، واضمحل وامضحل، ولعمري ورعملي، وعصافير القتب وعراصيفه.
إن رجلا انقعر عن ماله فجاءت ابنه أخته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسأله الميراث؛ فقال: لا شيء لك، اللهم من منعت ممنوع.
انقعر: مطاوع قعره إذا قلعه، قال الله تعالى: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر). ويقال: نخل قواعر، والمعنى مات عن مال له.
من منعت ممنوع؛ أي من حرمته الميراث فهو محروم.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - كان يقعص الخيل قعصاً بالرمح يوم الجمل حتى نوَّه به عليّ رضي الله تعالى عنه.

يقال: قعصه وأقعصه: قتله ذريعا - عن الأصمعي وابن الأعرابي. وقال امرؤ القيس:
مُؤْنِقة حدب البَرَاجِم فَوْقَها ... حرَائِبَ سُمْر مُرْهَفات قَوَاعِص
نوَّه به: شهره وعرَّفه.
* * * العطاردي رحمه الله - لا تكون متقيا حتى تكون أذلَّ من قعود؛ كل من أتى عليه أرغاه.
هو البعير الذلول الذي يقتعد.
الإرغاء: الحمل على الرُّغاء. والمعنى قهره بالركوب وحمل عليه حتى رغا ذلاًّ واستكانة.
* * * الاقتعاط في " لح " . كقعاص في " مو " . قعسا في " مل " . اقعص في " دف " . اقعنبيت في " جر " . قعصا في " حب " . قعقعة في " قي " .
* * *
القاف مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نحن بنو النضر بن كنانة لا ننتفي من أبينا، ولا نقفو أُمنا.
أي لا نتهمها ولا نقذفها. يقال: قفا فلان فلاناً إذا قذفه بما ليس فيه. ومنه قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لكَ بِهِ عِلم).
والقفية: القذيفة؛ كالشتيمة والعضيهة. وقالت امرأة في الجاهلية:
من رَجُل تَحْمِلُهُ مَطِيَّه ... وقِرْبَة مُوكَعَة مَقْرِيَّه
يَأَتِي بني زيد على ضَرِيَّه ... يخبرهم ما قلْتُ من قَفِيَّه
وهو من قفوته: إذا اتبعت أثره؛ لأن المتهم متتبع متجسس.
ومنه حديث القاسم: لا حدَّ إلا في القفو البيّن.
ومنه حديث حسان بن عطية: من قفا مؤمناً بما ليس فيه وقفه الله في ردغة الخبال حتى يجيء بالمخرج منه.
ردغة الخبال: عصارة أهل النار.
* * * ما أقفر بيت فيه خل.
أي ما صار ذا قفار، وهو الخبز بلا أدم.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن قفيز الطَّحان.
هو أن يستأجر رجلا ليطحن له كرّ حنطة بقفيز من دقيقها.
ونحوه حديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه: لا تستأجرها بشيء منها.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - سُئل عن الجراد. فقال: وددت أن عندنا منه قفعة أو قفعتين.
هي شئ ضيق الأعلى واسع الأسفل كالقفة، تتخذ من خوص يجتني فيه الرطب؛ من قفعه إذا قبضه، يقال: تقفعت أصابعه وقفعها البرد. ونظر أعرابي إلى قنفذة قد تقبضت فقال: أترى البرد قفعها. وعن بعضهم: إن القفعة جلة التمر - يمانية.
قال حذيفة رضي الله تعالى عنهما: إنك تستعين بالرجل الذي فيه - وروي: بالرجل الفاجر، فقال: إني أستعمله لأستعين بقوته ثم أكون على فقانه.
يقال: أتيته على قفان ذلك وقافيته؛ أي على أثر ذلك. وأنشد الأصمعي:
وما قلَّ عندي المالُ إِّلا سترتُه ... بِخِيْم على قَفَّانِ ذلِكَ وَاسِع
وهو فعال، من قولهم في القفا القفن - رواه النضر.
ويقال: قفن الرجل قفناً: ضرب قفاه؛ يريد ثم أكون على أثره ومن ورائه أتتبع أموره وأبحث عن أخباره، فكافته واضطلاعه بالعمل ينفعني، ولا تدعه مراقبتي وكلاءه عيني أن يختان.
وقيل: هو من قولهم: فلان قبان على فلان وقفَّان عليه؛ أي أمين عليه يتحفظ أمره ويحاسبه، كأنه شبَّه اطِّلاعه على مجاري أحواله بالأمين المنصوب عليه؛ إغنائه مغناه وسدِّه مسدَّه.
* * * أربع مقفلات: النَّذر والطلاق والعتاق والنكاح.
أي لا مخرج منهن، كأنَّ عليهنَّ أقفالا؛ إذا جرى بهن القول وجب فيهن الحكم.
وفي الحديث: ثلاث جدّهن جدّ وهزلهن جِدّ: الطَّلاق والنِّكاح والعتاق.
* * * العباس رضي الله تعالى عنه - خرج عمر يستسقي به؛ فقال: اللهم إنا نتقرَّب إليك بعمِّ نبيك وقفيَّة آبائه وكبر رجاله. فإنك تقول وقولك الحق: وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحا. فحفظتهما لصلاح أبيهما؛ فاحفظ اللهم نبيك في عمَّه؛ فقد دلونا به إليك مستشفعين ومستغفرين. ثم أقبل على الناس فقال: (استَغْفِرُوا ربكم إِنَّه كانَ غفَّارا*يُرْسل السماءَ عَليكُم مِدْراراً*ويُمْدِدكم...إلى قوله: أنهارا).

قال الراوي: ورأيت العباس وقد طال عمر، وعيناه تنضحان، وسبائبه تجول على صدره وهو يقول: اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة ولا تدع الكسير بدار مضيعة؛ فقد ضرع الصغير، ورقَّ الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السرّ وأخفى. اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا؛ فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. فنشأت طريرة من سحاب. وقال الناس: ترون ترون؟ ثم تلامَّت واستتمَّت، ومشت فيها ريح، ثم هدَّت ودرّت؛ فو الله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء، وقلَّصوا المآزر، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين.
قفيَّة آبائه: تلوهم وتابعهم. يقال: هذا قفي الأشياخ وقفيتهم إذا كان الخلف منهم؛ من قفوت أثره. ذهب إلى استسقاء أبيه عبد المطلب لأهل الحرم وسقى الله إياهم به. وقيل: هو المختار من القفي، وهو ما يؤثر به الضيف من طعام. واقتفاه: اختاره. وهو القفوة نحو الصفوة من اصطفى.
يقال: هو كبر قومه - بالضم - إذا كان أقعدهم في النسب، وهو ام ينتسب إلى جده الأكبر بآباء قليل. قال المرَّار:
وَلى الْهَامة فيهم والكُبُرْ
وأما الكبر بالكسر فعظم الشيء. يقال: كبر سياسة الناس في المال - وروى: الفرَّاء فيه الضم، كما قيل: عُظم الشيء لمعظمه، وزعم أن قوله تعالى: والذي تولى كبره منهم قرئ باللغتين.
دونا به إليك: متتنا وتوسلنا، من الدلو؛ لأنه يتوصل بها إلى الماء، كأنه قال: جعلناه الدلو إلى رحمتك وغيثك. وقيل: أقبلنا به وسقنا؛ من الدلو وهو السوق الرفيق. قال:
لا تنبلاها وادْلوَاهَا دَلْوَا
يقال: طاولته فطلته؛ أي غلبته في الطول.
وعن علي بن عبد الله بن عباس أنه طاف بالبيت وقد فرع الناس كأنه راكب وهم مشاة، وثمت عجوز قديمة فقالت: من هذا الذي فرع الناس؟ فأُعلمت، فقالت: لا إله إلا الله! إن الناس ليرذلون، عهدي بالعباس يطوف بهذا البيت كأنه فسطاط أبيض. ويروى: إن عليًّ كان إلى منكب عبد الله، وعبد الله إلى منكب العباس، والعباس إلى منكب عبد المطلب.
السبائب: جمع سبيبة، وهي خصل الشعر المنسدرة على الكتفين. والسبيب: شعر الناصية الطويل المائل، قال:
ينفضن أَفْنَان السَّبِيب والعُذَرْ
قال رحمه الله: ولو روى وسبابته لكانت أوقع مما نحن بصدده من ذكر الدعاء؛ لأن الداعي من شأنه أن يشير بالسبابة؛ ولذلك سميت الدَّعَّاءَة.
الراعي الحسن الرعية إذا ضلت من مرعيه ضالة طلبها وردها. وإذا أصاب بعضه كسر لم يُسلمه للسبع، ولكنه يرفق به حتى يصلح، فضربه مثلاً.
ضرع: بالكسر والفتح ضراعة، إذا خضع وذلّ.
الطرة: القطعة المستطيلة من السحاب، شُبِّهت بطرَّة الثوب.
هدَّت من الهدة.
قال أبو زيد: الهدة - بتشديد الدال: صوت ما يقع من السماء. والهدأة - مهموزة: صوت الحبلى - وروى: هدأت على تشبيه الرعد بصرخة الحبلى.
قلص الإزار وقلَّصته. ويقال: قميص مقلص ومتقلص. سمي ساقي الحرمين بهذه السقيا، وبأنه ساقي الحجيج بمكة.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كره للمحرمة النقاب والقفازين.
هما شيء يُعمل لليدين محشو بقطن له أزرار تُزرُّ على الساعدين، تلبسه نساء العرب توقيا من البرد. وقيل: ضرب من الحلي تتخذه المرأة في يديها ورجليها. ومنه تقفزت بالحناء: إذا نقشت يديها ورجليها.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: إنها رخَّصت للمحرمة في القفازين.
* * * قال له رضي الله تعالى عنه يحيى بن يعمر: أبا عبد الرحمن؛ إنه قد ظهر أُناس يقرءون القرآن، ويتقفزون العلم، وإنهم يزعمون أن لا قدر، وإنما الأمر أُنف. فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم بريء وأنهم براء مني.
أي يتطلبونه ويتتبعونه، يقال: اقتفرت أثره وتقفرته. قال الفرزدق:
تَنَعَّلْنَ أطراف الرِّيَاط وذيَّلَتْ ... مخافةَ سهل الأَرض أن يَتَقَفَّرا
أُنُف: أي مستأنف، لم يسبق به قدر؛ من الكلأ الأُنف؛ وهو الوافي الذي لم يرع منه.
* * * العطاردي رحمه الله تعالى - يأتونني فيحملونني كأنني قُفّة حتى يضعوني في مقام الإمام، فأقرأ بهم الثلاثين والأربعين في ركعة.

القفة: كهيئة القرعة تُتَّخذ من خوص يُجتني فيها النخل، وتضع فيها النساء غزلهن، ويُشبَّه بها الشيخ والعجوز. فيقال: شيخ كأنه قُفَّة، وعجوز كأنها قفة. وفي أمثالهم: صيام فلان صيام القفة. وقيل: هي الشجرة اليابسة. وعن الأصمعي أن القفة من الرجال الصغير الجرم. قد قُفّ: أي انضم بعضه إلى بعض حتى صار كأنه قُفّة، وهي الشجرة اليابسة. وقال الأزهري: الشجرة بالفتح، والمكتل بالضَّم.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - قال فيمن ذبح فأبان الرأس: تلك القفينة.
أي لا بأس بها. سميت المبانة الرأس قفينة؛ لأنه يقطع قفتها أي قفاها. وقفن الشاة واقتفتها. والقفية مثل القفينة - عن أبي زيد، وعن ابن الأعرابي: القنيفة.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - إن بني إسرائيل كانوا يجدون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم مبعوثا عندهم، وأنه يخرج من بعض هذه القرى العربية فكانوا يقتفرون الأثر في كل قرية حتى أتوا يثرب فنزل بها طائفة منهم.
أي يتتبعونه.
* * * البناني رحمه الله تعالى - قال: لم يترك عيسى بن مريم عليهما السلام في الأرض إلا مدرعة صوف وقفشين ومخذفة.
أي خفين قصيرين، والكلمة معربة، ومقلاعا. ولو روى بالحاء فهي العصا.
* * * قفّ في " قح " . قائفا في " عي " . قفقفة في " خم " . فاستقفاه في " حو " . القائف في " ثم " . على قفى في " نش " . على قافية في " جر " .
* * *
القاف مع القاف
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قيل له: ألا تبايع أمير المؤمنين - يعني ابن الزبير؟ فقال: والله ما شبَّهْت بيعتهم إلا بقة. أتعرف ما ققة؟ الصبي يحدث فيضع يده في حدثه، فتقول أمه: ققة - وروى: ققة، بوزن ثقة.
هو صوت يصوت به الصبي، أو يصوت له به إذا فزع من شيء مكروه أو وقع في قذر، أو فزع. ومنه قولهم: إن فلانا وضع يده في ققة، ووقع في ققة؛ أي في رأي سوء وأمر مكروه. وقال الجاحظ: الققة، وهو العقى الذي يخرج من بطن الصبي حين يولد، وإياه عنى ابن عمر حين قيل له: هلاَّ بايعت أخاك عبد الله بن الزبير؟ فقال: إن أخي وضع يده في ققة؛ إني لا أنزع يدي من جماعة وأضعها في فرقة . وعن بعضهم: يقال للصبي إذا نهى عن تناول شيء قذر: ققة، وإخ، ويع، وكخ، ونظيره من الأصوات في كون الثلاث من جنس واحد ببه.
وروى :القققة الغربان الأهلية. والمعنى أن بيعتهم منكرة قد تولاها من لا حجة له في توليها.
* * *
القاف مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ما لي أراكم تدخلون عليَّ قلحاً.
القلح: صفرة الأسنان ووسخ يركبها لطول العهد بالسواك؛ من قولهم للمتوسخ الثياب: قلح، وللجعل: الأقلح؛ لسدكه بالقذر. وفي أمثالهم: عود ويقلَّح.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لمَّا قدم الشامية لقيه المقلَّسون بالسيوف والرَّيحان.
هم الذين يلعبون بين يدي الأمير إذا دخل البلد، قال الكميت:
قد استمرت تغنِّيه الذباب كما ... غَنَّى للُقَلِّسُ بِطْرِيقاً بأُسْوَارِ
لما صالح رضي الله تعالى عنه نصارى أهل الشام كتبوا له كتابا: إنا لا نُحدث في مدينتنا كنيسة ولا قلية، ولا نخرج سعانين ولا باعوثاً.
القلية: شبه الصومعة.
السعانين: عيدهم الأول قبل الفصح بأسبوع، يخرجون بصلبانهم.
الباعوث: استسقاؤهم؛ يخرجون بصلبانهم إلى الصحراء فيستسقون.
وروى: ولا باعوتا؛ وهو عيدٌ لهم. صولحوا على ألا يظهروا زيَّهم للمسلمين فيفتنوهم.
* * * بينا عمر رضي الله تعالى عنه لاه يكلم إنسانا إذ اندفع جرير بن عبد الله يطريه ويطنب؛ فأقبل عليه فقال: ما تقول يا جرير؟ فعرف الغضب في وجهه. فقال: ذكرت أبا بكر وفضله، فقال عمر: اقلب قلاَّب، وسكت.
هذا مثل لمن تكون منه السقطة ثم يتلافاها بقلبها إلى غير معناها. وإسقاط حرف النداء في الغرابة مثله في افتد مخنوق.
* * * قال أبو وجزة السعدي رحمه الله تعالى: شهدته يستقسي فجعل يستغفر، فأقول: ألا يأخذ فيما خرج له، ولا أشعر أن الاستسقاء هو الاستغفار. فقلدنا السماء قلداً كل خمس عشرة ليلة، حتى رأيت الأرنبة يأكلها صغار الأبل من وراء حقاق العرفط.

القلد من السقي ومن الحمى: ما يكون في وقت معلوم. يقال: قلد الزرع، وقلدته الحمى؛ إذا سقاه، وأخذته في يوم النوبة. وهو من قولهم: أعطيته قلد أمري إذا فوضته إليه. كما تقول: قلدته أمري. وألقيت إليه مقاليده؛ إذا ألزمته إياه؛ لأن النوبة الكائنة لوقت معلوم لا تُخطئ، كأنها لازمة لوقتها لزوم ما يقلَّد من الأمر.
ومنه حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما؛ إنه قال لقيّمه على الوهط: إذا أقمت قلدك من الماء فاسق الأقرب فالأقرب.
الأرنبة: الأرنب، كما يقال العقربة في العقرب. وقيل: هي نبت. قال أبو حاتم: الأرنبة من النبات جمعه وواحده سواء. وقال شمر: هي الأرينة على فعيلة؛ وهي نبات يشبه الخطمي عريض الورق، واستصح الازهري هذه الرواية.
العرفط: شجر شاك؛ وحقاقه: صغاره، مستعارة من حقاق الإبل. والمعنى فيمن جعل الأرنبة واحدة الأرانب: أن السيل حملها فتعلَّقت بالعرفط، ومضى السيل ونبت المرعى، فخرجت الإبل فجعلت تأكل عظام الأرانب إحماظا بها. وفيمن فسره بالنبات أنه طال واكتمل حتى أكلته صغار الإبل ونالته من وراء شجر العرفط.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - سأل شريحا عن امرأة طُاِّقت فذكرت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر واحد. فقال شريح: إن شهد ثلاث نسوة من بطانة أهلها أنها كانت تحيض قبل أن طُلقت في كل شهر كذلك فالقول قولها. فقال علي: قالون.
أي أصبت بالرومية. أو هذا جواب جيد صالح.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إنه عشق جارية له وكان يجد بها وجداً شديداً، فوقعت يوما عن بغلة كانت عليها فجعل يمسح التراب عن وجهها ويفدِّيها، وكانت تقول: أنت قالون؛ أي رجل صالح. فهربت منه بعد ذلك. فقال:
قد كنتُ أَحسِبني قالُون فانطلقَتْ ... فاليومَ أَعْلَم أَني غَيْرُ قَالُون
* * * سعد رضي الله تعالى عنه - لما نودي ليخرج من في المسجد إلا آل رسول الله وآل عليّ خرجنا نجرُّ قلاعنا.
هو جمع قلع؛ وهو الكنف يكون فيه زاد الراعي ومتاعه. وفي أمثالهم: شحمتي في قلعي؛ أي خرجنا ننقل أمتعتنا.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - ذكر الرِّبا، فقال: إنه وإن كثر فهو إلى قُلّ.
القل والقلة كالذل والذلة، يعني أنه ممحوق البركة.
* * * كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلُّون جميعا، وكانت المرأة إذا كان لها الخليل تلبس القالبين تطاول بهما لخليلها، فألقى عليهنّ الحيض.
فسر القالبان بالرقيصين من الخشب؛ والرقيص: النعل - بلغة اليمن. وإنما أٌلقي عليهن الحيض عقوبة لئلا يشهدن الجماعة مع الرجال.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - وجدت الناس اخبر تقله.
يقال: قلاه يقليه قلى وقلاء ومقلية، وقليه يقلاه: أبغضه، والهاء مزيدة للسكت. والمعنى: وجدت الناس، أي علمتهم، مقولا فيهم هذا القول: أي ما منهم أحدٌ إلا وهو مسخوط الفعل عند الخبرة.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - لو رأيت ابن عمر ساجدا لرأيته مقلولياً.
أي متجافياً مستوفزا. ومنه: فلان يتقلَّى على فراشه؛ أي يتململ ولا يستقرّ. والباب يدل على الخفة والقلق.
* * * كعب رحمه الله تعالى - سُئل هل للأرض من زوج؟ فقال: ألم تروا إلى المرأة إذا غاب زوجها تقلحت وتنكبت الزينة؛ فإذا سمعت به قد أقبل تعطَّرت وتصنَّعت، إن الأرض إذا لم ينزل عليها المطر اربدت واقشعرَّت.
تقلَّح: تفعَّل من القلح: الذي لا يتعهد نفسه وثيابه - وروى: بالفاء؛ أي تشققت أطرافها وتشعَّثت.
اربدت: اغبرَّت، من الرُّبدة، وهي الرمدة.
* * * أبو مجلز رحمه الله تعالى - قال: لو قلت لرجل وهو على مقلته: اتَّقِ رعته وصُرع غرمته. ولو صُرع عليك رجل وأنت تقول: إليك عني، فأيكما مات غرمه الحيُّ منكما.
هي المهلكة، من قلت. وأمسى فلان على قَلَت.
غرمته: وديته. ذهب إلى أنه لا يضيع دمُ مسلم قط.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: (وَلهُ الجَوَارِ المُنْشآت).
قال: ما رفع قلعه.
القلع والقلاع: الشراع - وقد روى: القلاعة. وأقلعت السفينة جعلته لها.
* * * في الحديث في ذكر الجنة: ونبقها مثل قلال هجر.
جمع قلة، وهي حبٌّ كبير. قال الأزهري؛ ورأيتهم يسمونها الخروس.
* * * لما رآه المسلمون قلَّسوا له ثم كفروا.

التقليس: أن يضع يديه على صدره ويخضع كما يفعل النصارى قبل أن تكفر؛ أي تومي بالسجود. وهو من القلس بمعنى القيء؛ كأنه حكى بذلك هيئة القالس في تطامن عنقه وإطراقه.
* * * كان يحيى بن زكريا عليهما السلام يأكل الجراد وقلوب الشجر.
في كتاب العين: يعني ما كان رخصاً في عروقه التي تقوده ومن أجوافه. والواحد من ذلك قلب، وكذلك قلب النخلة شحمتها. وهي شطبة بيضاء تخرج في وسطها كأنها قلب فضة رخصة لينة، سميت قلباُ لبياضها.
* * * وقلبان في " ظب " . بقلة الحزن في " لق " . وأقلقوا في " زن " . يتقلقل في " فل " . قلبيا وقلبا في " حو " . قلاع في " دب " . قالب لون في " شب " . قلع في " خل " . تقلع في " مع " . القل في " حي " . والإنقليس في " صل " . قلتين في " قر " . قلائصنا في " فر " . وقلصوا في " قف " . قلصت في " نم " .
* * *
القاف مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعثمان: إن الله سيُقمصك قميصاً وإنك ستلاص على خلعه، فإياك وخلعه.
يقال: قمَّصته قميصا؛ إذا ألبسته إياه، وقمِّص هذا الثوب؛ أي اقطعه قميصا، وكذلك قبِّ هذا الثوب؛ أي اقطعه قباءً. والمراد أن الله سيلبسك لباس الخلافة؛ أي يشرفك بها ويزينك، كما يشرف ويزين المخلوع عليه بخلعته.
الإلاصة: الإدارة على الشيء؛ ليخدع عنه صاحبه وينتزع منه.
* * * إني قد نُهيت عن القراءة في الركوع والسجود؛ فأما الركوع فعظموا الله فيه، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فإنه قمن أن يستجاب لكم.
القَمَن والقَمِن والقَمِين : الجدير.
ومنه: جئته بالحديث على قمنه.
أي على سننه وعلى ما ينبغي أن يحدث به، وأنا متقمن سرك؛ أي متحريه ومتوخيه.
* * * فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زكاة الفطر صاعاً من التمر أو صاعاً من القمح.
هو البر، سمي بذلك لأنه أرفع الحبوب؛ من قامحت الناقة إذا رفعت رأسها. وأقمح الرجل إقماحا إذا شمخ بأنفه.
* * * ويل لأقماع القول، ويل للمصرين! شبه أسماع الذين لا ينجع فيهم الوعظ ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئاً مما يفرَّغ فيها.
وفي المقامات: " كم من نصيحة نصحت بها فلم يوجد لك قلب واع، ولا سمع راع، كأنَّ أذنك بعض الأقماع، وليست من جنس الأسماع " .
* * * رجم صلى الله عليه وآله وسلم رجلا ثم صلى عليه، وقال: إنه الآن لينقمس في رياض الجنة - وروى: في أنهار الجنة.
قمسته في الماء؛ إذا غمسته فانقمس. ومنه انقمس النجم؛ إذا انحطّ في المغرب.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يقمو إلى منزل عائشة كثيرا.
أي يدخل، ومنه اقتمى الشيء واقتباه؛ إذا جمعه.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - سُئل عن المد والجزر، فقال: ملك موكل بقاموس البحار، فإذا وضع قدمه فاضت، وإذا رفعها غاضت.
هو وسط البحر ومعظمه؛ فاعول من القمس.
* * * شريح رحمه الله تعالى - قضى بالخُصِّ يليه القمط.
جمع قماط، وهي شرط الخص التي يقمط بها؛ أي يوثق نت ليف أو خوص، وكان قد احتكم إليه رجلان في خُصٍّ ادَّعياه، فقضى به للذي تليه معاقد الخص دون من لا تليه.
* * * اقمر في " زه " . قامساً في " عب " . القمة في " سن " . فقمصت به في " رز " . فاتقمح في " غث " . قمل في " هي " . قمش في " ذم " . قمراء في " ري " وفي " حم " . قمص منها قمصاً في " حن " . انقمعن في " بن " . قمارص في " سن " . القامصة في " قر " .
* * *
القاف مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قنت شهراً في صلاة الصبح بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان.
هو طول القيام في الصلاة.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما: إنه سُئل عن القنوت، فقال: ما أعرف القنوت إلا طول القيام، ثم قرأ: (أمَّنْ هو قانِتٌ آناءَ الليل ساجداً وقائما).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل: أي الصلاة أفضل؟ فقال: طول القنوت.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قنت صبيحة خمس عشرة من شهر رمضان في صلاة الصبح، يقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد وعيَّاش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين؛ فدعا كذلك، حتى إذا كان صبيحة الفطر ترك الدعاء، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله؛ مالك لم تدع للنفر؟ قال: أو ما علمت بأنهم قدموا؟ قال: فبينا هو يذكرهم نفجت بهم الطريق، يسوق بهم الوليد بن الوليد، وسار ثلاثاً على قدميه وقد نكب بالحرَّة. قال: فنهج بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قضى من الدنيا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذا الشهيد، وأنا عليه شهيد.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه مر برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، فقالوا: هو قانت. فقال له: اذكر الله.
أي مطيل للقيام فحسب، لا يقرنه بذكر، وكان الرجل قد نذر أن يقوم في الشمس ساكتا لا يتكلم، فأمره بأن يذكر الله مع قيامه.
رعل وذكوان: قبيلتان من قبائل سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة ابن قيس عيلان.
يسوق بهم: أي يسوق رواحلهم وهم عليها.
نفجت بهم الطريق: رمت بهم فجأة، من نفجت الريح؛ إذا جاءت بغتة.
نكب، أي نكبته الحجارة.
نهج و أنهج: علاه الربو وانقطع نفسه.
* * * قالت الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله تعالى عنهما: أتيته صلى الله عليه وآله وسلم بقناع من رطب وأجر زغب فأكل منه.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أتى بقناع جزء.
القِنَاع والقِنْع والقُنْع: الطبق الذي يؤكل عليه.
الأجرى: صغار القثاء، وكذلك صغار الرمان والحنظل، وعن بعضهم: كنت أمرُّ في بعض طرقات المدينة فإذا أنا بحمال على رأسه طن. فقال لي: أعطني ذلك الجرو؛ فتبصرت فل أر كلبا ولا جروا، فقلت: ما هاهنا جرو! فقال: أنت عراقي! أعطني تلك القثاءة.
الجزء: الرطب - عند أهل المدينة؛ لاجتزائها به عن الطعام، كما سمي الكلأ جزءاً وجزاء، لأن الإبل تجتزئ به عن الماء.
* * * خرج صلى الله عليه وآله وسلم فرأى أقناء معلقة؛ قنو منها حشف. فقال: من صاحب هذا؟ لو تصدَّق بأطيب منه! ثم قال: أما والله ليدعنها مذللة أربعين عاما للعوافي - ويروى: حتى يدخل الكلب أو الذئب فيغُذى على بعض سواري المسجد.
القنو: الكباسة بما عليها من التمر.
مذللة: أي مدلاة معرضة للاجتناء لا تمتنع على العوافي؛ وهي السباع والطير.
غذى ببوله: دفعه دفعا. من إذا يغذو؛ إذا سال. يريد أن أهل المدينة يخرجون منها في آخر الزمان ويتركون نخلهم لا يغشاها إلا العوافي.
* * * اهتم صلى الله عليه وآله وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس لها، فذكر له القنع فلم يعجبه ذلك. ثم ذكر قصة رؤيا عبد الله بن زيد في الأذان - وروى بالباء والثاء.
هو الشبور. فمن رواه بالنون فلإقناع الصوت منه، وهو رفعه. قال الراعي:
زَجِلَ الحِدَاء كأنَّ في حَيْزُومِه ... قَصَباً ومُقْنِعَةَ الحَنِين عَجُولاَ
أو لأن أطرافه أُقنعت إلى داخله؛ أي عُطفت. ومن رواه بالباء فمن قبعت الجوالق أو الجراب؛ إذا اثنت أطرافه إلى داخل، أو من قبع رأسه إذا أدخله في قميصه؛ لأنه يقبع فم النافخ أي يواريه. وأما القثع فعن أبي عمر الزاهد أنه أثبته، وقد أباه الأزهري، وكأنه من قثع، مقلوب قعث، يقال: قعثه واقتعثه مثل غذمه واغتذمه؛ إذا أخذه كلَّه واستوعبه؛ لأخذه نفس النافخ واستيعابه له؛ لأنه ينفخ فيه بشدة واحتشاد ليرفع الصوت وينوِّه به.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال لابن أبي العاص الثقفي: أما تراني لو شئت أمرت بفتية سمينة أو قنية، فألقي عنها شعرها؛ ثم أمرت بدقيق فنُخل في خرقة فجعل منه خبز مرقق، وأمرت بصاع من زبيب فجعل في سعن حتى يكون كدم الغزال.
القنية: ما اقتنى من شاة أو ناقة.
السَّعن: شيء يتخذ من الأديم شبه دلوٍ، إلا أنه مستطيل مستدير، وربما جعلت له قوائم، ينبذ فيه. وقيل: هو وعاء يُتَّخذ من الخوص، وربما قُيَّر. وجمعه أسعان وسعون. ومنه قالوا: تسعَّن الجمل؛ إذا امتلأ شحما، أي صار كالسعن في امتلائه.
* * * خاصم إليه رضي الله عنه الأشعث أهل نجران في رقابهم. فقالوا: يا أمير المؤمنين؛ إنما كنا عبيد مملكة ولم نكن عبيد قنٍّ. فتغيظ عليه عمر وقال: أردت أن تتغفلني - وروى: أن تعنتني.

القن: هاهنا بمعنى القنانة. وقولهم: عبدٌ قنّ، وعبدان قنّ، وعبيد قنّ دليلٌ على أنه حدث وُصف به كفطر. قال الأعشى:
ونَشَأنَ في قِنٍّ وفي أَذْوَاد
وعن أبي عمرو: الأقنان جمع قن. وعن أبي سعيد الضرير: الأقنة. والفرق بينه وبين عبد المملكة أنه الذي ملك وملك أبواه؛ سمى بذلك لانفراده، من قولهم للجبيل المنفرد المستطيل قنة. وعبد المملكة هو المسبي وأبواه حُرَّان.
التغفل: تطلب غفلة الرجل ليختل. يقال: تغفلت فلانا يمينه؛ إذا أحنثته على غفلة. ومثله التعنت تطلب عنته، أي زلَّته كالتسقط.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - يوشك بنو قنطوراء أن يخرجوا أهل البصرة منها - ويروى: أهل العراق من عراقهم - كأني بهم خنس الأنوف، خزر العيون، عراض الوجوه.
قنطوراء: جارية كانت لإبراهيم عليه السلام، ولدت له أولاداً، الترك منهم.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما: يوشك بنو قنطوراء أن يخرجوكم من أرض البصرة. فقال له عبد الرحمن بن أبي بكرة: ثم مه، ثم نعود؟ قال: نعم. وتكون لكم سلوة من عيش.
* * * أبو أيوب رضي الله تعالى عنه - رأى رجلا مريضا فقال له: أبشر؛ ما من مسلم يمرض في سبيل الله إلا حطَّ الله عنه خطاياه ولو بلغت قنذعة رأسه.
هي القنزعة، واحدة قنازع الرأس، وهي ما يبقى من الشعر مفرَّقا في نواحيه. وهما لغتان كالزعاف والذعاف، والزؤاف والذؤاف، ولذم ولزم. وليس أحد الحرفين بدلا من الآخر.
* * * وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: إنه سُئل عن رجل أهلَّ بعمرة وقد لبَّدَ، وهو يريد الحج. فقال: خذ من قنازع رأسك، أو مما يشرف منه - وروى: خذ ما تطاير من شعرك.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - أخذت أبا بكر غشية من الموت، فبكت عليه ببيت من الشعر، فقالت:
مَن لا يزال دَمْعُه مُقَنَّعا ... لابُدَّ يوما أَنَّه مُهرَاق
وروى:
وَمَنْ لاَ يَزَالُ الدَّمْعُ فيه مُقَنَّعاً ... فلابُدَّ يَوْماً أَنهُ مُهرَاقُ
فأفاق أبو بكر، فقال: بل جاءت سكرة الموت بالحقِّ، ذلك ما كنت منه تحيد.
فسَّروا مقنعا بأنه المحبوس في جوفه، فكأنهم أخذوه من قولهم: إداوة مقنوعة ومقموعة؛ إذا خُنث رأسها إلى جوفها؛ ويجوز أن يراد من كان دمعه مغطى في شؤونه كامناًُ فيها، فلابد له أن يبرزه البكاء.
البيت على الرواية الأولى من بحر الرجز من الضرب الثاني. وعلى الثانية من لضرب الثالث من الطويل.
* * * وأقنوك في " حك " . قنازعك في " خض " . أقنعه ولم يقنعه في " صب " . وتقنع في " بأ " . فأتقنح في " غث " . والقنين في " كو " . قنى الغنم في " لق " . أقنى في " شذ " . وفي " جل " . القانع في " تب " . قن في " قل " . ومقانبها في " ظع " . مقنب في " كل " . القنذع في " شر " . قنص بن معد في " سل " ؟ بقنو في " عذ " .
* * *
القاف مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال؛ ونهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات - ويروى: عن قيل وقالٍ.
أي نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون، من قولهم: قيل كذا وقال فلان كذا، وبناؤهما على كونهما فعلين محكيين متضمنين للضمير، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء، خلوين من الضمير. ومنه قولهم: إنما الدنيا قال وقيل. وإدخال حرف التعريف عليهما لذلك في قولهم: ما يعرف القال والقيل. وعن بعضهم: القال الابتداء، والقيل الجواب. ونحوه قولهم: أعييتني من شب إلى دب، ومن شب إلى دب.
كثرة السؤال: مساءلة الناس أموالهم، أو السؤال عن أمورهم وكثرة البحث عنها.
إضاعة المال: إنفاقه في غير طاعة الله والسرف، وإيتاؤه صاحبه وهو سفيه حقيق بالحجر.
* * * لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها؛ ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قدِّه خير من الدنيا وما فيها؛ القاب والقيب: كالقاد والقيد بمعنى القدر. وعينه واو، لثلاثة أوجه: أن بنات الواو من المعتل العين أكثر من بنات الياء، وأن " ق و ب " موجود دون " ق ي ب " ، وأنه علامة يعلم بها المسافة بين الشيئين: من قولهم: قوَّبوا في هذه الأرض؛ إذا أثروا فيها بموطئهم ومحلِّهم، وبدت علامات ذلك.
القدُّ: السوط؛ لأنه يتخذ من القد، وهو سير يقدُّ من جلد محرَّم. قال طرفة:

فإن شئت لم تُرْقِل وإن شئت أَرْقَلَتْ ... مخافَةَ مَلْوِىٍّ من القِدِّ مُحْصَدِ
* * * قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم وفد عبد القيس، فجعل يُسمى لهم تمران بلدهم. فقالوا لرجل منهم: أطعمنا من بقية القوس الذي في نوطك، فاتاهم بالبرني. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أما إنه خير تمركم لكم؛ أما إنه دواء لا داء فيه.
وروى؛ إنه كان فيما أهدوه له قرب من تعضوض - وروى: قدموا عليه فأهدوا له نوطاً من تعضوض هجر.
القوس: بقية التمر في أسفل القربة أو الجلة، كأنها شبهت بقوس البعير، وهي جانحته.
النوط: الجلة الصغيرة.
التعضوض: ضرب من التمر. قال الأزهري: أكلت التعضوض بالبحرين فما علمتني أكلت تمرا أحمت حلاوة منه، ومنبته هجر.
ومن القوس حديث عمر رضي الله عنه: إنه قال له عمرو بن معد يكرب: أ أبرام بنو المغيرة؟ قال: وما ذاك؟ قال: تضيَّفت خالد بن الوليد فأتاني بقوس وكعب وثور. قال: إن في ذلك لشبعاً. قال: لي أو لك؟ قال: لي ولك. قال: حلاًّ يا أمير المؤمنين فيما تقول؛ إني لآكل الجذعة من الإبل أنتقيها عظماً عظما، وأشرب التبن من اللبن رثيئة أو صريفا.
الكعب: القطعة من السمن، والثور: من الأقط.
حلاًّ: أي تحلَّل في قولك.
التبن: أعظم العساس، يكاد يروي العشرين، ويقال: تبن القوم لسيدهم وكبيرهم. والتبانة: الفطانة وجزالة الرأي.
الرثيئة: اللبن الحامض مخلوطا بالحلو، وارتثأ اللبن؛ ومنه ارتثأ فلان في رأيه؛ إذا خلط، ورثئوا آراءهم رثأً.
الصريف: الحليب ساعة يُصرف عن الضرع.
* * * وجَّه صلى الله عليه وآله وسلم ابن جحش في أول مغازيه، فقال له المسلمون: إنا قد أقوينا فأعطنا من الغنيمة؛ فقال: إني أخشى عليكم الطلب؛ هذِّبوا، فهذَّبوا يومهم.
الإقواء: فناء الزاد، وأن يبقى مزوده قواء؛ أي خاليا.
الطلب: جمع طالب، أو أراد المصدر، أو حذف المضاف وهو الأهل.
التهذيب والإهذاب: الإسراع.
* * * عن بريدة الاسلمي رضي الله تعالى عنه: سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صوتاً بالليل، يعني رجلا يقرأ القرآن؛ فقال: أتقوله مرائيا.
أي أتظنه؛ وهذا نختص بالاستفهام. قال:
متى تَقُول القُلُصَ الرَّوَاسِمَا ... يَلْحَقْنَ أمّ عَاصِم وعَاصِما
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذي يريد أن يعتكف فيه إذا أخبية لعائشة وحفصة وزينب؛ فقال: ألبرٍ تقولون بهنّ؟ ثم انصرف فلم يعتكف.
أراد أتظنون بهن البرَّ، يعني لا برَّ عند النساء.
* * * استقيموا لقريش ما استقاموا لكم؛ فإن لم يفعلوا فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم.
أي أطيعوهم ما داموا مستقيمين على الدين وثبتوا على الإسلام.
خضراؤهم: سوادهم ودهماؤهم.
* * * إن نسَّاني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح القوم وليصفق النساء.
القوم في الأصل: مصدر قام، فوصف به، ثم غلب على الرجال لقيامهم بأُمور النساء.
التصفيق: ضرب أحد صفقي الكفين على الآخر.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه: شُكي إليه بعض عماله، فقال: أ أنا أُقيد من وزعة الله.
أقاده من فلان؛ إذا أقصَّه منه.
الوزعة: جمع وازع، وهم الولاة المانعون من محارم الله.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - من ملأ عينيه من قاحة بيت قبل أن يؤذن له فقد فجر.
القاحة والباحة والساحة: أخوات في معنى العرصة.
* * * سلمان رضي الله تعالى عنه - من صلى بأرض قيّ فأذّن، وأقام الصلاة صلى خلفه من الملائكة ما لا يُرى قطراه؛ يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه.
هو فعلٌ؛ من القواء، وهي الخء من الأرض. قال العجاج:
قِيٌّ تُنَاصِيها بِلادٌ قِيُّ
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - يا رب قائم مشكور له، ويا رب نائم مغفور له.
قالوا: هو المتهجد يستغفر لأخيه وهو نائم؛ فيشكر لهذا ويغفر لذاك.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - إذا استقمت بنقد فبعت بنقد فلا بأس به. وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه.
الاستقامة في كلام أهل مكة: التقويم؛ ومعناه أن يدفع الرجل إليك ثوباً فتقومه بثلاثين، فيقول لك: بعه بها، فما زدت عليها فلك؛ فإن بعته بالنقد فهو جائز، وتأخذ الزيادة، وإن بعته بالنسيئة فالبيع مردود.

* * * الأسود بن زيد رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: (وإنَّا لجميعٌ حاذِرُون). قال: مقوون مؤدون.
أي أصحاب دواب قوية كاملة أداة الحرب؛ يقال: آديت للسفر، فأنا مؤدٍ له، أي متأهب.
* * * ابن المسيب رحمه الله تعالى - قيل له: ما تقول في عثمان وعلي؟ فقال: أقول فيهم ما قوَّلني الله، ثم قرأ: (وَالَّذينَ جَاءُوا من بعدهم يقولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا...) الآية.
يقال: أقولتني وقوَّلتني؛ أي أنطقتني ما أقول.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - لم يكن يرى بأساً بالشركاء يتقاوون المتاع بينهم فيمن يزيد.
التقاوي بين الشركاء: أن يشتروا سلعة بيعاً رخيصاً ثم يتزايدوا هم أنفسهم، حتى يبلغوا بها غاية ثمنها. وأنشد أبو عمرو:
وكيف على زُهْدِ العَطَاء تَلُومُهمْ ... وهم يَتَقَاوَوْن الفَطِيمة في الدَّمِ
وقاوى بعضهم بعضا مقاواةً؛ فإذا استخلصها بعضهم لنفسه فقد اقتواها.
ومنه حديث مسروق رحمه الله: إنه أوصى في جارية له: أن قولوا لبني لا تقتووها بينكم، ولكن بيعوها، إني لن أغشها، ولكني جلست منها مجلسا ما أحب أن يجلس ولدٌ لي ذلك المجلس.
ومأخذه من القوة؛ لأنه بلوغ بالسلعة أقوى ثمنها.
وأما حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة رحمهما الله تعالى: قال عطاء: أتيته فقلت: امرأة كان زوجها مملوكا فاشترته؟ قال: إن اقتوته فُرِّق بينهما، وإن أعتقته فهما على نكاحهما.
فقد فُسر فيه اقتوته باستخدمته؛ وله وجهان: أحدهما: أن يكون افتعل، وأصله من الاقتواء بمعنى الاستخلاص، فكُني به عن الاستخدام؛ لأن من اقتوى عبداً ردفه أن يستخدمه. والثاني أن يكون افعل من القتو وهو الخدمة، كارعوى من الرعوى، إلا أن فيه نظرا؛ لأن افعل لم يجيء متعديا، والذي سمعته اقتوى؛ إذا صار خادما. قال عمرو بن كلثوم:
تَهَدَّدْنا وأَوْعِدْنا رُوَيْداً ... مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينَا!
ويروى بالفتح جمع مقتوي، كالأشعرين في الأشعري. والمذهب المشهور أن المرأة إذا اشترت زوجها حرمت عليه من غير اشتراط الخدمة؛ ولعل هذا اجتهاد قد اختص به عبيد الله.
* * * في الحديث: كفى بالرجل إثما أن يضيع من يقوت، أو يقيت.
قاته يقوته؛ وعن الفراء يقيته أيضا؛ إذا أطعمه قوتاً، ورجل مقوت ومقيت. ومن إقسام الأعراب: لا، وقائت نفسي القصير ما فعلت كذا. تعني الله الذي يقوتها. وأقات عليه إقاتة فهو مقيت؛ إذا حافظ عليه وهيمن. ومنه قوله تعالى: (وكانَ اللهُ عَلَى كلِّ شيء مُقِيتاً). وحذف الجار والمجرور من الصلة هاهنا نظير حذفهما من الصفة في قوله عز وجل: (واتَّقُوا يوما لا تُجْزَى...).
* * * يذهب الدين سنةً سَنَةً كما يذهب الحبل قُوّة قُوَّة.
هي الطاقة من طاقات الحبل، والجمع قوى.
* * * الأقوال في " أب " . لا يقام في " دك " . القوز في " ده " . قور في " رك " . قافة في " جو " . مع قادتها في " ود " . مقورة في " أب " . والقائمتين في " مس " . القائف في " ثم " . قائبة قوب في " ذق " . قوقية في " هر " . قوارة في " هي " . قائفا في " عي " . وقال به في " عط " . فلما قال في " أر " . الأقواء في " سح " . أن يقوموا في " سع " .
* * *
القاف مع الهاء
علي رضي الله تعالى عنه - إن رجلا أتاه وعليه ثوبٌ من قهز. فقال: إن بني فلان ضربوا بني فلان بالكناسة؛ فقال علي: صدقني سن بكره.
القَهْز والقِهز: ضرب من الثياب يتخذ من صوف كالمرعزي، ربما خالطه الحرير.
صدّقه عليّ رضي الله عنه؛ وهو مثل يُضرب لمن يأتي بالخبر على وجهه، وأصله مذكور في كتاب المستقصي.
* * * يقهقر في " شر " . القهقرى في " حو " .
* * *
القاف مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن رجلا من اليمن قال له: يا رسول الله؛ إنا أهل قاهٍ؛ فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه، فعملوا له فأطعمهم وسقاهم من شراب يقال له المزر. فقال: أله نشوة؛ قال: نعم. قال: فلا تشربوه.
القاه: أن يدعو فيجاب؛ ويأمر فيطاع. قال رؤبة:
تالله لولا النارُ أَنْ نَصْلاَها ... أَوْ يَدْعُو النَّاسُ عَلَينا الله
لَما سَمِعْنا لأَمير قاهَا
واستيقه مقلوب منه. وفيه دليل على أن عينه ياء؛ قال المخبل السعدي:
ورَدُّوا صُدُورَ الخَيْل حتى تَنَهْنَهتْإلى ذِي النُّهَى واسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ

وعن ابن الأعرابي: يقال: وقه يقه، واتقه يتقه؛ إذا أطاع. والقاه مقلوب منه. كما قلب الجاه من الوجه. وعلى قوله الياء في استيقه مقلوبة من واو، كقولهم: أينق.
المزر: نبيذ الشعير.
* * * دخل أبو بكر رضي الله تعالى عنه وعند عائشة قينتان تغنيلن في أيام منىً، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم مضطجع مُسجَّى ثوبه على وجهه. فقال أبو بكر: أعند رسول الله يُصنع هذا؟ فكشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن وجهه، وقال: دعهن فإنها أيام عيد - وروى: أنه دخل وعندها جاريتان من الأنصار تغنيان بشعر قيل في يوم بعاث.
القينة: الأمة؛ غنت أم لا.
وفي حديث سلمان رضي الله عنه: لو بات رجل يُعطي البيض القيان، وبات آخر يقرأ القرآن ويذكر الله لرأيت أن ذاكر الله أفضل.
* * * لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ختى يريه خير له من أن يمتئ شعراً.
القيح: المدة. وقاحت القرحة تقيح. وروى الداء جوفه: أفسده. قال:
قاَلَت له: وَرْياً إذا تَنَحْنَحَا
وقيل لداء الجوف: ورى؛ لأنه داء داخل متوارٍ. ومنه قيل للسمين: وارٍ؛ كأن عليه ما يواريه من شحمه. ألا ترى إلى قول الأعرابي: عليه قطيفة من نسجِ أضراسه. وورى الزند؛ لأنه بروز كامن.
قال الشعبي: إنه الشعر الذي هُجي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هو كل شعر إذا شغل عن القرآن وذكر الله، وكان أغلب على الرجل مما هو أولى به.
* * * استقاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عامداً فأفطر.
أي تكلف القيء، والتقيؤ أبلغ من الاستقاءة.
ومنه الحديث: لو يعلم الشارب قائما ماذا عليه لاستقاء ما شرب.
* * * أبو الدرداء رضي الله عنه - خير نسائكم التي تدخل قيساً، وتخرج ميساً؛ وتملا بيتها أقطاً وحيساً، وشر نسائكم السلفعة البلقعة، التي تسمع لأضراسها قعقعة، ولا تزال جارتها مفزَّعة.
أي تأتي بخطاها مستوية لأناتها، ولا تعجل كالخرقاء.
الميس: التبختر.
السلفعة: الجريئة.
البلقعة: الخالية من الخير.
قعقعة: صريفاً لشدة وقعها في الأكل.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - إذا كان يوم القيامة مُدَّت الأرض مدَّ الأديم، فإذا كانت كذلك قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها؛ فنُثروا على وجه الأرض فإذا أهل السماء الدنيا أكثر من جميع أهل الأرض.
أي شُقّت؛ من قاض الفرخ البيذة قانقاضت. ومنه القيض.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال لسعيد بن عثمان بن عفان حين قال له: ألست خيراً منه؟ يعني من يزيد: لو مُلئت لي غوطة دمشق رجالاً مثلك قياضاً بيزيد ما قبلتهم.
أي مقايضة، وهي المعاوضة.
* * * ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - لما قُتل عثمان قلت: لا أستقيلها أبدا، فلما مات أبي انقطع بي؛ ثم استمرَّت مريرتي.
أي لا أُقيل هذه العثرة أبداً ولا أنساها.
المريرة: الحبل المفتول، واستمرارها: قوتها واستحكامها، يعني تصبَّرت وتصلَّبت.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - يغذو الشيطان بقيروانه إلى السوق، فيفعل كذا وكذا.
قال صاحب العين: القيروان دخيل مستعمل، وهو معظم القافلة، يعني أنه تعريب كاروان، وقد جاء في الشعر القديم. قال امرؤ القيس:
وغَارَةٍ ذَاتِ قَيْرَوان ... كأن أسرَابَها الرِّعالُ
فيجوز أن يكون عربياً، وفعلوانا من تركيب القير، سمي به معظم العسكر والقافلة، كما قيل: سوداء، ودهماء.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قضى بشهادة القائس من يمين المشجوج.
هو الذي يقيس الشَّجَّةَ بالمقياس ويتعرف غورها بالميل الذي يدخله فيه ليعتبرها.
* * * لا يقيله في " بي " . أقيد في " أخ " . قيد رمحين في " أي " . قيد الفرس في " خر " . ما يقيّظن في " قر " . تقين ومقيد في " زه " . إلى قينة في " أن " .
* * * آخر كتاب القاف

========

 حرف الكاف
الكاف مع الهمزة أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - إن بين أيدينا عقبة كؤودا لا يجوزها إلا المخف.
الكؤود مثل الصعود، وهي الصعبة، ومنه تكاءده الأمر، وتصَّعده؛ إذا شقَّ عليه وصعب. وكأد، وكأب، وكأن، ثلاثتها في معنى الشدة والصعوبة، يقال: كأنت؛ إذا اشتددت - عن أبي عبيدة.
والكآبة: شدة الحزن.

أخفَّ الرجل، إذا خفَّت حاله ورقَّت، وكان قليل الثقل في سفره أو حضره. وعن مالك بن دينار رحمه الله تعالى: إنه وقع الحريق في دار كان فيها، فاشتغل الناس بالأمتعة، وأخذ مالك عصاه وجراباً كان له ووثب، فجاوز الحريق، وقال: فاز المخفون.
ويقال: أقبل فلان مخفاّ.
* * * الحكم بن عتيبة رحمه الله تعالى - خرج ذات يوم وقد تكأكأ الناس عليه.
أي توقفوا عليه وعكفوا مزدحمين؛ من كأكأته، أي قدعته وكففته، فتكأكأ. قال:
إذا تَكأْكَأْنَ على النَّضِيج
وقال الجاحظ: مرَّ أبو علقمة ببعض طرق البصرة وهاجت به مرة، فوثب عليه قوم فأقبلوا يعصرون إبهامه، ويؤذِّنون في أُذنه، فأفلت من أيديهم، وقال: مالكم تكأكأتم عليَّ كما تتكأكأون على ذي جنة، افرنقعوا عني. فقال بعضهم: دعوه فإن شيطانه يتكلم بالهندية.
* * * وكآبة المنقلب في " وع " .
* * *
الكاف مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ما أحد من الناس عرضت عليه الإسلام إلا كانت له عنده كبوة غير أبي بكر فإنه لم يتلعثم - ويروى: ما عكم عنه حين ذكرته له، وما تردَّد فيه.
الكبوة: الوقفة كوقفة العاثر.
والتلعثم والعكوم نحوها أو قريب منها. يقال: قرأ فلان فما تلعثم وما تلعذم؛ أي ما توقف ولا تحبَّس. قال القيم العبسي:
رسول من الرَّحمن يتلو كتابه ... فلمّا أَنارَ الحقُّ لم يَتَلعْثَم
وليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه.
ونحوهما حذوت وحثوت، وقرب حذ حاذ وحثاث، وعكم وعكف وعكر وعكل وعكظ وعكا أخوات: في معنى الوقوف وما يقرب منه.
* * * إن ناساً من الأنصار قالوا له صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّا نسمع من قومك، حتى يقول القائل: إنما مثل محمد مثل نخلة تنبت في كبا.
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه إنه قال: يا رسول الله؛ إن قريشاً جلسوا فتذاكروا أحسابهم، فجعلوا مثلك مثل نخلة في كبوة من الأرض.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قيل له: يا رسول الله؛ أين ندفن أبنك؟ قال: عند فرطنا عثمان بن مظعون. وكان قبر عثمان عند كبا بني عمرو بن عوف.
الكبا: الكناسة، وجمعه أكباء، والكبة بوزن قلة وظبة: نحوها.
وقال أصحاب الفراء: الكلبة المزبلة، وجمعها كبون كقلون. وأصلها كبوة؛ من كبوت البيت إذا كنسته. وعلى الأصل جاء الحديث، إلا أن المحدث لم يضبط الكلمة فجعلها كبوة بالفتح - وإن صحَّت الرواية فوجهها أن تطلق الكبوة، وهي الكسحة، على الكساحة.
* * * في ليلة الإسراء قال: عُرض عليّ الأنبياء، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة النفر والرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد حتى مر موسى في كبكبة من بني إسرائيل أعجبتني. فقلت: رب أُمتي! فقيل: انظر عن يمينك، فنظرت فإذا بشرٌ كثير يتهاوشون. فقيل: انظر عن يسارك، فنظرت فإذا الظراب مستدَّة بوجوه الرجال! قيل: هذه أُمتك. أرضيت؟ قلت: ربي رضيت.
هي الجماعة المتضامنة، والكبكوبة والكبكوب مثلها. من قولهم: رجل كباكب، وهو المجتمع الخلق. والكباب: الثرى المتكبب بعضه على بعض.
التهاوش: الاختلاط والتداخل، والتهويش: الخلط.
الأصمعي - الحزاور: الروابي الصغار، والظراب نحو منها.
سدَّه واستدَّه بمعنى.
الثلاثة النفر مما لم يثبت عند البصريين، والصواب عندهم ثلاثة النفر، وقد تقدم نحوه. وعن أبي عثمان المازني: أنهم أضافوا إلى رهط ونفر، ولم يضيفوا إلى قوم وبشر، فقالوا: ثلاثة نفر وتسعة رهط، ولم يقولوا: ثلاثة بشر وثلاثة قوم؛ قال: لأنَّ بشراً يكون للكثير وقوم للقليل والكثير، ورهط ونفر لا يكونان إلا للقليل؛ فلذلك أضافوا إليه ما بين الثلاثة إلى العشرة، لأن ذلك في معنى ما كان لأدنى العدد.
* * * قال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمر الظهران نجني الكباث، فقال: عليكم بالأسود فإنه أطيبه.
هو النضيج من البرير، وهو ثمر الأراك. والمراد الغض، وأسوده أنضجه. وقيل له الكباث لتغيره وتحوله إلى حال النضج؛ من كبث اللحم إذا بات مغموماً فتغير. وكبثنا السفينة إذا جنحت إلى الأرض فحوَّلنا ما فيها إلى الأخرى.
* * * أي وجع الكبد من جرع الماء، فاشفوه رشفاً. يقال: كبده الماء إذا أضر بكبده.
* * * مات رجل من خزاعة أو من الأزد ولم يدع وارثا؛ فقال: ادفعوه إلى أكبر خزاعة.

أي أدفعا ماله إلى كبيرهم، وهو أقربهم إلى الجد الأول، ولم يرد به كبر السنِّ.
* * * قال بلال رضي الله عنه: أذنت في ليلة باردة فلم يأت أحد؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لهم يا بلال! قلت: كبدهم البرد؛ فلقد رأيتهم يتروَّون في الضَّحَاء.
أي شقّ عليهم وضيَّق، من الكبد، أو أصاب أكبادهم؛ لأن الكبد مكان الحرارة فلا يخلص إليها من البرد إلا الشديد.
الضَّحاء: الضحى. قال بشر بن أبي خازم:
هُدُوءاً ثم لأْياً ما اسْتَقَلُّوا ... لوِجْهَتهِمْ وقد تَلَعَ الضَّحَاء
يريد أنه دعا لهم بانكشاف البرد، حتى احتاجوا إلى التروُّح.
* * * دخل صلى الله عليه وآله وسلم على أبي عميرة فرآه مكبوتا.
يقال: رجل كابت ومكبوت ومكتبت: أي ممتلئ غماًّ. وقد كبته. وقيل: هو كابت ما في نفسه إذا لم يبده لأحد. وإنك لتكبت غيظك في جوفك: لا تخرجه. وقيل: الأصل الدال؛ أي بلغ الهمُّ كبده.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - إذا وقعت السُّهمان فلا مكابلة.
أي فلا ممانعة؛ من الكبل وهو القيد؛ يريد إذا حُدَّت الحدود، ووقعت القسمة فلا يحبس أحد عن حقه. وكان عثمان لا يرى الشفعة إلا للخليط دون الجار.
ومنه الحديث: لا مكابلة إذا حُدَّت الحدود ولا شفعة.
وزعم بعضهم أن المكابلة التأخير. يقال: كبلتك دينك؛ أي أخرته عنك. قال: والمكابلة المنهي عنها أن تباع دار إلى جنب دارك وأنت تريدها، فتؤخر ذلك حتى يستوجبها المشتري، ثم تأخذها بالشفعة وهي مكروهة.
وعن الأصمعي أنها مقلبة من المباكلة أو الملاكبة؛ وهي المخالطة. يقال: بكلت الشيء ولبكته، أي إذا حُدَّت الحدود فقد ذهب الاختلاط. وبذهابه حقُّ الشفعة؛ كأنه قال: فلا علَّة لثبوت الشفعة.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - ذكر فتنة شبهها بفتنة الدجال، وفي القوم أعرابي، فقال: سبحان الله يا أصحاب محمد! كيف وقد نعت لنا المسيح؛ وهو رجل عريض الكبهة، مشرفة الكتد، بعيد ما بين المنكبين؛ فرُدع لها حذيفة ردعة، ثم تساير عن وجهه الغضب.
أراد الجبهة، فأخرج الجيم بين مخرجها ومخرج الكاف، وهو أحد السبعة التي ذكر سيبويه أنها غير مستحسنة ولا كثيرة في لغة من ترتضي عربيته.
الكتد: ما بين أعلى الظهر والكاهل.
رُدع: تغير لونه ضجراً؛ من ردعت الثوب بالزعفران.
تساير؛ أي سار وزال.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - سجد أحد الأكبرين في (إذا السماءُ انْشَقَّت).
أراد الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما.
عند أصحابنا: في المفصل ثلاث سجدات: إحداها في هذه، والثانية والثالثة في (والنجم) و(اقرأ). وهو مذهب أبي هريرة كما ترى وابن مسعود رضي الله عنهما، وعند مالك والشافعي رحمهما الله تعالى لا سجود فيه، وهو مذهب ابن عباس وزيد ابن ثابت رضي الله عنهم.
* * * عقيل رضي الله تعالى عنه - إن قريشا قالت لأبي طالب: إن ابن أخيك قد آذانا فانهه عنَّا. فقال: يا عقيل؛ انطلق فائتني بمحمد، فانطلقت إليه فاستخرجته من كبس.
أي من بيت صغير؛ قيل له كبس لخفائه؛ من كبس الرجل رأسه في ثوبه إذا أخفاه. أو من غار في أصل جبل. من قولهم: إنه لفي كبس غني، أو في كرس غني؛ أي في أصله - حكاه أبو زيد.
* * * الأكباء في " عذ " . الكباء في " جف " . اكبوا في " لح " . كبة في " أر " . أكباها في " زو " . وكبر رجاله في " قف " . كبة في " حو " . بكبره في " رف " . مكبس في " مر " . كبروا في " حو " . الكبر في " جل " . ابن أبي كبشة في " عن " .
* * *
الكاف مع التاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قام إليه رجل فقال: يا رسول الله؛ نشدتك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله؛ فقام خصيمه وكان أفقه منه؛ فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي، قال: قل، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالا من أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأة هذا الرجم؛ فقال: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله؛ المائة الشاة والخادم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأة هذا الرجم. واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها. فغدا عليها فاعترفت، فرجمها.

بكتاب الله؛ أي بما كتبه على عباده، بمعنى فرضه. ومنه قوله تعالى: (كتاب الله عليكم)؛ ولم يُرد القرآن؛ لأن النفي والرجم لا ذكر فيه لهما.
العسيف: الأجير.
* * * ابن عمر رضي الله عنهما - من اكتتب ضمناً بعثه الله ضمناً يوم القيامة.
أي كتب نفسه زمناً، وأرى أنه كذلك، وهو الصحيح، ليتخلف عن الغزو.
* * * أسماء رضي الله تعالى عنها - قالت فاطمة بنت المنذر: كنا معها نمتشط قبل الإحرام وندَّهن بالمكتومة.
هي دهن من أدهان العرب أحمر، يُجعل فيه الزعفران. وقيل: يجعل فيه الكتم؛ وهو نبات يُخلط مع الوسمة للخضاب الأسود.
* * * الحجاج - قال لامرأة: إنك كتون لفوت لقوف صيود.
هي من قولهم: كتن الوسخ عليه وكلع، إذا لزق.
والكتن: لطخ الدخان بالحائط؛ أي لزوق بمن يمسها أو طيعة دنسة العرض. وقيل: هي من كتن صدره إذا دوى، أي دويبة الصدر منطوية على ريبة وغشّ.
وعن أبي حاتم: ذاكرت به الأصمعي فقال: هو حديث موضوع ولا أعرف أصل الكتون.
اللفوت: الكثيرة التلفت.
اللقوف: التي إذا مُسَّت لقفت يد الماسِّ سريعا.
* * * فتكاتَّ في " ست " . لايكت في " حد " . تكتب في " حل " . اكتع في " رف " . كتاب الله في " خف " . مكتل في " دم " . الكتد في " كب " وفي " مع " . تكتم في " حل " . كت منخره في " عف " . وله كتيت في " مر " .
* * *
الكاف مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا قطع في ثمر ولا كثر.
الكثر: جُمَّار النخل، وهو شحمه الذي يخرج به الكافور، وهو وعاء الطلع من جوفه، سمي جُمَّاراً وكثرا؛ لأنه أصل الكوافير وحيث تجتمع وتكثر.
* * * قال أبو سفيان رضي الله تعالى عنه عند الجولة التي كانت من قبل المسلمين: غلبت والله هوازن. فأجابه صفوان: بفيك الكثكث؛ لأن يرُبَّني رجل من قريش أحب إليَّ من أن يرُبَّني رجل من هوازن.
هو بالفتح والكسر: دقاق الحصى والتراب.
ربَّه: كان له ربَّا، أي مالكاً، نحو ساده؛ إذا كان له سيدا.
* * * الكثر في " تب " . كث منخره في " عف " . بالكثبة في " نب " . كثف في " زن " . اكثبت في " زف " .
* * *
الكاف مع الجيم
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - في كل شيء قمارٌ حتى في لعب الصبيان بالكُجَّة.
الكُجَّة، والبُكْسَة، والتُّون: لعبة يأخذ الصبي خرقة فيدورها كأنها كرة ثم يتقامرون بها. وكجَّ الصبي، إذا لعب بالكُجَّة.
* * *
الكاف مع الحاء
يكحب في " عق " .
* * *
الكاف مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أكل الحسن أو الحسين تمرة من تمر الصدقة. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كخ كخ! هي كلمة تقال للصبي إذا زُجر عن تناول شيء، وعند التقذر من الشيء أيضا. وأنشد أبو عمرو:
وعاد وَصْلُ الغَانِيَاتِ كَخا
* * *
الكاف مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عرضت يوم الخندق كدية؛ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسحاة، ثم سمى ثلاثاً وضرب، فعادت كثيبا أهيل - وروى: إن المسلمين وجدوا أعبلة في الخندق وهم يحفرون، فضربوها حتى تكسرت معاولهم، فدعوا لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما نظر إليها دعا بماء فصبَّه عليها فصارت كثيباً ينهال انهيالاً.
الكُدية: قطعة صلبة لا تعمل فيها الفأس. وأكدى الحافر إذا بلغها.
الأهيل: المُنهال.
الأعبلة: واحدة الأعبل، وهي حجارة بيض صلاب. قال:
والضَّرْبُ في إقْبَالِ مَلْمُومَةٍ ... كَأَنَّمَا لأْمَتُهَا الأَعْبَلُ
ويقال حجر أعبل، وصخرة عبلاء؛ وهو من قولهم: رجل عبل بيِّن العبالة، وهي الضِّخم والشدة.
* * * المسائل كُدوح يكدح بها الرجل ذا سلطان أو في أمر لا يجد منه بدًّا.
أي خدوش. سؤال ذي السلطان أن تسأل حقَّك من بيت المال.
* * * سالم رحمه الله تعالى - دخل على هشام بن عبد الملك فقال: إنك لحسن الكدنة. فلما خرج من عنده أخذته قفقفة، فقال لصاحبه: أتُرى الأحول لقعني بعينه.
هي غلظ الجسم وكثرة اللحم.
وعن يعقوب: ناقة ذات كِدْنَة وكُدْنة، كقولك: حاف بيِّن الحَفوَة والحُفْوَة.
القفقفة والقرقفة: الرعدة. وتقفقف وتقرقف. قال جرير:
وَهُمْ رَجَعُوها مُسْحِرين كأَنَّما ... بجِعْثِنَ من حُمَّى المدينةِ قَفْقَفُ

لقعني: أصابني. وكان هشام أحول. ويحكى أنه سهر ذات ليلة فطُلب له الشعراء ليؤنسوه بالنشيد؛ فكان فيمن أنشده أبو النجم، فلما بلغ من لاميته التي أولها:
الحمد لله الوهوب المُجْزِل
إلى قوله:
والشمس قد صارت كَعَيْنِ الأحْوَلِ
استشاط غضباً وقال: أخرجوا هؤلاء عني، وهذا خاصة.
* * * الكُدى في " كر " . الكوادن في " عر " . كدوحاً في " خد " . اكديتم في " زف " . متكادس في " كو " . يكدم في " جو " . ابن مكدم في " حو " .
* * *
الكاف مع الذال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الحجامة على الريق فيها شفاء وبركة، وتزيد في العقل وفي الحفظ؛ فمن احتجم فيوم الخميس والأحد كذباك أو يوم الاثنين والثلاثاء، اليوم الذي كشف الله تعالى فيه عن أيوب البلاء، وأصابه يوم الأربعاء. ولا يبدو بأحدٍ شيء من جذام أو برص إلا في يوم أربعاء أو ليلة أربعاء.
كذباك: أي عليك بهما.
ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه: كذب عليكم الحج - كذب عليكم العمرة. كذب عليكم الجهاد. ثلاثة أسفار كذبن عليكم.
وعنه رضي الله عنه: إن رجلا أتاه يشكو إليه النقرس. فقال: كذبتك الظهائر أي عليك بالمشي في حر الهواجر وابتذال النَّفْس.
وعنه رضي الله عنه: إن عمرو بنمعد يكرب شكا إليه المعص فقال: كذب عليك العسل، يريد العسلان.
وهذه كلمة مشكلة قد اضطربت فيها الأقاويل، حتى قال بعض أهل اللغة: أظنها من الكلام الذي درج ودرج أهله ومن كان يعلمه، وأنا لا أذكر من ذلك إلا قول من هجيراه التحقيق.
قال الشيخ أبو علي الفارسي رحمه الله: الكذب: ضرب من القول، وهو نطق، كما أن القول نُطق؛ فإذا جاز في القول، الذي الكذب ضرب منه، أن يُتَّسع فيه فيجعل غير نطق في نحو قوله:
قد قالت الأَنْسَاعُ للبطت الْحَقِي
ونحو قوله في وصف الثور:
فكَّر ثم قال في التفكير
جاز في الكذب أن يُجعل غير نطق في نحو قوله:
كَذَب القرَاطفُ والقرُوفُ
فيكون ذلك انتفاء لها. كما أنه إذا أخبر عن الشيء على خلاف ما هو به كان ذلك انتفاء للصدق فيه. وكذلك قوله:
كذَبْتُ عَلَيْكم أَوْعِدُوني
معناه ليت لكم؛ وإذا لم أكن لكم ولم أعنكم كنت منا بذاً لكم، ومنتفيةً نصرتي عنكم؛ ففي ذلك إغراء منه لهم به.
وقوله:
كَذَب العَتِيق
أي لا وجود للعتيق وهو التمر فاطلبيه.
وقال بعضهم في قول الأعرابي وقد نظر إلى جمل نضو: كذب عليك القت والنوى.
وروي: البزر والنوى.
معناه أن القتَّ والنوى ذكرا أنك لا تسمن بهما، فقد كذبا عليك؛ فعليك بهما؛ فإنك تسمن بهما.
وقال أبو علي: فأما من نصب البزر فإن عليك فيه لا يتعلق بكذب؛ ولكنه يكون اسم فعل، وفيه ضمير المخاطب. وأما كذب ففيه ضمير الفاعل كأنه قال: كذب السمن؛ أي انتفى من بعيرك؛ فأوجده بالبزر والنوى، فهما مفعولا عليك: وأضمر السمن لدلالة الحال عليه في مشاهدة عدمه.
وفي المسائل القصريات: قال أبو بكر: في قول من نصب الحج فقال: كذب عليك الحج أنه كلامان. كأنه قال كذب، يعني رجلا م إليه الحج، ثم هيج المخاطب على الحج؛ فقال: عليك الحج.
هذا وعندي هو قول، وهو أنها كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم، ولذلك لم تصرف ولزمت طريقةً واحدة في كونها فعلاً ماضياً معلقاً بالمخاطب ليس إلا. وهي في معنى الأمر، كقولهم في الدعاء: رحمك الله. والمراد بالكذب الترغيب والبعث. من قول العرب: كذبته نفسه إذا منته الأماني، وخليت إليه من الآمال مالا يكاد يكون. وذلك ما يرغب الرجل في الأمور، ويبعثه على التعرض لها. يقولون في عكس ذلك: صدقته نفسه، إذا ثبَّطته وخيَّلت إليه المعجزة والنكد في الطلب. ومن ثمت قالوا للنفس الكذوب.
قال أبو عمرو بن العلاء: يقال للرجل يتهدد الرجل ويتوعده ثم يكذب ويكعّ: صدقته الكذوب، وأنشد:
فأَقْبَلَ نَحْوِي على قُدْرَةٍ ... فلمَّا دَنَا صَدَّقَتْهُ الكذوب
وأنشد الفراء:
حتى إِذَا ما صَدَّقَتْه كذبه
أي نفوسه، جعل له نفوسا، لتفرق الرأي وانتشاره.
فمعنى قوله: كذبك الحج ليكذبك؛ أي لينشطك ويبعثك على فعله.

وأما كذب عليك الحج. فله وجهان: أحدهما: أن يضمَّن معنى فعل يتعدى بحرف الاستعلاء، أو يكون على كلامين، كأنه قال: كذب الحج، عليك الحج، أي ليرغبك الحج؛ هو واجب عليك؛ فأضمر الأول لدلالة الثاني عليه. ومن نصب الحج فقد جعل عليك اسم فعل، وفي كذب ضمير الحجّ.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - حمل يوم اليرموك على الروم، وقال للمسلمين: إن شددت عليهم فلا تُكذِّبوا.
التكذيب عن القتال: ضد الصدق فيه، يقال: صدق القتال إذا بذل فيه الجدِّ وأبلى. وكذَّب عنه إذا جَبُن. قال زهير:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصْطَادُ الرِّجالَ إذَامَا اللَّيْثُ كَذَّبَ عَنْ أَقْرَانِه صَدَقَا
* * * ابن غزوان رضي الله تعالى عنه - أقبل من المدينة حتى كانوا بالمربد فوجدوا هذا الكذَّان. فقالوا: ما هذه البصرة؟ ثم نزلوا وكان يوم عكاك، فقال عتبة: ابغوا لنا منزلا أنزه من هذا.
الكذَّان والبصرة: حجارة رخوة إلى البياض.
العكاك: جمع عكة؛ وهي شدة الحر مع الومد. ومنه قول ساجع العرب: إذا طلع السماك، وذهب العكاك، وقلَّ على الماء اللكاك.
أنزه: أبعد من الحرِّ والأذى.
* * * كذب بكر في " جف " .
* * *
الكاف مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الأنصار كرشي وعيبتي، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار.
أراد أنهم بطانتي وموضع سري وأمانتي، فاستعار الكرش والعيبة لذلك؛ لأنَّ المجتر يجمع علفه في كرشه، والرجل يجعل ثيابه في عيبته.
ومنه الحديث: كانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنهم وكافرهم.
وأما قولهم لعيال الرجل كرش، وله كرش منثورة - فهو من قول العرب: تزوج فلان بفلانة فنثرت له بطنها وكرشها. ومن ذلك فسر أبو عبيد كرشي بجماعتي.
* * * عن حمنة بنت جحس رضي الله تعالى عنها - إنها استُحيضت، فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لها: احتشي كرسفا. فقالت له: إنه أكثر من ذلك؛ إني أثجَّه ثجَّاً. قال: تلجمي وتحيضي ستا أو سبعا، ثم اغتسلي وصلِّي.
الكرسف والكرسوف: القطع من القطن، من الكرسفة؛ وهي قطع عرقوب الدابة، والكرفسة مثلها.
التلجم: شد اللجام.
تحيَّضي: أي اقعدي أيام حيضك، ودعي فيها الصلاة والصيام.
* * * بينا هو صلى الله عليه وآله وسلم وجبرائيل يتحدثان تغيَّر وجه جبرائيل حتى عاد كأنه كركمة.
هي واحدة الكركم، وهو الزعفران، وقيل: شيء كالورس. وقيل: العصفر.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم حين دفن سعد بن معاذ الأنصاري فعاد لونه كالكركمة؛ فقال: لقد ضم سعد ضمة اختلفت منها أضلاعه. والميم زائدة لقولهم: الكرك للأحمر، قال أبو داود:
كَرِكٌ كلَوْن التِّين أَحْوى يانِعٌ ... مُتَراكم الأكمام غير صَوَادِي
يريد النخل إذا أينع ثمره. وقالوا: الكركب أيضا - حكاه الأزهري.
* * * إن الله تعالى يقول: إذا أنا أخذت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين، فصبر لي لم أرض له بهما ثواباً دون الجنة - ورو: " كريمته " .
أي جارحتيه الكريمتين عليه كالعينين والأذنين. وقيل في كريمته هي عينه. وقيل: أهله وكل شيء يكرم عليك فهو كريمتك.
* * * أهدى له صلى الله عليه وآله وسلم رجل راوية خمر، فقال: إن الله حرمها. قال: أفلا أُكارم بها يهود! فقال: إن الذي حرمها حرَّم أن يُكارم بها. قال: فما أصنع بها؟ قال: سُنَّها في البطحاء.
ويروى: أن رجلا كان يُهدى إليه كل عام راوية من خمر، فجاءه بها عام حُرِّمت، فهتها في البطحاء - ويروى: فبعّها.
المكارمة: أن تهدى له ويكافئك. قال دكين في عمر بن عبد العزيز:
يا عُمَر الخيراتِ والمكارِمِ ... إني امرءٌ مِنْ قَطَنِ بن دارمِ
أَطْلبُ دَينِي من أخٍ مُكارم
أي مكافئ. الثلاثة في معنى الصبّ إلا أن السنَّ في سهولة، والهتَّ في تتابع، والبع في سعة وكثرة - وروى بالثاء. أي قذفها؛ من ثعَّ يتعُّ إذا قاءَ.
* * * ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط.

المكاره: جمع المكره، وهو ضد المنشط. يقال: فلان يفعل كذا على المكره والمنشط؛ أي على كل حال. والمراد أن يتوضأ مع البرد الشديد والعلل التي يتأذى معها بمسِّ الماء ومع إعوازه والحاجة إلى طلبه، واحتمال المشقة فيه، أو ابتياعه بالثمن الغالي وما أشبه ذلك.
الرِّباط: المرابطة، وهي لزوم الثغر. شبه ذلك بالجهاد في سبيل الله.
* * * خرجت فاطمة عليها السلام في تعزية بعض جيرانها على ميِّت لهم، فلما انصرفت قال لها: لعلك بلغت معهم الكرى. قالت: معاذ الله، وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر - وروى: الكُدى.
هي القبور، وقياس الواحد كرية أو كروة؛ من كريت الأرض وكروتها إذا حفرتها، كالأكرة من أكرت، والحفرة من حفرت.
ومنه: إن الأنصار أتوه في نهر يكرونه لهم سيحا؛ فلما رآهم قال: مرحبا بالأنصار! مرحباً بالأنصار! والكدى: جمع كدية؛ وهي القطعة الصلبة من الأرض، ومقابرهم تحفر فيها. ومنها قولهم: ما هو إلا ضب كدية؛ قال بعض الأعراب:
سقى الله أرضاً يعلم الضبّ أنها ... عَذِيَّة ترب الطين طيِّبة البَقْل
بنى بيته في رأس نشز وكُدْية ... وكل امرئ في حِرْفةِ العيش ذو عقل
* * * خرج صلى الله عليه وآله وسلم عام الحديبية حتى إذا بلغ كراع الغميم إذا الناس يرسمون نحوه.
الكراع: جانب مستطيل من الحرة، شبهت بالكراع من الإنسان؛ وهي ما دون الركبة، والجمع كرعان. يقال: انظر إلى كرعان ذلك الحزن؛ أي إلى نوادره التي تندر من معظمه.
ومنه حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه: إنه لما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة لقيه رجل بكراع الغميم. فقال: من أنتم؟ فقال أبو بكر: باغٍ وهادٍ! وكان يركب خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيقول له: تقدم على صدر الراحلة حتى تعرب عنا من لقينا. فيقول: أكون وراءك وأُعرب عنك.
عرَّض ببغاء الإبل وهداية الطريق، وهو يريد طلب الدين والهداية من الضلالة.
عرَّبت عن الرجل: إذا تكلمت عنه واحتججت له.
الغميم: واد.
الرسيم: عدوٌ شديد. يقال: رسمت الناقة ترسم، وهي رسوم؛ إذا أثَّرت في الأرض بشدة وطئها؛ قال ذو الرمة:
بمائرة الضَّبعَيْن معَوجَّة النَّسا ... يشجُّ الحَصَى تَخْوِيدها ورَسِيمها
* * * لا تسموا العنب الكرم؛ فإنما الكرم الرجل المسلم.
أراد أن يقرر ويشدد ما في قوله عز وجل: (إنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، ورمز خلوب. فصبر أن هذا النوع من غير الأناسي المسمى بالاسم المشتق من الكرم أنتم أحقاء بألاَّ تؤهلوه لهذه التسيمة، ولا تطلقوها عليه؛ ولا تسلموها له؛ غيرةً للمسلم التقى، وربأ به أن يشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفته، فضلا أن تسموا بالكريم من ليس بمسلم، وتعترفوا له بذلك. وليس الغرض حقيقة النهى عن تسميه العنب كرماً، ولكن الرمز إلى هذا المعنى؛ كأنه قال: إن تأتي لكم ألا تسموه مثلا باسم الكرم، ولكن بالجفنة والحبلة، فافعلوا.
وقوله: فإنما الكرم، أي فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم المسلم. ونظيره في الأسلوب قوله تعالى: ( صِبْغَة الله ومَنْ أَحْسَن من الله صِبْغَة ).
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - لما أراد النفر الذين قتلوه الدخول عليه جعل المغيرة ابن الأخنس يحمل عليهم ويكردهم بسفيه.
الكَرْد والطَّرْد أخوان. يقال: كرد عنقه: قطعها، وحردها مثله. الكرد والحرد: العنق.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليله فأكرينا في الحديث.
أي أطلنا في الحديث.
* * * معاذ رضي الله تعالى عنه - قدم علي أبي موسى، وعنده رجل كان يهوديًا فأسلم ثم تهود. فقال: والله لا أقعد حتى تضربوا كرده.
أي عنقه.
* * * أم سلمة رضي الله تعالى عنها - ما صدقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعت وقع الكرازين.
هي الفؤوس.
* * * أبو أيوب رضي الله تعالى عنه - ما أدري ما أصنع بهذه الكراييس، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نستقبل القبلة ببول أو غائط.
جمع كرياس، وهو الكنيف يكون مشرفاً على سطح بقناة في الأرض؛ فعيال من الكرس، وهو المتطابق من الأبوال والأبعار. وهو في كتاب العين الكرناس - بالنون.
* * *

أبو العالية رحمه الله تعالى - الكروبيون سادة الملائكة، جبرائيل وميكائيل وإسرافيل.
هم المقربون؛ من ركب إذا قرب، قال أمية:
ملائكة لا يسأمون عبادة ... كَرُوبَّيةٌ منهم رُكُوعٌ وسُجَّدُ
* * * عكرمة رحمه الله تعالى - كره الكرع في النهر.
يقال: كرع في الماء يكرع كرعاً وكروعاً؛ إذا تناوله بفيه من موضعه فعل البهيمة. وأصله في البهيمة، لأنها تدخل أكارعها.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - كانوا يكرهون الطلب في أكارع الأرض.
أي في نواحيها وأطرافها؛ يعني الإبعاد في الأرض للتجارة حرصاً على المال.
* * * ابن سيرسين رحمه الله تعالى - إذا بلغ الماء كرًا لم يحمل نجساً - وروي: إذا كان الماء قدر كرٍ لم يحمل القذر.
الكر: ستون قفيزا، والقفيز: ثمانية مكاكيك، والمكوك: صاع ونصف.
* * * كرب في " جو " . وفي " قح " . الكرزين في " حم " . وكراكر في " صل " . الكرع في " فش " . والكرانيف في " غس " . فاكرش في " رس " . الكراديس في " شذ " . بين كريمين في " لك " . الكريمة في " تب " . الكرم في " فت " .
* * *
الكاف مع الزاي
عون رحمه الله تعالى - قال في وصيةٍ لابنه، وذكر رجلاً يذم: إن أفيض في الخير كزم، وضعف واستسلم. وقال: الصمت حكم، وهذا مما ليس لي به علم. وإن أفيض في الشر قال: بي عي، فتكلم؛ فجمع بين الأروى والنعام، ولاءم ما لا يتلاءم.
الكزم، والأزم: أخوان، أمسك عن الكلام وسكت فلم يفض في الخير وانخزل، وأخذ يحسن عادة الصمت، ويضرب له الأمثال، ويتجاهل ويتعامى عن وجه الخوض فيه. وأما في الشر فنشيط للإفاضة فيه، خائف إن سكت أن يظن فيه فهاهة، فهو يحتشد للتكلم فيه ويجمع نفسه له، ويتكلم بالمتنافر من الكلام الذي لا يأخذ بعضه بأعناق بعض. وهو راكب رأسه لا يبالي؛ كأنه أراد ابنه على ألا يكون من أبناء جنس هذا الكلام وأشكاله، وان نفسه عن طبقته، ونصحه أن يكون من مفاتيح الخير ومغاليق الشر حتى لا يكون مذموما مثله.
* * * الكرم في " عي " .
* * * الكاف مع السين النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ليس في الإكسال إلا الطهور.
هو أن يجامع ثم يفتر فلا ينزل، يقال: أكسل الفحل؛ صار ذا كسل. وفي كتاب العين: كسل إذا فتر عن الضراب. وأنشد:
أَ إِن كَسِلْتُ والحِصَان يَكْسَل ... عن السِّفَادِ وهو طِرْفٌ هَيْكل
ونحوه ما روي: إن الماء من الماء. وهذا كان صدر الإسلام ثم نسخ، أثبت سبويه الطهور والوضوء والوقود في الصادر.
* * * إن الكاسيات العاريات المائلات المميلات لا يدخن الجنة.
هن اللواتي يلبسن الرقيق الشفاف. وعن الأصمعي: كسى يكسي؛ إذا صارت كسوة فهو كاس. وأنشد:
يَكْسَي ولا يَغْرَث مملوكُها ... إذا تَهَرّتْ عَبْدَها الهارِيْه
ومنه قوله:
واقْعُد فإنك أنتَ الطاعمُ الكاسِي
ويجوز أن يكون من كسا يكسو، كالماء الدافق.
المائلات: اللاتي يملن خيلاء. المميلات: اللاتي يملن قلوب الرجال إلى أنفسهن.أو يملن المقانع عن رءوسهن؛ لتظهر وجوههن وشعورهن. قال أبو النجم:
مائلةِ الخِمْرَةِ والكلامِ ... باللَّغْوِ بين الحلِّ والحرامِ
ومن المشطة الميلاء، وهي مشطة معروفة عندهم، كأنهن يملن فيها العقاص. وتعضده رواية من روى أن امرأة قالت: كنت أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ميل رأسي. فقال: الكاسيات...
وقال الشاعر:
تقول لي مائلة الذَّوَائبِ ... كيف أخي في العُقَب النَّوائِب
أو أراد بالمائلات المميلات اللاتي يملن إلى الهوى والغي عن العفاف وصواحبهن كذلك. كقولهم: فلان خبيث مخبث.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - ما بالرجال لا يزال أحدهم كاسراً وسادة عند امرأة مغزية يتحدث إليها وتتحدث إليه. عليكم بالجنبة فإنها عفاف، إنما النساء لحمٌ على صم إلا ما ذاب عنه.
كسر الوساد: أن يثنيه ويتكئ عليه، ثم يأخذ في الحديث فعل الزير.
المغزية: التي غزا زوجها.
الجنبة: الناحية من كل شيء، ورجل ذو جنبة: أي ذو اعتزال عن الناس متجنب لهم. أراد اجتنبوا النساء ولا تدخلوا عليهن.
الوضم: ما وقيت به اللحم من الأرض.
* * *

قال سعد بن الأخرم: كان بين الحي وبين عدي بن حاتم تشاجر؛ فأرسلوني إلى عمر بن الخطاب؛ فأتيته وهو يطعم الناس من كسور إبل، وهو قائم متوكي على عصاً متزر إلى أنصاف ساقيه، خدبٌّ من الرجال كأنه راعي غنم، وعليَّ حلة ابتعتها بخمسمائة درهم، فسلَّمت عليه؛ فنظر إليَّ بذنب عينيه؛ فقال لي رجل: أمالك معوز؟ قلت: بلى. قال: فألقها؛ فألقيتها، وأخذت معوزاً، ثم لقيته فسلَّمت فردَّ عليَّ السلام.
الكسر - بالفتح والكسر: العضو بلحمه.
الصواب مؤتزر. والمتزر من تحريف الرواة.
الخدب: العظيم القوي الجافي.
كأنه راعي غنم؛ أي في بذاذته وجفائه.
ذنب العين: مؤخرها.
المعوز: واحد المعاوز؛ وهي الخلقان من الثياب؛ لأنها لباس المعوزين.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - ندمت ندامة الكسعى؛ اللهم خُذ لعثمان حتى يرضى.
هو محارب بن قيس، من بني كسيعة، وقيل: من بني الكسع، وهم بطن من حمير. يضرب به المثل في الندامة. وقصته مذكورة في كتاب المستقصي.
* * * قال طلحة رضي الله عنه: أقبل شيبة بن خالد يوم أُحد، فقال: دلوني على محمد؛ فأضرب عرقوب فرسه. فاكتسعت به؛ فما زلت واضعا رجلي على خدَّه، حتى أزرته شعوب.
أي رمت به على مؤخرها؛ من كسعت الرجل إذا ضربته على مؤخره.
أزرته شعوب: أوردته المنية.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: قال بعضهم: رأيت أبا الدرداء عليه كساف.
أي قطعة ثوب. من قوله تعالى: (ويجعله كِسَفا).
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - سُئل عن الصدقة، فقال: إنها شر مال؛ إنما هي مال الكسحان والعوران.
يقال: كسح الرجل كسحا، إذا ثقلت إحدى رجليه في المشي. قال الأعشى:
وخَذُولِ الرِّجْل من غَيْرِ كَسَحْ
وهو قريب من القعاد؛ داء يأخذ في الأوراك فتضعف له الرجل؛ وهو من الكسح؛ لأنه إذا ثقلت رجله وضعفت فكأنه يجرها إذا مشى؛ فشبه جرها بكسح الأرض.
ومنه حديث قتادة رحمه الله تعالى: إنه قال في قوله تعالى: (ولوْ نَشَاء لمسَخْنَاهم عَلَى مَكَانَتِهِمْ)، ولو نشاء لجعلناهم كسحاً؛ أي مقعدين.
* * * في الحديث: لا تجوز في الأضاحي الكسير البينة الكسر.
هي الشاة المنكسرة الرجل التي لا تقدر على المشي.
* * * في كسر الخيمة في " بر " . الكسعة في " جب " . في كسره في " زن " . كسكسة تميم في " لخ " . كاسر في " خط " . فلا يكسب كاسب في " رب " . فاكسروها في " غل " . تكسب المعدوم في " عد " .
* * *
الكاف مع الشين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.
الكاشح: هو الذي يطوي على العداوة كشحه. والكبد في الكشح، ويقال للعدو: أسود الكبد، أو الذي يطوي عنك كشحه ولا يألفك.
* * * كشية في " وض " . كشكشة في " لخ " . اكشف في " جن " .
* * *
الكاف مع الظاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أتى كظامة قوم فتوضأ ومسح على قدميه.
الكظامة: واحدة الكظائم؛ وهي آبار تُحفر في بطن وادٍ متباعدة، ويخرق ما بين بئرين بقناة يجري فيها الماء من بئر إلى بئر.
ومنه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إذا رأيت مكة قد بُعجت كظائم وساوى بناؤها رءوس الجبال فاعلم أن الأمر قد أ؟لك، فخذ حذرك.
* * * في الحديث: في ذكر باب الجنة يأتي عليه زمان وله كظيظ.
أي امتلاء بازدحام الناس. يقال: كظَّ الوادي كظيظا، بمعنى اكتظَّ، وكظَّه الماء كظًّا.
* * * كظ الوادي في " قح " . لها كظة في " بش " . يكظم في " قح " . وكظ في " عن " .
* * *
الكاف مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن المكاعمة والمكامعة.
أي عن ملائمة الرجل الرجل ومضاجعته إياه لا ستر بينهما؛ من كعم المرأة إذا قبَّلها ملتقما فاها، ومن الكميع والكمع بمعنى الضجيع.
* * * وكعب في " قو " . كعبك في " فر " . كالكعدبة في " عص " .
* * *
الكاف مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال في العاقد شعره في الصلاة: إنه كفل الشيطان.
أي مركبه، وهو في الأصل كساء يدار حول سنام البعير ثم يركب، واكتفلت البعير إذا ركبته كذلك.
ومنه حديث النخعي رحمه الله: إنه كان يكره الشرب من ثلمة الإناء ومن عروته؛ وقال: إنها كفل الشيطان.
* * * يقل الله تعالى للكرام الكاتبين: إذا مرض عبدي فاكتبوا له مثل ما كان يعمل في صحته حتى أُعافيه أو أكفته.

أي أقبضه. يقال: اللهم اكفته إليك، وأصله الضم، وقيل للأرض كفات لضمها من يدفن فيها. ولذلك قيل لبقيع الغرقد: كفتة. ويقال: وقع في الناس كفت؛ أي موت وضم في القبور.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لحسان: لا تزال مؤيداً بروح القدس ما كافحت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وروى: " نافحت " .
أي دافعت وقاتلت؛ وأصل المكافحة المضاربة تلقاء الوجوه.
* * * المسلمون تتكافأ دماءهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. ويردّ عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم - ويروى: ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم. يردُّ مشدُّهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم. لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد على عهده.
التكافؤ: التساوي؛ أي تتساوى في القصاص والديات: لا فضل فيها لشريف على وضيع.
والذمة: الأمان؛ ومنها سمي المعاهد ذميا؛ لأنه أُومن على ماله ودمه للجزية؛ أي إذا أعطى أدنى رجل منهم أماناً فليس للباقين إخفاره.
ويرد عليهم أقصاهم: أي إذا دخل العسكر دار الحرب، فوجَّه الإمام سرية فما غنمت جعل لها ما سُمي لها، ورد الباقي على العسكر؛ لأنهم ردءٌ للسرايا.
وهم يدٌ، أي يتناصرون على الملل المحاربة لهم.
أجرت فلانا على فلان: إذا حميته منه ومنعته أن يتعرَّض له.
المُشدّ: الذي دوابُّه شديدة. والمُضعف بخلافه.
المُتسري: الخارج في السرية؛ أي لا يفضل في قسمة المغنم المشد على المضعف. وإذا بعث الإمام سرية وهو خارج إلى بلاد العدو فغنموا شيئاً كان ذلك بينهم وبين العسكر.
لا يُقتل مسلم بكافر؛ أي بكافر حربي، وقيل بذمي وإن قتله عمدا؛ وهو مذهب أهل الحجاز، وذو العهد الحربي يدخل بأمان لا يُقتل حتى يرجع إلى مأمنه؛ لقوله تعالى: (وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِين اسْتَجارك فأَجِرْه حتى يسمَع كلامَ الله ثم أَبْلِغْه مَأْمَنَه). وقيل: معناه ولا ذو عهد في عهد بكافر.
* * * إن رجلا رأى في المنام كأن ظلة تنظف سمناً وعسلا، وكان الناس يتكففونه، فمنهم المستكثر ومنهم المستقل.
أي يأخذونه بأكفهم.
* * * لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفي ما في صحفتها، وإنما لها ما كُتب لها؛ ولا تناجشوا في البيع، ولا يبيع بعضكم على بيع بعض.
اكتفات الوعاء: إذا كببته فأفرغت ما فيه إليك. وذا مثل لاحتيازها نصيب أُختها من زوجها.
الصحفة: القصعة التي تشبع الخمسة.
سبق تفسير باقي الحديث.
* * * قنت صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة الفجر فقال: اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب، واجعل قلوبهم كقلوب نساءٍ كوافر.
أي في الاختلاف وقلة الائتلاف؛ لأن النساء من عادتهن التباغض والتحاسد والتلاوم، لا سيما إذا لم يكن لهن رادع من الإسلام. أو في الخوف والوجيب؛ لأنهن يُرعن بالصباح والبيات في عُقر دارهن أبدا.
* * * لا تُكفِّرْ أهل قبلتك.
أي لا تدعهم كفاراً. وحقيقته لا تجعلهم كفاراً بقولك وزعمك.
ومنه قولهم: أكفر فلان صاحبه، إذا ألجأه - وهو مطيع - إلى أن يعصيه بسوء صُنع يُعامله به.
ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه: إنه قال في خطبته: ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفِّروهم، ولا تُجمِّروهم فتفتنوهم.
يريد فتجعلوهم كفاراً وتوقعوهم في الكفر؛ لأنهم ربما ارتدوا إذا مُنعوا الحق.
التجمير والإجمار: أن يُحبس الجيش في الغزي لا يقفل.
* * * إن عيَّاش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام والوليد بن الوليد فرُّوا من المشركين إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعياش وسلمة متكفلان على بعير.
تكفَّل البعير واكتفله بمعنى.
* * * في العقيقة عن الغلام شاتان متكافئتان أو مكافأتان، وعن الجارية شاة.
أي كل واحدة منهما مساوية لصاحبتها في السن، ولا فرق بين المكافئتين والمكافأتين؛ لأن كل واحدة منهما إذا كافأت أختها فقد كوفئت؛ فهي مكافئة ومكافأة؛ وهما معادلتان لما يجب في الزكاة والأضحية من الأسنان.
ويحتمل في رواية من روى مكافأتان أن يراد مذبوحتان؛ من قولهم: كافأ الرجل بين بعيرين إذا وجأ في لبَّةِ هذا فنحرهما معاً. قال الكميت - يصف ثوراً وكلابا:
وعَاثَ في عانةٍ منها بِعَثْعَثَةٍ ... نَحْرَ المُكافِئَ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
المؤمن مكفَّر: أي مرزَّأ في نفسه وماله؛ لتكفر خطاياه.
* * * حُبِّب إلي النساء والطيب ورُزقت الكفيت.

أي القوة على الجماع، وهذا من الحديث الذي يروى أنه قال: أتاني جبرائيل بقديرة تسمى الكفيت فوجدت قوة أربعين رجلا في الجماع. وقيل: ما أكفيت به معيشتي؛ أي أضم وأُصلح.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - انكفأ لونه في عام الرمادة حين قال: لا آكل سمناً ولا سميناً، وأنه اتَّخذ أيام كان يُطعم الناس قدحاً فيه فرض، وكان يطوف على القصاع، فيغمز القدح فإن لم تبلغ الثريدة الفرض، فتعال فانظر ماذا يفعل بالذي ولى الطعام.
أي تغير وانقلب عن حاله، من كفأت الإناء إذا قلبته؛ ويقال: أكفأ الجهد لونه.
الرمادة: الهلاك والقحط. وأرمد الناس إذا جهدوا.
والفرض: الحزّ.
يغمز: أي يطعن القدح في الثريدة.
فتعال فانظر: إيذان بأنَّ فعله بمتولي الطعام ذا فرط من الإيذاء البليغ والخشونة والإيقاع كان جديراً بأن يُشاهد ينظر إليه ويتعجب منه.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - لنا مولاة تصدَّقت علينا بخدمتها، ولنا عباءتان نكافئ بهما عنَّا عين الشمس، وإني لأخشى فصل الحساب.
أي ندافع بهما، من قولهم: ما لي به قبل ولا كفاء، وفلان كفاء لك؛ أي هو مطابق لك في المضادة والمناوأة. قال:
وجبريلٌ رسولُ اللهِ فينَا ... ورُوحُ القُدْسِ لَيْسَ له كِفَاءُ
يعني جبريل، لا يقوم له أحد من الخلق.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - إذا لقيت الكافر فألقه بوجه مكفهرٍّ.
أي عابس قطوب.
ومنه الحديث: القوا المخالفين بوجه مكفهر.
* * * ذكر فتنة فقال: إني كائن فيها كالكفل؛ آخذ ما أعرف وتارك ما أنكر.
الكفل: الذي يكون في مؤخر الحرب إنما همته التأخر والفرار. يقال: فلان كفل بين الكفولة.
* * * الخدري رضي الله تعالى عنه - إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكفِّر للسان؛ تقول: نشدك الله فينا؛ فإنك إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا.
أي تتواضع وتخضع؛ من تكفير الذمي، وهو أن يطأطئ رأسه وينحني عند تعظيم صاحبه. قال عمرو بن كلثوم:
تُكَفِّرُ باليَدَيْنِ إذا الْتَقَيْنَا ... وتُلْقِي من مَخَافَتِنا عَصَاكا
وكأنه من الكافرتين، وهما الكاذتان؛ لأنه يضع يديه عليهما، أو ينثني عليهما، أو يحكي في ذلك هيئة من يكفر شيئاً؛ أي يغطيه.
يقال: نشدتك الله والرحم نشدة ونشدانا، وناشدتك الله، أي سألتك الله والرحم، وتعديته إلى مفعولين؛ إما لأنه بمنزلة دعوت، حيث قالوا: نشدتك بالله والله. كما قالوا: دعوته بزيد وزيداً. أو لأنهم ضمَّنوه معنى ذكَّرت؛ ومصداق هذا قول حسان:
نَشَدْتُ بني النَّجَّارِ أفعالَ وَالِدِي ... إذا الْعَانِ لم يُوجَدْ له من يُوَارِعُهْ
أي ذكرتهم إياها. وأنشدتك بالله خطأ. وأما نشدك الله ففيه شبهة؛ لقول سيبويه: وكأن قولك عمرك الله وقعدك الله بمنزلة نشدك الله، وإن لم يتكلم بنشدك. ولكن زعم الخليل أن هذا تمثيل يمثله به. ولعل الراوي قد حرَّفه؛ وهو ننشدك الله، أو أراد سيبويه والخليل قلة مجيئة في الكلام؛ أو لم يكن في علمهما؛ فإن العلم بحر لا يُنكف. وفيه - إن صحَّ وجهان: أحدهما - أن يكون أصله نشدتك الله، فحذفت منها التاء استخفافاً، كما حُذفت من أبي عُذرها.
والثاني - أن يكون بناء مقتضبا نحو قعدك.
ومعنى نشدك الله: أنشدك الله نشدة؛ فحذف الفعل ووضع المصدر موضعه مضافا إلى الكاف الذي كان مفعولا أول.
* * * أبو هريرة رضي الله عنه - سُئل أتقبِّل وأنت صائم؟ فقال: نعم، وأكفحها - وروى: وأقحفها.
الكفح: من المكافحة؛ وهي مصادفة الوجه الوجه كفة كفة.
والقحف: من قحف الشارب؛ وهو استفانه ما في الإناء أجمع. ومطر قاحف: جارف. كأنه قال: نعم، وأتمكن من تقبيلها تمكناً، واستو فيه استيفاء، من غير اختلاس ورقبة.
وقيل في القحف: إنه بمعنى شرب وترشفه، وما أحقه.
* * * لتخرجنكم الروم منها كفراً كفراً إلى سنبك من الأرض. قيل: وما ذلك السنبك؟ قال: حسمى جذام.
الكفر: القرية، وأكثر من يتكلم به أهل الشام. وقولهم: كفرتوثي: قرية تنسب إلى رجل. وكذلك كفر طاب، وكفر تعقاب.
ومنه حديث معاوية رضي الله عنه: أهل الكفور هم أهل القبور.
أي هم بمنزلة الموتى لا يشاهدون الأمصار والجمع؛ وكأنها سميت كفوراً لأنها خاملة مغمورة الاسم، ليست في شهرة المدن ونباهة الأمصار.

قال أبو عبيد: شبه الأرض بالسنبك في غلظه وقلة خيره. وعندي أن المراد لتخرجنكم إلى طرف من الأرض، لأن السنبك طرف الحافر.
ويدل عليه الحديث؛ وهو أنه كره أن يطلب الرزق في سنابك الأرض.
كما جاء في حديث إبراهيم رحمه الله تعالى: إنهم كانوا يكرهون الطلب في أكارع الأرض.
حسمي: بلد. جذام: هو جذام بن عدي عمرو بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان.
وحسمى: ماء معرف لكلب.
ويقال: إن آخر ما نضب من ماء الطوفان حسمى، فبقيت منه هذه البقعة إلى اليوم أنشد أبو عمرو:
جَاوَزْنَ رَمْلَ أَيْلَة الدَّهَاسَا ... وبَطْنَ حِسْمَى بَلداً حِرْ ماسَا
أي أملس.
* * * الأحنف رضي الله تعالى عنه - قال: لا أقاول من لا كفاء له.
أي لا عديل له؛ يعني السلطان. يقال: هو كفؤه وكفيئه وكفاؤه. قال:
فأنْكَحها لاَ فِي كَفاءٍ ولا غِنًي ... زيادٌ، أَضَلَّ الله سَعْىَ زِيادِ
* * * عطاء بن يسار رحمه الله تعالى - قال: قلت للوليد بن عبد الملك: قال عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه: وددت أني سلمت من الخلافة كفافاً لا عليَّ ولا لي. فقال: كذبت! آ لخليفة يقول هذا؟ قلت: أو كذبت؟ قال: فأفلت منه بجريعة الذقن.
يقال: ليتني أنجو منك كفافا، أي رأساً برأس؛ لا أرزأ منك ولا تزرأ مني، وحقيقة أكف عنك وتكف عني؛ وقد يبني على الكسر. ويقال: دعني كفاف.
أنشد أبو زيد لرؤبة:
فليت حَظِّي من نَداكَ الضَّافِي ... والنَّفْعُ أن تتركَنِي كَفَافِ
أفلت بجريعة الذقن؛ مثل فيمن أشفى ثم نجا.
قال أبو زيد: يريد أنه كان قريباً من الهلاك كقرب الجرعة من الذقن.
انتصاب كفافاً على الحال؛ أي مكفوفاً عنى شرها. وقوله: لا عليَّ ولا لي بدل منه، أي غير ضارة ولا نافعة.
همزة الاستفهام إذا دخلت على حرف التعريف لم تُسقط ألفه، وإن اجتمع ساكنان لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قال بيان: كنت أمشى مع الشعبي بظهر الكوفة فالتفت إلي بيوت الكوفة فقال: هذه كفات الأحياء؛ ثم التفت إلى المقبرة وقال: وهذه كفات الأموات.
مر تفسير الكفات.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - ابدأ بمن تعول ولا تلام على كفاف.
أي إذا لم يكن عندك فضل لم تلم على ألا تُعطي.
الكفاف: أن يكون عندك ما تكف به الوجه عن الناس.
قال له رجل: إن برجلي شقاقاً، فقال: اكففه بخرقة.
أي اعصبه بها.
* * * عبد الملك رحمه الله تعالى عُرض عليه رجل من بني تميم؛ فاشتهى قتله لما رأى من جسمه وهيئته. فقال: والله إني لأرى رجلا لا يقر بالكفر. فقال: عن دمي تخدعني! بلى عبد الله أكفر من حمار.
أقرَّ بأنه كفر حين خالف بني مروان وتابع ابن الأشعث.
كتب عبد الملك إلى الحجاج أن أدع الناس إلى البيعة؛ فمن أقر بالكفر فخلِّ سبيله؛ إلا رجل نصب راية أو شتم أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وذلك بعد أمر ابن الأشعث.
* * * فهو معنى الإقرار بالكفر.
حمار: رجل عادي كفر بالله فأحرق واديه.
* * * في الحديث: الرَّابّ كافل.
أي كفل بنفقة اليتيم حين تزوج أُمه.
* * * مكافئ في " اب " . مكفوفة في " غل " . واكفتوا في " خم " . الكفيت في " سخ " . يتكففون في " شط " . أن تكفأ في " فر " . استكفوا في " قح " . وكفأتها في " تب " . ينكفت في " أو " . في كفراه في " جر " . اكفره في " وط " . فكفئت فأكفت في " جف " . يكفر في " دت " . كفرانك في " كن " . فيكافأ بها في " حر " . تكفاء في " وك " . تكفؤا في " مع " .
* * *
الكاف مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
كلأ الدين كلأ، فهو كالئٌ إذا تأخرَّ. قال:
وعَيْنُه كالْكَالِئِ المِضْمارِ
ومنه: بلغ الله بك أكلأ العمر؛ أي أطوله وأشده تأخراً. وأنشد ابن الأعرابي:
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُور التي خَلَتْ ... فكيف التَّسَاقِي بعد ما كَلأَ العُمْر
وكلأته: أنسأته، وأكلأت في الطعام: أسلفت. وتكلأت كلأة، أي استنسأت نسيئة، وهو أن يكون لك على رجل دين فإذا حلَّ أجله استباعك ما عليه إلى أجل.
* * * عن عائشة رضي الله عنها - دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبرق أكاليل وجهه.
الإكليل: شبه عصابة مزينة بالجوهر. قال الأعشى في هوذة بن علي:

له أكاليل بالياقوت فصلها ... صَوَّاغُها لا ترَى عَيْباً ولا طَبَعا
جعلت لوجهه صلى الله عليه وآله وسلم أكاليل على سبيل الاستعارة، كما جعل لبيد للشمال يداً، في قوله:
إذ أَصْبَحَتْ بيدِ الشَّمالِ زِمَامُها
وهو نوع من الاستعارة لطيف دقيق المسلك. وقيل: أرادت نواحي وجهه وما أحاط به؛ من التكلل وهو الإحاطة. والقول العربي الفحل ما ذهبت إليه.
* * * اتقوا الله في النساء فإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.
قيل: هي قوله تعالى: (فإمْسَاكٌ بمعروف أو تسْرِيحٌ بإحسان).
ويجوز أن يراد إذنه في النكاح والتسري وإحلاله ذلك.
* * * ذكر المخدج فقال: له ثدي كثدي المرأة، وفي رأس ثديه شعيرات كأنها كلبة كلب أو كلبة سنور.
هي الشعر النابت في جانبي خطمه، ويقال للشعر الذي يخرز به الإسكاف كلبة - عن الفراء. ومن فسرها بالمخالب نظراً إلى محنى الكلاليب في مخالب البازي فقد أبعد.
* * * ستخرج في أمتي أقوام تجاري بهم الأهواء كما تجاري الكلب بصاحبه لا يبقى فيه عرق ولا مفصل إلا دخله.
الكلب: داء يصيب الإنسان إذا عقره الكلب الكَلِب، وهو الذي يضري بأكل لحوم الناس، فيأخذه شبه جنون فلا يعقر أحداً إلا كلب، فهو يعوي عواء الكلب ويمزق على نفسه ويعقر من أصاب، ثم يصير آخر أمره إلى أن يموت. وأجمعت العرب على أن دواءه قطرة من دم ملك، يخلط بماء فيسقاه، قال الفرزدق:
ولو شرب الكَلْبَي المِرَاضُ دماءَنا ... شفاها من الدَّاء الذي هو أدنف
وفي الحديث: إن الحجاج كتب إلى أنس ليلزم بابه، فكتب أنس إلى عبد الملك، فكتب عبد الملك إلى الحجاج: أن ائت أنساً واعتذر إليه. فأتاه فقال وأبلغ. ثم قال: يا أبا حمزة؛ اعذرني يرحمك الله، فإن الناس قد أكلوا في عداوتي لحم كلب كَلِب.
وعن الحسن رحمه الله تعالى: إن الدنيا لما فُتحت على أهلها كلبوا فيها والله أسوأ الكلب، وعدا بعضهم على بعض بالسيف.
* * * وقال في بعض كلامه: فأنت تتجشأ من الشبع بشماً وجارك قد دمى فوه من الجوع كلبا.
أي حرصا على شيء يصيبه.
* * * إن عرفجة بن أسعد رضي الله عنه أُصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية. فاتَّخذ أنفاً من ورق. فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب.
يوم الكلاب من أيام الوقائع. والكلاب: ماءٌ بين الكوفة والبصرة.
الورق: الفضة.
استشهد به محمد رحمه الله على جواز شد السن الناغضة بالذهب. وقال: إن الفضة تريح دون الذهب؛ فكانت الحاجة إليه ماسة. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الذهب روايتان. وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: إنه كتب في اليد إذا قُطعت أن تحسم بالذهب، فإنه لا يقيح. ويقول أهل الخبرة: إن الفضة تصدأ وتنتن وتبلى في الحمأة؛ وأما الذهب فلا يبليه الثرى، ولا يصدئه الندى، ولا تنقصه الأرض، ولا تأكله النار. وعن الأصمعي: إنه كان يقول: إنما هو من ورق، ذهب إلى الرَّق الذي يكتب فيه. ويرده أنه روى: فاتخذ أنفاً من فضَّة.
* * * عمر رضي الله عنه - دخل عليه ابن عباس حين طُعن، فرآه مغتما بمن يستخلف بعده، فجعل ابن عباس يذكر له أصحابه، فذكر عثمان، فقال: كلِفٌ بأقاربه - وروى: أخشى حفده وأثرته. قال: فعلي. قال: ذاك رجل فيه دعابة. قال: فطلحة. قال: لولا فيه - وروى - أنه قال: الأكنع؛ إن فيه بأواً أو نخوة. قال: فالزبير.قال: وعقة لقس - وروى: ضرس ضبيس. أو قال: ضميس. قال: فعبد الرحمن. قال: أوه! ذكرت رجلاً صالحاً لكنه ضعيف. وهذا الأمر لا يصلح له إلا اللين من غير ضعف، والقوي من غير عنف - وروى: لا يصلح أن يلي هذا الأمر إلا حصيف العقدة، قليل الغرة، الشديد في غير عنف، اللين في غير ضعف؛ الجواد في غير سرف، البخيل في غير وكف. قال: فسعد بن أبي وقاص؟ قال: ذلك يكون مقنبمن مقانبكم.
الكلف: الإيلاع بالشيء مع شغل قلب ومشقة. يقال: كلف فلان بهذا الأمر وبهذه الجارية فهو بها كلف مكلف. ومنه المثل: لا يكن حبك كلفا؛ ولا بغضك تلفا. وهو من كلف الشيء بمعنى تكلَّفه. وفي أمثالهم: كلفت إليك عرق القربة.
ويروى: جشمت. ولكنه ضمن معنى أولع وسدك؛ فعدى بالباء.
ومنه: أخذ الكلف في الوجه للزومه، وتعذر ذهابه، كأن فيه ولوعا.

حفده: أي خفوفه في مرضاة أقاربه، وحقيقة الحفد الجمع. وهو من أخوات الحفل والحفش، ومنه المحفد بمعنى المحفل. واحتفد بمعنى احتفل - عن الأصمعي. وقيل لمن يخف في الخدمة، وللسائر إذا خبَّ حافد؛ لأنه يحتشد في ذلك ويجمع له نفسه، ويأتي بخطاه متتابعة. ويصدقه قولهم: جاء الفرس يحفش؛ أي يأتي بجري بعد جري.
والحفش: هو الجمع.
ومنه: وإليك نسعى ونحفد. وتقول العرب للأعوان والخدم: الحفدة.
الأثرة: الاستئثار بالفئ وغيره.
الدعابة كالمزاحة. ودعب يدعب كمزح يمزح، ورجل دعب ودعَّابة.
البأو: العجب والكبر. الأكنع: الأشل. كنعت أصابعه كنعاً إذا تشنجت. وكنع يده: أشلها - عن النضر. وقد كانت أُصيبت يده مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقاه بها يوم أُحد.
النخوة: العظمة والكبر. وقد يجيء كزهى وانتخى.
ورجل وعقة ولعقة ووعق لعق؛ إذا كان فيه حرص ووقوع في الأمر بجهل وضيق نفس وسوء خلق. قال الأخطل:
مَوَطَّأُ البيتِ مَحْمُود شمائِلُهُ ... عند الحمالةِ لاكَزّ ولاَ وَعِق
ويخفف، فيقال: وعقة ووعق؛ وهو من العجلة والتسرع. يقال: أوعقتني منذ اليوم؛ أي أعجلتني. ووعقت عليّ؛ عجلت عليّ. وأنت وعق؛ أي نزق. وما أوعقك عن كذا؛ أي ما أعجلك. ومنه الوعيق بمعنى الرَّعيق؛ وهو ما يسمع من جردان الفرس إذا تقلقل في قنبه عند عدوه.
لقست نفسه الى الشيء: إذا نازعته إليه وحرصت عليه لقساً، والرجل لقس. وقيل لقست: خبثت. وعن أبي زيد: اللقس هو الذي يُلقِّب الناس، ويسخر منهم.
ويقال: النقس، بالنون، ينقس الناس نقساً.
الضَّرس: الشَّرس الذعر؛ من الناقة الضروس؛ وهي التي تعض حالبها. ويقال: اتق الناقة فإنها بجنّ ضراسها؛ أي بحدثان نتاجها وسوء خلقها في هذا الوقت، وذلك لشدة عطفها على ولدها.
الضبس والضمس: قريبان من الضَّرس. يقال: فلان ضبس شرس، وجمعه أضباس.
الضمس: المضغ.
الوكف: الوقوع في المأثم والعيب، وقد وكف فلان يوكف وكفا، وأوكفته أنا؛ إذا أوقعته فيه. قال:
الحافِظُو عورةَ العشيرة لا يَأ ... تيهِمُ من وَرَائهمْ وَكَفُ
وهو من وكف المطر؛ إذا وقع. ومنه توكف الخبر، وهو توقعه.
المقنب من الخيل: الأربعون والخمسون. وفي كتاب العين: زهاء ثلاثمائة، يعني أمه صاحب جيوش ولا يصلح لهذا الأمر.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - كتب إلى ابن عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ: إني أشركتك في أمانتي، ولم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي؛ فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين، وخذلانه مع الخاذلين، واختطفت ما قدرت عليه من أموال الأمة اختطاف الذئب الأزل دامية المعزى.
وفيه: ضحِّ رويداً، فكأن قد بلغت المدى، وعرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي المغتر بالحسرة، ويتمنى المضيع التوبة والظالم الرجعة.
كلب الدهر: إذا ألحَّ على أهله، ودهر كلب، وهو من الكلب الذي تقدم ذكره.
يقال: حرب الرجل ماله إذا سلبه كله فحرب حربا. ثم قيل للغضبان: حرب، وقد حرب إذا غضب. وأسد حرب ومحرب؛ أي مغضب.
ضحِّ رويداً: مثلٌ في الأمر بالرفق والصبر، قالوا: أصله من تضحية الإبل وهي تغديتها، وأن يتقدم إلى الراعي برعي الإبل في وقت الضحى وتأخيرها عن ورود الماء إلى أن تستوفى ضحاءها؛ فيكون ورودها عن عطش. وعشِّ رويداً مثله؛ وهو أن يؤخر عن الإراحة إلى المأوى بتركها تستوفى عشاءها، ثم كثر ذلك حتى استعمل في الرِّفق بالأمر والتأني فيه. قال أبو زيد: ضحَّيت عن الشيء وعشَّيت عنه؛ أي رفقت به.
* * * كلارا في " قص " . ولا المكلثم في " مع " . مُكلحاً في " مح " . وتكليلها في " قص " . بكلوب في " ثل " . وكلح في " تع " . الكلب العقور في " فس " .
* * *
الكاف مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - مر على أبواب دور متسفلة، فقال: اكموها - وروى: أكيموها.
الكمى: الستر. يقال: كمى شهادته وسرَّه. قال:
كم كاعبٍ منهم قَطَعْت لسانَها ... وتركتها تَكْمِى الجليَّةَ بالعِلَل
ومنه الكمى. والإكامة: الرفع؛ من الكومة وهي الرملة المشرفة، والكوم: السنام، وجمعه أكوام، وناقة كوماء. واكتام الرجل؛ إذا تطاول، اكتياما.
والمعنى استروها لئلا تقع العيون عليها، أو ارفعوها لئلا يهجم عليها السيل.

* * * عمر رضي الله تعالى عنه - رأى جارية متكمكمة فسأل عنها فقالوا: أمة لفلان، فضربها بالدرة ضربات، وقال: يا لكعاء؛ أتشبَّهين بالحرائر؟ يقال: كمكمت الشيء؛ إذا أخفيته، وتكمكم فيثوبه: تلفف فيه، وهو من معنى الكمّ وهو الستر، والمراد أنها كانت متقنعة أو متلففة في لباسها لا يبدو منها شيء؛ وذلك من شأن الحرائر.
لكع الرجل لكعاً ولكاعة؛ إذا لؤم وحمق؛ فهو ألكع وهي لكعاء.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - للدابة ثلاث خرجات خرجة في بعض البوادي ثم تنكمي.
انكمى: مطاوع كماه. والكمى، والكم والكمن أخوات، بمعنى الستر.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - الكماد مكان الكيِّ، والسعوط مكان النفخ واللدود مكان الغمز.
هو أن تسخن خرقة وسخة دسمة ويتابع وضعها على الوجع وموضع الريح حتى يسكن. واسم تلك الخرقة الكمادة، من أكمد القصَّار الثوب؛ إذا لم يُنقِّ غسله، وأصله الكمدة.
والكمد: تغير اللون وذهاب مائه وصفائه، وأكمده الحزن: غير لونه. ويقال: كمدت الوجع تكميدا.
والنفخ: أن يشتكي الحلق فينفخ فيه.
والغمز: أن تسقط اللهاة فتُغمز باليد.
أرادت أن هذه الثلاثة تبدل من هذه الثلاثة وتوضع مكانها، فإنها تؤدي مؤدَّاها في النفع والشفاء؛ وهي أسهل مأخذاً وأقل مئونةً على صاحبها.
* * * كميش الإزار في " صد " . ولا كموش في " شب " . والمكامعة في " كع " . في أكمامها في " بو " . أكمَّة في " خط " .
* * *
الكاف مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنَّ للرؤيا كُنّى ولها أسماء؛ فكنُّوها بكُناها، واعتبروها بأسمائها، والرؤيا لأوَّل عابر.
قالوا في معنى كنُّوها بكُناها مثلوا لها إذا عبَّرتم؛ كقولك في النخل: إنها رجال ذوو أحساب من العرب. وفي الجوز: إنها رجال من العجم؛ لأن النخل أكثر ما يكون ببلاد العرب، والجوز ببلاد العجم.
وفي معنى اعتبروها بأسمائها اجعلوا أسماء ما يُرى في المنام عبرة وقياسا. نحو أن ترى في المنام رجلا يسمى سالما فتؤوله بالسلامة، أو فتحاً فتؤوله بالفرح.
وقوله: والرؤيا لأول عابر. نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبَّر، فإذا عُبِّرت فلا تقصَّها إلا على وادٍ أو ذي رأي. وقيل: ليس المعنى أن كل من عبَّرها وقعت على ما عبَّر، ولكن إذا كان العابر الأول عالما بشروط العبارة فاجتهد وأدَّى شرائطها ووُفق للصواب فهي واقعةٌ على ما قال دون غيره.
* * * توضأ صلى الله عليه وآله وسلم فأدخل يده في الإناء فكنفها، فضرب بالماء وجهه.
أي جمعها، وجعلها كالكنف لأخذ الماء.
* * * عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما: لما هبطنا بطن الروحاء عرضت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة تحمل صبياًّ به جنون؛ فحبس الراحلة، ثم اكتنع إليها؛ فوضعته على يده، ثجعله بينه وبين واسطة الرَّحل - وروى: فأخذ بنخرة الصبي، فقال: اخرج باسم الله؛ فعوفي.
يقال: كنع كنوعا؛ إذا قرب، واكتنع نحو اقترب، ويقال: أكنع إليَّ الإبل: أي أدنها. والمُكنع: السِّقاء يُدنى فوه من الغدير فيملأ. والمعنى مال إليها مقتربا منها حتى وضعت الصبي على يديه.
النُّخرة: مقدم الأنف. ونخرتاه: منخراه.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أشرف من كنيف وأسماء بنت عميس ممسكته، وهي موشومة اليدين، حين استخلف عمر فكلمهم.
أي من سترة، وكل ما ستر فهو كنيف، نحو الحظيرة وموضع الحاجة والترس وغير ذلك.
* * * خالد رضي الله تعالى عنه - لما انتهى إلى العُزَّى ليقطعها قال له السادن: يا خالد؛ إنها قاتلتك، إنها مُكنعتك. وإنه أقبل بالسيف وهو يقول:
يا عُزّ كُفْرانَكِ لا سُبْحَانكِ ... إني رأيتُ اللهَ قد أَهانَكِ
وضربها فجزلها باثنين.
أي مقبِّضة يديك ومشلَّتهما.
كفرانك: أي أكفر بك ولا أسبِّحك.
الجزل والجذب والجزح والجز والجزر والجزع والجزم أخوات، في معنى القطع.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - بشِّر الكنَّازين برضفة في النَّاغض.
هم الذين يكنزون ولا ينفقون في سبيل الله.
الرضفة: واحدة الرَّضف، وهي الحجر المحمى.
الناغض: فرع الكتف لنغضانه.
* * *

ابن سلام رضي الله تعالى عنه - في التوراة: إنما بعثتك لتمحو الخمر والميشر والمزامير الكنارات والخمر ومن طعمها. وأقسم ربنا بيمنيه وعزة حيله لا يشربها أحد بعد ما حرمتها عليه إلا سقيته إياها من الحميم.
الكنارة: فسرت في " زف " .
الطعم بمعنى الذوق، يستوي فيه المأكول والمشروب. ومنه قوله تعالى: (ومَنْ لم يطْعَمْه فإنَّه مِنى ).
وفي قول الحطيئة:
الطَّاعِم الكاسِي
قال بعضهم: الكاسي: الخمر؛ أراد الذائق الخمر.
الحَيْل والحول بمعنى؛ وهما الحيلة.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - يرحم الله المهاجرات الأول لما أنزل الله: وليضربن بخمرهن على جيوبهن، شققن أكنف مروطهن فاختمن بها.
أي أسترها.
* * * كعب رحمه الله تعالى - أول من لبس القباء سلمان بن داود عليهما السلام؛ فكان إذا أدخل رأسه للبس الثياب كنصت الشياطين.
أي حركت أنوفها استهزاءً به. يقال: كنص فلان في وجه صاحبه؛ إذا استهزأ به.
* * * الأحنف رضي الله تعالى عنه - قال في الخطبة التي خطبها في الإصلاح بين الأزد وتميم: كان يقال كل أمر ذي بال لم يحمد فيه فهو أكنع.
أي ناقص أبتر، من كنع قوائم الدابة؛ إذا قطعها،ن ويصدقه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع - وروي: أبتر.
في الحديث: أعوذ بالله من الكنوع.
القُنُوع والكُنُوع بمعنى؛ وهما التذلل للسؤال - وروي: قول الشماخ:
أعَفُّ من القُنُوع
بالكاف أيضاً.
إن المشركين لما قربوا من المدينة يوم أحد كنعوا عنها.
أي أجحموا عن الدخول فيها. يقال: كَنَع يَكْنَع كنوعا، إذا هرب وجبن، وما أكنعه وأجبنه! قال:
وبالكَهْفِ عن مَتْن الخِشَاش كنُوع
* * * رأيت عاجاً يوم القادسية قد تنكى وتحجي فقتلته.
أي تستر؛ ومنه كنى عن الشيء إذا وري عنه، ويجوز أن يكون أصله تكنن، فقيل تكني كتنى في تظنن.
الحجا: الستر، واحتجاه كتمه. وقيل: التحجي الزمزمة.
* * * ولا تكنوا في " عز " . والكنيف في " هن " . الأكنع في " كل " . والكنارات في " زف " . ما استكن في " حب " . واكتنز في " ذم " . مانس في " طر " .
* * *
الكاف مع الواو
النبي صلى الله عليه وسلم - إن ربيِّ حرَّم عليَّ الخمر والكوبة والقِّنين.
مر تفسيرها في عر.
القنين - بوزن السكيت: الطنبور - عن ابن الأعرابي. وقنَّن به إذا ضرب به. ويقال: قننته بالعصا أقنّه قناًّ؛ أي ضربته. وقيل: لعبة للروم يتقامرون بها.
* * * أعظم الصَّدقة رباط فرس في سبيل الله لا يمنع كومه.
يقال: كام الفرس أنثاه كوماً إذا علاها للسفاد. والتركيب في معنى الارتفاع والعلو.
* * * عليّ رضي الله تعالى عنه - أتى بالمال فكوَّم كومة من ذهب وكومة من فضة. وقال: يا حمراء، ويا بيضاء؛ احمرِّي وابيضِّي وغُرِّي غيري.
هذا جناي وخِيارُه فيه ... إذ كلُّ جَانٍ يَدُه إلى فِيه
وروى: وهجانه فيه.
الكومة: الصُّبرة من الطعام وغيره، وتكويمها: رفعها وإعلاؤها.
الهجان: الخالص. وهذا مثل ضربه للتنزه من المال، وأنه لم يتلطخ منه بشيء ولم يستأثر. وأصل المثل مذكور في كتاب المستقصي.
* * * قال رضي الله تعالى عنه: من كان سائلاً عن نسبتنا فإنَّا قوم من كوثى.
قال له رضي الله تعالى عنه رجل: أخبرني يا أمير المؤمنين عن أصلكم معاشر قريش. قال: نحن قوم من كوثى.
أراد كوثى العراق، وهي سرَّة السَّواد، وبها ولد إبراهيم عليه السلام؛ وهذا تبرؤ من الفخر بالأنساب، وتحقيق لقوله تعالى: (إنَّ أكْرَمكم عند الله أتقاكم).
وقيل: أراد كوثى مكة؛ وهي محلة بني عبد الدار، يعني أنا مكيون. والوجه هو الأول؛ ويعضده ما يروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: نحن معاشر قريش حيٌّ من النبط من أهل كوثى.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - بعث به أبوه إلى خيبر، فقاسمهم الثمرة فسحروه فتكوعت أصابعه؛ فغضب عمر فنزعها منهم.
وروى: دفعوه من فوق بيت ففدعت قدمه.
عن الأصمعي: كوَّعه وكنَّعه بمعنى واحد؛ وهو شبه الإشلال في الرجل واليد. قال يعقوب: ضربه فكوَّعه، أي صيَّر أكواعه معوَّجة.
الفدع: زيغ بين القدم وعظم الساق. الضمير في " فنزعها " إلى خيبر.
* * * قال رضي الله تعالى عنه: إني لأغتسل قبل امرأتي ثم أتكوى بها؛ أي أتدفأ فأصطلي بحرِّ جسدها.

من كويته؛ ويجوز أن يكون من قولهم: تكوَّى الرجل إذا دخل في موضع ضيِّق متقبِّضا فيه؛ كأنه دخل كوَّة؛ يريد ثم استدفئ بها متقبضا.
* * * سالم بن عبد الله رحمه الله تعالى - كان جالساً عند الحجاج فقال: ما ندمت على شيء ندمي على ألاَّ أكون قتلت ابن عمر. فقال عبد الله: أما والله لئن فعلت ذلك لكوَّسك الله في النار، رأسك أسفلك.
أي لقلبك فيها على رأسك. يقال: كوَّسته فكاس. ومنه: كوس العقير؛ لأنه يركب رأسه بعد العرقبة.
رأسك أسفلك: نحو فاه إلى فيّ، في قولهم: كلَّمته فاه إلى فيّ - في وقوعه موقع الحال. ومعناه: لكوَّسك جاعلا أعلاك أسفلك، ولو زعمت نصب الرأس على البدل لم يستقم لك.
* * * الأشعري رحمه الله - إن هذا القرآن كائن لكم أجراً، وكائن عليكم وزراً، فاتَّبعوا القرآن ولا يتبعنكم القرآن؛ فإن من يتَّبع القرآن هبط به على رياض الجنة، ومن يتبعه القرآن يزخُّ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم.
أي سبب أجرٍ إن عملتم به، وسبب وزر إن تركتموه. فاتَّبِعوه معي...، ولا يتبعنكم؛ أي لا يطلبنكم فتكونوا...ظهوركم لأنه إذا اتبعه كان بين يديه وإذا خالفه كان خلفه و...لا يجعل حاجتي...لا يدعها فتكون...الشعبي في قوله تعالى: وراء ظهورهم أما....بين أيديهم ولا كن....الزخ: الدفع في ....زخ قفاه.
* * * قتادة رحمه الله تعالى - ذكر أصحاب الأيكة؛ فقال: كانوا أصحاب شجر متكاوس، أو متكادس.
أي ملتف؛ من تكاوس لحم الغلام إذا تراكب. والمتكاوس في ألقاب العروض.
والمتكادس من تكدّست الخيل: إذا تراكبت.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - كان ملك من ملوك هذه القرية يرى الغلام من غلمانه يأتي الحُبَّ فيكتاز منه، ثم يجرجر قائماً. فيقول: يا ليتني مثلك! ثم يقول: يا لها نعمة! تأكل لذَّة وتُخرج سرحا.
أي يغترف بالكوز.
يجرجر: يحدر الماء في جوفه. يقال: جرجر الماء، إذا شربه مع صوت الجرع.
سرحا: سهلة. وكان بهذا الملك أُسر فتمنى حال غلامه في نجاته مما كان به.
والخطاب في " تأكل " للغلام؛ أي تأكل ما تلتذ به ويخرج منك سهلا من غير مشقَّة.
* * * كوماء في " خل " . بعد الكون في " وع " . والكوبة في " قس " . وكوبة في " عر " . كوثى في " بك " .
* * *
الكاف مع الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال معاوية بن الحكم السلمي: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعطس بعض القوم؛ فقلت: يرحمك الله؛ فرماني القوم بأبصارهم، وجعلوا يضربوا بأيديهم على أفخاذهم؛ فلما رأيتهم يُصمِّتونني قلت: وا ثكل أُمياه؟ مالكم تُصمِّتونني؟ فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاته، فبأبي هو وأمي! ما رأيت معلما قبله ولا بعده كان أحسن منه؛ ما ضربني ولا شتمني ولا كهرني؛ قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس؛ إنما هي للتسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
الكهر، والنهر، والقهر: أخوات. وفي قراءة عبد الله: (فأمَّا اليتيم فلا تَكْهر). يقال: كهرت الرجل، إذا زبرته واستقبلته بوجه عابس، وفلان ذو كهرورة. وأنشد أبو زيد لزيد الخيل:
ولَسْتُ بذِي كُهْرُورَةٍ غيرَ أَنَّنِي ... إذَا طَلَعَتْ أُولَى المُغِيرةِ أعْبَسُ
* * * سأل صلى الله عليه وآله وسلم رجلا أراد الجهاد معه: هل في اهلك من كَاهِل؟ قال: لا؛ ما هم إلا أُصيبية! قال: ففيهم فجاهد - وروى: من كَاهَل.
أراد بالكاهل من يقوم بأمرهم ويكون لهم عليه محمل؛ شبهه بكاهل البعير؛ وهو مقدَّم ظهره، وهو الثلث الأعلى منه، فيه ست فقرات، وهو الذي عليه المحمل، ألا ترى إلى قول الأخطل:
رأيت الوليدَ بْنَ اليزيدِ مَباركا ... قوِيًّا بأحْنَاءِ الخلافةِ كَاهِلُهْ
كاهل الرجل واكتهل؛ إذا صار كهلاً، وهو الذي وخطه الشيب، ورأيت له بجالة.
وعن أبي سعيد الضرير: أنه أنكر الكاهل، وزعم أن العرب تقول للذي يخلف الرجل في أهله وماله كاهن، وقد كهنني فلان يكهنني كهوناً وكهانة؛ وقال: فإما أن تكون اللام مبدلة من النون، أو أخطأ سمع السامع فظن أنه باللام.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما جاءته امرأة وهو في مجلسه، فقال: ما شأنك؟ قالت: في نفسي مسألة وأنا أكتهيك أن أُشافك بها. قال: فاكتبيها في بطاقة - وروى: في نطاقة.

أي أُجلك وأُعظمك، من الناقة الكهاة؛ وهي العظيمة السنام. أو أحتشمك؛ من قولهم للجبان: أكهى، وقد كهى يكهى. وأكهى عن الطعام بمعنى أقهى؛ إذا امتنع عنه، ولم يرده؛ لأنَّ المحتشم يمنعه التهيب أن يتكلم.
البطاقة والنطاقة: الرقيعة؛ وقد سبقت.
* * * الحجاج - كان قصيرا أصعر كهاكهاً.
هو الذي إذا نظرت إليه رأيته كأنه يضحك وليس بضاحك، من الكهكهة.
* * * في الحديث: إن ملك الموت قال لموسى عليه السلام - وهو يريد قبض روحه: كُهَّ في وجهي.
الكهَّة: النكهة، وقد كهَّ ونكه، وكُهَّ يا فلان، وانكهّ، أي أخرج نفسك. ويقال: إبل كهاكه؛ وهي تكهكه؛ إذا امتلأت من الرَّعي حتى ترى أنفاسها عاليتها من الشبع - ويروى: كه في وجهي، بوزن خف. وقد كاه يكاه، كخاف يخاف.
* * * الكهدل في " عص " .
* * *
الكاف مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن رجلا أتاه وهو يقاتل العدوَّ؛ فسأله سيفاً يُقاتل به؛ فقال له: فلعلك إن أعطيتك أن تقوم في الكيُّول! فقال: لا. فأعطاه سيفاً فجعل يقاتل به وهو يرتجز ويقول:
إني امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي ... أَنْ لا أقومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ
أَضْرِبْ بسيفِ للهِ والرسولِ ... ضَرْبَ غُلاَم ماجدٍ بُهْلُولِ
فلم يزل يقاتل به حتى قُتل.
وهو فيعول؛ من كال الزند يكيل كيلا؛ إذا كبا، ولم يخرج ناراً؛ فشُبّه مؤخر الصفوف به، لأن من كان فيه لا يقاتل، ويقال للجبان: كيُّول أيضا، وقد كيَّل. ويعضد هذا الاشتقاق قولهم: صلد الرجل يصلد إذا فزع ونفر؛ شُبِّه بالزَّند إذا صلد.
وعن أبي سعيد: الكيول ما أشرف من الأرض، يريد تقوم فوقه فتبصر ما يصنع غيرك.
ذهب إلى المعنى، فقال: عاهدني خليلي، وحقه يجيء بالضمير غائباً.
ليس إسكان الباء مثله في " فاليوم أشرب " ؛ لأنه مُدغم، ولا كلام في جوازه في حال السعة.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لجابر في الجمل الذي اشتراه منه: أترى إنما كستك لآخذ جملك؛ خذ جملك ومالك، فهما لك.
هو من كايسته فكسته؛ أي كنت أكيس منه، نحو بايضته فبضته؛ إذا كنت أشدَّ بياضاً منه - وروى: إنما ما كستك، من المكاس.
* * * ما زالت قريش كاعَّةً حتى مات أبو طالب.
أي بناء عن أذاي؛ جمع كائع؛ يقال: كعَّ الرجل يكع، وكاع يكيع.
* * * المدينة كالكير تنفى خبثها وتُبضع طيبها.
الكير: الزقّ الذي ينفخ فيه. والكور المبني من الطين.
أبضعته بضاعته؛ إذا دفعتها إليه.
* * * بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، ليس هو نسي، ولكن نُسِّيَ، فاستذكروا القرآن؛ فلهو أشد تفصيِّا من قلوب الرجال من النعم من عقلها.
يقال: كان من الأمر كيت وكيت، وذيت وذيت، وكية وكية، وذية وذية، وهي كناية نحو كذا وكذا. والتاء في كيت بدل من لام كيَّة. ونحوها التاء في ثنتان وفي بنائه الحركات الثلاث.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - نهى عن المكايلة.
هي مفاعلة من الكيل، والمراد المكافأة بالسود قولا أو فعلا وترك الإغضاء والاحتمال.
وقيل: معناه النهي عن المقايسة في الدين، وترك العمل على الأثر.
* * * أُبيّ رضي الله تعالى عنه - قال لزر بن حبيش: كأين تعدُّون سورة الأحزاب؟ فقال: إنا ثلاثا وسبعين، أو أربعا وسبعين. فقال: أقط! إن كانت لتقارئ سورة البقرة، أو هي أطول منها.
يعني كم تعدون؟ وهي تستعمل كأختها في الخبر والاستفهام.
يقال: كأين رجلا عندي؟ وبكأين هذا الثوب؛ وأصلها كأي، فقدِّمَت الياء على الهمزة، ثم خُفِّفت فبقى كيئ بوزن طيئ، ثم قلبت الياء ألفا كما فعل في طائي.
أقط: أحسب.
تقارئ: تفاعل، من القراءة، أي تجاريها مدى طولها في القراءة.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - نظر إلى جوار قد كدن في الطريق فأمر أن ينحَّين.
أي حضن. يقال: كادت المرأة تكيد كيدا، وكل شيء تعالجه بجهد فأنت تكيده، ومنه كيد العدو. والمختضر يكيد بنفسه، والكيد القيء.
ومنه حديث الحسن رحمه الله تعالى: إذا بلغ الصائم الكيد أفطر.
* * * فالكيس الكيس في " حد " . الكير في " دور " . يكيد في " شت " . كيس الفعل في " فل " . أم كيسان في " رك " . كيساً مكيساً في " خي " .
* * * هذا آخر كتاب الكاف

=========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل المقحمات هي الذنوب العظام كما قال النووي أم أنها ذنوب أرتكبت بقصد طاعة الله لكن التسرع والاندفاع دافع للخطأ من غير قصد

تعقيب علي المقحمات يتبين من تعريف المقحمات بين النووي ومعاجم اللغة العتيدة أن النووي أخطأ جدا في التعريف { المقحمات مفتوح للكتابة...