معاني كلمات القران الكريم




فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بؤامج نداء الايمان

النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق/مدونة ديوان الطلاق//المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة

الجامع لمؤلفات الشيخ الألباني / / /*الـذاكـر / /القرآن الكريم مع الترجمة / /القرآن الكريم مع التفسير / /القرآن الكريم مع التلاوة / / /الموسوعة الحديثية المصغرة/الموسوعة الفقهية الكبرى //برنامج الأسطوانة الوهمية /برنامج المنتخب فى تفسير القرآن الكريم //برنامج الموسوعة الفقهية الكويتية / /برنامج الموسوعة القرآنية المتخصصة / /برنامج حقائق الإسلام في مواجهة المشككين / /برنامج فتاوى دار الإفتاء في مائة عام ولجنة الفتوى بالأزهر / /برنامج مكتبة السنة / /برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية / /برنامج موسوعة شرح الحديث الشريف فتح البارى لشرح صحيح البخارى وشرح مسلم لعبد الباقى وشرح مالك للإمام اللكنوى / /خلفيات إسلامية رائعة / /مجموع فتاوى ابن تيمية / /مكتبة الإمام ابن الجوزي / /مكتبة الإمام ابن حجر العسقلاني / /مكتبة الإمام ابن حجر الهيتمي / /مكتبة الإمام ابن حزم الأندلسي / /مكتبة الإمام ابن رجب الحنبلي / /مكتبة الإمام ابن كثير / /مكتبة الإمام الذهبي / /مكتبة الإمام السيوطي / /مكتبة الإمام محمد بن علي الشوكاني / /مكتبة الشيخ تقي الدين الهلالي / /مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي / /مكتبة الشيخ حمود التويجري / /مكتبة الشيخ ربيع المدخلي / /مكتبة الشيخ صالح آل الشيخ / /مكتبة الشيخ صالح الفوزان / /مكتبة الشيخ عبد الرحمن السعدي / /مكتبة الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم / /مكتبة الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان / /مكتبة الشيخ عبد المحسن العباد / /مكتبة الشيخ عطية محمد سالم / /مكتبة الشيخ محمد أمان الجامي /مكتبة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي / /مكتبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / /مكتبة الشيخ مقبل الوادعي / /موسوعة أصول الفقه / /موسوعة التاريخ الإسلامي / /موسوعة الحديث النبوي الشريف / /موسوعة السيرة النبوية / /موسوعة المؤلفات العلمية لأئمة الدعوة النجدية / موسوعة توحيد رب العبيد / موسوعة رواة الحديث / موسوعة شروح الحديث / /موسوعة علوم الحديث / /موسوعة علوم القرآن / /موسوعة علوم اللغة / /موسوعة مؤلفات الإمام ابن القيم /موسوعة مؤلفات الإمام ابن تيمية /

الخميس، 3 مارس 2022

ج 5 - { من حرف اللام اللام مع الهمزة /الي اخر الفائق في غريب الحديث والاثر /تم الكتاب بعون الله وتوفيقه }

 

حرف اللام
اللام مع الهمزة


النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لما انصرف من الخندق ووضع لامته أتاه جبريل فأمره بالخروج إلى بني قريظة.
هي الدرع، سميت لالتئامها، وجمعها لأم ولؤم. واستلأم الرجل: لبسها.
* * * في الحديث: من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن كنَّ له حجاباً من النار.
أي شدتهن. يقال: وقع القوم في لأواء ولولاء؛ ومنه ألأى الرجل، إذا أفلس.
* * * اللؤم في " زن " . فبلأى في " رب " . ألآء في " فط " .
* * *
اللام مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل. فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة؛ فلُبط به حتى ما يعقل من شدة الوجع. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أتتهمون أحداً؟ قالوا: نعم، عامر بن ربيعة، وأخبروه بقوله، فأمر أن يغسل له ففعل، فراح مع الرَّكب.
لبج به ولبط به: أخوان، أي صرع به.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه خرج وقريش ملبوط بهم؛ أي سقوط بين يديه. رووا عن الزهري في كيفية الغسل: قال: يؤتى الرجل العائن بقدح فيُدخل كفَّه فيه فيتمضمض، ثم يمجه في القدح، ثم يغسل وجهه في القدح، ثم يُدخل يده اليسرى فيصبُّ على كفه اليمنى، ثم يُدخل يده اليمنى فيصب على كفه اليسرى، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على مرفقه الأيمن، ثم يُدخل يده اليمنى فيصبُّ على مرفقه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى، فيصبُّ على قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على قدمه اليسرى؛ ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى. ثم يغسل داخلة إزاره، ولا يُوضع القدح بالأرض، ثم يصب ذلك الماء المستعمل على رأس الرجل الذي أصيب بالعين من خلفه صبةً واحدة.
أراد بداخلة الإزار: طرفه الداخل الذي يلي جسده، وهو يلي الجانب الأيمن من الرجل؛ لأن المؤتزر إنما يبدأ إذا ائتزر بجانبه الأيمن، فذلك الطرف يباشر جسده.
فراح: أي المعين، يعني أنه صحَّ وبرأ.
* * * خاصم رجل أباه عنده فأمر به فلُبَّ له.
يقال: لبَّبت الرجل ولببته - مثقلا ومخففاً؛ إذا جعلت في عنقه ثوباً أو حبلاً وأخذت بتلبيبه فجررته. والتَّلبيب: مجمع ما في موضع اللَّبب من ثياب الرجل. ومنه لبّب الرجل: إذا أخذ الرجل لبب الوادي، أي جانبه، وفلان يلببُّ هذا الجبل، ولبًّ الطريق.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بإخراج المنافقين من المسجد؛ فقام أبو أيوب الأنصاري إلى رافع بن وديعة فلبَّبه بردائه، ثم نتره نتراً شديداً. وقال له: أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
النتر: النفض والجذب بجفوة.
الأدراج: جمع درج، وهو الطريق؛ ومنه المثل: خله درج الضب.
يعني خذ أدراجك، أي اذهب في طريقك التي جئت منها. ولا يقال: إذا أخذ في ير وجه مجيئه. قال الراعي يصف نساء بات عندهن ثم رجع:
لما دعا الدعوةَ الأولى فأَسمعني ... أخذتُ بُردىّ فاستمرَرْتُ أَدْرَاجِي
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول في تلبيته: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك؛ لبيك! إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.
معنى لبيك دواما على طاعتك وإقامة عليها مرة بعد أخرى؛ من ألبَّ بالمكان؛ إذا أقام به؛ وألبَّ على كذا، إذا لم يفارقه، ولم يُستعمل إلا على لفظ التثنية في معنى التكرير، ولا يكون عامله إلا مضمرا، كأنه قال: أُلِبُّ ألبابا بعد إلباب. والتلبية من لبيك بمنزلة التهليل من لا إله إلا الله.
وفي حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله تعالى: قال: خرج ورقة ابن نوفل وزيد بن عمرو يطلبان الدين حتى مرا بالشام، فأمَّا ورقة فتنصّر، وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلبه أمامك وسيظهر بأرضك؛ فأقبل وهو يقول: لبيك حقاًّ حقاً، تعبُّدا ورقا؛ البر أبغى لا الخال. وهل مهجر كمن قال. أنفى عانٍ راغم. مهما يجشمني فإني جاشم.
حقاّ: مصدر مؤكد لغيره، أعني أنه أكد به معنى الزم طاعتك الذي دل عليه لبيك، كما تقول: هذا عبد الله حقا، فتؤكد به مضمون جملتك، وتكريره لزيادة التأكيد.
وقوله: تعبُّداً؛ مفعول له، أي أُلبي تعبدا.
الخال: الخيلاء. قال العجاج:
والخالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَاب الجَّهال
المهجِّر: الذي يسير في الهجير.
قال: من القائلة.

مهما: هي ما المضمنة معنى الشرط مزيدة عليها ما التي في أينما للتأكيد.
والمعنى أي شيء تجشمني فأنا جاشمه. يقال: جشم الشيء وكُلِّفه.
* * * وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه كان يزيد في تلبيته: لبيك وسعديك، والخير من يديك، والرغبة في العمل إليك، لبيك! لبيك! وقد سبق الكلام في سعديك في " سع " .
وفي حديث عروة رحمه الله تعالى: أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك.
هو استرحام، أي كلما كنت في رحمةٍ وخير فلا ينقطعن ذلك، وليكن موصولا بآخر.
قال سيبويه: ومن العرب من يقول: سبحان الله وحنانيه؛ كأنه قال: سبحان الله واسترحاما.
وفي حديث علقمة رحمه الله تعالى: قال للأسود: يا أبا عمرو؛ قال: لبيك. قال: لبَّى يديك؛ أي أطيعك، وأتصرف بإرادتك، وأكون كالشيء الذي تُصرِّفه بيديك كيف شئت. وأنشد سيبويه:
دَعوْتُ لِمَا نَابَنِي مِسْوَراً ... فَلَبَّى فَلَبَّىْ يَدَيْ مِسْوَرِ
استشهد بهذا البيت على يونس في زعمه أنَّ لبيك ليس تثنية لبّ، وإنما هو لبَّى بوزن جرَّى قلبت ألفه ياء عند الإضافة إلى المضمر، كما فعل في عليك وإليك.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم - في لبن الفحل: إنه يُحرِّم.
هو الرجل له امرأة ولدٍ له منها ولد، فاللبن الذي تُرضعه به هو لبن الرجل؛ لأنه بسبب إلقاحه؛ فكل من أرضعته بهذا اللبن فهو محرَّمٌ عليه وعلى آبائه وولده من تلك المرأة ومن غيرها.
وهذا مذهب عامة السلف والفقهاء.
وعن سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي رحمه الله تعالى: أنه لا يُحرِّم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه سُئل عن رجل له امرأتان أرضعت إحداهما جرية والأخرى غلاماً؛ أيحل للغلام أن يتزوج الجارية؟ قال: اللقاح واحد.
* * * وعن عائشة رضي الله تعالى عنها: إنه استأذن عليها أبو القعيس بعد ما حُجبت؛ فأبت أن تأذن له؛ فقال: أنا عمُّك أرضعتك امرأة أخي؛ فأبت أن تأذن له، حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له؛ فقال: هو عمُّك فليلج عليك.
* * * سُئل صلى الله عليه وآله وسلم عن الشهداء فوصفهم؛ ثم قال: أوئك الذين يتلبطون في الغرف العُلا من الجنة.
* * * وقال صلى الله عليه وآله وسلم - في ماعز بعد ما رُجم: إنه ليتلبط في رياض الجنة.
التلبط: التمرغ، يقال: فلان يتلبط في النعيم؛ أي يتمرغ فيه ويتقلب.
واللبط: الصَّرع والتمريغ في الأرض.
وعن عائشة رضي الله عنها: إنها كانت تضرب اليتيم وتلبطه.
* * * صلَّى صلى الله عليه وآله وسلم في ثوب واحد متلبباً به.
أي متحزما به عند صدره؛ وكانوا يصلون في ثوب واحد، فإن كان إزاراً تحزَّم به، وإن كان قميصاً زرّه.
كما روى: إنه قال: زرَّه ولو بشوكة.
* * * ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه - قال زرّ بن حبيش: قدمت المدينة فخرجت يوم عيد، فإذا رجل متلبب أعسر أيسر، يمشي مع الناس كأنه راكب، وهو يقول: هاجروا ولا تهجروا، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا؛ ولكن ليذكّ لكم الأسل الرماح والنبل.
قال أبو عبيد: كلام العرب أعسر يسر، وهو في الحديث أيسر؛ وهو العامل بكلتا يديه. وفي كتاب العين: جل أعسر يسر وامرأة عسراء يسرة.
وعن أبي زيد: رجل أعسر يسر وأعسر أيسر، والأعسر من العُسرى، وهي الشمال؛ قيل لها ذلك؛ لأنه يتعسر عليها ما يتيسر على اليمنى. وأما قولهم البسرى فقيل: إنه على التفاؤل.
التهجر: أن يتشبه بالمهاجرين على غير صحة وإخلاص.
الرماح والنبل: بدل من الأسل وتفسير له؛ قالوا: وهذا دليل على أن الاسل لا ينطلق على الرماح خاصة، ولقائل أن يقول: الرِّماح وحدها بدل، والنبل عطف على الأسل.
* * * عليكم بالتلبينة، والذي نفس محمد بيده إنه ليغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم وجهه من الوسخ، وكان إذا اشتكى أحدٌ من أهله لم يزل البرمة على النار حتى يأتي على أحد طرفيه.
هي حساء من دقيق أو نخالة يقال له بالفارسية السبوساب، وكأنه لشبهه باللبن في بياضه سمي بالمرة من التلبين، مصدر لبَّن القوم؛ إذا سقاهم اللبن. حكى الزيادي عن العرب: لبَّناهم فلبنوا؛ أي سقيناهم اللبن فأصابهم منه شبه سُكر.
* * * ومنها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها - عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم التلبينة مجمَّة لفؤاد المريض.

أراد بالطرفين: البرء، والموت؛ لأنهما غاية أمر العليل؛ ويبين ذلك حديث أم سلمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا اشتكى أحد من أهله وضعنا القدر على الأثافي، وجعلنا لهم لُبَّ الحنطة بالسمن، حتى يكون أحد الأمرين، فلا تنزل إلا على برءٍ أو موت.
وفي حديث أسماء بنت أبي بكر: إن ابنها عبد الله بن الزبير دخل عليها وهي شاكية مكفوفة، فقال لها: إن في الفوات لراحة لمثلك. فقالت له: ما بي عجلة إلى الموت حتى آخذ على أحد طرفيك؛ إما أن تستخلف فتقرّ عيني، وإما أن تُقتل فأحتسبك.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - من لبَّد أو عقَّص أو ضفَّر فعليه الحلق.
التلبيد: أن يجعل في رأسه لزوقا صمغاً أو عسلا ليتلبد فلا يقمل.
والعقص: ليّ الشعر وإدخال أطرافه في أصوله.
والضفر: الفتل، وإنما يفعل ذلك بقيا على الشَّعر، فأُلزم الحلق عقوبة له.
* * * قال رضي الله تعالى عنه للبيد قاتل أخيه يوم اليمامة بعد أن أسلم: أ أنت قاتل أخي يا جوالق؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! اللبيد: الجوالق. وقال قطرب: المخلاة. وألبدت القربة: صيرتها في لبيد.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قال لرجلين أتياه يسألانه: ألبدا بالأرض حتى تفهما.
يقال: ألبد بالأرض إلباداً، ولبد يلبد لبودا؛ إذا أقام بها ولزمها فهو ملبد ولابد.
من ذلك حديث أبي بردة رحمه الله تعالى: إنه ذكر قوماً يعتزلون الفتنة، فقال: عصابة ملبدة، خماص البطون من أموال الناس، خفاف الظهور من دمائهم.
أي لاصقة بالأرض من فقرهم.
ومنه حديث قتادة رحمه الله تعالى في قوله تعالى: (الذين هم في صَلاَتهم خاشعون). قال: الخشوع في القلب وإلباد البصر في الصلاة.
أي لزومه موضع السجود. ويجوز أن يكون من قولهم: ألبد رأسه إلبادا؛ إذا طأطأه عند دخول الباب. وقد لبد هو لبودا، أي طأطأ البصر وخفضه.
وعن حذيفة رضي الله تعالى عنه أنه ذكر الفتنة فقال: فإذا كان كذلك فالبدوا لبود الراعي على عصاه خلف غنمه.
أي اثبتوا، وألزموا منازلكم، كما يعتمد الراعي على عصاه ثابتاً لا يبرح.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - ضربته أمه صفية بنت عبد المطلب. فقيل لها: لم تضربينه؟ فقالت: لكي يلب، ويقود الجيش ذا الجلب.
المازني عن أبي عبيدة: لب يلب، بوزن عض يعضّ؛ إذا صار لبيباً؛ هذه لغة أهل الحجاز؛ وأهل نجد يقولون: لبَّ يلبّ بوزن فرَّ يفر.
الجلب: الصوت، يقال: جلب على فرسه جلبا.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - أتى الطائف فإذا هو يرى التيوس تلب أو تنب على الغنم خافجة كثيرا. فقال لمولى لعمرو بن العاص يقال له هرمز: يا هرمز؛ ما شأن ما هاهنا؟ ألم أكن أعلم السباع هنا كثيراً؟ قال: نعم، ولكنها عقدت؛ فهي تخالط البهائم ولا تهيجها. فقال: شعب صغير من شعب كبير.
نبّ التَّيس ينب نبيباً؛ إذا صوّت عند السِّفاد.
وأما لبَّ فلم أسمعه في غير هذا الحديث، ولكن ابن الأعرابي قال: يقال لجلبة الغنم لبالب، وأنشد أبو الجراح:
وخَصْفَاءَ في عامٍ مَيَاسير شاؤُه ... لها حول أَطْنَابٍ البيوتِ لبَالِبُ
الخصفاء: الغنم إذا كانت معزاً وضأناً مختلطة.
مياسير: من يسرت الغنم. ولمضاعفي الثلاثي والرباعي من التوراد والالتقاء ما لا يعز. خافجة: أي سافدة، وفي كتاب العين: الخفج من المباضعة، وأنشد:
أَخَفْجاً إذا ما كُنْتَ في الحيّ آمِنا ... وجُبْناً إذا ما المشرفَّية سُلَّت
عقدت: أُخذت كما تؤخذ الروم الهوامَّ بالطلَّسم.
الشعب الأول بمعنى الجمع والإصلاح، والثاني بمعنى التفريق والإفساد. أي صلاح يسير من فساد كبير؛ كره ذلك لأنه نوع من السحر.
* * * خديجة رضي الله تعالى عنها بكت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قالت: درَّت لبينة القاسم فذكرته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو ما ترضين أن تكفله سارة في الجنة؟ قالت: لوددت أني علمت ذلك! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومد إصبعه وقال: لئن شئت لأدعون الله أن يريك ذلك. قالت: بل أُصدق الله ورسوله.
هي تصغير اللبنة، وهي الطائفة القليلة من اللبن؛ وقد مرت لها نظائر. واللام في " لوددت " للقسم، والأكثر أن يقترن بها قد.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - أخرجت كساء للنبي صلى الله عليه وسلم ملبَّداً.

أي مرقَّعاً. يقال: لبدت القميص ألبده ولبَّدته وألبدته. وقال الأزهري: القبيلة: الخرقة التي يرقع بها قبُّ القميص، واللِّبدة التي يرقع بها صدره.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - سأله رجل عن مسألة ثم أعادها فقلبها؛ فقال له الحسن: لبَّكت عليَّ - وروى: بكَّلت عليَّ.
كلاهما بمعنى خلطت. يقال: بكَّل الكلام ولبَّكه؛ إذا أتى مخلّطاً غير واضح.
والبكبلة واللبيكة: السمن والزيت والدقيق إذا خُلطن.
* * * في الحديث: تباعدت شعوب من لبجٍ، فعاش أياماً.
هو اسم رجل سمى باللَّبج؛ وهو الشجاعة.
* * * ولباب في " عب " . لبيس في " خم " . ملبدا في " وق " . اللباب واللبات في " اد " . لبينا في " دك " . ألبد في " نف " . لبقها في " سخ " . التلبينة في " شن " . الملبد في " ضف " . ملب في " رب " . لبتها في " عو " .
* * *
اللام مع التاء
مجاهد رحمه الله تعالى - قال: كان رجل يلت السويق لهم، وقرأ: (أَفَرَأَيْتُم اللاَت وَالعُزَّى).
قال الفراء: أصل اللاَّت اللاتّ - بالتشديد؛ لأن الصنم إنما سُميِّ باسم اللاتّ الذي كان يلت عند هذه الأصنام لها السويق؛ فخفف وجعل اسما للصنم.
ولتُّ السويق: جدحه، والذي يجدح به من سمن أو إهالة يقال له اللتات.
وحكى أبو عبيدة عن بعض العرب: أصابنا مطر من صبير لتَّ ثيابنا لتًّا، فأروضت منه الأرض كلها، أي بلها.
* * * في الحديث: فما أبقى مني إلا لتاتا.
قال الأزهري: لتات الشجر: مافُتَّ من قشره اليابس الأعلى؛ أي ما أبقى مني المرض إلا جلداً يابساً كقشرة الشجرة.
وذكر الشافعي رحمه الله تعالى هذه الكلمة في باب التيمم فيما لا يجوز التيمم به.
* * *
اللام مع الثاء
النبي صلى الله عليه وسلم - خطب للاستسقاء فحوَّل رداءه ثم صلى ركعتين؛ فأنشأ الله سحابة فأمطرت؛ فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لثق الثياب على الناس ضحك حتى بدت نواجذه.
اللثق: البلل، يقال: لثق الطائر؛ إذا ابتل جناحاه. قال يصف الطائر: لثق الريش إذا زفَّ زقا.
ويقال للماء والطين: لثق ويقال: اتق اللثق.
الناجذ: آخر الأسنان. ويقال له ضرس الحلم. ومنه اشتقوا رجل منجذ. وقد نجذ نجوذا؛ إذا نبت وارتفع. وقيل: النواجذ الأضراس كلها. وقيل: هي الأربعة التي تلي الأنياب. واستدل هذا القائل بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جُلَّ ضحكه التبسم؛ فلا يصح وصفه بإبداء أقصى الأسنان والاستغراب، إلا أنه رفض لمعنى قول الناس: ضحك فلان حتى بدت نواجذه، وقصدهم به إلى المبالغة في الضحك، وليس في إبداء ما وراء الناب مبالغة؛ فإنه يظهر بأول مراتب الضحك؛ ولكن الوجه في وصفه صلى الله عليه وسلم بذلك أن يراد مبالغة مثله في ضحكه من غير أن يوصف بإبداء نواجذه حقيقة. وكائن ترى ممن ضاق عطنه، وجفا عن العلم بجوهر الكلام، واستخراج المعاني التي تنتحيها العرب لا تساعده اللغة على ما يلوح له؛ فيهدم ما بنيت عليه الأوضاع، ويخترع من تلقاء نفسه وضعاً مستحدثا لم تعرفه العرب الموثوق بعربيتهم، ولا العلماء الأثبات الذين تلقَّوها منهم، واحتاطوا وتأنقوا في تلقيها وتدوينها ليستتب له ما هو بصدده؛ فيضل ويضلّ، والله حسيبه؛ فإن أكثر ذلك يجري منه في القرآن الحكيم.
* * * في المبعث:
بُغْضُكم عندنا مُرٌّ مَذَاقَتُه ... وبُغْضُنَا عِنْدَكُمْ يا قَوْمَنَا لَثْنُ
زعم الأزهري - حاكيا عن بعضهم: أن اللثن: الحلو - لغة يمانية.
* * * ولا تلثوا في " فر " .
* * *
اللام مع الجيم
النبي صلى الله عليه وسلم - ذكر الدجال وفتنته، ثم خرج لحاجته، فانتحب القوم حتى ارتفعت أصواتهم، فأخذ بلجفتي الباب؛ فقال: مهيم؟ هما عضادتاه وجانباه؛ من قولهم: ألجاف البئر لجوانبها، جمع لجف. ومنه لجف الحافر؛ إذا عدل بالحفر إلى ألجافها.
* * * إذا استلجَّ أحدكم بيمينه فإنه آثم له عند الله من الكفارة.
هو استفعال من اللجاج.
والمعنى أنه إذا حلف على شيء، ورأى غيره خيرا منه، ثم لجَّ في إبرارها وترك الحنث والكفارة كان ذلك آثم له من أن يحنث ويكفر.
ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفِّر عن يمينه.

وعند أصحابنا أن اليمين على وجوه: يمين يجب الوفاء بها؛ وهي اليمين على فعل الواجب وترك المعصية. ويمين يجب الحنث فيها، وهي اليمين على فعل المعصية وترك الطاعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف أن يطيع الله فليطعه، ومن حلف أن يعصيه فلا يعصه. ويمين يندب إلى الحنث فيها؛ وهي اليمين على ما كان فعله خيراً من تركه. ويمين لا يندب فيها إلى الحنث؛ وهو الحلف على المباحات.
* * * وفي حديث العرباض رضي الله تعالى عنه - قال: بعت من النبي صلى الله عليه وسلم بكراً، فأتيته أتقاضاه ثمنه، فقال: لا أقضيكها إلا لُجينية.
الضمير للدراهم، أي لا أعطيكها إلا طوزاج من اللجين، وهي الفضة المضروبة؛ كأنه في أصله مصغر اللجن؛ من قولهم للورق الملجون - وهو الذي يخبط ويدق: لَجَن ولَجِين.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - خذ الحمكة أني أتتك؛ فإن الكلمة من الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج حتى تسكن إلى صاحبها.
أي تتحرك وتقلق في صدره لا تستقر فيه حتى يسمعها المؤمن، فيأخذها ويعيها؛ فحينئذ تأنس إلى الشكل.
* * * شريح رحمه الله تعالى - قال له رجل: ابتعت من هذا شاةً فلم أجد لها لبناً.
فقال شريح: لعلها لجمت؛ إن الشاة تحلب في ربابها.
أي صارت لجبة؛ وهي التي خف لبنها. وقيل: إنها في المعز خاصة، ومثلها من الضأن الجدود؛ قال:
عَجِبت أبناؤُنَا من فِعْلِنا ... إذْ نَبيع الخيلَ بالمِعْزَى اللِّجَابْ
ونظير لجبت نبيت وعود.
وفي كتاب العين: لجبت لجوبة.
الرباب قبل الولادة؛ أي لعلك اشتريها بعد خوجها من الرباب، وهو وقت الغزر.
* * * في الحديث: في الجنة ألجنوج يتأجج من غير وقود.
وهو العود الذكي كأنه الذي يلج في تضوع رائحته. وقد ذكر سبويه فيه ثلاث لغات: أَلَجْنَوج وأَلَجْنُوج ويَلَجْنُوج. وحكم على الهمزة والنون بالزيادة حيث قال: ويكون على أفنعل في الاسم والصفة، ثم ذكر ألنجج وأندد.
* * * اللجب في " ار " . لجينا في " دك " . تجلمي في " كر " . اللجبة في " مح " . اللج في " نش " . إذا التج في " اج " . وتلجم في " ثف " .
* * * اللام مع الحاء النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال - وهو ثان رجله: سبحان الله وبحمده، الحمد لله، وأستغفر الله، إن الله كان توباً - سبعين مرة. ثم يقول: سبعين بسبعمائة. لا خير ولا طعم لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة. ثم يستقبل الناس بوجهه فيقول: هل رأى أحد منكم رؤيا؛ قال ابن زمل الجهني. قلت: أنا يا رسول الله. قال: خير تلقاه، وشر توقَّاه، وخير لنا وشرٌّ على أعدائنا، والحمد لله رب العالمين، اقصص.
قلت: رأيت جمع الناس على طريق رحبٍ لا حب سهل، فالناس على الجادَّة منطلقون؛ فبيناهم كذلك أشفى ذلك الطريق بهم على مرج لم تر عيني مثله قط، يرفُّ رفيفاً يقطر نداوة. فيه من أنواع الكلأ، فكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا؛ ثم أكبوا رواحلهم في الطريق فلم يظلموه يمينا ولا شمالا.
ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدهم وهم أكثر منهم أضعافا؛ فلما أشفوا على المرج كبروا. ثم أكبوا رواحلهم في الطريق فمنهم المُرتع، ومنهم الآخذ الضغث؛ ومضوا على ذلك.
ثم جاءت الرعلة الثالثة من بعدهم وهم أكثر منهم أضعافا؛ فلما أشفوا على المرج كبروا. ثم أكبوا رواحلهم في الطريق وقالوا: هذا خير المنزل؛ فمالوا في المرج يمينا وشمالا.
فلما رأيت ذلك لزمت الطيق حتى أتيت أقصى المرج؛ فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات، وأنت في أعلاها درجة؛ وإذا عن يمينك رجل طوال آدم أقنى، إذا هو تكلم يسمو، يفرع الرجال طولا؛ وإذا عن يسارك رجل ربعة تارّ أحمر كثير خيلان الوجه؛ إذا هو تكلم أصغيتم إليه إكراماً له؛ وإذا أمام ذلك شيخ كأنكم تقتدون به؛ وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف، وإذا أنت كأنك تبعثها يا رسول الله.
قال: فانتقع لون رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعةً، ثم سرِّي عنه. فقال: أمَّ ما رأيت من الطريق الرحب اللاحب السهل ما حملتكم عليه من الهُدى فأنتم عليه.
وأمَّا المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها؛ لم نتعلق بها ولم تُردنا ولم نردها.
وأما الرعلة الثانية والثالثة - وقصَّ كلامه - فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأما أنت فعلى طريقة صالحة، فلن تزال عليها حتى تلقاني.

وأما المنبر فالدنيا سبعة آلاف سنة، وأنا في آخرها ألفاً.
وأما الرجل الطُّوال الآدم فذلك موسى، نُكرمه بفضل كلام الله إياه.
وأما الرجل الربعة التارُّ الأحمر فذلك عيسى نكرمه بفضل منزلته من الله.
وأما الشيخ الذي رأيت كأنَّا نقتدي به فذلك إبراهيم.
وأما الناقة العجفاء التي رأيتني أبعثها فهي الساعة، تقوم علينا، لا نبيَّ بعدي ولا أمَّة بعد أمتي.
قال: فما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا أحداً عن رؤيا إلا أن يجيء الرجل متبرعاً فيحدِّثه بها.
اللاحب: الطريق الواسع المنقاد الذي لا ينقطع.
أشفى بهم: أشرف بهم.
الرفيف والوريف: أن يكثر ماؤُه ونعمته. قال:
يَا لك من غَيْث يَرِفّ بَقْلُه
الرَّعلة: القطعة من الفرسان.
أكبُّوا رواحلهم: أي أكبُّوا بها، فحذف الجار وأوصل الفعل. والمعنى جعلوها مُكبَّة على قطع الطريق والمضي فيه، من قولك: أكبَّ الرجل على الشيء يعمله، وأكبَّ فلان على فلان يظلمه؛ إذا أقبل عليه غير عادل عنه، ولا مشتغل بأمرٍ دونه.
يقال: رتعت الإبل: إذا رعت ما شاءت، وأرتعناها؛ ولا يكون الرتع إلا في الخصب والسعة. ومنه: رتع فلان في مال فلان.
لم يظلموه: لم يعدلوا عنه، يقال: أخذ في طريق فمل ظلم يمينا ولا شمالا.
هذا خير المنزل: يعني أنهم ركبوا إلى ما في المرج من المرعى فأوطنوه وتخلَّفوا عن الرعلتين المتقدمتين.
يسمو: يعلو برأسه ويديه إذا تكلم.
يفرع الرجال: يطولهم.
التّارّ: العظيم الممتلئ.
الشارف: المسنَّة.
انتقع: تغيّر.
سُرِّى عنه: كُشف؛ من سروت الثوب عني.
سبعين بسبعمائة: أي أستغفر سبعين استغفارة بسبعمائة ذنب.
* * * إن رجلين اختصما إليه صلى الله عليه وسلم في مورايث وأشياء قد درست؛ فقال: لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض؛ فمن قضيت له بشيء من حقِّ أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار. فقال كل واحد من الرجلين: يا رسول الله؛ حقي هذا لصاحبي. فقال: لا، ولكن اذهبا فتوخَّيا، ثم استهما، ثم ليُحلل كل واحد منكما صاحبه.
أي أعلم بها وأفطن لوجه تمشيتها. واللَّحن واللَّحد: أخوان في معنى الميل عن جهة الاستقامة. يقال: لحن فلان في كلامه؛ إذا مال عن صحيح المنطق ومستقيمه بالإعراب.
ومنه قول أبي العالية رحمه الله تعالى: كنت أطوف مع ابن عباس وهو يعلمني لحن الكلام.
قالوا: هو الخطأ؛ لأنه إذا بصَّره الصواب فقد بصَّره اللحن؛ ومنه الالحان في القراءة والنشيد؛ لميل صاحبها بالمقروء والمنشد إلى خلاف جهته بالزيادة والنقصان الحادثين بالترنم والترجيع. ولحنت لفلان، إذا قلت له قولا يفهمه هو ويخفى على غيره؛ لأنك تميله عن الواضح المفهوم بالتورية. قال:
مَنْطِقٌ واضحٌ وتَلْحَنُ أحْيا ... ناً وخيرُ الْكَلاَمِ ما كان لَحْنَا
أي تارة توضِّح هذه المرأة الكلام، وتارة توري لتخفيه عن الناس، وتجيء به على وجه يفهمه هو دون غيره؛ ومن هذا قالوا: لحن الرجل لحنا فهو لحن؛ إذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره، والأصل المرجوع إليه معنى الميل.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: إنكم لتختصمون إيّ، وعسى أن يكون بعضكم ألحن بحجته.
ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: عجبت لمن لاحن الناس، كيف لا يعرف جوامع الكلم! أي فاطنهم وجادلهم.
الاستهام: الاقتراع، وفيه تقوبة لحديث القُرعة في الذي أعتق ستة مماليك عند الموت، ولا مال له غيرهم؛ فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم؛ فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة.
* * * إنَّ ناقته صلى الله عليه وسلم أناخت عند بيت أبي أيوب والنبي صلى الله عليه وسلم واضع زمامها؛ ثم تلحلحت وأرزمت ووضعت جرانها.
تلحلح: ضد تحلحل؛ إذا ثبت مكانه ولم يبرح. وأنشد ابة عمرو لابن مقبل:
بِحَيٍّ إذا قِيلَ اظْعَنُوا قد أُتِيتُمُ ... أَقَامُوا عَلَى أَثْقالِهم وتَلَحْلَحُوا
وهو في المعنى من لححت عينه. وقتب ملحاح: لازم للظهر.
أرزمت: من الرزمة، وهي صوت لا تفتح به فاها دون الحنين.
* * * إن هذا الأمر لا يزال فيكم وأنتم ولاته ما لم تحدثوا أعمالاً، فإذا فعلتم ذلك بعث الله عليكم شر خلقه، فلحتوكم كما يلحت القضيب - وروى: فالتحوكم كما يلتحى القضيب.

اللحت واللتح والحلت نظائر؛ يقال: لحته؛ إذا أخذت ما عنده ولم يدع له شيئاً. ولتحته مثله، وحلت الصوف: نتفه، وحلتناهم حلتاً: أفنيناهم واستأصلناهم. والالتحاء من اللحو، وهو القشر وأخذ اللّحاء.
* * * قال صلى الله عليه وسلم لرجل: صُمْ يوماً في الشهر. قال: إني أجد قوة. قال: فصم يومين. قال: إني أجد قوة. قال: فصم ثلاثة أيام في الشهر - وألحم عند الثالثة - فما كاد حتى قال: إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني. قال: فصم الحُرم وأفطر.
أي وقف عند الثالثة، فلم يزده عليها، من ألحم بالمكان إذا أقام به. والإلحام: قيام الدابة، ويقال أيضاً: ألحمته بالمكان إذا ألصقته به.
الحُرُم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب.
* * * أمر صلى الله عليه وسلم بالتَّلَحِّي ونهى عن الاقتعاط.
التلحي: أن يدير العمامة تحت حنكه.
والاقتعاط: ترك الإدارة. يقال: قعطت العمامة وعقطتها، وعمامة مقعوطة ومعقوطة؛ قال:
طُهَيَّة مَقْعُوطٌ عليها العمائم
والمقعطة والمعقطة: ما تُعصب بع رأسك. وعن طاوس رحمه الله: تلك عمَّة الشيطان يعني الاقتعاط.
* * * احتجم صلى الله عليه وسلم بلحى جمل.
هو مكان بين مكة والمدينة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - تعلَّموا السنَّة والفرائض واللَّحن كما تعلَّمون القرآن.
قال أبو زيد والأصمعي: اللحن اللغة.
ومنه حديثه رضي الله تعالى عنه - أُبيّ أقرؤنا؛ وإنا لنرغب عن كثير من لحنه.
وعن أبي ميسرة في قوله تعالى: (سيل العَرِم): العَرِم المسنَّاة بلحن اليمن.
وقال ذو الرمة:
في لَحْنِه عن لغات العُرْب تَعْجِيمُ
وحقيقته راجعة إلى ما ذكر من معنى الميل؛ لأن لحن كل أمة جهتها التي تميل إليها في النطق.
والمعنى تعلموا الغريب والنحو؛ لأنَّ في ذلك علم غريب القرآن ومعانيه، ومعاني الحديث والسنة، ومن لم يعرفه أكثر كتاب الله ولم يقمه، ولم يعرف أكثر السنن.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - مر بقوم لحطوا باب دارهم.
قال ثعلب: اللَّحط: الرَّشُّ.
* * * في الحديث: إن الله يبغض البيت اللحم وأهله - وروى: إن الله ليبغض أهل البيت اللحمين.
ويقال رجل لحيم ولاحم وملحم ولحم. فاللحيم: الكثير لحم الجسد. واللاَّحم: الذي عنده لحم، كلابن وتامر. والملحم: الذي يكثر عنده أو يطعمه. واللحم: الأكول له.
وعن سفيان الثوري رحمه الله أنه سئل عن اللحمين؛ أهم الذين يكثرون أكل اللحم؟ فقال: هم الذين يكثرون أكل لحوم الناس.
* * * لحفنا في " شع " . فلحياً في " بج " . فألحت في " خب " . اللحيف في " سك " . تلاحك في " مع " . لحادة في " مز " . ألحمه في " سم " . فلحج في " شت " . ولحمته في " جب " . لاحّ في " دح " . ملحس في " هي " . لحبها في " زو " . ألحن بحجته وعلى أنه يلحن في " ظر " . لحمة الكبار في " بش " . والحظوا في " زن " . ولا تلحده في " صب " . ولا يلحِّصون في " نض " . حتى يلحقوا الزرع في " فط " .
* * *
اللام مع الخاء
معاوية رضي الله تعالى عنه - قال: أي الناس أفصح؟ فقام رجل فقال: قوم ارتفعوا عن فراتية العراق - وروى: لخلخانية العراق، وتياسروا عن كشكشة بكر، وتيامنوا عن كسكسة تميم؛ يست فيهم غمغمة قضاعة، ولا طمطمانية حمير. قال: من هم؟ قال: قومك قريش. قال: صدقت: ممن أنت؟ قال: من جرم.
اللخلخانية: اللكنة في الكلام؛ وهي من معنى قولهم: لخ في كلامه، إذا جاء به ملتبساً مستعجما. من قولهم: لخخت عينه بمعنى لححت.
وعن الأصمعي: نظر فلان نظراً لخلخانيا، وهو نظر الأعاجم.
وفي كتاب العين: اللخلخاني: منسوب إلى لخلخان؛ يقال: قبيلة، ويقال: موضع.
وفي حديث: كنا بموضع كذا، فأتانا رجل فيه لخلخانية. وقال البعيث:
سيَتْرُكُها إنْ سلَّم اللهُ أَمْرها ... بنو اللخْلَخَانِيَّات وهْيَ رُتُوعُ
الكشكشة: أن يقول في الوقف أكرمتكش.
والكسكسة بالسين.
الغمغمة: ألاَّ يبين الكلام. ويقال لأصوات الأبطال والثيران عند الذعر: غماغم.
الطمطمانية: العجمة. يقال: رجل طمطماني وطمطم. ومنه قالوا للعجيب: طمطم.
جعل لغة حمير لما فيها من الكلمات المنكرة أعجميةً.
قال الأصمعي: وجرم: فصحاء العرب. قيل: وكيف وهم من اليمن؟ فقال: لجوارهم مضر.
* * * واللخاف في " عس " . لاخٌ في " دح " .
* * *
اللام مع الدال

النبي صلى الله عليه وسلم - خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي.
هو الدواء المُسقى في أحد لديدي الفم؛ وهما شِقّاه، وقد لدّه يلدّه.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: إنه لُدَّ في مرضه؛ وهو مغمي عليه، فلما أفاق قال: لا يبقى في البيت أحد إلا لُدّ إلا عمي العباس. فعل ذلك عقوبة لهم؛ لأنهم لدُّوه بغير إذنه.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - أقبل يريد العراق؛ فأشار عليه الحسن بن عليً أن يرجع. فقال: والله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتُصاد.
هو الضرب بحجر ونحوه؛ يعني لا أُخدع كما يُخدع الضبع بأن يُلدم باب جحرها فتحسبه شيئاً تصيده فتخرج فتُصاد.
* * * في الحديث: فيقتله المسيح بباب لُدّ؛ يعني يقتل الدجال.
ولُدّ: موضع. قال أبو وجزة السعدي:
شُدّ الوليدُ غدَاةَ لُدٍّ شدَّةَ ... فكفى بها أهلَ البَصِيرة واكتَفَى
* * * ليلدَّك في " فا " . تلددت في " رع " . من اللدد في " اد " . بل اللدم في " حب " . لداته في " قح " .
* * *
اللام مع الذال
النبي صلى الله عليه وسلم - إذا ركب أحدكم الدابة فليحملها على ملاذها.
جمع ملذ؛ وهو موضع اللذة، أي ليسيرها في المواضع التي تستلذ السير فيها من المواطئ السهلة غير الحزنة، والمستوية غير المتعادية.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - كان يرقّص عبد الله وهو يقول:
أَبْيضُ مِنْ آلِ أَبِي عَتِيق ... مُبَارَكٌ من وَلد الصِّدِّيقِ
أُلَذُّه كما أَلَذُّ رِيقِ
يقال: لذ الشيء، ولذذته أنا، إذا التذذت به.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - ذُكرت الدنيا فقالت: قد مضى لذواها وبقي بلواها.
أي لذتها. قال ابن الأعرابي: اللذة واللذوى واللذاذة كلها: الأكل والشرب بنعمةٍ وكفاية، وكأنها في الأصل لذَّى - فعلى - من اللذة؛ فقُلب أحد حرفي التضعيف حرف لين كالتقضي ولا أملاه. قالوا: كأنها أرادت باللذوى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالبلوى ما بعد ذلك.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: (صَافَّاتٍ ويَقْبِضْنَ)؛ قال: بسطها أجنحتهن وتلذُّعهنَّ، وقبضهن.
هو أن يحرك جناحيه شيئاً قليلا، ومنه وقيل: تلذّع البعير تلذُّعا؛ إذا أحسن السير. قال:
تلذعُ تحته أُجُدٌ طَوَتْهَا ... نُسُوعُ الرَّحْلِ عَارِفَةٌ صَبُورُ
في الحديث - خير ما تداويتم به كذا وكذا ولذعة بنار.
يعني الكيّ واللَّذع الخفيف من الإحراق. ومنه لذعه بلسانه، وهو أذى يسير. ومنه قيل للذكي الشَّهم الخفيف: لوذع ولوذعي، قال:
وعَرْبَةُ أَرْضٌ ما يُحِلُّ حَرَامَها ... من الناس إلاَّ اللَّوْذَعِيُّ الحُلاَحِلُ
قيل: أراد به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعربة: يريد عرَبة؛ وهي باحة العرب، وبها سميت العرب؛ وإنما سكَّن الراء للضرورة.
* * *
اللام مع الزاي
اللزاز في " سك " . لزبة في " صف " .
* * *
اللام مع السين
النبي صلى الله عليه وسلم - أُسر أبو عزَّة الجمحي يوم بدر؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يمُنَّ عليه وذكر فقراً وعيالا؛ فمنَّ عليه، وأخذ عليه عهداً ألاَّ يُحضض عليه ولا يهجوه، ففعل. ثم رجع إلى مكة، فاستهواه صفوان بن أمية، وضمن له القيام بعياله، فخرج مع قريش وحضض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُسر. فسأل أن يُمنَّ عليه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: لا يلسع المؤمن من جحر مرتين، لا تمسح عارضيك بمكة، وتقول: سخرت من محمد مرتين. ثم أمر بقتله.
الحية والعقرب تلسعان بالحُمة. وعن بعض الأعراب: إن من الحيات ما يلسع بلسانه كلسع الحُمة، وليست له أسنان. ومنه: لسع فلان فلانا بلسانه: أي قرصه. وفلان لُسعة؛ أي قرَّاصة للناس بلسانه.
* * * ملسّنة في " عق " . وليباً في " ضح " . لسنتك في " فق " . على لسان محمد في " ثب " .
* * *
اللام مع الصاد
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال: لما وفد عبد المطلب إلى سيف بن ذي يزن استأذن ومعه جلَّةُ قريش، فأذن لهم؛ فإذا هو متمضخ بالعبير، يلصف وبيض المسك من مفرقه.
يقال: لصف لونه يلصف لصفا ولصيفا إذا برق، ووبص وبيصا، وبصَّ بصيصا مثله.
* * * الصق في " تب " .
* * *
اللام مع الطاء

ابن مسعود رضي الله عنه - هذا الملطاط طريق بقية المؤمنين هرباً من الدجال.
هو شاطئ الفرات. وقيل: هو ساحل البحر. قال رؤبة:
نحن جَمَعْنَا الناسَ بالمِلْطَاطِ ... فأصْبَحُوا في وَرْطَةِ الأوْراطِ
وقال الأصمعي: يقال لكل شفير نهر أو وادٍ ملطاط. وقال غيره: طريق ملطاط، أي منهج موطوء. وهو من قولهم: لططته بالعصا وملطته: أي ضربته.
ومعناه طريق لُطَّ كثيرا؛ أي ضربته السيارة ووطئته؛ كقولهم: ميتاء للذي أُتي كثيرا.
* * * أنس رضي الله تعالى عنه - بال فمسح ذكره بلطىً، ثم توضأ ومسح على العمامة وعلى خُفَّيه وصلى صلاة فريضة.
هو قلب ليطٍ، كما قيل فُقىً بمعنى فوق جمع فوقة. قال:
ونَبْلِي وَفُقَاهَا ... كَعرَاقِيبِ قَطَاطُحْلِ
والمراد ما قُشر من وجه الأرض من المدر.
* * * لطت في " دي " . لا تلطط في " صب " . تلطها في " شك " . فالطه في " مح " . بلطخ في " غل " .
* * *
اللام مع الظاء
النبي صلى الله عليه وسلم - ألظُّوا بياذا الجلال والإكرام - وروى: بذي الجلال والإكرام.
ألظَّ وألطَّ وألث وألب وألحّ: أخوات؛ في معنى اللزوم والدَّوام. يقال: ألظّ المطر بمكان كذا؛ وأتتني ملظّتك؛ أي رسالتك التي ألححت فيها. قال أبو وجزة:
فبلِّغ بَنِي سَعْدِ بن بَكْرٍ مُلِظّة ... رسولَ امْرِئٍ بَادِي المودَّة نَاصِح
وعن بعض بني قيس: فلان مُلِظٌّ بفلان؛ وذلك إذا رأيته لا يسكت عن ذكره. ويقال للغريم المحك اللزوم: ملظ، على مفعل، وملز نحوه.
* * * لظى في " سف " .
* * *
اللام مع العين
النبي صلى الله عليه وسلم - لا يأخذنَّ أحدكم متاع أخيه لاعباً جاداً.
هو ألا يريد بأخذه سرقته، ولكن إدخال الغيظ على أخيه، فهو لاعب في مذهب السرقة، جادّ في إدخال الأذى عليه. أو هو قاصد اللعب وهو يريه أنه يجدُّ في ذلك ليغيظه.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمسلم أن يروع مسلما.
وعنه صلى الله عليه وسلم: إذا مرَّ أحدكم بالسهام فليمسك بنصالها.
وعنه صلى الله عليه وسلم: إنه مرَّ بقوم يتعاطون سيفا فنهاهم عنه.
* * * خطب الأنصار فقال: أوجدتم يا معشر الأنصار من لعاعة من الدنيا تألّفْتُ بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم؛ فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم.
اللُّعاعة: الشيء اليسير، يقال: ما بقي في الإناء إلا لعاعة وإلا براضة وإلا تلَّية؛ وببلاد بني فلان لعاعة من كلأ، وهي الخفيف من الكلأ. ويقال: خرجنا نتلعَّى؛ أي نأخذها، والأصل نتلعّع.
أخضلوا: بلُّوا.
* * * اتقوا الملاعن عن الثلاث: البراز الموارد، وقارعة الطريق، والظل.
وعنه صلى الله عليه وسلم: اتقوا الملاعن الثلاث. قيل: يا رسول الله، وما الملاعن؟ قال: يقعد أحدكم في ظل يستظل به، أو في طريق، أو نقع ماء.
وعنه صلى الله عليه وسلم: اتقوا الملاعن، وأعدُّوا النَّبل.
الملاعن: جمع ملعنة؛ وهي الفعلة التي يُلعن فاعلها، كأنها مظنة للعن، ومعلم له، كما يقال: الولد مبخلة مجبنة، وأرض مأسدة.
البراز: الحاجة، سُميت باسم الصحراء، كما سميت بالغائط. وقيل: تبرَّز، كما قيل: تغوَّط. والمراد والبراز في قارعة الطريق، والبراز في الظل، ولذلك ثلث، ولكنه اختصر الكلام اتكالا على تفهّم السامع. وكذلك التقدير قعود أحدكم في ظلّ، وقعوده، وقعوده. وقوله: " يقعد " إما أن يكون على تقدير حذف أن، أو على تنزيله منزلة المصدر بنفسه، كقولهم: تسمع بالمعيديِّ.
الموارد: طرق الماء. قال جرير:
أمِيرُ المؤمنين على طريقٍ ... إذا اعَوجَّ المواردُ مُسْتَقِيمِ
النَّقع: مستنقع الماء، ومنه قولهم: إنه لشرَّاب بأنقع.
النَّبَل: حجارة الاستنجاء - يروى بالفتح والضم، يقال: نبِّلني أحجارا ونِّبلني عرقاً؛ أي ناولني وأعطني. وكان أصله في مناولة النّبل للرامي؛ ثم كثر حتى استعمل في كل مناولة، ثم أخذ من قول المستطيب؛ نبِّلني النَّبل لكونها مُنّبلة، ويجوز أن يقال لحجارة الاستنجاء نبل، لصغرها؛ من قولهم لحواشي الإبل: نبل، وللقصير الرَّذل من الرجال: تنبالة، وللسهام العربية لقصرها نبل، ثم اشتق منه نبِّلني.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - كان تلعابة، فإذا فُزع فُزِع إلى ضرس حديد - وروى: إلى ضرس حديد.
* * *

وفي حديثه عليه السلام: زعم ابن النابغة أَنى تلعابة، أُعافس وأُمارس؛ هيهات يمنع من العفاس والمراس خوف الموت وذكر البعث والحساب، ومن كان له قلب ففي هذا عن هذا واعظ وزاجر.
التلعابة: الكثير اللعب؛ كقولهم التلقامة للكثير اللقم. وهذا كقول عمر فيه: فيه دعابة.
ومما يحكى عنه في باب الدعابة ما جرى له مع عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل حين تزوجها عمر بعد عبد الله بن أبي بكر، وقوله لها: يا عُديَّة نفسها:
فآليتُ لا تنفكُّ عيني قريرةً ... عليك ولا ينفكُّ جِلْدِي أَصْفَرَا
وهذا من جملة أبيات رثت بها عاتكة عبد الله، إلا أنه وضع قريرة وأصفرا موضع حزينة وأغبرا؛ توبيخا لها.
وذكر الزبير بن بكار أن بعض المجوس أهدى له فالوذا. فقال عليّ: ما هذا؟ فقيل له: اليوم النَّيروز. فقال علي: ليكن كل يوم نيروزا وأكل.
وذكر أن عقيلا أخاه مرَّ عليه بعتود يقوده. فقال كرم الله وجهه: أحد الثلاثة أحمق. فقال عقيل: أما أنا وعتودي فلا. وهذا ونحوه من دعاباته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخل من أمثال ذلك. وقال: إني أمزح ولا أقول إلا حقًّا.
فإذا فُزع: فيه وجهان: أحدهما أن يكون أصله فُزع اليه، فحذف الجار واستكنَّ الضمير. والثاني: أن يكون من فزع بمعنى استغاث؛ أي إن استغيث والتجئ إلى ضرس: وهو الشَّرس الصَّعب. ومكان ضرس: خشن يعقر القوائم.
والحديدة: ذو الحدّة.
ومن رواه إلى ضرس حديد فالضرس واحد الضروس، وهي آكام خشنة ذوات حجارة. والمراد إلى جبل من حديد.
أراد بالعفاس والمراس: ملاعبة النساء ومصارعتهن. والعفاس من العفس، وهو أن يضرب برجله عجيزتها.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - رأى فتية لعساً، فسأل عنهم، فقيل: أمهم مولاة للحرقة، وأبوهم مملوك؛ فاشترى أباهم فأعتقه فجرَّ ولاءهم.
اللعس: سواد في الشفة.
والمعنى أن المملوك إذا كانت امرأته مولاة امرأة فأولاده منها مواليها، فإذا أعتقه مولاه جرَّ الولاء فكان ولده موالي معتقه.
* * * في الحديث: ثلاث لعينات: رجل عوَّر الماء المعين المنتاب، ورجل عوَّر طريق المقربة، ورجل تغوَّط تحت شجرة.
اللَّعينة: كالرهينة اسم للملعون، أو كالشتيمة بمعنى اللَّعن. ولابد على هذا الثاني من تقدير مضافٍ محذوف.
المقربة: المنزل، وأصلها من القرب؛ وهو السير إلى الماء. قال الراعي:
في كل مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا
* * * لعثمة في " بج " . لعطه في " ذب " . لم يتلعثم في " كب " . لعلع في " نص " .
* * *
اللام مع الغين
النبي صلى الله عليه وسلم - أهدى له يكسوم ابن أخي الأشرم سلاحا فيه سهم لغب، وقد ركبت معبلة في رعظه، فقوَّم فوقه. وقال: مستحكم الرِّصاف؛ وسماه قتر الغلاء.
اللَّغب واللُّغاب واللًّغيب: الذي قذذه بطنان، وهو رديء، وضدُّه اللؤام.
قال تأبط شرا:
فما وَلَدَتْ أُمِّي مِنَ القوم عَاجِزاً ... ولا كان رِيشي من ذُنَابي ولا لَغْبِ
ومنه قالوا للضعيف: لغب، وللذي أضعفه التعب: لاغب.
المعبلة: نصل عريض.
الرُّعظ: مدخل النصل في السهم.
الرِّصاف: ما يرصف به الرُّعظ من عقبة تُلوى عليه، أي يرصّ ويحكم.
القتر: نصل الأهداف.
الغلاء: مصدر غالي بالسهم. قال أبو ذؤيب:
كقِتْرِ الغِلاَء مُسْتَديرا صِيَابُها
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - نهى عن اللغيزي في اليمين - وروى: عن اليمين اللغيزي، وأنه مرَّ بعلقمة بن الفغواء يبايع أعرابياً يلغزله في اليمين، ويُرى الأعرابي أنه حلف له، ويرى علقمة أنه لم يحلف. فقال له عمر: ما هذه اليمين اللغيزي.
اللغز واللّغز واللُّغيزي: جحر اليربوع، فضُرب مثلا للملتبس المعَّمى من الكلام. وقيل: ألغز فلان في كلامه. ولغز الشعر: معمّاه. واللغيزي - مثقَّلة الغين - جاء بها سيبويه في أبنية كتابه مع الخليطي والبقيري.
وفي كتاب الأزهري: اللغيزي مخففة، وحقُّها أن تكون تخفيفا للمثقلة، كما تقول في سُكيت إنه تحقير سُكيت.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - ألغى طلاق المكره.
أي أبطله وجعله لغواً، وهذا مما يعضد مذهب الشافعي رحمه الله عليه. وعند أصحابنا يقع طلاقه، واعتمدوا حديث صفوان بن عمرو الطائي وامرأته.
* * * في الحديث: إن رجلا قال لآخر: إنك لتفتي بلغن ضالٍّ مضل.

اللّغن واللّغد واللغنون واللغدود وحدان ألغان وألغاد ولغانين ولغاديد، وهي لحمات عند اللهوات.
* * * من قال يوم الجمعة والإمام يخطب لصاحبه: صه، فقد لغا.
يقال: لغى يلغى ولغي ولغا يلغو؛ إذا تكلم بم لا يعني؛ وهو اللغو واللغي.
* * * لاغية في " عم " . ولغامها في " جر " . وملغاة في " حي " .
* * *
اللام مع الفاء
النبي صلى الله عليه وسلم - كن نساء المؤمنين يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
أي مشتملات بأكسيتهن متجللات بها. وتلفع بالمشيب؛ إذا شمله. واللفاع: ما يُشتمل به.
النون في كنَّ علامة، وليست بضمير، كالواو في: " أكلوني البراغيث " .
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - إن نائلا قال: إني سافرت مع مولاي عثمان بن عفان وعمر في حج أو عمرة؛ فكان عمر وعثمان وابن عمر لفًّا. وكنت أنا وابن الزبير في شببةٍ معنا لِفًّا؛ فكنا نتمازح ونترامى بالحنظل؛ فما يزيدنا عمر على أن يقول: كذاك لا تذعروا علينا. فقلنا لرباح بن المغترف: لو نصبت لنا نصب العرب. فقال: أقول مع عمر، فقلنا: افعل، فإن نهاك فانته. ففعل. فما قال له عمر شيئا، حتى إذا كان في وجه السحر ناداه، يا رباح؛ اكفف، فإنها ساعة ذكر.
اللِّف: الحزب والطائفة من الالتفاف. ومنه قوله تعالى: (وَجَنَّاتٍ أَلْفَافا)؛ قالوا: هو جمع لف.
الشببة: جمع شاب.
كذاك: في معنى حسبك؛ وحقيقته مثل ذلك؛ أي الزم مثل ما أنت عليه ولا تتجاوز حدّه. فالكاف منصوبة الموضع بالفعل المضمر.
لا تذعروا علينا: أي لا تنفروا علينا إبلنا. قال القطامي:
تقول وقد قربْتُ كُورِي وناقتي ... إليك فلا تَذْعَرْ عليَّ ركائبي
نصب ينصب نصباً: إذا غنَّى. وهو غناء يشبه الحُداء؛ إلا أنه أرق منه، وسمي بذلك لأنَّ الصوت ينصب فيه؛ أي يُرفع ويُعلى.
* * * حذيفة رضي الله تعالى عنه - إن من أقرأ الناس للقرآن منافقا لا يدع منه واواً ولا ألفاً، يلفته بلسانه كما تلفت البقرة الخلي بلسانها.
يقال: الراعي يلفت الماشية بالعصا؛ أي يضربها بها، لا يبالي أيها أصاب. ورجل لفتة رفتة؛ إذا كان كذلك. وفلان يلفت الريش على السهم؛ أي لا يضعه متآخيا متلائما، ولكن كيف يتفق. ومن ذلك قولهم: فلان يلفت الكلام لفتاً؛ أي يرسله على عواهنه، لا يبالي كيف جاء.
والمعنى يقرؤه من غير روية ولا تبصُّر بمخارج الحروف، وتعمّدٍ للمأمور به من الترتيل والترسّل في التلاوة، غير مبالٍ بمتلوِّه كيف جاء؛ كما تفعل البقرة بالحشيش إذا أكلته.
وأصل اللفت ليُّ الشيء عن الطريقة المستقيمة.
ومنه الحديث: إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال الذي يلفت الكلام كما تلفت البقرة الخلي بلسانها.
* * * لف في " غث " . اللفوت في " ذق " . لفيتة في " هل " . لفاع في " رج " . ملفجا في " دل " . لفوت في " كت " .
* * *
اللام مع القاف
النبي صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملاقيح والمضامين.
أي عن بيع ما في البطون، وما في أصلاب الفحول؛ جمع ملقوح ومضمون، يقال: لقحت الناقة، وولدها ملقوح به، إلا أنهم استعملوه بحذف الجار، قال:
إنَّا وَجَدْنا طَرَدَ الهَوَامِلِ ... خَيْراً من التَّأْنَانِ وَالمَسائلِ
وَعِدَة الْعَامِ وَعَامٍ قَابِلِ ... مَلْقُوحَةً في بطن نابٍ حَائِلِ
وضمن الشيء بمعنى تضمَّنه واستسرَّه. يقال: ضمن كتابه كذا وهو في ضمنه، وكان مضمون كتابه كذا.
* * * لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي.
يقال: لقست نفسه وتمقست؛ إذا غثت، وإنما كره خبثت لقبح لفظه، وألاَّ ينسب المسلم الخبث إلى نفسه.
* * * من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، والموت دون لقاء الله.
لقاء الله: هو المصير إلى الآخر وطلب ما عند الله؛ فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوماً. وليس الغرض بلقاء الله الموت، لأن كًّلا يكرهه حتى الأنبياء.
وقوله: الموت دون لقاء الله يبين أن الموت غير لقاء الله. ومعناه: وهو معترض دون الغرض المطلوب؛ فيجب أن يصبر عليه، وتحتمل مشاقه على الاستسلام والإذعان، لما كتب الله وقضى به، حتى يتخطى إلى الفوز بالثواب العظيم.
* * * نهى عن التقى وعن ذبح ذات الدَّر، وعن ذبح قني الغنم.

هو أن يتلقي الأعراب تقدم بالسلعة ولا تعرف سعر السوق ليبتاعها بثمن رخيص.
وتلقيهم: استقبالهم.
القني: الذي يقتني للولد.
* * * مكث صلى الله عليه وآله وسلم في الغار وأبو بكر ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله ابن أبي بكر، وهو غلام شاب لقن ثقف، يدلج من عندهما فيبصبح مع قريش كبائت، ويرعى عليهما بن فهيرة منحة، فيبيتان في رسلها ورضيفها حتى ينعق بها بغلس - وروي: وصريفها.
اللقن: الحسن التلقن لما يسمعه.
الثقف: الفطن الفهم؛ قال طرفة:
أو ما علِمْتَ غداةَ توعدني ... أني بخِزْيك عَالِم ثقِفُ
الرضيف: اللين المرضرف، وهو الذي حقن في سقاء حتى حزر، ثم صب في قدح وألقيت فيه رضفة، حتى تكسر من برده وتذهب وخامته.
الصريف - من صرف: ما انصرف عن الضرع حارا.
النعق: دعاء الغنم بلجن تزجر به.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: ما لي أراك لقا بقا؟ وكيف بك إذا أخرجوك من المدينة؟ وروي: لقًي بقًي.
يقال: رجل لَقّ بَقٌّ، ولقلاق بقاق: كثير الكلام مسهب فيه.
وكان في أبي ذر شدة على الأمراء، وإغلاظ لهم؛ وكان عثمان يبلغ عنه إلى أن استأذنه في الخروج إلى الربذة فأخرجه.
لقىً: منبوذا، وبقاً: إتباع.
وعن ابن الأعرابي: قلت لأبي المكارم: ما قولكم: جائع نائع؟ قال: إنما هو شيء نتد به كلامنا.
ويجوز أن يراد مبقىً حيث أُلقيت ونُبذت، لا يُلتفت إليك بعد.
وقوله: أراك، حكاية حال مترقبة، كأنه استحضرها فهو يُخبر عنها؛ يعني أنه يستعمل فيما يستقبل من الزمان، من تغلط عليه وتكثر القول فيه.
ونحوه ما يُروى عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: أتاني نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم في مسجد المدينة، فضربني برجله، وقال: لا أراك نائماً فيه. قلت: يا نبي الله؛ غلبتني عيني. قال: فقال: فكيف تصنع إذا أخرجت منه؟ قلت: ما أصنع يا نبي الله! أضرب بسيفي فقال: ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك وأقرب رشدا؛ تسمع وتطيع، وتنساق لهم حيث ساقوك.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - إن رجلا من بني تميم التقط شبكة على ظهر جلاَّل بقلة الحزن، فأتاه، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ايقني شبكةً على ظهر جلاّل بقلَّة الحزن. فقال عمر: ما تركت عليهما من الشَّاربة؟ فقال: كذا وكذا.
قال الزبير بن العوام: يا أخا تميم؛ تسأل خيرا قليلا. قال عمر: مه. ما خيرٌ قليل! قربتان: قربة من ماء، وقربةٌ من لبن تغاديان أهل البيت من مضر، لا، بل خير كثير قد أسقاكه الله.
الالتقاط: العثور على الشيء ومصادفته من غير طلب ولا احتساب، ومنه قوله:
مَنْهَلٍ وَرَدْتُه الْتِقَاطا ... لم أَلْقَ إذ لقيته فُرَاطَا
إلاَّ الحمامَ الوُرْقَ والغَطَاطَا
الشَّبكة: ركايا تحفر في المكان الغليظ القامة والقامتين والثلاث يحتبس فيها ماء السماء؛ سُمِّيت شبكة لتجاورها وتشابكها، ولا يقال للواحدة منها شبكة، وإنما هي اسم للجمع؛ وتجمع الجمل منها في مواضع شتى شباكا، قال جرير:
سَقَى رَبِّي شِبَاك بني كُلَيبٍ ... إذا ما الماءُ أُسْكِنَ في البلادِ
وأشبك بنو فلان، إذا حفروها.
جلاَّل: جبل. قال الراعي:
يُهيب بأخراها بُرَيْمَةُ بعدما ... بَدَا رَمْلُ جَلالٍ لهَا وعَوَاتِقُهْ
قُلَّة الحزن: موضع.
اسقني: أي اجعلها لي سقيا وأقطعنيها.
وقربة من لبن: يعني أن الإبل تردها وترعى بقربها؛ فيأتيهم الماء واللبن.
* * * أوصى عمر رضي الله تعالى عنه عمَّاله إذ بعثهم فقال: وأدروا لقحة المسلمين.
اللقحة واللقوح: ذات اللبن من النوق، والجمع لقاح.
ومنه حديث أبي ذر رضي الله عنه: إنه خرج في لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ترعى البيضاء؛ فأجدب ما هناك، فقرَّبوها إلى الغابة تصيب من أثلها وطرفائها وتعدو في الشجر.
قال: فإني لفي منزلي واللقاح قد روِّحت وعُطِّنت وحُلبت عتنتها ونمنا، فلما كان الليل أحدق بنا عيينة بن حصن في أربعين فارسا، واستاقوا اللقاح. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني أخاف عليك من هذه الضاحية أن يغير عليك عيينة.
تعدو: من الإبل العادية، وهي التي ترعى العدوة وهي الخلة، قال ابن هرمة:

ولست لأَحْنَاكِ العدوِّ بُعْدوَةٍ ... ولا حَمْضَةٍ يَنْتَابُها المُتَمَلِّحُ
وكأنها سميت خلة، لأنها مقيمة فيها ملازمة لرعيها، لا تريم منها إلا في أحايين التفكّه والتملّح بالحمض.
ويقولون: الخلة خبزة الإبل والحمض فاكهتها، فكأنما تخالها فيه خلّتها؛ ومن ثم قيل لها عدوة؛ لأنها جانبها الذي أقامت فيه.
الترويح والإراحة بمعنى.
عُطِّنت: أُنيخت في مباركها؛ وأصل العطن المناخ حول البئر؛ ثم صار كلُّ مُناخ عطنا.
العتمة: الحلبة وقت العتمة، سميت باسمها.
الضاحية: الناحية البارزة التي لا حائل دونها.
أراد بإدرار اللَّقحة أن يجعلوا ما يجيء منه عطاء المسلمين كالفيء والخراج غزيرا كثيراً.
* * * لقعني في " كد " . تلقفت في " من " . لقس في " كل " . لقلقة في " نق " . لقوف في " كت " . لقى في " ثب " . لقنا في " ها " . لقنها في " خل " .
* * *
اللام مع الكاف
النبي صلى الله عليه وسلم - يأتي على الناس زمان يكون أسعد الناس فيه لُكع ابن لكع، وخير الناس يومئذ مؤمن بين كريمين.
هو معدول عن ألكع. يقال: لكع لكعا فهو ألكع. وأصله أن يقع في النداء، كفسق وغدر؛ وهو اللئيم وقيل: الوسخ، من قولهم: لكع عليه الوسخ واكث، ولكد؛ أي لصق. وقيل: هو الصغير.
وعن نوح بن جرير: إنه سئل عنه فقال: نحن أرباب الحمير، نحن أعلم به، هو الجحش الراضع.
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: إنه طلب الحسن فقال: أثم لكع، أثم لكع؟ ومنه قول الحسن رحمه الله: يا لكع؛ يريد يا صغيراً في العلم.
الكريمان: الحج والجهاد. وقيل: فرسان يغزو عليهما. وقيل: بعيران يستقى عليهما. وقيل: أبوان كريمان مؤمنان.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - جاءه رجل، فقال: إن هذا رد شهادتي - يعني إياس بن معاوية - فقام معه فقال: يا ملكعان؛ لم رددت شهادة هذا؟ هذا أيضا مما لا يكاد يقع إلا في النداء. يقال: يا ملكعان، ويا مرتعان، ويا محمقان.
أراد حداثة سنه أو صغره في العلم.
* * * عطاء رحمه الله تعالى - قال له ابن جريج: إذا كان حول الجرح قيح ولكد؟ قال: أتبعه بصوفة أو كرسفة فيها ماء فاغسله.
المراد التزاق الدم وجموده. يقال: أكلت الصمغ فلكد بفمي.
* * * يا لكعاء في " كم " .
* * *
اللام مع الميم
النبي صلى الله عليه وسلم - إن امرأة أتته فشكت إليه لمماً بابنتها؛ فوصف لها الشونير، وقال: سينفع من كل شيء إلا السَّامَ.
هو طرف من الجنون يُلمّ بالإنسان.
السام: الموت.
* * * عن سويد بن غفلة رحمه الله تعالى: أتانا مُصدِّق النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل بناقة ململمة فأبى أن يأخذها.
هي المستديرة سمنا، من قولهم: حجر ململم؛ إذا كان مستديراُ. وهو اللَّمَّ الذي هو الضم والجمع. يقال: كتيبة ملمومة، قال:
لما لَمَمْنَا عِزَّنا الْمُلَمْلَمَا
ردها لأنه منهي عن أخذ الخيار والرُّذال.
* * * في ذكر أهل الجنة: ولولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصره لما يرى فيها.
أي لكاد وقرب؛ وهو من الإلمام بالشيء.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - خطب الناس، فقال: يأيها الناس؛ لينكح الرجل لمته من النساء، ولتنكح المرأة لمتها من الرجال.
اللمة: المثل في السنّ. وهي مما حذف عينه، كسهٍ ومُذ، فعلة من الملاءمة وهي الموافقة؛ ألا ترى إلى قولهم في معنى اللمة اللئيم. يقال: هو لمتي ولئيمي، ومنها قيل: إن فيه لمة لك؛ أي أسوة. وقيل للأصحاب الملائمين: لمة.
وفي الحديث: لا تسافروا حتى تصيبوا لمة.
وفي حديث فاطمة رضي الله تعالى عنها: إنها خرجت في لمة من نسائها تتوطَّأ ذيلها حتى دخلت على أبي بكر.
سبب ما خطب به عمر انَّ شابة زوجت شيخاً فقتلته.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إن الإيمان يبدو لمظة في القلب، كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة.
هي كالنكتة من البياض؛ من الفرس الألمظ، وهو الذي يشرب في بياض - عن أبي عبيدة. ومنه قيل: اللُّمظة للشيء اليسير من السَّمْن تأخذه بإصبعك.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - رأى رجلا شاخصاً بصره إلى السماء في الصلاة؛ فقال: ما يدري هذا! لعل بصره سيلتمع قبل أن يرجع إليه.
أي يُختلس، ومنه التُمع لونه والتمئ؛ إذا ذهب، قال مالك بن عمرو التنوخي:

ينظر في أوجه الركاب فما ... يَعْرِفُ شيئاً فاللَّوْن مُلْتَمع
ويقال: وامتعله والتمعه بمعنى اختلسه. وألمع به مثلها.
* * * في الحديث: اللهم المم شعثنا.
أي اجمع ما تشعَّث؛ أي تشتّت من أمرنا وتفرَّق.
* * * تلمع في " بج " ز أو يلم في " زه " . والملامسة في " نب " . تلمع في " وك " . لما في " زو " .
* * *
اللام مع الواو
النبي صلى الله عليه وسلم - حرَّم ما بين لابتي المدينة.
اللابة: الحرَّة، وجمعها لاب ولوب. والإبل إذا اجتمعت وكانت سوداً سُميَّت لابة، وهي من اللوبان، وهو شدة الحر؛ كما أن الحرَّة من الحرِّ.
* * * ليُّ الواجد يحلُّ عقوبته وعرضه.
يقال: لويت دينه ليًّا وليَّانا، وهو من الليّ، لأنه يمنعه حقه ويثنيه عنه. قال الأعشى:
يَلْوِينَنِي دَيْنِي النَّهَار وَأَقْتَضِي ... دَيْنِي إذا وَقَذَ النُّعَاسُ الرُّقَّدَا
الواجد: من الوجد والجدة.
العقوبة: الحبس واللّز.
والعرض: أن تأخذه بلسانه في نفسه لا في حسبه.
وفي حديثه صلى الله عليه وسلم: لصاحب الحق اليد واللسان.
* * * قال عثمان لعمر رضي الله تعالى عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ حقًّا من قلبه فيموت على ذلك إلا حُرِّم على النار؛ فقُبض ولم يبينها لنا. فقال عمر: أنا أخبرك عنها؛ هي التي ألاص عليها عمه عند الموت: شهادة أن لا إله إلا الله.
أي أراده عليها وأرادها منه.
* * * وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التاثت راحلة أحدنا طعن بالسروة في بعها.
أي أبطأت؛ من اللُّوثة وهي الاسترخاء. ورجل ألوث: بطيء، وسحابة لوثاء. قال:
ليس بمُلْتَاث ولا عَمَيْثَلِ
السروة - بالكسر والضم: النصل المدور. قال النمر بن تولب:
وقد رَمَى بسُراهُ اليومَ مُعْتَمِداً ... في المنْكِبَيْنِ وفي الساقَيْن والرَّقَبَة
الضبع: العضد.
* * * قال صلى الله عليه وسلم في صفة أهل الجنة: ومجامرهم الألوة.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: إنه كان يستجمر بالألوة غير مطرَّاة، والكافور يطرحه مع الألوة، ثم يقول: هكذا رأيت النبي (((((((((((((((((( يصنع.
الألوة: ضرب من خيار العود وأجوده - بفتح الهمزة وضمِّها؛ ولا يخلو من أن يقضي على همزتها بالأصالة؛ فتكون فعلوة كعرقوة، أو فعلوة كعنصوة؛ أو بالزيادة فتكون أفعلة كأنملة، أو أفعلة كأبلمة؛ فإن عمل بالأول وذهب إلى أنها مشتقة من ألا يألو كأنها التي لا تألو أريجا وذكاء عرفٍ كان ذلك من حيث أن البناء موجود والاشتقاق قريب جائز، إلا أن مانعاً يعترض دون العمل به؛ وذلك قولهم: لوة ولية. فالوجه الثاني إذًا هو المعول عليه.
فإن قلت: فمم اشتقاقها؟ قلت: من لو المتمني بها في قولك: لو لقيت زيدا! بعد ما جعلت اسما وصلحت لأن يشتق منها كما اشتق من إن فقيل: مئنة؛ كأنها الضرب المرغوب فيه المتمني، وقد جمعوا الألوة ألاوية. والأصل ألاوٍ، كأساق، فزيدت التاء زيادتها في الحزونة، قال:
بِسَاقين سَاقَيْ ذِي قِضِين تَشُبُّها ... بأَعْوَادِ رَنْدٍ أو ألاَوِيَة شُقْرَا
وقوله: ومجامرهم، يريد وعود مجامرهم.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال: والله إن عمر لأحبُّ الناس إليّ. ثم قال: كيف قلت؟ قالت عائشة: قلت: والله إنّ عمر أحبُّ الناس إليَّ. فقال: اللهم أعزّ! والولد ألوطُ.
أي ألصق بالقلب وأحبّ، وكل شيء لصق بالشيء فقد لاط به.
* * * إنَّ رجلا وقف عليه رضي الله عنه فلاث لوثاً من كلام في دهش. فقال أبو بكر: قم يا عمر إلى الرجل فانظر ما شأنه. فسأله عمر، فذكر أنه ضافه ضيف فزنى بابنته. قال بعض بني قيس: لاث فلان لسانه بمعنى لاكه؛ أي لم يبين كلامه. ولاث كلامه إذا لم يصرِّح به إمَّا حياء وإما فرقا، كأنه يلوكه ويلويه.
والألوث: العييّ الذي لا يفهم منطقه. يقال: فيه لوثة أي حبسة.
* * * علي بن الحسين عليه السلام: المستلاط لا يرث، ويُدعى له ويُدعى به. هو اللقيط المستلحق النَّسب، من اللوط، وهو اللصوق.
يُدعى له: أي ينسب إليه؛ فيقال: فلان ابن فلان.
ويُدعى به: أي يُكنى الرجل باسم المستلاط؛ فيقال: أبو فلان.
* * *

ابن عبد العزيز رحمه الله تعالى - كتب في صدقة التمران يؤخذ في البرنيّ من البرنيّ، وفي اللون من اللون.
هو الدَّقل، وجمعه ألوان. يقال: كثُرت الألوان في أرض بني فلان، يعنون الدَّقل؛ فإذا أرادوا كثرة ألوان النمر من غير أن يقصدوا إلى الدَّقل قالوا: كثر الجمع في أرض بني فلان. وأهل المدينة يسمون النخل كله ما خلا البرني والعجوة الألوان.
ويقال اللينة واللونة: النخلة. قال الله تعالى: (ما قَطَعْتُم مِنْ لينَةٍ). أراد أن تؤخذ صدقة كل صنف منه ولا تؤخذ من غيره.
* * * قتادة رحمه الله تعالى - ذكر مدائن قوم لوط، فقال: ذُكر لنا أن جبرائيل أخذ بعروتها الوسطى، ثم ألوى بها في جوِّ السماء حتى سمعت الملائكة ضواغي كلابها، ثم جرجم بعضها على بعض، ثم اتبع شُذَّان القوم صخرا منضودا.
أي ذهب بها.
الضواغي: جمع ضاغية، وهي الصائحة.
جرجم: أسقط وصرع، قال العجاج:
كأَنهُمْ من فَائِظٍ مُجَرْجَمِ
شذَّانهم: من شذ منهم، وخرج من جماعتهم. وهذا كما روى أنها لما قُلبت عليهم رمى بقاياهم بكل مكان.
* * * كان بنو إسرائيل يتيهون في الأرض أربعين سنة إنما يشربون ما لاطوا.
من لاط حوضه إذا مدره؛ أي لم يصيبوا ماء سيحاً، إنما كانوا ينزحون الماء من الآبار فيقرونه في الحياض.
* * * استلطتم في " صور " . ستلاص في " قم " . اللاعة في " ثم " . لاح في " دح " . لوّق في " رف " . لوّى في " خو " . تلوط في " من " . اللابتين في " سح " .
* * *
اللام مع الهاء
النبي صلى الله عليه وسلم - كان خُلُقه سجيَّةً ولم يكن تلهوقاً.
أي طبيعة، ولم يكن تكلفا.
والتَّلهوق: أن يتزين بما ليس فيه من خلق ومروءة، ويدَّعى الكرم والسخاء بغير بينة.
وعندي أنه تفعول من اللهق، وهو الأبيض؛ فقد استعملوا الأبيض في موضع الكريم لنقاء عرضه مما يدنسه من ملامات اللِّئام.
* * * سألت ربي اللاَّهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم.
هم البله الغافلون. وقيل: الذين لم يتعمدوا الذنب؛ وإنما فرط منهم سهواً وغفلة. يقال: لهى عن الشيء؛ إذا غفل وشُغل.
ومنه حديث ابن الزبير رضي الله عنه: إنه كان إذا سمع صوت الرعد لهى عن حديثه، وقال: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
ومنه حديث الحسن رحمه الله: إنه سأله حميد الطويل عن الرجل يجد البلل. فقال: اله عنه. فقال: إنه أكثر من ذلك. فقال: أتستدره لا أبا لك! اله عنه.
الأصل في قولهم: لا أبا لك، ولا أم لك نفي أن يكون له أبٌ حرٌّ وأمٌّ حرة؛ وهو المقرف والهجين المذمومان عندهم. ثم استعمل في موضع الاستقصار والاستبطاء، ونحو ذلك، والحث على ما ينافي حال الهجناء والمقارف.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صُرَّة، ثم قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تلهَّ ساعةً في البيت، ثم انظر ما يصنع بها. قال: ففرَّقها.
هو تفعل؛ من لها عن الشيء، ومنه قوله تعالى: (فأَنتَ عنه تَلَهَّى).
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - لو لقيت قاتل أبي في الحرم ما لهدته - وروى: ما هدته، وما ندهته.
لهدته: دفعته؛ ورجل ملهَّد: مدفَّع مذلَّل، قال طرفة:
ذَلول بأجماع الرجال مُلَهَّدُ
ويقال: جهد القوم دوابهم ولهدوها.
وهدته: حركته، وهادني كذا: أقلقني وشخص بي، ولا يهيدنك هذا الأمر.
ندهته: زجرته.
* * * سعيد رحمه الله تعالى - قال - في الشيخ الكبير والمرأة اللهثى وصاحب العطاش: إنهم يُفطرون في رمضان، ويُطعمون.
من اللهاث؛ وهو شدة العطش؛ من لهث الكلب؛ إذا أدلع لسانه من شدة الحر والعطش. قال:
ثم استَقَوْا بسفارهم للِهُاثها ... كالزَّيْتِ فيه قُرُوصَةٌ وسَوَادُ
* * * عطاء رحمه الله تعالى - سأل رجل عن رجل لهز رجلا لهزة فقطع بعض لسانه فعجم كلامه، فقال: يُعرض كلامه على المعجم، وذلك تسعة وعشرون حرفاً، فما نقص كلامه من هذه الحروف قسِّمت عليه الدِّية.
اللَّهز: الضرب بجمع الكف في الصدر وفي الحنك. ومنه لهزه القتير.
المعجم: حروف ا ب ت ث، سمي بذلك من التعجيم؛ وهو إزالة العجمة بالنَّقْط، كالتقريع والتجليد.
* * * في الحديث: اتقوا دعوة اللَّهفان.
هو المكروب، من لهف لهفاً فهو لهفان، ولُهف لهفا فهو ملهوف.
* * *

لهازمها في " نس " . للهوة في " خش " . اللهزمة في " زو " . لهجة في " خض " . ولا الهب في " جد " . من بني لهب في " شع " .
* * *
اللام مع الياء
النبي صلى الله عليه وسلم - كتب لثقيف حين أسلموا كتابا فيه: إن لهم ذمة الله، وإنَّ واديهم حرام عضاهه وصيده وظلم فيه، وإن ما كان لهم من دين إلى أجل فبلغ أجله فإنه لياط مبرَّأٌ من الله. وإن ما كان لهم من دين في رهن وراء عكاظ فإنه يُقضى إلى رأسه ويلاط بعكاظ ولا يؤخر.
يقال: لاط حبُّه بقلبي يلوط ويليط. وعن الفراء: هو أليط بالقلب منك، وألوط، وذا لا يليط بك، أي لا يليق.
واللياط حقُّه أن يكون من الياء، ولو كان من الواو لقيل لواط. كما قيل: قوام، وجوار.
والمراد به الربا لأنه شيء ليط برأس المال، وكل شيء ألصق بشيء فهو لياط، يعني ما كانوا يربون في الجاهلية أبطله صلى الله عليه وسلم، وردَّ الأمر إلى رأس المال. كقوله تعالى: (فلكم رُءُوسُ أموالِكم).
* * * ما من نبي إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئته ليس يحيى بن زكريا.
ليس تقع في كلمات الاستثناء، يقولون: جاءني القوم ليس زيداً، كقولهم: لا يكون زيداً، بمعنى إلا زيداً. وتقديره عند النحويين: ليس بعضهم زيداً، ولا يكون بعضهم زيداً، ومؤاده مؤدى إلا، قال الهذلي:
لا شيء أسرع مني لَيْسَ ذا عُذر ... أو ذَا سَبيب بأعلى الرَّيْدِ خَفَّاق
ومنه حديثه صلى الله عليه وسلم: إنه قال لزيد الخيل: ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته من دون الصّفة ليسك.
وفي هذا غرابة من قبل أن الشائع الكثير إيقاع ضمير خبر كان وأخواتها منفصلا، نحو قوله:
لئن كان إياه لقد حال بَعْدَنا ... عن العَهْدِ والإنسان قد يتغيَّر
وقوله:
ليس إيَّايَ وإيا ... كَ ولا نَخْشَى رَقيبا
ونحو قوله:
عهدي بقَوْمي كعَدِيد الطَّيْسِ ... قد ذَهبَ القوم الكرامُ لَيْسِي
وفي الحديث: كل ما أنهر الدم فكل. ليس السن والظفر.
* * * عمر رضي الله عنه - كان يليط أولاد الجاهلية بآبائهم - وروى: بمن ادَّعاهم في الإسلام؛ أي يلحقهم بهم. وأنشد الكسائي:
رأَيتُ رِجَالاً لَيَّطوا وِلْدَةً بهم ... وما بينهم قُرْبَى ولا هم لهمُ وُلْدُ
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال له رجل: بأي شيء أُذكي إن لم أجد حديدة؟ قال: بليطةٍ فالية.
الليط: قشر القصب اللازق به، وكذلك ليط القناة، وكل شيء كانت له صلابة ومتانة فالقطعة منه ليطة.
فالية: قاطعة.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - خياركم ألاينكم مناكب في الصلاة.
جمع ألين، والمراد السكون والوقار والخشوع.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - دخل عليه وهو يأكل لياء مُقشّى.
هو شيء كالحمص شديد البياض. ويقال للمرأة إذا وصفت بالبياض كأنها اللياء.
وقيل: هو اللوبياء.
واللياء أيضا: سمكة في البحر يتَّخذ منها الترسة، فلا يحيك فيها شيء ور يجوز. قال:
يخضِمْنَ هامَ القومِ خَضْمَ الحَنْظَلِ ... والقرعَ من جِلْدِ اللِّيَاء المُصْمَلِ
مقشّى: مقشر. يقال: قشوت الشيء وقشرته.
* * * ابن الزبير - كان يواصل ثلاثا ثم يُصبح وهو أليث أصحابه.
أي أشدهم وأجلدهم، من اللبث.
* * * عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه كان ينهي عن صوم الوصال.
وعنه أنه كان يواصل وينهى عن الوصال، ويقول: لست كأحدكم؛ إني أظل عند ربي فيُطعمني ويسقيني.
فمعناه أنه كان يواصل ثلاثاً من غير إفطار بفطور يسدُّ الجوع، ولكن بتمرة أو بشربة ماءٍ. وقرأت في بعض التواريخ أن عبد الله كان يصوم عشرة أيام مواصلة، ثم يفطر بالصبر ليفتق أمعاءه.
* * * لينة في " عر " . الياط في " أب " . أليس ولينة في " هي " . لية نفسه في " ال " .
* * * آخر كتاب اللام

=========

الفائق في غريب الحديث و الأثر
 


حرف الميم
الميم مع الهمزة
النبي صلى الله عليه وسلم - كان يكتحل من قبل موقه مرة ومن قبل ماقه مرة.
قال أبو الدقيش: موق العين: مؤخرها، ومأقها: مقدمها. وقال: آماق العين مآخيرها، ومآقيها مقادمها. وعن أبي خيرة: كل مدمع مؤق من مقدم العين ومؤخرها. قال الليث: ووافق الحديث قول أبي الدقيش.
وقال الأصمعي: مأقى ومؤقى، وكلاهما يصلح أن يكون واحد المآقي.

ومن المأقى حديثه صلى الله عليه وسلم: إنه كان يمسح المأقيين. وقال أبو حية النميري:
إذا قلتُ يفنى مَاؤُها اليومَ أصبَحتْ ... غَداً وهي ريَّا المأْقِيَيْنِ نضوحُ
ويقال: مئق مأقاً ومأقةً فهو مئق؛ إذا بكى. وقدم علينا فلان فامتأقنا إليه، وهو شبه التباكي إليه لطول الغيبة؛ أخذ ذلك من المؤق لأنه مجرى الدمع. والياء فيما حكاه الأصمعي مزيدة، وفي بعض نسخ الكتاب عند قوله: وليس في الكلام فعلى كما ترى إلا بالهاء، يعني زبنية وعفرية، ولا فَعلى ولا فُعلى؛ قالوا مأقى، فمأقى وزنه فعلى ومؤقى وزنه فعلى، وهما نادران لا نظير لهما، ويجوز تخفيف الهمظة في جميعها. وقد روى المقي في معنى الآماق. قال بعض بني نمير:
لعَمْرِي لئِن عيني من الدَّمْعِ أَنزحت ... مُقَاها لقد كانَتْ سَرِيعاً جُمُومها
وينبغي أن يكون مقلوبا من الموق، كالفقي من الفوق. وليس لزاعم أن يزعم أنَّ مأقى غير مهموز مأخوذ من المقي، على وزن فاعل كقاضٍ؛ لأنهم يهمزونه في الشائع، وفي مؤقى هذا، وأنه ترك مثال غريب إلى مثله في الغرابة.
* * * الإماق في " صب " . المائة البقرة في " بج " .
* * *
الميم مع التاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أتى بأبي شملية وهو سكران فقبض قبضة من تراب فضرب بها وجهه، ثم قال: فضربوه بالثياب والنعال المتِّيخة - وروي: أتى بشارب فأمرهم بجلده؛ فمنهم من جلده بالعصا، ومنهم من جلده بالنعل، ومنهم جلده بالمتِّيخة.
وروي: خرج وفي يده متيخة في طرفها خوص معتمدا على ثابت بن قيس. عن أبي زيد: المتيخة والمتيخة: العصا. وعن بعضهم: المتيخة المطرق من سلم، على مثال سكينة بتشديد التاء.
والمطرق: اللين من القضبان ويكون من الغبيراء؛ وه ما لان ولطف من المطارق، وكل ما ضرب به متِّيخة من درَّة أو جريدة أو غير ذلك؛ من متخ الله رقبته، ومتخه بالسهم إذا ضربه، وقالوا في المتيخة: إنها من تاخ يتوخ، وليس بصحيح؛ لأنها لو كانت منه لصحَّت الواو، كقولك: مسورة ومروحة ومحوقة، ولكنها من طيَّخة العذاب؛ إذا ألحَّ عليه، وديَّخه إذا ذلَّله، لأن التاء أخت الطاء والدال، كما اشتق سيبويه قولهم: جمل تربوت من التدريب، وليس لهذا الشأن إلا الحذَّاق من أصحابنا الغاصة على دقائق علم العربية ولطائفه التي يجفو عنها وعن إدراكها أكثر الناس.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال مالك بن أوس بن الحدثان: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار إذا رسوله، فانطلقت حتى أدخل عليه، وإذا هو جالس في رمال سرير.
أي تعالى النهار، من الشيء الماتع؛ وهو الطويل. ومنه: أمتع الله بك. قال المسيب بن علس:
وكأنَّ غِزْلاَن الصَّرَائِم إذْ ... مَتَعَ النهار وأَرْشَقَ الحَدَقُ
ومنه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قال شيخ من الأزد: انطلقت حاجًّا؛ فإذا ابن عباس، والزحام عليه، يُفتي الناس، حتى إذا متع الضحى وسئم، فجعلت أجد بي قدعاً عن مسألته؛ فسألته عن شراب كنَّا نتَّخذه. قال: يابن أخي، مررت على جزور ساحّ، والجزور نافقة؛ أفلا قطع منها فدرة فتشويها؟ قلت: لا. قال: فهذا الشراب مثل ذلك.
القدع: الجُبن والانكسار. يقال: قدعته فقُدع وانقدع.
ساحٍّ: سمينة.
نافقة: ميتة.
فدرة: قطعة.
حتى أدخل: يجوز رفعه ونصبه، يقال: سرت حتى أدخلها، حكاية للحال الماضية، وحتى أدخلها بالنصب باضمار أن.
الرُّمال: الحصير المرمول في وجه السرير.
في: هاهنا كالتي في قوله تعالى: (في جُذُوعِ النخْل).
* * * أُبي رضي الله تعالى عنه - قال قيس بن عباد: أتيت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يكن أحدٌ أحبَّ إليّ لقاءً من أُبي بن كعب، فجاء رجل فحدَّث فلم أر الرجال متحت أعناقها إلى شيء متوحها إليه، فإذا الرجل أُبي بن كعب.
أي مدَّت أعناقها؛ من متح الدَّلْوَ.
وقوله: متوحها، لا يخلو من أن يكون موقعه موقع قوله: (والله أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْض نبَاتا)؛ أي فنبتُّم نباتا.
فمتحت متوحها؛ من قولهم: متح النهار والليل إذا امتدّ، وفرسخ متَّاح: ممتد أو أن يكون المتوح كالشُّكور والكفور.
وإن روى أعناقها بالرفع فوجهه ظاهر.
والمعنى مثل امتدادها أو مثل مدّها إليه.

وفي حديث ابن عباس: قال أبو خيرة: قلت له: أ أقصر الصلاة إلى الأُبُلّة؟ قال: تذهب وترجع من يومك؟ قلت: نعم. قال: لا، إلا يوماً متَّاحاً.
أي لا تقصر إلا في مسيرة يوم طويل، وكأنه أراد اليوم مع ليلته. وهذه سفرة مالك. وعن الشافعي أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ.
ونحوه ما رووا عن ابن عباس: إنه قال: يأهل مكة؛ لا تقصروا في أدنى من أربعة بُرُد من مكة إلى عسفان. وعند السفر مقدَّرٌ بثلاثة أيام ولياليها. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: يومان وأكثر اليوم الثالث في رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي رحمه الله.
* * * كعب رضي الله تعالى عنه - ذكر الدجال فقال: يُسخَّرُ معه جبل ماتع، خلاطه ثريد.
أي طويل شاهق.
* * * والمتكأ في " عق " . عن المتعة في " دل " . ماتحها في " دك " . ماتعا في " هي " .
* * *
الميم مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من مثل بالشَّعَر فليس له خلاق عند الله يوم القيامة.
يقال: مثلت بالرجل أمثل به مثلاً ومثلة؛ إذا سودّت وجهه أو قطعت أنفه وما أشبه ذلك. قيل: معناه حلقه في الخدود، وقيل: نتفه، وقيل: خضابه.
ومنه الحديث: نُي أن يمثَّل بالدواب وأن يؤكل الممثول بها.
وفي حديث آخر: لا تمثِّلوا بنامية الله.
أي بخلقه.
وقيل: هو من المثل وهو أن يقتل كفؤا بكفء وبواء ببواء.
وقيل: المراد التصوير والتمثيل بخلق الله؛ من قولهم: مثل الشيء بالشيء، ومُثل به؛ إذا سوى به وقدِّر وتقديره. وأنشد ابن الأعرابي لسلم بن معبد الوالبي:
جزَى اللهُ الموالي منك نَصفا ... وكلّ صحابةٍ لهمُ جَزَاءُ
بفِعْلهم فإنْ خيراً فخير ... وإن شرًّا كما مُثِلَ الْحِذاءُ
* * * مر سره أن يمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار.
المثول: الانتصاب. ومنه: فلان متماثل ومتماسك بمعنى، ومنه تماثل المريض. وقالوا: الماثل من الأضداد يكون المنتصب والاطئ بالأرض. ومنه قول الأعرابي: ماثلت القوم في المجلس وأنا غير مشته لمقاعدتهم.
فليتبوأ: لفظه الأمر ومعناه الخبر، كأنه قال: من سرَّه ذلك وجب له أن ينزل منزله من النار، وحقّ له ذاك.
* * * ممثون في " تب " . مثال في " رث " . امتثلوه في " زف " . تمث في " هل " .
* * * النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن المجر.
هو ما في البطون، وهذا كنهيه عن الملاقيح، أي عن بيعها.
ويجوز أن يُسمى بيع المجر مجراً اتساعاً في الكلام. وكان من بياعات أهل الجاهلية، وكانوا يقولون: ما جرت مماجرة وأمجرت إمجارا.
وفي الحديث كل مجر حرام، وأنشد الليث:
أَلَمْ يكُ مَجْراً لا يحِلُّ لمُسْلِمٍ ... نهاهُ أَمِيرُ المِصْرِ عَنْهُ وعامِلُهْ
ولا يقال لما في البطن مجراً إلاَّ إذا أثقلت الحامل.
قال أبو زيد: ناقة ممجر، إذا جازت وقتها في النتاج، وحينئذ تكون مثقلة لا محالة. ومنه قولهم للجيش الكثير: مجرٌ، ومالفلان مجر؛ أي عقل رزين. وأما المجر - محركا - فداء في الشاة. يقال: شاة ممجار وممجر، وغنم مماجير، وهي التي إذا حملت هزلت وعظم بطنها فلا تستطيع القيام به، فربما رمت بولدها، وقد أمجرت ومجرت. وعن ابن لسان الحمرة: الضأن مال صدق إذا أفلتت من المجر.
* * * شكت فاطمة إلى علي رضي الله تعالى عنها مجل يديها من الطحن، فقال لها: لو أتيت أباك. فأتته.
هو أن تغلظ اليد ويخرج فيها نبخ من العمل. وقد مجلت مجلا ومجلت مجلا.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إن جبرئيل عليه السلام نقر في رأس رجل من المستهزئين فتمجَّل رأسه قيحاً ودماً.
أي امتلأ كالمجل.
ومنه قول العرب: جاءت الإبل كأنها المجل، أي ممتلئة كامتلاء المجل.
* * * كان صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء والقثد بالمجاج.
أي بالعسل؛ لأن النحل تمجه، وكل ماتحلب من شيء فهو مجاجة ومجاجتة.
وعن أبي ثروان العكلي: أقويت فلم أطعم إلا لثى الإذخر، ومجاجة صمغ الشجر.
وعن بعضهم: إنه اللبن، لأن الضرع يمجه.
* * * ابن عزيز رحمة الله - دخل سليمان بن عبد الملك فمازحه بكلمة، فقال: إياي وكلام المجعة - وروى: المجاعة.
المجاعة والمجانة: أختان، وقد تماجعا وتماجنا، إذا ترافثا.
قال أبو تراب: سمعت ذلك من جماعة من قيس. ورجل مجع وامرأة مجعة، وأنشد الجاحظ لحنظلة بن عرادة:

مجِعٌ خبيثٌ يعاطى الكَلبَ طعْمتَه ... فإن رأى غَفَلَة مِنْ جاره ولَجَا
والمجعة: نحو قردة وفيلة: ولو روى بالسكون فالمراد إياي وكلام المرأة الغزالة الماجنة، أو أردف المجع بالتاء للمبالغة، كقولهم في الهجاج هجاجةٌ.
قولهم: إياي وكذا: معناه إياي ونحِّ كذا عني، فاختصر الكلام اختصاراً، وقد لخَّصت هذا في كتاب المفصَّل.
* * * في الحديث: لا تبع العنب حتى يظهر مججه.
أي نضجه.
* * * امجر في " ضب " . المجل في " جذ " . بمجج في " " . امجاد في " نج " .
* * *
الميم مع الحاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث الشفاعة: فيأتون إبراهيم، فيقولون: يا أبانا، قد اشتدَّ علينا غمُّ يومنا، فسل ربك أن يقضي بيننا، فيقول: إني لست هناكم؛ أنا الذي كذبت ثلاث كذبات. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: والله ما منها كذبة إلا وهو يماحل بها عن الإسلام.
أي يدافع ويجادل على سبيل المحال، وهو الكيد والمكر؛ من قوله تعالى: (وهو شديدُ المِحال).
ويقال: إنه لحول قُلَّب دحل محل: أي محتال ذو كيد - عن الأصمعي.
والكذبات: قوله: بل فعله كبيرهم، وكذا قوله: إني سقيم. وقوله في امرأته: إنها أختي، وكلها تعريض ومماحلة مع الكفَّار.
* * * عن سعر بن ديسم - وقيل سعن: كنت في غنم لي، فجاء رجلان على بعير، فقالا: إنا رسولا الله إليك لتؤدي صدقة غنمك. فقلت: ما عليَّ فيها؟ فقالا: شاة، فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة محضاً وشحماً - ويروى: مخاضاً وشحماً. فأخرجتهما إليهما، فقالا: هذه شاة شافع، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نأخذ شافعاً.
ويروى: كنت في غنم لي فجاء - يعني مصدّق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - فجئته بشاة ما خض خير ما وجدت؛ فلما نظر إليها قال: ليس حقُّنا في هذه. فقلت: ففيم حقُّك؟ قال: في الثنيَّة والجذعة اللجبة.
المحض: اللبن.
المخاض: مصدر مخضت الشاة مَخاضاً ومِخاضاً؛ إذا دنا نتاجها، أي امتلأت حملاً.
الشافع: ذات الولد.
اللجبة: التي لا لبن لها.
* * * علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه - إنَّ من ورائكم أموراً متماحلة ردحاً وبلاءً مكلحاً مبلحاً.
وروى: ردَّحاً.
المتماحل: البعيد الممتد. يقال: سبسب متماحل وأنشد يعقوب:
بعيدٌ من الحادِي إذا ما تَرَقَّصت ... بَنَاتُ الصُّوَى في السَّبْسَبِ المُتَمَاحِلِ
الرُّدح: جمع رداح، والردَّح جمع رادحة، وهي العظام الثِّقال التي لا تكاد تبرح.
مكلحاً: يجعل الناس كالحين لشدَّتِه.
مبلحاً: من بلَّح؛ إذا انقطع من الإعياء، وأبلحه السير.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - إنَّ هذا القرآن شافع مشفّع وماحلٌ مصدق.
الماحل: الساعي، يقال: محلت بفلان أمحل به وهو من المحال. وفيه مطاولة وإفراط من المتماحل، ومنه المحل وهو القحط.
والمتطاول؛ الشديد؛ يعني إنَّ من اتبعه وعمل بما فيه فهو شافع له مقبول الشفاعة في العفو عن فرطاته، ومن ترك العمل به نمَّ على إساءته وصدق عليه فيما يرفع من مساويه.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - المحنة بدعة.
هي أن يأخذ السلطان الرجل فيمتحنه، فيقول: فعلت كذا وفعلت كذا، فلا يزال به حتى يتسقَّطه.
* * * مجالة في " رف " . فمح في " زخ " . محضها في " صب " . ما حل في " نص " . امتحشوا في " وب " . محالك في " حل " .
* * *
الميم مع الخاء
سراقة بن جعشم رضي الله عنه - قال لقومه: إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله ولا يستدبرها؛ وليتق مجالس اللعن: الطريق والظل والنهر، واستمخروا الريح، واستشبوا على أسوقكم، وأعدوا النَّبَل.
استمخر الريح وتمخرها، كاستعجل الشيء وتعجله؛ إذا استقبلها بأنفه وتنسمها.
ومنه الحديث: إن أبا الحارث بن عبد الله بن سائب لقى نافع بن جبير بن مطعم فقال له: من أين؟ قال: خرجت أتمخر الريح. قال: إنما يتمخر الكلب. قال: فأستثنى. قال: إنما يستثنى الحمار. قال: فما أقول؟ قال: قل: أتنسم. قال: إنها والله حسك في قلبك علينا لقلتنا ابن الزبير. قال أبو الحارث: ألزقتك والله عبد مناف بالدكادك، ذهبت هاشم بالنبوة، وعبد شمس بالخلافة، وتركوك بين فرثها والجيَّة؛ أنفٌ في السماء، وسرم في الماء. قال: إذا ذكرت عبد مناف فالطه. قال: بل أنت ونوفل فالطوا.

الدكداك من الرمل: ما التبد بالأرض فلم يرتفع، من دككته ودكدكته: إذا دققته.
الجيَّة بوزن النية، والجية بوزن المرَّة، من المجيء: مستنقع الماء.
لطئ بالأرض: لصق بها، فخفف الهمزة.
ومنه الحديث: إذا بال أحدكم فليتمخر الريح.
وإنما أمر باستقبال الريح؛ لأنه إذا استدبرها وجد ريح البراز.
وتقول العرب للأحمق: إنه والله لا يتوجَّه؛ أي لا يستقبل الريح إذا قعد لحاجته.
استشبوا: انتصبوا؛ يريد الاتِّكاء عليها عند قضاء الحاجة؛ من شبوب الفرس، وهو أن يرفع يديه ويعتمد على رجليه.
النبل: حجارة الاستنجاء.
* * * زياد - لما قدم البصرة والياً عليها قال: ما هذه المواخير؛ الشراب عليه حرام حتى تسوى بالأرض هدماً وحرقاً.
هي بيوت الخمارين جمع ماخور، قال جرير:
فما في كتاب الله هَدْمُ ديارنا ... بتهديم مَاخُورٍ خبيثٍ مَدَاخِلُه
وهو تعريب مي خُور.
وقال ثعلب: قيل له الماخور لتردد الناس فيه؛ من مخرت السفينة الماء.
* * * ومخضها في " صب " . مخاضا في " مح " .
* * *
الميم مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في حديث غزوة بطن بواط: إن جابر بن عبد الله وجبار بن صخر تقدَّما فانطلقا إلى البئر فنزعا في الحوض سجلا أو سجلين ثم مدراه، ثم نزعا فيه، ثم أفهقاه، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أول طالع؛ فأشرع ناقته فشربت فشنق لها، ففشجت وبالت، ثم عدل بها فأناخها.
قال جابر: وأراد الحاجة فاتبعته بإداوة فلم ير شيئا يستتر به، وإذا شجرتان بشاطئ الوادي؛ فانطلق إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي عليَّ بإذن الله، فانقادت معه كالبعير المخشوش، وقال: يا جابر؛ انطلق إليهما فاقطع من كل واحدة منهما غصنا. فقمت فأخذت حجراً فكسرته وحسرته فانذلق لي، فقطعت من كلِّ واحدة منهما غصنا.
مدر الحوض: أن يُطلى بالمدر لئلا يتسرب منه الماء.
أفهقاه: ملآه.
شنق لها: عاجها بالزمام.
فشجت: تفاجّت.
حسرته: أكثرت حكَّه حتى نهكته ورقَّقته؛ من حسر الرجل بعيره، إذا نهكه بالسير وذهب ببدانته.
ولو روى بالشين؛ من حشرت السنان فهو محشور؛ إذا دققته وألطفته؛ ومنه الحشر من الآذان: ما لطف، كأنما بري برياً، لجادت رواية.
المخشوش: المقود بخشاشه.
انذلق: صار له ذلق؛ أي حدٌّ.
* * * في كتاب له صلى الله عليه وآله وسلم ليهود تيماء: إن لهم الذِّمَّة وعليهم الجزية، بلا عدا، النهار مدى، والليل سدّى.
وكتب خالد بن سعيد: المدى: الغاية؛ أي النهار ممدودا دائما غير منقطع؛ من قولهم: هذا أمر له طول ومدَّة ومدية وتمادّ وتمادٍ بمعنى، وماديت فلانا إذا ماددته، ولا أفعله مدى الدهر، أي طواله. وقيل للغاية مدى، لامتداد المسافة إليها.
سدى: أي مخلى متروكا على حاله في الدوام والاتصال.
انتصبا على الحال، والعامل فيهما ما في الظرف من معنى الفعل، يعني أن ذلك لهم وعليهم بلا ظلم واعتداء، أبداً ما دام الليل والنهار.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سبحان الله عدد خلقه وزِنَة عرشه ومِداد كلماته.
مِداد الشيء ومدده: ما يمدّ به؛ أي يُكثر ويُزاد.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر الحوض ينثعب فيه ميزابان من الجنة مدادهما الجنة.
أي تمدُّهما أنهارها. والمراد قدر كلماته ومثلها في الكثرة.
* * * لا تسبُّوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق ما في الأرض - وروى: ملء الأرض ذهبا - ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه.
هو ربع الصَّاع.
وروى: مدّ - بالفتح، وهو الغاية، من قولهم: لا يبلغ فلان مدَّ فلان؛ أي لا يلحق شأوه.
النَّصيف: النِّصف، كالعشير والخميس والسبيع والثمين والتسيع. قال:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أجرى للناس المديين والقسطين.
المدى: مكيال يأخذ جريبا من الطعام، وهو أربعة أقفزة وجمعه أمداء. وأنشد أبو زيد:
كِلْنَا عَلَيْهِنَّ بمُدْىٍ أَجْوَفا ... لم يَدَعِ النَّجَّارُ فيه مَنْقَفا
والقسط: نصف صاع، يريد مديين من الطعام، وقسطين من الزيت.
* * * علي رضي الله عنه - قائل كلمة الزور والذي يمدّ بحبلها في الإيم سواء.
أي يأخذ بحبلها مادًّا له.

ضربه مثلا لحكايته لها وتنميته إياها. وأصله مدُّ الماتح رشاء الدلو؛ كأنه شبه قائلها بالمائح الذب يملأ الدلو. وحاكيها والمشيد بها بالماتح الذي ينزعها.
وهذا كقولهم: الرَّاوية أحد الكاذبين.
* * * مدى بمدى في " تب " . المدر في في " وث " . امدر في " ضب " . مُدّ في " هن " . مدركم في " عم " . مدادهما في " " .
* * *
الميم مع الذال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - الغيرة من الإيمان، والمذاء من النفاق - وروى: المذال.
قال ابن الأعرابي: المماذي: القنذع؛ وهو الذي يقود على أهله.
والمماذل مثله. وهما من المذى والمذل. فالمذاء: أن يجمع بين الرجل والمرأة ليماذي كل واحد منهما صاحبه. تقول العرب للمرأة: ماذيني وسافحيني.
وقيل: هو أن يُخلى بينهما؛ من أمذيت فرسي ومذيته إذا أرسلته يرعى.
وقال النضر: يقال: أمذ بعنان فرسك. وأمذيت بفرسي ومذيت به يدي إذا خليت عنه وتركته.
والمذال: أن يمذل الرجل عن فراشه؛ أي يقلق ويشخص. والمذل والماذل: الذي تطيب نفسه عن الشيء يتركه ويسترخي عنه.
وقيل: هو أن يقلق بسره فيطلع عليه الرجال.
وعن أبي سعي الضرير: هو المذاء بالفتح؛ ذهب إلى اللين والرخاوة، من أمذيت الشراب، إذا أكثرت مزاجه فذهبت بشدته وحدَّته.
* * * عبد الله بن خباب رحمه الله تعالى عليه: قتله الخوارج على شاطئ نهر، فسال دمه في الماء فما امذقرَّ. قال: فأتبعته بصري كأنه شراك أحمر.
وروى: فما ابذقرَّ - بالباء.
امذقرَّ اللبن: اختلط بالماء. ومنه رجل ممذقر: مخلوط النسب. وأنشد ابن الأعرابي:
إني امرؤٌ لست بمُمْذَقِرِّ ... مَحْضُ النجار طيّب عُنْصِري
وابذقرَّ: مثله؛ أي لم يمتزج دمه بالماء، ولكنه مرَّ فيه كالطريقة، ولذلك شبهه بالشراك الأحمر.
وقيل: امذقرَّ وابذعرَّ بمعنى. قال يعقوب: ابذقرُّوا وابذعروا واشفتروا: تفرقوا.
والمعنى لم تتفرق أجزاؤه في الماء فيمتزج به، ولكنه مرَّ فيه مجتمعاً متميزاً عنه.
* * * ومذقها في " صب " . ومذقة في " هن " . امذح في " سب " . شذر مذر في " زف " . مذحج في " عب " .
* * *
الميم مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قيل لأبي سعيد الخدري: هل سمعت سول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الخوارج؟ فقال: سمعته يذكر قوماً يتفقهون في الدين، يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، وصومه عند صومه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة، فأخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، ثم نظر في رصافه فلم ير شيئاً، ثم نظر في القذذ فتمارى؛ أيرى شيئاً أم لا؟ قيل: يا رسول الله؛ ألهم آية أو علامة يعرفون بها؟ فقال: نعم، التسبيد فيهم فاش.
ويروى: أنه ذكر الخوارج فقال: يمرقون كما يمرق كما يمرق السهم من الرمية، فينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نضيِّه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء، وقد سبق الفرث والدم؛ آيتهم رجل أسود في إحدى يديه مثل ثدي المرأة، ومثل البضعة تدردر.
المروق: الخروج، ومنه المرق؛ وهو الماء الذي يستخرج من اللحم عند الطبخ للائتدام به.
الرَّميَّة: كل دابة مرمية.
مرّ التسبيد في " سب " .
النَّضي: القدح، قبل أن ينحت.
التَّدردر والتدلدل: أن يجيء ويذهب.
الرجل الأسود: ذو الثدية.
شبههم في دخولهم في الإسلام ثم خروجهم منه لم يتمسكوا من علائقه بشيء بسهم أصاب الرمية ونفذ منها لم يتعلق به شيء من فرثها ودمها لفرط سرعة نفوذه.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم عند عائشة رضي الله عنها يوماً، فدخل عليه عمر فقطّب وتشزَّن له. فلما انصرف عاد إلى انبساطه الأول؛ فقالت له عائشة: يا رسول الله؛ كنت منبسطا فلما جاء عمر انقبضت. فقال: يا عائشة؛ إن عمر ليس ممن يمرخ معه.
أي لا يستعمل معه الليان؛ من قولك: أمرخت العجين، إذا أكثرت ماءه ومرَّخته بالدهن. وشجر مريخ ومرخ وقطف؛ أي رقيق لين، ومنه المرخ.
* * * لا تماروا في القرآن فإنَّ مراءً في كفرٌ.
المراء على معنين: أحدهما من المرية. وقال أبو حاتم: في قوله تعالى: (أَفَتُمارُونَه): أفتجاحدونه.
والثاني: من المري؛ وهو مسح الحالب الضرع ليستنزل اللبن.
ويقال للمناظرة مماراة؛ لأن المتناظرين كلُّ واحدٍ منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه؛ فيجب أن يوجه معنى الحديث على الأول.

ومجازه أن يكون في لفظ الآية روايتان مشتهرتان من السبع، أو في معناها وجهان كلاهما صحيح مستقيم وحقٌّ ناصع. فمناكرة الرجل صاحبه ومجاحدته إياه في هذا مما يزلّ إلى الكفر.
والتنكير في قوله: فإن مراء، إيذانٌ بأن شيئا منه كفر فضلا عما زاد عليه.
* * * وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: إياكم والاختلاف والتنطع: فإنما هو كقول أحدكم: هلمَّ تعال.
وعن عمر رضي الله تعالى عنه: اقرءوا القرآن ما اتفقتم فإذا اختلفتم فقوموا عنه.
ولا يجوز توجيهه على النهي عن المناظرة والمباحثة، فإنَّ في ذلك سدًّا لباب الاجتهاد، وإطفاءً لنور العلم، وصدًّا عما تواطأت العقول والآثار الصحيحة على ارتضائه والحثِّ عليه. ولم يزل الموثوق بهم من علماء الأمة يستنبطون معاني التنزيل، ويستثيرون دفائنه، ويغوصون على لطائف، وهو الحمَّال ذو الوجوه؛ فيعود ذلك تسجيلا له ببعد الغور واستحكام دليل الإعجاز؛ ومن ثم تكاثرت الأقاويل، واتَّسم كل من المجتهدين بمذهب في التأويل يعزي إليه.
* * * أتى السِّقاية فقال: اسقوني. فقال العباس: انهم قد مرثوه وأفسدوه.
وروى: إنه جاء عباساً، فقال: اسقونا. فقال: إن هذا شراب قد مغث ومرث؛ أفلا نسقيك لبنا وعسلا؟ فقال: اسقونا مما تسقون منه الناس.
أي وضَّروه بأيديهم الوضرة. تقول العرب: أدرك عناقك لا يمرِّثوها. قال المفضّل: التمريث أن يمسحها القوم بأيديهم وفيها غمر فلا ترأمها أمُّها من ريح الغمر.
والمغث: نحو من المرث.
* * * كره من الشاء سبعاً: الدم، والمرارة، والحياء، والغدَّة، والذَّكر، والأنثيين، والمثانة.
قال الليث: المرارة لكل ذي روح إلا البعير، فإنه لا مرارة له.
وقال القتبي: أراد المجدّث أن يقول الامر، وهو المصارين، فقال المرارة، وأنشد:
فلا تُهْدي الأَمَرَّ وَمَا يَلِيهِ ... ولا تُهْدِنَّ مَعْرُوق الْعِظَام
الحياء: الفرج من ذوات الظلف والخفّ، وجمعه أحيية، سمي بالحياء الذي هو مصدر حيي إذا استحيا؛ قصداً إلى التورية وأنه مما يُستحيي من ذكره.
* * * كيف أنتم إذا مرج الدين، وظهرت الرَّغبة، واختلف الإخوان، وحُرِّقَ البيت العتيق.
مرج وجرج أخوان في معنى القلق والاضطراب. يقال: مرج الخاتم في يدي، وسكِّين جرج النّصاب. ومرجت العهود والأمانات: إذا اضطربت وفسدت. ومنه المرجان لأنه أخف الحبّ؛ والخفة والقلق من وادٍ واحد.
الرغبة: السؤال، أي يقلُّ الاستعفاف ويكثر الاستكفاف. يقال: رغبت إلى فلان في كذا؛ إذا سألته إياه.
اختلاف الإخوان: أن يختلفوا في الفتن ويتحزَّبوا في الأهواء والبدع حتى يتباغضوا ويتبرَّأَ بعضهم من بعض.
* * * إن نضلة بن عمرو الغفاري لقيه بمريين وهجم على شوائل له، فسقاه من ألبانها.
المريّ: الناقة الغزيرة؛ من المري وهو الحلب.
وفي زنتها وجهان: أحدهما أن تكون فعولا، كقولهم في معناها حلوب. ونظيرها بغيّ على ما ذهب إليه المازني وشايعه عليه أبو العباس.
والثاني: أن يكون فعيلا، كما قال ابن جني. والذي نصر به قوله وردَّ ما قالاه: أنها لو كانت فعولا لقيل بغوّ كما قيل: نهوٌّ عن المنكر.
وفي حديث الأحنف: كان إذا وفد مع أمير العراق على معاوية لبس ثيابا غلاظا في السفر، وساق مريًّا، كان يسوقها ليشرب ويسقى من لبنها.
الشوائل والشوَّل: جمع شائلة، وهي التي شال لبنها، أي قلَّ وخفَّ.
وقيل: هي التي صار لبنها شولا؛ أي قليلا، وقد شوَّلَت، ولا يقال: شالت، من قولهم لثلث القربة ونحوه من الماء: شول، وقد شوَّلت القربة، كما يقال: جزَّعت من الجزعة.
وقال النضر: شوَّلت الإبل؛ أي قلَّت ألبانها وكادت تضيع، فهي عند ذلك شول. وأما الشوَّل فجمع شئل، وهي التي شالت ذنبها بعد اللِّقاح.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أراد أن يشهد جنازة رجل فمرزه حذيفة.
كأنه أراد أن يصدَّه عن الصلاة عليها؛ لأن الميت كان عنده منافقاً.
والمرز: القرص الرفيق ليس بالأظفار، فإذا اشتدّ فأوجع فهو قرص. ومنه امرزلي من هذا العجين مرزة؛ وامترز عرضه إذا نال منه.
والمرزتان: الهنتان الناتئتان فوق الشحمتين.
* * * قدم مكة فأذّن أبو محذورة فرفع صوته فقال: أما خشيت يا أبا محذورة أن تنشقَّ مريطاؤك.
هي ما بين الضلع إلى العانة.

وقيل: جلدة رقيقة في الجوف. وهي في الأصل مصغرة مرطاء، وهي الملساء؛ من قولهم للذي لا شعر عليه: أمرط. وسهم أمرط: لا قذذ عليه.
* * * أُتي بمروط فقسَّمها بين المسلمين، ودفعه مرطاً بقي إلى أم سليط الأنصارية، وكانت تزفر القرب يوم أُحد تسقي المسلمين.
هي أكسية من صوف، وربما كانت من خزٍّ.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: إنها قالت - لما نزلت هذه الآية: (ولْيَضْرِبْن بخُمُرِهِنّ على جُيُوبهن) - انقلب رجال الأنصار إلى نسائهم فتلوها عليهن، فقامت مل امرأة تزفر إلى مرطها المرحَّل؛ فصدعت منه صدعة فاختمرن بها، فأصبحن في الصبح على رءوسهن الغربان.
وعنها: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات غداة عليه مرط مرحَّل من شعر أسود.
تزفر: تحمل. والزَّفر: الحمل، قال الكميت:
تَمْشِي بها رُبْدُ النَّعَا ... مِ تَمَاشِي الآمِ الزَّوَافِرِ
المرحَّل: الموشى وشياً كالرحال.
شبَّهت الخُمر في سوادها بالغربان، قسمتها غرباناً مجازاً، كما قال:
كغِرْبانِ الكُرُوم الدَّوَالِج
يريد العناقيد.
* * * عليّ رضي الله تعالى عنه - لما تزوَّج فاطمة ذهب إلى يهودي يشتري ثياباً، فقال له: بمن تزوجت؟ فقال: بابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فقال: أنبيكم هذا؟ قال: نعم. قال: تزوجت امرأة.
أي كاملة، فيما يختص بالنساء. كما يقال: فلان رجل. وكقول الهذلي:
لَعَمْرُ أَبي الطَّيرِ المُرِبَّة بالضَّحَى ... على خالدٍ لقد وَقَعْت على لَحْمِ
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - قال لابنه: لا تُخاصم الخوارج بالقرآن، خاصمهم بالسنة. قال ابن الزبير: فخاصمتهم بها؛ فكأنهم صبيان يمرثون سخبهم.
يقال: مرث الصبيُّ الودعة؛ إذا مصَّها وكدمها بدردره. ويقال لما يجعل في فيه المراثة. قال عبدة بن الطبيب:
فرجَعْتُهم شَتَّى كأنَّ عَمِيدَهم ... في المَهْدِ يَمْرُث وَدْعَتَيْه مُرْضِعُ
والمرث والمرذ والمرد والمرس: أخوات.
السخب: جمع سخاب. وقد فسر.
يعني أنهم قد بهتوا وعجزوا عن الجواب. وبيت عبدة ملاحظ للحديث كأنه منه.
* * * الأشعري رضي الله عنه - إذا حكَّ أحدكم فرجه وهو في الصلاة فليمرشه من وراء الثوب.
أي فليتناوله باطراف الأظافير، وهو نحو من المرز.
* * * ابن مسعود رضي اله عنه - هما المرَّيان: الإمساك في الحياة، والتبذير في الممات.
المرَّي: تأنيث الأمر، كالجلي تأنيث الأجل؛ أي الخصلتان المفضلتان في المرارة على سائر الخصال المرة: أن يكون الرجل شحيحاً بما له مادام حياً صحيحاً وأن يبذره فينا لا يجدي عليه من الوصايا المبنية على هوى النفس عند مشارفه ثنية الوداع.
* * * ابن عباس رضى الله تعالى عنهما - كان الوحي إذا نزل سمعت الملائكة صوت مرار السلسلة على الصفا.
أي صوت انجرارها واطرادها على الصخر. وأنشد أبو عبيدة قول غيلان الربعي:
تَكُر بعد الشَوط من مِرَارِها ... كَرَ مَنِيح الخَصْلِ في قِمَارها
قال: وسألت أعرابياً عن مرارها. فقال: مراحها واطرادها. قال: وإذا اطرد الرجلان في الحرب فهما يتماران، وكل واحد منهما ينار صاحبه؛ أي يطارده.
وقد جاء في حديث آخر: كإمرار الحديد على الطست الجديد. وهذا ظاهر.
* * * سئل عن السلوى فقال: هو المرعة.
عن أبي حاتم، المرعة: طائرة طويلة الرجلين تقع في المطر من السماء؛ والجمع مُرع. قال:
به مُرَعٌ يخرجن من خَلْفِ وَدْقِهِ ... مَطَافِيلُ جُونٌ رِيشُهَا مُتَصَبِّبُ
وفيها لغتان سكون الراء وفتحها. ويقال في جمع المُرع مرعان. وينبغي أن يكون على لغة من يقول: مُرعةٌ ومُرعٌ كرطبة ورطب. وهي من المراعة بمعنى الخصب لخروجها في أثر الغيث.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - تمرَّدت عشرين؛ وجمعت عشرين، ونتفت عشرين، وخضبت عشرين؛ فأنا ابن ثمانين.
يقال: تمرد فلان زماناً، إذا مكث أمرد.
* * *

وحشيّ - قال في قصة مقتل حمزة: كنت أطلبه يوم أُحد، بينا أنا ألتمسه إذ طلع عليٌّ عليه السلام فطلع رجل حذرٌ مرسٌ كثير الالتفات؛ فقلت: ما هذا صاحبي الذي ألتمس. فرأيت حمزة يفري الناس فريا، فكمنت له إلى صخرة وهو مُكبِّسٌ له كتيت، فاعترض له سباع ابن أم أنمار، فقال له: هلمّ إليّ فاحتمله، حتى إذا برقت قدماه رمى به فبرك عليه فسحطه سحط الشاة؛ ثم أقبل إلي مكبسا حين رآني، وذكر مقتله لما وطئ على حرف فزلّت قدمه.
المرس: الشديد المراس للحرب.
يفري: يشق الصفوف.
المكبي: المطرق المقطب. وقد كُبِّس، وفلان عابس كابس. وقيل: هو الذي يقتحم الناس فيُكبسهم.
الكتيت: الهدير.
السَّحط: الذبح الوحيّ.
* * * في الحديث: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرَّة سويّ.
المرة: القوة والشدة.
* * * مرجت في " حث " . مريعا مربعا ومرتعا في " حي " . مروط في " شع " . فمرش في " ضو " . أمر الدم في " ظر " . وانمرط في " قح " . امراس في " فر " . الأمرين في " خم " . مارنه في " وت " . استمرت مريرتي في " قي " . مرهاء في " ست " . المرءون في " مل " . متمرق في " شع " . يتمرس في " خر " . امارس في " لع " . وتماره في " ز " . ولا يماري في " شر " .
* * *
الميم مع الزاي
النبي صلى الله عليه وسلم - ما تزال المسألة بالعبد حتى يلقى الله وما في وجهه مزعة.
وروى: وما في وجهه لحادة من لحم.
وروى: ووجهه عظمٌ كله.
وقال: إن الرجل ليسأل حتى يخلق وجهه، فيلقى الله يوم القيامة وليس له وجه.
المزعة: القطعة من اللحم أو الشحم. يقال: ما له مزعة ولا جزعة. ويقال: للحمة التي يُضرَّى بها البوازي مزعة. والمزعة والمزقة - بالكسر - البتكة من الريش.
اللحادة: القطعة أيضا، وما أراها إلا اللُّحاتة بالتاء، ومنها اللَّحت؛ وهو ألا تدع عند الإنسان شيئا إلا أخذته، واللَّتح مثله. وإن صحَّت فوجهها أن تكون الدال مبدلة من التاء كدولج في تولج.
* * * إن نفراً من أهل اليمن قدموا عليه صلى الله عليه وسلم فسألوه عن المزر، وقالوا: إن أرضنا باردة عشمة ونحن قومٌ نحترث ولا نقوى على أعمالنا إلا به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلُّ مُسكر حرام.
المزر: نبيذ الشعير.
العشمة: اليابسة. عشم الخبز، وعجوز عشمة.
* * * عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه. استبَّ رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فغضب أحدهما غضبا شديدا حتى تخيَّل إلى أن أنفه يتمرغ من شدة غضبه، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد من الغضب. فقال: ما هي يا رسول الله؟ قال: يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم.
التمزُّع: التقطُّع والتشقق. يقال: إنه ليكاد يتمزَّع من الغضب، أي يتطاير شققا، ونحوه يتميز وينقدّ.
وعن الأصمعي: قسم المال ومزعه ووزعه بمعنى. ويقال: تمزَّعته وتوزعته. قال جرير:
هَلا سأَلْتَ مجاشعا زَبَد اُسْتِها ... أين الزُّبْيُر ورَحْلُه المتمزعُ
وقال آخر:
بني صامتٍ هلاّ زجرتمْ كِلابَكُم ... عن اللحم بالخَبْرَاءِ أن يُتَمَزَّعَا
وعن أبي عبيد: احسبه يترمَّع؛ أي يرعد من شدة الغضب. ومنه قيل ليافوخ الصبي: رمَّاعة.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - إن طائراً مزق عليه.
يقال: مزق الطائر بسلحه؛ إذا رمى به، من قولهم: ناقة مزاق، وهي السريعة التي يكاد جلدها يتمزق عنها، ومصداق هذا قوله:
حتى تَكاد تَفَرَّى عنْهُما الأهَب
وقال بعض المولّدين:
كأنما يَخْرجُ من إهابِه
* * * أبو العالية رحمه الله تعالى - اشرب النبيذ ولا تمزز.
التمزز والتمصر: أخوان، وفي معناهما التمزر والتمصُّص. قال يصف خمرا:
تكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتمَّزُّرِ ... في فَمِه مِثْلَ عَصِير السُّكرِ
قال أبو عبيدة: هو التذُّوق شيئا بعد شيء. والمعنى اشربه لتسكين العطش دفعةً كما تشرب الماء، ولا تتلذذ بمصِّه قليلا، كما يصنع المعاقر إلى أن يسكر.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - قال: كان أصحابنا يقولون في الرضاع: إذا كان المال ذامزٍّ فهو من نصيبه.
وعنه: إذا كان المال ذامزٍّ ففرِّقه في الأصناف الثمانية، وإذا كان قليلا فأعطه صنفاً واحدا.
أي ذا فضل وكثرة. وقد مزّ مزازة وهو مزيز. يقال: لهذا على هذا مِزٌّ ومزيز؛ أي فضل وزيادة.
* * *

طاوس رحمه الله تعالى - المزَّة الواحدة تُحرِّم.
هي المصَّةُ.
يقال للمصوص: المزوز، يعني في الرضاع.
* * * المزة والمزتين في " عي " . ومزمزوه في " تل " . المزر في " قس " . وفي " قي " .
* * *
الميم مع السين
النبي صلى الله عليه وسلم - تمسحوا الأرض فإنها بكم برَّة.
هو أن تباشرها بنفسك في الصلاة من غير أن يكون بينك وبينها شيء تُصلي عليه.
وقيل: هو التيمم.
برَّة: يعني منها خُلقتم وفيها معاشكم وهي بعد الموت كفاتكم.
* * * وصف صلى الله عليه وسلم مسيح الضلالة وهو الدجال، فقال: رجل أجلى الجبهة، ممسوح العين اليسرى، عريض النَّحر فيه دفاً.
قالوا: سُمِّي مسيحا، من قولهم: رجل ممسوح الوجه ومسيح؛ وذلك ألاَّ يبقى على أحد شقَّي وجهه عين ولا حاجب إلا استوى؛ والدجال على هذه الصفة.
وعن أبي الهيثم، هو المسيح على فعيل كسكيت، أنه الذي مُسح خلقه، أي شُوّه.
وأما المسيح صلاة الله عليه فعن ابن عباس أنه سُمي لأنه كان لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برأ.
وعن عطاء: كان أمسح الرِّجل لا أخمص له.
وعنه صلى الله عليه وسلم: خرج من البطن ممسوحا بالدهن.
وقال ثعلب: كان يمسح الأرض؛ أي يقطعها. وقيل: هو بالعبراينة مشيحاً، فعُرِّب كما قيل في موشى موسى.
الدَّفا: الانحناء. وشاة دفواء: مال قرناها مما يلي العلباوين. قال ذو الرمة:
يحاذِرْنَ من أَدْفَى إذا ما هُوَ انتحى ... عليهنَّ لم يَنْجُ الفَرُود المُشَايِحُ
* * * أذنِ صلى الله عليه وسلم في قطع المسد والقائمتين والمنجدة.
المسد: الحبل الممسود؛ أي المفتول من نبات ولحاء شجر ونحوه.
القائمتان: قائمتا الرَّحل.
المنجدة: عصا خفيفة يستنجد بها المسافر في سوق الدواب وغيره.
وقيل: شُبهت بالقضيب الذي يكون مع النَّجَّاد يُصلح به حشو الثياب.
وقيل: هي العود الذي يُحشي به حقيبة الرحل لتنجد وترتفع.
والمعنى أنه رخَّص في قطع هذه الأشياء من شجر الحرم؛ لأنها تُرفق المارَّة والمسافرين ولا تضرُّ بأُصول الشجر.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يلبس البرانس والمساتق ويصلي فيها.
المستقة: فرو طويل الكمين، تُفتح التاء وتُضمُّ. وهو تعريب مشته.
وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنه: إنه كان يصلي يداه مُستقة.
وعن سعد: إنه صلى بالناس في مُستقة، يداه فيها.
* * * عبد الرحمن رضي الله تعالى عنه - رأى ومعه بلال يوم بدر أمية بن خلف، فصرخ بأعلى صوته يا أنصار الله! أُمية رأس الكفر! قال عبد الرحمن: فأحاطوا حتى جعلونا في مثل المسكة؛ وأنا أذب عنه. فأخلف رجل بالسيف فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أُمية فقلت: انج بنفسك ولا نجاء به، فهبتوهما حتى فرغوا منهما.
المسكة: السوار؛ أي أحاطوا بنا وحلَّقوا حولنا، فكأننا منهم في مثل سوارٍ.
قال الأصمعي: يقال: لمَّا رأى العدوَّ أخلف بيده إلى السيف؛ أي ضرب بها إليه من الخلف، وكلما ردَّ يده إلى مؤخره ليأخذ شيئا من حقيبته فقد أخلف بها. ويقال لما وراء الرجل: خلفه.
هبته بالسيف وهبجه: ضربه.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - لا تُمسح الأرض إلا مرة، وتركها خير من مائة ناقة كلها أسود المقلة.
هو أن يمسحها المصلي ليسوي موضع سجوده، فرأى ترك ذلك واحتمال المشقَّة أولى.
الضمير في تركها للمرة أو للمسحة.
كلّ: مذكر اللفظ فلذلك قال أسود، ومنه قولهم: كل أذن سامع، وكل عين ناظر، وهذا نحو حمله على التوحيد والجمع.
* * * مسد في " رف " . ومسكتان في " سف " . مسكا في " صف " . مسحاء في " سح " . مسكة والمسكان في " عر " . مسك في " فر " . ولامستها في " جر " . متماسكا في " شذ " . ممسكة في " حج " .
* * *
الميم مع الشين
طلحة رضي الله تعالى عنه - رأى عمر عليه ثوبين ممشَّقين وهو محرم؛ فقال: ما هذا؟ قال: ليس به بأس يا أمير المؤمنين، إنما هو مشقٌ.
هو المغرة. والممشق: المصبوغ بالمشق.
ومنه حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: كنا نلبس الممشق في الإحرام، وإنما هو مدر.
يجوز لبس المصبغ للمحرم إذا لم يكن بالطِّيب كالورس والزعفران والعصفر، وإنما كرهه عمر لئلا يراه الناس فيلبسوا ما لا يجوز لبسه.
* * *

في الحديث: إن إسحاق أتاه إسماعيل عليهما السلام، فقال له؛ إنا لم نرث من أبينا مالا، وقد أثريت وأمشيت؛ فأفئ عليّ مما أفاء الله عليك. فقال إسحاق: يا إسماعيل؛ ألم ترض أني لم أستعبدك حتى تجيئني فتسألني المال.
أي كثرت ماشيتك، قال: النابغة:
وكلّ فتى وإنْ أَثْرَى وأَمْشَى ... ستَخْلِجُه عن الدنيا المَنُون
قيل: كانوا يستعبدون أولاد الإماء.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يتمشع بروث أو عظم.
أي يستنجي؛ قال ابن الأعرابي: تمشع الرجل وامتشع؛ إذا أزال الأذى عنه.
وهو من قولهم: امتشع ما في الضرع وامتشنه، أي أخذه أجمع.
* * * إني إذا أكلت اللحم وجدت في نفسي تمشيرا.
أي نشاطا للجماع، من قول الأصمعي: المشر، والأشر واحد، وهو المرح وأمشر إمشاراً إذا انبسط في العدو.
وعن شمر: أرض ماشرة وناشرة اهتزَّ نباتها.
خير ما تداويتم به المشيّ.
يقال لدواء المشي: المشوّ والمشيّ.
* * * مشاطة في " طب " . وأمش وامشر في " عذ " . المشاش في " مغ " . ذو مشرة في " خب " .
* * *
الميم مع الصاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - القتل في سبيل الله ممصمصة.
أي مطهرة من دنس الخطأ من قولهم: مصمصت الإناء بالماء إذا رقرقته فيه وحركته، حتى يطهر، ومنه مصمصة الفم؛ وهو غسله بتحريك الماء فيه كالمضمضة.
وقيل: هي - بالصاد غير المعجمة - بطرف اللسان، وبالضاد بالفم كله؛ كالقبص والقبض.
وفي حديث أبي قلابة: إنه روى عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كنا نتوضأ مما غيَّرت النار، ونمصمص من اللبن، ولا نمصمص من التمرة.
أنَّث خبر القتل لأنه في معنى الشهادة، أو أراد خصلة ممصمصة، فأقام الصفة مقام الموصوف.
* * * زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه - كتب إلى معاوية يستعطفه لأهل المدينة. وفي الكتاب: إنهم حديث عهدهم بالفتنة قد مصعتهم، وطال عليهم الجذم والجدب، وأنهم قد عرفوا أنه ليس عند مروان مال يجادونه عليه إلا ما جاءهم من عند أمير المؤمنين.
أي ضربتهم وحركتهم؛ من مصعه بالسيف؛ إذا ضربه. ومنه المماصعة: المجالدة.
وفي حديث ابن عمير: إنه قال: في الموقوذة إذا طرفت بعينها أو مصعت بذنبها.
أي ضربت به وحركته.
ومنه حديث مجاهد: البرق مصع ملك يسوق السَّحاب.
أي ضربه للسحاب وتحريكه له لينساق.
الجذم: القطع، يريد انقطاع الميرة عنهم.
المجاداة: مفاعلة، من جدا، إذا سأل، أي يسائلونه.
* * * زياد - قال على المنبر: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يقطع بها ذنب عنز مصور، لو بلغت إمامه سفك دمه.
هي التي انقطع لبنها إلا قليلا فهو يتمصَّر، ولا يكون إلا من المعز، وجمعها مصائر، والمصر: الحلب بإصبعين. ومنه قولهم: لبني فلان غلَّةٌ يمتصرونها؛ أي لا تجدي عليه تلك الكلمة، وهو يهلك بها إن نُشرت عنه.
* * * في الحديث: فلان والله لو ضربك بأُمصوخ من عيشومة لقتلك.
هو الخوصة، يقال: ظهرت أما صيخُ الثُّمام.
والعيشومة: واحدة العيشوم، وهو نبت دقيق طويل محدَّد الأطراف، كأنه الأسل يتخذ منه الحُصر الدِّقاق.
* * * المصاع في " حم " .
* * *
الميم مع الضاد
حذيفة رضي الله تعالى عنه - ذكر خروج عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: يقاتل معها مضر مضَّرها الله في النار. وأزد عُمان سلت الله أقدامها، وإن قيسا لن تنفكَّ تبغي دين الله شرًّا حتى يركبها الله بالملائكة، فلا يمنعوا ذنب تلعة.
مضرها؛ أي جمعها. كما يقال: جند الجنود، وكتب الكتائب. وقال بعضهم: أهلكها، من قولهم: ذهب دمه خضراً مضراً؛ أي هدرا.
سلت: قطع؛ من سلتت المرأة حناءها.
ذنب التلعة: أسفلها، أي يذلها الله حتى لا تقدر على أن تمنع ذيل تلعة.
* * * في الحديث: ولهم كلب يتمضمض عراقيب الناس.
من المض، وهو المص إلا أنه بلغ منه.
* * * مضضنا في " خب " . المضغ في " وض " .
* * * النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا مشت أمتي المطيطاء، وخدمتهم فارس والروم،كان بأسهم بينهم.

هي ممدودة ومقصورة، بمعنى التمطى؛ وهو التبختر ومد اليدين. وأصل تمطى تمطط؛ تفعل من المط وهو المد. وهي من المصغرات التي لم يستعمل لها مكبر، نحو كعيت وجميل وكميت. والمريطاء، وقياس مكبرها ممدودة مريطاء بوزن طر مساء، ومقصورة مرطيا بوزن هر بذي، على أن الياء فيهما مبدلة من الطاء الثالثة.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أتى على بلال وقد مطى به في الشمس؛ فقال لمواليه: قد ترون أن عبدكم هذا لا يطيقكم فبيعونيه. قالوا: اشتره. فاشتراه بسبع أواقي. فأعتقه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحدثه؛ فقال: الشركة. فقال: يا رسول الله؛ إني قد أعتقته.
المط والمد والمطو واحد. ومنه المطو في السير. قال امرؤ القيس:
مَطَوْتُ بهم حتى يَكِلَّ غَزِيُّهم ... وحتَّى الجِيَادُ ما يُقَدْنَ بأَرسَانِ
وكانوا إذا أرادوا تعذيبه بطحوه على الرمضاء.
* * * في الحديث: خير نسائكم العطرة المطرة.
أي المتنظِّفة بالماء.
ومنه قول عامر بن الظرب لامرأته: مري ابنتك ألا تنزل مفازة إلا ومعها ماء؛ فإنه للأعلى جلاء، وللأسفل نقاء؛ أخذ من لفظ المطر؛ كأنها مطرت فهي مطرة؛ أي صارت ممطورة مغسولة.
* * * مطير في " اط " . المطائط في " خط " . فأمطت في " غف " .
* * *
الميم مع الظاء
أبو بكر رضي الله تعالى عنه - مر بعبد الرحمن ابنه وهو يماظ جاراً له؛ فقال:لا تماظ جارك؛ فإنه يبقى ويذهب الناس.
أي ينازعه ويلازه، وإن في فلان لمظاظةً وفظاظةً؛ إذا كان شديد الخلق.
وتماظ القوم: تلاحوا وتعاضوا بألسنتهم.
* * * الزهري - كان بنو إسرائيل من أهل تهامة أعتى الناس على الله، وقالوا قولا لا يقوله أحد؛ فعاقبهم الله، فعقوبتهم ترونها الآن بأعينكم، فجعل رجالهم القردة، وبرَّهم الذّرة، وكلابهم الأسد، ورمَّانهم المظّ، وعنبهم الأراك، وجوزهم الضَّبر، ودجاجهم الغرغر.
المظّ: رمان البر. وهو من المماظَّة، وهي ملازمة المنازع لتضامِّ حبِّه وتلازمه، ألا ترى إلى قول الأعرابي:
كأَزَزِ الرُّمَّانةِ المُحْتَشِيَة
وقال المولَّد:
لا يقدر الرمَّان يجمع حبه ... في جَوْفِه إلا كما نحن
ولهذا سمي رمانا؛ فعلان من الرّم؛ وهو إصلاح الشيء وضمّ ما تشَّعثَ منه وانتشر.
الضَّبر: جوز البر.
الغرغر: دجاج الحبش، ولا ينتفع بلحمه.
* * *
الميم مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - مر على أسماء بنت عميس؛ وهي تمعس إهاباً لها.
معس الأديم ومعكه؛ إذا دلكه.
وحدَّث الأصمعي أن امرأة من العرب بعثت بنتاً إلى جارتها، فقالت: تقول لك أمي: أعطيني نفساً أو نفسين من الدّباغ أمعس به منيئتي فإني أفدة.
* * * المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر في سبعة أمعاء.
قالوا: ذُكر له رجل أكول قد أسلم فقلَّ أكله، فقال ذلك.
وقيل هو تمثيل لرضا المؤمن باليسير من الدنيا وحرص الكافر على التكثير منها. والاوجه أن يكون هذا تحضيضا للمؤمن على قلَّة الأكل وتحامي ما يجرُّه الشبع من قسوة القلب والرّين وطاعة الشهوة البهيمية وغير ذلك من أنواع الفساد.
وذكر الكافر ووصفه بكثرة الأكل إغلاظ على المؤمن، وتأكيد لما رُسم له وحضّه عليه؛ وناهيك زاجرا قوله تعالى: (ويَأْكُلُونَ كما تَأْكُلُ الأَنْعَامُ).
ألف المعي منقلبة عن ياء؛ لقولهم في تثنيته: معيان. ولما حكى بعضهم أنه يقال: زَعْي ومِمىً كأني وإني ثني وثنىً.
* * * إن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت له: لو آخذت ذات الذنب منا بذنبها! قال: إذن أدعها كأنها شاة معطاء.
هي التي معط صوفها لهزال أو مرض. ويقال: أرض معطاء: لا نبت فيها. ورمال مُعط. قال ابن ميادة:
من دونها المُعْطُ من نينان والكثب
أعمل " إذن " ، لكونها مبتدأة وكون الفعل مستقبلاً، ومعنى " أدعها " أجعلها، كما استعمل الترك بهذا المعنى، والكاف مفعول ثان.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لو كان المعك رجلا لكان رجل سوء.
هو المطل، يقال: معكني ديني؛ أي مطلنيه؛ ورجل معك: مطول.
ومنه حديث شريح رحمه الله تعالى. المعك طرف من الظلم.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - كان يتبع اليوم المعمعانيَّ فيصومه.
منسوب إلى المعمعان؛ وهو شدة الحر؛ والمعمعة: صوت الحريق.

ومنه حديث بكر بن عبد الله: من أراد أن ينظر إلى أعبد الناس، ما رأينا ولا أدركنا الذي هو أعبد منه، فلينظر إلى ثابت بن قيس؛ إنه ليظل في اليوم المعمعاني، البعيد ما بين الطرفين، يراوح ما بين جبهته وقدميه.
* * * أنس رضي الله عنه - بلغ مصعب بن الزبير عن عريف الأنصار أمر؛ فبعث إليه وهمَّ به.
قال أنس: فقلت له: أنشدك الله في وصية رسول الله؛ فنزل عن فراشه وقعد على بساطه وتمعَّنَ عليه - وروى: وتمعَّك عليه؛ وقال: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الرأس والعين، وأطلقه.
هو من المعان وهو المكان؛ يقال: موضع كذا معان من فلان، وجمعه معن؛ أي نزل عن دسته وتمكن على بساطه تواضعا.
أو من قولهم للأديم: معن ومعين؛ أي انبطح ساجداً على بساطه كالنطع الممدود. كقولهم: رأيته كأنه من خشية الله.
أو من المعين؛ وهو الماء الجاري على وجع الأرض. وقد معن: إذا جرى. ويروى:تمعَّك عليه؛ أي تقلَّبَ عليه وتمرَّغ.
أو من أمعن بحقِّه وأذعن إذا أقرَّ؛ أي انقاد وخشع انقياد المعترف.
أو من المعن؛ وهو الشيء اليسير؛ أي تصاغر وضاءل.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - لما ركب البحر إلى قبرس حمل معه بنت قرظة، فلما دفعت المراكب معج البحر معجة تفرّق لها السفن.
أي ماج واضطرب، من معج المهر؛ إذا اشتقّ في عدوه يمينا وشمالا. والريح تمعج في النبات. ومنه: فعل ذلك في معجة شبابه وموجة شبابه.
* * * في الحديث: ما أمعر حاجٌّ قطّ.
أي ما افتقر، وأصله من معر الرأس، وهو قلة شعره، وأرض معرة: مُجدبة.
* * * والمعين في " ند " . فتمعك في " وض " . معوتها في " صح " . وتمعددوا في " فر " . وتمعززوا في " تب " . المعامع في " فر " .
* * *
الميم مع الغين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في صفته عن باب مدينة العلم عليهما السلام: لم يكن بالطويل الممغَّط، ولا القصير المتردد، ولم يكن بالمطهَّم ولا المكلثم، أبيض مشرب، أدعج العين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، شثن الكفّ والقدمين، دقيق المسربة. إذا مشى تقلَّع كأنما يمشي في صبب - وروى: كأنما ينحطُّ من صبب. وإذا التفت التفت جميعا، ليس بالسّبط لا الجعد القطط - وروى: كان أزهر ليس بالأبيض الأمهق - وروى: شبح الذراعين - وروى: ضرب اللحم بين الرجلين - ويروى: إنه كانت في عينه شكلة - ويروى: إنه كان أسجر العينين. ويروى: كان في خاصرتيه انفتاق - ويروى: كان مفاض البطن - ويروى: كان أسمر.
وعن بعض الصحابة رضي الله عنهم: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافر السَّبلة.
وعن جابر بن سمرة رضى الله عنه: إنه كان أخضر الشمط - ويروي: كان أبيض مقصدا - وروى: معضدا - وروى: لم يكن بعطبول ولا بقصير.
وعن عائشة رضى الله تعالى عنها: كان أفلج الأسنان أشنبها؛ وكان سهل الخدين صلتمها، فعم الأوصال، وكان أكثر شيبه في فودى رأسه؛ وكان إذا رضى وسر فكأن وجهه المرأة وكأن الجدر تلاحك وجهه، وكان فيه شيء من صور؛ يخطو تكفؤا، ويمشي الهويني، يبذ القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشيه الهوينا - وروى: كان من أزمتهم في المجلس.
الممغط: البائن الطول، يقال: مغطت الحبل وكل شيء لين، إذا مددته فانمغط، ومنه: انمغط النهار، إذا انتد. وعن أبي تراب بالغين والعين.
المتمرد: الذي تردد بعض خلقه، على بعض فهو مجتمع.
قيل في المطهم: هو البارع الجمال التام كل شيء منه على حدته.
وقيل: هو السمين الفاحش السمين.
وقيل: المنتفخ الوجه الذي فيه جهامة من السمن.
وقيل : النحيف الجسم الدقيقة.
وقيل: الطهمة والصحمة في اللون أن تجاوز سمرته إلى السواد، ووجهه مطهم؛ إذا كان كلك.
المكلثم: المستدير الوجه. وقال شمر: القصير الحنكة، الداني الجبهة، المستدير الوجه، ولا يكون إلا مع كثرة اللحم، أراد أنه كان أسيلا مسنون الخدين.
مشرب: أشرب بياضه حمره.
الدعجة: شدة سواد العينين.
جليل المشاش: عظيم رؤس العظام، كالركبتين والمرفقين والمنكبين.
الكتد: الكاهل.
الشثن: الغليظ، وقد شثن وشثن وشثنت، وهو مدح في الرجال لأنه أشد لعصبهم وأصبر لهم على المراس.
تقلع: ارتفع قدمه على الأرض ارتفاعةً كما تنقلع عنها؛ وهو نفي للاختيال في المشي.
الأمهق: اليقق الذي لا يخالطه شيء من الحمرة، وليس بنير كلون الجص.
الشبح: العريض.

الضرب: الخفيف اللحم.
الشكلة: كهيئة في بياض العين، وأما الشهلة فحمرة في سوادها.
والشجرة: كالشكلة.
انفتاق: استرخاء.
المفاض: أن يكون فيه امتلاء. والعرب تقول: اندحاق البطن في الرجل من علامات السودد، وهو مذموم في النساء. وقد وصف صلى الله عليه وآله وسلم بالخمص في الحديث الآخر، فالتوفيق بينهما أن يكون ضامر أعلى البطن، مفاض أسفله، وكذلك وصفه بالسُّمرة. وما روى أنه كان أبيض مُشربا، فكأنَّ الوجه أن تكون السمرة فيما يبرز للشمس من بدنه؛ والبياض فيما تواريه الثياب.
السَّبلة: ما أُسبل من مقدَّم اللِّحية على الصدر.
اخضرار شمطه بالطيب والدّهن المروح. ومنه ما روى: إنه قد شمط مقدّم رأسه ولحيته، فإذا ادَّهن وامتشط لم يتبين، وإذا شعث رأسه رأيته متبينا.
المقصد: الذي ليس بجسيم ولا قصير؛ والقصد مثله.
والمُعضَّد: الموثَّق الخلق، والمحفوظ المقصَّد.
العطبول: الطويل.
الصَّلت: الأملس النقي.
الفعم: الممتلئ.
المُلاحكة والملاحمة: أختان. يقال: لوحك فقار الناقة فهو ملاحك، أي لوحم بينه وأُدخل بعضه في بعض، وكذلك البنيان ونحوه، والمعنى أن جدر البيت تُرى في وجهه كما ترى في المرآة لوضاءته.
الصَّور: الميل.
* * * إنَّ أعرابياً جاء حتى قام عليه وهو مع أصحابه؛ فقال: أيكم ابن عبد الله؟ فقالوا: هو الأمغر المرتفق.
هو الذي في وجهه حمرة مع بياض صاف؛ وشاة ممغار: إذا خالط لبنها دم.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم؛ في قصة الملاعنة: إن جاءت به أُميغر سبطاً فهو لزوجها، وإن جاءت به أُديعج جعداً فهو للذي يتهم. فجاءت به أُديعج جعداً.
السبط: التام الخلق.
الجعد: القصير.
المرتفق: المتكئ لأنه يستعمل مرفقه. ومنه قيل للمتكأ: المرفقة؛ كما قيل مصدغة ومخدة من الصدغ والخدِّ لما يُوضع تحتهما.
* * * صوم شهر الصوم وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر ومذهب بمغلة الصدر. قيل: وما مغله الصدر؛ قال: حسن الشيطان - وروى: مغلَّة.
هي النغل والفساد، وأصلها داءٌ يصيب الغنم في أجوافها.
وعن أبي زيد: المغل القذى في العين؛ وفي مثل أنت ابن مغل؛ أي تُتقى كما يُتَّقى القذى أن يقع في العين - وقد مغلت عينه إذا فسدت، وفلان صاحب مغالة؛ إذا كان ذا وشاية؛ ومُغل به عند السلطان وأُمغل، والمغلة من الغل.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - قالت أم عيَّاشٍ: كنت أمغث له الزبيب غدوة فيشربه عشية؛ وأمغثه عشية فيشربه غدوةً.
هو المرس والدلك بالأصابع، تريد أنها كانت تنقع له الزبيب ولا تلبثه أكثر من هذه المدة لئلا يتغير.
* * * عبد الملك - قال لجرير: مغِّرْنا يا جرير.
أي أنشدنا كلمة ابن مغراء؛ وهو أوس بن مغراء، أحد شعراء مُضر.
* * *
الميم مع الفاء
في الحديث: قال بعضهم: أخذني الشراة؛ فرأيت مساوراً قد اربدًّ وجهه. ثم أومي بالقضيب إلى دجاجة كانت تبختر بين يديه وقال: تسمعي يا دجاجة. ضلَّ عليٌّ واهتدى مفاجة.
يقال: مفج وثفج إذا حمق؛ ورجل ثفاجةٌ مفاجةٌ؛ أي أحمق.
* * *
الميم مع القاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا وقع الذُّباب في الطعام - وروى: بالشراب فامقلوه؛ فإنَّ في أحد جناحيه سُمًّا وفي الآخر شفاء، وإنه يقدّم السمّ ويؤخر الشفاء.
المقل والمقس: أخوان، وهما الغمس؛ وهو يماقله ويماقسه ويقامسه، أي يغاطه. ومنه المقلة حصاة القسم، لأنها تمقل في الماء.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قدم مكة؛ فسأل من يعلم موضع المقام؟ وكان السيل احتمله من مكانه، فقال المطلب بن أبي وداعة السهمي: أنا يا أمير المؤمنين؟ قد كنت قدَّرته وذرعته بمقاط عندي.
هو حبل صغير يكاد يقوم من شدة إغارته، والجمع مقط، قال الراعي يصف حميراً:
كأنها مُقُطٌ ظلَّت على قَيم ... من ثُكْدَ واغتمست في مائِهِ الكَدِرِ
ومنه قيل: مقطت الإبل ومقطتها إذا قطرتها، وشددت بعضها إلى بعض، ومقطه بالأيمان إذا حلَّفه بها.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - ذكرته عائشة رضي الله عنها فقالت: مقوتموه مقو الطّست ثم قتلتوه.
مقاه يمقوه ويمقيه، إذا جلاه. ويقال: امق هذا مقوك مالك، أي صنه صيانتك مالك.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال في مسح الحصى في الصلاة مرَّةً، وتركها خير من مائة ناقة لمقلة.

أي من مائة مختارة يختارها الرجل على مقلته، أي على عينه ونظره.
وجاء في حديث ابن عمر: من مائة ناقة كلها أسود المقلة. وقد ذُكر.
* * *
الميم مع الكاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أقرُّوا الطير على مكناتها - وروى: مكناتها.
المكنات: بمعنى الأمكنة، يقال: الناس على مكناتهم وسكناتهم ونزلاتهم وربعاتهم؛ أي على أمكنتهم ومساكنهم ومنازلهم ورباعهم. وقيل المكنة من التمكن كالتَّبعة والطَّلبة، من التتبُّع والتطلّب. يقال: إن بني فلان لذوو أمكنة من السلطان، أي ذوو تمكّن. والمكنات: الأمكنة أيضا، جمع المكان على مُكن ثم على مُكنات، كقولهم: حُمُر وحُمُرات، وصُعُد وصُعُدات. والمعنى إنَّ الرجل كان يخرج في حاجته فإن رأى طيراً طيَّره، فإن أخذ ذات اليمين ذهب، وإن أخذ ذات الشمال لم يذهب؛ فأراد اتركوها على مواضعها ومواقعها ولا تطيروها، نهياً عن الزجر.
أو على مواضعها التي وضعها الله بها من أنها لا تضرُّ ولا تنفع.
أو أراد لا تذعروها ولا تريبوها بشيء تنهض به عن أوكارها.
وإنكار أبي زياد الكلابي المكنات وقوله: لا يعرف للطير مكنات، وإنما هي الوكنات، وهي الأعشاش، ذهابٌ منه إلى النهي عن التحذير.
وكذلك قول من فسَّر المكنات بالبيض، وهي في الأصل لبيض الضَّبّ فاستعير.
قال الأزهري: المكن لبيض الضبّ، الواحدة مكنة كلبن ولبنة، وكأنه الأصل، والمكن مخفف منه.
* * * لا تمككوا غرماءكم - وروى: على غرمائكم.
هو من امتكاك الفصيل في الضرع، وهو امتصاصه واستنفاده، أي لا تستقصوا ما لهم ولا تنهكوهم، والتعدية بعلى لتضمين معنى الإلحاح.
* * * لا يدخل صاحب مكس الجنَّة.
هو الجبابة التي يأخذها الماكس، والماكس: العشَّار.
* * * العطاردي رحمه الله - قيل له: أيما أحب إليك؛ ضبّة مكون، أم بياح مربب؟ فقال: ضبة مكون.
يقال: أمكنت الضبة ومكنت فهي مكون؛ إذا جمعت المكن في بطنها.
البياح: ضرب من السمك صغار أمثال شبر، قال يصف الضبّ:
شديد اصفرار الكليتين كأنَّما ... يطلي بوَرْس بطنه وشَوَاكِلُهْ
فذلك أشهى عندنا من بِيَاِحكم ... لَحَى الله شاربه وقُبِّح آكِلُهْ
* * * ماكستك في " كي " . بما كد في " وج " . مكر في " عر " .
* * *
الميم مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سُئل عمر عن إملاص المرأة الجنين. فقال المغيرة بن شعبة: قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بِغُرَّةٍ.
الإملاص: الإزلاق. قال الأصمعي: يقال للناقة إذا ألقت ولدها ولم تشعر؛ ألقته مليصا ومليطاً، والناقة مملص ومملط؛ أراد المرأة الحامل تُضرب فتسقط ولدها فعلى الضارب غُرَّة.
* * * ضحَّى صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أملحين - وروى: إنه خطب في أضحى، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحا، ثم انكفأ إلى كبشين أملحين، وتفرَّق الناس إلى غنيمة فتجزَّعوها.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار أتى بالموت في صورة كبشٍ أملح، ثم نودي: يأهل الجنة! ويأهل النار! فيشرئبون لصوته ثم يذبح على الصراط؟ فيقال: خلود لا موت.
الملحة في الألوان: بياض تشقه شعيرات سودٌ، وهي من لون الملح، ومنه قيل للكانونين شيبان وملحان؛ لا بيضاض الأرض من الجليت، وهو الثلج الدائم والضريب.
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: إنه بعث رجلاً يشتري له أضحية، فقال: اشتر كبشا أملح، واجعله أقرن فحيلا.
أي مشبها للفحول في خلقه. وقال المبرد: فحل فحيل: مستحكم الفحلة.
فتجزَّعوها: أي توزَعوها من الجزع وهو القطع.
اشرأبَّ: رفع رأسه؛ وكان الأصل فيه المقامح؛ وهو الرافع رأسه عند الشُّرب ثم كثر حتى عمَّ.
* * * قدم عليه صلى الله عليه وآله وسلم وفد هوازن يكلمونه في سبي أوطاس أو حنين، فقال رجل من بني سعد: يا محمد؛ إنا لو كنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر، ثم نزل منزلك هذا منَّا لحفظ ذلك لنا، وأنت خير المكفولين، فاحفظ ذلك.

قال الأصمعي: ملحت فلانة لفلان؛ إذا أرضعت له. والمِلح والمَلح: الرضاع - بالكسر، والفتح. والممالحة: المراضعة، وهو من الملح بمعنى الحُرمة والحلف؛ لأنه سبب لثبوتها، والأصل فيه الملح المطيب به الطعام؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يطرحونه في النار مع الكبريت، ويتحالفون عليه، ويسمُّون تلك النار الهولة، وموقدها المهوِّل؛ قال أوس:
إذا استَقْبَلَتْهُ الشمسُ صدَّ بوجهه ... كما صَدَّ عن نار المُهَوِّلِ حَاِلفُ
ومنه حديثه: لا تُحرِّم الملحة والملحتان - وروى: الإملاجة والإملاجتان.
* * * أملجت بالجيم مثل أملحت. وملح الصبي أُمه وملجها: رضعها. والملج النكاح أيضا.
ويحكى أن أعرابيا استعدى على رجل والى البصرة، فقال: إن هذا شتمني. قال: وما قال لك؟ قال: قال لي ملجت أمك. قال الوالي: ما تقول؟ قال: كذب، إنما قلت: لمجت أمك: أي رضعتها.
ومنه حديث عبد الملك: إن عمرو بن سعيد قال له يوم قتله: أذكرك ملح فلانة. يعني امرأة أرضعتهما. إنما قالوا ذلك لأنَّ ظئره حليمة كانت من سعد بن بكر.
قال عبيد بن خالد: كنت رجلاً شاباًّ بالمدينة، فخرجت في بردين، وأنا مسبلهما، فطعنني رجل من خلفي إما بإصبعه وإما بقضيب كان معه؛ فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقلت: إنما هي ملحاء. قال: وإن كانت ملحاء، أما لك فيَّ أسوة.
هي تأنيث الأملح؛ وهي بردة بيضاء فيها خطوط من سواد. يقال: ثوب أملح وبردة ملحاء.
الصَّادق يعطي ثلاث خصال: الملحة والمحبة والمهابة.
* * * هي البركة، يقال: ملح الله فيه وهو مملوح فيه. وأصلها من قولهم: تملَّحت الماشية؛ إذا بدا فيها السِّمن من الربيع، وإن في المال لملحة من الربيع وتمليحا؛ إذا كان فيه شيء من بياض وشحم.
* * * ضرب أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم الأعرابي حين بال في المسجد؛ فقال: أحسنوا ملأكم.
أي خلقكم.
ومنه حديث الحسن رحمه الله: قال عبيدة بن أبي رائطة: أتيناه فازدحمنا على مدرجته مدرجة رثة، فقال: أحسنوا ملاءكم أيها المرءون، وما على البناء شفقاً ولكن عليكم فاربعوا.
المرءون: جمع مرء.
وعن يونس: ذهبنا إلى رؤبة فلما رآنا قال: أين يريدون المرؤن؟ انتصب شفقاً بفعل مضمر، كأنه أراد ما على البناء أشفق شفقاً.
اربعوا: أبقوا.
* * * في قصة جويرية بنت الحارث بن المصطلق: قال: وكانت امرأة ملاحة.
أي ذات ملاحة، وفعال مبالغة في فعيل، نحو كريم وكرام وكبير وكبار، وفعَّال مشدَّداً أبلغ منه.
* * * بعث رجلا إلى الجنً، فقال له: سر ثلاثا ملساً، حتى إذا لم تر شمسا، فاعلف بعيرا أو أشبع نفساً، حتى تأتي فتيات قعسا، ورجالا طلسا، ونساء خلسا.
الملس: الخفة والإسراع؛ يقال: ملس يملس ملساً؛ قال:
أَتَعْرِفُ الدار كأن لم تونس ... يملسُ فيها الريح كل مَملَس
وانتصابه على أنه صفة للثلاث ذات ملس: يريد سر ثلاث ليال تسرع فيهنّ؛ أو صفة لمصدر سر؛ كما قال سيبوية في قولهم: ساروا رويداً، أو على أنه ضرب من السير فنصب نصبه، أو على أنه حال من المأمور، أو على إضمار فعله، كقولهم: إنما أنت سيرا.
القعس: نتوّ الصَّدر خلقة.
الطُّلسة: كالغبرة.
خلسا: سمراً قد خالط بياضهن سواد، من قولهم شعرٌ مخلسٌ وخليس.
والخلاسيّ: الولد بين أبوين أسود وأبيض، والديك بين دجاجتين هندية وفارسية، وفي واحدته ثلاثة أوجه: أن يكون فعلاء تقديرا، وأن يكون خليساً، أو خلاسيَّة على تقدير حذف الزائدتين، كأنك جمعت خلاسا، والقياس خُلُس، نحو نذر وكُنز في جمع نذير وكناز فخُفِّف.
* * * عمر رضي الله عنه - ليس على عربي ملك؛ ولسنا بنازعين من يد رجل شيئاً أسلم عليه، ولكنَّا نقوِّمهم الملَّة على آبائهم خمساً من الإبل.
الملة: الدية. عن ابن الأعرابي، وجمعها ملل. قال: وأنشد أبو المكارم:
غَنَائِم الفِتْيَان أيام الوَهَل ... ومِنَ عَطَايا الرؤساء والملَل
يريد هذه الإبل بعضها غنائم، وبعضها من الصلات، وبعضها من الديات؛ أي جمعت من هذه الوجوه لي. وسميت ملة لأنها مقلوبة عن القود، كما سميت غيرة؛ لأنها مغيرة عنه، من مللت الخبزة في النار، وهو فلبكها حتى تنضج، ومنه التململ على الفراش، وقد استعيرت هنا لما يجب أداؤه على أبي المسبي من الإبل.

وكان من مذهب عمر فيمن سُبي من العرب في الجاهلية فأدركه الإسلام وهو عند من سباه أن يُرَدَّ حُراًّ إلى نسبه، وتكون قيمته عليه يؤديها إلى السابي، وذلك خمسٌ من الإبل.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - لما افتتحنا خيبر إذا أناس من يهود مجتمعون على خبزة لهم يملُّونها فطردناهم عنها، فأخذناها فاقتسمناها، فأصابني كسرة ، وقد كان بلغني أنه من أكل الخبز سمن، فلما أكلتها جعلت أنظر في عطفي هل سمنت.
يقال: ملّ الخبزة في الملَّة؛ وهي الرماد والجمرة؛ إذا أنضجها. وكذلك كل شيء تنضجه في الجمر. وقال في صفة الحرباء:
كأنَّ ضَاحِيَه في النار مَمْلُول
وامتَلَّ الرجل امتلالا؛ إذا اختبز في الملَّةِ.
* * * ابن عباس رضي الله عنهما - سألته امرأة: أ أُنفق من مالي ما شئت؟ قال: نعم، أملقي مالك ما شئت.
يقال: أملق ما معه إملاقاً، وملقه ملقاً إذا لم يحبسه، وأخرجه من يده. وهو من قولهم: أملق من الأمر وأملس، أي أفلت. وأملق الخضاب: املاس وذهب وخاتم قلق وملق. قال أوس:
ولما رأيتُ العُدْمَ قَيَّدَ نَائِلِي ... وأَمْلَقَ ما عندي خُطُوبٌ تَنَبَّلُ
وقولهم: أملق، إذا افتقر، جارٍ مجرى الكناية؛ لأنه إذا أخرج ماله من يده ردفه الفقر؛ فاستعمل لفظ السبب في موضع المسبَّب.
* * * أنس رضي الله تعالى عنه - البصرة إحدى المؤتفكات، فانزل في ضواحيها، وإياك والمملكة.
ملك الطريق وملكه وملاكه ومملكته؛ وسطه.
* * * الأحنف رضي الله عنه: كان أملط.
يقال: رجل أمرط، لا شعر على جسده وصدره إلا قليل؛ فإن ذهب كله إلا الرأس واللحية فهو أملط؛ وقد ملط ملطاً وملطة. يقال: سهم أمرط وأملط، ومارط ومالط؛ إذا ذهب ريشه.
* * * الحسن رحمه الله: ذُكرت له النورة؛ فقال: أتريدون أن يكون جلدي كجلد الشاة المملوحة.
هي التي حُلق صوفها. يقال: ملحت الشاة، إذا سمطتها أيضا.
ومنه حديث عبد الملك قال لعمرو بن حريث: أي الطعام أكلته أحبّ إليك؟ قال: عناق قد أُجيد تمليحها، وأُحكم نضجها. قال: ما صنعت شيئاً! أين أنت عن عمروس راضعٍ، وقد أُجيد سمطه وأُحكم نضجه، اختجلت إليك رجله فأتبعتها يده، يجري بشريجين من لبن وسمن.
وهو من الملحة؛ لأنها إذا سمطت وجرِّدت من الصوف ابيضَّت، وقيل: تمليحها تسمينها، من الجزور المملح، وهو السمين.
والعمروس: الحمل.
الاختلاج: الاجتذاب.
الشريجان: الخليطان؛ وهذا شريج هذا وشرجه؛ أي مثله.
* * * المختار - لما قتل عمر بن سعد جعل رأسه في ملاح.
قال النضر: الملاح المخلاة، بلغة هذيل. وأنشد:
ربَّ عَاتٍ أتَوْا به في وثَاق ... خاضع أوْ بِرَأسِه في مِلاَحِ
وقيل: هو سنان الرمح أيضاً؛ أي جعل رأسه في مخلاة وعلقها، أو نصبه على رأس الرمح.
* * * في الحديث: يقضي في الملطي بدمها.
الملطي والملطاة - وفي كتاب العين: الملطاء بوزن الحرباء.
وعن أبي عبيد: الملطي القشرة بين لحم الرأس وعظمه؛ وهي السمحاق؛ كأن العظم قد ملط به كما تملط الحائط بالطين. وقيل له سمحاق لرقته، ويقال للغيم الرقيق سماحيق؛ السلى. ثم إنهم قالوا للشجعة التي تقطع اللحم كله وتبلغ هذه القشرة ملطي وسمحاق؛ تسمية لها باسم القشرة، والميم في الملطي من أصل الكلمة، بدليل قولهم: الملط، والألف إلحاقية كالتي في معزى ودفلى، والملطاة كالحفراة والعزهاة.
والمعنى أن الحكومة فيها ساعة يشج لا يستأني لها ولا ينتظر مصير أمرها.
وقوله: بدمها في موضع الحال، ولا يتعلق بيقضى، ولكن بعامل مضمر، كأنه قيل: يقضى فيها ملتبسة بدمها، وذلك في حال الشجِّ وسيلان الدم.
* * * الملأ في " طع " . وفي " ست " . الأملوج في " صب " . ملك الأملاك في " نخ " . المل في " سف " . ملئ في " ذم " . ملحاء في " نم " . والاستملاق في " رف " . من ملة في " خذ " . مملقها في " زف " . مليلة في " ذو " . يملخ في " بض " . مملكة في " قن " . ملأ كسائها في " غث " . أملكوا العجين في " ري " .
* * *
الميم مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من منح منحة ورق، أو منح لبناً كان له كعدل رقبة أو نسمة.
منحة الورق: القرض، ومنجة اللبن أن يعير أخاه ناقته أو شاته فيحتلبها مدّة ثم يردّها.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: العارية مؤادَّاة، والمنحة مردودة، والدين مقضيٌّ، والزعيم غارم.

ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الصدقة المنيحة تغدو بعساء وتروح بعساء.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من منح منحة وكوفا فله كذا وكذا.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: من منحه المشركون أرضاً فلا أرض له.
ومنه قوله: هل من رجل يمنح من إبله ناقة أهل بيت لا درَّ لهم تغدو برفد وتروح برفد، إن أجرها لعظيم.
وفي حديث ابن عباس رضي اله عنهما: إن رجلا قال له: إن في حجري يتيما، وإن له إبلا في إبلي فأنا أمنح من إبلي وأُفقر. فما يحلُّ لي من إبله؟ فقال: إن كنت ترُدُّ نادَّتها، وتهنأ جرباها، وتلوط حوضها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك حلبا، أو في حلب.
العساء: العساس: جمع عسّ.
الوكوف: الغزيرة.
منحة المشركين: أن يعير الذمي المسلم أرضا ليزدرعها، فخراجها على الذمي لا يُسقطه عنه منحته المسلم، والمسلم لا شيء عليه، فكأنه لا أرض له في أنه لا خراج عليه.
الرَّفد: القدح.
الإفقار: الإعارة للركوب.
النادّة: النافرة.
تلوط: تطيِّن.
النَّهك: استيعاب ما في الضرع.
الكمأة من المنِّ، وماؤها شفاءٌ للعين.
شبهها بالمنّ الذي كان ينزل على بني إسرائيل وهو الترنجبين؛ لأنه كان يأتيهم عفواً من غير تعب، وهذه لا تحتاج إلى زرع ولا سقي ولا غيره، وماؤها نافع للعين مخلوطاً بغيره من الأدوية لا مفرداً.
* * * إذا تمنَّى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه.
ليس هذا بمناقض لقوله تعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ الله به بَعْضَكمْ عَلَى بَعْض). فإن ذلك نهي عن تمني الرجل مال أخيه بغياً وحسداً، وهذا تمن على الله خيراً في دينه ودنياه وطلب من خزانته، فهو نظير قوله: (وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِه).
* * * ما من الناس أحد أمن علينا في صحبته ولا ذات يده من ابن أبي قحافة.
أي أكثر منةً، أي نعمة.
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة يشنأهم الله: الفقير المختال، والبخيل المنان، والبيع المحتال. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة يكلمهم الله يوم القيامة: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منه، والمنفق سلعته بالحلف الفاجرة، والمسبل إزاره؛ فمن الاعتداد بالصنيعة.
* * * عن مسلم الخزاعي رضي الله عنه: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنشد ينشده:
لا تأمَنَنَّ وإنْ أَمْسَيْتَ في حَرَم ... حتى تُلاَقيَ ما يَمْنِي لَكَ المَانِي
فالخيرُ والشرُّ مَقْرُونَانِ في قَرَنٍ ... بكلِّ ذلك يأتيكَ الجَدِيدَانِ
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لو أدرك هذا الإسلام! فبكى أبي؛ فقلت: أتبكى لمشرك مات في الجاهلية؟ قال أبي: والله ما مشركة تلقفت من المشرك خيرا من سويد بن عامر.
منى إذا قدر، ومنه المنية والتَّمنِّى.
* * * جابر رضي الله تعالى عنه - كنت منيح أصحابي يوم بدر.
هو أحد السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها، وهي السَّفيح والمنيح والوغد ومن قيل بعض أهل العصر:
لي في الدنيا سهام ... ليس فيهن رَبِيح
وأساميهنّ وَغْد ... وسَفِيح ومَنِيح
أراد أنه لم يُضرب له سهم لصغره.
عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهما - رآه الحجاج قاعداً مع عبد الملك بن مروان، فقال له: أتُقعد ابن العمشاء معك على سريرك؟ لا أمّ له! فقال عروة: أنا لا أمّ لي! وأنا ابن عجائز الجنة! ولكن إن شئت أخبرتك من لا أم له يا بن المتمنية! فقال عبد الملك: أقسمت عليك أن تفعل، فكفَّ عروة.
المتمنية: هي الفريعة بنت همَّام أم الحجاج، وهي القائلة:
هل مِنْ سبيلٍ إلى خَمْرٍ فأشربَها ... أم من سبيلٍ إلى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ
وقصَّتها مستقصاة في كتاب المستقصي.
مجاهد رحمه الله تعالى - إن الحرم حرمٌ مناه من السموات السبع والأرضين السبع، وأنه رابع أربعة عشر بيتا، في كل سماء بيت، وفي كل أرض بيت، لو سقطت لسقط بعضها على بعض.
أي قصده وحذاؤه، وقد سبق.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - ليس الإيمان بالتمني ولا بالترجي ولا بالتجلي، ولكن ما وقر في القلب وصدَّقته الأعمال.
قالوا: هو من تمني إذا قرأ، وأنشدوا لمن رثى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه:
تَمَنَّى كتابَ الله أَوَّلَ ليلةٍ ... وآخِرَها لاقَى حَام المقَادِرِ

أي ليس بالقول الذي تظهره بلسانك فقط، ولكن يجب أن تتبعه معرفة القلب.
وقر: أثر.
* * * ومنح في " تب " . من ومن في " رج " . منا الكعبة في " ضر " . ولا تمنيت في " خب " . من لي في " شع " . المنية في " قر " . منحة في " شر " . المنيحة في " قص " . ولا منانة في " حن " . أو ليمنحها في " خب " . ومنحتها في " طر " . من منعت ممنوع في " قع " .
* * *
الميم مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعوف بن مالك: أمسك ستًّا تكون قبل الساعة: أوَّلهن موت نبيكم، وموتان يقع في الناس كقعاص الغنم، وهدنة تكون بينك وبين بني الأصفر، فيغدرون بكم فتسيرون إليهم في ثمانين غابة، تحت كل غابة اثنا عشر ألفا - وروى: غاية.
الموتان، بوزن البطلان: الموات الواقع. وأما الموتان بوزن الحيوان فضدّه. يقال: اشتر من الموتان لا تشتر من الحيوان. ومنه قيل للموات من الأرض: الموتان.
وفي الحديث: موتان الأرض لله ورسوله، فمن أحيا منها شيئاً فهو له.
القعاص: داء يقعص منه الغنم.
الغابة: الأجمة، شبَّه بها كثرة السلاح.
الغابة: الرَّاية.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - إذا أجريت الماء على الماء جزى عنك.
عين الماء واوٌ ولامه هاء؛ ولذلك صُغِّر وكُسِّر بمويه وأمواه، وقد جاء أمواء. قال:
وبَلْدَةٍ قَالِصة أًمْواؤُها
أي إذا صببت الماء على البول في الأرض فجرى عليه طهر المكان.
جزى: قضى.
* * * اللبن لا يموت.
يعني إذا فارق الثَّدي وشربه الصبيّ.
* * * لما قدم صلى الله عليه وآله وسلم الشام عرضت له مخاضة؛ فنزل عن بعيره ونزع موقيه، وخاض الماء.
أي خُفَّيه؛ قال النمر بن تولب:
فَتَرى النِّعَاجَ العُفْر تَمْشِي خَلْفَه ... مَشْي العِبَادِيِّين في الأَمْوَاقِ
* * * مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه - لما أسلم قالت له أمه: والله لا ألبس خمارا، ولا أستظل أبداً، ولا آكل ولا أشرب حتى تدع ما أنت عليه - وكانت امرأة ميلة. فقال أخوه أبو عزير بن عمير: يا أمه؛ دعيني وإياه فإنه غلام عاف، ولو أصابه بعض الجوع لترك ما هو عليه فحبسه.
* * * ميِّلة: ذات مال، يقال: مال يمال فهو مالٌ وميِّل على فعل وفعيل.
فسَّروا العافي بالوافر اللحم، من عفا الشيء إذا كثر، والصحيح أن يكون من العفوة وهي الصفوة والعفاوة، والعافي: صفوة المرقة. ووجدنا مكاناً عفواً، أي سهلا. والمراد ذو الصفوة والسهولة من العيش، يعني أنه ألف التنعم فيعمل فيه الجوع ويضجره.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - ذكر هاجر فقال: تلك أمكم يا بني ماء السماء! وكانت أمة لأمِّ إسحاق سارّة.
قيل: يريد العرب لأنهم ينزلون البوادي فيعيشون بماء السماء فكأنهم أولاده.
* * * ابن المسيب رحمه الله تعالى - قال أبو حازم: إن ناسا انطلقوا إليه يسألونه عن بعير لهم فجئه الموت، فلم يجدوا ما يذكونه به إلا عصاً فنحروه بها، فسألوه وأنا معهم؛ فقال: وإن كانت مارت فيه موراً فكلوه، وإن كنتم إنما ثرَّدتموه فلا تأكلوه.
أي قطعته ومرَّت في لحمه؛ يقال: مار السنان في المطعون. قال:
وأنتم أناسٌ تَقْمِصُون من القَنَا ... إذا مَارَ في أكتافكم وتأَطَّرَا
وتقول: فلان لا يدري ما سائرٌ من مائر؛ فالمائر: السيف القاطع الذي يمور في الضريبة موراً، والسَّائر: بيت الشعر المرويّ المشهور.
التثريد: ألاَّ يكون ما يُذكى به حادًّا فيتكسر المذبح، ويتشظَّى من غير قطع.
* * * ماؤنا في " دك " . مستميتين في " ضل " . فالموتة في " هم " . بموقعها في " دل " . ماصوه في " غم " . ماء عذابا في " شج " .
* * *
الميم مع الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - خطب يوم الجمعة، فقال: ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم جمعته سوى ثوبي مهنته.
أي بذلته - وقد روى الكسر، وهو عند الأثبات خطأ، قال الأصمعي: المهنة - بفتح الميم: الخدمة، ولا يقال مهنة بكسر الميم، وكان القياس لو قيل مثل جلسة وخدمة، إلا أنه جاء على فعلة واحدة.
ومهنهم يَمْهَنُهُم ويُمهنهم: خدمهم.
وفي حديث سلمان: أكره أن أجمع على ماهني مهنتين.
أراد مثل الطبخ والخبز في وقت واحد.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - أوصى في مرضه فقال: ادفنوني في ثوبيَّ هذين، فإنما هما للمهل والتراب - وروى: للمهلة - وروى: للمهلة، بالكسر.

ثلاثتها الصديد والقيح الذي يذوب فيسيل من الجسد، ومنه قيل للنُّحاس الذائب: المُهل.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: إنه سئل عن المهل فأذاب فضَّةً فجعلت تميع وتلوَّن؛ فقال: هذا من أشبه ما أنتم راءون بالمهل.
التميع: تفعل، من ماع الشيء، إذا ذاب وسال.
* * * علي رضي الله عنه: إذا سرتم إلى العدو فمهلا مهلاً، فإذا وقعت العين على العين فمهلاً مهلاً.
الساكن: الرِّفق، والمتحرك: التقدم. ومنه تمَّهل: في كذا، إذا تقدَّم فيه.
* * * ابن عباس رضي الله عنه - قال لعتبة بن سفيان وقد أثنى عليه فأحسن: أمهيت يا أبا الوليد.
أمهيت؛ أي بالغت في الثناء، من أمهى الحافر إذا بلغ الماء، ومنه أمهى الفرس في جريه؛ إذا بلغ الشأو، وهو قلب أماه؛ ووزنه أفلع.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قال يونس بن جبير: سألته عن رجل طلَّق امرأته وهي حائض. قال: يُراجعها ثم يطلِّقها في قُبُل عدَّتها. قلت: فتعتد بها؟ قال: فمه؟ أ رأيت إن عجز؛ واستحمق.
أراد فما؟ فألحق هاء السكت؛ وهي ما الاستفهامية.
استحمق: صار أحمق وفَعَل فِعْل الحمقى، كاستنوك واستنوق الجمل، والمعنى: إن تطليقه إياها في حال الحيض عجزٌ وحمقٌ، فهل يقوم ذلك عذراً له حتى لا يُعتدّ بتطليقته.
* * * ابن عبد العزيز رحمه الله - قال: إن رجلا سأل ربَّه أن يريه موقع الشيطان من قلب ابن آدم؛ فرأى فيما يرى النائم جسد رجل ممهى يرى داخله من خارجه، ورأى الشيطان في صورة ضفدع له خرطوم كخرطوم البعوضة؛ قد أدخله من منكبه الأيسر إلى قلبه يوسوس إليه، فإذا ذكر الله خنسه.
أي صُفِّي فأشبه المها، وهو البلور. أو هو مقلوب من مموَّه، وهو مفَّعل من أصل الماء أي مجعول ماء.
خنسه: أخَّره.
* * * الممتهشة في " حل " . مهاننا في " عذ " . مهيم في " وض " . الأمهق في " مع " . ممهى الناب في " رج " . مهله في " قح " . ولا المهين في " شذ " . مهما في " لب " .
* * * الميم مع الياء النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا تهلك أُمتي حتى يكون التمايل والتَّمايز والمعامع.
أي ميل بعضهم على بعض، وتظالمهم وتميُّز بعضهم عن بعض، وتحزبهم أحزاباً لوقوع العصبية.
والمعامع: الحروب والفتن، من معمعة النار.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كان أبو عثمان النهديُّ يكثر أن يقول: لو كان عمر ميزاناً ما كان فيه ميط شعرةٍ.
مال وماد وماط أخوات. قال الكسائي: ماط عليَّ في حكمه يميط، وفي حكمه عليَّ ميط؛ أي جور. وقال أبو زيد مثل ذلك وأنشد لحميد الأرقط:
حتى شفى السّيفُ قُسُوط القَاسِطِ ... وضِغْن ذي الضِّغْنِ ومَيْطَ المائط
وقال أيمن بن خريم:
إنَّ للفتنة مَيْطاً بَيننَا ... فرُويَد الميط منها يَعْتَدلْ
* * * عليّ رضي الله تعالى عنه - أمر الناس بشيء وهو على المنبر، فقام رجال؛ فقالوا: لا نفعله، فقال: اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء؛ اللهمَّ سلِّط عليهم غلام ثقيف، اعلموا أن من فاز بكم فقد فاز بالقدح الأخيب.
ماثه يميثه ويموثه: أذابه. وقيل لأعرابي من بني عذرة: ما بال قلوبكم كأنها قلوب طير تنماث كما ينماث الملح في الماء؟ أما تجلدون. فقال: إنا ننظر إلى محاجر أعين لا تنظرون إليها.
القدح الأخيب: الذي لا نصيب له.
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - قال لأنس: عُجِّلت الدنيا وغُيِّبت الآخرة، أما والله لو عاينوها ما عدلوا ولا ميّلوا.
يقال: إن لأميل بين أمرين؛ وأُمايل بينهما أيهما آي وأيهما أُفضل. قال عمران بن حطان:
لما رأوا مَخْرَجاً مِنْ كُفْر قَوْمِهم ... مَضَوْا فيما مَيَّلوا فيه ولا عَدَلوا
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قالت له امرأة إني أمتشط الميلاء. فقال عكرمة: رأسك تبع لقلبك، فإن استقام قلبك استقام رأسك؛ وإن مال قلبك مال رأسك.
هي مشطة معروفة عندهم.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - سُئل عن فأرة وقعت في السمن. فقال: إن كان مائعاً فألقه كله، وإن كان جامسا فألق الفأرة وما حولها وكُلْ ما بقي.
كل ذائب جار فهو مائع، ومنه ماع الفرس؛ إذا جرى، وميعته: نشاطه وحركته، وميعة الشباب: شِرَّته وقلة وقاره.
الجامس: الجامد.
* * * كان في بيته الميسوسن، فقال: أخرجوه فإنه رجس.
هو شراب تجعله النساء في شعورهن - كلمة معرَّبة.
* * *

ابن عبد العزيز رحمه الله: دعا بإبل فأمارها.
أي حملها ميرة.
* * * النخعي رحمه الله - استماز رجل من رجل به بلاء فابتُلي به.
أي تحاشى وتباعد. قال النابغة:
وَلَكِنَّنِي كنتُ امْرَأً ليَ جانِبٌ ... من الأرْضِ فيه مُسْتَمازٌ ومَذْهَبُ
* * * ماحة في " ذم " . يميع في " مه " . والمائلات والميملات في " كس " . المائرة في " عم " . ميساً في " قي " . فأمطت عن الطريق في " غف " .
* * * آخر حرف الميم

=======

حرف النون
النون مع الهمزة
أبو بكر رضي الله تعالى عنه - طوبى لمن مات في النأنأة.
أي في بدء الإسلام، حين كان ضعيفاً قبل أن يكثر أنصاره والداخلون فيه.
يقال: نأنأت عن الأمر نأنأة؛ إذا ضعفت عنه وعجزت، مثل كأكأت. ومنه رجل نأنأة ونأناء ونؤنوء: ضعيف عاجز. وقالوا: نأنأته بمعنى نهنهته، ومنه قالوا للضعيف: مُنأنأ، لأن الضعيف مكفوف عما يُقدم عليه القوى، ومطاوعه تنأنأ.
ومنه حديث علي رضي الله عنه: إنه قال لسليمان بن صرد: وكان تخلَّف عن يوم الجمل ثم أتاه بعد: تنأنأت وتربصت وتراخيت؛ فكيف رأيت الله صنع؟ ويجوز أن يريد حين كان الناس كافِّين عن تهييج الفتن هادئين.
* * * في الحديث: ادع ربك بأنأج ما تقدر عليه.
النئيج: والنئيم والنئيت أخوات في معنى الصوت؛ يقال: نأج إلى الله إذا تضرّع إليه وجأر، ونأجت الريح، وريح نأجة ونؤوج؛ أراد بأضرعه وأجأره.
* * * وتنأنأت في " رح " . النآئد في " عش " .
* * *
النون مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - نهى عن المنابذة والملامسة.
المنابذة: أن يقول لصاحبه انبذ إليّ المتاع أو أنبذه إليك. وقد وجب البيع بكذا.
وقيل: هو أن يقول إذا أنبذت الحصاة فقد وجب البيع.
وهو نحو حديثه صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الحصاة.
ورواه النضر: نهى عن المنابذة والإلفاء؛ قال: وهما واحد، وذلك أن يأخذ رجل حجراً في يده ويميل به نحو الأرض كأنه يمسك الميزان بيده، فيقول: إذا وجب البيع فيما بينكما؛ يعني فيما بين البائع والمشتري، ألقيت الحجر.
والملامسة: أن يقول: إذا لمست ثوبك أو لمست ثوبي فقد وجب البيع بكذا. وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء الثوب ولا ينظر إليه؛ وهذه بيوع الجاهلية، وكلها غرر؛ فلذلك نهى عنها.
* * * أتاه صلى الله عليه وآله وسلم عدي بن حاتم فأمر له بمنبذة، وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرمه - وروى: كريمة قوم.
هي الوسادة: لأنها تنيذ، أي تطرح للجلوس عليها، كما قيل مسورة لأنه يُسار عليها.
* * * لما أتاه صلى الله عليه وآله وسلم ماعز بن مالك فأقرَّ عنده بالزِّنا ردَّه صلى الله عليه وآله وسلم مرتين، ثم أمر برجمه؛ فلما ذهبوا به قال: يعمد أحدكم إذا غزا الناس فينبُّ كما ينب التيس، يخدع إحداهن بالكثبة لا أُي بأحد فعل ذلك إلا نكَّلت به.
النبيب والهبيب: صوت التيس عند سفاده.
ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه: ليكلمني بعضكم ولا تنبوا نبيب التيوس.
الكثبة: القليل من اللبن، وكذلك كل شيء مجتمع إذا كان قليلا. قال ذو الرمة:
أَبْعَارُهُنَّ على أَبْدَانِها كُثَبُ
* * * انتهى صلى الله عليه وآله وسلم إلى قبر منبوذ فصلى عليه.
أي بعيد من القبور؛ من قولهم: فلان نبذ الدار ومنتبذها؛ أي نازحها، وهو من النبذ: الطرح، كما قالوا للبعيد طرح. قال الأعشى:
وتُرَى نَارُك من ناءٍ طَرَحْ
وقولهم: جلس نبذة. معناه مسافة نبذة شيء، كما يقولون غلوة ورمية حجر - وروى: إلى قبر منبوذ على الإضافة، أي إلى قبر لقيط.
* * * قيل له صلى الله عليه وآله وسلم: يا بنئ الله، فقال: إنَّا معشر قريش لا ننبر - وروى: إن رجلا قال: يا بنئ الله. فقال: لا تنبر باسمي فإنما أنا نبيُّ الله.
النبئ: فعيل من النبأ، لأنه أنبأ عن الله. ومنه قول العرب: إن مسيلمة لنبئ سوء. وقول عباس بن مرداس:
يا خاتَم النُّبَآءِ إنك مُرْسَلٌ ... بالحَقِّ كلُّ هَدَى السَّبِيلِ هُدَاكا
وسائغ في مثله التحقيق والتخفيف. كالنسئ والوضئ، وما أشبه ذلك، إلا أنه غلب في استعمالهم أن يخففوا النبي والبرية.
النَّبر: الهمز.
* * * خطب صلى الله عليه وآله وسلم يوما بالنباوة من الطائف.
هي موضع معروف، وأصلها الشرف من الأرض.

* * * خرج صلى الله عليه وآله وسلم إلى ينبع حين وادع بني مدلج وبني ضمرة، فأهدت له أم سليلة رطبا سخَّلا فقبله.
ينبع: موضع بين مكة والمدينة.
السَّل: الشِّيص، وقال عيسى بن عمر: إذ اقترنت البسرتان والثلاث في مكان واحد سمي السّخَّل - الخاء شديدة. يعني بالاقتران اجتماعها ودخول بعضها في بعض. وقد سخَّلَت النخلة. وقيل: رجال سُخَّل؛ أي ضعفاء، من ذاك.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كتب إلى أهل حمص: لا تنبِّطوا في المدائن، ولا تعلِّموا أبكار أولادكم كتاب النصارى، وتمعززوا وكونوا عربا خشنا.
أي لا تشبَّهوا بالأنباط في سكنى المدائن والنزول بالأرياف؛ أو في اتخاذ العقار واعتقاد المزارع، وكونوا مستعدِّين للغزو، مستوفزين للجهاد.
الأبكار: الأحداث.
تمعززوا: من المعز، وهو الشدة والصلابة، ورجل ماعز، وما أمعزه من رجل! ومنه المعزاء. ولا يجوز أن يكون من العزَّة وإن كانت بمعنى الشدة، لأن نحو تمسكن وتمدرع شاذ.
الخُشن: جمع أخشن.
* * * سعد رضي الله تعالى عنه - لما ذهب الناس يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل سعد يرمي بين يديه وفتى يُنبِّله، كلما نفدت نبله نبَّله ويقول: ارمِ أبا إسحاق، ثم طلبوا الفتى بعدُ فلم يقدروا عليه.
يقال: استبلني نبلا فأنبلته ونبَّلته، إذا أعطيته إياها، ثم استعمل في مناولة كل شيء. قال:
فلا تَجْفُوَاني وانْبُلانِي بكسوة
* * * عمار رضي الله عنه - سمع رجل يسب عائشة رضي الله عنها، فقال له بعدما لكزه لكزات: أ أنت تسبُّ حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ اقعد منبوحاً مقبوحاً مشقوحاً.
المنبوح: المشتوم، يقال: نبحتني كلابُ فلان وهرتني؛ إذا أتتك شتائمه وأذاه. ومنه قول أبي ذؤيب:
وما هَّرها كلبي ليُبْعِدَ نَفْرَهَا ... ولو نَبَحَتْنِي بالشَّكاَةِ كِلاَُبها
يريد لو أسمعني قرابتها القول القبيح لم أسمعهم إلا الجميل لكرامتها على.
المقبوح: المطرود.
والمشقوح: إتباع. وقيل: هو من الشقح بمعنى الشج، يقال: لأشقحنك شقح الجوز بالجندل.
* * * ابن عمر رضى الله عنهما - أن أهل النار ليدعون يامالك، فيدعهم أربعين عاما ثم يرد عليهم أنكم ما كثون، فيدعون ربهم مثل الدنيا فيرد عليهم: اجسئوا فيها ولا تكلمون. فما ينبسون عند ذلك، ما هو إلا الزفير وإلا الشهيق.
أي ما ينطقون.
وعن مروان بن أبي حفصة: أنشدت السرى بن عبد الله فلم ينبس: وقال رؤبة:
وإذا تُشَدّ بنسْعِها لا تَنْبس
ِوأصل النبس الحركة، والنابس المتحرك، ولم يستعمل إلا في النفي.
* * * قتادة رحمة الله - ما كان بالبصرة رجل أعلم من حميد غير أن النباوة أضرت به.
النباوة والنبوة: الارتفاع.
وقال الأصمعي: النباوة والرباوة والربوة والنبوة : الشرف من الأرض. وقد نبا ينبو إذا ارتفع - عن قطرب؛ ومنه زعم اشتقاق النبي. وهو غير متقبل عند محققه أصحابنا ولا معرج عليه.
والمعنى غير أن طلب الشرف والرياسة أضر به وحرمه التقدم في العلم.
* * * الشعبي رحمة الله - قال في رجل قال لآخر يانبطي: لا حد عليه؛ كلنا نبط.
هب إلى ماتقدم من قول ابن عباس: نحن معاشر قريش حي من النبط من أهل كوثى.
وسموا نبطا، لأنهم يستنبطون المياه.
* * * في الحديث: لايصلى على النبيء.
هو المكان المرتفع المحدودب، يقال: نبأت أنبأ نبأ ونبوءا؛ إذا ارتفعت.وكل مرتفع نابيء - عن أبي يزيد.
* * * منتبر في " تف " . نابل في " عل " . ليسنبطها في " غل " . انبجانية في " سن " منتبرا في " جذ " الأنابيب في " فر " . نبغ في " سح " .
النون مع التاء
النبي صلى الله عليه وسلم - عليكم بالأبكار، فأنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير.
وروى: فإنهن أفتح أرحاما، وأعذب أفواها، وأغر غرة.
وروى: فإنهن أغر أخلاقا، وأرضى باليسير.
النتق: النفض. يقال: نتق الجرب إذا نفضا ونثر ما فيها. وقال:
يَنْتُقْن أقتادَ الشَّلِيل نَتقْا
ومنه: فلان لا يبق ولا ينطق، وقيل للكثرة الأولاد ناتق. قال:
بنو ناتقٍ كانت كثيراً عِيالها
كما قال ذو الرمة:
تَرَى كُفْأَتيهْا تُنْفَضاَنِ ولم تَجِدْ ... لها ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتَاجَيْنِ لاَمِسُ

هكذما روى: " غرة " بالضم. وقيل: هي من البياض ونصوح اللون؛ لأن الأيمة تحيل اللون، أو من حسن الخلق والعشرة.
وغرة كل شيء خياره، وما أحسب هذه الرواية إلا تحريفا، والصواب أغرغرة بالكسر، من الغرارة، ووصفهن بذلك مما لا يفتقر إلى مصداق.
* * * أبو بكر رضى الله تعالى عنه - سقى لبناً فارتاب به أنه لم يحل له شربه، فاستنتل يتقيأ.
نتل واستنتل إذا تقدَّم، نحو قدم واستقدم، ومنه تناتل النبت؛ إذا كان بعضه أطول من بعض، كأن بعضه نتل بعضا.
وفي حديثه رضي الله عنه: إنَّ عبد الرحمن ابنه برز يوم بدر، فقال: هل من مبارز؟ فتركه الناس لكرامة أبيه، اتنتل أبو بكر ومعه سيفه.
وفي حديث الزهري: قال سعد بن إبراهيم: ما سبقنا ابن شهاب من العلم بشيء إلا أنا كُنا نأتي المجلس فيستنتل ويشدّ ثوبه على صدره، ويدَّعم على عسرائه، ولا يبرح حتى يسأل عما يريد.
أي يتقدم أمام القوم.
ابن شهاب: هو الزهري، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد لله بن شهاب.
العسراء: تأنيث الأعسر، يريد يده العسراء، وأحسبه كان أعسر.
* * * ابن عباس رضي الله عنهما - إن في الجنة بساطا منتوخا بالذهب.
النتخ: النسج - عن ابن الأعرابي.
* * * في الحديث: إن أحدكم يعذَّب في قبره، فيقال: إنه لم يكن يستنتر عند بوله.
وفي حديث آخر: إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات.
النتر: جذب فيه جفوة، ومنه نترني فلان بكلامه؛ إذا شدَّده لك وغلظه، واستنتر: طلب النتر، وحرص عليه، واهتم به.
* * * فاستنتل في " صب " . نتره في " لب " . ونتجناهما في " نو " . النتر في " زن " . نتاق في " ضر " . نتحوا في " تل " . تتاح في " قط " .
* * *
النون مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا توضأت فانثر، وإذا استجمرت فأوتر.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا توضأ أحدكم فليجعل الماء في أنفه ثم لينثر.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان توضأ يستنشق ثلاثا في كل مرة يستنثر.
يقال: نثر ينثر وانتثر واستنثر؛ إذا استنشق الماء ثم استخرج ما في أنفه ونثره.
وقال الفراء: هو أن يستنشق ويحرك النَّثرة. ورواه أبو عبيد: فأنثر؛ أي أدخل الماء نثرتك - بقطع الهمزة، وغيره يصل؛ ويستشهد بقوله: ثم ينثر - بفتح حرف المضارعة.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - كان ينثل درعه إذ جاء سهم فوقع في نحره، فقال: بسم الله، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
نثل درعه: صبَّها على نفسه، والنَّثرة والنَّثلة: الدِّرع، لأن صاحبها ينثلها على نفسه وينثرها؛ أي يصبُّها ويشنُّها.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - الجراد نثرة حوتٍ.
أي عطسته، يقال: نثرت الشاة تنثر نثيرا إذا عطست، والمراد أنَّ الجراد من صيد البحر كالسمك يحلُّ للمُحرم أن يصيده.
* * * لا تنثي في " اب " . تنث في " هل " . تنثل في " قص " . نثد في " وه " . نثور في " حل " . نثطها في " ثن " .
* * *
النون مع الجيم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر الرجل الذي يدخل الجنة آخر الخلق؛ قال: فيسأل ربَّه فيقول: أي ربِّ قدِّمني إلى الجنة فأكون تحت نجاف الجنة.
النِّجاف، والدوَّارة. الذي يستقبل الباب من أعلى الأُسكفة. وفي كتاب الأزهري: يقال لأنف الباب: الرِّتاج، ولدرونده: النِّجاف والنَّجران، ولمترسه: القُنَّاح.
* * * إن قريشا لما خرجت في غزوة أُحد، فنزلوا الأبواء قالت هند بنت عتبة لأبي سفيان ابن حرب: لو نجثتم قبر آمنة أم محمد، فإنه بالأبواء.
نجث ونبث ونقث أخوات، في معنى النَّبش وإثارة التراب. والنَّجيثة والنَّبيثة والنَّقيثة: تراب البئر. والنَّجث: استخراج الحديث.
ومنه حديث عمر: انجثوا لي ما عند المغيرة فإنه كتَّامة للحديث.
* * * لا تناجشوا ولا تدابروا.
النَّجش: أن يريد الإنسان أن يبيع بياعة فتساومه بها بثمن كثير لينظر إليك ناظر فيقع فيها.
ومنه الحديث: إنه نهى عن النجش - وروى: لا نجش في الإسلام.
وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى: النَّاجش هو آكل رباً خائن.
وأصل النَّجش الإثارة، يقال: نجش الصيد إذا أثاره.
التدابر: التقاطع، وأن يولي الرجل صاحبه دبره.
* * * رأى امرأة تطوف بالبيت عليها مناجد من ذهب؛ فقال: أيسرك أن يحليك الله مناجد من نار؟ قالت: لا. قال: فأدّى زكاتها.

هي حلىّ مكللة بالفصوص مزينة بالجواهر. جمع منجد، أي مزيّن، من قولهم: بيت منجّد؛ أي مزين، ونجوده: ستوره التي تشد على حيطانه يزيَّن بها.
وعن أبي سعيد الضرير: واحدها منجد. وهو من لؤلؤ أو ذهب أو قرنفل في عرض شبر يأخذ من العنق إلى أسفل الثديين. وسُمِّي بذلك، لأنه يقع على موقع نجاد السيف.
* * * ما طلع النجم قطّ وفي الأرض من العاهة شيء إلا رُفع.
أراد الثريا، وهو أحد الأجناس الغالبة، وهو مع نظائره ملخَّص في كتاب المفصّل.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قال له رجل: أخبرني عن قريش. قال: أما نحن بنو هاشم فأنجاد أمجاد، وأما إخواننا بنو أمية فقادة أدبة ذادة.
الأنجاد: جمع نَجُد ونَجِد، وهو الشجاع.
الأمجاد: جمع ماجد، كشاهد وأشهاد.
قادة: يقودون الجيوش. يروي أن قصياًّ حين قسَّم مكارمه أعطى القيادة عبد مناف، ثم وليها عبد شمس، ثم أمية بن عبد شمس، ثم حرب بن أمية، ثم أبو سفيان.
الأدبة: جمه آداب من المأدبة.
الذَّادة: الذائدون عن الحريم.
* * * دخل عليه المقداد بن الأسود بالسُّقيا وهو ينجع بكرات له دقيقا وخبطا.
النجوع: المديد. وهو ماء ببزر أو دقيق تسقاه الإبل، وقد نجعتها به ونجعتها إياه.
ومنه حديث أُبيّ: إنه سُئل عن النبيذ، فقال: عليك بالماء! عليك بالسَّوِيق، عليك باللبن الذي نُجعت به؛ فعاودته، فقال: كأنك تريد الخمر.
أي سقيته في الصِّغر.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - الأنعام من نواجب القرآن أو نجائب القرآن.
قال شمر: نواجب القرآن عتاقه، وهو من قولهم: نجبته إذا قشرت نجبته؛ أي لحاءه، وتركت لبابه وخالصه.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - ما من صاحب إبل لا يؤدي حقَّها إلا بُعثت له يوم القيامة أسمن ما كانت، على أكتافها أمثال النَّواجذ شحماً، تدعونه أنتم الروادف، مُحلس أخفافها شوكاً من حديد، ثم يبطح لها بقاع قرق؛ فتضرب وجهه بأخفافها وشوكها. ألا وفي وبرها حق، وسيجد أحدكم امرأته قد ملأت عكمها من وبر الإبل، فليناهزها فليقتطع فليرسل إلى جاره الذي لا وبر له. وما من صاحب نخل لا يودِّي حقها إلا بعث عليه يوم القيامة سعفها وليفها وكرانيفها أشاجع تنهسه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
النواجد: طرائق الشحم، جمع ناجدة؛ من النجد، وهو الارتفاع.
والروادف: مثلها. مُحلس: أي أُحلست شوكا بمعنى طُورقت به وأُلزمته، من قولهم للاَّزم مكانه لا يبرح: مستحلس وحلس، وفلان من أحلاس الخيل.
العكم: العدل.
النَّهز: النهوض لتناول الشيء.
والمناهزة: المغالبة في ذلك، ومنه ناهزته السَّبق.
الأشاجع: جمع أشجع؛ وهو الحيَّة الذّكر. قال جرير:
قد عَضَّه فقَضَى عَلَيْه الأشْجَعُ
* * * عمرو رضي الله عنه - في قصة خروجه إلى النجاشي: إنه جلس على منجاف السفينة؛ فدفعه عمارة بن الورد في البحر.
قيل: هو سُكانها؛ أي ذنبها الذي به تُعدِّل، وكأنه ما تُنْجَف به السفينة، من نجفت السهم إذا بريته وعدلته. قال كعب بن مالك:
ومنجوفة حرمية صاعِدَيّة ... يذر عليها السهم ساعَة تصْنَع
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قال: اجتمع شرب من أهل الأنبار وبين أيديهم ناجود، فغنّى ناخمهم: ألا فاسقياني قبل خيل أبي بكر.
قال الأزهري: الناجود: الرَّاووق نفسه، والناجود: كل إناء يُجعل فيه الشراب، والناجود: الخمر والزعفران والدم.
النَّخم: أجود الغناء - عن ابن الأعرابي.
* * * في الحديث: ردُّوا نجأة السائل بلقمة.
نجأة بعينه إذا لقعه نجأ ونجأة. قال:
ولا تَخْشَ نَجْئِ إنني لكَ مُبْغِضٌ ... وهل تنجأُ العَيْنُ البغيضَ المشوَّهَا
وأنت تتنجأ أموال الناس، أي تتعرض لتصيبها بعينك حسداً أو حرصاً على المال. ورجل نجئ العين، ونجؤ ونجوء بالقصر والمد.
وقال النضر: النجأة بوزن الفجأة، يقال: رُدَّ نجأتهم وصلهم. وفلان يرُدّ بالفلذ نجأة السائلين.
وفيه معنيان: أحدهما أن ترحم السائل من مدِّ عينه إلى طعامك شهوةً له وحرصاً على أن يتناول منه؛ فتدفع إليه ما تقصر به طرفه، وتقمع به شهوته.
والثاني: أن تحذر إصابته بعينه؛ لفرط تحديقه وحرصه فتدفع عينه بشيء تزله إليه.
* * * في حديث الشورى: وكانت امرأة نجودا.

أي ذات رأي. وهو من نجد نجداً، إذا جهد جهدا، كأنها التي تجهد رأيها في الأمور. ومنه قولهم: رجل مُنجَّد، بمعنى منجَّذ وهو المجرّب.
* * * استنجينا في " بج " . مناجل في " خت " . نجدتها في " فد " . لنتفجت في " فر " . إبان نجومه في " قح " . نواجذه في " لث " . والمنجدة في " مس " . ولا منجد في " وض " . النجدة في " عد " . أناجيلهم في " شم " . تنج في " حد " . طويل النجاد في " عث " .
* * *
النون مع الحاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر قوماً من أصحابه قتلوا. فقال: ليتني غودرت من أصحاب نُحْص الجبل.
هو أصله وسفحه. تمنى أن يكون قد استشهد مع المستشهدين يوم أُحد.
* * * دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم.
النحمة كالرزمة من النحيم، وهو النَّحيط: صوت من الجوف؛ ورجل نحم. وبذلك سُمي نعيم النَّحَّام.
* * * لو يعلم الناس ما في الصف الأول اقتتلوا عليه؛ وما تقدموا إلا بنحبةٍ.
أي بقرعةٍ من المناحبة، وهي المخاطرة على الشيء؛ ويقال للمراهن: المنحَّب - عن أبي عمرو، والمفضل.
* * * بعث سرية قبل أرض بني سليم، وأميرهم المنذر بن عمرو أخو بني ساعدة، فلما كان ببعض الطريق بعثوا حرام بن ملحان بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما أتاهم انتحى له عامر بن الطفيل فقتله ثم قتل المنذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعنق ليموت، وتخلف منهم ثلاثة، فهم يتبعون السرية، فإذا الطريق يرميهم بالعلق. قالوا: قُتل والله أصحابنا، إنا لنعرف ما كانوا ليقتلوا عامراً وبني سليم وهم النَّديّ.
انتحى له: عرض له. قال ذو الرمة:
نَهْوضٌ بأُخراها إذا ما انْتَحى لها ... من الأرْضِ نهاض الحَرَابِيّ أَغبر
أعنق: من العنق؛ وهو سير فسيح، أي ساقته المنية إلى مصرعه.
العلق: الدم الجامد قبل أن ييبس.
النديّ: القوم المجتمعون.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - قال لابن عباس: هل لك أن أناحبك، وترفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أي أُنافرك وأحاكمك على أن ترفع ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقرابته منك. يعني أنه لا يقصر عنه فيما عدا ذلك من المفاخرة، فأما هذا وحده فغامر لجميع مكارمه وفضائله لا يقاومه إذا عدَّه.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - رأى رجلا ينتحي في السجود، فقال: لا تشن صورتك.
أي يعتمد على جبهته حتى يؤثِّر فيه السجود، وكل من جدَّ في أمر فقد انتحى فيه، ومنه انتحى الفرس في عدوه.
* * * الحسن رحمه الله - طلب هذا العلم ثلاثة أصناف من الناس.
فصنف تعلموه للمراء والجهل.
وصنفٌ تعلَّموه للاستطالة والختل.
وصنف تعلَّموه للتققّه والعقل.
فصاحب التفقه والعقل ذو كآبة وحزن، قد تنحى في برنسه، وقام الليل في حندسه؛ قد أوكدتاه يداه، وأعمدتاه رجلاه؛ فهو مقبل على شأنه، عارفٌ بأهل زمانه، قد استوحش من كلِّ ذي ثقة من إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه - وذكر الصنفين الآخرين.
تنحى: أي تعمّد للعبادة، وتوجه لها وصار في ناحيتها. قال:
تَنَحَّى له عمرٌو فشكَّ ضُلُوعَه ... بنافِلةٍ نَجْلاء والخيلُ تَضْبُر
أو تجنب الناس وجعل نفسه في ناحية منهم.
وكده وأوكده ووكده بمعنى، إذا قوَّاه.
قال أبو عبيد: عمدت الشيء إذا أقمته، وأعمدته إذا جعلت تحته عمدا، يريد أنه لا ينفكُّ مصلِّيا معتمداً على يديه في السجود، وعلى رجليه في القيام، فوصف يديه ورجليه بذلك ليؤذن بطول إعماله لها.
ويجوز أن يكون أوكدتاه من الوكد وهو العمل والجهد، وأعمدتاه من العميد، وهو المريض، ويريد أن دوام كونه ساجداً وقائماً قد جهده وشفّه.
الألف: علامة التثنية، وليست بضمير، وهي في اللغة الطائية.
* * * نحلة في " بر " . نحلا في " دح " . متناحرتان في " سد " .
* * *
النون مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنَّ أصحاب النجاشي كلموا جعفر بن أبي طالب، فسألوه عن عيسى عليه السلام؛ فقال جعفر: هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول؛ فقال النجاشي: والله ما يزيد عيسى على ما تقول مثل هذه النُّفاثة من سواكي هذا.
وفيه: إن عمرو بن العاص دل على النجاشي، وهو إذ ذاك مشرك. فقال النَّجاشي: نخِّروا - وروى: نجِّروا، بالجيم.

قيل: معناه تكلّموا. فإن كانت الكلمتان عربيتين فهما من النخير وهو الصوت. ومنه قولهم: ما بها ناخر أي مصوِّت.
والنَّجر: هو السوق؛ أي سوقوا الكلام سوقا.
* * * إن أنخع الأسماء عند الله أن يتسمى الرجل باسم ملك الأملاك. وروى: أخنع. أي أقتلها لصاحبه وأهلكها له، من النخع في الذبيحة وهو إصابة النّخاع.
ومنه الحديث: ألا لا تنخعوا الذبيحة حتى تجب.
وأخنعها؛ أي أدخلها في الخنوع وهو الذل والضعّة.
ملك الأملاك: نحو قولهم شاها نشاه. قيل معناه: أن يتسمى باسم الله الذي هو ملك الأملاك، مثل أن يتسمى بالعزيز أو الجبار، أو ما يدلُّ على معنى الكبرياء التي هي رداء ربِّ العزة، من نازعه إياها فهو هالك.
* * * إنَّ المؤمن لا تصيبه مصيبة ذعرة، ولا عثرة قدم، ولا اختلاج عرق، ولا نخبة نملة إلا بذنب. وما يعفو الله أكثر - وروى: نختة ونجبة.
النُّخبة: العضَّة. يقال: نخبته النملة والقملة، والنَّخب: خرق الجلد، ومنه قيل لخرق الثَّفر: النُّخبة.
والنَّختة؛ من نخت الطائر بخرطومه اللحم، وفلان ينختني بالكلام؛ أي يقع فيَّ وينال مني. والنَّخت والنَّتخ والنَّتف أخوات.
والنَّجبة: مثل الغرزة والقرصة، كأنها من نجب الشجرة إذا قشرها، وهو كقوله تعالى: (وَما أَصَابكُم مِن مُصِيبةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيديكم ويَعْفُو عَن كَثِير).
وفي الحديث: ما أصاب المؤمن من مكروه فهو كفارة لخطاياه حتى نخبة النملة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أُتي بسكران في شهر رمضان، فقال: للمنخرين للمنخرين، أصبياننا صيامٌ وأنت مفطر! أي كَبَّة الله لمنخريه.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - ويل للقلب النَّخيب، والجوف الرَّغيب، ولا يبالي بقول الطَّبيب.
هو الفاسد النغل، وهو من قولهم للجبان الذي لا فؤاد له: نخيب ونخب، وقد نخب قلبه ونخب، كأنما نُزع؛ لأن أصله من نخبت الشيء وانتخبته، ومنه الانتخاب للاختيار. ونخبة الشيء: خياره، كأنك انتزعته من بين الأشياء.
رجل رغيب: واسع الجوف أكول، وقد رغب رغبا، ومنه الرُّغب شؤم، وأصله من الرغبة، ومنه وادٍ رغيب؛ إذا كان كثير الأخذ للماء، وفي ضده زهيد. وقول الحجاج: ائتوني بسيف رغيب؛ أي عريض الصفحتين.
* * * عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه - رُئي على بغلة قد شمط وجهها هرما، فقيل له: أتركب هذه وأنت على أكرم ناخرة بمصر؟ فقال: لا بلل عندي لدابتي ما حملت رجلي.
قيل: هي الخيل، لأنها تنخر نخيرا؛ وهو الصوت الخارج من الأنف. ويجوز أن يريد الأناسي؛ من قولهم: ما الدار ناخر؛ أي مصوِّت.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - كان لنا جيران من الأنصار ونعم الجيران؛ كانوا يمنحوننا شيئاً من ألبانهم، شيئاً من شعير ننخشه.
أي نقشره ونعزل عنه قشرة، ومنه: نخش الرجل إذا هزل، كأنَّ لحمه قد نخش عنه.
* * * في الحديث: لا يقبل الله من الدعاء إلا الناخلة.
أي المنخولة الخالصة، وهو من باب: سر كاتم.
* * * ناخمهم في " نج " . النخة في " جب " . بنخرة في " كن " . والنخة في " زخ " . ونخوة في " كل " .
* * *
النون مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - هذا كتاب من محمد رسول الله لأكيدر؛ حين أجاب إلى الإسلام؛ وخلع الأنداد والأصنام، حين أجاب إلى الإسلام؛ وخلع الأنداد والأصنام، مع خالد بن الوليد سيف الله في دوماء الجندل وأكنافها: إن لنا الضَّاحية من الضَّحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة والسلاح، ولكم الضامنة من النخيل والمعين من المعمور، لا تُعدل سارحتكم، ولا تعدُّ فاردتكم، ولا يُحظر عليكم النبات؛ تقيمون الصلاة لوقتها؛ وتؤتون الزكاة بحقها، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه.
النِّدُّ والنَّديد والنَّديدة: مثل الشيء الذي يضاده في أموره ويناده؛ أي يخالفه؛ من ندَّ البعير إذا نفر واستعصى.
الضاحية: الخارجة من العمارة، وهي خلاف الضامنة.
الضَّحل: الماء القليل.
البور - بالفتح والضم: فمن ضمَّ فقد ذهب إلى جمع البوار. قال الأصمعي: أرض بوار: أي خراب، وقد بارت الأرض إذا لم تزرع. قال عدي بن زيد:
لم يبق منها إلاَّ مراوحُ طَايا ... ت وبُورٌ تَضْغُو ثَعَالِبها
ونظيره عوان وعون.

ومن فتح فقد ذهب إلى المصدر، وقد يكون المصدر بالضم أيضا؛ ويدلُّ على ذلك قولهم: شيء بائر وبار وبور. وقولهم: رجل بور وقوم بور، والوصف بالمصدر غير عزيز.
المعامي: الأغفال، وهي الأرضون المجهولة؛ جمع معمي، وهو موضع العنى، كقولك مجهل.
الحلقة: الدُّروع.
لا تُعدل: لا تُصرف عن مرعى تريده.
لا يُحظر النبات: أي لا تمنعون من الزراعة حيث شئتم.
* * * من مات ولم يشرك بالله شيئاً ولم يتندَّ من الدَّم الحرام بشيء دخل من أي أبواب الجنة شاء.
هو من قولهم: ما نديني من فلان شيء أكرهه؛ أي ما بلَّني ولا أصابني، وما نديت كفِّي له بشر، ولا نديت بشيء تكرهه. قال النابغة:
ما إن نَدِيتُ بشيء أنت تَكرهُه ... إذَنْ فلا رفَعتْ سَوْطِي إلىَّ يَدِي
* * * ركب فرسا له أُنثى فمرّت بشجرة، فطار منها طائر، فحادت فندر عنها على أرض غليظة. قال عبد الله بن مغفل: فأتيناه نسعى، فإذا هو جالس وعُرض ركبتيه وحرقفتيه ومنكبيه وعُرض وجهه مُنسحٍ، يبضّ ماءً أصفر.
ندر: سقط.
العرض: الجانب.
الحرقفتان: مجتمع رأس الفخذ ورأس الورك حيث يلتقيان من ظاهر؛ يقال للمريض إذا طالت ضجعته: قد دبرت حراقفه.
سحاه فانسحى؛ إذا قشره، وكل جلد رقيق سحاء.
يبض: يقطر.
* * * عمر رضي الله عنه - ندر رجل في مجلسه فأمر القوم كلهم بالتطهر لئلا يخجل.
النادر: من الندرة، وهي الخضفة بالعجلة، يقال: ندر بها.
* * * إياكم ورضاع السوء؛ فإنه لابد من أن يندم يوماً ما.
أي يظهر أثره؛ والندم الأثر - عن ابن الأعرابي، سُمي للزومه من الندم، وهو من الغمِّ اللازم، إذ يندم صاحبه لما يعثر عليه في العاقبة من سوء آثاره.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - خرجت بفرس لي أُنَدِّيهِ.
التندية: أن يورده الماء ثم يرده إلى المرعى ساعة ثم يعيده إلى الماء. يقال: نديت الفرس أو البعير، وندا هو يندو ندواً. والندوة والنداوة والمندى: مكان التندية. قال:
جدب المُنَدَّى يَابِس ثمَامه
ومنه حديث أحد الحيين اللذين تنازعا في موضع، فقال أحدهما: مسرح بهمنا، ومخرج نسائنا، ومُندَّى خيلنا. وقال:
تُرَادَى عَلَى ماء الحِياض فإن تَعَفْ ... فإنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فرُكوب
والتندية أيضا: أن يعرقه بقدر ما يُندِّي لبده ولا يستفرغه عرقاً.
* * * أبو هريرة رضي الله عنه - دخل المسجد وهو يندس الأرض برجله.
أي يضرب، قال الأصمعي: ندسته بحجر: ضربته. وندسته وردسته: طعنته. وقال الكميت:
ونَحْنُ صبَحْنَا آلَ نَجْرَانَ غَارةً ... تَمِيمَ بنَ مُرٍّ والرِّمَاحَ النَّوَادِسَا
* * * مجاهد رحمه الله - قال في قوله تعالى: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُود): ليس بالندب، ولكنه صفرة الوجوه والخشوع.
هو أثر الجراحة إذا لم يرتفع عن الجلد.
* * * الحجاج - كتب إلى عامله بالطائف: أرسل إلي بعسل أخضر في السِّقاء، أبيض في الإناء، من عسل الندغ والسحاء، من حداب بني شبابة.
هما من نبات الجبال ترعاهما النَّحل، قال أبو عمر: النَّدغ: شجرة خضراء لها ثمرة بيضاء، الواحدة ندغه. وقال القتيبي: هو السعتر البري، وزعم الأطباء أن عسل السعتر أمتن العسل وأشد حرارة، وأنشد الجاحظ لخلف الأحمر:
هاتيك أو عصماء في أعلى الشرف ... تظل في الظَّيَّانِ والنَّدْغِ الأَلِف
وعن أبي خيرة: السِّحاء: شجرة صغيرة مثل الكفِّ لها شوك وزهرةٌ حمراء في بياض، تسمى زهرتها البهرمة.
وعن يعقوب: الضبّ يألفه ويوصف به، فيقال: ضبٌّ ساح حابل؛ أي يرعى السِّحاء والحُبلة.
بنو شبابة: قوم بالطائف يُنسب إليهم العسل، فيقال عسل شبابي.
* * * وندر في " زل " . ندا في " رم " . النادي في " غث " . الندى في " نح " . نادح في " بش " . الندوة في " حك " . نادتها في " من " . ندهته في " له " . لمندوحة في " عر " . تندحيه في " سد " .
* * *
النون مع الزاي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال طوبى للغرباء. فقيل: من هم يا رسول الله؟ قال: التُّزَّاع من القبائل.
هو جمع نازع، يقال للغريب: نازع ونزيع، وأصله في الإبل. قال:
فقلتُ لهم تَعْذِلُوني وانْظُرُوا ... إلى النازِعِ المَقْصُور كيف يكونُ

قيل له نازع؛ لأنه ينزع إلى وطنه، ونزع عن الآفة، والمراد المهاجرون.
صلَّى صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فلما سلم من صلاته قال: مالي أنازع القرآن؟ أي أجاذبه؛ وذلك أن بعض المأمومين قرأ خلفه.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل فإذا مر بآية فيها ذكر الجنة سأل، وإذا مر بآية فيها ذكر النار تعوذ، وإذا مر بآية فيها تنزيه الله سبح.
أصل النَّزه: البعد، وتنزيه الله: تبعيده عمالا يجوز عليه من النقائص.
* * * إن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سار معه صلى الله عليه وآله وسلم ليلا، فسأله عن شيء فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه. فقال عمر: ثكلتك أمك يا عمر! نزرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مراراً لا يجيبك.
يقال: نزرت الرجل إذا كددته في السؤال، وطلبت ما عنده جميعاً، من النزر وهو القليل، كأنك أردت أخذ نزره واشتفافه، قال:
فخُذْ عَفْوَ من آتاك لا تَنْزُرَنَّهُ ... فعندَ بُلُوغ الكَدِّ رَنْق المَشَارِبِ
ثم استعمل في كل إلحاح وإحفاء؛ يريد ألححت عليه مراراً.
* * * أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - ذكر الأبدال فقال: ليسوا بنزاكين ولا معجبين ولا متماوتين.
أي طعانين في الناس عيابين؛ من النيزك وهو دون الرمح.
ومنه حديث ابن عون رحمه الله تعالى: إنه ذكر عنده شهر بن حوشب، فقال: إن شهراً نزكوه.
أي طعنوا عليه، ومنه قيل للمرأة المعيبة: نزيكة.
* * * ابن الزبير رضي الله تعالى - حضّ على الزهد، وذكر أن ما يكفي الإنسان قليل؛ فنزعه إنسان من أهل المسجد بنزيغةٍ؛ ثم خبأ رأسه؛ فقال أين هذا؟ فلم يتكلم.
فقال: قاتله الله ضبح ضبحة الثعلب وقبع قبعة القنفذ.
نزغه ونسغه: رماه بكلمة سيئة - عن الأصمعي. وأنشد:
إنِّي عَلَى نَسْغِ الرِّجاَل النُّسَّغ ... أَعْلُوا وَعِرْضِي ليس بالمُمَشَّغِ
* * * سعيد رضي الله عنه - كانت المرأة من الأنصار إذا كانت نزرةً أو مقلاتاً تنذر لئن ولد لها لتجعلنه في اليهود، تلتمس بذلك طول بقائه. وهي النزور، أي القليلة الأولاد.
المقلات: التي لا يعيش لها ولد - كان ذلك قبل الإسلام.
* * * نزح في " فد " . ينزع وينزو في " خو " . نزهة في " غم " . ونزله في " دح " . النيزك في " عن " . انزه في " كذ " . بنزاع في " دي " .
* * *
النون مع السين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - شكوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم الضعف، فقال: عليكم بالنَّسل.
هو مقاربة الخطو من الإسراع.
ومنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ بأصحابه يمشون فشكوا الإعياء، فأمرهم أن ينسلوا.
* * * بعثت في نسم الساعة إن كادت لتسبقني.
أي حين ابتدأت وأقبلت أوائلها، وأصله نسم الريح، وهو أولها حين تقبل بلين قبل أن تشتدَّ.
قال أبو زيد: نسمت الريح تنسم نسيماً ونسماناً، إذا جاءت بنفس ضعيف.
وقيل: هو جمع نسمة، أي بعثت في أناس يلون الساعة، فأضاف النَّسم إلى الساعة لأنها تليها.
* * * كانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت أبي العاص بن الربيع، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة أرسلها إلى أبيها وهي نسوء؛ فأنفر بها المشركون بعيرها حتى سقطت، فنفثت الدماء مكانها، وألقت ما في بطنها، فلم تزل ضمنة حتى ماتت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
النَّسوء على فعول، والنسء على فعل. وقد روى قطرب: النُّسء - بالضم: المرأة المضنون بها الحمل لتأخر حيضها عن وقته، وقد نُسئت تنسأ نسأ، من نسأ الله في أجلك، فالنسوء كالحلوب والضبوث، والنسء - بالضم والفتح تسمية بالمصدر.
الإنفار: التنفير.
الضَّمنة: الزمنة.
* * * كان يعرض خيلاً، فقال رجل: خير الرجال رجال جاعو أرماحهم على مناسج خيولهم، لابسو البرود من أهل نجد. فقال: كذبت؛ بل خير الرجال رجال أهل اليمن، الإيمان يمان، آل لخم وجذام وعاملة.
المنسج: الكاهل. والمنسج مثله؛ كأنه شبه بالمنسج؛ وهو الآلة التي يمد عليها الثوب للنسج.

لخم وجذام: أخوان ابنا عدي بن عمرو بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ويقول بعض النسابين: انهما من ولد أراشة بن مر بن أدّ بن طابخة بن إلياس، وأراشة لحق باليمن، وعامله أخو عمرو، وكهلان وحمير والأشعر وأنمار ومرّ أبناء سبأ. ونساب مضر على أن عامله من ولد قاسط بن وائل. وكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما اختص بذكره هؤلاء لمكان عرقهم من مضر.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - كان رجلا نسابة، فوقف على قوم من ربيعة. فقال: ممن القوم؟ فقالوا: من ربيعة. فقال: وأي ربيعة أنتم؛ أمن هامها أو من لهازمها؟ قالوا: بل من هامها العظمى. قال أبو بكر: ومن أيها؟ قالوا: من ذُهل الأكبر قال أبو بكر: فمنكم عوف الذي يُقال: لا حُرَّ بوادي عوف. قالوا: لا، قال: فمنكم المزدلف الحُرَّ صاحب العمامة الفردة. قالوا: لا. قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو القرى ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا. قال: فمنكم جساس بن مرَّة مانع الجار؟ قالوا: لا. قال: فمنكم الحوفزان؟ قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة. قالوا: لا. قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا. قال أبو بكر: فلستم بذهل الأكبر؛ إنما أنتم ذهل الأصغر.
فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بقل وجهه. فقال:
إنَّ على سائلنا أنْ نَسْأَلَه ... والعبءُ لا تعرفُه أو تَحْمِلَه
يا هذا، إنك قد سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئاً. فممن الرجل؟ قال أبو بكر: أنا من قريش. فقال: بخٍ بخٍ! أهل الشرف والرياسة، فمن أي القرشيين؟ قال: من ولد تيم بن مرَّة. فقال الفتى: أمكنت والله من سواء الثغرة. فمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر، وكان يُدعى في قريش مُجمِّعا؟ قال: لا. قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة الحمد مُطعم طير السماء؟ قال: لا. قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الندوة؟ قال: لا. قال: فمن أهل السقاية؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحجابة؟ قال: لا. فاجتذب أبو بكر زمام الناقة؛ فقال الفتى:
صادَفَ دَرْءَ السيل دَرْءٌ يَدْفَعه ... يَهِيضُه حِيناً وحيناً يَصْدَعُهْ
وفي الحديث: إن علياً رضي الله تعالى عنه قال له: لقد وقعت يا أبا بكر من الأعرابي على باقعة. فقال: أجل يا أبا حسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة.
النَّسَّابة: البليغ العلم بالأنساب.
اللهازم: أُصول الحنكين؛ الواحدة لهزمة. يريد، أمن أشرافها أم من أوساطها؟ ويقول النسابون: بكر بن وائل على جذمين: جذم يقال له الذهلان؛ وجذم يقال اللهازم؛ فالذهلان بنو شيبان بن ثعلبة، وبنو ذهل بن ثعلبة. واللهازم: بنو قيس بن ثعلبة، وبنو تيم اللات بن ثعلبة. قال الفرزدق:
وأرضى بحكم الحيِّ بكر بن وائل ... إذا كان في الذُّهْلَيْن أو في اللّهازِم
عوف بن محلم بن ذهل، وكان عزيزاً شريفاً فقيل فيه: لا حرّ بوادي عوف، أي الناس له كالعبيد والخول. ولهم القبَّة التي يقال لها المعاذة، من لجأ إليها أعاذوه.
أبو القرى: متولية وصاحبه.
مانع الجار: لمنعه خالته البسوس، وقتله كليباً في سببها.
الحوفزان: هو الحارث بن شريك بن مطر، ولُقب بذلك لأن بسطاما حفزه بالرمح فاقتلعه عن سرجه؛ وكان أحد الشجعان.
المزدلف: كان يسمى الخصيب، ويكنى بأبي ربيعة، ولًقب بذلك لأنه قال في حرب كليب، ازدلفوا قوسي أو قدرها: أي تقدموا في الحرب بقدر قوسي. وكان إذا ركب لم يعتم مع غيره.
سواء الثغرة: يريد وسط تغرة النحر. وسواء كل شيء: وسطه - وروى: من صفاة الثغرة.
قصي: هو زيد بن كلاب بن مرة؛ ولقب بذلك لأنه قصا قومه أي تقصاهم وهم بالشام فنقلهم إلى مكة. وكان يدعى أيضا مجمعاً. قال:
أبُوكُمْ قُصَيٌّ كان يُدْعى مُجَمِّعاً ... بِهِ جَمَع اللهُ القبائل من فِهْر
هاشم: هو عمرو بن عبد مناف، ولُقب بذلك لأن قومه أصابتهم مجاعة، فبعث عيراً إلى الشام وحمَّلا كعكا؛ ونحر جزراً وطبخها وأطعم الناس الثريد.

شيبة الحمد: هو عبد المطلب بن هاشم، ولُقب بذلك لأنه لما ولد كانت في رأسه شعرة بيضاء، وسُمي مطعم طير السماء؛ لأنه حين أخذ في حفر زمزم - وكانت قد اندفنت - جعلت قريش تهزأ به، فقال: اللهم إن سقيت الحجيج ذبحت لك بعض ولدي؛ فأسقى الحجيج منها؛ فأقرع بين ولده، فخرجت القرعة على ابنه عبد الله. فقالت أخواله بنو مخزوم: أرض ربك وافد ابنك، فجاء بعشر من الإبل فخرجت القرعة على ابنه، فلم يزل يزيد عشراً عشراً، وكانت القرعة تخرج على ابنه، إلى أن بلغها المائة فخرجت على الإبل، فنحرها بمكة في رءوس الجبال؛ فسُمي مُطعم الطير، وجرت السُنة في الدية بمائة من الإبل. كانت الإفاضة في الجاهلية إلى الأخزم بن العاص الملقب بصوفة، ولم تزل في ولده حتى انقرضوا فصارت في عدوان يتوارثونها حتى كان الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة العدواني صاحب الحمار. وقيل: كان قصي قد حازها إلى ما حاز من سائر المكارم. وقد قسم مكارمه بين ولده فأعطى عبد مناف السقاية والندوة، وعبد الدار الحجابة واللواء، وعبد العزى الرفادة، وعبد قصي جلهة الوادي.
درء السيل - بفتح الدال وضمها: هجومه. يقال: سال الوادي درءاً ودرءاً إذا سال من مطر غير أرضه، وسال ظهراً وظهراً، إذا سال من مطر أرضه.
الباقعة: الداهية.
الطامة: الداهية العظيمة، من طمَّ الماء؛ إذا ارتفع.
* * * عمر رضي الله عنه - كان ينسّ الناس بعد العشاء بالدرة. ويقول: انصرفوا إلى بيوتكم.
أثبته أبو عبيد هكذا بالسين غير المعجمة، وقال في رواية المحدثين إياه بالشين: لعله ينوش، أي يتناول. وعن ابن الأعرابي: النشّ: السوق الرفيق. وعن شمر: نسَّ ونسنس، ونشَّ ونشنش، بمعنى ساق وطرد.
* * * قال رضي الله عنه - من يدلني على نسيج وحده؟ فقال له أبو موسى: ما نعلمه غيرك. فقال: ما هي إلا إبل موقع ظهورها.
الثوب إذا كان نفيسا لا ينسج على منواله غيره، فقيل ذلك لكل من أرادوا المبالغة في مدحه. أراد من يدلني على رجل لا يُضاهي في دينه.
الموقَّع: الذي يكثر آثار الدَّبر عليه، ضرب ذلك مثلاً لعيوبه.
* * * أتى قوما وهم يرمون، فقال: ارتموا، فإن الرَّمي جلادة، وانتسئوا عن البيوت، لا تُطمّ امرأة أو صبي يسمع كلامكم؛ فإن القوم إذا خلوا تكلموا - وروى: وبنِّسوا.
الانتساء: افتعال من النساء، وهو التأخير، نسأه فانتسأ؛ أي تأخر؛ قال ابن زغبة:
إذا انتسئوا فَوْتَ الرِّماحِ أتَتْهُم ... عَوَائِرُ نَبْلٍ كالْجَرَادِ نظيرها
وبنَّسوا بمعنها، قال ابن أحمر:
مَاوِيَّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَيَّدَهَا ... طَلٌّ وبَنَّسَ عَنْها فَرْقَدٌ خَصِر
لا تُطمّ امرأة: أي لا تغلب بكلمة تسمعها من الكلم التي فيها رفث ولا يملأ صدرها بها؛ من طمَّه وطمَّ عليه إذا غلبه، وطمَّ الإناء إذا ملاه. أولا تشخص بها ولا تقلق ولا تستفز؛ من أطمَّ الشيء إذا رفعه وشاله. والبحر المطمّ الذي يُطمَّ كل شيء؛ أي يرفعه. أو لا تضل؛ من قول أبي زيد: دعه يترمع في طمَّته؛ أي يتسكع في ضلالته. ولو روى: لا تطم امرأة، من طمت المرأة بزوجها إذا نشزت لكان وجها.
* * * خالد رضي الله تعالى عنه - انصرف عمرو بن العاص عن بلاد الحبشة، يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليسلم، فلقيه خالد وهو مقبل من مكة، فقال: أين يا أبا سليمان؟ فقال: والله لقد استقام المنسم، وإن الرجل لنبي، اذهب فأسلم.
أصل هذا من قول الناشد: إذا عثر على أثر منسم بعيره فاتَّبعه: استقام المنسم صار مثلا في استقامة كل أمرٍ، ويجوز أن يكون بمعنى المذهب والمتوجه الواضح، من نسم ي أثر، أي تبين. قال الأحوص:
وإن أَظْلَمَتْ يوماً على الناسِ طَخْيَة ... أضاءَ بكُم يا آلَ مَرْوَان مَنِسم
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - ذهب الناس وبقي النسناس.
هم يأجوج ومأجوج - عن ابن الأعرابي؛ والنون مكسورة. وقيل: خلقُ على صورة الناس أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء، وليسوا من بني آدم، ويقال: بل هم من بني آدم.
وفي الحديث: إن حيًّا من عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا لكل إنسان منهم يد ورجل من شقٍّ واحد ينقزون كما ينقز الطائر، ويرعون كما ترعى البهائم. ويقال: إن أولئك انقرضوا، والذين هم على تلك الخلقة ليسوا من نسل أولئك، ولكنهم خلق على حدة.

وقال الجاحظ: زعم بعضهم أنهم ثلاثة أجناس: ناس ونسناس ونسانس. وعن أبي سعيد الضرير: النسانس: الإناث منهم. وأنشد قول الكميت:
وإن جمعوا نْسنَاسَهم والنَّسَانِسَا
وقد تفتح النون. وقيل: النسنسة الضعف. وبها سمي النسناس لضعف خلقهم.
* * * في الحديث: تنكبوا الغبار فمنه يكون النَّسمة.
أي الربو؛ لأنه ريح تخرج من الجوف، ونسم الشيء ريحه.
* * * لا تستنسئوا الشيطان.
يعني إذا أردتم خيرا فعجِّلوه ولا تؤخِّروه، ولا تستمهلوا الشيطان فيه؛ لأنَّ مريد الخير إذا تباطأ في فعله فكأنَّ تلك مهلة مطلوبة من الشيطان.
* * * نسل في " يج " . ونسلناها في " زو " . ونس في " ضم " . نسرا في " فض " . ينس في " شذ " . الناسة في " بك " . ينسب في " جر " . نساء في " سن " . نسيسها في " عك " . والنس في " رس " .
* * *
النون مع الشين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن للشيطان نشوقا ولعوقا ودساما.
أي ما ينشقه الإنسان إنشاقا، وهو جعله في أنفه، ويلعقه إياه، ويدسم به أُذنيه؛ أي يسدُّ؛ يعني أن وساوسه ما وجدت منفذا دخلت فيه.
* * * دخل صلى الله عليه وآله وسلم إلى خديجة رضي الله عنها يخطبها، ودخلت عليها مستنشية من مولدات قريش، فقالت: أمحمد هذا؟ والذي يحلف به إن جاء لخاطبا.
هي الكاهنة؛ لأنها تتعاطى علم الأكوان والأحداث وتستحثها؛ من قولك: فلان يستنشى الأخبار. ويورى بالهمز؛ من انشأ الشيء إذا ابتدأه. والمستنشأ: المرفوع المجدَّد من الأعلام والصُّوى. وكل مجدد منشأ، والكاهنة تستحدث الأمور وتجدد الأخبار.
لم يُصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونشّ.
هو نصف الأوقية، وهو عشرون درهما، كأنه سُمي لقلته وخفَّته من النشنشة، وهي التحريك، والخفة والحركة من وادٍ واحد.
إذا نشأت بحريَّة ثم تشاءمت فتلك عين غديقة.
هو من قولهم: من أين نشأت وأنشأت؛ أي خرجت وابتدأت.
وأنشأ يفعل كذا؛ أي أخذ يفعل، نسب السحابة إلى البحر لأنه أراد كونها ناشئة من جهته، والبحر من المدينة في جانب اليمن، وهو الجانب الذي منه تهبّ الجنوب، فإذا نشأت منه السحابة ثم تشاءمت؛ أي أخذت نحو الشام، وهو الجانب الذي منه تهبّ الشمال، كانت غزيرة.
غديقة: أي كثيرة الماء.
وقوله: عين: تشبيه لها بالعين التي ينبع منها الماء.
* * * مرَّ صلى الله عليه وآله وسلم على قدر فانتشل عظماً منها وصلى ولم يتوضأ.
أي أخرجه قبل النضج، والنشيل: لحم يُطبخ بلا توابل فيُنشل فيُؤكل. ويقال للحديدة العقفاء التي ينشل بها: منشل ومنشال. والانتشال: إخراجه لنفسه كالاشتواء والاقتداد.
* * * ذكر له صلى الله عليه وآله وسلم رجل بالمدينة. فقيل: يا رسول الله؛ هو من أطول أهل المدينة صلاة، فأتاه فأخذ بعضده فنشله نشلات. وقال: إنَّ هذا أخذ بالعسر وترك اليسر - ثلاثا، ثم دفعه فخرج من باب المسجد.
أي جذبه جذبات كما يفعل من ينشل اللحم من القدر.
* * * كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نشَّافة ينشِّف بها غُسالة وجهه.
أي منديل يمسح به عند وضوئه.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - عن ابن عباس رضي الله عنهما: كان عمر إذا صلى جلس للناس، فمن كانت له حاجة كلمه، وإن لم يكن لأحد حاجة قام فدخل فصلى صلوات لا يجلس للناس فيهن، قال: فحضرت الباب، فقلت: يا يرفأ أ بأمير المؤمنين شكاة؟ فقال: ما بأمير المؤمنين من شكوى. فجلست فجاء عثمان بن عفان، فجاء يرفأ. فقال: قم يابن عفان. قم يابن عباس. فدخلنا على عمر فإذا بين يديه صبر من مالٍ على كل صبرة منها كتف. فقال عمر: إني نظرت في أهل المدينة فوجدتكما من أكثر أهلها عشيرة، فخذا هذا المال فاقتسماه، فما كان من فضل فرُدَّا. فأما عثمان فجثا وأما أنا فجثوت لركبتي. قلت: وإن كان نقصان رددت علينا. فقال عمر: نشنشة من أخشن - يعني حجر من جبل - أما كان هذا عند الله إذ محمد وأصحابه يأكلون القدّ؟ قلت: بلى والله، لقد كان عند الله ومحمد حيٌّ، ولو عليه كان فتح لصنع فيه غير الذي تصنع. قال: فغضب عمر، وقال: إذن صنع ماذا؟ قلت: إذن لأكل وأطعمنا. قال: فنشج عمر حتى اختلفت أضلاعه. ثم قال: وددت أني خرجت منها كفافا لا لي ولا عليَّ.
هكذا جاء في الحديث مع التفسير. وكأن الحجر سمي نشنشة من نشنشه ونصنصه إذا حرّكه.

والأخشن: الجبل الغليظ كالأخشب، والخشونة والخشوبة أختان.
وفيه معنيان: أحدهما أن يشبهه بأبيه العباس في شهامته ورميه بالجوابات المصيبة، ولم يكن لقريش مثل رأي العباس.
والثاني أن يريد أن كلمته هذه منه حجر من جبل، يعني أن مثلها يجيء من مثله، وأنه كالجبل في الرأي والعلم وهذه قطعة منه.
نشج نشيجا إذا بكى. وهو مثل بكاء الصبي إذا ضُرب فلم يخرج بكاؤه وردده في صدره.
ومنه حديثه رضي الله عنه: إنه صلى الفجر بالناس - وروى: العتمة، وقرأ سورة يوسف، حتى إذا جاء ذكر يوسف سُمع نشيجه خلف الصفوف - وروى: فلما انتهى إلى قوله: (قال إنما أَشْكُو بَثِّي وحُزْنِي إلى الله) نشَجَ.
فيه دليل على أن البكاء وإن ارتفع لا يقطع الصلاة إذا كان على سبيل الاذكار.
* * * عثمان رضي الله تعالى عنه - لما نشَّمَ الناس في أمره جاء عبد الرحمن بن أبزى إلى أُبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر، ما المخرج؟ يقال: نشَّب في الأمر ونشَّم فيه إذا ابتدأ فيه ونال منه، عاقبت الميم الباء، ومنه قالوا: النّشم والنَّشب: للشجر الذي يتخذ منه القسيّ؛ لأنه من آلات النشوب في الشيء، والباء الأصل فيه، لأنه أذهب في التصرف.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - قام إليه رجل بالبصرة، فقال: إنا أناس بهذه الأمصار، وإنه أتانا قتل أمير وتأمير آخر، وأتتنا بيعتك وبيعة أصحابك، فأنشدك الله لا تكن أول من غدر. فقال طلحة: أنصتوني. ثم قال: إني أخذت فأدخلت في الحش وقربوا فوضعوا الُّلجَّ على قفَّى وقالوا: لتبايعن أو لنقتلنك؛ فبايعت وأنا مكره.
أنشدك الله: أسألك به. وقد مرَّ فيه كلام.
ومنه حديث أبي ذرّ رضي الله عنه: إنه قال للقوم الذين حضروا وفاته: أنشدكم الله والإسلام، أن يكفنني رجل كان أميراً أو عريفا أو بريدا أو نقيبا.
أنصتوني: من الإنصات وهو السكوت للاستماع، وتعدّيه بإلى وحذفه.
الحشَّ: البستان.
شبه السيف بلجِّ البحر في كثرة مائه.
قفيَّ: أي قفاي - لغة طائية، وكانت عند طلحة امرأة من طيّ. ويقال: إن طيا لا تأخذ من لغة، ويؤخذ من لغاتها.
البريد: الرسول.
النقيب: الأمير على القوم، وقد نقب نقابة.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنشغ.
أي شهق شهيقاً يبلغ به الغشى شوقاً إليه. قال رؤبة:
عَرَفْتُ أَنِّي نَاشِغٌ في النُّشَّغِ ... إلَيْكَ أَرْجُو مِنْ نَدَاكَ الأسْبَغِ
أي شديد الشوق إليك.
ومنه الحديث: لا تعجلوا بتغطية وجه الميت حتى ينشغ أو يتنشغ.
وعن الأصمعي: النَّشغات عند الموت فوقات خفيَّات جدًّا.
* * * عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه - رأيت فيما يرى النائم كأنَّ سببا دلي من السماء فانتشط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم أُعيد؛ فانتشط أبو بكر.
أي نُزع؛ من نشطت الدلو من البئر إذا نزعتها بغير قائمة.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - خرج ونشره أمامه.
هو ما يسطع وينشر بكرة من الريح الطيبة خاصة. قال المرقش:
الريح نَشْر والوُجُوه دَنَا ... نِيرٌ وأَطْرَاف الأكْفِّ عَنَمْ
ومنه قولهم: سمعت منه نشراً حسناً، أي ثناء طيباً.
* * * الحسن رحمه الله: قال له رجل: إني أتوضأ فينتضح الماء في إنائي. فقال: ويلك ومن يملك نشر الماء! هو فعل بمعنى مفعول، من قولهم: اللهم اضمم لي نشري، أي ما نشرته حوادث الأيام من أمري. وجاء الجيش نشراً، يعني ما ينتضح من رشاش الماء ونفيانه.
* * * عطاء رحمه الله تعالى - قال ابن جريج: قلت لعطاء: الفأرة تموت في السمن الذائب أو الدهن. قال: أما الدهن فيُنتش ويدَّهن به إن لم تقذره. قلت: ليس في نفسك من أن تأثم إذا نشّ! قال: لا. قلت: فالسَّمن يُنشّ ثم يُؤكل به؟ قال: ليس ما يؤكل به كهيئة شيء في الرأس يدَّهن به.
النَّشّ والمشّ: الدوف؛ من قولهم: زعفران منشوش. وعن أم الهيثم: ما زلت أمشَّ له الأدوية فألدُّه تارةً وأُجره أخرى. وهو خلطه بالماء، ومنه نشنشها ومشمشها، إذا خالطها.
قذرت الشيء: إذا كرهته. قال العجاج:
وقذري ما ليس بالمَقْذُورِ
* * * في الحديث - إذا دخل أحدكم الحمام فعليه بالنَّشير ولا يخصف.
وهو الإزار لأنه ينشر فيؤتزر به.

الخصف: أن يضع يده على فرجه، من خصف النعل إذا أطبق عليها قطعة. قال الله تعالى: (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عليْهمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّة).
إذا نشّ فلا تشربه.
يقال: الخمر تنش، إذا أخذت في الغليان.
* * * بالمناشير في " از " . نش في " حن " . واستنشيت واستنشرت في " سم " . نشره وانشط في " طب " . فنشدت عنه في " فر " . النشيج في " ذف " . فانتشط في " صب " . بالنشف في " ده " . بنشبة في " عص " . والمنشلة في " غف " . نشر أرض في " خم " . نشاشة في " جد " . نشبوا في " اف " . وأنشدها في " طب " .
* * *
النون مع الصاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال في الحور العين: ولنصيف إحداهنَّ على رأسها خير من الدنيا وما فيها.
هو الخمار. قال النابغة:
سَقَطَ النَّصيفُ ولم تُرِدْ إسْقَاطه ... فتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَد
ويقال أيضا للعمامة وكل ما غطى الرأس: نصيف، ونصَّف رأسه عمَّمه؛ ومنه تنصَّفه الشيب.
* * * إن وفد همدان قدموا فلقوه مُقبلا من تبوك. فقال ذو المشعار مالك بن نمط: يا رسول الله؛ نصية من همدان؛ من كل حاضر وبادٍ، أتوك على قلص نواج متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف ويام، وعهدهم لا ينقض عن شية ما حل ولا سوداء عنقفير، ما قامت لعلع وما جرى اليعفور بصُلَّع.
فكتب لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هذا كتاب من محمد رسول الله لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرمل، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط، ومن أسلم من قومه، على أن لهم فراعها ووهاطها وعزازها ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، يأكلون علافها، ويرعون عفاءها، لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحوري، وعليهم فيه الصَّالغ والقارح.
النصية: لمن يُنتصى من القوم، أي يختار من نواصيهم، كالسرية لمن يستري من العسكر، أي يختار من سراتهم، ويقال للرؤساء نواص، كما يقال لهم: ذزائب ورءوس وهام وجماجم ووجوه. قال:
ومشهد قد كفَيتُ الغائبِينَ به ... في مَحْفِلٍ من نَواصِي الناسِ مَشْهُود
خارف ويام: قبيلتان.
المخلاف لليمن كالرستاق لغيرهم.
الشية: الوشاية.
الماحل: الساعي، وما أشبه رواية من رواه: عن سُنَّة ماحل، وقال: سنَّته طريقته، كما يقال: أنا لا أفسد ما بيني وبينك بمذاهب الأشرار، أي بطرقهم في الوشاية بالتصحيف.
العنقفير: الداهية. ويقال: غول عنقفير، وقال الكميت:
شَذَّبَتْه عنقفير سِلْتِمُ ... فبَرَتْ جسمانه حتى انْحَسَر
وعقفرتها: دهاؤها ومكرها، وعقفرته الدواهي فتعقفر؛ إذا صرعته وأهلكته، واعقنفرت عليه. يعني أن هذا العهد مرعي غير منكوث على ما خيلت كنحو ما كانوا يكتبونه، لكم الوفاء منا بما أعطيناكم في العُسر واليسر، وعلى المنشط والمكرهز لعلع: جبل. قال الأخطل:
سقى لَعْلَعاً والقَرْيَتَين فلم يَكَدْ ... بأثقالِه عن لَعْلَعٍ يتحمّل
ومن أيامهم يوم لعلع، وفيه التذكير والتأنيث.
الصُّلَّع: الصحراء التي لا نبت فيها.
جناب الهضب: موضع.
الفراع: جمع فرعة، وهي القُلَّة.
الوهاط: الأراضي المطمئنة، جمع وهط وبه سمي الوهط: مال لعمرو بن العاص بالطائف.
العزاز: الأرض الصلبة.
العلاف: جمع علف، كجمال في جمل، وتسمية الطعام علفا كنحو بيت الحماسة:
إذا كنتَ في قومٍ عِدًي لستَ منهمُ ... فكُلْ ما عُلِفْتَ من خبيثٍ وطيِّبِ
قالوا: العفاء: الأرض التي ليس فيها ملك لأحد. وأصحّ منه معنى أن يراد به الكلأ، سمي بالعفاء الذي هو المطر كما يسمى بالسماء، قال:
وأضحت سماء الله نزراً عَفَاؤُها ... فلا هي تعفينا ولا تَتَغَيَّم
ولو روى بالكسر على أن يستعار اسم الشعر للنبات كان وجها قويا، ألا ترى إلى قولهم: روضة شعراء: كثيرة النبت؛ وأرض كثيرة الشَّعَار، وإلى إشراكهم بين ما ينبت حول ساق الشجرة وما رقّ من الشعر في اسم الشَّكير. قال:
والرأس قد شاع له شَكِير
وقولهم: نبات فيهما.
الدفء: اسم ما يدفئ، بقال الله تعالى: (لكم فيها دِفْءٌ ومَنَافع). يعني ما يتخذ من أصوافها وأوبارها مما يتدفأ به.
وقال ذو الرمة:

وباتَ في دِفْءِ أرطاة ويُشْئِزُه ... نداوب الريح والوَسْاَوس والهِضَبُ
ويقال: فلان في كنفه وذراه ودفئه. وقيل للعطية: دفء. قال:
فدِفْءُ ابن مروانٍ ودِفءُ ابن أمّه ... يعيشُ به شرقُ البلادِ وغَرْبُها
والمراد هنا الإبل والغنم، لأنها ذوات الدفء؛ وكذلك المراد بالصِّرام النخل؛ لأنها التي تصرم لنا من ذلك.
ما سلَّموا بالميثاق؛ أي أنهم مأمونون على صدقات أموالهم لما أخذ عليهم من الميثاق، ولا يُبعث إليهم عاشر ولا مصدق.
الثِّلبُ: الجمل الهرم الذي تكسرت أسنانه.
الفارض: المسنَّة.
قالوا في الحوري: منسوب إلى الحور؛ وهي جلود تتخذ من جلود بعض الضأن مصبوغة بحمرة. وخُفّ محوَّر مبطَّن بحور. قال أبو النجم:
كأنما برقع خَدّيه الحوَر
الصَّالغ: من الغنم والبقر الذي دخل في السنة السادسة، والقارح من الخيل مثله.
* * * خرج معه صلى الله عليه وآله وسلم خوَّات بن جبير حتى بلغ الصفراء فأصاب ساقه نصيل حجر، فرجع فضرب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسهمه.
النَّصيل والمنصيل والمنصال: البرطيل؛ وهو حجر مستطيل شبراً وذراعاً، ويُجمع نُصلاً وأنصلة، ويقال للفأس: النَّصيل.
مرَّت به صلى الله عليه وآله وسلم سحابة، فقال: تنصَّلت هذه - وتنصلت هذه - بنصر بني كعب.
أي خرجت ولأقبلت؛ من نصل علينا فلان إذا خرج عليك من طريق أو ظهر من حجاب، ومنه تنصَّل من ذنبه. ويقال: تنصَّلته واستنصلته: أخرجته.
تنصلت: تنحو وتقصد، ويقال لمن تشمَّر للأمر: قد انصلت له.
بنصر بني كعب: أي بسقيهم، يقال: نصر المطر الأرض؛ إذا عمَها بالجود.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - دخل عليه وهو ينصنص لسانه ويقول: إن هذا أوردني الموارد.
عن الأصمعي: نصنص لسانه ونضنضه: حرَّكه. وعن أبي سعيد؛ حية نصناص ونضناض يحرِّك لسانه.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إذا بلغ النساء نصَّ الحقائق - وروى: نصّ الحقاق فالعصبة أولى.
نصُّ كل شيءٍ: منتهاه؛ من نصصت الدابة إذا استخرجت أقصى ما عنده من السير، يعني إذا بلغن الغاية التي علقن فيها، وعرفن حقائق الأمور أو قدرن فيها على الحقاق وهو الخصام، أو حوقَّ فيهن؛ فقال بعض الأولياء: أنا أحقُّ بها، وبعضهم أنا أحقُّ. ويجوز أن يريد إذا بلغن نهاية الصِّغار؛ أي الوقت الذي ينتهي فيه صغرهن ويدخلن في الكبر. استعار لهنَّ اسم الحقاق من الإبل، وهذا ونحوه مما يتمسَّك به أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله في اشتراط الولي في نكاح الكبيرة.
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - قال زيد بن وهب: أتيته لما قُتل عثمان فاستشرته، فقال: ارجع فإن كان لقوسك وتر فاقطعه، وإن كان لرمحك سنانٌ فأنصله.
أي انزعه، يقال: نصل الرمح: جعل له نصلا، وأنصله: نزع نصله، وقيل نصله وأنصله في معنى النزع، ونصَّله: ركَّب نصله.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - ذكر داود صلاة الله عليه يوم فتنته، فقال: دخل المحراب وأقعد منصفا على الباب.
المنصف: الخادم - بكسر الميم - عن الأصمعي، وبفتحها عن أبي عبيدة - ومؤنثه منصفة، والجمع مناصف. قال عمر بن أبي ربيعة:
قالت لها ولأُخْرَى من مَنَاصِفِها ... لقد وجدْتُ به فوقَ الذي وجَدا
وقد نصفه ينصفه نصافة، وتنصَّفَه: خدمه واستخدمه؛ وأصله من تنصفت فلانا، إذا خضعت له وتضرعت تطلب منه النصفة، ثم كثر حتى استُعمل في موضع الخضوع والخدمة.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - سُئلت عن الميت يُسرَّح رأسه، فقالت: علام تنصون ميِّتكم.
أي تسرحونه، يقال: نصت الماشطة المرأة ونصَّتها فتنصَّت، أُخذ من الناصية.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - لم تكن واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم تناصيني في حُسن المنزلة عنده، غير زينب بنت جحش.
أي تنازعني وتباريني، من مناصاة الرجل صاحبه، وهي أخذ كل واحد منهما ناصية الآخر.
* * * في حديث أهل الإفك: وكان مُتبرَّز النساء بالمدينة قبل أن سُوِّيت الكنف في الدُّور المناصع.
قالوا: جاء في الحديثان المناصع صعيد أفيح خارج المدينة. وقال أبو سعيد: هي المواضع التي يتبرّز إليها الإنسان إذا أراد أن يحدث. واحدها منصع، لأنه ينصع إليه؛ أي يبرز ويخلو لحاجته فيه.
* * *

كعب رضي الله تعالى عنه - يقول الجبار: أحذروني فإني لا أُناص عبداً إلا عذبته.
المناصة: المناقشة، يقال: ناص غريمه ونصصه، كباعده وبعّده، وناعمه ونعّمه؛ إذا استقصى عليه.
ومنه حديث عون رحمه الله: إن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء: من أناصُّه الحساب يحقّ عليه العذاب.
في الحديث - لا يؤمَّنَّكم أنصر ولا أزنّ ولا أفرع.
تفسيره في الحديث: الأنصر الأقلف.
والأزنّ: الحاقن.
والافرع: الموسوس.
* * * نصيران في " خل " . تفصى في " صل " . وانتصل في " قح " . نصيفه في " مد " . نص في " دف " . نصيف في " هن " . ناصة في " سد " . لو نصبت في " لف " . فتناصيا في " صل " .
* * *
النون مع الضاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال عبد الله بن عمر: كنا في سفر معه، فنزلا منزلا، فمنا من ينتضل، ومنَّا من هو في جشره، فنادى مناديه: الصلاة جامعة.
انتضل القوم: تناضلوا؛ أي تراموا.
الجشر: المال الراعي.
* * * نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم أدََّاها إلى من لم يسمعها.
نضره ونضَّره وأنضره: نعَّمه فنضر ينضر ونضر ينضر، وفي شعر جرير:
والوَجْه لا حَسَناً ولا مضنْضُورا
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر محارب؛ نضَّركم الله لا تسقوني حلب امرأة.
الحلب: في النساء عيبٌ عندهم يتعايرون به. قال الفرزدق:
كم عمةٍ لك يا جريرُ وخالة ... فَدْعَاءُ قد حَلَبَتْ عليَّ عِشَارِي
ومنه المثل: يحلب بني وأضب على يده. وهو مذكور في كتاب المستقصي؛ فكأنه سلك فيه طريق العرب.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: قال لي جبرائيل: لم يمنعني من الدُّخول عليك البارحة إلا أنه كان على باب بيتك ستر فيه صاوير، وكان في بيتك كلب فمُرْ به فليخرج، وكان الكلب جرواً للحسن والحسين من تحت نضدٍ لهم.
هو سرير، وقيل: مشجب تُنضد عليه الثياب.
* * * أتاه صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: إن ناضح آل فلانٍ قد أبد عليهم. فنهض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآه البعير سجد له فوضع يده على رأس البعير. ثم قال: هات السِّفار، فجيء بالسِّفار، فوضعه على رأسه.
الناضح: السانية.
أبد: غلب واستصعب.
السِّفار: حبل يُشدُّ طرفه على خطام البعير مداراً عليه ويجعل بقيته زماماً، وربما كان السِّفار حديدة، سمي بذلك لأنه يزيل الصعوبة ويكشفها.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كان يأخذ الزكاة من ناضِّ المال.
هو ما نضَّ منه، أي صار ورقاً وعيناً بعد أن كان متاعا. وهو من قول العرب: أخذ من ناضِّ ماله، أي من أصله وخالصه.
ومنه قولهم: فلان من نُضاض القوم ومُضاضهم ومُصاصهم؛ أي من خالصتهم؛ لأن الذهب والفضة هما أصل المال وخالصه.
ومنه حديث عكرمة: إنه قال في شريكين: إذا أراد أن يتفرَّقا يقتسمان ما نضّ بينهما من العين، ولا يقتسمان الدّين، فإن أخذ أحدهما ولم يأخذ الآخر فهو رباً.
كره أن يقتسما الدين؛ لأنه ربما استوفاه أحدهما ولم يستوفه الآخر، فيكون رباً، ولكن يقتسمانه بعد القبض.
ومنه الحديث: خذوا صدقة ما نض من أموالهم.
* * * قتادة رحمة الله: النضح من النضح.
أي ما أصابه نضح من البول كرؤس الإبر، فلينضحه بالماء؛ وليس عليه أن يغسله، وكان أبو حنيفة رحمه الله لا يرى فيه نضحاً ولا غسلا.
* * * النخعى رحمة الله - لابأس أن يشرب في قدح النضار.
هو شجرة الأثل الورسى اللون، وقال ابن الأعرابي: هو النبع. وقيل: الخلاف يدفن خشبه حتى ينضر، ثم يعمل فيكون أمكن لعامله في ترقيقه. وقيل: أقداح النضار هذه الأقداح الحمر الجيشانية. وقيل: النضار الخالصة من جوهر التبر؛ ومن الخشب. وأنشد لذى الرمة:
نُقِّحَ جِسْمِي عن نُضاَر العُودِ ... بَعْدَ اضطِراب العُنُق الأمْلود
* * * عطاء رحمة الله عليه: سئل عن نضح الوضوء، قال: اسمع يسمح لك؛ كان من مضى لا يشفون عن هذا ولا يلحصون.
النضح: كالنشر سواء بناء ومعنى.
الوضوء: ماء الوضوء.
اسمح: من أسمحت قرونته إذا أسهلت وانقادت.
التحليص: التشديد والتضييق، من الحيص وهو الضيق، والتحص خرت مسلتك؛ إذا انسد.
ولحاص: علم للضيق والشدة.
في الحديث: ماسقى من الزرع نضحاً ففيه نصف العشر.
أي ما سقى بالناضح، وهو السانية، والمراد مالم يسق فتحا.

ولم أزل أنضنض سهمي الآخر في جبهته حتى نزعته، وبقى النصل في جبهته مثبتاً ما قدرت على نزعه.
أي أقلقه.
* * * نضيته في " مر " . نضب في " وج " . فاضحا في " هل " . وما يستنضح في " نت " . نواضحكم في " ظه " . تنضية في " حج " . نضائد في " بر " . من نضيح في " بج " .
* * *
النون مع الطاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - عن أبي رهم الغفاري: كنت معه في غزوة تبوك فسرت معه ذات ليلة فقربت منه؛ فجعل يسألني عمَّن تخلَّف من بني غفار. فقال - وهو يسألني: ما فعل النفر الحُمر الطوال النَّطانط؟ فحدثته بتخلفهم. فقال: ما فعل النفر السود القصار الجعاد؟ فقلت: والله ما أعرف - وروى: الثِّطاط.
النطناط: الطويل المديد القامة، من النَّطّ وهو المطّ. يقال: نططته ومططته، إذا مددته.
الثَّطّ: الكوسج.
الجعد: القصير المتردد.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لعطية السعدي: ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئاً، فإن اليد العليا هي المنطية، وإن اليد السفلى هي المُنطاة، وإن مال الله مسئول ومُنطىً.
هذه لغة بني سعد، يقولون: أنطني، أي أعطني.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم لرجل: أنطه كذا.
قال زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يملي عليَّ كتاباً، وأنا أستفهمه، فاستأذن رجل عليه، فقال لي: انطُ.
أي اسكت. قال ابن الأعرابي: فقد شرَّف النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه اللغة وهي حميرية.
وقال المفضل: زجر للعرب، تقول للبعير تسكينا له إذا نفر: انط، فيسكن، وهو أيضا إشلاء للكلب.
لا يزال الإسلام يزيد وأهله، وينقص الشِّرك وأهله، حتى يسير الراكب بين النُّظفتين لا يخشى إلا جوراً.
يريد البحرين؛ بحر المشرق وبحر المغرب؛ ويقال للماء قليلا كان أو كثيراً نطفة. قال الهذلي:
وإنهما لجوَّابَا خُرُوق ... وشَرَّابَان للنُّطَف الطوامي
ومنه الحديث: إنا نقطع إليكم هذه النُّطفة.
أي هذا البحر.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه كان في غزوة هوازن، فقال لأصحابه يوما: هل من وضوء؟ فجاء رجل بنطفة في إداوة فاقتضَّها، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصُبَّت في قدح، فتوضأنا كلنا ونحن أربع عشرة مائة ندغفقها دغفقة.
يريد الماء القليل.
اقتضَّها: فتح رأس الإداوة، من اقتضاض البكر، أو ابتدأ فشرب منها أو تمسَّح وروى بالفاء؛ من فضَّ الماء وافتضَّه، إذا صبّه شيئاً بعد شيء، وانفض الماء.
دغفق الماء ودغرقه: إذا دفقه، وهو أن يصبه صبَّا كثيراً واسعا. ومنه عام دغفق ودغرق ودغفل: مُخصب واسع. وأنشد ابن الأعرابي لرؤبة:
أرَّقَنِي طارقُ هَمٍّ أرَّقَا ... وقد أرَى بالدار عيشاً دَغْفَقا
* * * غدا إلى النطاة وقد دلَّه الله على مشارب كانوا يستقون منها، دبول كانوا ينزلون إليها بالليل فيتروون من الماء فقطعها، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى أعطوا بأيديهم.
نطاة: علم لخيبر. وقيل: حصن بها، واشتقاقها من النَّطو. وهو البعد.
وفي المغازي: حاز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر كلها الشقّ ونطاة، والكتيبة. قال:
خزيت لي بحزم فيدة تحدى ... كاليهودي من نَطَاة الرِّقَالِ
وإدخال اللام عليها كإدخالها على حارث وعباس، كأنَّ النَّطاة وصفٌ لها غلب عليها.
الدَّبل: الجدول؛ لأنه يدبل أي يدمل، وكل شيء أصلحته فقد دبلته ودملته وأرض مدمولة ومدبولة: مصلحة بالدَّمال وهو السِّرجين، أو لأنه صلاح للمزرعة، سمي بالمصدر.
دُبول: خبر مبتدأ محذوف، ولا محلَّ للجملة لأتها مستأنفة.
* * * عمر رضي الله عنه - خرج من الخلاء فدعا بطعام فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال: لولا التنطُّس ما باليت أن أغسل يدي.
هو التأنق في الطهارة والتقذر، يقال: تنطَّس فلان في الكلام إذا تأنق فيه، وإنه ليتنطس في اللبس والطعمة، أي ر يلبس إلا حسنا؛ ولا يطعم إلا نظيفاً؛ وتنطَّس عن الأخبار وتندَّس عنها: تأنق في الاستخبار. ورجل نطس وندس، ومنه النّطاسي لتأنقه: قال العجاج:
ولَهْوَةِ اللاهي وإنْ تَنَطَّسا
* * * ابن مسعود رضي الله عنه - إياكم والاختلاف والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ وتعال.

هو التعمق والغلو، وأصله التقعر في الكلام من النِّطع، وهو الغار الأعلى، ثم استعمل في كل تعميق، فقيل: تنطَّع الرجل في عمله إذا تنطَّس فيه. قال أوس:
وحشْو جَفِير من فروع غرائب ... تنطَّع فيها صانعٌ وتأمَّلا
ومنه الحديث: هلك المتنطعون.
أي الغالون. أراد النهي عن التَّماري والتَّلاج في القراءات المختلفة وأنَّ مرجعها كلها إلى وجه واحد من الحُسن والصَّواب.
* * * ابن الزبير رضي الله عنه - إن أهل الشام نادوه يابن ذات النطاقين. فقال: إيهِ والإله - أو إيهاً والإله.
وتِلْكَ شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عارها
مر ذكر ذات النطاقين في " حو " .
يقال إيهِ وهيهِ - بالكسر - في الاستزادة والاستنطاق. قال:
ووقفنا فقُلْنا إيهِ عن أمّ سالم
وإيه وهيه - بالفتح، في الزَّجر والنهي، كقولك: إيه حسبك يا رجل. ويقال: إيه وإيهاً بالتنوين للتنكير؛ أراد زيدوا في نداي بذلك زيادة، فإن لكم مما يزيدني فخراً ويُكسبني ذكراً جميلا.
أو زجرهم عما بنوا عليه نداءهم من إرادة الإزراء به جهلاً وسفهاً، فكأنه قال: كُفُّوا عن جهلكم كفًّا.
وعن بعضهم: إن أيهاً يقال أيضا في موضع التصديق والارتضاء، ولم يمر بي في موضع أثق به.
والإله: يحتمل أن يكون قسماً، أراد والله إن الأمر كما تزعمون. وأن يكون استعطافاً كقولك: بالله أخبرني، وإن كانت الباء لذلك.
وإبقاء همزة إله مع حرف التعريف لا يكاد يسمع إلا في الشعر، كقوله:
معاذَ الإِلَه أن تكونَ كَظَبْيَةٍ
الذي تمثل به من بيت أبي ذؤيب:
وعيّرها الواشون أني أحبها ... وتلك شَكَاةٌ ظاهرٌ عنك عَارُها
الشَّكاة: القالة؛ لأنها تُشكى وتكره.
ظاهر عنك: أي زائل غائب. قال الأصمعي: ظهر عنه العار إذا ذهب وزال.
* * * ابن المسيب رحمه الله - كره أن يجعل نطل النبيذ ليشتدَّ بالنَّطل.
قيل: هو الثَّجير، سمي بذلك لقلته؛ من قولهم: ما في الدنّ نطلة ناطل؛ أي جرعة من شراب، وانتطل من الزِّق نطلة إذا اصطب منه شيئا يسيراً؛ ومنه قيل للقدح الصغير الذي يُرى فيه الخمار النموذج: ناطل.
* * * الثطا في " صب " . النطق في " فض " . وانطوا في " اب " . ينتطق في " أي " . النطاقين في " حو " .
* * *
النون مع الظاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن عبد الله بن عبد المطلب مرَّ بامرأة كانت تنظر وتعتاف، فدعته إلى أن يستبضع منها.
تنظر: أي تتكهَّن، وهو نظر بعلمٍ وفراسة.
تعتاف: من العيافة.
الاستبضاع: كان في الجاهلية، وهو أن الرجل المرغوب في بضعه كان يقع على المرأة ويأخذ منها شيئاً. والمرأة هي كاظمة بنت مرّة مشهورة قد قرأت الكُتُب، مر به عليها عبد المطلب بعد انصرافه من نحر الإبل التي فدَّى بها فرأت في وجهه نوراً، فقالت: يا فتى؛ هل لك أن تقع عليَّ وأُعطيك مائة من الإبل. فقال عبد الله:
أمّا الحَرَام فالحِمامُ دوَنَهُ ... والحلُّ لا حلّ فأستَبينهُ
فكيف بالأمرِ الذي تَبْغِيَنهُ
وقيل: هي أم قتال بنت نوفل أخت ورقة.
النظر إلى وجه عليّ عبادة.
قال ابن الأعرابي: إن تأويله أن كان علياً إذا برز قال الناس: لا إله إلا الله، ما أشرف هذا الفتى! لا إله إلا الله، ما أشجع هذا الفتى! لا إله إلا الله، ما أعلم هذا الفتى! لا إله إلا الله، ما أكرم هذا الفتى! لا إله إلا الله.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لقد عرفت النظائر؛ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بها: عشرين سورة من المفصّل.
سميت نظائر؛ لأنها مشتبهة في الطول، جمع نظيرة، أو لفضلها جمع نظرة، وهي الخيار. ويقال: نظائر الجيش لأفاضلهم وأماثلهم. وأنشد الكسائي:
لنا البَأْوُ في حَيَّيْ نِزَار إذا ارتدوا ... نَظُورَتُهُمْ أكفاؤُنا ولنا الفَضْلُ
* * * الزهري رحمه الله - لا تناظروا بكتاب الله ولا بكلام رسول الله.
هو من قولهم. ناظرت فلانا؛ أي صرت له نظيرا في المخاطبة، وناظرت فلانا بفلان؛ أي جعلته نظيراً له، أي لا تجعل لهما نظيرا شيئا فتدعهما وتأخذ به، أو لا تجعلهما مثلا؛ كقول القائل: إذا جاء في الوقت الذي يريد صاحبه: جئت على قدر يا موسى وما أشبه ذلك مما يتمثل به الجهلة من أمور الدنيا وخسائس الأعمال بكتاب الله، وفي ذلك ابتذال وامتهان.

وحدثني جدي عن بعض مشيخة بغداد أن صاحبا له تمثل بقوله تعالى: (فابْعَثُوا أَحَدَكم بِوَرِقِكم هذِه إلى المَدِينةِ فلْيَنْظُرْ أيُّها أَزْكى طَعَاما). وكان من أخص الناس به وأقربهم إليه فلم يزل بعد ذلك عنده مهجورا.
* * * نظرة في " سف " . وينظر في سواد في " سو " .
* * * آخر الجزء الثالث النون مع العين // النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من توضأ للجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل.
الباء متعلقة بفعل مضمر، أي فبهذه الخصلة أو الفعلة، يعني بالوضوء ينال الفضل.
ونعمت، أي نعمت الخصلة هي، فحذف المخصوص بالمدح.
وسُئل عنه الأصمعي فقال: أظنه يريد فبالسنة أخذ، وأضمر ذلك إن شاء الله.
* * * إذا ابتلَّت النِّعال فالصلاة في الرِّحال.
هي الأراضي الصلبة، قال ابن الأعرابي: النَّعل من الحرة شبيهة بالنَّعل فيها طول وصلابة.
ومن الحرار الخُفُّ، وهو أطول من النعل والضلع أطول من الكراع، والكراع أطول من الخف. وقال الشاعر في تصغيرها:
حَوَى خَبْت ابن بت الليلَةْ ... بت قريبا احتذي نُعَيْلَه
خصَّ النعال لأن أدنى ندوة يبلّها بخلاف الرخوة فإنها تنشف.
الرِّحال: جمع رحل، وهو منزلة ومسكنه.
كان صلى الله عليه وآله وسلم نعل سيفه من فضّة.
هي الحديدة التي في أسفل قرابه. قال:
إلى مَلِكٍ لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه ... أجَلْ لا وإنْ كانَتْ طِوالاً حَمَائِلُه
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لا أُقلع عنه حتى أُطير نُعرته - وروى: حتى أنزع النُّعرة التي في أنفه.
هي ذباب أزرق له إبرة يلسع بها يتولَّع بالبعير ويدخل أنفه، فيركب رأسه؛ سُميت نعرة لنعيرها، وهو صوتها. وقد نعر البعير فهو نعر؛ فاستعيرت للوصف بالنخوة والكبر؛ لأن المنخوَّ راكب رأسه. فقيل: لأُطيِّرن نُعرتك، أي لأُذهبنَّ كبرك. وقالوا: أنوف نواعر؛ أي شوامخ.
ونحوها من الاستعارة قولهم للحديد من الرجال: إن فيه شذاة، وللجائع: ضرم شذاة، والشَّذاة ذباب الكلب.
ومنها قولهم: حمر شواذٍ. كما قالوا: نواعر من النُّعرة.
وفي حديث بي الدرداء رضي الله تعالى عنه: إذا رأيت نعرة الناس ولا تستطيع تغييرها فدعها حتى يكون الله يغيِّرها.
أي كبرهم وجهلهم.
* * * شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه - يا نعابا العرب؛ إن أخوف ما أخاف عليكم الرِّياء والشهوة الخفية.
وروى: يا نعيان العرب.
وقال الأصمعي: إنما هو يا نعاء العرب.
في نعايا ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون جمع نعيّ، وهو مصدر؛ يقال: نعي الميت نعيًّا، نحو: صأي الفرخ صئيا. ونظيره في جمع فعيل من غير مؤنث على فعائل ما ذكره سيبويه من قولهمفي جمع أفيل ولفيف: أفائل ولفائف.
والثاني: أن يكون اسم جمع؛ كما جاء أخايا في جمع أخيَّة، وأحاديث في جمع حديث.
والثالث. أن تكون جمع نعاء التي هي اسم للفعل، وهي فعال مؤنثة؛ ألا ترى إلى قول زهير:
دُعيت نَزَالِ ولُجَّ في الذُّعْرِ
وأخواتها وهنّ: فجار وقطام وفساق مؤنثات، كما جُمع شمال على شمائل.
والمعنى يا نعايا العرب؛ جئن، فهذا وقتكنّ وزمانكنّ، يريد أن العرب قد هلكت.
والنعيان مصدر بمعنى النعي. وأما نعاء العرب فمعناه انع العرب؛ والمنادي محذوف.
الشهوة الخفية: قيل: هي كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويُصرُّ عليه.
وقيل: أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه، ثم ينظر بقلبه ويمثلها لنفسه فيفتنها.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنه - كان يقول في الأوجاع: بسم الله الكبير؛ أعوذ بالله العظيم، من شرِّ عرق نعّار، ومن شرّ حرِّ النار.
يقال: جرح نعور ونعّار، إذا صوّت دمه عند خروجه. وفلان نعّار في الفتن؛ إذا كان يسعى فيها ويصوِّت بالناس.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - قال أبو مريم الأزدي: دخلت عليه فقال: ما أنعمنا بك يا فلان! أي ما الخطب الذي أقدمك علينا فسرَّنا بلقائك وأقرَّ عيننا، من نعمة العين.
* * * الأسود بن يزيد رحمه الله تعالى - قال عطاء بن السائب: رأيته قد تلفَّف في قطيفة له، ثم عقد هدبة القطيفة بنعفة الرَّحل، وهو محرم.
قال الأصمعي: النَّعفة: الجلدة التي تعلو على آخرة الرَّحل وهي العذبة والذؤابة.

وقال أبو سعيد: هي فضلة من غشاء الرَّحل تصير أطرافها سيوراً، فهي تخفق على آخرة الرَّحل. وأنشد لابن هرمة:
ما أنس لا أنس يوم ذي بَقَرٍ ... إذ تَّتقينا الأكفُّ منصرِفَهْ
ما ذَبْذَبَتْ ناقةٌ براكبها ... يوم فضول الأنساعِ والنّعَفَهْ
الحسن رحمه الله تعالى - إذا سمعت قولا حسنا فرويداً بصاحبه، فإن وافق قولٌ عملا فقل له: نعم ونعمة عين؛ آخه وأودده.
يقال: نعم ونعمة عين، ونعام عين، ونعم عين، ونعمى عين، ونعامة عين كلها بمعنى. وأنعم عينك إنعاما؛ أي أقرَّ عينك بطاعتك واتِّباع أمرك.
والمعنى إذا سمعت رجلا يتكلم في العلم بما يونقك فهو كالداعي لك إلى مودته ومؤاخاته فلا تعجل بإجابته إلى ذلك حتى تذوقه وتطّلع أمره؛ فإن رأيته يحسن العمل كما احسن القول فأجبه وقل له: نعم ونعمة عين، وعليك بمؤاخاته وموادّته.
فقوله: آخه بدل من قوله فقل له: نعم. ويجوز أن يكون قوله: نعم ونعمة عين في موضع الحال؛ كأنه قال: فآخه مجيباً له قائلا له: نعم ونعمة عين.
تقول وده وأودده، نحو: عضه وأعضضه، أي أحببه.
الإدغام تميمي، والإظهار حجازي.
* * * قال في هزيمة يزيد بن المهلب: كلما نعر بهم ناعر اتَّبعوه.
أي صاح بهم صائح ودعاهم داع؛ يريد أنهم سراع إلى الفتن والسعي فيها.
* * * مُطرّف رحمه الله تعالى - لا تقل: نعم الله بك عيناً؛ فإن الله لا ينعم بأحد عيناً؛ ولكن قل: أنعم الله بك عيناً.
هو صحيح فصيح في كلامهم، وعيناً نصب على التمييز من الكاف، والباء للتعدية.
والمعنى نعمك الله عيناً؛ أي نعمَّ عينك وأقرَّها. وقد يحذفون الجار ويوصلون الفعل فيقولون: نعمك الله عينا؛ ومنه بيت الحماسة:
ألا رُدِّي جمالَك يا رُدَيْنَا ... نَعِمنْاَ كم مع الإصباحِ عَيْنا
وأنشد يعقوب:
وكُوم تُنْعِم الأَضياف عَيْناً
وأما أنعم الله بك عينا، فالباء فيه مزيدة؛ لأن الهمزة كافية في التعدية. تقول: نعم زيد عينا وأنعمه الله عيناً ونظيرها الباء في أقرَّ الله بعينه.
ويجوز أن يكون من أنعم الرجل؛ إذا دخل في النعيم؛ فيعدى بالباء، ولعل مطرِّفاّ خُيِّل إليه أن انتصاب المميز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظم ذلك، تعالى الله عن أن يوصف بالحواس علوًّا كبيراً، والذي خيّل إليه ذلك أن سمعهم يقولون: نعمت بهذا الأمر عيناً، وقررت به عيناً. والمميز فيه عن الفاعل، والباء بمنزلتها في سررت به وفرحت به، فحسب أن الأمر في نعم الله بك عينا على هيئته في نعمت بهذا الأمر عينا، فمن ثمَّ أتى في إنكاره ما أتاه من الانحراف عن الصواب ودفع ما ليس بمدفوع.
* * * ينعق في " لق " . وأنعما في " را " . بنعشه في " زف " . بنعمان في " دح " . ناعق في " رب " . والناعجات في " جد " . أنعمت في " هب " . نعثلا في " وذ " . نعما في " رع " .
* * *
النون مع الغين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ برجل نُغاش، فخرَّ ساجداً، ثم قال: أسأل الله العافية.
وروى: نعاشيّ.
هو أقصر ما يكون من الرجال، والدِّرحاية نحوه.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع؟ قال محمد بن سلمة الأنصاري: فمررت به وسط القتلى صريعاً في الوادي، فناديته فلم يجب، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرسلني إليك، فتنفش كما يتنَّغش الطير.
كل هامَّة أو طائر تحرَّك في مكانه فقد تنغش. قال ذو الرمة يصف القردان:
إذا سَمِعَتْ وَطْءَ المَطيِّ تنغَّشَتْ ... حشاشاتُها في غَيرِ لَحمٍ ولا دَمِ
يريد القردان، ومنه النُّغاشي لضعف حركته.
* * * ذكر يأجوج ومأجوج، وإن نبي الله عيسى عليه السلام يحضر وأصحابه فيرغب إلى الله فيرسل عليهم النَّغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفسٍ واحدة، ثم يرسل الله مطراً فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلفة.
النَّغف: دود تكون في أنوف الإبل والغنم، وأنغف البعير: كثر نغفه. ويقال لكل رأس نغفتان ومن تحرُّكهما يكون العطاس. ويقال للذي يُحتقر: إنما أنت نغفة.
وأصحابه: عطف على اسم إن، أو هو مفعول معه، ولا يجوز أن يرتفع عطفا على الضمير في يحضر، لأنه غير مؤكد بالمنفصل.
فرسي: جمع فريس وهو القتيل، وأصل الفرس دقّ العنق، ثم سُمس به كلُّ قتل.

الزَّلفة: المرآة. قال الكسائي: كذا تسميها العرب، وجمعها زلف، وأنشد لطرفة:
يقذِفُ بالطلح والقَتَادِ على ... مُتُون رَوْضٍ كأنّها زَلَفُ
وقيل: هي الإجَّانة الخضراء. وعن الأصمعي: إنه فسر الزَّلف في بيت لبيد:
حتى تَحَيَّرت الدِّيَار كأَنّها ... زَلَف وأُلْقِي قِتْبُها المَحْزُومُ
بالمصانع.
وقال أبو حاتم: لم يدر الأصمعي ما الزَّلَف، ولكن بلغني عن غيره أن الزَّلَف الأجاجين الخُضر.
* * * إن ابناً لأم سُليم كان يقال له أبو عمير، وكان له نغر، فقيل: يا رسول الله؛ مات نُغر؛ فجعل يقول: يا أبا عمير؛ ما فعل النُّغَيْر.
هو طائر صغير أحمر المنقار، ويُجمع على نغران، ويقولون: حنطة كأنها مناقير النِّغران.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وكان نغَّاض البطن. فقال له عمر: ما نغّاض البطن؟ فقال: معكّن البطن؛ وكان عكنه أحسن من سبائك الذهب والفضَّة.
النَّغض النَّهض: أخوان، يقولون: نغضنا إلى القوم ونهضنا، ولما كان في العكن نهوض ونتوء عن مستوى البطن قيل للمعكَّن: نغّاض البطن.
ويحتمل أن يبنى فعّالا من الغضون، وهي المكاسر في البطن المعكَّن على القلب.
* * * جاءته رضي الله تعالى عنه امرأة فذكرت أن زوجها يأتي جاريتها، فقال: إن كنت صادقة رجمناه، وإن كنت كاذبة جلدناك، فقالت: ردُّوني إلى أهلي غيرى نغرة.
أي مغتاظة يغلي جوفي غليان القدر.
يقال: نغرت القدر تنغر ونغرت تنغر، وفلان يتنغر على فلان، أي يغلي عليه غيظاً.
ابن الزبير رضي الله تعالى عنه - لما احترقت الكعبة نغضت وأخافت. فأمر بصوار فنُصبت حولها، ثم ستر عليها، فكان الناس يطوفون من ورائها، وهم يبنون في جوفها.
أي تحرّكت. يقال نغض ينغض نغضاً ونغوضاً ونغضاناً.
الصَّاري: دقل السفينة بلغة أهل الشام، والجمع صوار. والصَّري: الملاَّح أيضا. وقيل: الصاري: الخشبة التي في وسط الفخِّ، وهو المدعوم به في وسطه، ومأخذها من الصَّرى وهو المنع.
* * * نغض كتفه في " سر " . الناغض في " كن " .
* * *
النون مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنَّ روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
النَّفث بالفم: شبيه بالنَّفخ، ويقال: نفث الراقي ريقه؛ وهو أقل من التَّفل، والساحرة تنفث ريقها في العقد، والحية تنفث السُّمّ. ومنه: لابد للمصدور أن ينفث.
وعن أبي زيد: يقال: أراد فلان أن يقرَّ بحقِّي، فنفث في ذؤابته إنسان حتى أفسده.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه كان إذا مرض يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث.
* * * عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله تعالى عنه: أُنفر بنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة ظلماء دحمسة، فأضاءت أصبعي حتى جمعوا عليها ظهورهم.
قال أبو عبيدة: يقال: لمّا أمسينا أنفرنا، أي نفرت إبلنا. ومنه أُنفر بنا، أي جُعلنا مُنفرين.
يقال: ليل دَحمس ودُحمس: أسود مظلم، وقد دحمس دحمسة، وأنشد أبو عمرو لأبي نُخيلة:
فادَّرِعي جِلْباَبَ لَيْلٍ دَحْمَسِ ... أسْوَدَ دَاجٍ مِثْلَ لَوْنِ السُّنْدُسِ
* * * أجد نفس ربكم اليمن.
هو مستعار من نفس الهواء الذي يرده المتنفس إلى جوفه فيبرد من حرارته ويعدلها.
أو من نفس الريح الذي ينتسمه، فيستروح إليه ويتنفس عنه.
أو من نفس الروضة، وهو طيب روائحه الذي يتشممه فيتفرج به لما أنعم به رب العزة، من التنفيس والفرج وإزالة الكربة.
ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن.
وقوله: من قبل اليمن: أراد به ما تيسر له من أهل المدينة من النصرة والإيواء، والمدينة يمانية.
* * * قالت أم سلمة رضى الله عنها: كنت معه في لحاف فحضت، فخرجت فشددت على ثيابي؛ ثم رجعت فقال: أنفست.
يقال: نفست المرأة، بوزون ضحكت - إذا حاضت ونفست من النفاس. وعن الكسائي: نفست أيضاً، وهما من النفس وهي الدم، وإنما سمي نفساً باسم النفس؛ لأن قوامها به.
ومنه حديث صلى الله عليه وآله وسلم: إن أسماء بنت عميس نفست بالشجرة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بأن يأمرها بأن تغتسل وتهل.
* * *

أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها.
أراد بالنفاق الرياء؛ لأن كليهما إراءة في الظاهر غير ما في الباطن.
* * * في حديث القسامة: إنه قال لأولياء المقتول: أترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه. فقالوا: يا رسول اله، مايبالون أن يقتلونا جميعاً ثم ينفلون.
يقال: نفلته فنفل، أي حلفته، وأصل النفل النفي. يقال: نفلت الرجل عن نسبه وانتقل هو؛ وانفل عن نفسك إن كنت صادقا؛ أي كذب عنها وانف ما قيل فيك.
ومنه حديث علي رضى الله تعالى عنه: لوددت أن بنى أمية رضوا ونفلناهم خمسين رجلا من بني هاشم، يحلفون ما قتلنا عثمان ولا نعلم له قاتلا.
يريد نفلنالهم، ونحوه: الحريص يصيدك لا الجواد.
ويحكى أن الجميع لقيه يزيد بن الصعق، فقال له يزيد: أهجوتنى؟ فقال: لا والله، قال: فانفل، قال: لا أنفل، فضربه يزيد.
* * * بعث صلى الله عليه وآله وسلم عاصم بن أبي الأقلح وخبيب بن عدي في أصحاب لهما إلى أهل مكة، فنفرت لهم هذيل، فلما أحس بهم عاصم لجئوا إلى قردد.
وروى: فلما آنسهم عاصم لجئوا إلى فدفد.
أي خرجوا لقتالهم، يقال: نفروا نفيراً، وهؤلاء نفر قومك، ونفير قومك. وهم الذين إذا حزبهم أمر اجتمعوا ونفروا إلى عدوهم فحاربوه.
القردد: الرابية المشرفة على وهدة.
والفدفد: المرتفع من الأرض.
آنسهم: أبصرهم.
* * * أبو بكر رضى الله تعالى عنه: تزوج بنت خارجة بن أبي زهير وهم بالسنح في بنى الحارث بن الخزرج، فكان إذا أتاهم تأتيه النساء بأغنامهم فيحلب لهن، فيقول: أنفج أم ألبد؟ فإن قالت: أنفج، باعد الإناء من الضرع حتى تشتد الرغوة.وأن قالت: ألبد أدنى الإناء من الضرع حتى لا تكون له رغوة.
هو من قولهم: نفج الثدى الناهد الدرع عن الجسد؛ إذا باعد عنه. وقوس منفجة ومنفجة بمعنى. ويقال: نفَّجوا عنك طرقا؛ أي فرَّجوا عنك مرارا.
ألبد: تعدية لبد بالمكان يلبد لبودا، إذا لصق. ويقال أيضا: ألبد بالمكان كذا: أقام به ولزم.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - إن رجلا تخلل بالقصب فنفر فوه، فنهى عن التخلل بالقصب.
أي ورم؛ وأصله من النِّفار؛ لأن الجلد ينفر عن اللحم للدَّاء الحادث بينهما.
* * * أجبر بني عمٍّ على منفوس.
نفست المرأة ونُفست، إذا ولدت. والولد منفوس. قال عبد مناف بن الهذلي:
فيا لَهْفتا على ابن أُختي لَهْفَةً ... كما سَقَط المَنْفُوس بين القَوَابِل
يعني أكرههم على رضاعه.
* * * طاف رضي الله تعالى عنه بالبيت مع فلان، فلما انتهى إلى الرُّكن الغربي الذي يلي الحجر الأسود. قال له: ألا تستلم؟ فقال له: انفذ عنك؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستلمه.
فرَّقوا بين نفذ وأنفذ، فقالوا: أنفذت القوم، إذا خرقتهم ومشيت في وسطهم، فإن جزتهم حتى تخلفهم قلت: نفذتهم.
ومعنى قوله: انفذ عنك: امض عن مكانك وجزه.
ومنه حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعكم الداعي وينفذكم البصر.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - لا نفل في غنيمة حتى تُقسم جفَّة كلها.
النَّفل: ما نفله الإمام أو صاحب الجيش بعض أهل العسكر من شيء زائدا على ما يصيبه من قسمة الغنائم؛ ترغيبا له في القتال، ولا ينفل إلا في وقت القتال، أو بعد القسمة من الخُمس، أو مما أفاء الله عليه. فأما إذا أراد التنفيل بعد وضع الحرب أوزارها من رأس الغنيمة فليس له ذلك.
وهذا معنى قوله: لا نفل في غنيمة حتى تقسم.
جفَّةً: أي جملة وجميعا. يقال: دُعيت في جفة الناس، أي في جماعتهم. وجفَّ القوم أموال بني فلان جفّا؛ أي جمعوها، وذهبوا بها، وقد ضمَّ بعضهم الجيم.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قال زيد بن أسلم: أرسلني أبي إليه، وكان لنا غنم، فأردنا نفيَّتين نجفِّف عليهما الأقط، فكتب إلى قيِّمه بخيبر: اجعل له نفِّيتين عريضتين طويلتين.
قال النضر: النفية: سفرة تُتَّخذ من خوص مدوَّرة. وعن أبي تراب: النَثيَّة أيضا بالثاء.
وعنه أنه سمع نفية بوزن نُهية، وجمعها نفىً كنهىً؛ وقال: هي شيء يُعمل من الخوص مدور يُخبط عليه الخبط، ويشرّ عليه الأقط.
* * * ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما - الحبَّةُ في الجنة مثل كرش البعير يبيت نافشا.

أي راعيا بالليل، من قوله تعالى: (إذْ نَفَشَتْ فِيه غَنَم القَوْم)؛ أي انتشرت بلا راعٍ. ومنه نفش الصوف، وهو طرقه حتى ينتفش؛ أي ينتشر بعد تلبّد؛ ونفش الطائر جناحيه.
* * * أنس رضي الله تعالى عنه - أنفجنا أرنبا بمرِّ الظهران، فسعى عليها الغلمان حتى لغبوا فأدركتها، فأتيت بها أبا طلحة فذبحها، ثم بعث بوركها معي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبلها.
أي أثرناها وأعديناها.
مر الظهران: قريب من عرفة.
* * * شيح رحمه الله تعالى - أبطل النَّفح إلا أن تضرب فتُعاقب.
هو أن ترميه الدابة برجلها فتضربه، أي كان لا يلزم صاحبها شيئا، إلا أن تُضرب فتتبع ذلك رمحاً؛ من عاقبت كذا بكذا إذا أتبعته إياه.
ويجوز أن يريد أنها إذا تناولته تناولا يسيرا فلا شيء فيه، ما لم تؤثر فيه برمحها أثراً يجري مجرى العقاب في الشدة والضرار.
* * * سعيد رحمه الله تعالى - ذكر قصة إسماعيل وما كان من إبراهيم في شأنه حين تركه بمكة مع أمه، وأن جرهما زوجوه لما شبَّ وتعلم العربية وأنفسهم. ثم إن إبراهيم جاء يطالع تركته.
أنْفَسهم: أعجبهم بنفسه، ورغَّبهم فيها. ومنه مال مُنفس. قال:
لا تَجْزَعِي إن مُنْفِساً أَهْلَكْتُهُ ... وإذَا هَلَكتُ فعِنْد ذلك فاجْزَعِي
تركته - بسكون الراء؛ أي ولده، وهي في الأصل بيضة النعامة فاستعارها، وقيل لها تركه وتريكة؛ لأن النعامة لا تبيض إلا واحدة في كل سنة ثم تتركها وتذهب.
ولو رُوي: تركته لكان وجها. والتركة. اسم للمتروك، كما أن الطلبة اسم للمطلوب، ومنها تركة الميت.
* * * النخعي رحمه الله تعالى: كل شيء ليست له نفس سائلة فإنه لا يُنَجَّسُ الماء إذا سقط فيه.
أي دم سائل.
* * * القرظي رحمه الله تعالى - قال لعمر بن عبد العزيز حين استخلف فرآه شعثا؛ فقال له عمر: مالك تُديم إليّ النظر؟ فقال: أنظر إلى ما نفى من شعرك وحال من لونك.
قالوا: نفيته فنفى، نحو عُجت بالمكان وعُجت ناقتي وأنشدوا:
وأصبح جَارَاكُمْ قتيلاً ونَافِياً
ومعنى نفى: ذهب وتساقط، وانتفى مثله. يقال: نفى شعر الرجل وانتفى، وكان بهذا الوادي شجر ثم انتفى. ومنه النافية، وهي الهبرية تسقط من الشعر.
حال: تغير.
* * * كان عمر رضي الله تعالى عنه قبل الخلافة منعما مترفا فينان الشَّعر، فلما استخلف تقشّف وشعث، فلذلك نظر إليه نظرة متعجِّب من شأنه.
* * * في الحديث - في ذكر فتنتين: ما الأولى عند الآخرة إلا كنفجة أرنب.
هي وثبتها من مجثمها، يعني تقليل المدة؛ يقال: أنفجت الأرنب فنفجت.
* * * غلبت نفورتنا نفورتهم.
يقال لصحابة الرجل وقرابته الذين ينفرون معه إذا حزبه أمر: نَفْرَته نُفْرَته ونافرته ونفره ونفورته.
* * * وانتفاض في " حد " . منفوسة في " خص " . النِّفرية في " دح " . ولا ينفر في " عق " . انتفجت في " ضا " . نفجت في " قن " . فانفر بها في " نس " . ونفهت في " هج " . ونفثه ونفخه في " هم " . نافح فنافحوا في " خط " . لا ننفس في " قد " . النفاج في " بج " . نفج في " خض " . انفارنا في " ري " . منتفش في " هد " . النفضة في " وط " . نفاث في " زو " . تنفضهم في " ضر " .
* * *
النون مع القاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من نوقش الحساب عُذّب.
يقال: ناقشه الحساب: إذا عاسره فيه واستقصى، فلم يترك قليلاً ولا كثيرا، وأنشد ابن الأعرابي للحجاج:
إن تُنَاقِشْ يكن نِقَاشُك يار ... ب عذابا لا طَوْقَ لي بالعذَاب
أو تجاوِزْ فأنتَ ربُّ عفوٌّ ... عن مُسِيءٍ ذُنوبُه كالترابِ
ورواهما ابن الأنباري لمعاوية.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: من نُوقش الحساب فقد هلك.
وأصل المناقشة من نقش الشوكة وهو استخراجها كلها، ومنه انتقشت منه جميع حقيّ.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن العجفاء التي لا تُنقى في الأضاحي.
أي لا نقى بها من هزالها.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يُعدى شيء شيئاً. فقال أعرابي: يا رسول الله؛ إن النُّقبة تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فما أجرب الأول؟ النُّقبة: أول الجرب حين يبدو، وجمعها نُقب؛ وهي من النَّقْب لأنها تنقب الجلد.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يُمنع نقع البئر.

أي ماؤها، وكل ماء مستنقع فهو ناقع ونقع.
وقيل: سُمي لأنه ينقع به، أي يروي.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: لا يباع نقع البئر ولا رهو الماء.
الرَّهو: الجوبة.
وفي حديث الحجاج: إنكم يأهل العراق شرّابون عليَّ بأنقع.
وعن ابن جريرج: إنه ذكر معمر بن راشد فقال: إنه لشرَّاب بأنقع.
هذا مثل للدَّاهي المنكر. وأصله الطائر الذي لا يرد المشارع لأنه يفزع من القُنّاص، فيعمد إلى مستنقعات المياه الفلوات، فأراد الحجاج أنهم يتجربزون عليه ويتناكرون، وابن جريرج أن معمرا داهٍ في علم الحديث ماهر.
* * * قضى صلى الله عليه وآله وسلم أن لا شُفعة في فناء ولا طريق، ولا منقبة ولا ركح ولا رهو.
المنقبة - عن النضر: هي الطريق الظاهر الذي يعلو أنشاز الأرض، وأنشد:
أسفلَ مِنْ أُخرى ثنايا المَنْقَبَهْ
وعن أبي عبيدة: هي الطريق الضيق يكون بين الدارين.
الرُّكح: ناحية البيت. ورُكح الجبل: جانبه، ومنه ركح إليه وأركح وارتكح، إذا لجأ إليه واستند. ورحل مركاح: عظيم، كأنه ركح جبل.
* * * شرب من رومة؛ فقال: هذا النُّقاخ.
هو البارد الذي ينقخ العطش ببرده؛ أي يقرعه ويكسره. من النقخ وهو نقف الرأس عن الدماغ، ويقال: هذا نقاخ العربية؛ أي مخها وخالصها.
* * * كان على قبره صلى الله عليه وآله وسلم النقل.
هي صغار الحجارة أشباه الأثافي، لأنها تُنقل، فعل بمعنى مفعول.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - لما قدم وفد اليمامة بعد قتل مسيلمة قال لهم: ما كان صاحبكم يقول؟ فاستعفوه من ذلك، فقال: لتقولن. فقالوا: كان يقول: يا ضفدع نقيِّ كم تنقّين، لا الشراب تمنعين، ولا الماء تكدّرين...في كلام من هذا كثير. قال أبو بكر: ويحكم! إن هذا الكلام لم يخرج من إل ولا برّ، فأين ذهب بكم؟ النقيق: صوت الضفدع، فإذا مدّ ورجَّع فهو نقنقة. والدجاجة تنقنق ولا تنقّ؛ لأنها تُرجِّع.
قالوا: الإلّ: الربوبية.
وعن المؤرج: الإلّ: الأصل الجيد والمعدن الصحيح؛ أي لم يجيء من الأصل الذي جاء منه القرآن.
ويجوز أن يكون بمعنى السبب والقرابة؛ من قوله عز وجل: (لا يَرْقُبُون في مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّة). وقول حسان:
لَعَمْرُكَ إنَّ إلَّكَ مِنْ قُرَيش ... كإلِّ السَّقْبِ من رَأَلِ النَّعَامِ
والبرّ: الصدق. من قولهم: صدقت وبررت. وبرَّ الحالف في يمينه، وهو من العامِّ الذي أدركه تخصيص.
والمعنى: إن هذا كلام غير صادر عن مناسبة الحق ومقاربته والإدلاء بسبب بينه وبين الصدق.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أتاه أعرابي فقال: إن أهلي بعيد، وإني على ناقة دبراء عجفاء نقباء؛ واستحمله؛ فظنه كاذبا فلم يحمله. فانطلق الأعرابي فحمل بعيره، ثم استقبل البطحاء، وجعل يقول وهو يمشي خلف بعيره:
أَقسمَ بالله أبو حَفص عُمَرْ ... ما إنْ بها من نَقَب ولا دَبَرْ
اغفر اللهم إنْ كان فَجَرْ
وعمر مقبلٌ من أعلى الوادي، فجعل إذا قال: اغفر له اللهم إن كان فجر. قال: اللهم صدِّق. حتى التقيا فأخذه بيده فقال: ضع عن راحلتك فوضع. فإذا هي نقبة عجفاء، فحمله على بعير وزوده وكساه.
النَّقب: رقَّة الأخفاف وتثقُّبها.
فجر: مال عن الحقِّ وكذب.
* * * متى ما يكثر حمله القرآن ينقروا، ومتى ما ينقروا يختلفوا.
التنقير: التفتيش، ورجل نقَّار ومُنقِّرٌ.
قيل له رضي الله تعالى عنه: إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد، فقال: وما على نساء بني المغيرة أن يسفكن دموعهن على أبي سليمان وهن جلوس ما لم يكن نقعٌ ولا لقلقةٌ.
النَّقع: رفع الصوت، ونقع الصوت واستنقع؛ إذا ارتفع، قال لبيد:
فَمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صَادِقٌ
واللقلقة: نحوه. وقيل: هو وضع التراب على الرأس، ذهب إلى النقع، وهو الغبار الساطع المرتفع؛ وقيل: هو شق الجيوب، قال المرار:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حيًّا ... وأَعْدَدْنَ المَرَاثي والعَوِيلاَ
ومنه النقيعة، وقد نقعوها؛ إذا نحروها.
* * *

علي رضي الله تعالى عنه - إن مُكاتبا لبعض بني أسد قال: جئت بنقد أجلبه إلى المدينة، فانتهيت به إلى الجسر؛ فإني لأُسربه عليه إذ أقبل مولى لبكر بن وائل يتخلل الغنم ليقطعه، فنفرت نقدة فقطَّرت الرجل في الفرات فغرق، فأُخذت فارتفعنا إلى علي فقصصنا عليه القصة، فقال: انطلقوا، فإن عرفتم النقدة بعينها فادفعوها إليهم، وإن اختلطت عليكم فادفعوا شرواها من الغنم.
النَّقد: غنم صغار، ويقال للقمئ من الصبيان الذي لا يكاد يشب: نَقَد ونِقْد، كشَبهٍ وشِبْه، وهذا كما قيل له قصيع؛ من نقده إذا نقره وقصعه: ضربه. ومنه النُّقْد وهو شجر صغير - عن ابن الأعرابي.
التَّسريب: أن يرسلها سرباً سربا.
الشروى: المثل.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - كان في سفر فقرَّب أصحابه السُّفرة ودعوه إليها فقال: إني صائم، فلما فرغوا جعل ينقد شيئا من طعامهم - وروى: ينقر، فقالوا: ألم تقل: إني صائم؟ فقال: صدقت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد تمَّ له صوم الشهر.
يقال: نقد الطائر الحبَّ إذا نقره؛ فاستعاره للنيل من الطعام.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - كان يصلي الظهر والجنادب تنقز من الرمضاء.
أي تقفز؛ ونقز ونفر أخوان قال:
ونَقَزَ الظَّهائرُ الجَنَادِبا
ويقال: نقَّزت ولدها؛ أي رقَّصَته.
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - ما كان الله لينقز عن قاتل المؤمن.
أي ليقلع، قال:
وما أنا مِنْ أَعداء قومي بمُنْقِزِ
وهو من نقز، كأضرب من ضرب.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - جاءته مولاة لامرأته، وكانت قد اختلعت من كل شيء لها ومن كل ثوب عليها حتى نُقْبتها فلم ينكر ذلك.
هي إزار جُعلت له حُجزة من غير نيفق ولا ساقين، كأن مُدخل التكَّة، شبِّه بالنقب فقيل له نُقبة.
* * * ابن عمرو رضي الله تعالى عنه - اعدد اثني عشر من بني كعب بن لؤي ثم يكون النَّقف والنِّقاف.
أي القتل والقتال، كما قال:
كتب القَتْلُ والقِتَالُ علينا ... وعلى الغانيات جَرُّ الذُّيُول
وأصل النَّقف: هشم الرأس؛ أي تهيج الفتن والحروب بعدهم.
* * * ابن المسيب رحمه الله تعالى - بلغه قول عكرمة في الحين: إنه ستة أشهر، فقال: انتقرها عكرمة.
أي استنبط هذه المقالة وابتحثها باجتهاده، ناظراً في قوله تعالى: (تُؤْتِي أُكلَها كلَّ حِينٍ)، من قولهم: انتقرت الدابة بحوافرها نقرا في الأرض إذا احتفرت، وإذا جرت السيول انتقرت في الأرض نقرا، واختصَّها بالذهاب إليها من الانتقار في الدعوة وهو الاختصاص. يقال: نقر باسم فلان وانتقر، إذا سماه من بين الجماعة، وهو من قولهم: نقر بلسانه: إذا صوّت به، أو اكتتبها وأخذها من عالم؛ من يقول ابن الأعرابي؛ قال: سمعت أعرابيا من بني عقيل يقول: ما ترك عندي نُقارة إلا انتقرها؛ أي ما ترك عندي شيئاً إلا كتبه.
والنقارة من قولهم: ما أغنى عنه نقرة ونقارة؛ أي شيئاً قدر ما ينقر الطير.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - قال عثمان البتي: ما رأيت أحداً بهذه النقرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين.
هي مستنقع الماء، وأراد البصرة؛ لأنها بطن من الأرض.
* * * القرظي رحمه الله تعالى - إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه ملك فقال: السلام عليك وليَّ الله. ثم نزع هذه الآية: (الذين تَتَوَفَّاهُم الملائِكةُ طَيِّبين يقولون سلامٌ عليكم).
أي اجتمعت نفسه في فيه كاستنقاع الماء في مكان.
* * * الحجاج - سأل الشعبي عن فريضة من الجدّ، فأخبره بقول الصحابة رضي الله تعالى عنهم حتى ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال: إن كان لنقاباً! فما قال فيها النِّقاب.
وروى: إن كان لمنقابا.
هو العالم بالأشياء المنقّب عنها. قال أوس:
جوادٌ كَرِيمٌ أخو مَأْقِطٍ ... نِقَابٌ يُحَدِّثُ بالغَائِبِ
* * * في الحديث: خلق الله جؤجؤ آدم من نقا ضريَّة.
أي من رملها. يقال: نقا ونقيان ونقوان.
ضريَّة: بنت ربيعة بن نزار، وإليها ينسب حمى ضرية. وقيل: هي اسم بئر قال:
سقاني من ضَرِيَّة خَيْرَ بئر ... تمجُّ الماءَ والحَبّ التُّؤَامَا
* * *

في النقير في " دب " . النقي في " عف " . فينقى ومنق وتنقيثا في " غث " . النقيع في " عب " . فانتقع في " لح " . أو نقع ماء في " لع " . نقبتها في " هل " . نقير في " نك " . منقلة في " جو " . انتقش في " تع " . فقد نقد في " هد " . نقاب في " زو " . وانتفى في " حنا " . وانتفشوا في " ضد " .
* * *
النون مع الكاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - سُئل عن قول: سبحان الله، فقال: إنكاف الله من كلِّ سوء.
أي تنزيهه وتقديسه. يقال: نكفت من الأمر؛ إذا استنكفت منه، وأنكفت غيري؛ وهو من النَّكف، وهو تنحية الدمع عن خدِّك بإصبعك، ورأينا غيثاً ما نكفه أحد: سار يوماً ويومين، وبحر لا ينكف.
* * * إن الله يُحب النكل على النكل، قيل: وما النكل؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الرجل القوي المجرّب المبدئ المعيد على الفرس القويِّ المجرّب.
المبدئ المعيد، أي الذي أبدأ في الغزو وأعاد حتى عاد مُجربا مرتاضاً في ذلك. وهو من التنكيل.
قال أبو زيد: رجل نكل لأعدائه، ونكل بوزن شَبَه وشِبْه: أي يُنكَّل به أعداؤه. قال رؤبة:
قد جرَّبَ الأعداءُ منيَ نِكْلاَ ... نَطْحا مع الصَّكِّ ومَضْغا أكلا
ويقال: إنه لنِكل شر ونَكل شر. والتنكيل: المنع والتنحية عما يريد، ومنه النكل: القيد.
* * * عن وحشي قاتل حمزة: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلمت فقال: كيف قتلت حمزة؟ فأخبرته، قال: فتنكب وجهي. فكنت إذا رأيته في الطريق تقصّيتها.
وروى: قال: فتنكب عن وجهي.
يقال: تنكبته وعنه، إذا أعرضت عنه.
تقصيتها: صرت في أقصاها كتوسَّطتها: صرت في وسطها. ومنه تقصيت الأمر واستقصيته؛ بلغت أقصاه في التفحص.
* * * قال أبو سفيان بن حرب: إن محمداً لم يناكر أحداً إلا كانت معه الأهوال.
أي لم يحارب. وهو من النُّكر؛ لأن كلِّ واحد من المتخاربين يُداهي الآخر وبُخادعه.
الأهوال: المخاوف؛ وهو من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: نُصرت بالرُّعب، أي لم يتعرض لقتال أحد إلا كان ذلك العدو خائفا منه مهولا، لقذف الله الرعب في قلوب أعدائه.
* * * مضر صخرة الله التي لا تنكل.
أي لا تمنع ولا تُغلب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لما اعتزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نساءه دخلت المسجد وإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلَّق والله نساءه. فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاعداً على باب المشربة مدلياً رجليه على نقير من خشب.
النَّكت: الضرب والثر اليسير، كما ينكت الرجل بقضيبه الأرض فيخطّ فيها. والنكت بالحصى فعل المهموم المفكّر في أمره.
المشربة: الغرفة. وروى بالسين، وهي الصُّفَّة أمام الغرفة.
النقير: جذع يُنقر، ويُجعل فيه كالمراقي يُصعد عليه إلى الغرف.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - ذكره رجل فقال: عنده شجاعة ما تُنْكش.
النَّكف والنَّكش أخوان، يقال: بحر لا يُنكف ولا يُنكش، أي لا يُنزف. لما أخرج عين أبي نيزر - وهي ضيعة له - جعل يضرب بالمعول حتى عرق جبينه فانتكف العرق عن جبينه.
أي مسحه ونحَّاه، يقال: نكفت الغيث، وانتكفته، بمعنى، إذا قطعته.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قيل له: إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا، فقال: ذلك منكوس القلب.
قيل: هو أن يبدأ من آخر السورة حتى يقرأها إلى أولها. وقيل: هو أن يأخذ من المعوذتين، ثم يرتفع إلى البقرة.
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - ذكره أبو وائل فقال: ما كان أنكره.
من النَّكر، وهو الدهاء والفطنة بالفتح. وهو النكارة.
ومنه حديث معاوية رضي الله تعالى عنه: إني لأكره النَّكارة في الرجل، وأُحبُّ أن يكون عاقلا.
* * * الشعبي رحمه الله تعالى - قال في السِّقط إذا نُكس في الخلق الرابع، وكان مُخلّقا: عتقت به الأمة، وانقضت به عدة الحرة.
أي إذا قُلب وردَّ.
في الخلق الرابع: وهو المضغة؛ لأنه تراب ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة.
المُخلَّق: الذي يتبين خلقه.
* * * ولا ينكف في " حر " . ناكح في " فر " . نكل في " دح " . نكبت في " بد " . ناكد في " وج " . فنكته في " سق " . النكث في " نو " . نكب في " قن " .
* * *
النون مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال للشَّفاء: علّمي حفصة رقية النملة.

ورقيتها: العروس تحتفل. وتقاتل وتكتحل. وكل شيء تفتعل. غير أن لا تُعاصي الرجل.
النملة - بالفتح: قروح تخرج في الجنب. وبالضم النميمة والإفساد بين الناس. وبالكسر مشية مقاربة؛ وكأنها سميت نملة لتفشيها وانتشارها؛ شُبّه ذلك بالنملة ودبيبها.
وفي حديث ابن سيرين رحمه الله تعالى: أنه نهى عن الرُّقي إلا في ثلاث: رقية النملة والحُمة والنَّفس.
الحُمة: السمّ؛ يريد لدغ العقرب وأشباهها.
والنَّفس: العين.
* * * لعن الله النامصة والمتنمصة والواشرة والموتشرة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة.
النمص: نتف الشعر، والمنماص: المنقاش.
والأشر: تحديد الأسنان.
والوصل: أن تصل الشعر بالشعر، ولا بأس بالقراميل.
الوشم: الغرز بالإبرة في الجلد أو ذر النَّؤور عليه.
لعن الفاعلة أولا والمفعول بها ثانيا.
* * * ليس بالكاذب من أصلح بين الناس، فقال خيراً ونمى خيراً.
أي أبلغه ورفعه، يقال: نمَّيت الحديث ونميته - المخفف في الإصلاح والمثقَّل في الإفساد.
* * * أقبل مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه ذات يوم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليه قطعة نمرة قد وصلها بإهاب قد ودنه.
هي بردة تلبسها الإماء فيها تخطيط، أخذت من لون النمر لما فيها من السَّواد والبياض، وهي من الصفات الغالبة، ألا ترى إلى قولهم: أرينها نمرة أُركها مطرة.
وفي حديث خبّاب بن الأرت رضي الله عنه: أنه أُتي بكفنه فلما رآه بكى وقال: لكن حمزة لم يكن له إلا نمرة ملحاء إذا غُطّي بها رأسه قلَّصت عن قدميه، وإذا غطى بها قدمه قلصت عن رأسه.
الملحة: سواد وبياض.
قلصت: ارتفعت.
ودنه: بله ورطبه ودانا، وودن الأدم، وهو مقلوب ندَّاها.
* * * علي رضي الله تعالى عنه: خير هذه الأمة النَّمط الأوسط يلحق بهم اتالي، ويرجع إليهم الغالي.
عن الليث: النَّمط: الجماعة من الناس أمرهم واحد.
وعن النضر: الطريقة في قول علي. والنمط أيضا. نوع من الأنواع؛ يقال: ليس من هذا النَّمَط. ومن نمَّط لط هذا؟ أي من دلك عليه؟ * * * ابن عبد العزيز رحمه الله - طلب من فاطمة امرأته نميَّة أو نماميّ يشتري عنبا فلم يجدها.
النُّمِّية: الفلس وجمعها نامي، كذرية وذراري. ويقال النُّمِّيُّ؛ سمي بذلك لأنه من جوهر الأرض، وهو الصُّفر أو النحاس أو الرصاص. يقال لجوهر الرجل نمية، قال أبو وجزة:
ولولا غَيْرُه لكشفتُ عنه ... وعن نُمِّيةِ الطَّبْع اللَّعِين
وقيل لجوهر الرجل نمية؛ لأنه ينم عليه في أفعاله ومخابله.
وروى بعضهم عن أبي زيد أنها كلمة رومية.
وعن ميمون بن مهران أن الفلوس كانت تباع حينئذ ستين بدرهم، والعنب رطلين بفلس، وإنما رخص العنب لأن عمر منعهم العصير.
* * * في الحديث: إن رجلا أراد الخروج إلى تبوك. فقالت له أمه - أو امرأته: كيف بالودى؟ فقال: الغزو أنمى للودى؛ فما بقيت منه ودية إلا نفذت؛ ما ماتت ولا حشَّتْ.
أي ينميه الله للغازي ويُحسن خلافته عليه.
ما حشَّتْ: ما يبست.
* * * الناموس في " جا " . ناموسته نمرته في " حب " . وانمى في " سم " . النمار في " جو " . نامية والنمو في " بج " .
* * *
النون مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر قصة موسى مع الخضر، وأنهما لما ركبا السفينة حملوهما بغير نول.
أي بغير جُعْل، وهو مصدر ناله ينوله؛ إذا أعطاه. ومنه قولهم: ما نولك أن تفعل كذا؛ أي ما ينبغي لك وما حظك أن تفعله.
وفي الحديث: ما نول امرئ مسلم أن يقول غير الصواب، أو أن يقول ما لا يعلم.
* * * ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة، والأنواء.
هي ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، يسقط منها في كلِّ ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته؛ وانقضاء هذه النجوم مع انقضاء السنة؛ فكانوا إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لابد من مطر ورياح؛ فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم الساقط فيقولون: مُطرنا بنوء الثريا والدَّبران والسِّماك.
والنَّوء من الأضداد: النهوض والسقوط؛ فسمي به النجم إما الطالع وإما الساقط.
* * * لعن الله من غيَّر منار الأرض.
جمع منارة؛ وهي العلامة تجعل بين الحدين للجار والجار.

وتغييرها: هو أن يدخلها في أرضه. ومنه منار الحرم؛ وهي أعلامه التي ضربها إبراهيم عيه السلام على أقطاره. وقيل لملك من ملوك اليمن: ذو المنار؛ لأنه أول من ضرب المنار على الطريق ليهتدي به إذا رجع.
* * * إن صعصعة بن ناجية المجاشعي رضي الله عنه جدّ الفرزدق قدم عليه فأسلم. وقال: إني كنت أعمل أعمالاً في الجاهلية، فهل لي فيها من أجر؟ فقال: ما عملت؟ قال: إني أضللت ناقتين عشراوين، فخرجت أبغيهما، فرُفع لي بيتان في فضاء من الأرض، فقصدت قصدهما فوجدت في أحدهما شيخاً كبيراً، فقلت: هل أحسست من ناقتين عشراوين؟ قال: وما نارهما؟ قلت ميسم بني دارم. قال: قد أصبنا ناقتيك ونتجناهما، فطأرناهما على أولادهما؛ وذكر حديث الموءودة وإحيائه إياها.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذا من باب البر، لك أجره إذ منّ الله عليك بالإسلام.
النار: السِّمة بالمكوى، سميت باسم النار. قال:
حتّى سَقَوْا آبالَهُمْ بالنَّارِ ... والنارُ قَدْ تَشْفِى مِنَ الأُوَارِ
يقال: نتجت الناقة فنُتجت. فالناتج الذي ولدت عنده وهي المنتوجة.
الظأر: العطف؛ أراد لم نعطفهما على غير ألادهما.
* * * احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطئة وما يجب في الثمر من حق.
هم الضيوف الذين ينوبونهم وينزلون بهم؛ والسابلة الذين يطئونهم. يقال: بنو فلان يطؤهم الطريق؛ إذا نزلوا قريباً منه.
وما يجب في الثمر: هو ما يُعطاه من حضر من المساكين عند الجداد.
وقيل في الواطئة هي سُقاطة الثمر، لأنها توطأ وتداس، فاعلة بمعنى مفعولة.
والمعنى جابوهم واستظهروا لهم بالخرص من أجل هذه الأسباب.
* * * إن رجلا سار معه على جمل قد نوَّقه وخيَّسه، فهو يختال عليه، فيتقدم القوم ثم يعنجه حتى يكون في آخر القوم.
المنوَّق: المذلَّل، وهو من لفظ الناقة.
العنج: أن يرده على رجليه، ويكون أن يجذب خطامه حتى يلزق ذفراه بقادمة الرَّحل.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أُتي بمال كثير فقال: إني لأحسبكم قد أهلكتم الناس. فقالوا: والله ما أخذناه إلا عفواً بلا سوطٍ ولا نوط.
أي بلا ضرب ولا تعليق.
* * * وعنه رضي الله تعالى عنه: إنه لقط نوياتٍ من الطريق فأمسكها بيده حتى مرَّ بدار قوم فألقاها فيها، وقال: تأكلها داجنتهم.
وعنه رضي الله تعالى عنه: إنه كان يأخذ النوى ويلقط النِّكث من الطريق؛ فإذا مرَّ بدار قوم رمى بها فيها؛ وقال: انتفعوا بهذا.
النَّويات: جمع قلَّة، والنَّوى جمع كثرة.
والنِّكث: واحد الأنكاث؛ وهو الخيط الخلق من صوف أو شعر أو وبر؛ لأنه ينكث ثم يعاد فتله.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - ذكر آخر الزمان والفتن، فقال: خير أهل ذلك الزمان كل نومة، أولئك مصابيح الهدى؛ ليسوا بالمساييح ولا المذاييع البُذر.
النُّومة: الخامل الذِّكر الذي لا يؤبه له، على وزن هُمزة - عن يعقوب، وهو أيضا الكثير النوم.
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنه قال لعليّ: ما النُّومة؟ فقال: الذي يسكن في الفتنة فلا يبدو منه شيء.
أولئك: إشارة إلى معنى كل.
المساييح والمذاييع: واحدهما مفعال؛ أي لا يسيحون بالنميمة والشر ولا يذيعون الأسرار.
والبذور: جمع بذور، وهو الذي يبذر الأحاديث والنمائم ويفرقها في الناس.
* * * سُئل رضي الله تعالى عنه عن الوصية فقال: نوشٌ بالمعروف.
يعني أن يتناول الميت الموصي له بشيء ولا يجحف بماله.
ومنه حديث عبد الملك: إنه لما أراد الخروج إلى مصعب بن الزبير ناشت امرأته فبكت جوار لها.
أي تناولته متعلقة به.
ومنه حديث قيس بن عاصم رضي الله تعالى عنه: إنه قال لبنيه: إياكم والمسألة، فإنها آخر كسب المرء، وإذا مت فغيبوا قبري من بكر بن وائل، فإني كنت أُناوشهم في الجاهلية - وروى: أُهاوشهم - وروى: أُغاولهم - وروى: فإنه كانت بيننا وبينهم خُمشات في الجاهلية، وعيكم بالمال وحتجانه.
تناوش القوم: إذا تناول بعضهم بعضاً في القتال. وناوش الرجل القوم: تناولهم فيه.
المهاوشة: المخالطة على وجه الإفساد من الهوش. وقالوا في قول العامة: شوشت عليّ إنما هو هوشت، أي خلّطت وأفسدت.
المغاولة: المبادرة، يريد معالجته إياهم بالشرِّ والغارة.

أو هي مفاعلة من غاله؛ إذا أهلكه؛ وضعها موضع المقاتلة. وعن أبي عبيد: أرى أن المحفوظ أُغاورهم.
الخُمشات: الجنايات والجراحات.
احتجانه: إمساكه وضمه إلى نفسه. من المحجن لذي تجتذب به الشيء إليك.
* * * قال رضي الله تعالى عنه: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا على المنامة، فقام إلى شاةٍ بكئ، فاحتلبها.
هي الدَّكة التي ينام عليها. ويقال للقطيفة المنامة.
البكىّ: القليلة اللبن.
* * * زيد بن ثابت - فرض عمر رضي الله تعالى عنه للجدِّ، ثم أنارها زيد بن ثابت.
أي نوَّرها وأوضحها، والضمير للفريضة.
* * * عروة رحمه الله - قال في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها: إنها تنتوي حيث انتوى أهلها.
أي تتحول وتنتقل.
* * * ونواء في " حب " . أنواط في " دف " . فنوّموا في " سر " . النواء في " شر " . أناس في " غث " . نيطا في " شج " . انتاطت في " خض " . نونته في " وس " . ونائرات في " دح " . نوه في " قع " . نوى في " جب " . ينوس في " ذو " .
* * *
النون مع الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قيل: يا رسول الله، إنا نلقي العدَّو غدا، وليست لنا مُدىً، فبأيِّ شيءٍ نذبح؟ فقال: أنهروا الدَّم بما شئتم إلا الظفر والسن، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبش.
أنهر الدم: سيَّله، ومنه النَّهر، أراد السنَّ والظفر المركبين في الإنسان؛ فإن المنزوع لا يمكن الذبح به.
وإنما نهى عنهما لأنه خنق وليس بذبح.
* * * وفد عليه صلى الله عليه وآله وسلم حيٌّ من العرب؛ فقال: بنو من انتم؟ قالوا: بنو نهم. فقال: نهم شيطان، أنتم بنو عبد الله.
* * * قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: تبعته صلى الله عليه وآله وسلم حتى أدركته فلما سمع حسِّي قام وعرفني، وظنَّ أني إنما تبعته لأُذيه فنهمني، ثم قال: ما جاء بك هذه الساعة؟ قلت: إني أُومن بالله ورسوله.
أي زجرني مع الصياح بي.
يقال: نهم الإبل، إذا زجرها وصاح بها لتمضي؛ والنهم والنهر والنَّهي: أخوات.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم منهوش الكعبين - وروى منهوس ومبخوص.
الثلاثة في معنى المعروق، وفرِّق بين النهس والنهش؛ فقيل: النهس بأطراف الأسنان، والنهش بالأضراس. ويقال: رجل منهوش، إذا كان مجهوداً سيِّئ الحال. قال رؤبة:
كَمْ من خليلٍ وأَخٍ مَنْهوشِ ... مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوشِ
وهو الذي تعرَّقته السنون؛ ألا ترى إلى قول جرير:
إذا بعضُ السنين تعرَّقَتْنا ... كفَي الأيتام فقدُ أَبِى اليتيمِ
والمبخوص: الذي أخذت بخصته، وهي لحم أسفل القدمين. ولو روى: منحوص؛ من نخصت العضو، إذا أخذت نحضه لكان وجها.
* * * إن رجلا كان في يده مال يتامى، فاشترى به خمراً، فلما نزل تحريمها انطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقصَّ عليه؛ فقال: أهرقها، وكان المال نهز عشرة آلاف.
أي قريباً من هذا المبلغ. قال:
تُرْضِع شِبْلَيْن في مَغارِهما ... قد نَهَزَا لِلفِطَام أو فُطِمَا
وحقيقته ذات نهز، ومنه ناهز الحلم، إذا قاربه.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - أتاه سلمان بن ربيعة الباهلي، يشكو إليه عاملا من عماله؛ فأخذ الدرة فضربه بها حتى أُنهج.
أي وقع عليه البُهر؛ يعني على عمر.
* * * قال في خطبة له رضي الله تعالى عنه: من أتى هذا البيت لا ينهزه إليه غيره رجع وقد غُفر له.
نهزه ولهزه ووهزه: دفعه؛ أي من حجَّ لا ينوي في حجته غير الحجِّ تجارة أو غيرها من حوائج الدنيا رجع مغفوراً له.
* * * العباس رضي الله تعالى عنه - مانعهم عمر في دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وقال: إنه لم يمت؛ ولكنه صعق كما صعق موسى، فقال العباس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يمت حتى ترككم على طريق ناهجة، وإن يكُ ما تقول يا بن الخطاب حقاًّ فإنه لن يعجز أن يحثو عنه، فخلِّ بيننا وبين صاحبنا؛ فإنه يأسن كما يأسن الناس.
الناهجة: البينة، يقال: نهج الأمر وأنهج، إذا تبين ووضح.
أن يحثو عنه، أي يرمي عن نفسه بتراب القبر ويقوم.
يأسن: تتغير رائحته.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال: لو مررت على نهى نصفه ماء ونصفه دم لشربت منه وتوضَّأت.
هو الغدير - بالفتح والكسر، وقد أنكر ابن الأعرابي الكسر.
* * *

محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه - كان يقال: إنه من أنهك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أي من أشجعهم. رجل نهيك بيِّن النَّهاكة، والأصل في النَّهك المبالغة في العمل.
* * * عمرو رضي الله عنه - قال لعثمان وهو على المنبر: يا عثمان؛ إنك قد ركبت بهذه الأمة نهابير من الأمر، فتُب.
هي في الأصل جمع نهبور، وهو ما أشرف من الرمل وشقَّ على الراكب قطعه؛ فاستعير للمهالك. قال نافع بن لقيط:
ولأَحْمِلَنْكَ على نَهَابِرَ إن تَثِبْ ... فيها وإِن كنْتَ المنَهِّتَ تَعْطبِ
* * * والنتهشة في " حل " . كالنهل في " حف " . ولا تنهكي في " خف " . نهابر في " هو " . ونهد في " فر " . ونهج في " قن " . ناهاه في " هض " . نهزها في " زف " . انهج في " عذ " . نهبرة في " شه " . ونهر الرعية في " ذق " . فنهد في " عف " . اناهك في " من " . نهسا في " سو " . منهرا في " فق " . لنهدة ونهد في " فر " .
* * *
النون مع الياء
عمر رضي الله تعالى عنه - كره النِّير.
هو العلم في الثوب. يقال: نرت الثوب نيراً وأنرته ونيَّرته.
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنه: إنه كان يقطع علم الحرير من عمامته، وكان يقول: لولا أن عمر كره النير لم نر بالعلم بأساً.
* * * ثلاثة أنياب في " جز " . من انى في " بج " .
* * * آخر كتاب النون




=======
















الفائق في غريب الحديث و الأثر




حرف الواو
الواو مع الهمزة
علي رضي الله تعالى عنه - إن درعه كانت صدراً بلا مؤخر، فقيل له: لو احترزت من ظهرك؟ فقال: إذا أمكنتك من ظهري فلا وألت.
أي لا نجوت.
قال لفلان: أ أنت من بني فلان؟ قال: نعم. قال: فأنت من وألة إذن؟ قم فلا تقربني.
قال ابن الأعرابي: هذه قبيلة خسيسة سُميَّت بالوألة وهي البعرة لخستها.
* * * عائشة رضي الله تعالى عنها - خرجت أقفو آثار الناس يوم الخندق، فسمعت وئيد الأرض من خلفي، فالتفتُّ فإذا أنا بسعد بن معاذ.
هو صوت شدة وطئه على الأرض، يقال للإبل إذا مشت بثقلها: لها وئيد.
* * * وهب رحمه الله تعالى - قال: قرأت في الحكمة: إن الله يقول: إني قد وأيت على نفسي أن أذكر من ذكرني.
الوأى: الوعد الذي يوثقه الرجل على نفسه، ويعزم على الوفاء به، وفلان صادق الوأى؛ ومنه فرس وأى - بوزن وعى: قوى موثق الخلق.
* * * فوألنا في " فر " . وأد البنات في " قي " . لا وألت في " حي " .
* * *
الواو مع الألف
أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه - ما أنكرتم من زمانكم فيما غيَّرتم من أعمالكم، إن يك خيرا فواها واهاً، وإن يك شرًّا فآها آها.
واها: إعجاب بالشيء قال:
وَاهاً لرَيَّا ثم وَاهاً وَاهاَ
وآها: توجع.
الواو مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - حين قال: اهتف بالأنصار. قال: فهتفت بهم فجاءوا حتى أطافوا به وقد وبشت قريش أوباشاً وأتباعاً.
أي جمعت أخلاطا من الناس.
يقال: أوباش من الناس وأوشاب.
* * * ذكر صلى الله عليه وآله وسلم جسراً على جهنم فقال: وبه كلاليب مثل شوك السعدان غير أنه لايعلم قدر عظمها إلا الله، فتختطف الناس بأعمالهم؛ فمنهم الموبق بعمله، ومنهم المخردل، ثم ينجو. وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود. فيخرجونهم وقد امتحشوا، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار، فيقول: يارب؛ قد قشبني ريحا، وأحرقني ذكاؤها، فيقربه إلى الباب الجنة، فإذا دنا منها انفهقت له الجنة.
الموبق: المهلك.
المخردل: المقطع قطعا صغارا، وهي الخرايل والخراذل بالدال والذال؛ أي تقطعهم الكلاليب.
محشته النار: إذا أحرقته فامتحش، وانمحش.
مر قشب في " قش " .
ذكت النار ذكاء: اشتعلت.
انفهقت له: اتسعت.
* * * على رضى الله تعالى عنه - أهدى رجل للحسن والحسين ولم يهد لابن الحنفية، فأوما على إلى وابلة محمد ثم تمثل:
وما شَرُّ الثَّلاثَةِ أمَّ عَمْرٍو ... بصاحِبك الذي لاتُصْبِحينَا
هي طرف العضد في الكتف، وطرف الفخذ في الورك، والجمع الأوابل.
عائشة رضى الله تعالى عنها - كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفقارق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو محرم.
هو البريق.
ومنه حديث الحسن رحمة الله تعالى: لا تلقى المؤمن إلا شاحباً ولا تلقى المنافق إلا وباصاً.
* * * كعب رحمة الله تعالى - أجد في التوراة أن رجلاً من قريش أوبش الثنايا يحجل في الفتنة.

قيل: معناه ظاهر الثنايا.
وعن ابن شميل: الوبش: البياض الذي يكون في الأظفار، يقال: بظفره ويش؛ وهو نقط فيه. ومه الوبش من الجرب كالرقط يتفشى في الجلد، وجمل وبش، وقد وبش جلده وبشاً.
* * * موبى في " حب " . الوبر في " رث " . ولا توبروا في " حب " . وبله في " عم " . لايؤبه له في " صع " . وبيص في " بص " .
* * *
الواو مع التاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - من فاتنة صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله. أي حرب أهله وماله وسلب؛ من وترت فلانا إذا قتلت حميمة. أو نقص وقلل من الوتر، وهو الفرد، ومنه قوله تعالى: ( ولَنْ يَتِركُمْ أَعمالَكم) ومنه حديث صلى الله عليه وآله وسلم: إن إعرابيا سأله عن الهجرة فقال: ويحك! إن شأن الهجرة شديد؛ فخل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فهل تؤدي صدقتها؟ قال:نعم. قال: فاعمل من وراء البحر، فإن الله تعالى لن يترك من عملك شيئا.
* * * قلدوا الخيل ولا تقلدوا الأوتار.
هي أوتار القسى، كانوا يقلدونها مخافة العين. وقيل: كانت تختنق بها، فلذلك نهى عنها.
وفي حديث آخر: أمر أن تقطع الأوتار من أعناق الخيل.
وقيل: هي الذحول؛ أي لا تطلبوا عليها الأوتار التي وترتم بها في الجاهلية.
ومنه ما يروى: إنه عرضت الخيل على عبيد الله بن زياد، فمرت به خيل بنى مازن.
فقال عبيد الله: إن هذه لخيل. فقال: الأحنف: إنها لخيل لو كانوا يضربونها على الأوتار. فقال ابن مشجعة أو ابن الهلقم المازني: أما قتلوا أباك فقد ضربوها على الأوتار؛ فقال ابن مشجعة: ولم يسمع للأحنف سقطة غيرها.
* * * ما من أمير عشرة إلا وهو يجيء يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، حتى يكون عمله هو الذي يطلقه أو يوتغه.
وتغ وتغاً إذا هلك، وأوتغه غيره.
* * * العباس رضى الله تعالى عنه - قال: كان لي عمر جارا، فكان يصوم النهار ويقوم الليل، فلما ولي قلت: لأنظرن الآن إلى عمله، فلم يزل على وتيرة واحدة حتى مات.
أي على طريقة واحدة مطردة. من قولهم للقطعة من الأرض المطردة: وتيرة - عن الليحاني.
وعن أبي عمرو: الوتيرة الجبل الحريد من الجبال وبينه وبينها وصل لا ينقطع.
* * * زيد بن ثابت رضى الله عنه - في الوترة ثلث الدية، فإذا استوعب مارنه ففيه الدية كاملة.
الوترة والوتيرة: الحاجز بين المنخرين.
المارن:ما لان مما انحدر عن قصبة الأنف.
واستيعابه: استقصاء حدعه.
* * * هشام بن عبد الملك - كتب إاى عامل أضاع: أن أصب لي ناقة مواترةً - وكان هشام فتق. قال: فما وجدوا أحداً يعرف الناقة المواترة إلا رجلا من بنى أود من بنى عليم.
هي التي تضع قوائمها وتراً وتراً، ولا تزج بنفسها فتشق على الراكب.
ومنه قول أبي هريرة رضى الله عنه في قضاء شهر رمضان: يواتره.
أي يقضيه وتراً وتراً، ويصوم يوما ويفطر يوما، ولو قضاه تباعا لم تكن مواترة؛ لأنه قد شفع اليوم باليوم، وهذا ترخيص منه، لأن المتابعة أفضل.
وعنه رضى الله تعالى عنه: لا بأس بأن يواتر في قضاء شهر رمضان إن شاء.
* * * وترا في " عق " . لايوتغ في " رب " . فتوتروا في " حب " . موتن في " ثد " . فأوتر في " نث " .
* * *
الواو مع الثاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أتاه عامر بن الطفيل فوثبه وساده. وقال له: أسلم ياعامر، فقال: على أن لي الوبر، ولك المدر. فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقام عامر مغضباً وقال: والله لأملانها عليك خيلاً جرداً، ورجالا مرداً، ولأربطن بكل نخلة فرسا.
أي فرشة إياها وأقعد عليها.
والوثاب: الفراش، وهي حميرية، ويسمعون الملك إذا قعد عن الغزو موثبانا.
ووفد زيد بن عبيد الله بن درام على قيل وهو في متصيد على جبل. فقال له: ثب، فظنَّ أنه أمره بالوثوب من الجبل. فقال: لتجدني أيها الملك مطواعا اليوم. فوثب من الجبل؛ فقال القيل: من دخل ظفار حمَّر.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إن فارعة بنت أبي الصلت الثقفي جاءته فسألها عن قصة أخيها. فقالت: قدم أخي من سفر فأتاني فوثب على سريري. فأقبل طائران فسقط أحدهما على صدره فشقَّ ما بين صدره إلى ثنته فأيقظته. فقلت: يا أخي، هل تجد شيئاً؟ قال: لا والله إلا توصيباً. وذكرت القصة في موته.
الثُّنَّة: ما بين العانة إلى السُّرة.

التَّوصيب: فيه وجهان: أن يكون معاقبا للتَّوصيم كالدائم والدائب، واللازم واللازب، وأن يكون تفعيلا من الوصب.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال هذيل بن شرحبيل: أ أبو بكر يتوثَّب على وصيِّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ودَّ أبو بكر أنه وجد عهداً من رسول الله، وأنه خزم أنفه بخزامة.
يقال: توثب عليه في كذا إذا استولى عليه ظلما؛ أي لو كان علي بن أبي طالب موصىً له بالخلافة ومعهودا إليه فيها لكان في أبي بكر وازع يزعه من دينه وتقدُّمه في الإسلام وطاعة أمر الله ورسوله أن يغتصبه حقه، وبودِّ أبي بكر لو ظفر بوصيَّةٍ وعهد من رسول الله، وأن يكون هو أول من ينقاد للمعهود إليه ويسلس قياده، ولا يألو في اتِّباعه إياه، ويكون في ذلك كالجمل الذلول في خزامته.
* * *
الواو مع الجيم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قيل له: إن صاحباً لنا أوجب فقال: مروه فليعتق رقبة.
هو من أوجب الرجل، إذا ركب كبيرة ووجبت له النار. ويقال أيضاً: أوجب؛ إذا عمل حسنة تجب له بها الجنة. وهو من باب أقطف وأركب، ويقال للحسنة والسيئة موجبة.
وفي حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أسألك موجبات رحمتك.
وعن إبراهيم رحمه الله تعالى: كانوا يرون أن المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة ذات المطر والريح أنها موجبة.
أي خصلة موجبة.
وفي حديث آخر: أوجب ذو الثلاثة والاثنين.
أي الذي أفرط من أولاده ثلاثة أو اثنين.
* * * عاد صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن ثابت رضي الله تعالى عنه، فوجده قد غُلب؛ فاسترجع وقال: غُلبنا عليك يا أبا الربيع! فصاح النساء يبكين، فجعل ابن عتيك يُسكتهن، فقال رسول الله: دعهن، فإذا وجب فلا تبكين باكية. فقالوا: ما الوجوب؟ قال: إذا مات.
أصل الوجوب: الوقوع والسقوط، قال الله تعالى: (فإذا وَجَبَتْ جُنُوبُها). ومنه قول الشاعر:
أطَاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أَميرا نَهَاهُمُ ... عن السِّلْم حتَّى كَانَ أوَّلَ وَاجِبِ
* * * ومنه حديث أبي بكر رضي الله تعالى عنه: إنه قال في خطبة له: ألا إنّ أشقى الناس في الدنيا والآخرة الملوك؛ الملك إذا ملك زهَّده الله فيما عنده، ورغَّبه فيما في يدي غيره، وانتقصه شطر أجله، وأشرب قلبه الإشفاق، فإذا وجب، ونضب عمره، وضحا ظلُّه حاسبه الله فأشدَّ حسابه وأقلَّ عفوه. ثم قال: وسترون بعدي مُلكاً عضوضاً، وأمة شعاعاً، ودماً مفاحاً. فإن كانت للباطل نزوة، ولأهل الحق جولة يعفو لها الأثر وتموت السُّنن، فالزموا المساجد، واستشيروا القرآن، وليكن الإبرام بعد التشاور، والصفقة بعد التناظر.
نضب: من نضوب الماء، وهو ذهابه.
ضحا ظلُّه: أي صار ضحًّا، وإذا صار الظل ضحًّا فقد بطل صاحبه.
الشعاع: المتفرق.
فاح الدم: جرى جريا متسعا، وأفاحه أجراه.
جولة، أي حيرة، لا يستقرون على أمر يعرفونه.
الصفقة: ما أجمعوا عليه وتبايعوا.
* * * ذكر صلى الله عليه وآله وسلم فتناً كقطع الليل تأتي كوجوه البقر.
قالوا: يريد أنها متشابهة لا يُدرى أنَّى يُؤتى لها؛ ذهبوا إلى قوله تعالى: (إنَّ البَقَر تَشَابَهَ علَينا). وعندي أن المراد تأتي نواطح للناس؛ ومن ثمّ قالوا: نواطح الدهر لنوائبه.
* * * نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن الوجس.
هو أن يلامس امرأة والأخرى تسمع؛ من التوجس وهو التسمع.
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - لقى طلحة بن عبيد الله، فقال: مالي أراك واجماً؟ قال: كلمة سمعتها من رسول الله موجبة لم أسأله عنها؛ فقال أبو بكر: أنا أعلم ما هي، لا إله إلا الله.
الواجم: الذي أسكته الهم وعلته الكآبة، وقد وجم وُجُوما.
* * * عمر رضي الله تعالى - قال عمرو بن معد يكرب: صلى بنا عمر صلاة الصبح فقال: من استطاع منكم فلا يصلينَّ وهو موجح. قلنب يا أمير المؤمنين؛ وما الموجح؟ قال: المرهق من خلاء أو بول.
الموجح: الذي أوجحته حاجته؛ أي كظَّته وضيَّقت عليه. ومنه: ثوب موجح ومستوجح، إذا كان صفيقا ملتحما. وعن شمر: الموجح - بالكسر: الذي يوجح الشيء أي يُخفيه؟ من الوجاح وهو أيضا الذي يوجح الشيء أي يمسكه ويمنعه؛ من الوجح وهو الملجأ؛ هكذا الرواية عنه. والذي أحفظه أنا الوجح الملجأ - الحاء مقدمة. قال حميد بن ثور:

نَضْح السُّقَاةِ بصُباباتِ الدِّلاَ ... ساعةَ لا ينفعها منه وحَجْ
تفاديا مَنْ فلتان عابسٍ ... قد كُدِّحَ اللِّحْيَان منه والوَدَجْ
وقد وحج وحجاً؛ إذا التجأ، وأوحجته إلى كذا، فإن صحت الرواية عن شمر، وهو ثقة، فلعل الوجح لغة في الوحج. قال شمر: وسألت أعرابيا عنه فقال: هو المُجِحُّ، ذهب به إلى الحامل.
وفيه وجه آخر: وهو أن يكون قولهم: أوجح، أي أوضح؛ قد جاء في معنى أحدث كما جاء أبدى في معناه. ثم يقال للحاقن أو الحاقب موجح لمشارفته أن يبدئ، والهمزة في الإيجاح بمعنى الإيضاح للسلب، وحقيقته إزالة الوجاح وهو الستر.
الخلاء: كناية عن النَّجْو.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - قال: إن عيينة بن حصن أخذ عجوزاً من هوازن، فلما ردَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السبايا بست قلائص أبى أن يردها. فقال له أبو صرد: خذها اليك، فوالله ما فوها ببارد، ولا ثديها بناهد، ولا بطنها بوالد، ولا زوجها بواجد، ولا درها بماكد - أو ناكد. فردّها وشكا إلى الأقرع بن حابس، فقال: إنك ما أخذتها بيضاء غزيرة، ولا نصفاء وثيرة.
الواجد: المحب، من وجد فلان بالمرأة وجداً شديداً.
الماكد: الذي يدوم ولا ينقطع. وأنشد الأصمعي للحارث بن مضرب:
واللحز الضبَّ إذا ما عَامَا ... هل أَمْنَحُ المَاكِدَة الكِرَاما
أي النوق الدائمة الدرّ. وهو من مكد بالمكان وركد: أقام به ولم يبرح.
والناكد: الغزيرة، وإبل نكد.
وثيرة: وطيئة. ومنها قول الأعرابية: النساء فرش فخيرها أوثرها.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - قال في إطعام المساكين للكفارة: يطعمهم وجبةً واحدة.
هي الأكلة في اليوم مرَّةً. يقال: فلان يأكل الوجبة، ووجَّب، إذا أكلها * * * في الحديث: لا يُحبنا الأحدب الموجه.
هو صاحب الحدبتين من خلف وقدام، وهذا في حديث أهل البيت.
* * * وجاء في " بو " . موجع في " دق " . فليجأهن في " فا " . الواجد في " لو " . فوجرته في " فق " . وجبة في " جش " . وجن في " دج " . المواجن في " بج " . وجبة الشمس في " سف " . بوج في " جب " . نوجف في " رض " . وجهت في " سد " .
* * *
الواو مع الخاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - في الملاعنة: إن جاءت به أحمر قصيراً مثل الوحرة - ويروى: أحيمر مثل العنبة - فقد كذب عليها، وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فقد صدق عليها، فجاءت به على الأمر المكروه.
هي دويبة كاالعضاءة تلزق بالأرض.
* * * من سره أن يذهب كثير من وحر صدره فليصم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر.
هو الغل، يقال: وحر صدره ووغر، وأصله من الوحرة. ونظيره تسميتهم الحقد بالضَّبِّ.
* * * عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سائل يسأله، فأعطاه تمرة فوحَّش بها، ثم أتاه آخر فأعطاه تمرة فأخذها وقال: تمرة من رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من هاهنا يأتي أم سلمة فيقول لها: ابعثي إليّ بصرَّة الدراهم؟ فجاء بها فدفعها إليه. قال أنس: حزرتها نحو أربعين درهما.
وحَّش بها: رمى بها؛ ومنه بيت الحماسة:
فذرُوا السِّلاَح ووَحِّشُوا بالأبْرَقِ
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إنه كان بين الأوس والخزرج قتال، فجاء صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآهم نادى: (يَأَيها الذين آمنوا اتَّقُوا الله حق تُقَاتِه...) حتى فرغ من الآيات؛ فوحَّشوا بأسلحتهم واعتنق بعضهم بعضا.
ومنه حديث علي رضي الله تعالى عنه: إنه لقي الخوارج وعليهم عبد الله بن وهب الراسبي فوحّشوا برماحهم، واستلُّوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، فقُتلوا بعضهم على بعض.
شجرهم الناس: أي شبكوهم برماحهم. قال الهذلي:
رأيت الخيلَ تُشْجَرُ بالرِّماح
في شعر أبي طالب:
حتى يُجَالِدَكُمْ عنه وَحَاوِحَة ... شِيبٌ صَنَاديدُ لا يَذْعَرُهُمُ الأَسَلْ
الوحوح: السيد، والجمع وحاوحة، والتاء لتأنيث الجمع.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لسلمة بن صخر وقد ظاهر من امرأته: أطعم وسقاً من تمر ستين مسكيناً، فقال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام.
يروى: والذي نفسي بيده ما بين طُنبى المدينة أحد أحوج مني.

الوحش والموحش: الجائع. وبات فلان وحشاً، وجمعه أوحاش. وقال الأعشى:
بات الوَحْشَ والعَزَبا
ومنه توحَّش للدَّواء: احتمى له.
أراد بطنبى المدينة: طرفيها؛ شبه حوزة المدينة بالفسطاط وجعل لها أطنابا.
* * * معاوية رضي الله تعالى عنه - رأى يزيد يضرب غلاماً له، فقال: يا يزيد؛ سوءة لك، تضرب من لا يستطيع أن يمتنع، والله لقد منعتني القدرة من ذوي الحنات.
جمع حنة، وهي الإحنة.
وقد مر الكلام فيها في " اخ " .
* * * في الحديث: إذا أردت أمراً فتدبَّر علقبته، فإن كانت شرًّا فانته، وإن كانت خيراً فتوحَّه.
أي تسرَّع اليه؛ من الوحاء؛ وهو السرعة. يقال: الوَحَاءَ والوحاء. وسُمٌّ وحيّ: سريع القتل. واستوحيته: استعجلته؛ وتوحيَّت توحيِّا: تسرعت. والهاء ضمير الأمر أو للسكت.
* * * توحم في " قط " . الوحاء في " ضع " . في الوحل في " حب " . أوحدت به في " ذف " . الوحي في " قر " . وحدانا في " تب " . وحشى في " ثن " .
* * *
الواو مع الخاء
سلمان رضي الله تعالى عنه - لما حضرته الوفاة دعا امرأته بقيرة، فقال لها: إن لي اليوم زوّاراً؛ ثم دعا بمسك، فقال: أوخفيه في تور ففعلت فقال: انضحيه حول فراشي.
أي اضربيه بالماء، ويقال للإناء الموخف فيه: ميخف.
* * * معاذ رضي الله تعالى عنه - كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جنازة، فلما دُفن الميت قال: ما أنتم ببارحين حتى يسمع وخط نعالكم؛ وذكر سؤال القبر، وأن الميت إن كان من أهل الشك ضرب بمرصافة وسط رأسه حتى يُفضي كل شيء منه.
وخط نعالكم: أي خفقها؛ وهو من وخط في السير؛ مثل وخد يخد، إذا أسرع وخطاً ووخوطاً.
المرصافة: المطرقة من الرَّصف، لأنه يرصف بها المطروق، أي يضم ويلزق - وروى: بالضاد؛ وهي الحجر الذي يُرضف به، من رضفنا الكيَّة نرضفها رضفا، وهو أن تأخذ رذفة، وهي حجر يوقدون عليه حتى يحمى ثم يكوى به.
يجوز أن يروى " كل شيء " بالنصب والرفع.
يقال: أفضاه جعله كالفضاء، ومنه لا يُفضى الله فاك؛ قال: وأفضى: صار كالفضاء. والمعنى حتى يصير كله فضاء لا يبقى منه شيء.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - ذكر الكبش الذي فُدي به إسماعيل فقال: إن رأسه مُعلق بقرنيه في الكعبة، وقد وخش.
أي يبس وضعف، من الوخش؛ وهو الرَّذل من الناس، يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع.
* * * وخز في " رج " .
* * *
الواو مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا لم يُنكر الناس المنكر فقد تُدع منهم.
أي استُريح منهم وخُذلوا وخلِّي بينهم وبين ما يرتكبون من المعاصي.
وهو من المجاز، لأن المعتني بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه ونفض منه يده، واستراح من معاناة النَّصب في استصلاحه.
ويجوز أن يكون من قولهم: تودَّعت الشيء؛ أي صنته في ميدع، قال الراعي:
ثَنَاءٌ تُشْرِقُ الأحْسَابُ مِنْهُ ... به نَتَوَدَّعُ الحَسبَ المَصُونا
أي فقد صاروا بحيث يتحفظ منهم، ويتصون كما يتوقى شرار الناس.
* * * أتى حيي بن أخطب النضيري كعب بن أسد القُرظي - وكان كعب موادعا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - فقال له: جئتك بعز الدهر، جئتك بقريش مع قادتها وسادتها حتى أنزلتهم موضع كذا؛ وبغطفان مع قادتها وسادتها حتى أنزلتهم موضع كذا؛ وقد عاهدوني وعاقدوني ألا يبرحوا حتى نستأصل محمد ومن معه.
قال له كعب: جئتني والله يذل الدهر. وبجهام قد هراق ماءه، يرعد ويبرق، فلم يزل به حيي يفتل في الذروة والغارب حتى نقض عهده.
الموادعة: المصالحة، وحقيقتها المتاركة؛ أي أن يدع كل واحد من المتعاديين ما هو فيه.
القادة: قواد الجيوش.
الجهام: السحاب الذي هراق ماءه؛ وضرب البرق والرعد مثلا لتنفجه.
الفتل في الذروة والغارب: مثلٌ في المخادعة.
* * * لينتهين أقوام عن ودعهم الجُمعات، أو ليختمن على قلوبهم، ثم ليُكتبن من الغافلين.
أي عن تركهم؛ مصدر يدع.
* * * صلى معه عبد الله بن أنيس؛ وعليه ثوب متمزق؛ فلما انصرف دعا بثوب وقال: تودَّعه بخلقك.
أي تصونه به؛ يريد ألبس ذا الثوب الذي دفعته إليك في أوقات الحفلة والزينة، والذي عليك من الخلق في آونة البذلة.
ومنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها: لا جديد لمن لا خلق له.
* * *

أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غرس الودى، ولا صفق بالأسواق.
هي صغار النخيل؛ الواحدة ديَّة.
الصفق: الضرب باليد عند البيع؛ يريد لم يشغلني عنه فلاحة ولا تجارة.
* * * في الحديث: عليكم بتعلم العربية؛ فإنها تدل على المروءة وتزيد في المودة.
يريد مودَّة المشاكلة.
* * * ودائع والودى في " صب " . مستودع في " فض " . ودنه في " نم " . وديقة في " رص " . الوادعي في " عر " . مودن ومودون في " ثد " . وديق في " فق " .
* * *
الواو مع الذال
عثمان رضي الله تعالى عنه - رُفع إليه رجل قال لرجل: يابن شامَّة الوذر، فحدَّه هي قطع اللحم التي لا عظم فيها؛ الواحدة وذرة. وهي كناية عن المذاكير، وهو قذف.
* * * بينا هو رضي الله تعالى عنه يخطب ذات يوم، فقام رجل فنال منه، فوذأه ابن سلام فاتَّذأَ، فقال له رجل: لا يمنعنك مكان ابن سلام أن تسبَّ نعثلا فإنه من شيعته. فقال ابن سلام: فقلت له: لقد فلت القول العظيم يوم القيامة في الخليفة من بعد نوح.
وذأه: زجره، واتذأ مطاوعه.
كان يُشبه يرجل من أهل مصر اسمه نعثل لطول لحيته. وقيل: من أهل أصبهان.
والنعثل: الضبعان والشيخ الأحمق، ومنه النَّعثلة، وهي مشية الشيخ؛ والنقثلة مثلها.
العظيم يوم القيامة: أي الذي يعظم عقابه يوم القيامة. وقيل: يوم القيامة يوم الجمعة؛ وكانت الخطبة فيه.
* * * وعن كعب إنه رأى رجلا يظلم رجلا يوم جمعة، فقال: ويحك! أتظلم رجلا يوم القيامة؟ نوح: عمر؛ لما يروى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استشار أبا بكر وعمر في أسارى بدر، فأشار إليه أبو بكر بالمنِّ عليهم، وأشار عمرُ بقتلهم. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وأقبل على أبي بكر: إن إبراهيم كان ألين في الله من الدهن باللبن. ثم أقبل على عمر فقال: إن نوحاً كان أشد في الله من الحجر.
يريد قول إبراهيم: فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم. وقول نوح: ربِّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّاراً.
* * * أبو هريرة رضي الله عنه: سُئل عن كلب الصيد، فقال: إذا وذَّمته وأرسلته وذكرت اسم الله فكل ما أمسك عليك ما لم يأكل.
قال النضر: الوذمة الحرج في عنق الكلب؛ وهو شبه سيرٍ كالعذبة يقدُّ طولا.
وهي مأخوذة من وذمة الدلو؛ ووذمت الكلب توذيما، إذا شددتها في عنقه، ولا يوذَّم إلا المعلم، فكأنه قال: إذا كان كلبك معلما وكان مضيُّه نحو الصيد بإرسالك مسمياً فكل.
* * * الحجاج - قتل ابن الزبير فأرسل إلى أمة أسماء يدعوها، فأبت أن تأتيه، فقام يتوذَّف حتى دخل عليها.
يقال: جاء يتوذف ويتقذف، إذا مشى في اختيال وتمايل من الكبر؛ وقيل: هو الإسراع. قال بشر:
يُعْطِى النَّجَائِبَ بالرِّحال كأنَّها ... بَقَرُ الصَّرَائم والجِيادَ تَوَذَّفُ
* * * إن خُنفساءة مرت به فقال: قاتل الله قوماً يزعمون أن هذه من خلق الله. فقيل: مم هي؟ قال: من وذح إبليس.
هو ما يتعلق بألية الشاة من ثلطها.
* * * وذفان في " بر " . والوذر في " عر " . بوذمة في " حر " . بوذائله في " عص " . واوذم في " سح " . الوذمة في " تر " .
* * *
الواو مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا أراد سفراً ورَّى بغيره.
أي كنى عنه وستره.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - ورِّع اللص ولا تراعه.
أي ادفعه واكففه ولا تنتظره.
ومنه حديثه، أنه قال للسائب: ورِّع عني بالدِّرهم والدِّرهمين.
أي كُفَّ عني المتخاصمين في قدر الدرهم والدرهمين، واكفني الحكومة بينهم، ونب عني في ذلك.
* * * جاءته امرأة جليلة فحسرت عن ذراعها فإذا كدوح، وقالت: هذا من احتراش الضباب، فقال: لو أخذت الضَّبَّ فورَّيته؛ ثم دعوت بمكثفة فثملته كان أشبع.
قال شمر: ورَّيته، أي روَّغته في الدَّسم؛ من قولك: لحمٌ وارٍ، أي سمين.
الثَّمل: الإصلاح.
* * * كان ينهى أن يجعل في وراكٍ صليب.
هو ثوب مزين يغطي الموركة، وهي رفادة قُدّام الرَّحل، يضع الراكب رجله عليها إذا أعيا.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - سافر رجل مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا، فاتَّهم أهله أصحابه، فرفعوهم إلى شريح؛ فسألهم البينة على قتله؛ فارتفعوا إلى علي فأخبروه بقول شريح؛ فقال علي:

أوْرَدَها سَعْدٌ وسعد مُشْتَمِلْ ... يا سعد لا تُرْوَي بَهذَاك الإبلْ
ثم قال: إن أهون السَّقي التشريع؛ ثم فرَّق بينهم؛ وسألهم فاختلفوا؛ ثم أقرُّوا بقتله فقتلهم به.
المثلان مشروحان في كتاب المستقصي.
والمعنى كان ينبغي لشريح أن يستقصي في النظر والاستكشاف عن خبر الرجل؛ ولا يقتصر على طلب البيِّنة.
* * * كان أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما يوارعانه.
أي يشاورانه في الأمور. قال أبو العباس: الموارعة المناطقة. وأنشد لحسان:
نَشَدْتُ بَنِي النَّجَّار أفْعَالَ وَالدي ... إذ العانِ لم يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوَارِعُهْ
* * * الأحنف رضي الله تعالى عنه - قال له الحباب: والله إنك لضئيل، وإن أمك لورهاء.
الوره: الخرق في العمل. وقد تورَّه فلان. ومن ذلك قيل للمتساقطة حمقاء، وللريح التي فيها عجرفة وخرق: ورهاء، كقولهم: هوجاء.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - كان لا يرى بأسا أن يتورك الرجل على رجله اليمنى في الأرض المستحيلة في الصلاة.
أي يضع وركه عليها، والوركان فوق الفخذين، كالكتفين فوق العضدين.
يقال: ورك على دابته وتورَّك عليها.
المستحيلة: غير المستوية، لاستحالتها إلى العوج.
وفي حديث النخعي: كان يكره التورك في الصلاة.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - في الرجل يُستخلف إن كان مظلوما فورَّك إلى شيء جزى عنه، وإن كان ظالما لم يجز عنه التَّوريك.
أي ذهب في يمينه إلى معنى غير معنى المستخلف؛ من ورَّكت في الوادي، إذا عدلت فيه وذهبت. قال زهير:
ووَرَّكْنَ في السُّوبان يَعْلُون مَتْنَه ... عليهنَّ دلُّ النَّاعِم المتَنَعِّمِ
* * * الحسن رحمه الله تعالى - كان الحسن وابن سيرين يقرآن القرآن من أوله إلى آخره ويكرهان الأوراد.
كانوا قد أحدثوا أن جعلوا القرآن أجزاء، كل جزء منها فيه سور مختلفة على غير يتم الجزء وكانوا يسمونها الأوراد.
ازدحموا عليه فرأى منهم رعة سيئة؛ فقال: اللهم إليك هذا الغثاء الذي كنا نحدث عنه، إن أجبناهم لم يفقهوا، وإن سكتنا عنهم وكلنا إلى عي شديد، مالي أسمع صوتاً ولا أرى أنيساً أغيلمة حيارى تفادوا ما نال لهم أن يفقهوا.
يقال: ورد يرع رعة، مثل وثق يثق ثقة؛ إذا كفَّ عما لا ينبغي. والمراد هاهنا الاحتشام والكف عن سوء الأدب، أي لم يحسنوا ذلك.
إليك: أي اقبضني إليك، أو أشكوهم إليك.
الغُثاء: الرّعاع.
ابن الأعرابي: نال له أن يفعل كذا نولا وأنال له إنالة. وقال الفراء نحو ذلك وأنشد:
يا مالك بن مالك يا مالا ... أَنالَ أَنْ أَشتمكم أَنَالا
أي آن أن أشتمكم وانبغي.
ومنه: نولك أن تفعل كذا، ونولك ومنوالك أن تفعله.
في الحديث: ضرس الكافر مثل ورقان.
هو جبل بوزن قطران.
منه الحديث: إنه ذكر غافلي هذه الأمة، فقال: رجلان من مزينة، ينزلان جبلا من جبال العرب يقال له ورقان، فيُحشر الناس ولا يعلمان.
* * * لا وراط في " اب " . الورى في " عم " . كورك في " حل " . أورق في " صه " . توردا في " قص " . يريه في " قي " . يرعون في " حب " . ورم أنفه في " بر " . من ورق في " كل " . التوراه في " شر " . ورقة بن نوفل في " حن " . الموارد في " لع " .
* * * النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان موزعا بالسواك.
أي مولعا به، ومنه قوله تعالى: (قال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) أي ألهمنيه، وأولعني به، والوزوع والولوع واحد.
نهى عن بيع الثمار حتى توزن.
أي تخرص.
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قال أبو البختري: سألت ابن عباس عن السلف في النخل؛ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيع النخل حتى يؤكل منه، وحتى يوزن. قلت: وما يوزن؟ فقال رجل عنده: حتى يخرص.
وإنما سمي الخرص وزنا لأنه تقدير. ووجه النهي أن الثمار لا تأمن العاهة إلا بعد الإدراك، وذلك أوان الخرص.
والثاني: أن حقوق الفقراء تسقط عنه إذا قبل الخرص؛ لأن الله تعالى أوجب إخراجها وقت الحصاد.
مرَّ بالحكم أبي مروان: فجعل الحكم يغمز النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويشير بإصبعه. فالتفت إليه فقال: اللهم اجعل به وزغاً فرجف مكانه - وروي: أنه قال: كذلك فلتكن، فأصابه مكانه وزغ لم يفارقه.

يقال: بفلان وزغ؛ أي رعشة، وهو من وزغ الجنين في البطن توزيغاً؛ إذا تحرك، وأوزغت الناقة ببولها ووزغت وزغا؛ إذا رمت به وقطعته دفعة دفعة. وقيل لسام أبرص: وزغ، لخفته وسرعة حركته.
رجف: اضطرب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - خرج ليلة في شهر رمضان، والناس أوزاغ؛ فقال: إني لأظن أن لو جمعناهم على قارئ كان أفضل. فأمر أُبي بن كعب فأمَّهم، ث خرج ليلة أخرى وهم يصلُّون بصلاته. فقال: نعم البدعة هذه! والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون فيها.
أي فرق. يريد أنهم كانوا يتنفلون بعد صلاة العشاء فرقاً. قال المسيب بن علس:
أَحْلَلْتَ بَيْتَكَ بالجميعِ وبَعْضُهُم ... مُتَفَرِّقٌ لِيَحلَّ في الأَوْزَاغِ
التي ينامون عنها: يعني صلاة آخر الليل خير من التي يقومون فيها يعني صلاة أوله.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - لابد للناس من وزعة.
أي من كففة عن الشر، يعني السلطان.
* * * فلا يوزع في " تب " . ازع في " شو " . وزعة في " قو " . يزع في " دح " .
* * *
الواو مع السين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - تُنكح المرأة لميسمها ولمالها ولحسبها، عليك بذات الدين، تَرِبَتْ يداك!..
الميسم: مفعل من الوسامة، وهي الجمال.
ترب: التصق بالتراب فقرأ. وقد مرَّ الكلام فيما يقصد بمثل هذه الأدعية.
* * * ذكر عنده شريح الحضرمي فقال: ذلك رجل لا يتوسد القرآن.
يُحتمل أن يكون مدحا له ووصفاً بأنه يعظم القرآن ويُجله ويداوم على قراءته، لا كمن يمتهنه ويتهاون به ويخلّ بالواجب من تلاوته.
وضرب توسُّده مثلا للجمع بين امتهانه والاطراح له ونسيانه. وأن يكون ذمًّا ووصفا بأنه لا يلازم تلاوة القرآن ولا يواظب عليها ولا يكبُّ ملازمة نائم لوساده وإكبابه عليها.
فمن الأول قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا توسَّدوا القرآن، واتلوه حقَّ تلاوته، ولا تستعجلوه ثوابه، فإن له ثوابا.
وقوله: من قرأ ثلاث آيات في ليلة لم يبت متوسداً للقرآن.
ومن الثاني: ما يروى أن رجلاً قال لأبي الدرداء: إني أريد أن أطلب العلم فأخشى أن أضيعه. فقال: لأن تتوسد العلم خيرٌ لك من أن تتوسد الجهل.
* * * إن رجلا من الجن أتاه في صورة شيخ، فقال: إني كنت آمر بإفساد الطعام وقطع الأرحام، وإني تائب إلى الله. فقال: بئس - لعمر الله - عمل الشيخ المتوسِّم، والشاب المتلوّم.
قالوا: المتوسم المتحلي بسمة الشيوخ.
والمتلوِّم: المتعرِّض للائمة بالفعل القبيح.
ويجوز أن يكون المتوسم: المتفرس، يقال: توسَّمت فيه الخير، إذا تفرَّسته فيه، ورأيت فيه وسمه؛ أي أثره وعلامته. والمتلوم: المنتظر لقضاء اللومة، وهي الحاجة، واللؤامة مثلها؛ ونظيره المتحوج من الحاجة، قال عنترة:
فوقَفْتُ فيها ناقتي وكأنّها ... فَدَنٌ لأقضِيَ حاجةَ المتلوِّمِ
وقال العجاج:
إِلاَّ انْتِظَارَ الحَاج مَنْ تَحَوَّجَا
أو المسرع المتهافت؛ من قول الأصمعي: أسرع وأخذ وتلوم بمعنى. وأنشد:
تَلَوَّمَ يَهْيَاهٍ بِيَاهٍ وقَدْ مَضَى ... من اللّيل جَوْزٌ واسْبَطَرَّتْ كَوَاكِبه
* * * عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه - لما نزلت هذه الآية: ( حتَّى يتبيَّن لكُمُ الخَيْطُ الأبيضُ مِنَ الخَيط الأَسود مِنَ الفَجر )، أخذت عقالا أسود وعقالا أبيض، فوضعتهما تحت وسادي، فنظرت فلم أتبين. فذكرت ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن وسادك إذن لطويل عريض؛ إنما هو الليل والنهار.
إلى قول طرفة:
خشَاشٌ كُرأْسِ الحَّيةِ المتوقِّد
ويلخصه ما جاء في حديث آخر: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ أهما الخيطان؟ قال: إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - رفع إليه شيخ توسن جارية فجلده، وهم بجلدها، فشهدوا أنها مقهورة فتركها ولم يجلدها.
أي تغشاها - وهي وسنى - على القسر.
قال المؤلف حدثني: الأستاذ الأمين أبو الحسن على بن الحسين بن بردك بالرى. قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو إسماعيل بن الحسين السمان، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن إياس البزاز - ويعرف بجميلة ابن إياس بدير عاقول بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن نطير القاضي.

قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الأشنائي. قال: حدثنا أبو كريب. قال: حدثنا ابن أدريس. قال حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي موسى قال: أتيت وأنا باليمن بالمرأة فسألتها. فقالت: ما تسأل عن امرأة حبلى من غير بعل! أما والله ما خالت خليل، ولا خادنت خدينا مذ أسلمت؛ ولكن بينا أنا نائمة بفناء بيتي فو الله ما يقظي إلا الرجل حتى رفضي وألقى في بطني مثل الشهاب.قال: فكتب فيها إلى عمر، فكتب إليه عمر أن وافني بها وبناس من قومها بالموسم. قال: فوافيته بها، رآني قال: لعلك ستبقى بشيء في أمر المرأة. قلت:لا؛ هاهي هذه. قال: فدعاها فسألها فأخبرته كما أخبرتني، فسأل عنها قومها. قال: فأثنوا عليها خيرا. قال عمر: شابة تهامية قد تنوّمت، قد كان ذلك يفعل، فأمرها وكساها وأوصى بها قومها خيرا.
تنومها: أتاها وهي نائمة.
* * * وسيما في " بر " . استوسقوا في " حو " . وسيطا في " قح " . ميساع في " هل " . للوسن في " رج " . أوسع جمل في " قط " .
* * *
الواو مع الشين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أتى بوشيقة يابسة من لحم صيد، فقال: إني حرام.
وعن عائشة رضي الله عنها: أهديت له وشيقة قيد ظبيٍ فردها.
قال الليث: الوشيق: لحم يقدد حتى يقب؛ أي ييبس وتذهب ندوته.
وقد وشقت اللحم أشقه وشقاً؛ وقيل: هو الذي يُغلي إغءه للسفر، وأيهما كان فهو من التوشيق، وهو التقطيع والتفريق؛ لأنه يُقطع ويُفرَّض تُفرَّق أجزاؤه.
ومنه الوشق: الرعي المتفرق. يقال: ليس في أرضنا غير وشق.
ومنه حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه: إن المسلمين أخطئوا باليمان، فجعلوا يضربونه بأسيافهم وحذيفة يقول: أبي أبي! فلم يفهموه حتى انتهى إليهم، وقد تواشقه القوم.
أي قطعوه وشائق.
* * * دخل المسجد وإذا فتية من الأنصار يذرعون المسجد بقصبة، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: نريد أن نعمر مسجدك، وهو يومئذ وشيع بسعف وخشب، فإذا كان المطر وكف؛ فأخذ القصبة فهجل بها. ثم قال: خشبات وثمامات وعريش كعريش موسى، والشأن أقرب من ذلك.
الوشيع: السقف يعلى خشبه بسعف وثمام كما يفعل بالعريش، والخُص يسد خصاصه بذلك.
وأصل الوشع والتوشيع النسج غير المتلاحم. ومنه قيل: الوشع لبيت العنكبوت، ووشائع الغبار لطرائقه. ووشعت المال بينهم إذا وزعته.
هجل به ونجل وزجل أخوات، بمعنى رمى به.
* * * الشعبي رحمه الله - كانت الأوائل تقول: إياكم والوشائظ.
هم السفلة، الواحد وشيظ. قال:
وحافظ صَدْرٌ من ربيعة صالحٌ ... وطار الوَشِيظُ عنهم والزَّعَانِفُ
الزَّعانف: أجنحة السمك وأطراف الأديم التي تلقى منه.
* * * الزهري رحمه الله تعالى - كان يستوشي الحديث.
أي يستخرجه بالبحث والمسألة؛ من إيشاء الفرس واستيشائه، وهو أن يستميح جري الدابة بتحريك الرجل. قال الأغلب:
بل قد أقود تَئِقاً ذا شَغْبِ ... يُرْضِيكَ بالإيشَاءِ قَبْلَ الضّرب
وقال جندب أخو بني سعد بن بكر:
واستُوشيَتْ آباطُهُنَّ بالجِذَمْ
* * * في الحديث: إن امرأة كانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكانت تكثر أن تتمثل بهذا البيت:
ويومَ الوِشَاحِ من تَعَاجِيب رَبِّنَا ... على أنّه من بَلْدَةِ الكُفْر نَجَّانِي
فسألوها عن ذلك، فقالت: كان عرس وفقد وشاح فاتهموها ففتشوها، فقالت عجوز: فتشوا فلهمها فجاءت الحدأة بالوشاح فألقته.
الوشاح: ضرب من الحلي، وجمعه شح، ومنه توشَّ بالثوب واتشح به.
فلهم المرأة: فرجها.
* * * أشابا في " خب " . والواشمة في " نم " . إلى استيشاء في " عش " . يتوشحن في " عر " . أوشلت في " شج " .
* * *
الواو مع الصاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن الرجل إذا قام يصلي بالليل أصبح طيب النفس؛ وإن نام حتى يصبح أصبح ثقيلا موصما.
التوصيم: الفترة والكسل.
* * * من اتصل فأعضوه.
أي دعا الجاهلية. وهي قولهم: يالفلان. قال الأعشى:
إذا اتَّصَلَت قالت أَبَكْرَ بنَ وائلٍ ... وبَكْرٌ سَبَتْهَا والأنُوفُ رَوَاغِمُ
وعن أبي بن كعب: إنه أعض إنسانا اتصل.
ويقال: وصل إليه واتصل اتصل إذا انتمى. قال الله تعالى: ( إلا الذين يصلون إلى قوم ).
* * * نهى عن بيع المواصفة.

وهي أن يبيع ما ليس عنده، ثم يبتاعه فيدفعه إلى المشتري؛ لأنه باع بالصفة من غير نظر ولا حيازة ملك.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - قال رجل: إني أردت السفر فأوصني. فقال له: إذا كنت في الوصيلة فأعط راحلتك حظها، وإذا كنت في الجدب فأسرع السير ولا تهود؛ وإياك والمناخ على ظهر الطريق فإنه منزل للوالجة.
الوصيلة، والوصلة: الأرض المكلئة تتَّصل بمثلها.
التهويد: المشي الرويد، من الهوادة.
الوالجة: الحيات والسباع؛ لاستتارها بالأولاج، وهي المغارات.
* * * شريح رحمه الله تعالى - إن رجلين اختصما إليه؛ فقال أحدهما: إن هذا اشترى مني أرضاً من أرض الحيرة وقبض مني وصرها، فلا هو يردُّ إليَّ الوصر ولا يعطيني الثمن، فلم يجبهما بشيء حتى قاما من عنده.
وروى: إن أحدهما قال: اشتريت من هذا أرضاً، فقلت: ادفع إليَّ الإصر؛ وإنه يأبى. فقال الآخر: إنها أرض جزية؛ فسكت شريح.
الوصر والإصر والأوصر والوصرة: الصك. قال عدي:
فأيُّكُم لم يَنَلْهُ عُرْفُ نائِله ... دَثْراً سَواما وفي الأرْياف أَوْصارَا
أي أقطعكم وكتب لكم السّجلات.
وقال آخر:
وما اتَّخَذْتُ صَرَاماً للِمُكُوثِ بها ... ولا انْتَقَثْتُكَ إلا لِلْوَصَرَّاثِ
الجزية: الخراج.
قالوا: وإنما سكت، لأنه أرض خراج، وقد اختلف في جواز بيعها فتوقف.
* * * في الحديث: إن أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع، كساها الأنطاع ثم كساها الوصائل.
وهي ثياب حبرة من عصب اليمن، الواحدة وصلية، يقال لثياب الغزل: الوصائل.
* * * توصيم في " اب " . الوضع في " ضا " . الواصلة والمستوصلة في " نم " . توصبياً في " وث " . بوصائله في " عص " . صوم الوصال في " لي " .
* * *
الواو مع الضاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - رأى على عبد الرحمن وضراً من صفرة. فقال: مهيم؟ فقال: تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب. فقال: أولم ولو بشاة.
أي لطخا من زعفران أو خلوق أو طيب له لون وردع.
مهيم: كقولك: ما وراءك؟ وهي كلمة يمانية.
النواة: وزن خمسة دراهم، أي على ذهب يساوي خمسة دراهم؛ وذلك نصف مثقال.
هذا التفسير مطابق لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى، لأن عنده أن ما جاز أن يقع عوضا في البيع جاز أن يكون مهرا.
وعندنا لا ينقص عن عشرة دراهم أو عن مثقال، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تنكح النساء إلا من الأكفاء؛ ولا مهر أقل من عشرة دراهم.
وفيه وجهان آخران أن يريد على قدر نواة من نوى التمر ذهباً في الحجم، أو على ذهب يوازن خمسة دراهم.
الوليمة: من الولم، وهو خيط يربط به؛ لأنها تعقد عند المواصلة.
* * * أقاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يهودي قتل جويرية على أوضاح لها.
هي حلى فضة؛ جمع وضح؛ سُمي باسم الوضح الذي هو البياض؛ كما سمَّى به الشيب والبرص.
فمن الشيب قوله صلى الله عليه وآله وسلم: غيروا الوضح.
أي خضبوه.
ومن البرص؛ حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: إن رجلا جاءه وبكفِّه وضح، فقال له: انظر بطن واد لا منجدٍ ولا متهم فتمعك فيه؛ ففعل فلم يزد شيئاً حتى مات.
أي لم يخلص ذلك الوادي لنجد ولا لتهامة ولكنه حدٌّ بينهما.
التمعُّك: التمرغ.
فلم يزد: أي لم ينتشر الوضح، وإنما بقي على حاله.
* * * أمر صلى الله عليه وآله وسلم بصيام الأواضح ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة.
أي بصيام أيام الأواضح، وهي الليالي البيض؛ جمع واضحة. والأصل وواضح، فقلبت الواو الأولى همزة، كقولهم في جمع واسطة وواصلة: أواسط وأواصل.
والمعنى ثالثة ثلاث عشرة، فحذف المضاف لعدم الالتباس وكذلك الباقيتان.
* * * في الموضحة خمس من الإبل.
هي الشَّجَّة التي توضح عن العظم، وفيها إذا وقعت عمداً القصاص، لإمكان استيفائه، وإذا وقعت خطأ ففيها خمس من الإبل.
وعن عمر رضي الله تعالى عنه: إن رجلا أتاه فقال: إن ابن عمي شُجَّ موضحة. فقال: من أهل القرى أم أهل البادية؟ فقال: من أهل البادية. فقال عمر: إنا لا نتعاقل المضغ بيننا.
التعاقل: تفاعل من العقل وهو الدية.
سُمي ما لا يعتد به في إيجاب الدية مضغا تقليلا وتصغيرا.
وكان عمر يقول: أهل القرى لا تعقل الموضحة؛ ويعقلها أهل البادية.
وعن عمر بن عبد العزيز: ما دون الموضحة خدوش فيها صلح.

وعن الشعبي: ما دون الموضحة فيه أجرة الطبيب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال الأسود: أفضنا مع عمر وهو على جمل أحمر، ونحن نُضع حوله - وروى: نُجف.
أوضع بعيره وأوجفه: حمله على الوضع والوجيف؛ وهما ضربان من السير الحثيث.
وعن رضي الله تعالى عنه: وجدنا الإفاضة هي الإيضاع.
وضع يده في كشية ضبٍّ، وقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُحرمه ولكن قذره.
وضع اليد في الطعام: عبارة عن الأخذ في أكله.
الكشية والكشَّة: شحم الضَّبّ، قال:
وأنت لو ذُقْتَ الكُشَيَ بالأكْبَادْ ... لما تركْتَ الضَّبَّ يَعْدُو بالوَادْ
قذره: تقذَّر منه.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - دفع من جمع، وهو يقول:
إليك تَعْدُو قَلِقاً وَضِينها ... مُخَالِفاً دينَ النَّصَاري دِينُها
إن تغفر اللهُمَّ تغفر جَمّا ... وأي عَبْدٍ لك لا أَلَمّا
الوضين: بطان موضون، أي منسوج وإنما قلق لضمرها.
دينها: أي دي مصاحبها.
لا ألما: أي لم يلم بالذنوب؛ وأكثر ما تجئ " لا " هذه مكررة.
* * * بالميضاة في " ست " . وضائع في " صب " . واضع يده في " قس " . واضع في " به " . وضم في " كس " . الموضع في " صق " . الوضح في " هل " . أضع العامة في " ين " . موضحات الأعلام في " دح " . وأوضعت في " سق " . ما أوضحوا في " اش " . وأوضع في " في " .
* * *
الواو مع الطاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجالس يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون؛ ألا أخبركم بأبغضكم إلى وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة؛ الثرثارون المتفيهقون. قيل: يا رسول الله وما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون.
قال المبرد: قولهم فلان موطأ الأكناف، أي أن ناحيته يتمكن فيها صاحبها غير مؤذًي ولا ناب به موضعه؛ من التوطئه وهي التمهيد والتذليل.
الثرثار: الكثير الكلام، ومنه قيل الثرثار للنهر، علم له؛ وهو من قولهم: عين ثرة؛ كثيرة الماء.
المتفيهق: من الفهق، وهو الامتلاء، يقال: فهق الحوض فهقاً وأفهقته؛ وهو الذي يتوسع في كلامه ويملا به فاه، وهذا من التكبر والرعونة.
* * * إن رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده صلى الله عليه وآله وسلم، فأوطأهم رعاء الإبل غلبة. فقالوا: وما أنتم يا رعاء النقد! هل تخبون أو تصيدون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بعث موسى وهو راعي غنم، وبعث داود وهو راعي غنم، وبعثت وأنا راعي غنم، أهلي بأجياد. فغلبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أي جعلوهم يوطئون قهراً وغلبةً عليهم.
تخبون: من الخبب، لأن رعاء الإبل في سوقها إلى الماء يخبون خلفها - وليس كذلك رعاء الغنم - ويعزبون بها في المرعى، فيصيدون الظباء والرئال، وأولئك لا يبعدون عن المياه والناس فلا يصيدون.
* * * إنَّ جبرئيل عليه السلام صلى به صلى الله عليه وآله وسلم العشاء حين غاب الشفق وائتطى العشاء.
هو من قول بني قيس: لم يأتط السعر بعد، أي لم يطمئن ولم يبلغ نهاه ولم يستقم. ولم يأتط الجداد بعد. ومعناه لم يحن، وقد ائتطى يأتطي كائتلى يأتلي، وهؤلاء يقولون: ما آطاني على كذا؛ أي ما ساعفني. ولو آطاني لفعلت كذا. وروى قول كثير عزة:
فأنت التي حَبَّبْتِ شَغْبَي إلَى بَدا ... إليَّ وأوطاني بلادٌ سِوَاهُما
وآطاني بلاد، بمعنى ووافقني بلاد، وكأنه من المواطأة والتَّوطئة، فلما قيل إطاء في وطاء، نحو إعاء في وعاء، وآطاني في واطاني نحو أحد وأناة في وحد ووناة، شيَّعوا ذلك بقولهم ايتطأ، وإلا فالقياس اتَّطأ كاتَّدأ، من ودأ، وأما قلبهم الهمزة التي هي لام فنحو قوله: لا هناك المرتع، وليس بقياس.
وفيه وجه آخر؛ وهو أن الأصل ائتط افتعل من الأطيط؛ لأن العتمة وقت حلب الإبل، وهي حينئذ تئطُّ؛ أي تحنّ وترقّ لأولادها، وجعل الفعل للعشاء وهو لها اتساعا نحو قولهم: صيد عليه يومان، وولد له ستون عاما، وصدنا قنوين.
* * * عمار رضي الله تعالى عنه - وشى به رجل إلى عمر؛ فقال: اللهم إن كان كذب عليَّ فاجعله موطأ العقب.
أي سلطانا يتَّبع ويوطأ عقبه.
* * *

ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - أتاه زياد بن عدي فوطده إلى الأرض - وروى: فأطره - وكان رجلا مجبولا عظيما. فقال عبد الله: أعلٍ عنِّج، فقال: لا حتى تخبرني متى يهلك الرجل وهو يعلم؛ قال: إذا كان عليه إمام إن أطاعه أكفره وإن عصاه قتله.
أي وطئه وغمزه إلى الأرض، من قولهم: وطدت الأرض أطدها طدة؛ إذا وطئتها أو ردستها حتى تتصلب. والميطدة ما يُوطد به من خشبة أو غيرها.
ومنه حديث البراء بن مالك رضي الله تعالى عنه: قال يوم اليمامة لخالد بن الوليد: طدني إليك، وكانت تصيبه عرواء مثل النفضة حتى يقطر.
أي ضمني إليك واغمرني.
أطره: عطفه.
مجبول: عظيم الجبلة؛ أي الخلقة.
أعل: من أعل عن الوسادة وعال عنها، ارتفع وتنحَّ.
عنَّج: يريد عنّى.
أكفره: نسبه إلى الكفر وحكم به عليه.
* * * عطاء رحم الله تعالى: في الوطواط يصيبه المحرم. قال: ثلثا درهم.
هو الخفاش وقيل: هو الخطَّاف.
* * * وطيئة في " اك " . وطأة في " جب " . أوطف في " قح " . والواطئة في " نو " . وطف في " بر " . وطفاء في " به " . وطف في " ير " .
* * *
الواو مع العين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا سافر سفراً قال: اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، وسوء المنظر في الأهل والمال.
ويروى: كان يتعوذ بالله من وعثاء السفر، وكآبة الشِّطة، وسوء المنقلب.
يقال: رمل أوعث، ورملة وعثاء لما يشتد فيه السير للينه ورسوخ الأقدام فيه، ثم قيل للشدة والمشقة: وعثاء على التمثيل.
كآبة المنقلب: أن ينقلب إلى وطنه ملاقياً ما يكتئب منه من أمر أصابه في سفره، أو فيما يقدم عليه.
الحور: الرجوع.
والكون: الحصول على حالة جميلة، يريد التراجع بعد الإقبال.
وهو في غير الحديث بالراء من كور العمامة وهو لفُّها، وفُسِّر بالنقصان بعد الزيادة وبالنقض بعد الشدّ والتَّسوية.
الشِّطَّة: بعد المسافة، من شطت الدار.
في الأنف إذا استوعبت جدعه الدِّية - وروى: أُوعب.
الإيعاب والاستيعاب: الاستئصال والاستقصاء في كل شيء. ومنه قولهم: أتى الفرس بركض وعيب؛ إذا جاء بأقصى ما عنده.
ومنه الحديث: إن النّعمة الواحدة تستوعب جميع عمل العبد يوم القيامة.
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه: نومة بعد الجماع أوعب للماء.
أي أحرى أن تخرج كلَّ ما بقي من ماء الرجل وتستقصيه.
وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان الناس يوعبون في النَّفير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيدفعون مفاتيحهم إلى ضُمنائهم. ويقولون: إن احتجتم فكلوا. فقالوا: إنما أحلوه لنا من غير طيب نفس فنزلت: (ليْسَ عَلَى الأعْمَى...) إلى قوله تعالى: (أو مَا مَلكْتُم مَفاتِحه).
من أوعب القوم، إذا خرجوا كلهم إلى الغزو، قال أوس:
نُبِّئْتُ أن بني جَدِيلَةَ أَوْعَبُوا ... نُفَرَاءَ مِنْ سَلْمَى لَنَا وتَكَتَّبُوا
ومنه الحديث: أوعب الأنصار مع علي إلى صفِّين.
* * * فوعك في " هض " . الوعول في " تح " . وعرا في " سح " . وعق في " كل " . استوعب في " ور " .
* * *
الواو مع الغين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنَّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغِّضْ إلى نفسك عبادة الله؛ فإن المنبتَّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
يقال: أوغل القوم وتوغلوا وتغلغلوا؛ إذا أمعنوا في سيرهم.
والمعنى أمعن فيه وابلغ منه الغاية القصوى والطبقة العليا، ولا يكن ذلك منك على سبيل الخُرق والتَّهافت والتّسرع؛ ولكن بالرفق والرِّسل، وتألف النفس شيئاً فشيئاً، ورياضتها فينةً بعد فينة، حتى تبلغ المبلغ الذي ترومه، وأنت مستقيم ثابت القدم ثبت الجنان، ولا تحمل على نفسك فيكون مثلك مثل من أغذ السير فبقي مُنبتًّا: أي منقطعا به لم يقض سفره وأهلك راحلته.
وعن تميم الداري: خُذ من دينك لنفسك ومن نفسك لدينك حتى يستقيم بك الأمر على عبادة تطيقها.
وعن بريدة قال: بينما أنا ماشٍ في طريق إذا أنا برجل خلفي فالتفتُّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيدي فانطلقنا، فإذا نحن برجل يُصلي يُكثر الركوع والسجود، فقال لي: يا بريدة، أتراه يُرائي! ثم أرسل يده من يدي وجمع يديه وجعل يقول: عليكم هدياً قاصداً. إنه من يشادّ هذا الدين يغلبه.

عائشة رضي الله تعالى عنها - في قصة الإفك: إنها قالت: أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في حر الظهيرة.
وفيها: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي.
أي داخلين في الوغرة وهي فورة القيظ وشدَّته، ومنها وغر صدره، والوغير: اللحم المشويّ على الرّمضاء.
ومغورِّين من التغوير، وهو النزول للقائلة شديد الطباق لهذا الموضع لولا الرواية. على أن تحريف النقلة غير مأمون لترجل كثير منهم في علم العربية، والإتقان في ضبط الكلم مربوط بالفروسية فيه.
البرحاء: شدة الكرب.
* * * عكرمة رحمه الله تعالى - من لم يغتسل يوم الجمعة فليستوغل.
أي فليغسل المغابن والأرفاغ ليزول صنانها ونتنها؛ لأن القوم كانوا يعملون الأعمال الشاقة فتعرق منهم مغابنهم، ويستنجون بالأحجار فأراد أن ينظفوا هذه المواضع بالغسل إن لم يكن الغُسل.
والاستيغال: استفعال من الوغول في الشيء، وهو الدخول في أقصاه.
* * * الأوغاب في " سخ " . لا يغل في " غل " . واغرة في " زو " .
* * *
الواو مع الفاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أمر بصدقة أن توضع في الاوفاض.
هم الفرق من الناس، من قولهم: وفضت الإبل تفض وفضاً إذا تفرَّقت، أو الذين معهم أوفاض، جمع وفضة؛ وهي كالكنانة يُلقي الراعي فيها طعامه، أو الفقراء الضِّعاف الذين لا دفاع بهم؛ من قولهم للوضم وفضٌ، والجمع أوفاض. قال الطرماح:
كم عَدُوٍّ لَنَا قُرَاسِيِةِ المج ... د تَرَكْنَا لَحْماً عَلَى أَوْفَاضٍ
أو الذين يسيحون في الأرض، من قولهم: لقيته على أوفازٍ وعلى أوفاض، الواحد وفز ووفض، وهو العجلة. قال:
يَمْشي بنا الجِدَّ على أوفاضِ
ومنه استوفض؛ إذا استوفز.
أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم كلما قٌرضت وفت، فقال جبريل: هؤلاء خطباء أُمتك الذين يقولون ما لا يفعلون.
أي نمت وطالت؛ يقال: وفي شعره وأوفيته أنا.
* * * واستوفضوه في " اب " . موفداً في " قص " . وفى في " غث " . وفره في " شذ " . وافه في " وه " .
* * *
الواو مع القاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن رجلا كان واقفاً معه وهو محرم فوقصت به ناقته في أخاقيق جرذان فمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اغسلوه وكفنوه ولا تخمروا وجهه، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً، أو قال ملبداً.
الوقص: كسر العنق.
الأخقوق والُّلخقوق: الخدُّ والصَّدع في الأرض كالخقِّ والَّلقّ.
من سأل وله أوقية فقد سأل الناس إلحافاً.
وهي أربعون درهما، وهي أُفعولة، من وقيت؛ لأنَّ المال مخزون مصون، أو لأنه يقي البؤس والضّرّ.
* * * دخلت الجنة فسمعت وقشاً خلفي فإذا بلال.
أي حركة، قال:
لاخْفَافِها باللْيلِ وَقْشٌ كَأَنَّهُ ... على الأَرْض تَرْشَافُ الظِّبَاءِ السَّوانح
* * * قدمت عليه صلى الله عليه وآله وسلم حليمة، فشكت إليه جدب البلاد، فكلَّم لها خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيراً موقعاً للظعينة فانصرفت بخير.
هو الذي بظهره وبر كثير لكثرة ما رُكب وحُمل عليه.
الظعينة: الهودج.
* * * لما رأى صلى الله عليه وآله وسلم الشمس قد وقبت. قال: هذا حين حلِّها.
أي غابت. ومنه قوله تعالى: (إذا وَقَب). يقال: وقبت عيناه إذا غارتا، وقيل للنقرة: الوقبة لأنها مكان غائر.
حين حلها: أي الحين الذي يحلُّ فيه أداؤها ، يعني صلاة المغرب.
* * * صلى على أبي الدحداح ثم أتى بفرس عري فركبه وجعل يتوقص به ونحن مشاة حوله.
وفيه أنه قال: رب عذق له مذلل في الجنة.
التوقص: سير بين العنق والخبب.
العذق: النخلة.
المذلل: الذي سويت عذوقه عند الإبار.
وقيل: هو الذي يقرب من القاطف فلا يتطاول إليه، من قولهم للحائط القصير: ذليل.
* * * لم يقت صلى الله عليه وآله وسلم في الخمر حدًّا.
أي لم يحد، يقال: وقت الشيء ووقَّته، إذا بيَّن حده. ومنه قوله تعالى: (كتاباً مَوْقُوتاً).
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل به الوحي وقط في رأسه، واربدَّ وجهه، ووجد برداً في أسنانه.
يقال: وقطه؛ إذا ضربه حتى أثقله فهو وقيط وموقوط.
وقيل: الوقيط الذي طار نومه فأمسى متكسراً ثقيلا قال الأسود:

وجهمان وكلنا بذكرة وَائِل ... يَبِيتُ إذا نامَ الخَلِيُّ وَقِيطا
فدًى لك أمي يوم تضرب وَائِلا ... وقد بلَّ ثوبيه النَّجِيعُ عَبِيطا
وروى بالظاء. يقال: وقذه ووقظه، ووقظ في رأسه. نحو قولك: ضُرب فلان في رأسه وصدع في رأسه؛ تسند الفعل إليه، ثم تذكر مكان مباشرة الفعل وملاقاته، مُدخلا عليه الحرف الذي هو للوعاء.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - لما كان يوم أُحد كنت أتوقل كما تتوقل الأروية، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهو في نفر من أصحابه وهو يوحي إليه: (وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خَلَتْ من قبله الرُّسُل).
وقل في الجبل وتوقَّل، إذا رقى.
الأروية: أنثى الوعول.
* * * إني لأعلم متى تهلك العرب؛ إذا ساسها من لم يدرك الجاهلية فيأخذ بأخلاقها، ولم يدركه الإسلام فيقذه الورع.
أي يسكنه ويقره عن التخفيف إلى انتهاك ما لا يحلّ.
قال أبو سعيد: الوقذ: الضرب على فأس الققا، فتصير هدَّته إلى الدماغ فيذهب العقل.
* * * معاذ رضي الله تعالى عنه - أتى بوقص وهو باليمن، فقال: لم يأمرني فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء.
هو ما بين الفريضتين.
* * * أُبيّ رضي الله تعالى عنه - قال لرجل كان لا تُخطئه الصلاة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيته في أقصى المدينة: لو اشتريت دابَّة تقيك الوقع؟ فقال له: ما أحب أن بيتي مُطنَّب ببيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقعت القدم توقع وقعا، إذا مشت في الوقع، وهي الحجارة المحددة. من وقع السكين إذا حدده؛ فوهنت. قال:
يا ليتَ لي نَعْلَيْنِ من جِلْدِ الضَّبُعْ ... وشُرُكاً منَ اسْتِها لا تَنْقَطِعْ
كلَّ الحِذَاء يَحْتَذي الحافي الوَقِعْ
* * * ووقير في " صب " . وقب في " غس " . الوقير في " عش " . موقع في " نس " . وقر في " من " . تواقصت في " ذب " . ووقاعة في " سد " . وقيذ الجوانح في " زف " . الواقصة في " قر " . تاج الوقار في " يم " . اتقينا برسول الله في " حم " . واقفا من دقيقه في " ثم " .
* * *
الواو مع الكاف
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إنَّ العين وكاء السَّهِ؛ فإذا نامت العينان استطلق الوكاء، فإذا أحدكم فليتوضأ.
جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة، وهو الخليط الذي يشدُّ به فوها.
السَّه: الاست أصلها ستهٌ، فحذفت العين كما حُذفت من مذ، وإذا صغرت رُدَّت فقيل: سُتيهة.
* * * خيار الشهداء عند الله أصحاب الوكف. قيل: يا رسول الله: ومن أصحاب الوكف؟ قال: قوم تُكفأ عليهم مراكبهم في البحر.
الوكف: من قولهم: وكف البيت، وهو مثل الجناح يكون عليه الكنيف.
ومنه قولهم: اجتنحوا وتواكفوا بمعنى. وقيل للنطع: الوكف، كما قيل له الميناة، لأنهم كانوا يتخذون القباب من الأنطاع.
والمعنى أن مراكبهم قد اجتنحت عليهم وتكفأت؛ فصارت فوقهم مثل أوكاف البيوت.
* * * توضأ صلى الله عليه وآله وسلم فاستوكف ثلاثاً.
أي استقطر الماء؛ والمعنى اصطبه على يديه ثلاث مرات فغسلهما قبل إدخالهما في الإناء.
* * * أتاه صلى الله عليه وآله وسلم الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب يسألانه عن أبويهما السعاية، فتواكلا الكلام فأخذ بآذانهما؛ وقال: أخرجا ما تصرِّران، قال: فكلمناه فسكت - قال: ورأينا زينب تلمع من وراء الحجاب ألا تعجل - وروى: أن لا تفعل.
التَّواكل: أن يكل كل واحد أمره إلى صاحبه ويتَّكل عليه فيه.
تُصرِّران: تجمعان في صدوركما. ومنه قيل للأسير: مصرور لصرّ يديه وعنقه بالغل ورجليه بالقيد.
تلمع: تشير بيديها.
وإنما سكت لأن الصدقة محرَّمة على بني هاشم عملوا فيها أو لم يعملوا.
* * * والذي نفس محمد صلى الله عليه وآله وسلم بيده لا يحلف أحدٌ وإن على مثل جناح البعوضة إلا كانت وكتةً في قلب.
هي الأثر كالنكتة، ومنها قولهم: وكتت البسرة إذا وقع فيها شيء من الإرطاب.
* * * الزبير رضي الله تعالى عنه - كان يوكي بين الصفا والمروة.
أي لا ينبس في الطواف بهما، كأنه أوكى فاه كما يوكي السقاء.
قال الأعرابي لرجل يتكلم: أوك حلقك.
أي يسرع ولا يمشي على هينته، كأنه يملأ ما بينهما سعياً، لأنَّ السِّقاء لا يُوكى إلا بعد الملء؛ فعبر عن الملء بالإيكاء.
* * *

معاوية رضي الله تعالى عنه - كتب إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما: إني لم أكسك ولم أخسك.
من وكس يكس وكساً، إذا نقص، يقال: لا تكس الثمن.
وخاس فلان وعده، إذا أخلف وخان، أي لم أنقصك حقك ولم أخنك. ويجوز أن يكون من قولهم؛ يُخاس أنفه فيما كره، أي يذلّ، أي ولم أذلك ولم أهنك.
* * * ابن عمير رضي الله تعالى عنه - أهل الجنة يتوكفون الأخبار، فإذا مات الميت سألوه ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ يقال: توكف الخبر وتوَّقعه وتسقطه، إذا انتظر وكفه ووقوعه وسقوطه؛ من وكف المطر، إذا وقع ويدل على أنه منه ما رواه الأصمعي من قولهم: استقطر الخبر واستودقه.
* * * اتكل في " بج " . ووكاءها في " عف " . الموكى في " " . وأوكوا في " " . وكل في " غر " . الوكوف وموكدا في " قص " . أوكدتاه في " " . وكف في " كل " . غير وكل في " دس " . وكيع في " هو " . الوكت في " جذ " .
* * *
الواو مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لا تولَّه والدة عن ولدها، ولا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة.
أي لا تعزل عنه، من الواله، وهي التي فقدت ولدها.
ومنه: إنه نهى عن التوليه والتبريح.
قالوا: التبريح: قتل السوء، كإلقاء السمكة حيَّةً على النار، وإلقاء القمل فيها.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي. هو كل ولي كالأب، والأخ وابن الأخ، والعم وابن العم والعصبة كلهم.
ومنه حديثه صلى الله عليه وآله وسلم: أيما امرأة نكحت بغير أمر مولاها فنكاحها باطل.
نهى صلى الله عليه وآله وسلم أن يجلس على الولايا ويضطجع عليها.
هي البراذع، لأنها تلى ظهور الدواب، الواحدة ولية.
وفي حديث ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما: إنه خرج فبات بقفر، فلما قام ليرحل وجد رجلاً طوله شبران، عظيم اللحية على الولَّية، فنفضها فوقع، ثم وضعها على الراحلة، وجاء وهو على القطع فنفضه فوقع، فوضعه على الراحلة وجاء وهو الشرخين، فنفض الرحل، ثم شده وأخذ السوط ثم أتاه. وقال: من أنت؟ فقال: أنا أزب. فقال: وما أزب؟ قال: رجل من الجن. قال: افتح فاك أنظره. ففتح فاه. قال: أهكذا خلوقكم؟ وروي: خلوقكم، ثم قلب السوط فوضعه في الرأس أزب حتى باص.
القطع: الطنفسة.
الشرخان: جانبا الرحل.
الخلوق: جمع خلق.
باص: هرب.
كره ذلك لئلا تقمل فتضر بالدواب، وألا يعلق بها الشوك والحصى فتعقر ظهورها، وألا توسخ ثوب القاعد والمضطجع.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - قال أبو الجناب: جاء عمى من البصرة يذهب بي، فقالت أمي: والله لا أتركك تذهب به، ثم ذكرت ذلك لعلي، فقال عمى: والله لأذهبن به، وإن رغم أنفك! فقال علي: كذبت والله وولقت، ثم ضرب بين أذنيه بالدرة.
الولق والألق: الاستمرار في الكذب؛ من ولق يلق وألق يألق، إذا أسرع في مره، ومنه ناقة ألقلى وولقي؛ أي سريعة.
* * * بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليدي قوما قتلهم خالد بن الوليد فأعطاهم ميلغة الكلب وعلبة الحالب، ثم قال: هل بقي لكم شيء؟ ثم أعطاهم بروعة الخيل، ثم بقيت معه بقية فدفعها إليهم.
أي أعطاهم قيمة ما ذهب لهم حتى الميلغة؛ وهي الظرف الذي يلغ فيه الكلب، والعلبة، وهي محلب من خشب.
ثم أعطاهم أيضا بسبب روعة أصابت نساءهم وصبيانهم حين وردت عليهم الخيل. وروى: بقيت معه بقيةٌ فأعطاهم إياها، وقال: هذا لكم بروعة صبيانكم ونسائكم.
* * * ابن أسيد رضي الله تعالى عنه - كان يقال لسيفه ولول وابنه القائل فيه يوم الجمل:
أَنَا ابنُ عَتَّابٍ وسَيْفي وَلْوَلْ ... والمَوْتُ دون الجَمَل المُجَلَّلْ
كأنه سُمي ولولا، لأنه كان يقتل به الرجال فتولول نساؤهم.
وابن عتاب: هو عبد الرحمن يعسوب قريش، ثهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها فقتل، فاحتملت عُقاب كفَّه فأصيبت ذلك اليوم باليمامة فعرفت بخاتمه.
* * * ابن الحنفية رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا مات بعض أهله أولى لي! كدت أن أكون السواد المُخترم.
أولى: كلمة تلهف ووعيد. ومنه قوله تعالى: (أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى)؛ شبًّه كاد بعسى، فأدخل أن على خبره كقول أبي النجم:
قد كادَ من طُولِ البِلَى أَنْ يَمْصَحَا
* * * شريح رحمه الله تعالى: إن رجلا اشترى جارية وشرطوا أنها مولدة فوجدوها تليدها فردّها.

المولَّدة: التي ولدت من العرب ونشأت مع أولادهم، وغذوها غذاء الوليد وعلّموها تعليم الولد وأدّبوها.
والتليدة: التي ولدت ببلاد العجم وحُملت فنشأت في بلاد العرب.
* * * ابن سيرين رحمه الله تعالى - كان يكره شراء سبي زابل، وقال: إنَّ عثمان ولث لهم ولثاً.
أي أعطاهم شيئاً من العهد. ومنه ولث السحاب، وهو النَّدى السير.
* * * في الحديث: كان بعض الأنبياء يقول: اللهم احفظني حفظ الوليد.
هو الصبي الصغير؛ لأنه لا يبصر المعاطب، وهو يتعرض لها ويحفظه الله، أو لأن القلم مرفوع عنه فهو محفوظ من الآثام.
* * * إن مسافعا قال: حدثتني امرأة من بني سليم ولَّدت عامة أهل دارنا.
أي قبلتهم.
والمولدة: القابلة.
* * * لا توله في " غف " . أو لم في " وض " . الولدان في " أم " للوالجة في " وص " . ولا هم في " بج " . أولى به في " اس " .
* * *
الواو مع الميم
وميضا في " قع " .
* * *
الواو مع النون
العوام بن حوشب رحمه الله تعالى - قال: حدثني شيخ كان مرابطا قال: خرجت ليلة محرسي إلى الميناء.
هو مرفأ السفن وهو مفعال من الونى، وهو الفتور لأن الريح تنى فيه، كما سُمي الكلاء والمكلأ؛ لأنها تُكلأ فيه. وقد يقصر فيقال مينا. ووزنه مفعل.
قال نصيب:
تيممن منها خارجات كأنها ... بدجلة في الميناء فلك مُقَيَّرُ
* * * الواو مع الهاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم - صلى فأوهم في صلاته. فقيل له: يا رسول الله كأنك أوهمت في صلاك! فقال: وكيف لا أوهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته؟ أوهم في كلامه وكتابه؛ إذا أسقط منه شيئاً؛ ووهم يوهم وهماً: غلط.
وهذا كحديثه صلى الله عليه وآله وسلم - وقد استبطئوا الوحي: وكيف لا يحتبس الوحي وأنتم لا تقلِّمون أظفاركم، ولا تقصون شواربكم، ولا تنقون براجمكم؟ * * * أهدى له صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن جداعة القيسي شاة فأتاه، فقال: يا رسول الله؛ أثبني، فأمر بحق، فقال: زدني يا رسول الله. فأمر له بحق. ثم عاد فقال: زدني فزاده، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد هممت ألا أتَّهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي. فقال في ذلك حسان كلمة فيها:
إنَّ الهدايا تجارَاتُ اللِّئامِ وما ... يَبْغِي الكرامُ لما يُهْدُون من ثَمَنِ
الاتِّهاب: قبول الهبة، وكان ابن جداعة بدوياًّ، وقريش والأنصار وثقيف أهل حضر، وهم أعرف بمكارم الأخلاق.
* * * قال مجمع بن جارية رضي الله عنه: شهدنا الحديبية مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر. فقال بعضهم لبعض: ما لهم؟ قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف.
أي يحثونها ويدفعونها.
ومنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه: إنه ندب الناس مع سلمة بن قيس الأشجعي إلى بعض أرض فارس، ففتح الله عليهم، فأصابوا سفطين مملوءين جوهراً فرأوا أن يكونا لعمر خاصة دون المسلمين، فدعا سلمة رجلا وأمره بحمل السفطين إلى عمر.
قال فانطلقنا بالسفطين نهز بهما، حتى قدمنا المدينة. فذكر أنه دخل على عمر وحضر طعامه، فجات جارية بسويق، فناولته إياه.
قال: فجعلت إذا حرّكته ثار له قشار، وإذا تركته نثد.
قال: ثم جئت إلى ذكر السفطين فلكأنما أرسلت عليه الأفاعي والأساود والأراقم. وقال: لا حاجة لي فيه، ثم حملني وصاحبي على ناقتي ظهيرتين من إبل الصدقة.
نهز: أي نسرع بهما وندفع.
القشار: القشر.
نثد: أي وركد، ومنه نثدت الكمأة؛ إذا نبتت، والنبات والثبات من واد واحد. ويصدق ذلك قولهم: نثطت الكمأة، ونثط الله الأرض بالآكام: أثبتها وأرطدها.
وجاء في قلب نثد الرجل؛ إذا كثر لحمه، فهو ثادن، والثدين قليل الحركة متثاقل عن النهضة ساكن الطائر، وكذلك دثن الطائر في الشجرة؛ إذا عشش فيها وأقام: والإقامة من باب الركود والثبات.
الظهير: القوى الظهر.
* * * لايغير واهف عن وهفيته - ويروى: زهافته، ولا قسيس عن قسيسيته - وروى: وافه عن وفهيته.
الواهف والوافة: القيم على بيت النصارى الذي فيه صليبهم.
وعن قطرب: الحكم. وقد وفه يفه على وزن وضع يضع.
* * * عائشة رضى الله عنها - ذكر لها قول ابن عمر في قتلى بدر، فقال: وهل ابن عمر.

أي سها وغلط، يقال: وهل يهل مثل وهم يهم؛ إذا وهمه إلى الشيء وليس كذلك.
* * * قتادة رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: ( يأخذون عَرَض هذا الأدْنى ويقولون سيُغْفَرُ لنا ).
قال نبذوا الإسلام وراء ظهورهم وتمنوا على الله الأماني، كلما وهف لهم شيء من الدنيا أكلوه ولا يبالون حلالاً كان أو حراماً.
أي بدالهم وعرض. يقال: وهف لي كذا وهفاً، وأوهف إيهافاً؛ أي طف لي.
ومنه حديث رحمة الله: كانوا إذا وهف لهم شيء من الدنيا أخذوه وإلا لم يتقطعوا عليها حسرة.
في الحديث: المؤمن واه راقع.
أي مذنب تائب، شبه بمن يهيء ثوبه فيرقعه؛ والمراد بالواهي ذو الوهى في ثوبه.
* * * وهلين في " ست " . يواهق مواهقة في " قط " . ووهاطها في " نص " . وهرصة قي " حك " . وهف في " سح " . الوهازة في " سد " .
* * *
الواو مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعمار: ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية.
ويح وويب وويس، ثلاثتهما في معنى الترحم.
وقيل: ويح رحمة لنازلٍ به بلية، وويس رأفة واستملاح، كقولك للصبي: ويسه ما أملحه! وويب مثل ويح. وأما ويل فشتم ودعاء بالهلكة.
وعن الفراء: إن الويل كلمة شتم ودعاء سوء؛ وقد استعملتها العرب استعمال " قاتله الله " في موضع الاستعجاب. ثم استعظموها فكنوا عنها بويح وويب وويس، كما كنوا عن قولهم: قاتله الله بقولهم: قاتعه الله، وكاتعه، وكما كنوا عن جوعاً له بجوساً له وجوداً. وقال حميد بن ثور:
أَلاَ هَيَّمَا مِمَّا لَقِيت وَهَيّماً ... وَوَيْحٌ لمن لم يَدْرِ ما هُنَّ وَيْحَمَا
وانتصابه بفعل مضمر، كأنه قيل: ترحم ابن سمية، أي أترحمه ترحما.
سمية: كانت أمة أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، زوّجها ياسراً، وكان حليفه، فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - ويلمِّه كيلاً بغير ثمن لو أن له وعاء.
أصله وي لأمه، وهو تعجب. يريد أنه يكيل العلوم الجمَّة وهو لا يأخذ ثمنا بذلك الكيل، إلا أنه لا يصادف واعياً للعلم وحاملاً له بحق.
* * * ويلمه في " حش " .
* * * آخر كتاب الواو
 ==========

حرف الهاء
الهاء مع الألف

عمر رضي الله تعالى عنه - لا تشتروا الذهب بالفضة إلا يداً بيد، هاء وهاء، إني أخاف عليكم الرَّماء - وروى: الإرماء.
هاء: صوت بمعنى خذ.ومنه قوله تعالى: ( هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتَابِيهَ ).
وقول علي رضى الله تعالى عنه:
أفاطم هَائِي السيف غير ذميم ... فلستُ برِعْدِيدٍ ولا بلئيمِ
أي كل واحد من متولى عقد الصرف يقول لصاحبه: هاء، فيتقابضان قبل تفرقهما عن المجلس.
الرماء: الزيادة؛ من أرمى الشيء إذا زاد إرماء. قال حاتم:
قد َأرْمَى ذِرَاعاً على الَعْشر
يعني الربا في كون أحدهما كالئاً. فأما التفاضل في بيع الذهب بالفضة فلا كلام فيه.
على رضى الله عنه: قال: ها، إن هاهنا - وأومى بيده إلى صدره - علماً لو أصبت له حمله! بلى أصيب لقناً غير مأمون.
ها: كلمة تنبيه للمخاطب ينبه بها على ما يساق إليه من الكلام.
اللقن: الفهم، أي أصيب من يفهمه، إلا أني لا آمن أن يحرف ما يتلقنه فيحدث به على غير جهته.
* * *
الهاء مع الباء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب أو ظلمة أو هبوة فأكملوا العدة ثلاثين، لا تستقبلوا الشهر استقبالاً، ولا تصلوا شهر رمضان بيوم من شعبان.
الهبوة: الغبر، يقال: لدقاق التراب إذا ارتفع: هبا يهبو هبوا فهو هاب.
لا تستقبلوا: أي لاتقدموا صيام شهر رمضان، فإذا ما تطوَّع فلا بأس، وهو من الاستقبال الذي في قوله:
وخيرُ الأمر ما استقبلتَ منه ... وليس بأنْ تتبعه اتِّبَاعا
ومنه قول العرب: خذ الأمر بقوابله.
* * * أقبل سهيل بن عمرو رضي الله تعالى عنه يتهبى كأنه جمل آدم، فلقيه رجل، فقال: ما منعك أن تعجِّل الغدوّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمالا النِّفاق، والذي بعثه بالحق لولا شيء يسوءه لضربت بهذا السيف فلحتك - وكان رجلا أعلم.
يقال: مرَّ يتهبَّى ويتهفَّل؛ وهو المشي المختال؛ تفعل من هبا يهبو هبوًّا؛ إذا مشى مشياً بطيئاً، كأنه يثير الهبوة بجرَّه قدمه. ويقال للضعيف البصر الذي لا يدري أين يطأ: متهب، قال الأغلب:

كأنه إذ جال في التهبّي ... جنّىّ قَفْرٍ طَالِب لنَهْب
الآدم: الأبيض الأسود المقتلين.
الفلحة: موضع الشق في الشفة السفلى كالشترة والخرمة، وقد سمى بها موضع العلم، وهو الشقُّ في الشفة العليا، لالتقائهما في معنى الشقِّ في الشفة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - قال لما مات عثمان بن مظعون على فراشه، هبته الموت عندي منزلة حين لم يمت شهيداً، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فراشه وأبو بكر على فراشه علمت أن موت الأخيار على فرشهم.
أي طأطأه وحطَّ من قدره، وهبته وهبطه أخوان.
* * * لما جرى على المسلمين يوم أُحد ما جرى من القتل أقبل أبو سفيان وهو يقول: اعْلُ هبل! فقال عمر: الله أعلى وأجلّ! فقال أبو سفيان: أنعمت فعال عنها.
كان أبو سفيان حين أراد الخروج إلى أُحد امتنعت عليه رجاله فأخذ سهمين من سهامه، فكتب على أحدهما نعم، وعلى الآخر: لا. ثم أجالهما عند هبل فخرج سهم الإنعام فاستجرَّهم بذلك.
فمعنى أنعمت جاءت بنعم، من قولك أنعم له؛ إذا قال له: نعم.
فعال عنها: أي تجاف عنها ولا تذكرها بسوء فقد صدقت في فتواها، والضمير في أنعمت وعنها للأصنام، يعني هبل وما يليه من أصنام أُخر.
* * * أبو ذر رضي الله تعالى عنه - قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة القدر. فقال: هي في شهر رمضان في العشر الأواخر فاهتبلت غفلته؛ فقلت: أيّ ليلة هي؟ أي تحينتها واغتنمتها، من الهبالة وهي الغنيمة.
وقال الجاحظ: الهبالة الطلب، وأنشد:
ولأحشَأَنَّكَ مِشْقَصاً ... أوْساً أُوَيسُ من الهَبَالَهْ
أي لأحشأنك مشقصاً عصا بدل ما تطلبه. كقوله: من ماء زمزم في قوله:
فليتَ لنا من ماء زَمْزَم شَرْبَةً ... مبَرَّدَةً باتَتْ على الطَهيَانِ
* * * الأشعري رضي الله تعالى عنه - قال: دلوني على مكان أقطع به هذه الفلاة.
فقالوا: هو بجة تنبت الأرطى بين فلج وفليج. فحفر الحفر ولم يكن بالمنجشانية وماوية قطرة إلا ثماد أيام المطر، ثم استعمل سمرة العنبري على الطريق فأذن لمن شاء أن يحفر. فابتدءوا في يوم السبعين فماً من أفواه البئار.
الهوبجة: المطمئن من الأرض، وقيل: منتهى الوادي حيث تدفع دوافعه. قال:
إذا شرِبَتْ ماءَ الرِّجامِ وبرّكت ... بهَوْبَجةِ الريان قرَّت عيونُها
فلج: بين البصرة وضرية، وفليج قريب منه.
الأحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: منها حفر أبي موسى الأشعري، وهي ركايا احتفرها على جادّة البصرة بين ماوية والمنجشانيَّات.
وحفر ضبَّة؛ وهي ركايا بناحية الشواجن.
وحفر سعد بن زيد بن مناة وهي بحذاء العرمة وراء الدَّهناء عند جبل من جبالها يسمى جبل الحاضر.
البئار: جمع بئر. قال أبو العتاهية:
فإنْ حَفَرُوا بِئْرِي حفَرْتُ بِئَارَهم ... وإنْ بَحَثُوا عني ففيهمْ مَبَاحِثُ
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال في قوله تعالى: (كعَصْفٍ مَأْكُول): هو الهبور.
عصافة الزرع الذي يؤكل، يعني حطام التبن وما فتت من ورق الزرع، وكأنه من الهبر وهو القطع، ومنه هبرية الرأس، وهي قطع صغار في الشعر كالنخالة، المأكول: ما أُكل حبُّه فبقي صفراً.
عائشة رضي الله تعالى عنها - قالت في حديث الإفك: والنساء يومئذ لم يهبلهن اللحم.
أي لم يثقلهن ولم يكثر عليهن. يقال: رجل مهبَّل كثير اللحم. قال:
مِمَّنْ حَمَلْنَ به وهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُك النِّطَاقِ فشبَّ غير مُهَبَّل
وأصبح فلان مُهَبَّلاً، أي مُهَبَّجًا مورَّمًا.
وفي الحديث: إن الخير والشر قد خطا لابن آدم وهو في المهبل.
هو الرحم، وعن أبي زياد الأعرابي: المهبل هو الموضع الذي ينطف أبو عمير فيه بأروته.
أي يقطر فيه الذكر بمنيِّه.
* * * الهبيد في " هل " . الهبنقة في " ذا " . هبة في " دس " . هبل في " قص " . فهبتوها في " مس " . هبات في " ثم " . وهبرته هبرا في " دس " . هباء في " " . هبلت في " عر " . لا هبط في " غب " . هبة في " عس " .
* * *
الهاء مع التاء
علي رضي الله تعالى عنه - عن نوف البكالي قال: كنت أبيت على باب دار عليٍ فلما مضت هتكة من الليل قلت كذا.
يقال: سرنا هتكة من الليل، أي طائفة وهاتكناها: سرنا في دجاها.

أبو عبيدة رضي الله تعالى عنه - كان أهتم الثنايا. وكان قد انحار على حلقة قد نشبت في جراحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أُحد، فأزم عليها فنزعها - وروى: إن زردتين من زرد التسبغة قد نشبتا في خده. فعكر أبو عبيدة على إحداهما فنزعها فسقطت ثنيته، ثم عكر على الأخرى فنزعها فسقطت ثنيته الأخرى.
الهتم: انكسار الثنايا على أصلها.
انحاز عليها: انكب جامعا نفسه.
أزم: عضّ.
عكر: عطف.
التسبغة: زرد يتصل بالبيضة يستر العنق.
* * * ابن عمر رضي الله تعالى عنهما - أعوذ بك أن أكون من المستهترين.
هم السقاط الذين لا يبالون ما قيل لهم وما شتموا به. والهتر: مزق العرض. ويقال: استهتر فلان؛ إذا ذهب عقله بالشيء وانصرفت همَّته إليه حتى أكثر القول فيه وأُولع به؛ أراد المستهترين بالدنيا.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - قال: والله ما كانوا بالهتَّاتين، ولكنهم كانوا يجمعون الكلام ليُعقل عنهم.
الهتات: المهذار. وظل يهتُّ الحديث. والمرأة تهتّ الغزل يومها أجمع؛ أي تغزل بعضه فوق بعض وتتابع. وبانت السماء تهت المطر هتًّا.
في الحديث: أقلعوا عن المعاصي قبل أن يأخذكم الله فيدعكم هتًّا بتَّا.
يقال: هتّ ورق الشجرة وحته؛ أي يدعكم هلكى مطروحين مقطوعين.
* * * المستبان شيطانان، يتهاتران ويتكاذبان.
أي كل واحد منهما يتسقط صاحبه ويتنقصه؛ من الهتر وهو الباطل من القول.
* * * اهتروا في " فر " . فهتها في " كر " .
* * *
الهاء مع الجيم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعبد الله بن عمرو بن العاص - وذكر قيام الليل وصيام النهار: إنك إذا فعلت ذاك هجمت عيناك ونفهت نفسك.
أي غارتا وأعيت.
* * * لقي في مهاجره الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجَّارا بالشام قافلين إلى مكة، فعرَّضوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا.
المهاجر: يكون مصدراً وزمانا ومكانا.
وعرَّضوا: من العراضة، وهي هدية القادم.
في ركب: حال من اللقى.
إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ولا تقولوا هُجرا.
أي فحشا، وقد أهجر؛ إذا أفحش.
* * * اللهم إنَّ عمرو بن العاص هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر فاهجه الله، والعنه عدد ما هجاني - أو قال: مكان ما هجاني.
أي فجازه على الهجاء.
* * * لما خرج صلى الله عليه وآله وسلم هو وأبو بكر إلى الغار مرَّا بعبدٍ يرعى غنما، فاستسقياه من اللبن فقال: والله ما لي شاة تحلب غير عناق حملت أول الشتاء؛ فما بها لبن، وقد اهتجنت. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ائتنا بها؛ فدعا عليها بالبركة ثم حلب عُسًّا.
أي تبين حملها.
والهاجن: التي حملت قبل وقت حملها.
وقال يعقوب: اهتجن الفحل بنت اللبون؛ إذا ضربها فألقحها قبل أن تستحقّ؛ وقد هجنت هي تهجن هجونا فهي هاجن.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام للتهجد يشوص فاه بالسِّواك.
هو ترك الهجوع للصلاة بالليل.
يشوص فاه: أي ينقى أسنانه ويغسلها. يقال: شاصه وماصه.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه: ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلُّون بعده أبدا. فقالوا: ما شأنه؟ أهجر.
أي أهذي، يقال: هجر يهجر هجراً إذا هذى، وأهجر: أفحش.
* * * قال أسيد لعيينة بن حصن وهو ماد رجليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عين الهجرس؛ أتمدُّ رجليك بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم! شبه عينيه بعيه الهجرس؛ وهو ولد الثعلب.
قال أبو زيد: الهجرس القرد، وبنو تميم تجعله الثعلب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - كان يطوف بالبيت وهو يقول: (ربَّنَا آتِنَا في الدنيا حسنَةً وفي الآخرة حسنَةً وقِنَا عذابَ النار)، ماله هجِّيري غيرها.
الأصل في الهجِّيري، من قولهم: الهجر لهذيان المبرسم ودأبه وشأنه. تقول: رأيته يهجر هجراً وهجيري وإجيري قال ذو الرمة:
رَمَى فأَخْطَأَ والأَقْدَارُ غَالِبةٌ ... فانْصَعْنَ والْوَيْلُ هِجِّيرَاه والحَرَبُ
ثم كثرت، ثم استعملت في كل فعل يجعله المرء دأبه وديدنه. ويجوز أن يكون اسما للفعلة التي يلزمها الرجل ويهجر إليها ما سواها.
عجبت لتاجر هجر وراكب البحر.
خصَّ هجر لكثرة وبائها، أراد أنهما يخاطران بأنفسهما.

إن السائب بن الأقرع قال: حضرت طعامه فدعا بلحم غليظ وخبز متهجس.
أي فطير، من الهجيسة وهي الغريض من اللبن.
* * * عبد الرحمن رضي الله عنه - قال السور بن مخرمة: طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل، فأرسلني إلى علي رضي الله تعالى عنه - فدعوته؛ فناجاه حتى ابهارَّ الليل وانثال الناس عليه.
هو الطائفة منه.
ابهارَّ: انتصف.
انثال: مطاوع ثاله يثوله، يقال: ثلث الوعاء ثولا مثل هلته هيلاً؛ إذا صببت ما فيه.
وقال الأصمعي: الثولة الجماعة من القوم، وقد انثالوا عليه وتثوَّلوا، أي اجتمعوا.
* * * هجان في " " . فهجل في " وش " . مهجر ولا تهجروا في " لب " . هجرا في " دب " . وهجانه في " كو " . يهجرون في " حم " . إلا مهاجرا في " شع " .
* * *
الهاء مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا مرَّ بهدف مائل أو صدف مائل أسرع في المشي.
هما كل شيء عظيم مشرف كالحيد من الجبل وغيره.
* * * بعث صلى الله عليه وآله وسلم - إلى ضباعة، وذبحت شاة، فطلب منها فقالت: ما بقى إلا الرقبة، وإني لأستحى أن أبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرقبة، فبعث إليها أن أرسلى بها، فإنها هادية الساة وهي أبعد الشاة من الأذى.
أي جارحتها التي هدت جسدها، أي تقدمته.
ومنها قولهم: أقبلت هوادى الخيل؛ أي أعناقها، وقد تكون رعالها المتقدمة.
* * * خرج صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي مات فيه يُهادي بين اثنينحتى أُدخل المسجد.
أي يمشي بينهما معتمدا عليهما، وهو من التهادي، وهو مشي النساء، ومشي الإبل الثقال في تمايل يمينا وشمالا. تفاعل من الهدى وهو السكون.
* * * ذكر صلى الله عليه وآله وسلم الفتن فقال حذيفة بن اليمان: أبعد هذا الشر خير؟ فقال: هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء.
هدن وهدأ أخوان، بمعنى سكن. يقال: هدن يهدن هدونا ومهدنة، ومنه قيل للسكون ما بين المتعاديين بالصلح والموادعة هدنة.
الدَّخن: مصدر دخنت النار إذا أُلقي عليها حطب رطب فكثر دخانها وفسدت؛ ضربه مثلا لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصَّلاح الظاهر.
وكذلك الأقذاء مثل لكدورة نياتهم وفقد تصافيهم.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهد والهدَّة.
الهد الهدم الشديد كحائط ينهدم. والهدة: الخسوف.
* * * جاء شيطان فحمل بلالا فجعل يهد هذه يهدهد الصبي.
يقال: هدهدت الأم ولدها، أي حركته لينام.
قال صلى الله عليه وآله وسلم ذلك حين نام بلال عن إيقاظه القوم للصلاة.
* * * لا يمرض مؤمن إلا حطَّ الله هدبة من خطاياه.
هي مثل الهدفة؛ وهي القطعة؛ وهدب الشيء إذا قطعه. وهدب الثمرة، إذا قطفها.
ومنه حديث خباب رضي الله تعالى عنه قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوقع أجرنا على الله؛ فمنا من خرج من الدنيا لم يصب منها شيئاً، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.
* * * قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه: سل الله الهدى؛ وأنت تعني بهداك هداية الطريق، وسل الله السداد وأنت تعني بذلك سداد السهم - ويروي: وأنت تذكر مكان تعني.
يريد ليكن ما تسأل الله من الهدى والسداد في الاستقامة والاعتدال بمنزلة الطريق الناهج الذي لا يضل سالكه، والسهم السديد الماضي نحو الغرض لا يعدل.
* * * قال أبو لهب: لهد ما سحركم صاحبكم.
أي لنعم ما سحركم.
قال الأصمعي: يقال: إنه لهد الرجل، أي لنعم الرجل. وذلك إذا أثنى عليه بجلد وشدة. قال العجاج:
وعصف جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ
* * * أبو بكر رضي الله تعالى عنه - قال له ابنه عبد الرحمن: لقد أهدفت لي يوم بدر فضعفت عنك. فقال له أبو بكر: لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك.
يقال: أهدف له الشيء واستهدف، إذا أعرض وأشرف كالهدف للرامي.
ومنه حديث الزبير رضي الله تعالى عنه: إنه اجتمع هو وعمرو بن العص في الحجر.
فقال الزبير: أما والله لقد كنت أهدفت لي يوم بدر ولكني استبقيتك لمثل هذا اليوم.
فقال عمرو: وأنت والله لقد كنت أهدفت لي وما يسرني أن لي مثل ذلك بفرتي منك.
كان عبد الرحمن وعمرو بن العاص مع المشركين يوم بدر.
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال: أعطهم صدقتك وإن أتاك أهدل الشفتين منتفش المنخرين.

أي وإن أتاك زنجي أو حبشي غليظ الشفتين مستر خيهما منتفخ المنخرين مع قصور المارن وانبطاحه.
قال النضر: المنتفش من الأنوف: القصير المارن. وقد انتفش كأنه أنف الزنجي؛ وتأويله صلى الله عليه وآله وسلم: اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد الحبشي مجدع.
والضمير في أعطهم للولاة وأولى الأمر.
* * * القرضي رحمه الله تعالى - قال: بلغني أن عبد الله بن أبي سليط الأنصاري شهد الظهر بقباء وعبد الرحمن بن زيد بن حارثه يصلي بهم، فأخر الصلاة شيئاً، فنادي ابن أبي سليط عبد الرحمن حين صلى: يا عبد الرحمن؛ أكنت أدركت عثمان وصليت في زمانه؟ قال: نعم. قال: وكنت أدركت عمر وصليت في زمانه؟ قال: نعم. قال: فكانوا يصلون هذه الصلاة الساعة؟ قال: لا والله، فما هدى مما رجع.
لغة أهل الغور أن يقولوا في معنى بينت لك: هديت لك. ويقال: بلغتهم نزلت: أو لم يهدلهم.
وقوله: فما هدى من هذا، أي فما بين. وما جاء بالحجة.
مما رجع: أي مما أجاب، والمرجوع: الجواب. أي إنما قال: لا والله، وسكت فلم يجئ بجواب فيه بيان وحجة لما فعل من تأخير الصلاة.
* * * الهدم في " حب " . هدباء في " زو " . الهدى في " صب " . الهدبة في " عس " . وهدابها في " عب " . اهداب واهدل في " هو " . الهدنة في " ذم " . باهدام في " عش " . هدت في " قف " . هدنة في " حي " . متهدلة في " حد " . وهديه في " سم " .
* * *
الهاء مع الذال
ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لا تهذوا والقرآن كهذ الشعر، ولا تنثره نثر الدقل.
هو سرعة القراءة، وأصله سرعة القطع.
الدقل: إذا نثر تفرق؛ لأنه لا يصدق بعضه ببعض.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الكسر اليابسة حتى فارق الدنيا. وقد أصبحتهم تهذرون الدنيا. ونقد بإصبعه، فعل ذلك تعجباً.
أي تفرقونها وتبذرونها في كثرة وسعة. من قولهم: هذر فلان في منطقه يهذر ويهذر هذراً. وفلان هذرة ومهذارة مبذارة.
وروي: تهذون، أي تقطعونها إلى أنفسكم وتجمعونها وتسرعون إنفاقها، من هذه القراءة.
نقد: نقر. يقال: نقد الطائر الفخّ إذا نقره.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قيل له: اقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها أب إليَّ من أن أقرأ كما تقول هذرمة.
هي السرعة في الكلام والمشي.
والهذربة والهربدة نحوها. وقال أبو النجم يذم رجلا:
وكانَ في المجلس جَمَّ الهَذْرَمَةْ
* * * هذبوا فهذبوا في " قو " . يهذب في " عو " . مهذرة في " حي " . هيذرة في " شه " .
* * *
الهاء مع الراء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إن رفقة جاءت وهم يهرفون لصاحب لهم، ويقولون: يا رسول الله؛ ما رأينا مثل فلان: ما سرنا إلا كان في قراءة، ولا نزلنا كان في صلاة.
الهرف: الإطناب في المدح؛ ومنه المثل: لا تهرف بما لا تعرف.
* * * قال له صلى الله عليه وآله وسلم رجل: يا رسول الله؛ مالي ولعيالي هارب ولا قارب غيرها.
أي صادر عن الماء ولا وارد غيرها، يعني لا شيء لنا سواها.
* * * أكل صلى الله عليه وآله وسلم كتفاً مهرَّتة ثم مسح يده بمسح ثم صلى.
هرت اللحم وهرده وهراه بمعنى.
* * * إن حنيفة النعم أتاه صلى الله عليه وآله وسلم فأشهده ليتيم في حجره بأربعين من الإبل التي كانت تسمى المطيبة في الجاهلية. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فأين يتيمك يا أبا جذيم وكان قد حمله معه؟ قال: هو ذاك النائم وكان يشبه المحتلم. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لعظمت هذه هراوة يتيم.
يريد شخص اليتيم وشطاطه؛ شبهه بالهراوة وهي العصا.
* * * في ذكر نزول المسيح صلوات الله عليه: ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في مهرودتين. قال: وتقع الأمنة في الأرض.
أي في حلتين مصبوغتين بالهرد، وهو صبغ شبه العروق.
قال الأسدي: الهرد صبغ أصفر؛ يقال إنه الكركم، وجاء في الحديث يعني في ممشقتين.
ونحوه ما روى: إنه ينزل بين ممصرتين.
وقال أبو عدنان: أخبرني العالم من أعراب باهلة أن الثوب يُصبغ بالورس ثم بالزعفران فيجيء لونه لون زهرة الحوذالة فذلك الثوب المهرود.
روى بالدال والذال؛ والمعنى واحد.
وقد رأى القتيبي أن المراد في شقتين؛ من الهرد وهو الشق، ومنه هرد عرضه وهرته وهرطه: مزَّقه.

أو أن يكون الصواب مهروتين على بناء هروت، من هرّيت العمامة إذا صفرتها. وأنشد:
رأيتك هرَّيْتَ العمامةَ بَعْدَما أراكَ زماناً حاسِراً لم تَعَصَّب
والصواب ألا يعرج على رأييه.
* * * تعشوا لو بكف من حشف، فإن ترك العشاء مهرمة.
أي مظنة للضعف والهرم، وكانت العرب تقول: ترك العشاء يذهب بلحم الكاذة.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - في حديث القتيل الذي اشترك فيه سبعة نفر: إنه كاد يشك في القود: فقال له علي: يا أمير المؤمنين؛ أ رأيت لو أن نفراً اشتركوا في سرقة جزور، فأخذ هذا عضواً وهذه عضواً، أكنت قاطعهم؟ قال: نعم؛ فذلك حين استهرج له الرأي.
أي اتسع وانفرج، من قولهم للفرس الواسع الجري: مهرج وهرَّاج. قال:
طرابا له كل طوال أهرجا ... غَمْرُ الأَجَارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجَا
ويقال للقوس الفجواء: الهرجة.
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس؛ من لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، يتهارجون تهارج البهائم كرجراجة الماء الخبيث التي لا تطعم.
أي يتسافدون؛ يقال لبقيَّية الماء المختلطة بالطين في أسفل الحوض رجرجة، وأما الرجراجة فهي المترجرجة؛ يقال: جارية رجراجة يترجرج كفلها، وكتيبة رجراجة: تموج من كثرتها، وكأنه إن صحَّت الرواية قصد الرجرجة، فجاء بوصفها لأنها طينة رقيقة تترجرج.
لا تطَّعم: أي لا يكون لها طعم، وهو تفتعل من الطعم كتطرد من الطرد.
وروى: لا تُطعم، من أطعمت الثمرة؛ إذا صار لها طعم، كقولهم: شاة لا تنقى ولو روى: لا تطَّعم من البعير المطَّعم؛ وهو الذي يوجد في مخه طعم الشحم. أنشد أبو سيد الضرير:
بكى بين ظَهْرَي قومِه بعدما دَعَا ... ذوي المخّ من أحسابهم والمَطّعم
لكان وجها.
* * * أبو هريرة رضي الله تعالى عنه - إذا قام أحدكم من النوم فليفرغ على يديه قبل أن يدخلهما في الإناء. فقال له قين الأشجعي: فإذا جئنا مهراسكم هذا كيف نصنع به؟ فقال: أعوذ بالله من شرّك.
هو حجر منقور كالحوض يتوضأ منه لا يقدر على تحريكه.
* * * عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما - كتب معاوية إلى مروان ليبايع الناس ليزيد بن معاوية، فقال عبد الرحمن: أجئتم بها هرقلية قوقية، تبايعون لأينائكم؟ فقال مروان: أيا الناس، هذا الذي قال الله عز وجل: (والذي قالَ لوَالدِيَهِ أُفٍّ لكما...) الآية.
فغضبت عائشة فقالت: والله ما هو به! ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه. فأنت فضض من لعنة الله - وروى: فضيض - وروى: فضض - وروى: فأنت فظاظة لعنة الله ولعنة رسوله.
هرقل: كان من ملوك الروم، وهو أول من ضرب الدنانير، وأول من أحدث البيعة.
وقوق: أيضاً اسم ملك من ملوكهم، ويقال: الدنانير الهرقلية والقوقية؛ يريد أن البيعة للأولاد من عادتهم.
الفضض: فعل بمعنى مفعول، من فضَّ إذا كسر؛ أي أنت طائفة من اللعنة فضضت منها.
والفضض: جمع فضيض وهو الماء الغريض، وافتضضت الماء: أخذته ساعة يخرج. وهو كقولهم: ورد جني وصبي وليد، للقريبي العهد من الجني والولادة؛ أي لست من اللعنة حديث عهد بها.
والفظاظة: من الفظ. وهو ماء الكرش. وافتظظت الكرش إذا اعتصرت ماءها؛ كأنه عصارة قذرة من اللعنة. أو هي فُعالة من الفظيظ؛ وهو ماء الفحل، أي نطفةٌ من اللعنة.
* * * رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى - قال لرجل: يا فلان؛ حدّثنا ولا تحدِّثنا عن متهارت ولا طعَّان.
هو المتشادق، من هرت الشدق وهو سعته.
طعَّان: يطعن على الأئمة.
* * * في الحديث: قدام الساعة هرج.
أي قتال واختلاط، وقد هرج القوم يهرجون. قال ابن قيس الرقيات:
ليتَ شِعْرِي أ أَوَّلُ الهَرْجِ هَذَا ... أَمْ زَمانٌ مِنْ فِتْنَةٍ غيرِ هَرْجِ
* * * مهراسا في " رب " . وتهاره في " زر " . يهرول في " ار " . يهريقوا في " سح " . مهراق في " قن " . فيهرج في " رد " . فاهريقوا في " عق " .
* * *
الهاء مع الزاي
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - إذا عرَّستم فاجتنبوا هزم الأرض، فإنها مأوى الهوام - وروى: هوم الأرض، وهوى الأرض.
هو ما تهزَّم من الأرض؛ أي تشقَّق. ويجوز أن يكون جمع هزمة وهي المتطامن من الأرض.

ومنه حديث أسعد بن زرارة رضي الله تعالى عنه: إن أول جمة جمعت في الإسلام بالمدينة في هزم بني بياضة.
وفي الحديث: إن زمزم هزمة جبرائيل.
من هزم في الأرض هزمة؛ إذا شق شقة.
الهوم - بلغة اليمن: بطنان الأرض.
والهوى: جمع هوة، وهي الحفرة تشرف عليها أسناد غلاظ.
* * * قضى صلى الله عليه وآله وسلم في سيل مهزور أن يحبسه حتى يبلغ الماء الكعبين، ثم يرسله ليس له أن يحبسه أكثر من ذلك.
مهزور: وادي بني قريظة بالحجاز - بتقديم الزاي على الراء.
ومهروز - على العكس: موضع سوق بالمدينة، كان تصدَّق به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المسلمين؛ وأما مهزول باللام فواد إلى أصل جبل يقال له ينوف.
* * * في الحديث: كان تحت الهيزلة.
هي الراية - عن أبي سعيد الضرير، وهي فيعلة من الهزل، إما لأن الريح تلعب بها وتغازل عذباتها، وإما لأنها تخفق وتضطرب، والهزل واللعب من وادي الاضطراب والخفة، كما أن الجد من وادي الرزانة والتماسك؛ ألا ترى إلى قولهم: زمام سفيه، وتسفهت أعاليها مرُّ الرياح.
ومصداق ذلك قولهم في معناها: الهيزعة. قال لبيد:
الضَّارِبْينَ الهامَ تحت الهَيْزَعَة
والاهتزاع والتهزّع: الارتعاض والاضطراب.
* * * الهزمة في " زو " . هزمة في " سن " . هزيزا في " سم " .
* * *
الهاء مع الشين
عمر رضي الله تعالى عنه - هششت يوما فقلبت وأنا صائم.
يقال: هششت أهشّ وهششت أهش وهشت أهيش؛ إذا فرحت وارتحت للأمر. قال الراعي:
فكَبَّر للرُّؤْيَا وهَاشَ فُؤَادُه ... وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُهَا
* * * الهشيم في " ذم " . هاشم وهشم في " نس " .
* * *
الهاء مع الصاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لما بنى مسجد قُباء رفع حجراً ثقيلا فهصره إلى بطنه.
أي أضافه وأماله. قال الليث: الهصر أن تأخذ برأس شيء ثم تكسره إليك من غير بينونة.
* * * المهاصير في " رج " .
* * *
الهاء مع الضاد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر الصيحة والساعة. قال: فلعمر إلهك ما يدع على ظهرها من شيء إلا مات، والملائكة الذين مع ربك، فأصبح يطوف في الأرض قد خلت له البلاد، فأرسل السماء تهضب من عند العرش. فلعمر إلهك ما يدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقَّت الأرض عنه حتى يخلقه من قبل رأسه.
وسأله لقيط بن عامر وافد بني المنتفق فقال: كيف يجمعنا الله بعدما مزقتنا الرياح والبلى والسباع؟ قال: أنبئك بمثل ذلك إلّ الله الأرض، أشرقت عليها مدرة بالية فقلت: لا تحيا. ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عليك أياماً ثم أشرفت عليها وهي شربة واحدة - وروى: شرية. ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض، فتخرجون من الأصواء فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم.
قال: يا رسول الله، فما يفعل ربُّنا إذا لقيناه؟ قال: تُعرضون عليه بادياً له صفحاتكم لا تخفى منكم عليه خافية. فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح عليكم، فأما المسلم فيدع وجهه مثل الرَّيطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحمم الأسود ألا ثم ينصرف من عندكم ويفترق على أثره الصالحون. ألا فتسلكون جسراً من النار، يطأ أحدكم الجمرة ثم يقل: حسِّ، يقول ربك: وإنه. ألا فتطّلعون على حوض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يظمأ والله ناهله. فلعمر الله ما يبسط أحد منكم يده إلا وقع عليها قدحٌ مطهَّرة من الطَّوف والأذى. وتُحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحداً.
قال: فبم نبصر؟ قال: بمثل بصر ساعتك هذه. قالوا: يا رسول الله؛ فعلام نطَّلع منالجنة؟ قال: على أنهار من عسل مصفى وأنهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة. ثم بايعه على أن يحل حيث شاء ولا يجر عليه إلا نفسه.
الهضب: المطر، هضبت السماء تهضب هضباً.
الأصواء: القبور؛ شبهها بالصوى وهي منار الطريق. قال رؤبة:
إذا جرى بين الفلا رهاؤُه ... وخشعت من بعده أصْوَاؤُه
وهي شربة: أي يكثر الماء فمن حيث أردت أن تشرب شربت. ولو روى: شربة فهى حوض في أصل النخلة.
والشرية: الحنظلة، أي أن الأرض تخضر بالنبات فتصير في اخضرار الحنظلة ونضارتها.
حس: كلمة يقولها المتوجع مما يرمضه. وقد قالها طلحة حين أصيبت يده يوم أحد.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لو كان ذكر الله لدخلت الجنة، أو لدخل الجنة والناس ينظرون.
وإنه: أي نعم، والهاء للكست. أو اختصر الكلام بحذف الخبر.
والمعنى إنه كذاك.
ناهلة: أي الذي روى منه.
قوله: مطهرة: محمول على المعنى؛ لأنه إذا وقع على يد كل واحد منهم قدح فهي أقداح كثيرة.
الطوف: الحدث.
الأذى: الحيض.
لايجر عليه: أي لا يجني عليه من الجرريرة.
* * * سعد رضى الله تعالى عنه - رأته امرأة متجرداً وهو أمير على الكوفة. فقالت: إن أميركم هذا لأهضم الكشحين، فوعك سعد فقيل له: إن امرأة قالت كذا. فقال: ما لها ويحها! أما رأت هذا - وأشار إلى فقر في أنفه، ثم أمرها فتوضأت فصبت عليه.
الهضم: انضمام الخصر.
وعك: حم.
الفقر: الشق، فقرت أنف البعير.
فصبت: يعنى الوضوء.
* * * اهضبوا في " ده " * * *
الهاء مع الطاء
أبو هريرة رضى الله تعالى عنه - كان يقول: إن آخر شراب يشربه أهل الجنة على أثر طعامهم شراب يقال له طهور؛ إذا شرب منه هطم طعامهم.
حطم وهطم وهضم أخوات.
* * * الحنف لارضى الله عنه - إن الهياطلة لما نزلت به بعل بالأمر.
هم قوم من الهند.
بعل بالأمر، أي عيى به فلم يدر كيف يصنع.
* * * فب الحديث: اللهم ارزقني عينين هطالتين بذروق الدموع.
يقال: هطلت السناء وهتلت وهتنت بمعنى.
الهاء مع الفاء
عثمان رضى الله تعالى عنه - ولى أبا غاضرة الهوافى.
قال الأسدي: هوافى الإبل هواميها، وهي ضوالها؛ من هفا الشيء في الهواء إذا ذهب. وهفا الظليم عدا، وهفا القلب في أثر الشيء.
* * * الحسن رحمة الله تعالى - ذكر الحجاج، فقال: ما كان إلا حماراً هفافاً.
أي طياشاً، من الريح الهفافة وهي السريعة المر.
* * * في الحديث: كان بعض العباد يفطر على هفة يشويها.
قال المبرد: الهف: الدعاميص الكبار.
الهاء مع الكاف
عبد الله بن أبي حدلرد رضى الله تعالى عنه - قال: فإذا برجل طويل قد جرد سيفه صلتا، وهو يمشي القهقرى. ويقول: هلم إلى الجنة - يتهكم بنا.
التهكم: الستهزاء والاتخفاف. وأنشد:
تَهَكَّمْتُا حَوْلَيْنِ ثُمَّ نَزَعْتُما ... فلا إن عَلَا كَعْباَ كُماَ بالَّهَكمِ
ومنه الأهكومة مالأعجومة من التعجب. قال عمرو بن جرموز قاتل الزبير:
فلما رأيت أها كِمية ... زحفت إلى حجتي زحفه
فقلت له إن قتل الزبير ... لولا رضاك من الكلفة
وقالت سكينة رحمها الله لهشام: يا أحول؛ لقد أصبحت تهكم بنا.
* * * هكران في " عش " يتهكم في " جب " .
* * *
الهاء مع اللام
النبي صلى الله عليه وآله ويلم: من شر ما أعطى العبد شح هالع وجبن خالع.
الهالع: من الهلع، وهو أشد الجزع والضجر.
والخالع: الذي يخلع قلبه.
إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم.
هو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجباً، ويرى له عليهم فضلاً، فهو أشد هلاكاً منهم في ذلك.
ليذادان عن حوضى رجال فأناديهم ألا هلم.
أي تعالوا. وهي اللغة الحجازية، أعنى ترك إلحاق علامة الجمع؛ وبنو تميم يقولون: هلموا وكذلك سائر العلامات.
* * * عن سعيد بن جبير رحمة الله تعالى - قال: قلت لابن عباس: كيف اختلفت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إهلاله؟ فقال أنا أعلم بذلك؛ صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين بالحج، فرآه قوم فقالوا، أهل عقيب الصلاة، ثم استوى على راحلته فأهل، فكان الناس يأتونه أرسالاً فأدركه قوم، فقالوا: إنما أهل حين استوى على راحلته. ثم ارتفع على البيداء فأهل فأدركه قوم فقالوا: إنما أهل حين ارتفع على البيداء، وأيم الله لقد أوجبه في مصلاة.
والإهلال: رفع الصوت بالتلبية، ومنه إهلال الهلال واستهلاله، إذا رفع الصوت بالتكبير عند رؤيته، واستهلال الصبى تصويته عند ولادته.
ومنه الحديث: في الصبى إذا ولد لم يرث ولم يورث حتى يستهل صارخاً.
وقيل: إنما جرى هذا على ألسنتهم، لأنهم أكثر ما كانوا يحرمون إذا أهلوا الهلال، والأفضل هو أن يهل عقيب الصلاة، وهو مذهب ابن عباس.
عن جابر رضى الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل حين استوى على البيداء.

وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم استوى على راحلته فلما قامت أهل.
* * * عمر رضى الله تعالى عنه - أتاه سائل فقال له: هلكت وأهلكت، فقال عمر رضى الله تعالى عنه: أهلكت وأنت تنث نثيث الحميت - وروى: تمث. ثم قال: أعطوه ربعة من الصدقة، فخرجت يتبعها ظئراها؛ ثم أنشأ يحدث أصحابه عن نفسه، فقال: لقد رأيتني وأنا وأختا لي نرعى على أبوينا ناضحاً لنا قد ألبستنا أمنا نقبتها، وزودتنا يمينتيها من الهبيد، فنخرج بنا ضحتنا؛ فإذا اطلعت الشمس ألقيت النقبة إلى أختي وخرجت أسعى عرياناً؛ فنرجع إلى أمنا، وقد جعلت لنا لفيته من ذلك الهبيد، فيا خصباه! أهلكت: أي هلك عيالى، كأقطف وأعطش.
النثيث: أن يرشح من سمنة، وبالنيم مثله.
الحميت: زق السمن.
الربعة: التي ولدت في ربيعة النتاج؛ وهي أوله.
الناضح: الذي يسنى عليه.
النقبة: قطبة ثوب يؤتزر بها لها حجزة.
اليمينية: تصغير اليمين على الترخيم، أو تصغير يمنة، من قولهم: أعطاه يمنة من الطعام إذا أهوى بيده مبسوطة فأعطاه ما حملت، فإن أعطاه بها مقبوضة قيل: أعطاه قبضة؛ والمعنى: أعطت كل واحد كفاًّ واحدة بيمينها، فهما يمينان، أو أراد اليدين فغلّب.
الهبيد: حب الحنظلة.
اللفيتة: العصيدة.
* * * قال رضي الله تعالى عنه: رحم الله الهلوب ولعن الهلوب.
الهلوب: التي تحب زوجها وتنفر من غيره وتعصيه، والتي تحب خدنها وتعصي زوجها وتقصيه؛ فعول من هلبته بلساني وألبته، إذا نلت منه نيلاً شديداً، لأنها نيالة إما من زوجها وإما من خدنها، أو من هاب يهلب إذا تابع؛ يقال: هلبت الريح؛ إذا تابعت الهبوب، وهلب الفرس؛ إذا تابع الجري؛ لأنها تتابع أمرين محبة ونفارا.
* * * إن ناساً كانوا بين الجبال فأتوه فقالوا: يا أمير المؤمنين؛ إنا ناس بين الجبال لا نُهل الهلال إذا أهله الناس فبم تأمرنا؟ قال: الوضح إلى الوضح، فإن خفى عليكم فأتموا العدة ثلاثين يوما ثم انكسوه.
أهل الهلال: إذا طلع. وأهلّ واستهل إذا أبصر - عن أبي زيد.
الوضح: الهلال، وهو في الأصل البياض.
* * * خالد رضي الله عنه - قال - لما حضرته الوفاة: لقد طلبت القتل من مظانه، فلم يقدَّر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عمل شيء أرجى عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتُّها وأنا متترِّس السماء تهلبني.
أي تمطرني مطرا متتابعاً شديداً، ومنه قولهم: ليلة هالبة وهلاَّبة.
* * * هشام بن عبد الملك - أهدى إليه الرعيل من الكعب ناقة فلم يقبلها. فقال له: يا أمير المؤمنين؛ لمه رددت ناقتي، وهي هلواع مرياع مرباع مقراع مسياع ميساع حلبانة ركبانة! فقبلها وأمر له بألف درهم.
الهلواع: الخفيفة الحديدة، ومنها قيل الهلع والهلعة للجدي والعناق في قولهم: ماله هلع ولا هلعة لنزقهما، والأصل الهلع، وهو شدة الضجر والجزع.
والمرياع: الكثيرة الأولاد، من الريع وهو السماء؛ يقال: أراعت الإبل وراعت الإبل. وعن أبي خيرة الأعرابي: المرياع من الإبل التي تسبقها في انطلاقها، ثم ترجع إليها بعد تقدمها إياها. وقال القتيبي: هي التي يسافر عليها ويُعاد؛ من راع يريع، إذا رجع.
المرباع: التي تبكر بالحمل، وقيل: هي التي تضع في أول النتاج، وكذلك النخلة المرباع التي تطعم قبل النخل.
المقراع: التي تلقح في أول قرعة يقرعها الفحل.
المسياع: التي تحتمل الضيعة وسوء القيام عليها، من قولهم: ضائع سائع، وأساع ماله: أضاعه، أو السمينة من السياع. قال القطامي:
فلمَّا أَنْ جَرَى سِمَنٌ عليها ... كما طيَّنْتَ بالفَدَنِ السِّيَاعَا
أو الذاهبة في الرعي - عن أبي عمرو - وروى بالنون، وهي الحسنة الخلق.والسنع: الجمال، والسنيع: الجميل.
الميساع: الواسعة الخطو.
* * * الهلك كل الهلك وهلك في " زه " . بالاستهلال في " خل " . هلباء في " زو " . المنهل في " ظه " . هوالك في " غث " .
* * *
الهاء مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال له رجل: يا رسول الله؛ إنا نصيب هوامي الإبل. فقال: ضالَّة المؤمن حرق النار.
هي التي همت على وجوهها لرعي أو غيره، أي همت تهمي همياً، ومنه همى المطر.
الحرق: اسم من الإحراق كالشفق من الإشفاق؛ وعن ثعلب: الحرق اللّهب.
ويقال للنار نفسها حرق. يقولون: هو في حرق الله وقال:

شَدَّا سَرِيعاً مِثْلَ إضْرَامِ الحَرَق
يعني أن تملكها سبت العقاب بالنار.
قال لكعب بن عجرة: أيؤذيك هوام رأسك.
أراد القمل: لأنها تهمّ هميما: أي تدب دبيباً.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا استفتح القراءة في الصلاة قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه قيل: يا رسول الله: ما همزه ونفثه ونفخه؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أما همزه فالموتة. وأما نفثه فالشِّعر. وأما نفخه فالكِبر.
الموتة: الجنون: وإنما سماه همزاً، لأنه جعله من النَّخس والغمز، وسمى الشعر نفثا؛ لأنه كالشيء ينفث من الفم كالرقية، وإنما سمي الكِبر نفخا لما يوسوس إليه الشيطان في نفسه فيعظمها عنده ويحقّر الناس في عينه حتى يدخله الزهو.
* * * عن سراقة: أتيته صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين فسألته عن الهمل.
هي ضوالّ الإبل، الواحد هامل كطالب وطلب.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه - حين استخلف خطب فقال: إني متكلم بكلمات فهيمنوا عليهنَّ.
أي اشهدوا عليهنَّ؛ من قوله تعالى: (ومُهَيْمِناً عليه).
وقيل: راعوهنَّ وحافظوا عليهنَّ، من هيمن الطائر إذا رفرف على فراخه.
وقيل: أراد آمنوا، فقلب الهمزة هاء والميم المدغمة ياء، كقولهم: أيما في أمَّا.
وعن عكرمة رحمه الله تعالى: كان ابن عباس أعلم بالقرآن وكان علي أعلم بالمهيمنات.
أي بالقضاء؛ من الهيمنة، وهي القيام على الشيء؛ جعل الفعل لها وهو لأربابها القوامين بالأمور.
وقيل: إنما هي المهيمات وهي المسائل الدقيقة التي تهيم، أي تحير.
* * * كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث الجيوش أصاهم بتقوى الله وأمرهم ألاَّ يقتلوا همًّا ولا امرأة ولا ولدا وأن يتقوا قتلهم إذا التقى الزَّحفان وعند حمَّة النهضات.
الهمّ: الشيخ الفاني، لأن بدنه هُمّ أي أذيب وأضنى.
عند حُمَّة النهضات: أي عند شدتها ومعظمها؛ من قول أبي زيد: حُمَّة الغضب: معظمه. يقال: جعلت به حُمَّتي وأكَّتي. وهو أن يحتمَّ الإنسان ويحتدم؛ وأصلها من الحمِّ: الحرارة. أو عند فورتها وحدَّتها، من قولهم حمَّة السنان وحُمته - بالتخفيف: لحدته وشباته. أو عند قدر النهضات؛ من قول الأصمعي: عجلت بنا وبكم حُمَّةُ الفراق. وأنشد:
ينفكُّ قَلْبي ما حييت أُحِبّكم ... حتى أُصادِفَ حُمَّةً تَلْقَاني
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - كان محرماً فأخذ بذنب ناقةٍ من الركاب وهو يقول:
وهُنَّ يَمْشِين بنا هَمِيسَا ... إنْ تَصْدُق الطَّيرُ نَنكْ لَمِيسا
فقيل له: يا أبا عباس؛ أتقول الرَّفث وأنت محرم؟ فقال: إنما الرفث ما روجع به النساء.
الهميس: صوت نقل أخفاف الإبل. كان يكنى أبا عباس بابنه العباس.
أراد أن الرفث المنهي عنه ما خُوطبت به المرأة؛ فأما إذا تكلم بشيء ولا امرأة ثمَّ تسمع فلا رفث.
* * * النخعي رحمه الله تعالى - كان العمال يهمطون ثم يدعون فيجابون.
أي يظلمون؛ يقال: همطه، واهتمطه؛ أي كانوا مع ظلمهم وأخذهم الأموال من غير جهتها إذا دعوا إلى الطعام أُجيبوا.
وعنه: إنه سئل عن العمال ينهضون إلى القرى فيهمطون أهلها فإذا رجعوا إلى أهاليهم أهدوا لجيرانهم ودعوهم إلى طعامهم. فقال النخعي: لك المهنأ وعليهم الوزر.
ومثله ترخيص ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في إجابة صاحب الربا إذا هو دعا وأكل طعامه.
وقوله: لك المهنأ وعليه الوزر أي يكون أكلك له هنيئا لا تؤاخذ به، ووزره على من كسبه.
* * * الهمولة في " عم " . همايينها في " خط " . وهج في " رب " . يهمد في " ظل " .
* * *
الهاء مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سير له، فقال لابن الأكوع: ألا تنزل فتقول من هناتك؟ فنزل سلمة يرتجز ويقول:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيُف ... ولا تُمَيْرَات ولا رغِيفُ
لكن غَذَاها اللَّبَنُ الخَرِيفُ ... والمَحْض والقَارِصُ والصَّرِيف
فلما سمعته الأنصار يذكر التميرات والرغيف علموا أنه يُعرِّض بهم، فاستنزلوا كعب بن مالك فقالوا: يا كعب؛ انزل فأجبه؛ فنزل كعب يرتجز، ويقول:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ ... ولا تُمَيْرَاتٌ ولا رَغيفُ

لكِنْ غَذَاها حَنْظَلٌ نَقيفُ ... ومَذْقَه كطُرّة الحَنِيفِ
تَبيتُ بين الزَّرْبِ والكَنِيفِ
الهنة: تأنيث الهن، وهو كناية عن كل اسم جنس. والمراد: من كلماتك أو من أراجيزك.
النصيف: كالتثليث إلى العشير، إلا الربيع فإنه لم يرد فيما أعلم.
اللبن الخريف: فيه ثلاثة أوجه: أن يراد اللبن لبن الخريف على البدل، ثم يُحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه؛ وأن يُحذف ياء النسب لتقييد القافية، وإنما خصَّ الخريف لأنه فيه أدسم. وأن يراد الطريُّ الحديث العهد بالحلب على الاستعارة من التمر الخريف وهو الجني.
القارص: الذي يقرص اللسان لفرط حموضته.
الصَّريف: الذي يصرف عن الضرع حارّا.
النَّقيف: المنقوف؛ وكانت قريش وثقيف تتَّخذ من الحنظل أطبخه فعيَّرهم بذلك.
المذقة: الشَّربة من اللبن الممذوق؛ وشبهها بحاشية الكتان الرَّدئ لتغيُّر لونها وذهاب نصوعه بالمزج. ونحوه قوله:
ويَشْرَبُه مَحْضاً ويَسْقِي ابن عَمّه ... سَجَاجاً كأقْرَابِ الثَّعَالِبِ أَوْرَاقا
بين الزرب والكنيف: يعني أن دور تلك المذقة وتولدها مما تعلفه الشاء والإبل في الزروب والحظائر لا بالكلأ والمرعى، لأن مكة لا رعى بها.
* * * عمر رضي الله تعالى عنه في حديث إسلامه: إنه أتى منزل أُخته فاطمة امرأة سعيد ابن زيد، وعندها خبَّاب وهو يعلِّمها سورة طه، فاستمع على الباب فلما دخل قال: ما هذه الهيمنة التي سمعت؟ هي الصوت الخفي، والهينمان والهينوم والهنم مثلها. قال رؤبة:
لا يَسمع الرَّكْبُ بها رَجْعَ الكَلِم ... إلا وَسَاوِيسَ هَيانِيم الهَنَمْ
* * * إن رجلا من بني جذيمة جاءه فأخبره بما صنع بهم خالد بن الوليد، وأنهم كانوا مسلمين. فقال عمر: هل يعلم ذلك أحد من أصحاب خالد؟ فقال: نعم، رجل طويل فيه هنع خفيف العارضين.
أي انحناء، وقيل: تطامن في العنق، قال الراعي:
ملس المناكب في أَعْناقها هَنَع
* * * ابن مسعود رضي الله تعالى عنه - لأن أزاحم عمداً جملا قد هُنئ بالقطران أحب إلى من أن أُزاحم امرأة عطرة.
أي طلى بالهناء؛ وهو القطران.
فاطمة عليها السلام - قالت بعد موت أبيها صلى الله عليه وآله وسلم:
قد كانَ بَعْدَك أَنْبَاءٌ وهَنْبَثَةٌ ... لو كنتَ شاهِدَها لم تكثر الخُطب
إنا فَقَدْنَاك فَقْدَ الأرْض وَابِلها ... فاخْتَلَّ قَوْمُك فاشْهَدهم ولا تَغِب
مرت الهنبثة في " أو " .
* * * كعب رضي الله تعالى عنه - ذكر الجنة؛ فقال: فيها هنابير مسك يبعث الله عليها ريحاً تسمى المثيرة؛ فتثير ذلك المسك في وجوههم.
جمع هنبورة؛ وهي الرملة المشرفة، أو أراد أنابير جمع أنبار، فأبدل من الهمزة هاء.
* * * هانئاً في " عذ " .
* * *
الهاء مع الواو
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال له عمر: إنا نسمع أحاديث من يهود تُعجبنا؛ أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال: أمتهوِّ كون أنتم كما تهوَّكت اليهود والنصارى؟ لقد جئتكم بها بيضاء نقية لو كان موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي.
تهوَّك وتهوَّر أخوان في معنى وقع في الأمر بغير رويَّة.
وقال الأصمعي: المتهوَّك الذي يقع في كل أمر. وأنشد الكسائي:
رآنِي امْرَأَ لا هذرة مُتَهَوِّكاً ... ولا وَاهِناً شَرَّاب ماء المظالم
وقيل: التهوّك والتَّهفّك: الاضطراب في القول، وأن يكون على غير استقامة.
الضمير في بها للحنيفية.
* * * رأى جبرائيل ينتثر من جناحه الدر والتهاول.
هي الزين والألوان المختلفة، وقد هولت المرأة بحليها وزينتها إذا راعت الناظر إليها.
أتاني جبرائيل بدابة فوق الحمار دون البغل فحملني عليه، ثم انطلق يهوى بي؛ كلما صعد عقبة استوت رجلاه مع يديه؛ وإذا هبط استوت يداه مع رجليه.
أي يصعد بي.
يقال: هوى في الجبل هويا - بالضم.
* * * من قام إلى الصلاة فكان هوءه وقلبه إلى الله انصرف كما ولدته أمه.
فلان بعيد السأو والهوء؛ أي الهمة. وهو يهؤء بنفسه إلى المعالي؛ أي يرفعها.
قال رؤبة:
فَلَسْتِ مِنْ هَوْئى ولا ما أَشْتَهِى

في ذكر اعتكافه صلى الله عليه وآله وسلم بحراء فقال: فإذا أنا بجبرائيل على الشمس وله جناح بالمغرب فهلت. . . وذكر كلاما. ثم قال: أخذني فسلقني لحلاوة القفا، ثم شاق بطني فاستخرج القلب. . . وذكر كلاما - وروى: بينا أنا نائم في بيتي أتاني ملكان، فانطلقا بي إلى ما بين المقام وزمزم، فسلقاني على قفاي، ثم شقا بطني وأخرجا حشوتي. فقال أحدهما لصاحبه: شق قلبه؛ فشق قلبي فأخرج علقة سوداء فألقاها، ثم أدخل البرهرهة، ثم ذر عليه من ذرور معه، وقال: قلب وكيع واع - وروى: فدعا بسكينة كأنها درهرهة بيضاء - وروى: شق عن قلبي وجيء بطست رهرهة.
هلت: فعلت؛ من هاله إذا خوفه.
السلق والصلق: الضرب؛ أي ضرب بي الأرض.
حلاوة القفا:حاقة.
البرهرهة: السكينة البيضاء الصافية الجديدة؛ من المرأة البرهرهة.
الدهرهة: الرحرحة، أي الواسعة.
وكيع: متين صلب، ويقال: سقاء وكيع، أحكم خرزة؛ وقد استوكع.
* * * من أصاب مالا من مهاوش أذهبه الله في نهابر.
أي من غير وجوه الحل، من التهويش وهو التخليط، كأنه جمع مهوش.
وروى: تهاوش - بالتاء - جمع تهواش، قال:
تأكل ما جمعت من تَهْوَاش
وهو من هشت مالاً حراما، أي جمعته. والهواش بالضم: ما جمع من مال حلال وحرام.
وروى: نهاوش بالنون، فإن صحت فهي المظالم، والإجحافات بالناس من قولهم: نهشة إذا جهده. والمنهوش المجهود. قال رؤبة:
كَمْ مِنْ خَلِيلٍ وأخٍ مَنْهُوشِ ... مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوش
ويجوز أن يكون من الهوش، ويقضى بزيادة النون فيكون نظيرة قولهم: نفاطير ونباذير ونخاريب، من الفطر والتبذير والخراب، ورجل نفرجة في معنى فرج، وهو الذي لا يكتم السر.
النهابر: المهالك . يقال: غشيت بي النهابير؛ أي حملتني على أمر شديد، والأصل حمع نهبورة؛ هو الرجل المشرف، وقيل: الهوة.
* * * عن ربيعة بن كعب الأسلمى رضى الله تعالى عنه - قال: كنت أبيت عند حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت أسمعه إذا قام من الليل يقول: سبحان الله رب العالمين الهوى، ثم يقول: سبحان الله وبحمده الهوى.
الهوى: طائفة من الليل، يقال: مضى هوى من الليل وهزيع، كأنه سمى بالمصدر؛ لأن الليل يهوى كل ساعة، ألا ترى إلى قولهم: أنهار الليل وتقوض؛ وانتصابه على الظرف.
* * * عمر رضى الله تعالى عنه - أتى بشارب فقال: لأبعثنك إلى رجل لا تأخذه فيك هوادة، فبعث به إلى مطيع بن الأسود العبدي فقال: إذا أصبحت غداً فاضربه الحد، فجاء عمر وهو يضربه ضرباً شديدا، فقال: قتلت الرجل! كم ضربته؟ قال: ستين.
قال: أقص عنه بعشرين.
الهوادة: اللين.
أقص عنه بعشرين: أي اجعل شدة الضرب الذي ضربته قصاصاً بالعشرين التي بقيت فلا تضربه العشرين.
* * * عثمان رضى الله تعالى عنه - وددت أن بيننا وبين العدو هوته لا يدرك قعرها إلى يوم القيامة.
الهوتة والهوتة: الهوة.
قال ذلك حرصاً على سلامة المسلمين، وحذراً عليهم من الهلاك في قتال الكفار.
* * * ابن مسعود رضى الله تعالى عنه - إياكم وهوشات الليل وهوشات الأسواق - وروى: هيشات.
هي الفتن؛ من الهوش وهو الخلط والجمع. وهشت إلى فلان إذا خففت إليه وتقدمت هوشاً. وهاش بعضهم إلى بعض: وثبوا للقتال هيشاً - قاله الكسائي.
* * * وقرأت في بعض كتب عبد الحميد الكاتب إلى جند أرمينية وقد انتقضوا على واليهم وأفسدوا: فقد بلغ أمير المؤمنين الهيشة التي كانت وخفوف أهل المعصية فيها، وقال: يعني بالهيشة الفتنة. قال: وأنشدني الحكم بن بلال سليمان الطيار شعوذى الحجاج شعراً قاله عمرو بن سعيد بن العاص في عبد الملك حين نافره:
أغَرّ أَبا الذبان هيْشَة مَعْشر ... فدلوه في جَمْرٍ من النار جاحِم
وقال الأسدي: هاش يهيش هيشا؛ إذا عاث فيهم وأفسد * * * عمران رضي الله تعالى عنه - أوصى عند موته: إذا مت فخرجتم بي فأسرعوا المشي ولا تهوِّدوا كما تهوِّد اليهود والنصارى.
هو المشي الرويد؛ من الهوادة.
* * * علقمة رحمه الله تعالى - الصائم إذا ذرعه القيء فليتم صومه، وإذا تهوع فعليه القضاء.
أي استقاء.
* * *

زياد - لما أراد أهل الكوفة على البراءة من علي رضي الله عنه جمعهم فملأ منهم المسجد والرحبة. قال عبد الرحمن بن السائب: فإني لمع نفرٍ من الأنصار والناس في أمر عظيم، إذ هوَّمت تهويمة؛ فزنح شيء أقبل طويل العنق أهدب أهدل فقلت: ما أنت؟ فقال: أنا النقاد ذو الرقبة، بُعثت إلى صاحب القصر، فاستيقظت فإذا الفالج قد ضربه.
التهويم: دون النوم الشديد.
زنح وسنح بمعنى. وتزنح على فلان أي تسنح وتطاول. قال الغريب النصري:
تَزَنَّحُ بالكلامٍِ عليّ جَهْلاً ... كأنَّك مَاجِدٌ من آل بَدْرِ
أهدب: طويل الهدب.
أهدل: متدلي الشفة.
* * * مكحول رحمه الله تعالى - قال لرجل: ما فعلت في تلك الهاجة؟ أراد الحاجة، فلكنها، لأنه كان أعجمي الأصل من سبي كابل، أو نحا بها نحو لغة من يقلب الحاء هاء.
قال الكسائي: سمعتهم يقولون باقلي هار؛ فقلت تجعلونه من التهري! قالوا: لا، ولكن من الحرارة، ومثله قوله:
تمدهي مَا شِئْتِ أن تَمَدَّهِي
* * * في الحديث: من أطاع ربه فلا هوارة عليه.
هو من قولهم اهتور الرجل: إذا هلك، وهار البناء.
ويروى: من اتقى الله وقي الهورات.
أي المهالك، الواحدة هورة.
* * * هوم وهوى في " عز " . تهور في " به " . يهوت في " رض " . ولا هامة في " عد " . يتهاوشون في " كب " . الأهوال في " نك " . أهاوشهم في " نو " . مهومة في " قح " . المهواة في " سح " . ولاأهولنك في " عو " . من يهود في " تن " . لا تهود في " وص " . هونا في " شذ " .
* * *
الهاء مع الياء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة طار إليها، أو رجل في شعفة في غنيمة حتى يأتيه الموت - وروى: من خير معاش رجل - وروى: خير ما عاش الناس به رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متن فرسه، فالتمس الموت أو القتلفي مظانه، أو رجل في شعفة من هذه الشعفات أو بطن وادٍ من هذه الأودية في غنيمة له يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة يعبد الله حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير.
الهيعة: الصيحة التي يفزع منها، وأصلها من هاع يهيع إذا جبن.
الشعفة: رأس الجبل.
من خير معاش رجل: أي ما يعاش به رجل.
* * * إن قوماً شكوا إليه صلى الله عليه وآله وسلم سرعة فناء طعامهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتكيلون أم تهيلون؛ فقالوا: نهيل. قال: فكيلوا ولا تهيلوا.
كل شيء أرسلته إرسالا من طعام أو رمل أو تراب فقد هلته هيلاً.
ومنه حديث العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه: إنه أوصاهم عند موته - وكان مات في سفر: هيلوا علي هذا الكثيب ولا تحفروا لي فأحبسكم.
* * * نفى صلى الله عليه وآله وسلم مخنثين يسمى أحدهما هيتاً والآخر ماتعا.
قال ابن الأعرابي: إنما هو هنب فصفَّحه أصحاب الحديث. قال الأزهري: رواه الشافعي وغيره رحمهم الله هيت، وأظنه الصواب.
* * * قيل له صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد: يا رسول الله؛ هده. فقال: بل عريش كعريش موسى.
أي أصلحه، وقيل: معناه اهدمه ثم أصلح بناءه، من هاد السقف.
* * * لما انتهى صلى الله عليه وآله وسلم إلى أُحد، فصلى بأصحابه انخزل عبد الله بن أُبيّ من ذلك المكان في كتيبة كأنه هيق يقدمهم.
أي ظليم * * * عمر رضي الله تعالى عنه - النساء ثلاث فهينة لينة عفيفة مسلمة تعين أهلها على العيش ولا تعين العيش على أهلها؛ وأُخرى وعاءٌ للولد؛ وأخرى غُلٌّ قمل، يضعه الله في عنق من يشاء، ويفكه عمن يشاء.
والرجال ثلاثة: رجل ذو رأي وعقل، ورجل إذا حزبه أمر أتى ذا رأي فاستشاره؛ ورجل حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً.
أي هينة لينة؛ فخفف.
كانوا يغلون بالقدِّ وعليه الشعر فيقمل على الأسير.
حزبه: أصابه.
بائر: هالك.
الائتمار: الاستبداد، وهو افتعال من الأمر، كأن نفسه أمرته فائتمر، أي امتثل. أي لا يأتي برشد من قبل نفسه ولا يقبل قول غيره.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - قال في قوله تعالى: (فشَارِبُونَ شُرْبَ الهِيم).
هيام الأرض وهو تراب يخالطه رمل ينشِّف الماء نشفا.
يحتمل تفسيره وجهين: أحدهما أن يريد أن الهيم جمع هيام جُمع على فُعل، ثم خفف وكُسرت الفاء محافظة على الياء.

والثاني: أن يذهب إلى المعنى، وأنَّ المراد الرمال الهيم، يقال: رمل أهيم ورمال هيم، وهو الذي لا يروي.
معاوية رضي الله تعالى عنه - قال لسلمة بن الخطل: كأني أنظر إلى بيت أبيك بمهيعة بطنبه تيس مربوط، وبفنائه أعنز درهنَّ غبر يحلبن في مثل قوارة حافر العير، تهفو منه الريح بجانب، كأنه جناح نسر.
مهيعة: هي الجحفة ميقات أهل الشام؛ مفعلة من التهيع وهو الانبساط؛ ومنه طريق مهيع: واسع. قال:
بالغُورِ يَهْدِيها طريقٌ مَهْيَعُ
الغبر: بقية اللبن، يريد لبنهنَّ قليل كالغبر.
قوارة الحافر: ما تقوَّر من باطنه، يصف محلبه بالصِّغر للؤمه.
تهفو منه: أي من البيت.
بجانب: أي بكسر، وهو في صغره كجناح النَّسر.
* * * ابن عباس رضي الله تعالى عنه - الإيمان هيوب.
أي يهاب أهله، يهاب المؤمن الذنوب ويتقيها.
* * * أبو الأسود الدؤلي رحمه الله تعالى - عليكم فلاناً فإنه أهيس أليس ألدُّ ملحس، إن سئل أرز، وإن دُعي انتهر - ويروى: إن سُئل ارتزَّ، وإن دُعي اهتزَّ.
الأهيس: الذي يدور.
الأليس: الذي لا يبرح، يقال: إبل ليس على الحوض.
أي يدور في طلب شيء يأكله ويقعد عما سوى ذلك.
الملحس: الحريص الذي يأخذ كل شيء؛ من لحست.
أرز: انقبض.
انتهز: افترص.
ارتزَّ:ثبت مكانه ولم يهشّ.
* * * مجاهد رحمه الله تعالى - ذكر داود عليه السلام وبكاءه على خطيئته. قال: فنحب نحبة، هاج ما ثمَّ من البقل.
أي يبس.
* * * الحسن رحمه الله تعالى - ما من أحد عمل لله عملاً إلا سار في قلبه سورتان؛ فإذا كانت الأولى منهما لله فلا تهيدنه الآخرة.
أي لا تحركنه ولا تزيلنه؛ من قولهم: لا يهيدنك هذا الأمر؛ أي لا يزعجنك ولا تبال به.
والمعنى إذا أراد برَّا وصحَّت نيته في فعله، فعرض له الشيطان، فقال: إنك تريد بهذا الرياء فلا يمنعنه ذلك. ونحوه إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك تُرائي فزدها طولا.
* * * هامت في " ضح " . الهائعة في " غد " . هدته في " له " .
* * * آخر كتاب الهاء




=====
















الفائق في غريب الحديث و الأثر




حرف الياء
الياء مع الهمزة
لا يائس من طول في " بر " .
* * *
الياء مع التاء
عمر رضي الله تعالى عنه - خرج إلى ناحية السوق، فتعلقت امرأة بثيابه، وقالت: يا أمير المؤمنين؛ فقال: ما شأنك؟ قالت إني موتمة توفي زوجي، وتركهم ما لهم من زرع ولا ضرع، وما يستنضج أكبرهم الكراع، وأخاف أن يأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف ابن أيماء الغفاري. فانصرف معها فعمد إلى بعير ظهير فأمر به فرُحل، ودعا بغرارتين فملأهما طعاما وودكاً، ووضع فيهما صرة نفقة؛ ثم قال لها: قودي فقال رجل: أكثرت لها يا أمير المؤمنين. فقال عمر: ثكلتك أمك! إني أرى أبا هذه! ما كان يُحاصر الحصن من الحصون حتى افتتحه، فأصبحنا نستفيء سهمانه من ذلك الحصن.
أيتمت المرأة فهي موتم وموتمة؛ أي ذات يتامى. واليتم واليُتم: الانفراد؛ ومنه صبيٌّ يتيم؛ وقد يتم يتماً ويتم يتما.
وأنشد ابن الأعرابي بيتاً فقلنا له: زدنا. فقال: البيت يتيم؛ أي منفرد؛ ليس قبله ولا بعده شيء.
وفي حديث الشعبي رحمه الله تعالى: إن امرأة جاءت إليه فقالت: يا أبا عمرو؛ إني امرأة يتيمة. فضحك أصحابه فقال: لا تضحكوا؛ النساء كلهن يتامى.
أي ضعائف، قالوا: ويلزم المرأة اسم اليتيم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت ذهب اسم اليتيم عنها.
يقال: فلان ما يُنضج كراعاً وما يستنضج: إذا كان عاجزا لا كفاية فيه ولا غناء. قال الجعدي:
بالأرض استاهُهُمُ عَجْزاً وأنفهم ... عند الكَوَاكِب بَغْياً يَالِذَا عَجَبَا
ولو أصابوا كُراعاً لا طعام بها ... لم يُنْضِجُوها ولو أُعْطُوا لَها حَطَبَا
وقال اللحياني: يقال للضعيف: فلان لا يفقى البيض ولا يرد الرواية، ولا ينضج الكراع.
الضَّبع: مثل للشدة والقحط.
الظهير: القوي الظهر.
نستفيء سهمانه: أي نسترجعها غُنُما.
* * *
الياء مع الدال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال في مناجاته ربه: وهذه يدي لك.
يقولون: هذه يدي لك؛ أي انقدت لك، فاحتكم علي بما شئت.
ويقال في خلافه: خرج فلان نازع اليد؛ أي عصى ونزع يده من الطاعة.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - مر قوم من الشراة بقوم من أصحابه وهم يدعون عليهم فقال: بكم اليدان.

أي حاق بالداعي منكم ما يبسط به يديه من الدعوة، وفعل الله به ما يقوله. أو هو من قولهم: لا تكن بك اليدان، أي لا تكن بك طاقة لريب الزمان؛ فيؤثِّر فيك بآفاته وبلاياه؛ من قولهم: يدلي به، وليس لي به يدان؛ أي طاقة، كأنه قيل: كانت بكم طاقة الزمان فهلكتم وغلبتم.
* * * طلحة رضي الله تعالى عنه - قال قبيصة: ما رأيت أحداً أعطى للجزيل عن ظهر يدٍ من طلحة بن عبيد الله.
اليد: النعمة؛ أي عن ظهر إنعام مبتدأ من غير أن يكون مكافأة على صنيع. وكان طلحة من الأجواد الأسخياء، وكان يقال له طلحة الخير، وطلحة الفياض،وطلحة الطلحات. وكانت غلته كل يوم ألف درهم وافٍ.
* * * في الحديث: اجعل الفُسَّاق يداً يداً ورجلاً رجلاً، فإنهم إذا اجتمعوا وسوس الشيطان بينهم بالشَّرِّ.
أي فرِّق بينهم، وذلك إذا كان بين القبائل نائرة؛ أي حرب وشرٌّ.
* * * يدي لعمار في " شز " . يد على من سواهم في " كف " . يد بحر في " خر " .
* * *
الياء مع الراء
يار في " شي " .
* * *
الياء مع السين
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - تياسروا في الصداق؛ إن الرجل ليُعطي المرأة حتى يُبقي ذلك في نفسه عليها حسيكةً.
أي تساهلوا فيه وتراضوا بما استيسر منه، ولا تغالوا به.
الحسيكة: العداوة، وفلان حسيك الصدر على فلان.
* * * ذكر صلى الله عليه وآله وسلم الغزو فقال: من أطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك؛ فإن نومه ونبهه أجر كله، ومن غزا فخراً ورياءً فإنه لا يرجع بالكفاف.
أي ساهله وساعده، ورجل يسر ويسر؛ ليِّنٌ منقاد. قال:
أَعْسَرُ إِنْ مارَسْتَنِي بعُسْرِ ... ويَسَرٌ لمَنْ أرَادَ يُسْرِي
عمر رضي الله تعالى عنه - كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح وهو محصور: إنه مهما تنزل بأمري من شديدة يجعل الله بعدها فرجا؛ فإنه لن يغلب عُسر يسرين.
ذهب إلى قوله تعالى: (فإنَّ معَ العُسْرِ يُسرا. إنَّ معَ العُسْر يُسْراً).
العسر: واحد؛ لأنه كرر معرفة، واليسر اثنان لأنه كرر نكرة. فهو كقولك: كسب درهما فأنفق درهما؛ فالثاني غير الأول، وإذا قلت: فأنفق الدرهم فهو واحد.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - إن المرء المسلم - ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت، وتغري به لئام الناس - كالياسر الفالج ينتظر فوزه من قداحه، أو داعي الله فما عند الله خير للأبرار.
الياسر: اللاعب بالقداح.
الفالج: الفائز، يقال: فلج على أصحابه وفلجهم.
داعي الله: الموت، يعني إن حُرم الفوزة في الدنيا فما عنده الله خير له.
* * * اليسر في " زن " . تيسرت في " عذ " . فإنه أيسر في " خم " .
* * *
الياء مع العين
الياعرة في " رب " .
* * *
الياء مع الفاء
ايفع في " قح " .
* * *
الياء مع الميم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - لما قدم عليه أهل اليمن قال: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً، وأرق أفئدة؛ الإيمان يمان والحكمة يمانية.
قيل: الأنصار هم نصروا الإيمان وهم يمانون، فنسب الإيمان إلى اليمن لذلك.
* * * ذكر القرآن وصاحبه يوم القيامة فقال: يُعطي الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار.
يريد أنه يملك الملك والخلد ويجعلان في ملكته، فاستعار اليمن والشمال لذلك؛ لأن القبض والأخذ بهما.
الوقار: الكرامة والتوقير.
* * * علي رضي الله تعالى عنه - لما غلب على البصرة قال أصحابه: بم تحلُّ لنا دماؤهم، ولا تحل لنا نساؤهم وأموالهم؟ فسمع بذلك الأحنف فدخل عليه؛ فقال: إن أصحابك قالوا كذا وكذا، فقال: لايم الله لأتيسنَّهم عن ذلك.
ايم الله: قسم. وأصله ايمن الله فحذفت النون للاستخفاف وهمزته موصولة، ولذلك لم تثبت مع لام الابتداء.
وفي حديث عروة رحمه الله تعالى: ليمنك لئن كنت ابتليت لقد عافيت، ولئن كنت أخذت فلقد أبقيت.
الكاف لله عز وعلا؟ قال ذلك حين أصابته الأكلة في رجله، فقطعت رجله فلم يتحرك.
لأتيسنهم عن ذلك: أي لاردَّنهم، ولابطلنَّ قولهم، وكأنه من قولهم: تيسي جعار. لمن أتى بكلمة حمق، أي كوني كالتيَّس في حمقه. والمعنى لأتمثَّلنَّ لهم بهذا المثل، ولأقولن لهم هذا بعينه. كما يقال: فديته وسقيته؛ إذا قلت له فديتك وسقاك الله. وتعديته بعن لتضمين معنى الرَّد.
* * *

يمينتيها في " هل " . يمنة اليمن في " طل " وفي " ذي " . أن يتيامنوا في " خب " .
* * *
الياء مع النون
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - قال لعاصم بن عدي في قصة الملاعنة: إن ولدته أُحيمر مثل الينعة فهو لأبيه الذي انتفى منه. وإن تلده قطط الشعر أسود اللسان فهو لابن السحماء.
قال عاصم: فلما وقع أخذت بفقويه، فاستقبلني لسانه أسود مثل التمرة.
الينع: ضرب من العقيق، الواحدة ينعة. سميت بذلك لحمرتها، من قول الأعرابي: ينع الشيء إذا احمرّ. ودم يانع. قال سويد بن كراع:
وأَبْلَجَ مختالٍ صبغنا ثيابَه ... بأحمرَ مثل الأَرْجُوَانيِّ يانِع
قيل: بفقويه غلط . والصواب بفقميه؛ أي بحنكيه.
* * * الحجاج - خطب حين دخل العراق، فقال في خطبته: إني أرى رءوسا قد أيقعت، وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بين اللحى والعمائم، ليس أوان عشّك فادرجي. ليس أوان يكثر الخلاط:
قَدْ لَفَّها اللَّيْلُ بعَصْلَبِّي ... أرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّويِّ
مُهَاجِرٍ لَيْسَ بأَعْرَابيِّ
هذا أوانُ الشدَّ فاشتدَّى زيَمْ ... قد لَّفها لليلُ بسَاَّقٍ حُطَمْ
لَيْسَ بِرَاعِي إبلٍ ولا غَنَمْ ... ولا بجزَّارٍ عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ
وروى: حشها الليل:
أنَا ابْنُ جَلَا وطَلَّاعُ الثَّتَايَا ... متى أضعِ العِماَمةَ تَعِرفُوني
إن أمير المؤمين نكب كنانته بين يديه فعجم عيدانها؛ فوجدني أمرها عوداً وأصلبها مكسراً؛ فوجهني إليكم؛ ألا فوا الله لأعصبنكم عصب السلمة، ولألحونكم لحو العود: ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، ولآخذن الولي بالمولى، حتى تستقيم قناتكم، وحتى يلقى أحدكم أخاه؛ فيقول: انج سعد فقد قتل سعيد. ألا وإياي وهذه السقفاء والزرافات؛ ف'ني لا آخذ أحدا من الجالسين في زرافة إلا ضربت عنقه.
أينعت: أدركت. يريد اسحاقها للقطع.
ادرجي: اذهبي وطيري. يضرب للمقيم المطمئن وقد أظله ما يزعجه، يحضهم على اللحوق بالمهلب.
الخلاط: السفاد؛ أي ليس وقت السفاد والتعشيش.
العصلبي: القوي، يمثل به لنفسه ورعيته، فجهلهم كالإبل وإياه كراعيعا.
حشها: من الحش وهو إيقاد النار.
الدَّاوي: جمع داويَّة. وهي الفلاة، أراد أنه مسفار أو دليل.
الحُطم: العنيف.
ليس براعي إبل: يعني أنه عظيم القدر، مكفيّ لا يبتذل نفسه.
جلاَ: فَعل، أي أنا ابن رجل أوضح وكشف.
الثَّنايا: العقاب.
طلوعها: صعودها، والإشراف عليها: يريد مزاولته لصعاب الأمور.
متى أضع العمامة، أي متى أُكاشفكم تعرفوني حقَّ معرفتي؛ من قولهم: فلانٌ ألقى القناع؛ إذا كشف بالعداوة. ويروى أنه دخل وقد غطَّى بعمامته أكثر وجهه كالمتنكر.
عجم العيدان: مثل لنفسه ولرجال السلطان.
عصب السَّلمة: أن يشدَّها بحبل إذا أراد خبطها؛ وهذا وعيد.
الإبل إذا وردت الماء فدخلت بينها ناقة غريبة من غيرها ذيدت وضربت حتى تخرج.
الزَّرافة: الجماعة.
قالوا في القفاء: إنه تصحيف. والصواب الشّفعاء جمع شفيع، وكانوا يجتمعون إلى السلطان يشفعون في المريب؛ فنهاهم من ذلك.
* * * بيانع في " صب " .
* * *
الياء مع الواو
ليومها في " سي " . يوم القيامة في " وذ " .
* * *
الياء مه الهاء
النبي صلى الله عليه وآله وسلم - كان يتعوَّذ من الأيهمين.
هما السيل والحريق؛ لأنه لا يُهتدى لدفعهما؛ من الفلاة اليهماء. وهي التي لا يُهتدى فيها؛ لأنه لا أثر يستدل به.
قال ابن الأعرابي: رجل أيهم أعمى، وامرأة يهماء؛ ومنه قالوا: أرض يهماء.
ويقال للجبل الذي لا يرتقى: أيهم.
وقيل: اليهم الجنون، ومنه الأيهم: الفحل المغتلم.
الخاتمة
قال الشيخ الإمام الأجل العلامة رئيس الأفاضل فخر خوارزم أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري رحمه الله تعالى:

قد انتهى بي ما استوهبت الله فضل المعونة، واستمددت منه مزيد التوفيق، من إتمام كتاب الفائق، وهو كتاب جليل جمُّ الفوائد، غزير المنافع، من أتقن ما فيه رواية. وعلقه بفهمه حفظا ودراية، نبغ في أصناف من العلم، وبرع في فنون من الأدب، وتهيأ انتهاؤه في أوائل شهر ربيع الآخر، الواقع في سنة ست عشرة وخمسمائة، وهي السنة الرابعة من العام المنذرة، وقد شافهت في هذا الوقت المعزوم عليه من أداء حجة الإسلام مجاورة البيت الحرام. وأنا أستوفق في أن يتم لي ذلك العزيز الحكيم الرءوف الرحيم، وأرغب إلى خلاني وخُلصائي من أفاضل المسلمين، أن يشيعوني بصالح الدعاء ويشكروا لي ما عانيت في هذا المصنف من الكدِّ والعناء. وأحمد الله على ما أولى من منحه، وأفاض من نعمه، وأصلي على محمد سيد الأولين والآخرين وعلى آله الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
تم الكتاب بعون الله وتوفيقه
 

====

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هل المقحمات هي الذنوب العظام كما قال النووي أم أنها ذنوب أرتكبت بقصد طاعة الله لكن التسرع والاندفاع دافع للخطأ من غير قصد

تعقيب علي المقحمات يتبين من تعريف المقحمات بين النووي ومعاجم اللغة العتيدة أن النووي أخطأ جدا في التعريف { المقحمات مفتوح للكتابة...